اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل

27022019

مُساهمة 

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




الفقرة الأولي السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
فداء نبي ذبح لقربان ... وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
وعظمه الله العظيم عناية ... بنا أو به لا أدر من أي ميزان
ولا شك أن البدن أعظم قيمة ... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ... شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب ... وفاء لإرباح ونقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد وبعده ... نبات على قدر يكون وأوزان
وذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا وإيضاح برهان
وأما المسمى آدما فمقيد ... بعقل وفكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل والمحقق مثلنا ... لأنا وإياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته ... يقول بقولي في خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا يخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء في أرض عميان
هم الصم والبكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن
اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها.
وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.
فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.
ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل.
وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه:
«أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير.
ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرءيا تعبرون».
ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.
فكانت البقر سنين في المحل والخصب.
فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه، وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله.
فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام.
فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.
ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟
لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي» فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا.
ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟
قال العلم، وما تركه لبنا على  صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.
وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه.
كل روح بهذه المثابة فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء.
فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها.
وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.
ولما كان للرؤيا هذان الوجهان.
وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا.
وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه.
فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.
وقد قال ذلك أبو يزيد. ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟
بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه.
ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.
فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.
وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء.
فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.
ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.
وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب:
فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» فهو الجامع للواقع وغير الواقع ولا يعرف ما قلناه إلا من كان قرآنا في نفسه ، فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب.
وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
06 – متن نقش فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
اعلم أن حضرة الخيال هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء وغير شيء فلها على الكل حكم التصوير وهي كلها صدق وتنقسم قسمين:
* قسمٌ يطابق لما صورته الصورة من الخارج وهو المعبر عنه بالكشف.
* وقسمٌ غير مطابق وفيه يقع التعبير.
والناس هنا على قسمين:
* عالم ٌ.
* ومتعلم.
والعالم يصدق في الرؤيا، والمتعلم يصدق الرؤيا حتى يعلمه الحق ما أراد بتلك الصورة التي حل له.

الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :

06 -  فك ختم الفص الإسحاقي
1 / 6  - اعلم ان شيخنا رضى الله عنه لم يلزم في هذا الكتاب مراعاة الترتيب الوجودي في شأن انبياء المذكورين وان وقع كثير من ذلك مطابقا للترتيب المشار اليه ، بل انما التزم التنبيه على المناسبة الثابتة بين النبي وبين الصفة التي قرنتها به ، والإشارة الى محتد ذوق ذلك النبي ومستنده من الحق ، ومع ذلك فقد من الله بمعرفة ثبوت المناسبة الترتيبية الوجودية من اول الكتاب الى هاهنا - كما سبقت الإشارة الى جميع ذلك.

2 / 6 - واما هذا الفص الإسحاقي : فمحتده عالم الخيال الصحيح المطابق والمناسب للمعنى الذي يتجسد به وفيه والسر في استناد مبدئية حال اسحاق عليه السلام الى عالم المثال المقيد هو انه : لما كان أخص احكام الصفات السلبية سلب الكثرة عن وحدة الحق ، كانت الموجودات الصادرة عن الحق من حيث الصفات السلبية التزيهية أقربها نسبة الى الوحدة وأبعدها من مرتبة الظهور ، وهي الأرواح ، بخلاف الصفات الثبوتية ، فإنه بحسب ان يكون الموجودات الصادرة عن الحق من حيثها اقرب نسبة الى الظهور وأتم تحققا به .

3 / 6 - وقد بينا ان اول حامل وظاهر بأحكام الصفات الثبوتية الخليل عليه السلام ، فلزم ان يظهر في حال ولده الذي هو النتيجة حكم عالم الخيال وصفته .
لان عالم المثال المطلق مرتبته بين عالم الأرواح وعالم الأجسام .
وقد ذكرت في كتاب النفحات وفي تفسير الفاتحة سر سفر التجلي الوجودي الغيبى من غيب الهوية الإلهية طلبا لكمال الجلاء والاستجلاء :
وان اول منازله عالم المعاني
ويليه عالم الأرواح وظهور الوجود فيه أتم منه في عالم المعاني .
ويليه عالم المثال وهو المنزل الثالث وظهور الوجود فيه أتم منه في عالم الأرواح .
ويليه عالم الحس وهو المنزل الرابع وفيه تم ظهور الوجود.
ولهذا كان العرش الذي هو اول الصور المحسوسة والمحيط بها مقام الاستواء الرحمانى فان عنده تم ظهور التجلي الوجودي واستقر فان الرحمة نفس الوجود والرحمن الحق من كونه وجودا، ولذلك لم يضف الاستواء الى اسم أخر قط سواه حيث ورد.

4 / 6 - ثم أقول : ولعالم الخيال مرتبتان واسمان :
مرتبة مقيدة تختص بالإنسان وبكل متخيل ويسمى باعتبار تقييده خيالا ، وانطباع المعاني والأرواح فيه قد يكون مطابقا وقد يكون غير مطابق.
وذلك بحسب صحة شكل الدماغ واختلاله وانحراف المزاج واعتداله وقوة المصورة وضعفها ، وهذا العالم في مرتبة إطلاقه يسمى عالم المثال .
وكل ما يتجسد فيه يكون مطابقا لا محالة ، فإذا صحت المطابقة في الخيال المقيد كان حقا لشبهه بعالم المثال في حقية ما يتجسد فيه من حيث الصحة والمطابقة .
فلهذا ترجم الشيخ رضى الله عنه هذا الفص بالحكمة الحقية . فاعلم ذلك .
5 / 6 - ثم أقول : وللحقية والمطابقة سر آخر خفى جدا ، من لم يطلع عليه لم يعلم سر الخيال المقيد وحقيقته وسر الرؤيا وسر العالم المثال المطلق وسبب صحة كل ما يتجسد فيه ومطابقته .

6 / 6 -  فاعلم ان عالم المثال نسبته الى صورة العالم الذي هو مظهر الاسم الظاهر نسبة ذهن الإنسان وخياله الى صورته ، وروح صورة العالم من وجه مظهر الاسم الباطن ، ما لمجسد ثمة لما لا صورة له من الأمور المعقولة هو الاسم الباطن والمدبر ، ولا نقص في العلم هناك ولا في القوة التي القوة المصورة من الإنسان نسخة منها فان الحق " ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ " ، فلا يتجسد هناك شيء الا بحسب ما علم ، ولا جهل يتطرق في ذلك العلم ، فوجب المطابقة والصحة ، وهكذا هو الامر بالنسبة الى العقول والنفوس العالية.

7 / 6 - والامر في الإنسان ليس كذلك ، فان قوته المصورة تابعة لنورية روحه وما سبق اطلاعه عليه ، فأملاه بذاته على قوته المصورة ، فيأخذ في محاكاته ، لكن بحسب جودة هيئة الدماغ واستقامة المزاج وانحرافه وخاصية المكان والزمان ، بخلاف ما يتجسد في العالم المثال - كالاسم الباطن اولا ثم العقول والنفوس ثانيا - غير انه ينبغي لك ان تعلم نسبة خيالات الأناسي المقيدة الى عالم المثال نسبة الجداول الى النهر العظيم الذي منه تفرعت وطرفها متصل به ، اعنى طرف كل خيال من الجهة التي تلى عالم المثال متصل به.

8 / 6 - فصحة خيال الإنسان ورؤياه له عدة موجبات بعضها مزاجية وبعضها خارجة عن المزاج ، فالمختص منها بالمزاج : صحة هيئة الدماغ وما سبق ذكره
والخارج عن المزاج : بقاء حكم الاتصال بين خياله وبين جهة عالم المثال عن علم ومناسبة محققة تقتضي اتحاده به من احدى جهتيه وهذا كشف عال قل من يشاهده.
رأيته ودخلت بنفسي في بعض مظاهرها من خيال المقيد الى عالم المثال من باب الاتصال المشار اليه ، وانتهيت الى أخره وخرجت منه الى عالم الأرواح ، ثم الى فيحاء مطالع الاضواء والحمد لله على ما أنعم .

9 / 6 - ثم ليعلم ان الناس في مراتبهم على اقسام مختلفة تنحصر في ثلاثة اقسام :
قسم نازل قد طبع على قلوبهم ، فلا يتصل به من نفوسهم - اى قلوبهم - شيء مما هو منتقش في نفسه سابقا او متجددا الا في النادر كحال عارض سريع الزوال بطيء الإتيان .
وقسم يحصل لقلوبهم أحيانا صفاء وفراغ عن الشواغل واتصال من خياله بعالم المثال المطلق ، فكل ما يدركه نفوسهم في ذلك الوقت فإنه ينعكس انعكاسا شعاعيا الى القلب وينعكس من القلب الى الدماغ فينطبع فيه ، فان وجد في ما يرى اثر حديث النفس ، فللقوة المصورة في ذلك مدخل الالة من المزاج وما ذكرنا .
وان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت الرؤيا  من الله وكانت في الغالب لا تعبير لها ، لان العكس عكس ظاهر بصورة الأصل وهكذا هو رؤيا اكثر الأنبياء عليهم السلام .

10 / 6 - وهذا هو السبب في عدم تأويل الخليل عليه السلام رؤياه وأخذ بظاهرها ، ومن صار قلبه مستوى الحق لا ينطبع في قلبه غالبا امر خارج ، بل من قلبه يكون المنبع والانطباع الأول في الدماغ ولما اعتاد الخليل عليه السلام الحالة الاولى وشاء الحق ان ينقله الى مقام من وسع قلبه الحق ، كان انطباع ما انبعث من قلبه الإلهي الى دماغه انطباعا واحدا فلم يظهر بصورة الأصل ، فاحتاج الى التأويل المعرب عن الامر .
المراد بذلك التصوير على نحو تعينه في العالم العلوي وذوات العقول والنفوس تعينا روحانيا او على نحو انبعاثه من القلب المتوحد الكثرة بصفة احدية الجمع.
11 / 6 - فاعلم ذلك وأمعن النظر فيه ، فان هذا الفصل يتضمن علوما خفية يعلم منها تفاوت مراتب النفوس ودرجاتها وشعب إدراكاتها السقيمة والصحيحة.
ويعلم الفرق بين الخيال المقيد والمثال المطلق ويعلم نسبة كل واحد منهما الى الاخر والى الحق.
فان كل خيال مقيد هو حكم من احكام الاسم الباطن تجسد في عالم المثال المطلق تجسدا صحيحا لصحة العلم والقوى المحاكية .
وتجسد في كل كل خيال مقيد ، هذا بحسب القوة المصورة وبحسب المحل وبحسب احوال المدرك والغالب عليه من الصفات الزمان الإدراك .
ويعلم ان الرؤيا التي لا تأويل لها ما أوجبه ، وان الرؤيا التي تحتاج الى التأويل يكون لا نزل الطوائف ويكون لأكمل الخلق .
بخلاف التي لا تأويل لها ، فإنها حال المتوسطين ويعلم غير ذلك مما يطول ذكره مما نبهت عليه في الفصل وما أجملت ذكره.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 20:30 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 2:43 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية : الجزء الأول
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
هذا نص الحكمة الإسحاقية ذكره بعد حكمة إبراهيم عليه السلام، لأنه ابنه ومقامه متصل بمقامه وله به كمال العلاقة في المرتبة ويذكر في حكمة بقيته حكمة أبيه إبراهيم عليه السلام من جهة الرؤيا فناسب ذكره بعده .
قال الشيخ رضي الله عنه فص حكمة حقية) منسوبة إلى الحق وهو اسم من أسمائه تعالى وهو ضد الباطل كما مر (في كلمة إسحاقية).
إنما اختصت حكمة إسحاق عليه السلام بالحقية، لأنه الذبيح على القول الصحيح.
وقصة رؤيا المنام الواقع لأبيه عليهما السلام تقتضي خروجه من عالم الخيال الباطل إلى عالم الوجود الحق.
ووقع له في اليقظة أنه ما ذبح وإنما فداه الله بالكبش، والكبش صورته في المنام، والمنام خیال، فذبح نفس ألوهيته وبقية حقيقته الحقية فكانت حكمته حقية لذلك. والله الموفق إلى أقوم المسالك .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (
فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان
(فداء نبي) من أنبياء الله تعالى وهو إسحاق عليه السلام (ذبح) مصدر ذبحت الشاة ونحوها إذا قطعت أوداجها وحلقومها (ذبح) بكسر الذال المعجمة وهو ما يذبح من شاة ونحوها.
قال الجوهري في الصحاح : الذبح الشق والذبح مصدر ذبحت الشاة، والذبح بالكسر ما يذبح. وقال تعالى: "وفديناه بذبح عظيم " [الصافات: 107].
والذبح المذبوح والأنثى ذبيحة، وإنما جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها، والذبيح الذي يصح أن يذبح للنسك (لقربان)، أي لأجل القربان .
قال الجوهري : القربان بالضم ما تقربت به إلى الله تعالى، تقول منه قربت الله تعالی قربانا (وأين) كلمة استفهام للاستبعاد والفرق الواضح (ثؤاج) بالهمزة وضم الثاء المثلثة، أي صياح.
قال الجوهري : الثواج صباح الغنم (الكبش) واحد الكباش من الغنم (من نوس) بالسين المهملة . قال ابن فارس في المجمل: النوس تذبذب الشيء تقول ناس ينوس انتهى . والمراد هنا الحركة المنتظمة على القانون العقلي.
(إنسان) واحد من بني آدم يعني لا يساوي صباح الكبش لحركة بني آدم المنتظمة الجارية على الكمال، فأين صوت الحيوان الصادر منه من غير إدراك عقلي وحركة الإنسان الصادرة منه على الوجه العقلي.
فكيف يكون هذا فداء لهذا وليس هذا بمساوي لهذا أصلا، فالمراد بیان خفاء الحكمة في ذلك ورقتها، وأنها مما ينبغي أن يطلب ويسأل عنه، وإنما ذكر من الكبش صياحه ومن الإنسان حركته لاشتراكهما في الحيوان.
وتمييز الإنسان بالنطق النفساني الذي يظهر تارة بالنطق اللساني وتارة بالأفعال المنتظمة على القانون العقلي.
والنطق اللساني قد يشارك الإنسان فيه غير الإنسان من طير ونحوه ، بخلاف الأفعال المنتظمة فإنها مختصة بالإنسان وبكل من يعقل من الجن والملك دون غيرها ، فميز الكبش بصوته الذي لا يشبه صوت الإنسان فضلا عن شبهة الأفعال الإنسانية التي هي فوق صوت الإنسان في دلالة الكمال وميز الإنسان بأفعاله المنتظمة لاختصاصها بمن يعقل ودلالتها على الكمال بأبلغ وجه .
(وعظمه)، أي الكبش (الله) تعالى (العظيم) سبحانه بقوله عنه : "وفديناه بذبح عظيم" [الصافات: 107]. (عناية)، أي اعتناء و احتفالا منه تعالى (بنا) معشر بني آدم حيث جعله فداء عن إنسان منا، فصار شريفة من بين أمثاله من أنواع الحيوانات، تشريفا حاصلا له من جهة الإنسان لا من جهة نفسه هو لأنه حيوان لا يستحق ذلك التعظيم والتشريف من ذاته، فيكون ذلك تشريفا لنا وتعظيما لشأننا حيث شرف بنا ما لا يليق به التشريف.
وعظمه من بين سائر أمثاله فتعظيمه في الحقيقة راجع إلينا فهو تعظيم لنا (أو) ذلك به عناية من الله تعالى (به)، أي بالكبش وتشريف له من بين جميع الحيوان لكونه كان فداء عن إنسان، فتعظيمه على هذا راجع إلى نفسه.
فالكبش هو العظيم (لم أدر) على وجه التحقيق هذا التعظيم المذكور للكبش صادر من الحق تعالی (من أي میزان) أي على أي وجه هل هو صادر من وجه ذات الكبش لسر في الغنم والكباش ليس في غيرها من الحيوانات؟
فتعظيمها راجع إلى ذاتها، وهو من وجه كونه وقع فداء الإنسان فالتعظيم في اللفظ للكبش، وفي المعنى المن كان فداء عنه وهو الإنسان الكامل.
والظاهر أن تعظيمه لظهوره في المنام لإبراهيم عليه السلام في صورة ابنه إسحاق عليه السلام.
فرأى في المنام أنه يذبح ابنه وهو في اليقظة إنما ذبح كبشه، فقد رأى الكبش في صورة ابنه في عالم المنام.
فكان ذلك تشريفا للكبش حيث ظهر في صورة إنسان في عالم الخيال، فهو كبش عظیم لأجل الصورة الإنسانية التي ظهر بها في بعض العوالم فتعظيمه عناية بنا، ولهذا قدمه في الذكر على الاحتمال الثاني.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فداء بني) استفهام للتعجب حذف همزته للعلم بها (ذبح) بفتح الذال مصدر (ذبح) بالكسر ما يذبح من الحيوانات القربان وابن ثواج الكيش) أي وأين صوت الغنم وحركته (من نوس إنسان) أي من صوت الإنسان وحركته حين يذبح (وعظمة الله العظيم) أي والحال أن الله أعظم ذلك الكبش. بقوله :"وفديناه بذبح عظيم " 107 الصافات.
(عناية به) أي بالذبح تعظيما به يجعله فداء عن النبي العظيم القدر عند الله (أو بنا) أي تعظيما لشأن نبينا عليه السلام بجعل الذبح العظيم الشأن عند الله فداء عنه.
(لم أدر) هذا التعظيم (من أي میزان) أي من أي قسم من قسمي التعظيم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
قلت: ثواج الكبش، صورته. ونوس الإنسان حركته. قوله: وعظمه الله، إشارة إلى قوله: "وفدیناه بذبح عظيم" (الصافات: 107)
قال: والتردد واقع في هذه العظمة هل هي من أجل اسحاق أو من أجل المذبوح فإن البدنة وهي الناقة أعظم قدرا في العادة وما ذكر تعظيمها كما ذكر تعظيم الكبش. والذبيح، خليفة الله من أجل أن آدم و بنيه كل منهم يستحق الخلافة من حيث الانسانية


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
06 . فصّ حكمة حقّية في كلمة إسحاقية  
قد ذكر سرّ استناد الحكمة إلى الكلمة في الفهرس ، فليطلب من ثمّ .
ثم قال رضي الله عنه :
فداء نبيّ ذبح ذبح لقربان   .... وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان ؟
يعني رضي الله عنه : نفسي فداء لنبيّ جعل ذبحا عن ذبح قربان أمر إبراهيم عليه السّلام أن يقرّبه قربانا لله تعالى .
وأنّه عليه السّلام إنّما أمر أن يذبح قربانا يناسب سرّ قربانه بنفسه من حيث حقيقة الإسلام الذي هو الانقياد الحقيقي الكلَّي لله من كلّ وجه وهو ذبح النفس ، تفدية وقربانا لخليله الذي أسلم له .
ويحقّ أن يكون النفس الكاملة قربانا للحق وهذا سرّ كماليّ إلهيّ يقتضيه مقام الخلَّة ، فظهر هذا السرّ على يدي إبراهيم بالقربان الذي وقع به الذبح ، أعني الكبش الظاهر بصورة ابنه .
وكان في الحقيقة كبشا هو صورة سرّ إسلام إبراهيم وابنه .
قال : « وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان ؟ » يستبعد رضي الله عنه : قيام الكبش في وقوع الذبح به قربانا لله ، والذبح بكسر الذال هو المذبوح قربانا لله ، ولمّا تصوّر الكبش بصورة ابنه في منامه ، قصد عليه السّلام ذبحه قربانا لله .
وسرّ ذلك أنّ الخليل عليه السّلام لمّا أسلم لله حقّ الإسلام ، أراد أن يقرّب بنفسه ، إذ لم يكن عنده أعزّ من نفسه وهو حقيقة الإسلام ، قال : "إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ . وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ " . 111 سورة التوبة
وكما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم - حين تحقّق بالفناء الكلَّي في الله بسرّ الإسلام : « وددت أن أقاتل في سبيل الله ، فأقتل ، ثمّ أحيا ، ثمّ أقاتل فأقتل ، ثم أحيا فأقاتل ، فأقتل ».
فهذه ثلاث مراتب للحقيقة الإسلامية المحمدية ، فإنّ له مبدأ ووسطا ونهاية .
فمبدأ التقرّب بالمال وما له في سبيل الله ،
والوسط الخروج والتقرّب بجسمانيته لله تعالى ،
والغاية التقرّب بروحه ونفسه إن كان له نفس .
فلمّا قام إبراهيم عليه السّلام بحقيقة الإسلام ، همّ أن يتقرّب بنفسه إلى الله ، بعد خروجه من ماله ، فكشف الله له عن سرّ إسلامه أنّه صورة استسلامه وانقياده لله ، وأنّه مؤهّل لأسرار أخر أكمل منه أوّلها الإسلام - وهو الانقياد الجسماني - ثم الإيمان ، ثم الإحسان ، ثم الولاية ، ثم النبوّة ، ثم الرسالة ، ثم الخلافة - وأوّلها الإمامة والخلَّة - ثمّ الاستخلاف ولا نهاية للدرجات الأكملية.
ففداه الله بذبح عظيم وهو الكبش ، لمناسبته في سلامة النفس واستسلامه للذبح بالفاني عن نفسه ، المقرّب بروحه لله وتشخّص لإبراهيم في المنام بصورة ابنه عليه السّلام لأنّه صورة سرّ إسلام إبراهيم والولد سرّ أبيه ، ولهذا أسلم نفسه للقتل " فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّه ُ لِلْجَبِينِ" أوحي إليه أنّ المؤهّل للذبح ظاهرا هو الكبش لا الإنسان ، فإنّ الإنسان قائم بحقيقة الأمر وباطن السرّ ، حيث فني عن نفسه ، وأسلم حقيقة لربّ العالمين .
""أضاف الجامع يقول الشيخ الشعراني في الطبقات الكبرى عن سيدي علي وفا وولده : أي ظهر، وتجلى لها عين معنى قولا لملائكة لجده إبراهيم عن جده إسحاق " بشرناك بالحق " بعد ما سموه غلاما عليما، والولد سر أبيه، وهذا هو المراد بإتمام النعمة عليه، وعلى آل يعقوب ثم إنه عرفه أن الربوبية له من دائرة العليم الحكيم فقال: " إن ربك عليم حكيم " فافهم،أهـ .""
"" قال كمال الدين عبد الرزاق القاشاني: "واعلم أن النيّات وهيئات النفس مؤثرة في نفس الولد, كما أن الأغذية مؤثرة في بدنه.  فمن كان غذاؤه حلالاً طيباً وهيئات نفسه نورية ونيّاته صادقة حقانيّة, جاء ولده مؤمناً صديقاً أو وليّاً أو نبيّاً. ومن كان غذاؤه حراماً وهيئات نفسه ظلمانية خبيثة ونياته فاسدة رديئة جاء ولده فاسقاً أو كافراً خبيثاً. إذ النطفة التي يتكوّن الولد منها متولدة من ذلك الغذاء, مربّاة بتلك النفس, فتناسبها. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الولد سرّ أبيه ".أهـ ""
وأمّا صورة هذا السرّ في الشاهد فإنّما هو الكبش ، أوجده الله للذبح على يد الإنسان وفيه كماله ، وبذلك يبلغ درجة الإنسان ، فافهم .
قال - رضي الله عنه - :
وعظَّمه الله العظيم عناية .....     بنا أو به لا أدر من أيّ ميزان ؟
قال العبد : أسقط الياء - وفيه لطف تسويغ لذلك مع سوغان « لم أدر » أو « لم يدر » مبنيّا للمفعول - ، احترازا عن محذور وهو نفي ما هو ثابت عنه وتحقّق ، لعلمه رضي الله عنه - :
أنّ نيابة الكبش عن خليفة الله في القربات لمناسبة صحيحة بينه وبين الإنسان ، فعظَّمه الله أي الفداء بما أقامه مقام أشرف عبيده في أشرف القربات إليه ، تشريفا له بذلك وتشريفا وتعظيما للصورة الإنسانية التي إبراهيم وابنه عليها أن يقتل أو يقع عليه الذبح .
فإنّها صورة الله ، فهي أعظم أن يقرّب به لعظمة صورة الله التي هو عليها ، فقوله : « لا أدر » مع درايته إشارة منه إلى أنّ الوجهين معا صادقان في ذلك


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
إنما خصت الكلمة الإسحاقية بالحكمة الحقية لتحقق رؤيا أبيه في حقه ، فإن المعنى العلمي الكلى ينزل من أم الكتاب إلى عالم اللوح المحفوظ ، وهو بمثابة القلب للعالم ، ومنه إلى عالم المثال فيتجسد فيه ، ثم إلى عالم الحس فيتحقق في الشاهد وهو المرتبة الرابعة من الوجود النازل من العالم العلوي إلى العالم السفلى ، ومن الباطن إلى الظاهر ، ومن العلم إلى الكون .
والخيال من الإنسان هو عالم المثال المقيد ، كما أن عالم المثال هو الخيال المطلق أي خيال العالم ، فللخيال الإنسانى وجه إلى عالم المثال لأنه منه فهو متصل به ، ووجه إلى النفس والبدن ، فكلما انطبع فيه نقش من هذه الجهة السفلية وتمثلت فيه صورة كان ذلك محاكاة لهيئة نفسانية أو هيئة مزاجية ، أو البخار يرتفع إلى مصعد الدماغ كما للمحرورين وأصحاب الماليخوليا فلا حقيقة له ويسمى أضغاث أحلام ، وكلما انطبعت فيه صورة من الجهة العلوية.
أي من عالم المثال أو من القلب النوراني الإنسانى فيتجسد فيه كان حقا سواء كان في النوم أو في اليقظة ، فكان رؤيا صادقة أو وحيا غير محتاج إلى تعبير أو تأويل ، لأن ما ينطبع من عالم المثال لا يكون إلا حقا لأنه من خزانة علم الحق بتوسط الملكوت السماوية فلا يمكن الخطأ فيه ، وكذا ما ينعكس من القلب المنور بنور القدس ، إلا أن تتصرف فيه القوة المتصرفة الإنسانية بالانتقال إلى صورة التشبيه والمناسب ، فتحتاج الرؤيا إلى التعبير والوحي إلى التأويل.
ولما رشح الله تعالى إبراهيم عليه السلام لمقام النبوة ، فكان جميع ما رآه في المنام من قبيل ما لا يحتاج إلى التعبير فلذلك جزم بذبح الولد وعزم عليه ، فجعله الله تعالى حقا بالتأويل.
كما جعل رؤيا يوسف حقا بتحقيق تأويله في الواقع ، كما قال تعالى حاكيا عنه " هذا تَأْوِيلُ رُؤيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " ولما كان القربان واجبا على إبراهيم عن ولده لإسلام النفس لله ، أو عن نفسه لإسلامه إياها لله ، والولد صورة سر إسلامه ، لقوله عليه الصلاة والسلام « الولد سر أبيه » صورت القوة المتصرفة بصورته:
قال الشيخ رضي الله عنه :  
(فداء نبي ذبح ذبح لقربان   ..... وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان)
الثواج : صوت الغنم ، والنوس : صوت سوق الإبل .
يقال : نست الإبل ، أي سقته ، والنوس أيضا : التذبذب وأناسه ذبذبه ، ولعل المراد هنا الأول لانتظام المعنى به ، والذبح : بكسر الذال ، ما تهيأ للذبح من الغنم فعل من المفعول .
استبعد قدس الله روحه ، أن يكون نبي ذبح كبش للقربان ، أي لأن يتقرب به إلى الله ، والمراد الاستفهام بمعنى التعجب ، واكتفى عن حرف الاستفهام بما في المصراع الثاني من قوله : وأين ، لأنه تقرير له .
"" إضفة بالي زادة :  ( فداء نبي ) استفهام التعجب حذف همزته العلم بها ( ذبح ) بفتح الذال مصدر ( ذبح ) بالكسر ما يذبح من الحيوانات ( وأين ثؤاج الكبش ) صوت الغنم وحركته ( من قوس ؟ إنسان ) أي من صوت الإنسان وحركته حين يذبح والفداء ينبغي أن يساوى المفدى عنه اهـ بالى زاده . ""
وقيل : معناه نفسي فداء نبي جعل ذلك الفداء ذبح ذبح ، على أن الذبح بدل من فداء ولا يخلو من تعسف :
( وعظمه الله العظيم عناية  .... به أو بنا لم أدر من أي ميزان )
حذف الياء من لم أدر تسامحا ، أي عظمه الله ، أي وصف الكبش بالعظمة في قوله : " وفَدَيْناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ".
في قوله : أدر إشارة إلى أن كلا الوجهين جائز في ميزان الكشف ، أن يكون تعظيم الكبش للعناية به حيث جعل فداء لأشرف خلق الله قائما مقامه وهو إبراهيم أو إسحاق عليهما السلام أو بهما ، لأن الإنسان الكامل على صورة الله ، فعنى به تشريفا وإكراما عن أن يقع عليها الذبح بوقوعه على ذلك الكبش فلذلك عظم ، أو لما يذكر بعد من أن الحيوان أعلى قدرا من الإنسان وأعرف باللَّه .
"""إضفة بالي زادة : "عناية به" أي بالذبح تعظيما به بجعله فداء عن النبي العظيم القدر "أو بنا" أي تعظيما لشأن نبهنا ، بجعل الذبح العظيم عند الله فداء عنه "لم أدر من أي ميزان" وقع ، أمن ميزان عناية الله بنا ، أو من ميزان عنايته بالكبش ؟ .اهـ بالى زاده.""
فجعله فداء لهما مع عظمة قدره لفرط العناية بهما :

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
لما كان بعد مرتبة عالم الأرواح المجردة مرتبة عالم المثال المسمى بـ (الخيال) وهو ينقسم إلى المطلق والمقيد - كما مر بيانه في المقدمات - وكان أول من خلع عليه الصفات الثبوتية التي هي روح العالم المثالي (إبراهيم).
ذكر الشيخ رضى الله عنه حكمة عالم المثال المقيد في الكلمة (الإسحاقية) مراعاة للترتيب في بيان المراتب، مع أنه لم يلتزم إلا التنبيه على المناسبة بين الحكمة وبين النبي الذي نسب الحكمة إلى كلمته، ولم يلتزم مراعاة الترتيب الوجودي بين الأنبياء، عليهم السلام، ولابين المراتب أيضا.
وإنما ذكر المقيد هنا دون المطلق، لأنه مثال وأنموذج من العالم المثالي المطلق.
وهو مع كل واحد، ليطلع منه عليه ويصل به إليه. فالكلام فيه كالكلام في أصله.
ونسب حكمته بالحقية لجعل إسحاق عليه السلام  ما رأى أبوه في المنام حقا بأنقال: (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين).
أي اجعل ما رأيته في رؤياك محققا في الحس، ستجدني إن شاء الله صابرا على ذلك كما قال يوسف،عليه السلام: (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا.)
(فداء نبي ذبح ذبح لقربان   ..... وأين ثواج الكبش من نوس إنسان)
اعلم، أن بين الفداء والمفدى عنه لا بد من مناسبة ومقاربة في الفداء، كما جاء في صورة القصاص، لذلك لا تقتل المسلم بالذمي والحر بالعبد. فقوله:
(فداء نبي) استفهام على سبيل التعجب. تقديره: أفداء نبي ذبح ذبح لقربان؟فحذفت الهمزة، كما تقول: هذا قدري عندك. أي، أهذا قدري؟
و (ذبح) بفتح الذال، مصدر، وبكسرها اسم لما يذبح للقربان.
و (الثواج) صوت الغنم. و(النواس) التذبذب والصوت عند سوق الإبل. يقال ناس: إبله. أي، ساقها.
وناس الشئ وإناسه، أي، ذبذبه وحركة، والمراد صوت الإنسان وحركته.
أي، كيف يقوم صوت الكبش وحركته عند الذبح مقام صوت الإنسان وحركته.
واعلم، أن ظاهر القرآن يدل على أن الفداء عن إسماعيل، وهو الذي رآهإبراهيم أنه يذبحه. وإليه ذهب أكثر المفسرين وذهب بعضهم إلى أنه إسحاق.
والشيخ رضي الله عنه معذور فيما ذهب إليه، لأنه به مأمور كما قال في أول الكتاب.
(وعظمه الله العظيم عناية به أو بنا، لم أدر من أي ميزان)
(الواو) للحال. أي، والحال أن الله وصفه بـ (العظيم) بقوله: (وفديناه بذبح عظيم).
عناية بالذبح وتعظيما لشأنه حيث جعله فداء عن نبي معظم عند الله. أو عناية بالنبي وتعظيما لقدره حيث جعل الذبح فداء عنه.
(لم أدر من أي ميزان) تعجب من أي الذبح صار فداء لنبي كريم، ووصفه الحق بذبح عظيم، أي، لم أدر من أي قسم من القسمين، وما سبب تعظيمه.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
فداء نبي ذبح لقربان    ...    وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
وعظمه الله العظيم عناية  ...   بنا أو به لا أدر من أي ميزان
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بظهور كل شيء بكل شيء بالحق من حيث أن الكل مظهره ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إسحاق الكي حيث تصور الكبش في المنام بصورته حتى توهم أنه فداؤه، وأنه يساويه في الجملة حتى صلح للفداء، وإليه الإشارة بقوله: (فداء نبي) بحذف همزة الاستفهام للتعجب، (بح ذبح ) بالكسر ما تهيا من الغنم للذبح، والمراد الكبش، (لقربان) أي: للتقرب إلى الله تعالی. عجب
أولا: من كونه فداء من نبي كامل مع وجوبه مقارنة الفداء للمفدى عنه، والمناسبة بينهما.
وثانيا: من إقامته مقام إفناء النفس في التقرب إلى الله تعالی.
والغرض إظهار ذلك بعد انخفائه؛ ليتمكن في النفس فضل نتمكن، وبالغ فيه أولا،
فقال: (وأين ثواج الكبش؟)
وهو صوته من (نوس إنسان) النوس: صوت سوق الإبل، والمراد صوت الإنسان حال الشدة، والغرض المبالغة في التعجب بأنه إذا لم يقم صوت أحدهما مقام صوت الأخر، مع أنه من الأغراض المتقدمة، فكيف يكون أحدهما فداء للآخر قائما مقامه؟!
ثم زاد تعجبا؛ فقال: (وعظمه الله العظيم) حيث قال: "وفديناه بذبح عظيم" [الصافات: 17]، مع غاية دنوه في الظاهر، والمعظم في غاية العظمة، فلا يليق به تعظيم ما ليس بمعظم، ثم سئل عن علة ذلك التعظيم.
فقال: (عناية به أو بنا) أي: أعظمه لكونه معتني به للحق؛ لكونه من مظاهره الجليلة، أو لكونه لما صار فداء عن أعظم المظاهر وسيا لحفظه؛ عظمه عناية بالمفدى عنه، ثم تجاهل فيما سئل، فقال: (لم أدر من أي میزان) يعرف مقدار عظمته.
ثم أشار إلى أنها لا تعرف بميزان القيمة، فقال
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:54 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 2:53 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )

 06 - فصّ حكمة حقّيّة في كلمة إسحاقيّة  
لا ريب أنّ أوّل ما يترتّب على الجمعيّة الوجوديّة ويتولَّد من كلَّية الحقائق الثبوتيّة التي تحقّق بها إبراهيم هو الصورة العكسيّة المثاليّة التي إذا اعتبرت مطابقتها للواقع تسمّى حقّا ، ولذلك اختصّت الحكمة الحقيّة بالكلمة الإسحاقيّة .
وأيضا ما تفرّد به الكلمة عن الاسم - هو الخصوصيّة التي بصورتها الجمعيّة تفرّد الاسم وامتاز عن المسمّى .
ومن التلويحات البيّنة هاهنا هو أن بيّنات ما تفرّد به الكلمة هذه تدل على أنّها صاحب التحقّق بتلك الصورة المثاليّة المترتّبة على تحقّق القلب بكمالاته الخاصة به ، أعني الحقائق الثبوتيّة التي تحقّق بها إبراهيم .
فإنّ تلك الصور المثاليّة المترتّبة على الكمال القلبي لها مظاهر في الخارج ، وذلك هو الصور الحرفيّة التي إنّما تتحقّق خارجا في المشعرين الشاعرين - أعني السمع والبصر - والمتحقّق بالأوّل منهما هو إسحاق ، لدلالة بيّنات ما تفرّد به كلمته على السمع   .
وقد وقفت على أنّ تلك الصورة منها هو المختصّ بالنبوّة ، فطرف صورتها الإجماليّة أولا هو الذي تحقّق به هذا النبيّ . وأمّا طرف تفصيلها وتبيّنها ثانيا هو الذي تحقّق به أخوه إسماعيل ، وكأنك وقفت على وجه تلويحه فلا تحتاج إلى تبيينه  .
والذي يدلّ على استشعار المصنّف هذا التلويح كشفا هو المصرع الثاني من البيت الذي صدّر به الفصّ والبيت الذي ختم القطعة المصدّر بها .
(فداء نبيّ ذبح ذبح  لقربان ) « الفداء » و « الفداء » : حفظ الإنسان عن النائبة بما تبذله عنه.
"" إضافة الجامع : ما سطره الشيخ بنفسه على أن الاعتقاد بكون الذبيح إسماعيل عليه السّلام ظاهر مما أورده الشيخ ابن العربي نفسه في كتابه الإسفار عن نتيجة الأسفار ( ص 37 ، سفر الهداية ) : " ولما ابتلي بذبح ما سأله من ربه وتحقق نسبة الابتلاء ، وصار بحكم الواقعة ، فكأنه قد ذبح - وإن كان حيّا - بشّر بإسحاق عليه السّلام من غير سؤال ، فجمع له بين الفداء وبين البدل مع بقاء المبدل منه." ""
والنبيّ لكونه أكمل بني نوعه صورة ومعنى وأتمّهم ظهورا وإظهارا ، وأعمّهم أوضاعا وآثارا - لا يكون فداه من الأموال إلَّا ما يكون ذا أثر وفعل ظاهر ، كما للحيوانات ، وذلك إنّما يكون بالذبح للقربان ، فإنّ أرواح المذبوح يقرّب المذبوح له ويمدّه في إظهار الآثار
كما سيجيء الكلام عليه في الفصّ الموسوي إن شاء الله تعالى - وبيّن أنّه إذا كان المطلوب من القربان إمداد المذبوح المتقرّب به بضرب من الامتزاج والاتّحاد للمتقرّب له بظهور آثاره فيه ، فكيف ينوب الإنسان  شيء في ذلك - أي في إظهار الآثار .
( وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان ) النوس : التذبذب ، وهو كناية عن النطق لتذبذب الصوت به في المخارج .
( وعظَّمه الله العظيم ) في قوله : " وَفَدَيْناه ُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ " [ 37 / 107 ] على حقارة آثاره
( عناية بنا ) فإنّه ما يصلح لأن يتقرّب به الإنسان ذلك التقرّب يكون عظيما ( أو به ) كما سيجيء بيانه ، ( لا أدر ) حذف الياء منه اكتفاء بالكسرة - على ما في قوله تعالى : " وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ " [ 89 / 4 ] .
( من أيّ ميزان ) فإنّ هاهنا ميزانين : أحدهما العلوّ الشرفيّ ، والآخر الكمال الجمعيّ ، فإذا اعتبر الأوّل منهما كان التعظيم الذي للكبش بنفسه لا للمفدى به وإذا اعتبر الثاني كان التعظيم المشار إليه باعتبار المفدى به كما سيجيء بيانه .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( (فداء نبي ذبح لقربان    ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عناية   … بنا أو به لا أدر من أي ميزان )
الفص الإسحاقي
06 -  فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فداء نبي ذبح لقربان ... و أين ثؤاج الكبش من نوس إنسان)
فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
وصف رضي الله عنه هذه الحكمة بالحقية ، لأن إسحاق جعل ما رآه أبوه عليهما السلام في حضرة الخيال حقا ثابتا في الحس حيث استسلم للذبح ولهذا اختصت به .
ثم إنه رضي الله عنه أورد هذه الحكمة تلوا للحكمة المهيمية لأن تلحكمة المهيمية نسبة إلى المهيمين الذين هم من الأرواح المجردة .
وهذه الحكمة متعلقة بعالم المثال الذي هو تلو عالم الأرواح .
(فداء نبي) بتقديم النون مصدر مضاف إلى مفعوله يقال : فداه وفاداه إذا أعطى فداءه فأنقذه وهو مبتدأ خبره (ذبح ذبح) الذبح الأول بفتح الذات مصدر . والثاني بكسرها ما يتهيأ للذبح.
وجعل بعضهم الفداء بمعنى المفدی مبتدأ ، والذبح بكسر الذال مضاف إلى مثله خبره. وأراد بالذبح المضاف الكبش و بالمضاف إليه إسحاق عليه السلام.
وعلى التقديرين فالجملة إما خبرية أو استفهامية بتقدير الاستفهام للتعجب .
وذهب بعضهم إلى أن الفداء خبر مبتدأ محذوف، أي نفسي فداء نبي.
وقوله : ذبح بكسر الذال فيهما ورفع الأول خبر بعد خبر .
وقوله القربان : أي لأن يتقرب به إلى الله تعالی متعلق.
إما الذبح إن كان مذكورا بصريحه أو بما يفهم من الذبح الأول أو الثاني.
(وأين ثواج الكبش) الثواج : بضم الثاء المثلثة صوت الغنم (من نوس إنسان) والنوس صوت سوق الإبل يقال : نست الإبل ، أي سقته يعني این مرتبة الثواج الذي هو من خواص الكبش، وهو صوت طبيعي له عن مرتبة النوس الذي هو من خواص الإنسان.
ومن جملته الحد المشتمل على ألفاظ فصيحة ومعاني دقيقة والحان لطيفة ، فكما بين خاصيتهما من التفاوت الظاهر فكذلك بين ذاتيهما فأين الكبش من الإنسان فكيف يكون فداء له. والفداء ينبغي أن يساوي المفدى عنه .
اعلم أنه ذهب إلى كون الذبيح إسحاق عليه السلام طائفة كبيرة من السلف واليهود قاطبة وذهب الأكثرون إلى أنه إسماعيل.
والشيخ رضي الله عنه فيما ذهب إليه معذور فإنه بمقتضی مبشرته مأمور.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وعظمه الله العظيم عناية ... بنا أو به لا أدر من أي ميزان
ولا شك أن البدن أعظم قيمة ... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان
(وعظمه)، أي الكيش (الله العظيم) حيث جعله فداء لنبي عظيم عناية به ، أي الكبش (أو بنا) معشر بني آدم ويدخل فيه النبي دخولا أوئية (لا أدر) بحذف الياء اكتفاء بالكسر.  
و هكذا في النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وفي بعض النسخ:
لم أدر من أي ميزان أي لم يذر (من أي ميزان) وقع من ميزان عناية الله بنا أو من ميزان عنايته بالكبش وإنما جعل عنايته بالكبش وإنما جعل عنايته سبحانه میزان أو بعنايته تعرف مقادیر الأشياء ومراتبها كما يعرف بالميزان أوزانها (ولا شك أن البدن) جمع بدنة بالفتحنين وهي ناقة أو بقرة تنحر بمكة (أعظم) من الكبش (قيمة ولهذا صارت عوضا عن سبعة من الضحايا (وقد نزلت) ، أي انحطت هي بل ذبحها (عن ذبح كبش القربان)، لأنه جعل فداء عن نبي دون البدن وبه تقرب إلى الحق دونها
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:55 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 3:16 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه : (و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان ... فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان .... ألم تدر أن الأمر فيه مرتب … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟ ....  فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان ... و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولا شك) عند العقلاء (أن البدن) جمع بدنة وهي الواحدة من الإبل والبقر والجاموس (أعظم قيمة) إن أريد بالعظم في الآية في حق الكبش عظيم القيمة، فإن الجمل والبقرة قيمتها أكثر من قيمة الكبش.
(وقد نزلت)، أي البدن فلم يذبح منها شيء (عن ذبح كبش) من الكباش (لقربان)، أي لأجل التقرب به إلى الله تعالی فداء عن إنسان كامل، فليس المراد العظيم في القيمة بل المراد في القدر والشرف.
(فيا ليت شعري)، أي يا ليتني أشعر، أي أعلم وأتحقق (كيف)، أي على أي كيفية (ناب بذاته)، أي خلق نفسه (شخیص) تصغير شخص مضاف إلى (كبیش) تصغير كبش أيضا، وهذا التصغير للتقليل والتحقير بالنسبة إلى مقام الإنسان الكامل (عن خليفة رحمن)، وهو إسحاق النبي عليه السلام.
ثم أجاب عن ذلك بقوله: (ألم تدر) يا أيها الإنسان العارف يعني نفسه وغيره (أن الأمر)، أي أمر الله تعالى الواحد النازل منه تعالى في صورة المخلوقات كلها (فيه)، أي في ذلك الأمر (مرتب)، أي على ترتيب مخصوص (وفاء) نائب فاعل مرتب، والوفاء الزيادة .
(لإرباح)، أي لحصول المراتب السامية والمقامات العالية في بعض المخلوقات (ونقص) ضد الوفاء (لخسران)، أي حرمان تلك الزيادة في بعض المخلوقات الأخر ثم بينه بقوله .
(فلا خلق)، أي مخلوق (أعلى) رتبة وكمالا في معرفة الله تعالى و كثرة تسبيحه (من جماد) فالجماد كالحجر والتراب ونحو ذلك أعلى المخلوقات عبادة لله تعالى، ولهذا سكن فلم يتحرك حسين ولا عقلا ولا طبعا، وتحرك أمرا فقط.
فهو يعمل بأمر الله تعالی خاصة (وبعده)، أي الجماد في علو المرتبة في العبادة (نبات) كالشجر والحشيش والرياحين ونحو ذلك (على قدر)، أي مقدار له في ذلك (يكون) عليه (وأوزان)، أي مراتب وحدود لا يتجاوزها، ولهذا تحرك طبعا لا حس ولا عقلا ، فهو يعمل بطبعه بأمر الله تعالى فهو دون الجماد في المرتبة .
(وذو الحس) وهو الحيوان كالوحوش والطيور ونحو ذلك (بعد النبت) في الرتبة ولهذا تحرك طبعا وحسة لا عقلا.
فهو يعمل بطبعه وبحسه بأمر الله تعالى فهو دون الجماد والنبات في الرتبة (والكل)، أي الأقسام الثلاثة : الجماد والنبات والحيوان .
(عارف) معرفة فطرية نظرية طبيعية (بخلافه)، أي ربه الذي خلقه (كشفا)، أي ذوقا وشهودة لا فكرة وتخييلا (وإيضاح)، أي بيان (برهان)، أي دليل واضح لا تشكيك فيه، والمراد به القرائن والعلامات التي بها يكشف العارف عن معروفه، ويتحقق بها حقيقة مألوفه.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولا شك أن البدن) بضم الباء وسكون الدال جمع بدنة (أعظم قيمة) من الكبش .
(و) الحال (قد نزلت) أي انحطت (عن ذبح كبشر لقربان) أي لم تكن البدنة فداء عن نبی كریم مع أنها أعظم قيمة من الكبش.
(فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ، شخيص الكبش) تصغيرين (عن خليفة رحمان) يعني لا ينوب بذاته عن خليفة رحمان بل لمعنى زائد على ذاته الجليل القدر عند الله.
الذي كان في خليفة رحمان فيه كان وهو إسحاق علیه السلام .
وأكثر المفسرين ذهبوا إلى ما رآه إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وبعضهم ذهب إلى أنه إسحاق عليه السلام .
والشيخ اختار هذا المذهب لتطابق كشفه مذهب البعض.
والمراد بإتیان التصغير أن يعلم أن العظمة ليست بالنظر إلى الصورة ولا بالنظر إلى القيمة بل المراد العظمة عند الله وهو الوفاء بالعهد السابق .
ويجوز أن يكون المراد من خليفة رحمان إبراهيم عليه السلام أو كليهما لأن الفداء عن الولد فداء عن الوالد .
(ألم تدر) استفهام تقریر خطاب (أن الأمر نیه) أي في الفداء (مرتب) متناسب في الوصف وإن لم يكن له مناسبة في الذات والصورة .
لكن الاعتبار بالمعنى وقد اعتبره الله تعالى بقوله : " بذبح عظيم" فلا ناب بذاته بل مع الوصف الشريف والكبش أعظم انقيادة وتسليما للذابح من غيره .
بل هذا الوصف أصل في الكبش وفدي الشريف عن الشریف (وفاء) أي إطاعة وتسليم لأمر الله (لإرباح) بكسر الهمزة أي لتجارة رابحة .
فكانت تجارة إبراهيم وإسحاق عليهما السلام الانقياد والتسليم رابحة مربحة وربح التجارة الفداء عنهما، وكأن تجارة الكبش وهي انقياده وتسليمه للذابح رابح ومي نداره عن خليفة رحمان (ونقص لخسران) ولو نقصا في الانقياد والتسليم ما ربحت تجارتهما ولم يفد عنهما والأرباح مرتبة على الوفاء والخسران مرتب على النقص. وقوله : وفاء ونقص خبر مبتدأ محذوف تقديره وهو أي المرتب وفاء الخ.
وقوله : بین جهة العلو في الكبش شرع بهذه المناسبة في بيان جهة بعض الأشياء على بعض بحسب التركيب من قلة الأجزاء وكثرتها.
فقال : (فلا خلق أعلى من جماد) لقلة أجزائه فكان أقرب من المبدأ من غيره لقلة الوسيط وما كان أقرب فهو الأفضل من الأبعد فقد كان أفضل ما كان أسفل عندك وأسفل ما كان أفضل عندك فاعتبروا أيها السالكون في طريق الحق و اتركوا علومكم العادية والرسمية حتى يعلمكم الله من لدنه علما.
(وبعده) أي والأعلى بعد الجماد (نبات على قدر يكون واوزان) يعني أن العلو يكون على قدر أجزائه وأوزانه (وذو الحس بعد النبت) لأنه أكثر أجزاء من النبت فكان أبعد من الحق منه .
(فالكل عارف بخلاقه) لعدم احتجابهم عن ربهم بسبب قلة الإجزاء والإمكانات في تركيب وجودهم وقد علم عرفناهم بخلافهم (كشفا وإيضاح وبرهان) أي علم عرفانه بكشفنا وإيضاح برهان لأن عرفانهم لا يكون عن كشف وإيضاح برهان إذ الكشف عبارة عن رفع الحجاب فلا حجاب لهم فلا رفع ولا حظ لهم عن إيضاح برهان فلا ينصرف الكشف والإيضاح إلى عرفانهم.
ويجوز أن يكون الكشف عبارة عن عدم الحجاب وإيضاح برهان عبارة عن أنفسهم لأن أنفسهم بسبب قلة الإجزاء براهين واضحة على ربهم دون نفس الإنسان فيتعلق الكشف والإيضاح إلى عرفانهم وعلى الوجه الأول البرهان قوله تعالی: "سبح لله ما في السموات والأرض" [الحدید: 1].
وقوله تعالى : "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم" [الإسراء: 44] .
والتسبيح لا يكون إلا عن علم ويؤيده قوله


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
وما ذكر تعظيمها كما ذكر تعظيم الكبش. والذبيح، خليفة الله من أجل أن آدم و بنيه كل منهم يستحق الخلافة من حيث الانسانية .
وليس من غير نوع الانسان يكون خليفة في الأرض ثم ذكر في الأبيات أن الموجودات الجسمانية أشرفها في الرتبة الجماد وأشرف منه النبات.
وأشرف منه الحيوان . وأشرف من الحيوان الإنسان .
فكيف يكون المشروف الذي هو الحيوان بدلا من الإنسان في فدائه من الذبح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال رضي الله عنه :
ولا شكّ أنّ البدن أعظم قيمة    ..... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان
يريد رضي الله عنه أنّ قيمة البدن أعظم من الكبش بالضعف وأكثر ، رعاية لجانب الفقير ، ولهذا تجزي في الضحايا عن سبعة ، ولكن ليست البدن مخلوقة للاستسلام - كما مرّ - دون أمر ، فإنّ البدن تركب وتحلب وقد تذبح للقربان ، والغنم ليس إلَّا للذبح ، والحلب والنتاج تبع لذلك بخلاف البدن .
قال رضي الله عنه  :
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته   .... شخيص كبيش عن خليفة رحمان ؟ !
يحرّض رضي الله عنه على دراية هذا السرّ الذي استقصينا القول في بيانه ها هنا ، وقبله في شرح فصّ إبراهيم في الفهرست ، فانظر .
قال رضي الله عنه :
ألم تر أنّ الأمر فيه مرتّب .....   وفاء لإرباح ونقص لخسران ؟
يعني رضي الله عنه : أنّ الأقدار في قيم الأشياء مرتّبة ، فمن فدي نفسه في سبيل الله بذات غالية القيمة ، عالية المنزلة ، فهو أعلى وأغلى ، فمن يفدى بما دون ذلك فكان ينبغي أن يفدى بالبدن كما فدي والد رسول الله ، عبد الله بن عبد المطَّلب على ما عرف واشتهر ، ولكنّ السرّ ما ذكرنا.
قال رضي الله عنه :
فلا خلق أعلى من جماد وبعده ..... نبات على قدر يكون وأوزان
وذو الحسّ بعد النبت والكلّ عارف  ..... بخلَّاقه كشفا وإيضاح برهان
يريد رضي الله عنه : أنّ الكبش وإن نزل من كونه حيوانا على درجة الإنسان الكامل ، وينقص في الدلالة والمعرفة والمظهرية عن الكامل ، ولكنّه أعلى من الإنسان الحيوان ، لكون الكبش عارفا بخلَّاقه كشفا وبالذات والحقيقة ، لا بالفكر والعقل كالإنسان الحيوان .
فإنّ معرفة العارف من الإنسان الحيوان معرفة نظرية استدلاليّة وقد لا تطابق الواقع في نفس الأمر ، لإمكان وقوع خلاف نظره واستدلاله في نظر ذي نظر واستدلال آخر من وجه آخر ، بخلافه دلالة الحيوان ومعرفته الذاتية الفطرية التي فطره الله عليها ، إذ لا خلاف في ذلك أصلا ، لكونه فطر عليه.
فإن قلت : وكذلك الإنسان ، فطره الله على معرفته .
قلنا : نعم ، ولكنّ الإنسان الحيوان غيّر معرفته الفطرية ، وما زج بها وخلطها بتصرّفات فكرية ، وحركات إراديّة نفسية ، ومعنى قوله تعالى  : "فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها " .
أنّ المعنيّ بـ " الناس " الكمّل ، لا الإنسان الحيوان إلَّا من حيث ما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « كلّ مولود يولد على الفطرة - وبرواية - على فطرته ، فأبواه يهوّدانه ويمجّسانه وينصّرانه » الحديث .
وأعلى المخلوقات في هذا الكشف والمعرفة المعدن والجماد ، لكونه أبقى وأدوم على هذه المعرفة الذاتية الفطرية ، وليس فيه أصلا تغيّر عن جبلَّته الفطرية ما دام ذاته ،
والجماد كامل التأتّي والقبول الانقيادي الذاتي لكلّ ما تصرّف فيه متصرّف عليهم بمصارف تصريفه بلا تأبّ ولا تصرّف مخرج له عن كمال الانقياد والطاعة الذاتيّين لله فاطر السماوات والأرض وما بينهما .
فالجماد أتمّ في هذا النوع من المعرفة ، فإنّه تحقّق بالذات والمرتبة والوجود أن لا متصرّف إلَّا الله ، ولا تصرّف إلَّا لله ، فهو بالحقيقة والوجود والمرتبة مستسلم ، منقاد ، قابل ، مطوع لما أراد الله منه .
ودونه في المرتبة النبات النموّ ولكن تلك الحركة الطبيعية الفطرية بالنموّ تضاف إليه عرفا ، فيقال فيه : إنّه جسم نام ، فذلك نوع تصرّف طبيعي زاد على أصل الفطرة التي للجماد ، وبهذا تنقص معرفته عن معرفة الجماد .
وكذلك الحيوان ذو الحسّ والحركة الإرادية ، ينقص في المعرفة المذكورة عن النبات ، لزيادة تصرّف وحركة في الحيوان بحيوانيته ، فينقص بقدر ما زاد على الجماد الثابت على أصل المعرفة الفطرية ، وعلى النبات بل بالضعف .
ثم الإنسان الحيوان ينقص عن سائر الحيوان والنبات والجماد في هذه المعرفة النزيهة الفطرية الإلهية غير المتغيّرة بالآثار النفسية والتصرّفات العرضية غير الذاتية ، وفي الحيوان تحقّق بها الغنم ، فانظر كمال انقياده واستسلامه لأمر الله بالذبح فيه.
فإن لم تشهد ما يشهدك الله فآمن بما قال الصحابيّ عن بدن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين أمر النبيّ عليه السّلام بتقريبها لله قرابين : إنّها جعلت يزدلفن إليه بأيّهنّ يبدأ في قربانه .
فكن يا أخي ! إمّا من أرباب القلوب الذين يشهدون الله بقلوبهم ، ويشهدون الأمر على ما هو عليه الأمر في نفسه عند الله .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
( ولا شك أن البدن أعظم قيمة   .... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان )
عظيم القيمة مستحب في القربان ، تعظيما لوجه الله وزيادة في التجريد ، وتغليبا لمحبة الله على حب المال ورعاية لجانب الفقراء ، ولا شك أن البدن أعظم قيمة ، ولذلك تجزى بدنة في الضحايا عن سبعة ، وفد نزلت هاهنا عن الغنم لشدة المناسبة بينه وبين النفس المسلمة الفانية في الله الباذلة بروحها لوجه الله ، لسلامة نفسه واستسلامه للذبح والفناء في الإنسان ، فإنه خلق مستسلما للذبح فحسب ، بخلاف البدن فإن المقصود الأعظم منها الركوب وحمل الأثقال .
"" إضفة بالي زادة : ( البدن ) جمع بدنة بفتحتين : وهي ناقة أو بقرة تنحر بمكة ، وقد نزلت عن الكبش لأنه جعل فداء عن نبي دون البدن أهـ . بالى زاده""
وأما الحلب فتابع لكونهما مأكولين والنظم إلى المقصود الأعظم :
( فيا ليت شعري كيف ناب بذاته .....   شخيص كبيش عن خليقة رحمن )
تحريض على معرفة سر مناسبته للإنسان الفاني في الله،
"" إضفة بالي زادة : "كيف ناب " أي لا ينوب "بذاته عن خليفة رحمن " بل لمعنى زائد على ذاته جليل القدر عند الله ، كالذي كان في خليفة رحمن ، فيه كان نائبا عنه عليه السلام ، وهو إسحاق في كشف الشيخ قدس سره اهـ. بالى زاده ""
( ألم تدر أن الأمر فيه مرتب   .... وفاء لإرباح ونقص لخسران )
يعنى أن الأمر في الفداء مرتب ، فإن الفداء صورة الفناء في الله ، وأعظم الفداء فداء النفس في سبيل الله ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، حين تحقق بالفناء الكلى في الله « وددت أن أقاتل في سبيل الله فأقتل ، ثم أحيا ثم أقاتل فأقتل ، ثم أحيا ثم أقاتل فأقتل ، ثلاث مرات.
" وقال تعالى: إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ".
"" إضفة بالي زادة :  "مرتب" متناسب في الوصف لا في الذات والصورة، فلا ناب بذاته بل مع الوصف الشريف، لأنه أعظم انقيادا وتسليما للذبح عن غيره بل هذا الوصف أصل في الكبش، ففدى الشريف عن الشريف أهـ.
"لإرباح" بكسر الهمزة، أي لتجارة رابحة، فكانت تجارة إبراهيم وإسحاق الانقياد والتسليم رابحة مربحة، وربح التجارة الفداء عنهما وكانت تجارة الكبش، وهي انقياده وتسليمه للذبح رابحة ، وهي فداؤه عن خليفة رحمن "ونقص لخسران" أي ولو نقصا في الانقياد ما ربحت تجارتهما ، والإرباح مرتب على الوفاء والخسران على النقص أهـ. ""
فإن الفداء بالنفس صورة الفناء المطلق ، وهو وفاء بعهد التوحيد لإرباح هي الحق بالذات والصفات والأفعال ، كما قال في قرب الفرائض « من طلبنى فقد وجدني ، ومن وجدني فقد عرفني ، ومن عرفني فقد أحبني ومن أحبني فأنا قتلته ومن قتلته فعلى ديته ، ومن على ديته فأنا ديته » .
أو نقص كالفداء بالمال والصفات ، فإنه خسران بما بقي منه ، وقوله . وفاء خبر مبتدإ محذوف أي هو وفاء والضمير للأمر أو الفداء ، فذبح الكبش هو الوفاء لمناسبته للنفس المسلمة حق الإسلام ، المستسلمة للفناء كما ذكر ، فهو أنسب وأعلى من البدن ومن الحيوان الإنسان ، لقوة استسلامه للفناء وعدم تأبيه كما يأتي بعده ، أو الأمر في الحق مرتب وفاء بالفناء فيه بالذات لإرباح من البقاء به بالذات والصفات والأفعال ، ونقص بالظهور بالأنانية للخسران بالاحتجاب عن الحق.
فإن كل ما انقاد لأمر الله مطلقا ولم يظهر بالأنانية أصلا كالجماد كان أعلى رتبة من الموجودات لوجوده باللَّه وانقياده لأمره مطلقا وعدم ظهوره بنفسه وأنانيته، ثم النبات ثم الحيوان الأعجم من الآدمي ، ومن الحيوان كل ما هو أشد انقيادا لأمر الله كان أعلى.
فالكبش أعلى من البدن لزيادة انقياده واستسلامه، وأما تفدية عبد المطلب بالبدن، فللنظر إلى القيمة وشرف الصورة الإلهية، لقوله : " خلق آدم على صورته " وإلا فالباقي على فطرته من غير تصرف فكره ، وظهوره بنفسه وأنانيته كان أقرب إلى الحق ، لقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : 
( فلا خلق أعلى من جماد وبعده ......   نبات على قدر يكون وأوزان)
"" "فلا خلق أعلى من جماد " لقلة أجزائه فكان أقرب من المبدإ لقلة الوسائط ، وما كان أقرب فهو الأفضل من الأبعد ، "وإيضاح"  البرهان قوله تعالى : "سَبَّحَ لِلَّه ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ " إلخ فظهر من هذا أن كلهم أعلى من آدم من هذا الوجه ، وقد كان علمك أن آدم أفضل الخلق كيف ظهر خلاف علمك ، فاترك علمك واطلب علما نافعا يحصل عن كشف إلهي لا خلاف فيه ، وهو مقام الحيوانات والنباتات والجمادات اهـ.  ""
(وذو الحس بعد النبت والكل عارف  ..... بخلاقه كشفا وإيضاح برهان)
"" إضفة بالي زادة :  " والكل عارف بخلاقه " لعدم احتجابهم عن ربهم بسبب قلة الأجزاء والإمكانات في تركيب وجودهم " كشفا وإيضاح برهان " إذ الكشف عبارة عن رفع الحجاب ، فلا حجاب ولا رفع ، ولأن أنفسهم بقلة الأجزاء براهين واضحة على ربهم دون نفس الإنسان فيتعلق الكشف والبرهان إلى عرفانهم اهـ بالى . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
(ولا شك أن البدن أعظم قيمة  ...... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان)
أي، ولا شك أن البدن أعظم قيمة وأكثر هيبة من الكبش، لذلك صارت بدنةعوضا عن سبعة من الضحايا، وقد انحطت عن درجة الكبش في التقرب إلى الحق هنا. و (البدن) ، بضم الباء وسكون الدال، جمع (بدنة.)
(فياليت شعري كيف ناب بذاته    ...... شخيص كبيش عن خليفة رحمان)
ومعناه ظاهر. واعلم، أن غرض الشيخ رضي الله عنه في هذه الأبيات بيان سر التوحيد الظاهر في كل من الصور الوجودية، في صورة التعجب نفيا لزعم المحجوبين وإثباتا لقول الموحدين المحققين.
وذلك أن الوجود هو الظاهر في صورة الكبش، كما أنه هو الظاهر في صورة إسحاق، فما ناب إلا عن نفسه، وما فدى منها إلابنفسه الظاهرة في الصورة الكبشية، فحصلت المساواة في المفاداة.
(ألم تدر أن الأمر فيه مرتب   ..... وفاء لإرباح ونقص لخسران؟)
ضمير (فيه) عائد إلى (الفداء). وقوله: (وفاء ونقص) كل منهما خبر مبتدأ محذوف.
أي، أ لم تعلم أن الأمر، أو الشأن الإلهي، في الفداء مرتب، ليكون بين المفدى والمفدى عليه مناسبة في الشرف والخسة وباقي الصفات، فلا يفدى من الشريف بالخسيس، ولا بالعكس.
والإتيان بالفداء الذي هو صورة فداء النفس وفاء بالعهد الأزلي السابق "في عالم الذر"
(لإرباح)، بكسر الهمزة على صيغة المصدر. أي، لإكمال المستعد نفسه وغيره من المستعدين. يقال: هذه تجارة مربحة. أي، كاسبة للربح.
أو بفتح الهمزة، على صيغة الجمع. أي، للكمالات التي تحصل لمن يأتي بالفداء.
والأول أنسب لما بعده. وعدم الإتيان به نقص لخسران.
فإن من لم يف بالعهد السابق الأزلي لاحتجابه بالغواشي الظلمانية، إنما هو لنقص استعداده وخسران رأس ماله الذي هو العمر والاستعداد، لتضييع هما فيما هو فان.
وسر هذا المعنى وتحقيقه أن تعلم أن الوصول إلى الحق، سبحانه، للعبد لا يمكن مع بقاء أنانيته، لأنها توجب الإثنينية.
فلا بد من إفنائها. والإقرار الأزلي بربوبيته تعالى إنما يتم بعدم الإشراك، ذاتا ووجودا وصفة وفعلا.
فالسالك ما دام أنه لا يفنى ذاته وجميع ما يترتب عليها، لا يكون موفيا بعهده السابق.
فالحق، سبحانه،أرى إبراهيم ما أراه تكميلا له ولإبنه، إبتلاء لهما.
فإن ذبح ابنه الذي هو نفسه في الحقيقة إفناء لهما، فلما قصد بذبح ابنه واستسلم ابنه نفسه وانقاد، حصل الفناء المطلوب والوفاء بالعهد الأول منهما.
وفدى الحق، سبحانه،عنهما الذبح العظيم، لكونه في غاية الانقياد والاستسلام، دون غيره من الحيوانات.
ويجوز أن يعود ضمير (فيه) إلى (الحق) الذي هو الوجود.
أي، أ لم تعلم أن الأمر الإلهي في الوجود وتنزله وظهوره في المراتب كلها (مرتبا).
كما قال: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير).
وأن الله قد أحاط بكل شئ علما.
أو: والأمر في وجوده ونفسهمرتب مرعى التناسب: لا يفدى عن شريف بخسيس، ولا عن حقير بعظيم، فلا بد من التناسب بين الكبش وبين هذا النبي الكريم ذاتا وصفة.
فقوله: (ألم تدر) تنبيه للطالب على أن ينظر بنظر الحق، ويعلم أن المناسبة
الذاتية بينهما هي أن كلا منهما مظهر للذات الإلهية، والمناسبة الصفاتية تسليم كل منهما لما حكم الله عليهما، وانقيادهما لذلك طوعا.
فيتعين أن الظاهر في الصورة الكبشية هو الذي ظهر في الصورة الإسحاقية.
وتخصيص ظهوره بها في الفداء للمناسبة بينهما في الانقياد والتسليم.
(فلا خلق أعلى من جماد وبعده  ..... نبات على قدر يكون وأوزان)
ولما كان السر الوجودي ظاهرا في الكل والتفاوت والتفاضل إنما يقع في المراتب بين أن الأقرب إلى الحق أفضل من غيره، لقلة الوسائط بينه وبين المقام الجمعي الإلهي، ولعدم تضاعف الوجوه الإمكانية، لأن كل ما يتركب من أمور ممكنة، يتصف بإمكان الهيئة الاجتماعية الحاصلة له، وإمكانات أجزائه، فيتضاعف الإمكان.
وكل ما كثرة وجوه إمكاناته، يزداد بعدا من الواجب لذاته.
لذلك قال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين).
فكما أنه بحسب التجرد عن خواص الممكنات و أداء الأمانات المأخوذة منها عند نزوله من كل مقام ومرتبة من عالم الغيب إلى عالم الشهادة بترك التعشق إليها والإعراض عنها، يتنزه عن وجوه الإمكانات ونقائصها، فيظهر له الوجوب الذاتي الذي كان له بحسب الذات الإلهية وكمالاته الذاتية فيكون في أعلا عليين مرتبة.
كذلك الواقف في مقامه السفلى البشرى متعشقا إلى كل ما حصل له عند النزول يكون في (أسفل سافلين).
ولا شك أن البسائط أقرب من المركبات إلى الحق، ثم المعادن، وهو المراد بالجماد، ثم النبات، ثم الحيوان.
ولما كان كل منها مظهرا للذات التي هي منبع جميع الكمالات، كان الكل موصوفا بالعلم بربه كاشفا لما يتعلق بمراتبهم بأرواحهم في الباطن وإن لم يظهر ذلك منهم، لعدم الاعتدال الموجب لظهور ذلك، كما يظهر من الإنسان.
وقوله: (على قدر يكون وأوزان) أي، على منزلة ومرتبة يكون للنبات عند الله.
و (الوزن) هو القدر والمرتبة. يقال: فلان لا وزن له عند الملك.
أي،لا قدر له ولا قيمة عنده
(وذو الحس بعد النبت فالكل عارف ...... بخلاقه كشفا وإيضاح برهان)
أي، الأقرب من الله بعد البسائط والمعادن والنبات، الحيوان، لذلك أعطى الله له
جميع ما يحتاج إليه، كما قال تعالى: (أعطى كل شئ خلقه ثم هدى).
ولا ترقى له إلى غير ما تعين له من الكمال. ولما كان جميع الموجودات حيا عالما بربه عند أهل الكشف والشهود قال: (فالكل عارف بخلاقه).
وقوله: (كشفا) أي، الكل يعرفون ربهم بالكشف الصحيح الحاصل لروحانيتهم عند الفطرة الأولى. أو:
نحن علمناه كشفا، ولما كان الكشف حجة لصاحبه دون غيره، قال: (وإيضاح برهان).
أي، علمناه برهانا صريحا أيضا.
والمراد بـ (البرهان) ما يعطيه العقل المنور والشرع المطهر من الأدلة:
منها قوله: (سبح لله ما في السماوات ومافي الأرض).
وقوله: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم).
و (التسبيح) لا يكون إلا بعد المعرفة بأن له ربا يربه صاحب كمالات منزها عن النقائص الكونية. فنبه بعرفانهم وبعدم عرفان الثقلين، لأن الخطاب للأمة وهو، صلى الله عليه وسلم، مبعوث إليهما، فالجن أيضا داخل في قوله:
(ولكن لا تفقهون تسبيحهم). وأيضا الجن لا مدخل لهم في غيوب الموجودات احتجابها عن الحقائق، كما قال: (فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). ومنها ما رواه البخاري عن أبى سعيد الخدري، قال:
(كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة، قالت: قدموني، قدموني.
وإن كانتغير صالحة، قالت لأهلها: يا ويلها، إلى أين تذهبون بها.
يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق).
وروى الترمذي عن أبى أمامة: (أن رسول الله قال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم).
ثم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض،حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في الماء، ليصلون على معلم الناس).
وروى أبو داود والترمذي في باب فضيلة العلم عن أبى الدرداء في حديث طويل:
(وأن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء).
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه  قال: (قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يلبى إلا لبى من عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى ينقطع
الأرض من هاهنا وهاهنا). لذلك كانت البدن التي جعلها النبي،
عليه السلام، قربانا يزدلف كل منها إليه، صلى الله عليه وسلم، ليكون أول ما يتقرب به بين يديه. والعقل وإن كان محجوبا عن هذا الطور، لكنه إذا تنور بالنور الإلهي وعرف سريان وجوده في جميع الموجودات، يعلم أن لكل منها نفسا ناطقة عالمة سامعة، هي نصيبه من العالم الملكوتي، كما قال تعالى: (بيده ملكوت كل شئ).
وبحسب كثرة وجوده الإمكانات تبعد عن الحق وتغفل عن عالمه النوري، فتحجب ويحصل لها الرين. وبحسب قلتها تقرب منه ويستفيض منه الكمالات وتتنور بأنواره.
ولا شك أن البسائط أقرب إليه من المركبات، ثم المعادن،ثم النبات، ثم الحيوان.
فيصح عنده أيضا أن الكل عارف بالله منقاد لديه مطلع لما يفيض عليه وتمر منه على ما دونه.

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:55 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 3:21 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه :  "ولا شك أن البدن أعظم قيمة ... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان . فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ... شخيص كبيش عن خليفة رحمان . ألم تدر أن الأمر فيه مرتب ... وفاء لإرباح ونقص لخسران؟ . فلا خلق أعلى من جماد وبعده ... نبات على قدر يكون وأوزان . وذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا وإيضاح برهان"
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولا شك أن البدن أعظم قيمة وقد نزلت) يعني: في حق إسحاق عليه السلام، بل في حق الكل عن بع بدنة أو بقرة، (عن ذبح كبش لقربان) قيد بذلك؛ لأنها أعظم في باب الدية.
ثم ازداد تجاهلا، فقال: (يا ليت شعري كيف ناب بذاته) أي: ليس فيه من الصفات الجليلة ما يجعله صالحا لهذا المعنى.
(شخيص كبش) أي: شخص واحد حقير من هذا النوع الحقير في نظر الخلق، (عن خليفة رحمن) أي: النبي الكامل، مظهر الاسم الجامع الأكثر الأسماء. .
ثم زاد في التعجب بأن الفداء يجب أن يكون أعلى من المفدى عنه رتبة أو غبطة، فقال: (ألم تدر أن الأمر فيه) أي: الفداء (مرتب) أي: يكون الفداء ذا رتبة علية؛ لأنه (وفاء) من الفادي (لأرباح) أي: أرباح الأخذ (ونقص) أي: نقي وإسقاط من الفادي (لخسران)"أي خسران ذلك الكسب" يلحق الأخذ.
وقد قال تعالى:  "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" [البقرة:267].

ثم أشار إلى ما صلح به الكبش للفداء، وهو أن الإنسان، وإن كان مظهرا جامعا إلهيا، فقد كثرت فيه الوجوه الإمكانية الحاجبة عن الله تعالى، فقد عارض فيه موجب البعد موجب القرب، وأما ما عداه ممن قلت فيه الأمور الإمكانية فهو أعلى من وجه، لكنه إن كثرت فيه الأمور الوجوبية صلح لفداء الإنسان الكامل وإلا فلا.

قال: (فلا شيء أعلى من جماد) لقلة الأمور الإمكانية؛ لكن قلت فيه الوجوه الوجوبية أيضا فلم يصلح للفداء، (وبعده نبات) لما زاد فيه من الأمور الإمكانية القوة المغذية والنامية والمولدة، فلم تظهر فيه زيادة الأمور الوجوبية، فلم يصلح للفداء على قدر (يكون وأوزان) يزداد بعده بقدر زيادة هذه القوى، وينقص بقدر نقصها، على أن منها ما يقرب من الحيوان كالنحلة، فيكون قريبا منه في البعد.

(وذو الحس) أي: الحيوان صاحب الحواس، (بعد النبت) لما زاد فيه بعد القوى النباتية الحواس العشر أو أقل، والقوى المحركة وهي وإن كانت من الأمور الممكنة لكنها لما كانت من أسباب العلوم أشبهت الأمور الوجوبية، فصلح بها الحيوان للفداء، فما كان منه أكثر مناسبة للإنسان الكامل كالكبش صالح لفدائه، وذلك من حيث خلوه عن الأخلاق الذميمة بخلاف سائر الحيوانات.
ثم استشعر سؤالا بأن العلو إنما يكون للمعرفة التي خلق العالم لأجلها، وليست في هذه الأشياء، فأجاب بقوله: (والكل عارف بخلاقه) علمنا ذلك منها (کشفا) لما يفعل من أفعال ذوى الشعور، (وإيضاح برهان)، وهو النص الإلهي الدال على أن الكل يسبح بحمد ربه، ولا يتأتى بدون معرفته.

وقد ورد في الحديث: "لا يسمع صوت المؤذن حجر، ولا شجر، إلا شهد له يوم القيامة" .رواه ابن حبان والبيهقي في «الشعب» والطبراني في الكبير.
وروي: "أنه عليه السلام  لما أخذ بذبح البدن جعلن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ".رواه أحمد في المسند وأبو داود  والبيهقي في السنن الکبری.
ثم أشار إلى ما في الإنسان من الأمور الإمكانية بقوله:


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه :
( ولا شكّ أنّ البدن أعظم قيمة  .... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان )
فيه تعريض بما ذهب إليه أهل الظاهر من استحباب غلوّ القيمة في القرابين .
( فيا ليت شعري كيف ناب بذاته  .... شخيص كبيش عن خليفة رحمان )
ووجه تقريب هذا الكلام هاهنا أنّ إسحاق لما كان صورة سرّ إبراهيم ، الذي هو أوّل من تحقّق بالهويّة الجمعيّة والوحدة الذاتيّة التي انطوى فيها أمر التقابل والتغاير ، واقتضى ظهور كلّ من المتقابلين في عين الآخر كما نبّهت عليه كذلك سائر ما يترتّب عليه في أفعاله ، من رؤياه القربان وفدائه فإنّ الكمال في ذلك قد ظهر في مقابله أيضا - أعني الجماد الذي هو أنقص ما في الوجود - لعدم خروج ما في قوّة القابليّة فيه من الصفات الوجوديّة - كالحياة والعلم وما يتبعهما - فهذه الحكمة حاكمة بعلوّ الجماد وكماله ، بناء على الأصل الممهّد من ظهور كلّ من المتقابلين في عين الآخر .
"" إضافة المحقق : قال القاشاني : فإن كل ما انقاد لأمر اللَّه مطلقا ولم يظهر بالأنانية أصلا - كالجماد - كان أعلى رتبة من الموجودات ، لوجوده باللَّه وانقياده لأمره مطلقا وعدم ظهوره بنفسه وأنانيته .أهـ. ""
ثمّ إنّ الحيوان كلَّما كان أقرب إلى الجماد كان أعلى و أكمل ، وليس فيه ما يقرب إليه قرب الكبش ، فلذلك صار فداء.
وإلى ذلك أشار بقوله :( ألم تدر أن الأمر فيه مرتّب  .... وفاء لإرباح ونقص لخسران )
أي الأمر في الفداء مرتّب ، فإنّ منه ما له كمال ووفاء بمقتضى القابليّة الأولى ، فيترتّب عليه الربح في الوجود بصونه عن الانغماس في القيود الكونيّة وبقائه على شرفه الأصلي ومنه ما له نقص بمقتضى القابليّة المذكورة ، فيترتّب عليه الخسران ، بتراكم الحجب الكونيّة على وجوده ، وتلاشي أحكام القدس فيه وذلك لأنّ مقتضى تلك القابليّة إنّما هو الإطلاق الحقيقي الذي لا يشوبه أمر من القيود ، ولا يغشيه حجاب من الأكوان - نسبة كانت أو صفة أو فعلا - فعلوّ المراتب في التنزّلات الإمكانيّة بقدر عروّها عن تلك الحجب .
( فلا خلق أعلى من جماد ) لعروّ ماهيّته عن انتساب فعل إليه لنفسه .
( وبعده نبات ) - لعروّه عن انتساب حسّ وفعل اختياري إليه ، ( على قدر يكون ) ذلك النبات عليه ( وأوزان ) يستقرّ مزاجه في ميزان الاعتدال إليه ، فإنّ عرض النبات ممتدّ من الجماد إلى الحيوان - كما سبق القول فيه - .
( وذو الحسّ بعد النبت والكل عارف  ..... بخلَّاقه كشفا وإيضاح برهان )
ضرورة امتناع تخلَّف لوازم الوجود وبيّنات خواصّه عنه في مراتب تنزّلاته ، بما اعتورت عليها من الحجب الإمكانيّة والغواشي الخارجيّة الهيولانيّة ، فالبرهان له مجرّد إيضاح الأمر هاهنا للمسترشد الخبير لا أن يوصله إليه ولذلك قلَّما يهتدي أحد منهم به إليه.
ولا يذهب على المتفطَّن هاهنا أنّه كلَّما كان أعلى فهو أعرف - على ما توهّمه البعض .
"" يشير المؤلف لما قاله بعض الشارحين – كالقاشاني ومؤيد الدين الجندي قال: " وأعلى المخلوقات في هذا الكشف والمعرفة المعدن والجماد.أهـ ""
فإنّ العلوّ والشرف بحسب القرب للإطلاق الذاتي وقدسها ، وأمّا العرفان فبحسب التنزّل في المراتب ، واستجماع خصوصيّاتها ، فكلَّما كان أنزل ، فهو أكمل وأعرف ، كما أنّه كلَّما كان أعلى ، كان أقدس وأشرف ، وقد سلف لك في الفصّ الآدمي ما يفيد زيادة تحقيق لهذا الكلام .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و لا شك أن البدن أعظم قيمة  ... و قد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ...   شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب  … وفاء لإرباح و نقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد و بعده ... نبات على قدر يكون و أوزان
و ذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا و إيضاح برهان )
قال الشيخ رضي الله عنه :
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ... شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب ... وفاء لإرباح ونقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد وبعده ... نبات على قدر يكون وأوزان)
قال الشيخ رضي الله عنه :
(فيا ليت شعري كيف نابت بذاته شخيص إلى كبش) ، إنما صغره مع وصفه بالعظم إشارة إلى حقارته بالنسبة إلى المندي عنه الذي عبر عنه بقوله : (عن خليقة رحمن) يعني إسحاق عليه السلام.
ولما استغرب رضي الله عنه في الأبيات السابقة جعله فداء لنبي رفيع القدر لعدم المناسبة بينهما أراد أن يدفع ذلك الاستغراب فقال : (ألم تدر أن الأمر، أي أمر الوجود فيه)، أي في ذلك الأمر (مرتب)، أي واقع علی ترتیب خاص (وفاء)، أي كمال وتمامية لبعض الأمور الموجودة (لأرباح) : أي لأجل كسب ربح الشرف فإن الأرباح بكسر الهمزة كسب الريح يقال : تجارة مربحة، أي كاسبة الربح (ونقض) و عدم تمامية لبعض آخر منها (بخسران) ، أي بخسران ذلك الكسب.
والحاصل أن بين الموجودات تفاوتا في الشرف والخسة فقوله : مرتب، خبر أن وقوله : وفاء مع ما عطف عليه فاعل له أو هو مبتدأ و مرتب خبره.
والجملة خبر و تقول : معناه أن أمر الشرف والخسة فيه ، أي في الكبش مرتب، أي واقع في مرتبة خاصة فيها وفاء وتمامية لكسب ربح انشر في بالنسبة إلى بعض وهو الأناسي الحيوانيون، وعدم تمامية بخسران ذلك الكسب بالنسبة إلى بعض آخر وهو النبات والجماد فإنهما أشرف من الحيوان الذي من جملته الكبش.
ثم شرع رضي الله عنه في بيان مرتبته بقوله : (فلا خلق) من المولدات (أعلى من جماد)، فإنها بأسرها مفطورة على معرفة الله كشف و شهودة بحسب الذات، وأعلاها في هذه المعرفة الذاتية الفطرية الجماد.
فإنه ليس فيه تغير أصلا عن فطرته الأصلية يدل على ذلك كمال انقياده الله تعالى وثباته تحت تصرفاته (وبعده)، أي بعد الجماد و دونه (نبات على قدر) منوع .
(يكون) بحسب نوعه لظهور قوة النمو فيه (وأوزان)، أي أقدار معينة بتعيين صنفي أو شخصي بحسب أصنافه وأشخاصة في أن الوزن أيضا هو القدر والمرتبة.
يقال : فلان لا وزن له عند السلطان، أي لا قدر له ولا قيمة عنده، وإنما كان النبات بعد الجماد و دونه ، لأنه زاد فيه على أصل الفطرة الجمادية النمو، وذلك نوع نصرف طبيعي يضاف إليه ، فبقدر هذا التصرف والإضافة تنص معرفته من معرفة الجماد، فإنه إذا كان صاحب معرفة وشهود ولا يبعد أن يصير شنود هذا التصرف والإضافة حجابا على شهوده الحق تعالى
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا وإيضاح برهان
(وذو الحس) يعني الحيوان (بعد النبت)، ودونه لزيادة الحس والحركة الإرادية فيه وإضافتهما إليه فبقدرهما تنقص معرفه الما عرفت في النبات
(والكل) ، أي كل من الجماد والنبات والحيوان (عارف بخلاقه )وموجده (كشفا)، أي معرفة كشف (وإيضاح برهان) كشفي لا برهان فطري فإن ذلك من خواص الإنسان .
وحمل الكلام على أن كون الكل عارفا بخلافه؟ معلوم لنا «كشفا و إيضاح برهان» لا يلائم البيت الآتي أعني قوئه : (وأما المسمى آدم) الذي ليس له من الآدمية إلا اسم وهو الإنسان الحيوان (فمقید بعقل وفكر) مشوب بالوهم إن كان من أهل النقر
.



عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:56 عدل 4 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 16:52 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
(و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان  ... بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان  ....فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان .... و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان ... هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
قال الشيخ رضي الله عنه:  (وأما المسمی آدما) وهو النوع الإنساني (فمقيد) في معرفته بالله تعالى (بعقل وفكر أو) مقید بحكم (قلادة)، أي تقليد (إيمان) فصاحب العقل والفكر صاحب نظر ودليل وبرهان.
والآخر المقلد صاحب التسليم والإذعان، وكلاهما في المعرفة دون الجماد والنبات والحيوان. ولهذا تحرك طبعا وعقلا وحسا، فهو يعمل بطبعه وعقله وحسه بأمر الله تعالى.
وخليفة الله تعالى وهو الإنسان الكامل ليس مقيدة بالعقل والفكر ولا بالتقليد في الإيمان وإنما هو صاحب كشف وذوق وشهود. فمعرفته بالله تعالی كمعرفة الجماد والنبات والحيوان.
فلهذا فداه الله تعالى بالحيوان للمشاركة في المعرفة الذوقية الشهودية الفطرية، وقد شرف الله تعالى الخليفة بعلوم ترقى فيها عن المعرفة الفطرية الذوقية وخصه بمراتب في العرفان لا تكون في غيره.
فتكون حكمة الفداء للخليفة بالكبش تنبيها على وجود بعض المعادلة والمشابهة بين الإنسان الكامل والحيوان من جهة المعرفة الكشفية، وبيان أن الكشف ليس مخصوصا بالإنسان الكامل بل هو في غيره من عوالم الله تعالى أيضا.
(بذا)، أي يكون الكل من الجماد والنبات والحيوان عارفا بخلافه على وجه الكشف والمشاهدة، والإنسان معرفته بالعقل والفكر والتقليد والإذعان، فإذا كان صاحب كشف ومشاهدة كان خارجا عن مقتضى خلقته وطبيعته، بخلاف العوالم الثلاثة، فإنهم فطروا على ذلك.
وإذا كان كذلك فليس من العجيب أن ينوب الكبش عن الخليفة في الخروج من غم الحياة الدنيا إلى فرج الآخرة ونعيمها الدائم؛ ولهذا ورد أن هذا الكبش يكون في الجنة ولا يموت في الآخرة؛ فلهذا كان كبشا عظيما ذكره الله تعالى في القرآن واستعظمه .
(قال سهل) بن عبد الله التستري (والمحقق) الإمام أبو يزيد طيفور البسطامي رضي الله عنهما أو كل محقق (مثلنا)، أي مثل قولنا الذي قلناه (لأنا) نحن (وإياهم) وجمعهم لإرادة كل محقق أو لأن الجمع أقله اثنان عند قوم (بمنزلة إحسان).
أي في مقام الإحسان الذي هو: أن تعبد الله كأنك تراه كما ورد الحديث ؛ فلهذا كان قول الكل واحدة وهم متفقون على شيء واحد لأنهم في مقام الإحسان وحضرة الكشف والعيان.
(فمن شهد)، أي كشف بذوقه (الأمر الذي قد شهدته) من جميع ما ذكر فإنه (يقول بقولي) المذكور (في خفاء)، أي سر من نفسه وقومه (و) في (إعلان) من قومه إن أمكن ذلك (ولا تلتفت) يا أيها السالك (قوة)، أي إلى قول (يخالف قولنا)، المذكور من أقوال علماء الحجاب القانعين بالقشور دون اللباب، الواقفين في بيوت عاداتهم وطبائعهم الذين لم يفتح لهم الباب.
(ولا تبذر) من البذر بالفتح وهو إلقاء الحب في الأرض وبالكسر هو الحب نفسه (السمراء) وهي الحنطة (في أرض عميان) جمع أعمى وهو من لم يبصر.
وأرض العميان إما على حقيقتها، فلأنهم لا يرونها إذا نبتت، فلا يقدرون على حصادها والانتفاع بها، والمراد بأرضهم نفوسهم، وبالحنطة الحكمة الإلهية الكشفية الذوقية ، أي لا تظهروها لهم وتضيعوها فيهم، فإنهم لا يرونها ولا يعرفونها فيضيعونها.
وتنقلب بسبب قبيح أوانيهم إلى ضدها، وبما هي فيه من النور والإشراق يتضررون بها ولا ينتفعون كما ورد: «لا تضعوا الحكمة في غير أهلها ولا تمنعوها عن أهلها فتظلموهم». ورواه المناوي في فتح القدير
(هم)، أي العميان المذكورون . (الصم) جمع أصم يعني الذين لا يسمعون الحق ويسمعون الباطل . (والبكم) جمع أبكم يعني الذين لا يتكلمون بالحق ويتكلمون بالباطل. والحق هو الله ، والباطل ما سواه كما قال عليه السلام أصدق كلمة قالها الشاعر، قول لبيد: «ألا كل شيء ما خلا الله باطل»(3) رواه البخاري و مسلم .
(الذين) نعت للصم والبكم (أتی)، أي جاء (بهم)، أي بأوصافهم أو بذكرهم (لأسماعنا)، أي حتى تسمع ذلك (المعصوم) فاعل أتى وهو النبي صلى الله عليه وسلم  لحفظ عن الخطأ في أقواله وأفعاله (في نص)، أي عبارة (قرآن) وذلك قوله تعالى: "و إن شر الاوات عند الله الله البكم الذين لا يعقلون " [الأنفال: 22] الآية.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما المسمى آدم نمقيد بعقل وفكر) إن كان من أهل النظر (او قلادة إيمان) إن كان من المؤمنين فمقيد بالإيمان التقليدي لكثرة قيودهم واجزائهم فكانوا محجوبين عن ربهم فلم يصل إلى درجتهم إلا بالكشف فكان كلهم أعلى من آدم عليه السلام من هذا الوجه .
وقد كان علمك على أن آدم عليه السلام أفضل الخلق كيف ظهر خلاف علمك فاترك علمك واطلب العلم النافع الذي يحصل عن كشف إلهي لا خلاف فيه وهو مقام الحيوانات والنباتات والجمادات.
(بنا) أي بما قلت (قال سهل) وهو من كبار الأولياء وقال (المحقق مثلنا) فإن علم المحققين يحصل عن كشف إلهي فلا يقبل الاختلاف والاختلاف لا يكون إلا في العلم الاجتهادي.
لذلك قال : مثلنا إذ كلهم واحد في الاطلاع على حقيقة الأمر .
وإليه أشار بقوله: (لأنا وإياهم بمنزل إحسان) بمقام المشاهدة والعيان
(فمن شهد الأمر الذي قد شهدته يقول بفولي في خفاء وإعلان) أن يتكلم قولي في أي حال كان لأن ما شهدته مطابق بنص قرآن.
(ولا تلتفت قولا يخالف قولنا) وهو قول بعض أهل النظر (ولا تبذر السمراء في ارض عميان) أي لا تقل قولي لمن كان أعمى قلبه .
وهو قوله تعالى : "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" [الحج: 46] .
فإنه لا تنبت المعارف الإلهية في أرضهم (هم) أي العميان (الصم والبكم الذين أني بهم لإسماعنا المعصوم) فاعل أتى المعصوم وهو محمد عليه السلام.
(في نص قرآن) وهو قوله تعالى : "صم بكم عمي فهم لا يعقلون" [البقرة: 171] .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
وأقول: إن ذلك سهل وهو فداء الأشرف بالأدنى ولا يلزم أن يكون الفداء بالكفؤ.
ثم ذكر أن آدم وبنيه مقيدون بالعقل أو بالتصديق ونقل الشيخ عن سهل التستري في ذلك نقلا
وقال: لا يلتفت إلى المخالف وهم الذين قيل فيهم: "صم بكم عمى فهم لا يرجعون" (البقرة: 18) كما ورد على لسان المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
فإن لم تشهد ما يشهدك الله فآمن بما قال الصحابيّ عن بدن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين أمر النبيّ عليه السّلام بتقريبها لله قرابين : إنّها جعلت يزدلفن إليه بأيّهنّ يبدأ في قربانه .
فكن يا أخي ! إمّا من أرباب القلوب الذين يشهدون الله بقلوبهم ، ويشهدون الأمر على ما هو عليه الأمر في نفسه عند الله .
أو ألق السمع وأنت شهيد ، تحظ بدرجة الإيمان .
إن لم ترق إلى ذروة فلك الإحسان ، وهو العلم والشهود والكشف والعيان ، التي أوتيها الإنسان أعني الكامل فقام بمظهريته الجامعة الكاملة لله .
وعرفه حقّ المعرفة حين قصر عن ذلك الإنسان الحيوان وسائر المخلوقات في الأرضين والسماوات ، ومن المبدعات جميع الروحانيات السفليات والعلويات ، ولكنّ الإنسان الحيوان تصرّف في فطرته الظاهرة ، وأحدث أحكاما بعقله ووهمه ، أو بموجب حدسه وظنّه وفهمه في زعمه ومبلغ علمه وإيمانه ، وكشفه مقيّدا لمطلق ، وحصره في مقتضى مدركه وموجب
فكره وعقله ، وجرمه بجرمه في حكمه فكان من " بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ".
فلهم الفرض والتقدير والحسبان ، ولنا بحمد الله التحقيق والإيمان ، والكشف والعيان ، والشهود والإيقان ، والعلم والبيان ، والحمد لله وليّ الإحسان .
قال رضي الله عنه :
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته     ..... يقول بقولي في خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا يخالف قولنا        ...... ولا تبذر السمراء في أرض عميان
هم الصمّ والبكم الذين أتى بهم     ...... لأسماعنا المعصوم في نصّ قرآن
يعني رضي الله عنه : من شهد الحقّ متعيّنا في الأعيان الوجودية ، عرف أنّ دلالاتها على الحق ذاتية فطرية ، وعلومها بموجدها بموجب وجودها وفطرها لا بموجب فكرها ونظرها ، وهذا العلم هو المعتبر عند معتبرها ، ومن لم يشهدها كذلك ، فقد شهد حجابيّات الأشياء ، ولم ير الحق الموجود المشهود ، فعمي عن الحق ، فإذا أخبر بخلاف مدركه ، لم يسمع فهو الأصمّ ، وليس له أن ينطق بالحق عن الحق ، فهو أبكم ، ولذلك نفى الله عن المحجوبين السمع والبصر والعقل والبيان والنطق منفيّا عندهم وهو شهود وجه الحق في كل مشهود ، والسماع عن الحق في كل نطق وناطق ، والنطق بالحق كذلك ، فـ " لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها " فافهم .
قال رضي الله عنه : اعلم أيّدنا الله وإيّاك أنّ إبراهيم الخليل عليه السّلام قال لابنه :
" إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ "  والمنام حضرة الخيال فلم يعبّرها ، وكان كبشا ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام ، فصدّق إبراهيم الرؤيا ، ففداه ربّه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله وهو لا يشعر ، فالتجلَّي الصوري في حضرة الخيال يحتاج  إلى علم آخر به يدرك ما أراد الله بتلك الصورة .
ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبيره الرؤيا : « أصبت بعضا وأخطأت بعضا » .  فسأله أبو بكر أن يعرّفه ما أصاب فيه وما أخطأ ، فلم يفعل صلى الله عليه وسلم .
قال العبد : حضرة المثال وحضرة الخيال حضرة تجسّد المعاني والحقائق والأرواح والأنفس وحقائق الصور والأشكال والهيئات الاجتماعية ، فمن رأى صورة أو شكلا أو هيئة ولم يعبّرها ولم يؤولها إلى ما يؤول إليه أمر ذلك الشكل أو الصورة والهيئة التي رأى في الرؤيا ، فقد صدّق الرؤيا .
ومن عبّرها صدق في الرؤيا حيث أعطى الحضرة حقّها فعبّرها ، فلو عبّر إبراهيم رؤياه صدق أنّ الذبح هو الكبش ولم يكذب الذبح الواقع بابنه ، ولكن كان كبشا ظهر في صورة ابنه ، فصدّقها ، فأراد إيقاع الذبح بابنه فما صدق ، أي لم يقع ، وسنذكر سبب ذلك .
قال رضي الله عنه : وقال الله لإبراهيم حين ناداه : " أَنْ يا إِبْراهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ".
وما قال له : قد صدقت في الرؤيا أنّه ابنك ، لأنّه ما عبّرها ، بل أخذ بظاهر ما رأى ، والرؤيا تطلب التعبير   .
يعني رضي الله عنه : صدّقت تجسّد الذبح بصورة ابنك ، وليس كذلك ، فإنّ الرؤيا تطلب التعبير والتفسير .
قال رضي الله عنه : ولذلك قال العزيز : " إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ " ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر ، فكان البقر سنين في المحل والخصب  .
يعني : كانت البقرة العجاف سبع سنين في المحل ، والسمان في الخصب .
فلو صدق في الرؤيا ، لذبح ابنه ، وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلَّا الذبح العظيم في صورة ولده ، ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السّلام ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ، فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخيال ابن إبراهيم عليه السّلام   .
يعني : أنّ إبراهيم لمّا صدق في حقيقة إيمانه بالله وإسلامه له ، عوّده الله بتجسيد الوحي والأمور له على صورة ما كان يرى في منامه ، فكان عليه السّلام يرى رؤيا غير هذا المشهد ، فيقع في الحسّ رؤياه على صورة ما كان يرى عليه السّلام من غير تعبير يحوج إلى تفسير وتأويل وتعبير ، فصدّق بحكم ما اعتاد هذه الرؤيا أيضا على صورة ما رأى من غير تعبير ، وكان الله قد ابتلاه في ذلك بلاء حسنا ، أي اختبره ، بمعنى أعطاه الخبرة ، فإنّ الله كان خبيرا خبرة مبيّنة ، جلية الأمر ومبيّنة عن كشفه مقتضى الوهم والخيال بالفكر .
فلمّا ظهر صدق إيمانه وصدقه في إسلامه وإسلام ابنه في تصديق رؤيا أظهرها الله له ، وأبان صدق ما رأى ، ففداه بذبح عظيم ، فعلم إبراهيم عليه السّلام أنّ الذي رآه في نومه على صورة ابنه كان الذبح العظيم لا ابنه ، لأنّه ذبح ما رأى في المنام ، فلمّا كذب صورة الذبح الذي رآه ، فلم يقدر على ذبح ابنه ، حقّق الله له صورة الذبح ، وصدّق إبراهيم ففداه بالذبح العظيم ، ووقع به صورة الذبح ، فعلم عليه السّلام عند ذلك أنّ ما رأى كان كبشا في صورة ابنه ، لمناسبة ذكرنا ، فتذكَّر .
قال رضي الله عنه : "فلو رأى الكبش في الخيال ، لعبّره بابنه أو بأمر آخر" .
يعني رضي الله عنه : كما عبّر الحق له رؤياه بما فداه بالذبح ، فكذلك لو رأى أمرا في صورة الذبح ، لعبّره بذلك الأمر وهو إسلامه أو بابنه أنّه صورة إسلامه ، لكون الولد سرّ أبيه .
قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " آيه 37 سورة الصافات . أي الاختبار الظاهر ، يعني الاختبار في العلم : هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا ؟
لأنّه يعلم أنّ موطن  الرؤيا يطلب التعبير ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤيا لهذا السبب .
كما فعل تقيّ بن مخلَّد ، الإمام صاحب المسند ، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنّه عليه السّلام قال : « من رآني في المنام ، فقد رآني في اليقظة ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل على صورتي » فرآه تقيّ بن مخلَّد وسقاه النبيّ صلَّى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدّق تقيّ بن مخلَّد رؤياه ، فاستقى ، فقاء لبنا ، ولو عبّر رؤياه ، لكان ذلك اللبن علما ، فحرمه الله العلم الكثير على قدر ما شرب .
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن قال : « فشربته حتى خرج الرّيّ من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر . قيل : ما أوّلته يا رسول الله ؟
قال : « العلم » وما تركه لبنا على صورة ما رآه ، لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضي من التعبير"   .
قال العبد : اعلم أنّ الأمور المغيبة عن العبد إذا أراد الله أن يطلع العبد عليها ويشهده ما شاء منها قبل الوقوع ، فإنّه تعالى يمثّل له ذلك في منامه في صورة مناسبة لذلك الأمر في المعنى ، كظهور العلم الفطري في صورة اللبن ، لكون اللبن غذاء لصورته الجسدية من أوّل الفطرة ، كالعلم الذي هو غذاء روح المؤمن من أوّل فطرة الروح .
وكذلك الماء والعسل والخمر صور علم الوحي والإلقاء والحال ، إذا جسد الله لعبده هذه الحقائق على هذه الصور ، فينبغي أن يكون صاحب كشف الصور الذي يجسّد الله ويمثّل له المعاني والأمور الغيبية صورا مثالية وأمثلة جسدية محسوسة من الله على علم آخر من الكشف المعنوي يكشف عن وجه ذلك المعنى المعنيّ له قناع الصور والأمثلة الإلهية ، وهو كشف عال ، وعلم شريف ، يؤتيه الله من شاء من عباده المصطفين المعتنين ، ليس علم التعبير الذي يأخذونه من كتب التعبير ، وذلك أيضا بالنسبة إلى أوّل معبّر علَّمه الله تأويله كرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويوسف الصدّيق عليه السّلام وابن سيرين ومعبّر قرطبة في هذه الأمّة وغيره ممّن وجد العلم من عند الله ، وأخذه منه من مشايخ الصوفية والمحقّقين منّا .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
(وأما المسمى آدما فمقيد   ...... بعقل وفكر أو قلادة إيمان )
"" إضفة بالي زادة : ( فمقيد بعقل وفكر ) مشوب بالوهم إن كان من أهل النظر ( أو قلادة إيمان ) إن كان من أهل التقليد الإيماني ، فتنقص معرفته عن سائر الحيوانات لزيادة الآثار النفسية ، فظهر من هذا أن الكبش إن كان أدنى وأخس من النبات والجماد ، لكنه أعلى وأشرف من الأناسى الحيوانيين ، فبهذا العلو والشرف يستأهل أن يكون فداء لإنسان شريف اهـ جامى.""
قال الشيخ القاشاني : يريد أن الكشف والشهود المراد بإيضاح البرهان يحكمان أن الحق متجل في كل شيء وسار بأحديته في كل موجود ، وهو عين صورته وعلمه بل كل اسم من أسمائه موصوف بجميع الأسماء الأحدية الذات الشاملة لجميع الأسماء المشتركة بينهما ، وحيث وجد الأصل وجد جميع لوازمه ، فحيث كان الوجود كان العلم والعقل ، لكن المحل إذا لم يبلغ التسوية الإنسانية أعنى الاعتدال الموجب لظهور العقل والإدراك خفى الحياة والإدراك في الباطن ولم يظهر على المحل ، فلا حس له ولا شعور كالمسكور والمغمى عليه.
فالجماد والنبات ذو حياة وإدراك في الباطن لا في الظاهر ، أي في جسده ، وكل من له حس فله نفس فله حكم ووهم ، يدرك نفسه بقوة جسدانية فتحتجب بالأنانية ويخطئ بالحكم ، بخلاف من لا حس له ولا نفس فإنه باق على فطرته لا تصرف له بنفسه .
فالجماد عارف بربه كشفا وحقيقة منقاد مطيع طبعا وطوعا .
وبعده النبات لما فيه من تصرف ما كالنمو بالغذاء وجذبه وإحالته وتوليد المثل .
فلذلك التصرف والحركة ينقص عن الجماد ، فإن الجماد يشهد بذاته وفطرته أن لا متصرف إلا الله ، وبعده الحيوان الحساس لاحتجابه بأنانيته وظهوره بإرادته وتأبيه لما يراد منه .
ثم الإنسان الناقص فإنه جاهل بربه مشرك مخطئ في رأيه ، وخصوصا في معرفة الله تعالى ، فلذلك قال تعالى: " إِنَّه كانَ ظَلُوماً جَهُولًا " فإنه غير فطرته واتخذ إلهه هواه وشاب عقله بالوهم ، فظهر بالنفس واحتجب بالأنانية وتقيد بعقله وفكره أو تقليده ، كقوله تعالى : " بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْه آباءَنا " فثبت أن الكبش أعلى مرتبة منه " أُولئِكَ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ " " ولكِنَّه أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ واتَّبَعَ هَواه فَمَثَلُه كَمَثَلِ الْكَلْبِ " - بل تبين أن الجماد أعلى مرتبة من الجميع .
" وإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ من خَشْيَةِ الله " كذلك أقل درجات وأدونها لقوله " وإِنَّ من الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهارُ ".
وأما الإنسان الكامل فإنما كان أشرف الجميع ، لظهور الكمالات الإلهية عليه وفنائه فيه بصفاته وذواته ، لا من حيث إنه حيوان مستوى القامة عارى البشرة ، ولو لم يغير فطرته ولم يحتجب بأنانيته ولم يشب عقله بهواه ولم يتبع الشيطان وخطاه لم يكن أحسن منه ، كما قال عليه الصلاة والسلام: " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه ويمجسانه وينصرانه" .
(بذا قال سهل والمحقق مثلنا   ..... لأنا وإياهم بمنزل إحسان )
أي بهذا القول ، وهو أن الجماد أعرف باللَّه وأطوع له من المخلوقات سيما الإنسان الناقص .
قال سهل بن عبد الله الصوفي:  " وكل محقق مثلنا لأنا وإياهم في مقام الإنسان وهو مقام المشاهدة والكشف وراء مقام الإيمان ، كما قال تعالى: " ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وأَحْسَنُوا ".
""  إضفة بالي زادة :   ( بذا ) أي بما قلت ( قال سهل ) فإن علم المحققين يحصل عن كشف إلهي ، فلا يقبل الاختلاف فإنه لا يكون إلا في العلم الاجتهادى ( ولا تبذر السمراء ) أي المحنطة ( في أرض عميان ) أي لا تقل قولي لمن كان عمى قلبه ، فإنها لا تنبت المعارف الإلهية في أرضهم اهـ بالى . ""
وقال عليه الصلاة والسلام « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه » فمن لم يذق الشهود فليؤمن بقول الصحابي عن بدن النبي عليه الصلاة والسلام حين أمر بتقريبها لله قرابين أنها جاءت يزدلفن إليه عليه الصلاة والسلام بأيتهن يبدأ في قربانه :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن شهد الأمر الذي قد شهدته .....   يقول بقولي في خفاء وإعلان )  (ولا تلتفت قولا يخالف قولنا   ......   ولا تبذر السمراء في أرض عميان)
(هم الصم والبكم الذي أتى بهم     ...... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن )
أي من شهد ما شهدته عرف أن شهادة الأعيان الموجودة كلها بلسان الحال الحق ، هي ذاتية فطرية .
وقال : ما أقول به كأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ، حيث قال :يشهد له أعلام الوجود
على إقرار قلب ذي الجحود ولا تبذر السمراء في أرض عميان مثل لمن يلقن المعرفة من لا يستعد لقبولها ولا يهتدى إلى الحق .
ويبصر من لا بصيرة له وهم الذين سماهم الله في القرآن الذي جاء به المعصوم أي النبي عليه الصلاة والسلام " صما وبكما " مع أنهم يسمعون وينطقون عرفا .
لعدم فهم الحق وانتفاعهم بحاسة السمع ونطقهم بالحق ، كما سماهم " عُمْياً " مع سلامة حاسة بصرهم ، لاحتجابهم عن الحق وعدم اهتدائهم.
كقوله تعالى: " لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، ولَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها " الآية .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فأما المسمى آدما فمقيد   ..... بعقل وفكر أو قلادة إيمان)
أي، والحال أن المسمى بالإنسان مقيد ومحجوب بعقله الجزئي المشوب بالوهم، وبقوته الفكرية التي لا ترفع رأسا إلى العالم العلوي الغيبي - إن كان من أهل النظر- فإن كان مقلدا فمقيد بالتقليد الإيماني القابل للتغيير والزوال سريعا، وكل منهما لا يطلع لربه إطلاع العارف المشاهد للحق ومراتبه التي هي روحانية الجماد والنبات والحيوان من الكمل والأفراد من الإنسان.
(بذا قال سهل والمحقق مثلنا   ..... لأنا وإياهم بمنزل إحسان)
أي، قال سهل التستري بهذا القول من أن البسائط أقرب إلى الحق، كما مر. وهكذا يقول كل محقق عارف بالله.
و (المنزل الإحساني) هو مقام المشاهدة   وإنما
قال: (مثلنا) لأن العارف المطلع على مقامه هو على بينة من ربه، يخبر عن الأمر كما هو عليه، كإخبار الرسل عن كونهم رسلا وأنبياء، لا أنهم ظاهرون بأنفسهم مفتخرون بما يخبرون عنه:
(فمن شهد الأمر الذي قد شهدته  .... يقول بقولي في خفاء وإعلان):
أي، من شهد الحقائق في الغيب الإلهي كما شهدت ويجد الأمر كما وجدت، لا يبالي أن يقول بمثل هذا القول في السر والعلانية:
(ولا تلتفت قولا يخالف قولنا   ...... ولا تبذر السمراء في أرض عميان)
أي، لا يلتفت إلى قول المحجوبين من أهل النظر وغيرهم من المقلدين لهم وأصحاب الظاهر الذين لا علم لهم بحقائق الأمور، إذا كان قولهم مخالفا لقولنا.
ولا تبذر الحنطة السمراء. أي، القول الحق الذي يغذي الباطن والروح، في أرض استعداد العميان الذين لا يبصرون الحق في الأشياء ولا يشاهدونه في المظاهر:
(هم الصم والبكم الذين أتى بهم  ..... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
لأنهم الصم عن سماع الحق، والبكم عن القول به، والعمى عن شهوده، إذ طبع الله على قلوبهم بعدم إعطاء استعداد المشاهدة وإدراك الحق. كما أتى المعصوم، أي نبينا عليه السلام، في القرآن في حقهم: (صم بكم عمى فهم لا يعقلون.)
و (الباء) في (بهم) للتعدية. أي، أتى بهذا القول في حقهم.

.
يتبع

عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:56 عدل 3 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الأربعاء 27 فبراير 2019 - 16:58 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة : الجزء الثاني
 خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)

قال الشيخ رضي الله عنه : وأما المسمى آدما فمقيد ... بعقل وفكر أو قلادة إيمان . بذا قال سهل المحقق مثلنا ... لأنا وإياهم بمنزل إحسان  . فمن شهد الأمر الذي قد شهدته ... يقول بقولي في خفاء وإعلان . ولا تلتفت قولا يخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء في أمر عميان . هم الصم والبكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن

قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما المسمى آدم) وهو الإنسان الجامع لمراتب كل إنسان، (فمقيد) بقيود زائدة على القوى الجمادية، والنباتية، والحيوانية، إذ هو مقید (بعقل) وهو ما يدرك به الأمور الكلية المعقولة، (وفكر) وهو القوة التي تركب وتحلل بين المعاني الوهمية والصور الخيالية، (أو قلادة إيمان)، وهي الكشف الذي يدرك الحقائق الإلهية وغيرها.
أو هنا لمنع الخلو إذ مدرك الحقائق منا لا يخلو عن أحد هذين، فهذه الأمور، وإن كانت مفيدة للمعلوم؛ فهي من حيث إمكانها حجب مانعة من الوصول إلى الحق، وإن كانت من وجه آخر توصله إليه أيضا.
ثم استشهد على عرفانها وعلو رتبها بقول من تقدمه؛ فقال: (بذا) أي: بعلو رتبة هذه الأشياء وعرفانها.
محقق المتكلمين والفلاسفة، وقوله: (لأنا) متعلق بقوله: (مثلنا وإياهم بمنزل إحسان) وهو مقام قريب من مقام المشاهدة كما قال صلى الله عليه وسلم : «أن تعبد الله كأنك تراه ".رواه ابن حبان والبيهقي في الشعب ، والبيهقي في دلائل النبوة.

(فمن شهد الأمر الذي قد شهدته يقول بقولي) علي (في خفاء) أي: يعتقده في نفسه، (وإعلان) أي: يظهره في الناس، ولا يبالي إلا من غير أهله على ما سيشير إليه، (ولا تلتفت قولا يخالف قولنا)، وهو قول من حمل التسبيح في الآية على لسان الحال، مع أنه مناف لمفهوم الحديث المذكور، بل ما بعده من قوله: "ولكن لا تفقهون تسبيحهم" [الإسراء: 44]، وتسبيح لسان الحال يفقهه جمع غفير من العقلاء، (ولا تبذر) الحنطة (السمراء في أرض عميان)، وهي التي لا ماء فيها وافر ولا مطر، والسمراء أحوج إلى ذلك، وهذا مثل يضرب لمن يلقي الحقائق على من لا يتم استعداده لفهمها أو الانتفاع بها.

ثم أشار إلى تعليل ذلك بقوله: (هم) أي: المخالفون (الصم) عن استماع الحقائق، (والبكم) عن النطق بها، لو سمعوا وفهموا (الذين أتى بهم عن الكذب في كل ما أخبر، فهؤلاء من جملتهم وإن تأخروا عن عصره في نص القرآن) وهو قوله تعالى: "صم بكم عمي فهم لا يعقلون" [البقرة: 171].
وهي وإن وردت في حق الكفرة؛ فليس بعجب، لغشيان ظلمة الكفر عليهم، وهؤلاء مع تنورهم بنور العلم قد حجبوا عن ذلك، فهم أعجب حالا منهم، فكأنها منحصرة في هؤلاء.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
(وأمّا المسمّى آدما فمقيّد  بعقل وفكر ) إن كان من أهل النظر وعلومه الاستدلاليّة .
( أو قلادة إيمان ) إن كان من أرباب العقائد التقليديّة ، فإنّ الإنسان له في الارتقاء إلى مدارج كماله الشهودي ثلاث مراتب : برهان وإيمان وإحسان .
لأنّ المعارف اليقينيّة المستحصلة له إمّا أن يكون عقدا أو انشراحا وعلما .
والأوّل هو الإيمان ،
والثاني إمّا أن يكون وراء أستار الأسباب والآثار وهو البرهان ، أو يكون منكشفا ، منزّها عمّا يطلق عليه الغطاء أو الحجاب وهو الإحسان ، وهذا منزل اولي التحقيق .
كما قال :( بذا قال سهل والمحقّق مثلنا ....  لأنّا وإيّاهم بمنزل إحسان )
( فمن شهد الأمر الذي قد شهدته ) من الإجمال الذاتي وتفاصيل تعيّناتها وتنوّعاتها ، ومقتضيات الكلّ من الإظهار والإخفاء بحسب أحكام المواطن ، ومدارك المعاصرين ذوي العناد أو أهل الاسترشاد .
( يقول بقولي في خفاء ) للغمر من المعاندين الغافلين.( وإعلان ) للمسترشدين المتفطَّنين. "الغمر = الجاهل"
( ولا تلتفت قولا يخالف قولنا ) أي لا تسمع قول القاصرين عن فهم المراد من كلام الحقّ ، والواقفين عند شواطئ ذلك البحر الزخّار ، القانعين من لآليه ودرره ، المبطونة فيه بطنا بعد بطن ، بما يعلو ظاهر سطوحه المحسوسة من الحثالات والزبد فالعاقل ينبغي أن لا يلتفت إليهم سماعا ولا خطابا .
فإنّ الخطاب معهم ببثّ ذلك الدرر لديهم هو عين إضاعتها عزّت عن ذلك." الحثالة : ثفل الشيء. ما يسقط من قشر الشعير أو الأرز ونحوه. الزبد : ما يعلو الماء البحر او النهر ونحوه من الرغوة ."
كما قال :( ولا تبذر السمراء في أرض عميان) "ولا تبذر الحنطة السمراء - أي القول الحق الذي يغذي الباطن والروح - في أرض استعداد العميان ، الذين لا يبصرون الحق في الأشياء ولا يشاهدونه في المظاهر.أهـ القيصري "
( هم الصمّ والبكم الذين أتى بهم .....   لأسماعنا المعصوم في نصّ قرآن )
لما سبق غير مرّة أن القصص القرآنيّة حكايات ألسنة أحوال الاستعدادات المتخالفة للعباد ، وهي التي لم يزل يتكلَّم الزمان بأفواههم في كلّ عصر ما هي أساطير الأوّلين ، كما هو زعم البعض من الجهلة المنكرين لبيّنات آياته . كرؤيا إبراهيم عليه السّلام وتعبيره  

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( و أما المسمى آدما فمقيد  … بعقل و فكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل و المحقق مثلنا  ... لأنا و إياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته …    يقول بقولي في خفاء و إعلان
و لا تلتفت قولا يخالف قولنا ... و لا تبذر السمراء في أمر عميان
هم الصم و البكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن)
قال الشيخ رضي الله عنه : 
وأما المسمى آدما فمقيد ... بعقل وفكر أو قلادة إيمان
بذا قال سهل والمحقق مثلنا ... لأنا وإياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته ... يقول بقولي في خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا يخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء في أرض عميان
(وأما المسمى آدم) الذي ليس له من الآدمية إلا اسم وهو الإنسان الحيوان (فمقید بعقل وفكر) مشوب بالوهم إن كان من أهل النقر.
(أو قلادة إيمان) إن كان من أهل التقليد الإيماني وتنقص معرفته عن معرفة سائر الحيوان بزيادة الآثار النفسية والتصرفات الغرضية من الفكر والتقليد و غيرها بنقص معرفته من سائر الحيوانات.
فظهر من هذا أن الكبش إن كان أدنى وأخس من النبات والجماد لكنه أعلى وأشرف من الأناسي الحيوانيين، فهذا العلو والشرف يستاهل أن يكون فداء لإنسان شریف.
(بذا)، أي بما ذكرناه من بیان مراتب الموجودات (قال سهل)، يعني سهل بن عبد الله التستري قدس الله سره (والمحقق) كانن من كان (مثلنا)، أي مثل قولنا بهذا (فإنا) يعني سهلا ونفسه (وإياهم)..
يعني سائر المحققين المماثلين لهما في هذا القول (بمنزل إحسان) و مقام مشاهدة فيعرف ويشاهد الأمور على ما هي عليه (فمن شهد الأمر الذي قد شهدته يقول بقولي في خفاء وإعلان)، أي في السر والعلانية.

(ولا تلتفت قولا يخالف قولنا) من أقوال المحجوبين من أهل النظر والمقلدين لهم وأصحاب الظواهر الذين لا علم لهم بالبواطن (ولا تبذر السمراء) يعني بيان الحقائق الذي هو غذاء القلب والروح كالسمراء يعني الحنطة للجسم (في أرض عميان) يعني في أرض استعداد، وهؤلاء الطوائف الذين لا يبصرون الحق ولا يشاهدونه في جميع الأشياء
هم الصم والبكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن
(هم) أي هؤلاء العميان (الصم) عن استماع الحق (والبكم) عن الإقرار به (الذين أتي بهما)، أي ذكرهم جامعين لهذه الأوصاف الثلاثة (لأسماعنا ) النبي (المعصوم) عن تهمة الكذب صلى الله عليه وسلم (في نص قرآن) يريد قوله تعالى : "صم بكم عمى فهم لا يرجعون" ( البقرة : 18).

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:57 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 7 مارس 2019 - 15:44 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة الخامسة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر. فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر. فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم) يا أيها السالك (أيدنا الله) تعالى (وإياك) بأنوار معرفته (أن إبراهيم الخليل) عليه السلام (قال لابنه) ولم يذكر اسمه للاختلاف فيه.
فقيل: إسحاق عليه السلام وبه جزم طائفة من العلماء، ومنهم الشيخ قدس الله سره، وقيل: إسماعيل عليه السلام وبه قال طائفة من العلماء أيضا.
والخلاف مشهور ودليل كل طائفة على قولها في الكتب مذكور (وإني أرى في المنام أني أذبحك) (الصافات : 102) .
كما قص الله تعالى في القرآن العظيم : أي أرى هيئة أني ذابح لك، ولم يقل : إني رأيت، لأنه في اليقظة كان متخيلا ذلك في نفسه وهو يعلم أن رؤيا المنام تخيل أيضا، أي أرى الآن كما كنت أرى في المنام.
(والمنام) لا شك أنه (حضرة الخيال) ينقطع عن الروح فيه النظر من طريق الحواس الظاهرية، فتنظر من طرق الحواس الباطنية، فتكشف من هذا العالم أمورا لم تكشفها بالحواس الظاهرية. والحواس الباطنية راجعة إلى القوة العقلية وسلطانها الخيال.
فكما يقال للمدركات بالحواس الظاهرية محسوسات . ويقال عنها : عالم الحس.
يقال للمدركات بالحواس الباطنية، متخيلات، ويقال عنها : عالم الخيال.
ويقال حضرة الخيال والحواس الباطنية المسماة بالخيال العقلي قد يقع الخطأ في إدراكها فتدرك الشيء في صورة غيره لشبه بينهما أو مناسبة بوجه ما.
وقد لا يقع الخطأ في إدراكها فتدرك الشيء على ما هو عليه،ومنه قول عائشة رضي الله عنها:
"أول ما بدئ النبي صلى الله عليه وسلم به الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح».  رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما
إلا وقعت بعينها في عالم الحس ومثل هذه الرؤيا لا تحتاج إلى التأويل والتعبير وخطأ الخيال في عالم الرؤيا المنامية جائز في حق الأنبياء عليهم السلام وواقع لهم أيضا، ولكنهم محفوظون من دوام الخطأ و التباسه عليهم في اليقظة.
ولهذا ورد أنه عليه السلام رأى في المنام أنه أدخل يده في درع فقال : أولتها بدخول المدينة فقد أخطأ "توهم" خياله في المنام فلما استيقظ أصاب في هذا التعبير. "لأن المدينة كانت درع له فى التحقيق"
ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي من الله تعالى لهم بملك الرؤيا ينزل على قلوبهم بأمر الله، فكشف عن ذلك خيالهم بعين ما رأوا وبمثله ومناسبه، ولهذا شرع تعبير المنام وتأويله كما شرع تفسير القرآن وتأويله.
وفي الرؤيا المحكم والمتشابه كما في القرآن وورد في الحديث :"أن الرؤيا الصادقة جزء من أجزاء النبوة ". رواه الحاكم في المستدرك وابن حبان فى صحيحه.
وفي رواية : "ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات" .رواه ابن حبان في الصحيح والدارمي في السنن.
«الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له». رواه الترمذي في سننه وابن حبان.
(فلم يعبرها)، أي رؤياه، يعني لم يعبر من ظاهر ما رأى إلى باطنه من أحد وجوه المناسبة (وكان)، أي يوجد (كبش ظهر) ذلك الكبش (في صورة ابن إبراهيم) إسحاق أو إسماعيل عليهم السلام (في) عالم (المنام فصدق إبراهيم) عليه السلام (الرؤيا) التي رآها كما قال تعالى : "وناديناه أن يا إبراهيم . قد صدقت الرؤيا" [الصافات : 104 - 105]، ظننت أن الذي رأيت أنك تذبحه في المنام هو ابنك حقيقة وإن كانت صورته صورة إنسان، وذلك الإنسان هو ابنك، فإنما هو في الحقيقة كبش، وهو الذي ذبحه في اليقظة رآه في المنام في صورة ابنه، ولهذا كان كبشة عظيمة حيث ظهر في صورة إنسان عظیم .
(ففداه)، أي فدى ابن إبراهيم عليه السلام (ربه) سبحانه وتعالى فداء ناشئة (من وهم)، أي توهم (إبراهيم) عليه السلام وتخيله أنه أوحي إليه في المنام بذبح ابنه، حيث رأى أنه ذبح ابنه .
فأراد أن يوقع ذلك في اليقظة ويمتثل فيه عين ما أمر به في الوحي المنامي، وإنما كان الوحي له في المنام بذبح الكبش لا ابنه وليس هذا من قبيل النسخ قبل البيان.
وإنما هو من قبيل البيان في وقت الحاجة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في ليلة المعراج ولم يكن يعرف المراد من ذلك على التفصيل حتى أرسل الله تعالى إليه جبرئیل علیه السلام في صبيحة ذلك اليوم فبين له ما كان مجملا.
عليه (بالذبح) بالكسر وهو الكبش (العظيم الذي) نعت للفداء المفهوم من الفعل أو نعت للذبح العظيم (هو)، أي ذلك الفداء أو ذلك الذبح (تعبیر رؤياه عند الله) تعالی والتعبير من العبور من الظاهر إلى حقيقة ما رأي.
(وهو)، أي إبراهيم عليه السلام (لا يشعر) بأن المراد ذبح الكبش وهو حقيقة ما رأي وإنما اشتبه ذلك عليه بصورة ابنه كما اشتبه على النبي صلى الله عليه وسلم اختيار أخذ المال والتقوي به في نصرة الإسلام في حق أسرى بدر على قتلهم.
فاختار الفداء والحق غيره، فأمر بغير ما ظهر له من الحق، وأصاب في ذلك عمر بن الخطاب رضي عنه ، فاختار القتل على الفداء.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عمر رضي الله عنه:"  إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه».رواه الحاكم في المستدرك وابن حبان في الصحيح.
ثم لما نزل قوله تعالى: "لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم" [الأنفال: 68]. قال صلى الله عليه وسلم : «لو نزل العذاب ما سلم منه إلا عمر»ز أورده المناوي فى فتح القدير والزيلعي في الأحاديث والآثار وابن مردويه فى تفسيره .
(فالتجلی)، أي الانكشاف والظهور للأشياء (الصوري)، أي المنسوب إلى الصورة لكونه بها (في حضرة الخيال) بالحواس الباطنية والقوة الخيالية في المنام
محتاج ذلك التجلي (إلى) استعمال (علم آخر) هو علم تعبير الرؤيا (يدرك به)، أي بذلك العلم (ما أراد الله) تعالى إظهاره للنائم (بتلك الصورة ) .
والتعبير للمنامات قد يكون بفهم النظير والمناسب وقد يكون بطريق المناسبة والاستنباط من آية أو حدیث أو أثر ونحو ذلك، وقد يكون بطريق الفيض والإلهام. وهو الغالب في المشایخ المشهورين بعلم التعبير كابن سیرین وكثير من الصالحين يوقع الله تعالى قلوبهم المعنى المراد في وقت قاس الرؤيا عليه.
فيكون الأمر كذلك، وقد يقع الخطأ في التعبير من عدم استيفاء آداب المعبر في وقت التعبير من تعلق القلب بالكون وعدم الحضور، أو من العجلة في البيان، أو من التكلم في حضرة من هو أعلى منه في ذلك، أو من جهل المعبر وعدم كونه أهلا للتعبير أو غير ذلك

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياكم أن إبراهيم عليه السلام قال لابنه وإن أرين في الساير ان أذبلك [الصافات: 102] والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها) من العبور أو من التعبير فحمل ما رآه على ظاهره كما هو عادة الأنبياء فظن أن الحق أمره ذبح ابنه فباشر الذبح إطاعة لأمر ربه .
(وكان) ما رآه (كبشا ظهر في صورة ابن إبراهيم عليه السلام في المنام) لمناسبة بينهما في الانقياد والتسليم (فصدق إبراهيم الرؤيا) بمباشرة الذبح (ففداه) عن ابنه (ربه من وهم إبراهيم عليه السلام) من أنه وهم إبراهيم عليه السلام أن ما رآه ابنه وإلا لا نداء في الحقيقة.
(بالذبح العظيم الذي هو) أي الذبح العظيم (تعبير رؤياه عند الله وهو) أي إبراهيم عليه السلام (لا يشعر) أن الذبح الذي أتى به عند قصده ذبح ابنه وهو تعبير رؤياه فقال :"وفديناه بذبح عظيم ".  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر) وهو العلم الحامل من التجلي الإلهي (يدرك به ما أراد الله بتلك الصورة) . واستدل على ذلك بحديث الرسول عليه السلام فقال

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قوله: اعلم أيدنا الله وإياك وما بعده، یعنی، رضي الله عنه، أن الذي رأى إبراهيم عليه السلام، أنه يذبحه هو الكبش في الحقيقة، ولكن رأه إبراهيم، عليه السلام ، في صورة ولده وما ذكره ظاهر من لفظه، رضي الله عنه.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قال رضي الله عنه : اعلم أيّدنا الله وإيّاك أنّ إبراهيم الخليل عليه السّلام قال لابنه :
" إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ "  والمنام حضرة الخيال فلم يعبّرها ، وكان كبشا ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام ، فصدّق إبراهيم الرؤيا ، ففداه ربّه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله وهو لا يشعر ، فالتجلَّي الصوري في حضرة الخيال يحتاج  إلى علم آخر به يدرك ما أراد الله بتلك الصورة .
ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبيره الرؤيا : « أصبت بعضا وأخطأت بعضا » .  فسأله أبو بكر أن يعرّفه ما أصاب فيه وما أخطأ ، فلم يفعل صلى الله عليه وسلم .
قال العبد : حضرة المثال وحضرة الخيال حضرة تجسّد المعاني والحقائق والأرواح والأنفس وحقائق الصور والأشكال والهيئات الاجتماعية ، فمن رأى صورة أو شكلا أو هيئة ولم يعبّرها ولم يؤولها إلى ما يؤول إليه أمر ذلك الشكل أو الصورة والهيئة التي رأى في الرؤيا ، فقد صدّق الرؤيا .
ومن عبّرها صدق في الرؤيا حيث أعطى الحضرة حقّها فعبّرها ، فلو عبّر إبراهيم رؤياه صدق أنّ الذبح هو الكبش ولم يكذب الذبح الواقع بابنه ، ولكن كان كبشا ظهر في صورة ابنه ، فصدّقها ، فأراد إيقاع الذبح بابنه فما صدق ، أي لم يقع ، وسنذكر سبب ذلك .
قال رضي الله عنه : وقال الله لإبراهيم حين ناداه : " أَنْ يا إِبْراهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا ".
وما قال له : قد صدقت في الرؤيا أنّه ابنك ، لأنّه ما عبّرها ، بل أخذ بظاهر ما رأى ، والرؤيا تطلب التعبير   .
يعني رضي الله عنه : صدّقت تجسّد الذبح بصورة ابنك ، وليس كذلك ، فإنّ الرؤيا تطلب التعبير والتفسير .
قال رضي الله عنه : ولذلك قال العزيز : " إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ " ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر ، فكان البقر سنين في المحل والخصب  .
يعني : كانت البقرة العجاف سبع سنين في المحل ، والسمان في الخصب .
فلو صدق في الرؤيا ، لذبح ابنه ، وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلَّا الذبح العظيم في صورة ولده ، ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السّلام ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ، فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخيال ابن إبراهيم عليه السّلام   .
يعني : أنّ إبراهيم لمّا صدق في حقيقة إيمانه بالله وإسلامه له ، عوّده الله بتجسيد الوحي والأمور له على صورة ما كان يرى في منامه ، فكان عليه السّلام يرى رؤيا غير هذا المشهد ، فيقع في الحسّ رؤياه على صورة ما كان يرى عليه السّلام من غير تعبير يحوج إلى تفسير وتأويل وتعبير ، فصدّق بحكم ما اعتاد هذه الرؤيا أيضا على صورة ما رأى من غير تعبير ، وكان الله قد ابتلاه في ذلك بلاء حسنا ، أي اختبره ، بمعنى أعطاه الخبرة ، فإنّ الله كان خبيرا خبرة مبيّنة ، جلية الأمر ومبيّنة عن كشفه مقتضى الوهم والخيال بالفكر .
فلمّا ظهر صدق إيمانه وصدقه في إسلامه وإسلام ابنه في تصديق رؤيا أظهرها الله له ، وأبان صدق ما رأى ، ففداه بذبح عظيم ، فعلم إبراهيم عليه السّلام أنّ الذي رآه في نومه على صورة ابنه كان الذبح العظيم لا ابنه ، لأنّه ذبح ما رأى في المنام ، فلمّا كذب صورة الذبح الذي رآه ، فلم يقدر على ذبح ابنه ، حقّق الله له صورة الذبح ، وصدّق إبراهيم ففداه بالذبح العظيم ، ووقع به صورة الذبح ، فعلم عليه السّلام عند ذلك أنّ ما رأى كان كبشا في صورة ابنه ، لمناسبة ذكرنا ، فتذكَّر .
قال رضي الله عنه : " فلو رأى الكبش في الخيال ، لعبّره بابنه أو بأمر آخر " .
يعني رضي الله عنه : كما عبّر الحق له رؤياه بما فداه بالذبح ، فكذلك لو رأى أمرا في صورة الذبح ، لعبّره بذلك الأمر وهو إسلامه أو بابنه أنّه صورة إسلامه ، لكون الولد سرّ أبيه .
قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " آيه 37 سورة الصافات .
أي الاختبار الظاهر ، يعني الاختبار في العلم : هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا ؟
لأنّه يعلم أنّ موطن الرؤيا يطلب التعبير ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤيا لهذا السبب .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.   فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
(اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام قال لابنه : " إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " . والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها ، وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام ، فصدق إبراهيم الرؤيا ) . أي لم يعبرها لما تعود به من الأخذ عن عالم المثال .
"" إضفة بالي زادة :  (فلم يعبرها ) فحمل ما رآه على ظاهره كما هو عادة الأنبياء ، فظن أن الحق أمر بذبح ابنه فباشر لذبح إطاعة لأمر ربه اهـ . بالى زاده.  ""
فلما رقاه الله تعالى عن عالم المثال ليجعل قلبه محل الاستواء الرحماني أخذ خياله المعنى من قلبه المجرد ، وتصرفت القوة المتصرفة في تصويره فصورت معنى الكبش بصورة إسحاق عليه السلام لما ذكر من كونه الأصل ، فلم يعبرها وصدقها في أن ذلك إسحاق ، وكان ذلك عند الله الذبح العظيم.
فلم يعط إبراهيم الحضرة حقها بالتعبير
( ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله وهو لا يشعر ، فالتجلى الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر ، يدرك به ما أراد الله بتلك الصورة ) وهو علم التعبير .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر. فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
(اعلم، أيدنا الله وإياك، أن إبراهيم الخليل، عليه السلام، قال لابنه:
"إني أرى في المنام أنى أذبحك" والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها) أي، المنام حضرة المثال المقيد المسمى بالخيال.
فالمرئي فيها قد يكون مطابقا لما يقع في الظاهر، وقد لا يكون كذلك، بل يدرك النفس معنى من المعاني الغيبية من الطريق الذي لا واسطة بينها وبين الحق، أو من المعاني المنتقشة في الأرواح العالية، فتلبس له صورة مثالية مناسبة مما في حضرة خياله من الصور.
فينبغي أن يعبر، ليعلم المراد من الصور المرئية. وإبراهيم، عليه السلام، لم يعبرها، لأن الأنبياء والكمل أكثر ما يشاهدون الأمور في العالم المثالي المطلق.
وكل ما يرى فيه لا بد أن يكون حقا مطابقا للواقع، فظن أنه، عليه السلام، شاهد فيه، فلم يعبرها، أو ظن أن الحقأمره بذلك، إذ كثير من الأنبياء يوحون في مناماتهم. فصدق منامه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام، فصدق إبراهيم الرؤيا.)
أي، الكبش المفدى به، هو الذي كان مراد الله في نفس الأمر، فظهر في صورة إسحاق، لمناسبة واقعة بينهما. وهي إسلامه لوجه الله وانقياده لأحكامه.
فصدق إبراهيم الرؤيا بأن قصد ذبح ابنه. (ففداه ربه من وهم إبراهيم). أي، من جهة وهمه (بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله، وهو لا يشعر).
أي أظهر ربهما كان المراد عنده، وهو الذبح العظيم الذي صوره خياله بمشاركة الوهم بصورة إسحاق، وإبراهيم لا يشعر أن المراد ما هو، لسبق ذهنه إلى ما اعتاده من الرؤية في العالم المثالي.
ولما كان للوهم مدخل عظيم في كل ما يرى في المنام – إذ هو السلطان في إدراك المعاني الجزئية.
قال: (من وهم إبراهيم) عليه السلام. "" قد يكون مراد المصنف من قوله: (من وهم إبراهيم) أن إطلاق الفداء على الكبش كان بحسب وهم إبراهيم، عليه السلام، فإنه توهم أنه مأمور بذبح ابنه مع أنه كان مأمورا بذبح الكبش، فذبح الكبش لم يكن فداء .وامر الظاهر شريعة يقتضى ذبح الكبش، ولكن شدة محبة إبراهيم وعشقه وهم عن الجمع بالظاهر شريعة والباطن حقيقة، فأراد ذبح الابن.""
ولأنه توهم أن المرئي "الحقيقة" لا ينبغي أن يعبر، فقصد ذبح ابنه.
(فالتجلي الصوري في حضرة الخيال يحتاج إلى علم آخر، يدرك به ما أراد الله بتلك الصورة). ولا يحصل علمه إلا بانكشاف رقائق الأسماء الإلهية والمناسبات التي بين الأسماء المتعلقة بالباطن، وبين الأسماء التي تحت حيطة الظاهر.
لأن الحق إنما يهب المعاني صورا بحكم المناسبة الواقعة بينهما - لا جزافا كما يظن المحجوبون أن الخيال يخلق تلك الصور جزافا - فلا يعبرون ويسمونها (أضغاث أحلام).
بل المصور هو الحق من وراء حجابية الخيال. ولا يصدر منه ما يخالف الحكمة.
فمن عرف المناسبات التي بين الصور ومعانيها وعرف مراتب النفوس التي تظهر الصور في حضرة خيالاتهم بحسبها، يعلم علم التعبير كما ينبغي، ولذلك تختلف أحكام الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب.
وهذا الانكشاف لا يحصل إلا بالتجلي الإلهي من حضرة الاسم الجامع بين الظاهر والباطن.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 1 يوليو 2019 - 21:38 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 7 مارس 2019 - 15:55 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة الخامسة الجزء الثاني  السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة: الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» [الصافات: 102] والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها.
وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.
فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.
ثم أشار إلى أن القول بالفداء أمر متوهم، وإن ثبت بظاهر النص، وما ذكرنا مبني على صحته.
فقال: (اعلم أيدنا الله وإياك) دعا الشيخ رضي الله عنه إشعارا بصعوبة هذا المقام، وقد وقع فيه السهو لإبراهيم عليه السلام (أن إبراهيم الخليل عليه السلام) وصفه بذلك إشعارا بأنه مع علو رتبته قد وقع له ما وقع.
قال لابنه إسحاق عليه السلام: "إني أرى في المنام أي أذبحك" [الصافات: 102] ، ورؤياي حق فلا بد أن يقع كما رأيت، أو يقع تأويله لكن لا يناسب.
ولدي شيء آخر من كل ما يذبح في الكمال فلا يقع الأعين، ما رأيت فيها وإلا الوقع الذبح عليه، ولم يقع إلا على الكبش، ورؤيا الأنبياء يجوز أن يقع تأويلها.
وذلك أن (لمنام حضرة الخيال) وهو كما قد يصور المرئي بصورته ما يناسبه بوجه ما، وظن أن رؤياه من قبيل الأول؛ لبعد المناسبة بين ابنه وبين سائر الأشياء سيما الكبش، (لم يعبرها) أن رؤياه، وسها في ذلك، (وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم عليه السلام في المنام) لوقوع الذبح عليه، والواقع في الحس هو المرئي في المنام، سواء كان بعين صورته، أو بما يناسبها.
(صدق إبراهيم عليه السلام الرؤيا) أي: ظاهر ما رأى فأجرى السكين على حلقوم ابنه، ولو عبر الصدق تأويله دون ظاهره، فلما صدقه إبراهيم عليه السلام بوهمه؛ ساعده ربه على ذلك، فـ (فداه ربه من وهم إبراهيم عليه السلام) إذ الواقع عليه الذبح هو ابنه (الذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله) حيث وقع الذبح عليه فسماه فداء.
وإن كان هو المرئي في المنام بصورة ابنه مساعدة لإبراهيم ال، (وهو لا يشعر) تعبير رؤياه، وإلا لم يجر السكين على حلقوم ابنه.
وهذا إشارة إلى مساعدة الحق إياه فيما توهم ولم يشعر، فكيف لا يساعده فيما يشعر؟ 
وإثبات الوهم والسهو لا يبعد في حق الأنبياء عليهم السلام؛ فإنه وقع السهو لنبينا عليه السلام في الصلاة في حديث ذي اليدين، وفي الاجتهاد في أسارى بدر، وما قيل لو سها لوجبت متابعته لقوله تعالى: "فاتبعوه" [الأنعام: 153].
ولكان من لا يسهو من آحاد الأمة خيرا منه؛ مردود بأن الاتباع لا يجب في أمور كثيرة كخواصه عليه السلام ، والأفعال المباحة له، فهو عام مخصوص لا يبعد تخصيصه مما وقع فيه سهو، ولا بد وأن يظهر إذ لا يقر عليه السلام على ذلك.
وكون الأحاد أحسن حالا في بعض الأمور الدنيئة لا ينافي علو رتبته عليه السلام كما في حديث تأبير النحل حيث قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم». رواه البخاري ومسلم.
إذا لم يشعر إبراهيم العلية مع كمال علمه بالحقائق بتأويل ما رآه مصورا بصورة ابنه في حضرة الخيال، (فالتجلي الصوري) قید به؛ لأن التجلي المعنوي لا يحتاج إلى شيء، إذ لا التباس لبعض المعاني بالبعض عند انكشافها صريحة، بخلاف ما إذا انكشف مصورة (في حضرة الخيال) في يقظة أو منام.
فإنه (يحتاج إلى علم آخر) وراء علم الحقائق التي يجب الاطلاع عليها لمن كان نبيا أو وليا (يدرك به ما أراد الله بتلك الصورة) مما يناسبها بوجه ما، وقد يعرفها من ليس له قدم راسخ في الحقائق، ويجهلها الراسخون.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.  فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
( واعلم - أيّدنا الله وإيّاك ) بميامن الوراثة الختميّة وقرابتها ، تأييدا يتبيّن به دقائق المراد من الكلام على عرف التخاطب الذي مع الكمّل.
(أنّ إبراهيم الخليل عليه السّلام قال لابنه : " إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " [ 37 / 102 ] والمنام حضرة الخيال ) وهي مجبولة على محاكاة ما في أحد الجانبين المحاذيين لها .
أعني الشهادة والغيب بتمثّل الصور المناسبة له فيها ، مناسبة الأشباه أو الأضداد ، فلا بد من الانتقال والعبور من الصور المثاليّة الخياليّة برابطة تلك المناسبة والشبه إلى ما هو في الواقع من الصور العينيّة فلا بد من التعبير وأمّا إبراهيم ( فلم يعبّرها ، وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام ) .
ووجه المناسبة هاهنا هو أنّ إبراهيم أوّل من تحقّق بالحضرة الجمعيّة الوجوديّة ، التي هي ظاهر القابليّة الأولى الذاتيّة ، كما أنّ الكبش صورة تلك القابليّة التي ظهرت في المرتبة الحيوانيّة - ولذلك تراه في مصدريّة الأفعال الاختياريّة هو الغاية في القبول إذعانا واستسلاما .
ثمّ لمّا كان الابن صورة سرّ الأب، على ما ورد : « الولد سرّ أبيه » .
تصوّر الكبش في الحسّ المشترك عند ظهوره من طرف الغيب والبطون للخيال بصورة ابن إبراهيم ، لقوّة المناسبة المذكورة وكمال الاستيناس به .
(فصدّق إبراهيم الرؤيا) أي أخذ تلك الصورة المرئيّة صادقة مطابقة لما في الأمر نفسه مما وجب عليه.

تفسير سرّ رؤيا إبراهيم عليه السّلام
وهاهنا تلويح حكميّ له كثير دخل في تحقيقه، ومنه يعلم لميّة تصديقه وما يترتّب عليه من التفدية : وهو أنّ البعد بين المتقابلين - الذين بهما يتقوّم أمر التعاكس والتماثل - كلَّما كان أكثر ، كانت مطابقة العكس لأصله أشدّ وذلك لأنّ المشاركة - ولو في صفة من الصفات أو جهة من
الجهات - تستلزم عدم ظهور العكس بكماله ، لتخلَّفه عن الأصل في تلك الصفة ، وانحرافه عنه بها ، ولذلك ترى المرايا ما ترى الصورة ما لم تكن في الجهة التي في غاية البعد - وهي القطر - وإذا انحرف عنها ما أرت الصورة كما هي ومن هاهنا أيضا ترى عكس العكس عين الأصل ، لأنّه أنهى ما يتباعد به عن الأصل .
ثمّ إنّ إبراهيم لما وصل من القرب إلى ما وصل، ما تمكَّنت مرآة خياله عن إراءة العكس كاملا، لزوال البعد والقطريّة فيه، وكمال القرب والخلَّة، وإذ قد كان ميلانه إلى طرف علوّ قربه الخلَّية، جاوز في أمر القربان أيضا إلى ما هو أعلى من فداء المال وذبح ذوي الحياة منه حتّى توهّم ذبح الابن وفدائه - وهو أوثق العلائق رابطة وأحكمها وثاقا - ولذلك ما اختصّت به ذوو العقول فقط، بل عمّت الحيوانات العجم تلك العلاقة .
فظهر أنّ وثاقة علاقة الابن النسبيّ وهميّة فلذلك لما رأى إبراهيم في رؤياه الذبح العظيم صوّر الوهم ذلك العظيم بابنه - إذ ليس عنده أعظم منه .
( ففداه ربّه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم ، الذي هو تعبير رؤياه عند الله - وهو لا يشعر ) لغلبة أمر القربة فيه واستيلاء سلطان الخلَّية عليه . كتعبير ما في حضرة الخيال
( فالتجلَّي الصوريّ في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة ) ، وهو ممّا يختصّ بنيله أولو النهاية ، ممن غلب في مواطن معرفته ومواقف نبوّته وبعثته ، علم الصور وأحكام تجلَّياتها ، ولم يحتجب بكمال قربته وجمعيّته عن أحكام التفرقة والتفصيل.
فلا بدّ وأن يكون صاحب حظَّ من الختم مّا بحسب الصورة فقط كيوسف على ما نبّهت عليه في تحقيق ترتيب الكتاب وبيان الحصر أو بحسب الصورة والمعنى ، كالحضرة الجمعيّة الختميّة وإلى ذلك أشار بقوله :لتعبير أبي بكر لرؤيا الرجل

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر. فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها.
وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.)
(اعلم أيدنا الله وإياك) لإدراك الحقائق على ما هي عليه (أن إبراهيم الخليل) على نبينا وعليه الصلاة والسلام قال لابنه إسحاق علیه السلام "إني أرى في المنام أني أذبحك " [الصافات : 102] .
(والمنام حضرة الخيال) المقيد الذي من شأنه أن تعبر عن الصورة الممثلة فيها إلى المعاني المقصودة منها (فلم يعبرها) إبراهيم عليه السلام، أي لم يتجاوزها إلى المقصود من الصور المرئية فيها لما تعود به من الأخذ عن عالم المثال المضئق، وكلما أخذ منه لا بد أن يكون حقا مطابقة للواقع من غير تعبير . فلما شاهد عليه السلام صورة ذبح ابنه فيه ظن أنه مأمور به من غير تعبير و تأويل فتصدى له (وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام)، لمناسبة واقعة بينهما وهي الاستسلام والانقياد فكان مراد الله سبحانه به الكبش لابن إبراهيم (فصدق إبراهيم الرؤيا)، أي حقق الصورة المرئية وجعلها صادقة مطابقة للصورة الحسية الخارجية بالإقدام على الذبح و التعرض لمقدماته.
(ففداه) ، أي ابن إبراهيم (ربه) لينقذه من الذبح.
وذكر الفداء ههنا إنما هو من جهة وهم إبراهيم عليه السلام  وظنه وإلا لم يكن فداء حقيقة (بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله وهو) : أي إبراهيم عليه السلام (لا يشعر) بذلك التعبير لما أخفاء الله سبحانه عليه لحكمة تقتضية .
والتفصيل في هذا المقام على ما يفهم من كلام الشيخ رضي الله عنه وشارحي كلامه.
أن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه كان قبل هذا المقام معودا بالأخذ عن عالم المثال الذي من شأنه أن تقلا بق الصور المرنية فيه الصور الظاهرة في الحس من غير اختلال، فلا حاجة فيه الى التعبير.
فلما تحقق الغناء في الله بالكلية واقتضى ذلك الفناء في الله عن هذا المشهد بأن يشاهد الأمور في مراتب هي أعلى مراتب المثال أو في نفسه وقلبه من الوجه الخاص من غير توسط أمر آخر، أراد الله سبحانه أن يظهر في الحس صورة ليحققه بالغناء في ذبح الكبش وأن يرقيه عن هذا المشهد فأراه في المنام أن يذبح الكبش .
ولكن في صورة ذبح ابنه وستر عليه المقصود منه، وأوقع في وهمه أن ابنه هو المقصود بعينه بناء على ما اعتاده من الأخذ عن عالم المثال.
فاعتقد صدق ما وقع في وهمه من ذبح ابنه فتصدى له وانقاد له ابنه، فظهر سر كمان استسلامهما وانقيادهما الله تعالى.
فجعل سبحانه الذبح العظيم فداء لابنه وأنقذه من الذبح، وما كان مراد الله من منامه وهو ذبح الكبش لنكون صورة حسية تتحقق إبراهيم بالفناء فيه وحصل له الترفي عن مشهده المعتاد، فإن الصورة المرنية لم تكن من عالم المثال بل فاض هذا المعنى عليه من مرتبة أخرى فوق عالم المثاني ، وانبعث من قلبه و صورته متخيلة بتلك الصورة، وعلم ذلك الترقي أيضا حيث وقع منه ذبح الكبش لا ذبح ابنه . 
ولا يخفى على المنصف أن ذلك بيان لحسن تربية الله سبحانه إبراهيم الخليل عليه السلام وليس فيه شائبة سوء أدب من الشيخ رضي الله عنه بالنسبة إلى إبراهيم عليه السلام.
وكتب بعض من اشتهر بالفضل بخطه على الهامش في هذا المقام.
هذا كلام زخرفة الشيخ ولا أراه حقا بل كنه صادر عن سوء أدب أحسن محامله أن يقال أنه صدر عنه في حال كونه مغلوبا.
والحق في ذلك والله أعلم أن إبراهيم عليه السلام رأى في المنام أنه مباشر للذبح بمعنى أنه أضجع ابنه وأخذ المدية وأمرها على حلقومه ليقطعه ولكن لم يحصل القطع وهذا هو المراد بقوله : "إني أرى في المنام أني أذبحك". أي رأيت أني مشتغل بأفعال الذبح ولا يلزم منه تمامه، وقد وقع منه في اليقظة ما رآه في المنام ووطن هو وابنه للانقياد لذتك.
فلما تم العزم ووجد مقدمات الذبح حصل المقصود من الابتلاء فتداركه الله برحمته بإعطاء الذبح ليذبح فداء له فوقع ما رآه بعينه ، ولم تكن رؤياه وهما وخيالا حاشا منصب الخلة عن مثل هذا الخطأ والله ولي التوفيق.
والعجب من هذا الفاضل بل من كل معترض علي الشيخ رضي الله عنه في مثل هذا الكتاب، فإن ما ذكره الشيخ من مفتتح الكتاب من مبشرة أريها .
وإن ما أورده في هذا الكتاب ما حده له رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان إن كان مسلما عنده .
فلا مجال للاعتراض فإن ذلك يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يكن مسلما عنده بل أعتقد أن ذلك افتراء وكذب أو سهو وخطأ .
فالاعتراض عليه ذاك لا هذا وكيف لا يسلم ذلك من اطلع على أحواله ومقاماته و مكاشفاته مما أدرجه في هذا الكتاب وسائر مصنفاته .
فالتجلي الصوري في حضرة الخيال يحتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله بتلك الصورة .
(والتجلي الصوري في حضرة الخيال) المعبد (يحتاج إلى علم آخر) يسمى علم التعبير (يدرك به ما أراد الله تعالی بتلك الصورة) الظاهرة في حضرة الخيال بادائه، وهو معرفة المناسبات التي بين الصور ومعانيها.
ومعرفة مرآة النفوس التي تظهر تلك الصور في خيالاتهم، ومعرفة الأزمنة والأمكنة و غيرها مما له مدخل في التعبير، فإنه قد ينقلب حكم الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب بل بالنسبة إلى شخص واحد في زمانین و مكانین .
وبكمال هذه المعرفة ونقصانها يتفاوت حال المعبرين في الإصابة والخطأ في التعبير.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد 4 أغسطس 2019 - 17:57 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 9 مارس 2019 - 20:16 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السادسة الجزء الأول  السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا: «أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم.)
العبارة واضحة

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى كيف قال رسول الله عليه السلام لأبي بكر رضي الله عنه في تعبيره الرؤيا أصبت بعضا وأخطأت بعضا فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فيه فلم يفعل عليه السلام)
حكاية الرؤيا مذكورة في كتب الأحاديث


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
وأما الرؤيا التي عبرها أبو بكر ، رضي الله عنه، فهي أن رجلا قص رؤيا على النبي ، صلى الله عليه وسلم، وهي أنه رأى ظلة تنطف سمنا وعسلا.
فقال أبو بكر ، رضي الله عنه: یا رسول الله، دعني أعبرها له، فأذن له، عليه السلام.
فقال أبو بكر: الظلة كتاب الله والسمن والعسل، الأحكام والحكم الذي يستفاد منه أو ما هذا معناه.
فقال: يا رسول الله هل أصبت؟
فقال عليه السلام: أصبت بعضا وأخطأت بعضا، فأقسم علي النبي عليه السلام، ليعلمه بما فيه أصاب وبما فيه أخطاء.
والشيخ، رضي الله عنه، أورد هذا شاهدا على احتياج الرؤيا إلى التعبير.
قال وسماه الحق تعالی فداء لأن من المرائي ما يرى على صورة ما رأه بعينه فحمله الحق تعالى على ذلك الحكم مراعاة لظن ابراهیم، عليه السلام، وإلا فقد رأى الذبح وظهر على ظاهر ما رآه من غير تعبیر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
قال العبد : حضرة المثال وحضرة الخيال حضرة تجسّد المعاني والحقائق والأرواح والأنفس وحقائق الصور والأشكال والهيئات الاجتماعية ، فمن رأى صورة أو شكلا أو هيئة ولم يعبّرها ولم يؤولها إلى ما يؤول إليه أمر ذلك الشكل أو الصورة والهيئة التي رأى في الرؤيا ، فقد صدّق الرؤيا ، ومن عبّرها صدق في الرؤيا حيث أعطى الحضرة حقّها فعبّرها ، فلو عبّر إبراهيم رؤياه صدق أنّ الذبح هو الكبش ولم يكذب الذبح الواقع بابنه ، ولكن كان كبشا ظهر في صورة ابنه ، فصدّقها ، فأراد إيقاع الذبح بابنه فما صدق ، أي لم يقع ، وسنذكر سبب ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
حديث متفق عليه

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى كيف قال رسول الله، عليه السلام، لأبي بكر في تعبيره الرؤيا:
(أصبت بعضا وأخطأت بعضا). فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ.
فلم يفعل، صلى الله عليه وسلم).
إستشهاد ودليل على أن التجلي الصوري الخيالي يحتاج إلى علم يدرك به المراد من تلك الصورة المرئية.
نقل صاحب شرح السنة، أنار الله مضجعه، عن ابن عباس قال: (كان أبو هريرة يحدث أن رجلا أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيت ظلة، تنطف منها السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون  في أيديهم في المستكثر والمستقل.
وأرى سببا وأصلا من السماء إلى الأرض، فأراك يارسول الله أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا، ثم أخذ به رجل اخر فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به، ثم وصل له فعلا. فقال أبو بكر: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، لتدعني فلأعبرها.
فقال: عبرها.
فقال: أما الظلة، فظلة الإسلام. وأما ما ينطف من السمن والعسل، فهو القرآن - لينة وحلاوة. وأما المستكثر والمستقل، فهو المستكثر من القرآن والمستقل منه.
وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض، فهو الحق الذي أنت عليه تأخذ به، فيعليك الله، ثم يأخذ به بعدك رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر بعده فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر بعده فينقطع به، ثم يوصل له، فيعلو. أيرسول الله لتحدثني، أصبت أم أخطأت؟
فقال النبي، عليه السلام: أصبت بعضا، وأخطأت بعضا.
قال: أقسمت بأبي أنت وأمي، يا رسول الله، لتحدثني ما الذي أخطأت؟
فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لا تقسم). هذا حديث متفق على صحته.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
(ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر) مع رسوخه في معرفة الحقائق (في تعبيره الرؤيا)، وهو ما روي: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال: إني رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل، وأرى الناس يتكففون في أيديهم فالمستكثر والمستقل، وأرى سبا وأهلا من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل اخر فعلا، ثم اخذ به رجل اخر فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وصل له فعلا، فقال ابو بكر: أي رسول الله بأبي أنت وأمي - والله لتدعني فأعبرها.
فقال: اعبرها، فقال: أما الظلة؛ فظلة الإسلام، وأما ما ينطف من السمن والعسل؛ فهو القرآن لينه وحلاوته، وأما المستكثر والمستقل؛ فهو المستكثر من القرآن، والمستقل منه.
وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فهو الحق الذي أنت عليه نأخذ به، فيعليك الله، ثم يأخذ به بعدك رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر بعده فيعلو به، ثم يأخذ به رجل أخر بعده فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به.
أي رسول الله لتحدثني أصبت أم أخطأت؟.
فقال : "أصبت بعضا، وأخطأت بعضا"، فقال: أقسمت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لتحدثني ما الذي أصبت، وما الذي أخطأت، فقال عليه السلام: «لا تقسم»، متفق عليه .
وإليه الإشارة بقوله: (فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه، وما اخطأ فلم يفعل ) إشعارا بأن الجهل بذلك لا يضر الكامل إذا رسخ في معرفة الحقائق، وبأن تعرف مثله بالاجتهاد أولى، إذ بذلك يحصل له ملكة في معرفة تأويلات سائر الصور الخيالية، والذي يلوح لخاطري الفاتر أن أبا بكر أخطأ في تفسير الظلة بالإسلام مع أنها ينطف منها القرآن، والقرآن لا ينطف من الإسلام، بل من الحضرة الإلهية، فالأولى تفسيرها بها.
فهو إشارة بأننا تحت ظلة الحضرة الإلهية التي ينطف منها القرآن، وأخطأ أيضا في تفسير السبب بأنه الدين الحق، إذ لم يحصل الانقطاع لعثمان فله قط في أمر دينه بل في خلافته.
فالأولى تفسيرها بالخلافة وقعت فيها الفترة في أمر عثمان، ثم وصلت بعلي له فعلا بذلك أمر عثمان إذ قام علي مقامه، وكأنه باق على حاله.


.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 6:52 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة السبت 9 مارس 2019 - 20:21 من طرف عبدالله المسافربالله

الفقرة السادسة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله 

الفقرة السادسة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
تعبير أبي بكر لرؤيا الرجل
( ألا ترى كيف قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي بكر في تعبيره الرؤيا : « أصبت بعضا ، وأخطأت بعضا » . فسأله أبو بكر أن يعرّفه ما أصاب فيه وما أخطأ ، فلم يفعل صلَّى الله عليه وسلَّم ) ، فإنّه قد روي بالأسانيد الصحيحة أنّ رجلا أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال : « إنّي رأيت ظلَّة  ينطف منها السمن والعسل ، وأرى الناس يتكففون في أيديهم ، فالمستكثر والمستقلّ ، وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض فأراك - يا رسول الله - أخذت به فعلوت ، ثمّ أخذ به رجل فعلا ، ثمّ أخذ به رجل آخر فعلا ، ثمّ أخذ به رجل آخر فانقطع به ثمّ وصل له فعلا " . البخاري و مسلم و أحمد و الترمذي.
فقال أبو بكر : أي رسول الله - بأبي أنت - والله لتدعني فلاعبّرها ؟
فقال : « اعبرها » .
فقال : « أمّا الظلَّة : فظلَّة الإسلام . وأمّا ما ينطف من السمن والعسل :
فهو القرآن - لينه وحلاوته - وأمّا المستكثر والمستقلّ : فهو المستكثر من القرآن والمستقل منه . وأمّا السبب الواصل من السماء إلى الأرض : فهو الحقّ الذي أنت عليه ، تأخذ به فيعليك الله ، ثمّ يأخذ به بعدك رجل آخر فيعلو به ، ثمّ يأخذ به رجل آخر بعده فيعلو به ، ثمّ يأخذ به رجل آخر فيقطع به ، ثمّ يوصل له فيعلو . أي - رسول الله - لتحدّثني أصبت ، أم أخطأت ؟».
فقال : « أصبت بعضا وأخطأت بعضا » .
قال : « أقسمت - بأبي أنت يا رسول الله - لتحدّثني ما الذي أخطأت » ؟
فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : « لا تقسم » - قطعا لمادة توقّعه فإنّه من الخصائص التي لا دخل لأحد فيها .
تأويل تلك الرؤيا والذي باح لسان الوقت بالإفصاح عنه في تأويله: أنّ السبب الواصل هو الرابطة الموصلة للعبد، أعني التزام التمسّك بعروة العبادة.
وأمّا الرجال الأربعة الواصلون : فهم الخاتمان بوارثيهما ، فإنّ وارث خاتم الولاية عقود عرى العبادة منه واهية ، ينقطع كثيرا ، ولكن يوصله ،على ما صرّح به صاحب المحبوب  .
وممّا يدلّ على أنّهم هم الأربعة، قوله تعالى: " إِنَّ الله اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ " [ 3 / 33 ] .
ولكن إنّما يفهم ذلك بعد الوقوف على لسان أهله .
ثمّ إنّه ظهر من هذا أنّ ممّا أخطأ فيه المؤوّل هو إبقاؤه الرجل على صورته المرئيّة ، وما عبّرها من الشخص الصوريّ الكوني الكامل من بني نوعه ، إلى الشخص الكماليّ الوجوديّ الكامل منهم فإنّه هو الرجل حقيقة على ما عرفت

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل) . صلى الله عليه وسلم. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا: «أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل. وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه:
«أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» [الصافات : 105] )
(ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا: أصبت بعضا وأخطأت بعضا فسأله)، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم  و (أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل ) صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان أبو هريرة يحدث أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال : إني رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل فأرى الناس يتكففون في أيديهم فالمستكثر والمستقل وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض فأراك يا رسول الله أخذت به فعلوت،ثم أخذ به رجل من بعد فعلا ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل له فعلا .
فقال أبو بكر : يا رسول الله بأبي أنت وأمي لتدعني فأعبرها ، فقال : أعبرها؟
فقال : أما الظلة فظلة الإسلام وأما ما ينطن من السمن والعسل فهو القرآن لينة وحلاوته .
وأما المستكثر والمستقل فهو المستكثر من القرآن والمستقل منه، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض، فهو الحق الذي أنت به تأخذ به فيعليك الله تعالى ثم يأخذ به بعد رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر بعده فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر بعده فينقطع به ثم يوصل له فيعلو.
أي رسول الله لا تحدثني أصبت أم أخطأت فقال النبي :
أصبت بعضا وأخطأت بعضا.
فقال : أقسمت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقسم. " هذا حديث متفق على صحته
وقال الله لإبراهيم عليه السلام حين ناده " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " [الصافات : 104 - 105]. أي جعلت ظاهرها مطابقا للواقع بالاقدام على مقدماته.


.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الثلاثاء 2 يوليو 2019 - 6:55 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 10 مارس 2019 - 16:25 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال الله تعالى لإبراهيم) الخليل عليه السلام (حين ناداه)، كما قال تعالى : وأن "أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا" [الصافات: 104- 105].
أي اعتقدت أن ما أظهرته لك رؤياك المنامية الخيالية صدق مطابق لما أردناه منك من ذبح الكبش تقربا إلينا (وما قال له) يا إبراهيم (قد صدقت)، أي كنت صادقا (في الرؤيا أنه)، أي المرئي لك معروضة على الذبح (ابنك)، لأن الأنبياء عليهم السلام صادقون في جميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم.
والله تعالی مصدق لهم سبحانه وتعالى بقوله المنزل عليهم وبفعله الخارق للعادة على أيديهم.
وقوله تعالى: "قد صدقت الرؤيا" إخبار بتصديق الرؤيا، أو أنه بحذف حرف الاستفهام والتقدير : أصدقت الرؤيا المنامية من عالم الخيال، وهو عالم المثال تضرب فيه الأمثال للنائم فيرى فيه الشيء على خلاف ما هو عليه من الأوصاف الأدنى مناسبة .
فلا بد فيه من التعبير أي العبور من صورة ما رأى إلى غيره ليفهم الأمر على ما هو عليه ، فكانت الرؤيا التي كذبت باعتبار ما ظهر له منها وهو صدقها، وهم وسعى في تنفيذ ما كذبت به الرؤيا عليه .
فنبهه الله تعالى بذلك على عدم تصديق الرؤيا المنامية فيما يأتي من ظواهر الأمثال،
وأرشده سبحانه في ضمن ذلك إلى التعبير والتأويل في رؤياه، وأن لا يحمل الرؤيا على ظاهرها (لأنه)، أي إبراهيم عليه السلام (ما قبرها)، أي أولها وعبر من ظاهرها إلى باطنها (بل أخذ بظاهر ما رأى) في منامه.
لأن رؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي من الله لهم والله تعالی پرشدهم إلى تعبير ما رأوا تأويله، وإنما حمل إبراهيم عليه السلام على عدم التعبير والتأويل في رؤياه
علمه بأن الرؤيا على قسمين :
قسم محتاج إلى التعبير، لأنه مثال مضروب للإشارة إلى أمر آخر
وقسم غير محتاج إلى التعبير.
لأنه واقع على طبق ما يرى كما قالت عائشة رضي الله عنها :
أول ما بدئ به النبي عليه السلام من الوحي الرؤيا الصادقة ، فكان لا يرى رؤيا إلا - جاءت مثل فلق الصبح ، أي مطابقة لعين ما رأي.
فظن إبراهيم عليه السلام أن رؤياه تلك من القسم الثاني غير محتاجة إلى التعبير وأخذ بالاحتياط إلى أمر ربه لعل الأمر أن يكون كذلك .
حتى أوحى الله تعالى إليه في يقظته بما كشف له به عن وحيه في منامه فكان وحي اليقظة من تمام وحي المنام ومن جملة بيانه.
كما أوحى الله تعالى لنبينا عليه السلام في ليلة المعراج بأمر الصلوات الخمس خصوصا على قول من قال: إن المعراج كان رؤيا منام كما قال بعضهم ذلك في قوله تعالى: "وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس" [الإسراء: 60] الآية.
إنها رؤيا المعراج فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله تعالى إليه في اليقظة صبيحة ليلة المعراج بإرسال جبرئیل علیه السلام.
فبين له كيفية الصلوات الخمس، فصلی به إماما في يومين بإزاء باب الكعبة تكمیلا لوحي ليلة المعراج وتتميما له وشرحا وبيانا.
فكأنه تعبير ما رأى في منامه إن كان المعراج منامة كما تشير إليه الآية المذكورة وغيرها من الأحاديث أيضا وهو مذكور في محله (و) لا شك أن (الرؤيا) في الغالب (تطلب)، أي تقتضي (التعبير) وهو المتبادر من كل رؤيا منامية، لأنها في عالم الخيال لا في عالم الحس.
وأما الرؤيا التي لا تحتاج إلى التعبير فهو أمر نادر الوقوع خارج عن مقتضى الرؤيا المنامية، والنادر لا حكم له يكون مطردة بحيث يعتبر.
(ولذلك)، أي . لأجل كون الرؤيا تطلب التعبير (قال العزيز)، أي عزیز مصر في قصة يوسف عليه السلام لما رأى "سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات ځضر وأخرى یابسات".
فقال: " يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون" [يوسف: 43].
أي تؤولون وتفسرون (ومعنى التعبير) للرؤيا من العبور وهو (الجواز) أي المجاوزة (من صورة ما رآه) النائم في منامه (إلى أمر آخر) غير ما له تلك الصورة.
(فكانت البقر) التي رآها العزيز (سنین) جمع سنة، أي أعوام (في المحل)، أي القحط وهي البقر العجاف، أي الضعاف المهزولات (و) في (الخصب) بالكسر : الرخاء، وهي البقر السمان.
وذلك في تعبير يوسف عليه السلام لها بذلك حيث "قال تزرعون سبع سنين" [يوسف : 47] الآيات.
(فلو صدق) إبراهيم عليه السلام (في الرؤيا) التي رآها بأن كانت رؤياه صادقة من حيث ظاهر ما رأي وهو ذبح ابنه، وإلا فإن إبراهيم عليه السلام صادق في وقوع تلك الرؤيا منه بلا شبهة لاستحالة الكذب على الأنبياء عليهم السلام (لذبح ابنه)، على طبق ما رأى في منامه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه "وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا") [الصافات : 105].
أي قد جعلت رؤياك صادقة في الحس باعتقادك ومباشرتك بحسب اعتقادك وليس المراد برؤياك ما أخذته بل المراد غير ذلك ولم تطلع على ما هو المراد من رؤياك.
دع نفسك عن ذبح ولدك فإنك قد ذهبت إلى غير سبيل رؤياك بأن كنت مصدقا للرؤيا بقصد ذبح ولدك وما كان في علمي أن تذبح ولدك فإني قد حرمت ذبح الإنسان وليس لك ذبح في علمي إلا الكبش الذي رأيته في صورة ولدك .
ولو صبر إبراهيم عليه السلام وطلب علم ما رآه من الله لنزل الكبش إليه البتة إذ هو المعجزة المخصوصة المقدرة في العلم الأزلي .
فكان المراد من الرؤيا عند الله غير ابنه ولو كان المراد هو ابنه لقال حين ناداه : " ونادناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " بالتخفيف في الرؤيا أنه ابنك (وما قال له صدقت) بالتخفيف (في الرؤيا أنه ابنك) .
ولما لم يقل ذلك بل قال له : صدقت الرؤيا علمنا أن ما رآه ليس ابنه وأن الفداء فداء عن ذهن إبراهيم عليه السلام و إنما قال : "قد صدقت الرؤيا" .
(لأنه ما عبرها بل أخذ بظاهر ما رأى و الرؤيا) أي رؤياه هذه فاللام للعهد إذ ما كل الرؤيا يدخل فيه التعبير لذلك قال في حق رؤياه هذه قد صدقت فإنه يدخل فيها التعبير ولو لم يطلب رؤياه التعبير لما قال ذلك.
أو المراد الجنس اي والحال أن جنس الرؤيا وهو أنسب لقوله : (تطلب التعبير ولذلك) أي لأجل طلب الرؤيا التعبير (قال العزيز إن كنتم للرؤيا تعبرون) لعلمه أن رؤياه تطلب التعبير (ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر) الذي هو المراد الصورة المرئية .
(فكانت البقر سنين في المحل والخصب) أي المراد من صورة البقر العجاف سنين القحط ومن البقر السمان سنين السعة فإذا كان رؤياه تطلبه التعبير لم يصدق إبراهيم عليه السلام في الرؤيا ولو لم تطلب الرؤيا التعبير لصدق إبراهيم عليه السلام (فلو صدق) إبراهيم عليه السلام (في الرؤيا لذبح ابنه) لأن فعل الذبح وهو قطع عنق ولد بالسكين واقع عن إبراهيم عليه السلام في الرؤيا يدل على ذلك ظاهر الآية : " أني أرى في المنام أني أذبحك" .
ولو لم ير صدور هذا الفعل منه في المنام لما هم وقصد القطع حتى غضب ورمى السكين فإنما يكون إبراهيم عليه السلام صادقا في الرؤيا لو وقع هذا الفعل بعينه عنه في الحس فلم يقع .
إذ ما يصدر عن الأنبياء ما لا يرضي الله تعالی عنه ولا يتعلق إدارته خصوصا من الكبائر فلم يصدق (إنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده) وليس ذلك عين ولده ولم يصدق. 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
والشيخ، رضي الله عنه، أورد هذا شاهدا على احتياج الرؤيا إلى التعبير.
قال وسماه الحق تعالی فداء لأن من المرائي ما يرى على صورة ما رأه بعينه فحمله الحق تعالى على ذلك الحكم مراعاة لظن ابراهیم، عليه السلام، وإلا فقد رأى الذبح وظهر على ظاهر ما رآه من غير تعبیر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
فلو صدق في الرؤيا ، لذبح ابنه ، وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلَّا الذبح العظيم في صورة ولده ، ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السّلام ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ، فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخيال ابن إبراهيم عليه السّلام   .
يعني : أنّ إبراهيم لمّا صدق في حقيقة إيمانه بالله وإسلامه له ، عوّده الله بتجسيد الوحي والأمور له على صورة ما كان يرى في منامه ، فكان عليه السّلام يرى رؤيا غير هذا المشهد ، فيقع في الحسّ رؤياه على صورة ما كان يرى عليه السّلام من غير تعبير يحوج إلى تفسير وتأويل وتعبير ، فصدّق بحكم ما اعتاد هذه الرؤيا أيضا على صورة ما رأى من غير تعبير ، وكان الله قد ابتلاه في ذلك بلاء حسنا ، أي اختبره ، بمعنى أعطاه الخبرة ، فإنّ الله كان خبيرا خبرة مبيّنة ، جلية الأمر ومبيّنة عن كشفه مقتضى الوهم والخيال بالفكر .
فلمّا ظهر صدق إيمانه وصدقه في إسلامه وإسلام ابنه في تصديق رؤيا أظهرها الله له ، وأبان صدق ما رأى ، ففداه بذبح عظيم ، فعلم إبراهيم عليه السّلام أنّ الذي رآه في نومه على صورة ابنه كان الذبح العظيم لا ابنه ، لأنّه ذبح ما رأى في المنام ، فلمّا كذب صورة الذبح الذي رآه ، فلم يقدر على ذبح ابنه ، حقّق الله له صورة الذبح ، وصدّق إبراهيم ففداه بالذبح العظيم ، ووقع به صورة الذبح ، فعلم عليه السّلام عند ذلك أنّ ما رأى كان كبشا في صورة ابنه ، لمناسبة ذكرنا ، فتذكَّر .
قال رضي الله عنه : " فلو رأى الكبش في الخيال ، لعبّره بابنه أو بأمر آخر " .
يعني رضي الله عنه : كما عبّر الحق له رؤياه بما فداه بالذبح ، فكذلك لو رأى أمرا في صورة الذبح ، لعبّره بذلك الأمر وهو إسلامه أو بابنه أنّه صورة إسلامه ، لكون الولد سرّ أبيه .
قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " آيه 37 سورة الصافات . أي الاختبار الظاهر ، يعني الاختبار في العلم : هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا ؟
لأنّه يعلم أنّ موطن الرؤيا يطلب التعبير ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤيا لهذا السبب .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال الله تعالى - لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ناداه :" أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا " وما قال له : قد صدقت في لرؤيا إنه ابنك ، لأنه ما عبرها ) .
فلو صدق في رؤيا ما رأى لما كان عند الله إلا إسحاق ولذبحه ، فلم يصدق فيها بالتعبير كما هو عند الله.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل أخذ بظاهر ما رأى والرؤيا تطلب التعبير ، ولذلك قال العزيز: " إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ ". ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر ، فكانت البقر سنين في المحل والخصب ، فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه ) ولكان عند الله كذلك .
"" إضفة بالي زادة :  ( قد صدقت الرؤيا ) أي قد جعلت رؤياك صادقة في الحس باعتقادك ومباشرتك بحسب اعتقادك ، وليس المراد برؤياك ما أخذته بل المراد غير ذلك ، ولم تطلع على ما هو المرد ، دع نفسك عن ذبح ولدك فإنك قد ذهبت إلى غير سبيل رؤياك بتصديقك الرؤيا ، وما كان في علمي أن تذبح ولدك ، فإني قد حرمت ذبح الإنسان ، وليس لك في علمي إلا الكبش الذي رأيته في صورة ولدك ، ولو صبر إبراهيم وطلب علم ما رآه من الله لنزل الكبش إليه البتة إذ هو المعجزة المقدرة في العلم الأزلي ، ولو كان المراد ابنه لقال حين ناداه - أَنْ يا إِبْراهِيمُ  :  " قد صدقت " بالتخفيف في الرؤيا أنه ابنك ( وما قال له قد صدقت ) إلخ فكان الفداء فداء عن ذهن إبراهيم ، فإذا كانت رؤياه تطلب التعبير لم يصدق إبراهيم في الرؤيا ، ولو لم تطلب الرؤيا التعبير لصدق ، فكما أن ما كان عند الله إلا الذبح العظيم ، كذلك ما كان عند الله إلا تصديق الرؤيا عن إبراهيم ، وما فعل الأنبياء إلا ما عند الله اهـ. ""   

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
(وقال الله تعالى لإبراهيم، عليه السلام، حين ناداه: (أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا).)
أي، جعلت ما رأيت في منامك صادقا. (وما قال له: صدقت في الرؤيا أنه ابنك). صدقت بالتخفيف.
أي، ما جعل الله مصدقا في رؤياه أن المرئي ابنه (لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير.)
لأن المعاني تظهر في الصور الحسية متنزلة على المرتبة الخيالية.
(ولذلك قال العزيز: (إن كنتم للرؤيا تعبرون). ومعنى (التعبير) الجواز منصورة ما رآه إلى أمر آخر) وهو المعنى والمراد بها.
(وكانت البقر سنين في المحل والخصب).
أي، المراد من صورة البقر العجاف، كان سنين في القحط والغلا، ومن صورة البقر السمان، سنين في الخصب والسعة.
(فلو صدق في الرؤيا، لذبح ابنه) لأنه رأى أنه كان يذبحه.
(وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده) بأن قصد ذبحه.
(وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده) أي، وما كان مراد الله إلا الذبح العظيم الذي جعله الله فداء.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 10 مارس 2019 - 16:31 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
وألا ترى كيف (قال الله تعالى لإبراهيم) مع رسوخه في معرفة الحقائق أكبر من معرفة رسوخ أبي بكر وغيره (حين ناداه:" أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا" [الصافات: 105]  أي: جعلتها صادقة على الإطلاق مع أن ظاهرها ليس كذلك، وإن كانت رؤيا الأنبياء صادقة، إما في الظاهر أو في التأويل.
(وما قال له): صدقت في الرؤيا بحيث تطابق رؤياك الواقع من كل وجه، فلم يساعده في هذا الموضع، وإن ساعده في جعل الكبش فداء لابنه؛ لأن المساعدة فيما هو جهل محض تجهيل لا يليق بالحق تعالى.
إذ لو كان وهم إبراهيم علما لقال له: (صدقت في الرؤيا إنه ابنك)، وإنما قال له: ( قد صدقت الرؤيا ) "أي: حققت ما أمرناك به في المنام ، من تسليم الولد للذبح ، وبالعزم والإتيان بالمقدمات." مع أنها ما صدقت بحسب الظاهر (لأنه ما عبرها)؛ لأن التعبير تكذيب للظاهر، وإن كان صادقا في التأويل، وهو ما عبرها (بل أخذ بظاهر ما رأى والرؤيا) أي: ورؤياه (تطلب التعبير) أي: ولطلب الرؤيا التعبير بحيث يعرفه أكثر العقلاء، وإن التبس على إبراهيم التي في رؤياه هذه لبعد المناسبة.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولذلك قال العزيز "إن كنتم للرؤيا تعبرون"[يوسف: 43] . ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه.)

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،  ).
معنى التعبير
( وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السّلام حين ناداه " أَنْ يا إِبْراهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا " ) [ 37 / 105 ] ، أي أخذت صورتها المرئيّة مطابقة للواقع .
( وما قال له : « صدقت في الرؤيا أنّه ابنك » ) أي وفّيت حقّها من قولهم : « صدق في القتال » إذا وفّى حقّه وفعل على ما يجب ، وعليه قوله تعالى: "رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا الله ".
أي حقّقوا العهد بما أظهروه من أفعالهم - وما وفّى حقّ الرؤيا ( لأنّه ما عبرها بل أخذ بظاهر ما رأى والرؤيا يطلب التعبير ، ولذلك قال العزيز : "إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ" ) [ 12 / 43 ] .
( ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر ) هو منتهى ما قصد من الصورة - تقول : « عبرت الرؤيا » : إذا ذكرت آخرها وعاقبة أمرها .
كما تقول :"عبرت النهر" إذا قطعته حتّى تبلغ آخر عرضه وهو عبره ونحوه : " أوّلت الرؤيا " إذا ذكرت مآلها .
رؤيا ملك مصر وتعبير يوسف عليه السّلام لها
وقد ورد في الآثار إنّه لمّا دنى فرج يوسف رأى ملك مصر - الريّان بن الوليد - رؤيا عجيبة هالت : رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر مالس ، وسبع بقرات عجاف ، فابتلعت العجاف السمان ، ورأى سبع سنبلات خضر ، قد انعقد حبّها ، وسبعا أخر يابسات ، قد استحصدت وأدركت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتّى غلبن عليها فاستعبرها ، فلم يجد في قومه من يحسن عبارتها ، حتى استعبر يوسف فأوّل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب ، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة .
( فكانت البقر ) في تأويل يوسف ( سنين في المحل والخضب ) وبيانه أنّ البقر في جنس الحيوانات هو المخصوص بالجعامة وتناول ساير النباتات حلوها ومرّها وشرب المياه كلَّها  صافيها وكدرها .
كما أن السنة هي التي تسع الأمور كلَّها مرغوبها ومكروهها .
وتأتي بالحوادث حسنها وسيّئها وأيضا المعتبر في أمر التعبير هو عبارة الرائي كما لا يخفى على الفطن الخبير .
وقد عبّر الملك عن رؤياه بـ « بقرات » و « سنبلات » ، فاستشعر يوسف
من الأوّل بالاشتقاق الكبير على ما هو المعوّل عليه عند الأكابر « آتي قريب »
ومن الثاني « سنة بلاء » ثمّ إنّ البلاء مشترك بين الخير والشرّ ، و « الخضر » فيه حرفان من الخير ، مع ظهور ضاد « الضوء » بها ، و « اليابس » هو « البايس » وهذا إنّما يفهمه من له ذوق إدراك التلويحات .
معنى تصديق إبراهيم عليه السّلام الرؤيا مع عدم ذبح الولد
ثمّ إنّ إبراهيم ما صدّق في هذه الرؤيا ، لأنّ الصورة المرئيّة مأولة بالكبش وهو الذي ذبح .
( فلو صدّق في الرؤيا لذبح ابنه.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه: «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون». ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه، ).
قال الشيخ رضي الله عنه : (وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير. ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون».
ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر. فكانت البقر سنين في المحل والخصب. (فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه،)
(وما قال) الله تعالی (له) أي لإبراهيم عليه السلام (قد صدقت في الرؤيا) بالتخفيف، أي ما قال له : صدقت في رؤياك حيث حكمت (أنه)، أي المرئي فيها هو (ابنك) حقيقة (لأنه ما عبرها) بالتخفيف أو التشديد (بل أخذ بظاهر ما رأى)، أي من غير تعبير (والرؤيا تطلب التعبير) في أكثر الصور .
فلا ينبغي أن تحمل على ظهرها على سبيل القطع (ولذلك)، أي اطلب الرؤيا بالتعبير (قال العزيز : إن كنتم للرؤيا تعبرون ومعنى التعبير)، بل معنی العبور اللازم له (الجواز من صورة ما رأى إلى أمر آخر) هو المراد بها.
(فكانت البقر) العجاف التي راها العزيز في منامه (سنين في المحل)، أي القحط (و) الغلاء والبقر السمان سنين (في الخصب)، أي السعة (فلو صدق في الرؤيا)، أي لو كان إبراهيم عليه السلام صادقا فيما حكم به أن المرئي في رؤياه ابنه (لذبح ابنه) لأنه رأى أنه كان يذبحه .

(وإنما صدق الرؤيا) ، أي جعلها صادقة (في أن ذلك المرئي عين ولده) فتصدى لذبحه (وما كان) ذلك المرئي (عند الله إلا الذبح العظيم) متمثلا (في صورة ولده ففداه)، أي الحق سبحانه فدى ولده بالذبح العظيم.
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 8:36 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 10 مارس 2019 - 17:07 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة :الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
قال الشيخ رضي الله عنه : "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  "
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإنما صدق) بالتشديد، أي اعتقد الصدق (في الرؤيا) فأخذ بظاهرها (في أن ذلك) الذبح (عين ولده)، بحسب ما رآه كذلك في رؤياه (وما كان)  ذلك الذبيح في
حقيقة الأمر عند الله تعالى (إلا الذبح)، أي الكبش (العظيم) ظهر له في مقام العظمة ففي عالم المنام (في صورة ولده).
فالصورة آدمية وهي صورة ولد إبراهيم عليه السلام والماهية كبش عظیم نزل به جبرائیل علیه السلام من الجنة ، وليس هو من غنم الدنيا ولهذا كان عظيما.
فهو من قبيل ظهور جبرائیل علیه السلام لنبينا صلى الله عليه وسلم في صورة الأعرابي ، وصورة دحية الكلبي.
فظهر لإبراهيم عليه السلام في منامه بصورة ولده، وظهر له في يقظته بصورة الكبش النازل من الجنة وهو جبرائیل علیه السلام جاءه يعلم كيف يكشف الصورة المحسوسة عن الحقيقة المعقولة في النوم واليقظة، ويجرد بالذبح ما لا حقيقة له عما له حقيقة، ولهذا سماه الله تعالى بالذبح العظيم.
فـ اليقظة وحي كلها من الله تعالی بجبرائيل عليه السلام لإبراهيم عليه السلام في النوم وفي اليقظة.
(ففداه)، أي فدى الله تعالی ابن إبراهيم عليه السلام بالذبح العظيم بحسب الأمر الظاهر في صورة الخلق (لما)، أي لأجل ما (وقع في ذهن)، أي خاطر
(إبراهيم عليه السلام ما هو)، أي ليس هو (فداء في نفس الأمر عند الله تعالی)، لأنه إنما ذبح كبشا عظيما في منامه وفي يقظته فكشف صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر الواحد العظيم الظاهر في صورة الخلق فذبحه عين المحو ونداء الحق أخرج إبراهيم عليه السلام من الفرق إلى الجمع ومن السكر إلى الصحو واليقظة والمنام كلاهما التباس على حقيقة المطلوب ولهذا قال:
(فصور الحس) لإبراهيم عليه السلام وهو اليقظة (الذبح)، أي الكبش العظيم (وصور الخيال) وهو المنام (ابن إبراهيم) لإبراهيم عليه السلام.
(فلو رأى) إبراهيم عليه السلام (الكبش في الخيال)، أي في منامه ورأى أنه يذبحه (لعبره)، أي عبر رؤياه (بابنه أو بأمر آخر) ولم يكن يحمله على ظاهره لعدم وجود العظمة فيه بظهوره في صورة ابنه الآدمي المعصوم.
فإنه ذبح الكبش في المنام ليس بأمر عظيم مثل ذبح الابن في المنام، فلو رأى كبشا لعبره وأوله ولم يحمله على ظاهره.
لأنه إتلاف المال والمال ليس بعظيم عند الأنبياء عليهم السلام والله تعالی يعلم ذلك من الأنبياء، و إبراهيم عليه السلام يعلم ما يعلم الله منه من حقارة الدنيا عنده وعزة الدين في قلبه.
وفي ذبح ابنه إتلاف الدين لا إتلاف الدنيا لحرمته في الشرائع كلها، وقد ظن إبراهيم عليه السلام نسخ الحرمة في شريعته فقررها الله تعالی في شريعته أيضا بما وقع له من الفداء في اليقظة، ولهذا لم يعبر رؤياه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
قال الشيخ رضي الله عنه : (إنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده) وليس ذلك عين ولده ولم يصدق في هذا التصديق لعدم مطابقته في نفس الأمر فإذا لم يصدق في تصدیقه لم يصدق في رؤياه كما بينا .
(وما كان عند الله إلا الذبح العظيم) الذي رآه (في صورة ولده) فكما أن ما كان عند الله إلا الذبح العظيم كذلك ما كان عند الله إلا تصديق الرؤيا عن إبراهيم عليه السلام في ذلك عين ولده وما فعل الأنبياء إلا ما هو عند الله.
(ففداه) الحق بالذبح العظيم (لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام) عن ذبح ولده (ما هو) أي ليس ذلك الذبح (فداء في نفس الأمر عند الله) بل هو فداء عند الله في ذهن إبراهيم عليه السلام للرؤيا صورتان :
صورة الذبح وهي بعينه الذبح الذي وقع في الحس في الكبش فكان المراد عين تلك الصورة لا غير إذ الحس لا يصور إلا عين الصورة فلا يطلب ما في الحس التعبير بخلاف الخيال فما كان المراد بالصورة الحسية إلا عين تلك الصورة (فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام) لذلك دخل التعبير إذ المراد من الصور الخيالية ما حصل من المعاني لا نفس تلك الصورة فظهر المعنى الكبشية في خيال إبراهيم عليه السلام في صورة ولده .
فحكم وهم إبراهيم عليه السلام أن المراد هو نفس الصورة فعمل بما حكم عليه وهمه .
فجاز ظهور المعاني في الخيال بما يطابق بصورها الحسية أو بغيرها فإذا جاز ظهور المعاني في الخيال بغير صورته الحية لم يظهر معنى الكبشية في خيال إبراهيم عليه السلام بصورته الكبشية لحكمة فلم ير صورة الكبش.
(فلو رأى الكبش في الخيال لعبرة) أي لوجب تعبير الكبش (بابنه أو بامر اخر) لأن هذه الرؤيا في حق إبراهيم عليه السلام ابتلاء واختيار هل يعلم ما في الرؤيا من التعبير أم لا وذلك لا يمكن إلا بالرؤيا التي تقتضي التعبير وبه يندفع ما في وهمك من أنه لم لا يجوز أن يرى الكبش في الخيال فوقع كما في بعض الواقعات فلا يقتضي التعبير.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
النص واضح


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
، وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلَّا الذبح العظيم في صورة ولده ، ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السّلام ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ، فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخيال ابن إبراهيم عليه السّلام   .
يعني : أنّ إبراهيم لمّا صدق في حقيقة إيمانه بالله وإسلامه له ، عوّده الله بتجسيد الوحي والأمور له على صورة ما كان يرى في منامه ، فكان عليه السّلام يرى رؤيا غير هذا المشهد ، فيقع في الحسّ رؤياه على صورة ما كان يرى عليه السّلام من غير تعبير يحوج إلى تفسير وتأويل وتعبير ، فصدّق بحكم ما اعتاد هذه الرؤيا أيضا على صورة ما رأى من غير تعبير ، وكان الله قد ابتلاه في ذلك بلاء حسنا ، أي اختبره ، بمعنى أعطاه الخبرة ، فإنّ الله كان خبيرا خبرة مبيّنة ، جلية الأمر ومبيّنة عن كشفه مقتضى الوهم والخيال بالفكر .
فلمّا ظهر صدق إيمانه وصدقه في إسلامه وإسلام ابنه في تصديق رؤيا أظهرها الله له ، وأبان صدق ما رأى ، ففداه بذبح عظيم ، فعلم إبراهيم عليه السّلام أنّ الذي رآه في نومه على صورة ابنه كان الذبح العظيم لا ابنه ، لأنّه ذبح ما رأى في المنام ، فلمّا كذب صورة الذبح الذي رآه ، فلم يقدر على ذبح ابنه ، حقّق الله له صورة الذبح ، وصدّق إبراهيم ففداه بالذبح العظيم ، ووقع به صورة الذبح ، فعلم عليه السّلام عند ذلك أنّ ما رأى كان كبشا في صورة ابنه ، لمناسبة ذكرنا ، فتذكَّر .
قال رضي الله عنه : " فلو رأى الكبش في الخيال ، لعبّره بابنه أو بأمر آخر " .
يعني رضي الله عنه : كما عبّر الحق له رؤياه بما فداه بالذبح ، فكذلك لو رأى أمرا في صورة الذبح ، لعبّره بذلك الأمر وهو إسلامه أو بابنه أنّه صورة إسلامه ، لكون الولد سرّ أبيه .
قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " آيه 37 سورة الصافات . أي الاختبار الظاهر ، يعني الاختبار في العلم : هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا ؟
لأنّه يعلم أنّ موطن الرؤيا يطلب التعبير ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤيا لهذا السبب .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده ، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ، ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ) ما نفى ، أي لم يكن المذبح فداء لابنه في نفس الأمر عند الله ، بل في ذهن إبراهيم .
""إضفة بالي زادة :   ( ما هو فداء في نفس الأمر عند الله ) بل في ذهن إبراهيم ، فللرؤيا صورتان صورة الذبح وهو الفعل الحسي ، وصورة ولد إبراهيم وهي صورة المعاني ( فصورة الحس صورة الذبح ) وهو بعينه الذبح الذي وقع في الحس في الكبش ، فكان المراد عين تلك الصورة لا غير ، إذ الحس لا يصور إلا عين الصورة فلا يطلب ما في الحس التعبير بخلاف الخيال .أهـ  ""
( فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ) وكان شيئا واحدا فأجراه إبراهيم على عادته في المنام والوحي ، وكان ابتلاء من الله ولابنه فصدقه ، فتحقق بذلك التصديق إسلامه وإسلام ابنه تصديقهما الرؤيا فأظهر الله جلية الأمر .
""إضفة بالي زادة :  ( فصور الخيال ابن إبراهيم ) . لذلك دخل التعبير فظهرت المعنى الكبشية في خيال إبراهيم في صورة ولده فحكم وهم إبراهيم أن المراد هو نفس الصورة فعمل بما حكم عليه وهمه ، فجاز ظهور المعاني في الخيال بما تطابق بصورها الحسية أو بغيرها ، فإذا لم يظهر معنى الكبشية في خياله بصورته الكبشية فلم ير صورة الكبش . أهـ. ""
فعلم إبراهيم أن الذي رآه في صورة ابنه كان كبشا ، وأن مقتضى موطن الرؤيا هو التعبير ( فلو رأى الكبش في الخيال لعبر بابنه أو بأمر آخر ) أي على ما علمه الله لفداء من أن حق موطن الرؤيا هو التعبير ، كما لو رأى إسلامه لنفسه في صورة الذبح لعبره بالإسلام ، ثم قال :  ( إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) . أي الاختبار الظاهر ، يعنى الاختبار في العلم .
""إضفة بالي زادة :  قوله ( المبين أي الاختيار ) لعلمه عند ذبح الكبش ما كان لمراد في ذلك ، فكان قوله - إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ " - مثل قول يوسف - هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ " - فكانت هذه الآية مقدما في الذكر مؤخرا في الوقوع عن آية الفداء اهـ بالى . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
(وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده) بأن قصد ذبحه.
(وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده) أي، وما كان مراد الله إلا الذبح العظيم الذي جعله الله فداء.
(ففداه) أي، الحق الذبح. (لما وقع في ذهن إبراهيم، عليه السلام) تعليل للفداء.
(ما هو فداء في نفس الأمر عند الله).
(ما) للنفي. أي، ليس ذلك الكبش فداء عنه في نفس الأمر، لأن الحق ما كان أمره بذبح ولده، ثم فداء عنه بالذبح، بل لأجل ما وقع في ذهن إبراهيم صورة ابنه، جعله الحق فداء في الظاهر. وقوله: (عند الله) عطف بيان (نفس الأمر.)
(فصور الحس الذبح) لأنه مراد الله منها. (وصور الخيال ابن إبراهيم، عليه السلام).

لأن المراد في الصور الخيالية ما يظهر بها من المعاني، لا نفس تلك الصور، لذلك قال: (فلو رأى الكبش في الخيال، لعبره بابنه أو بأمر آخر.) يكون مطلوبا من تلك الصورة.
.
يتبع


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 8:37 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 10 مارس 2019 - 17:17 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
قال الشيخ رضي الله : (وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.)
"" أضاف المحقق : أخبر سبحانه أن هذا بلاء ظاهر أي: هذا بلاء في الظاهر ولكن لا يكون في الباطن بلاء؛ لأنه في الحقيقة بلوغ منازل المشاهدات، وشهود لأسرار حقائق المكاشفات، وهذه من عظائم القربات، وأصل البلاء ما يحجبك عن مشاهدة الحق لحظة، ولم يقع هذا البلاء بين الله وبين قلوب المصطادين بشبكات محبة القدم قط؛ فإن قلوبهم تحت غواشي أنوار سبحات وجهه فانية، وكيف يقع عليها البلاء وهي تفني في جمال الحق؟! إن كنت تريد بلائهم فإنه تعالی بلاؤهم، وذلك البلاء لا ينقطع عنهم أبدا، ويمنع هذا البلاء جميع البلاء عنهم.""
(قال العزيز) ملك مصر: فإن القائل: "إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات ځضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون " [يوسف: 43].
ثم استشعر سؤالا بأنه قال: تعبرون بالتخفيف، والتعبير الذي تحتاج إليه الرؤيا مصدر المشدد، فأجاب عنه بقوله: (ومعنى التعبير: الجواز) أي: العبور (من صورة ما رآه إلى أمر آخر) لعدم انضباط الخيال فيه حتى يأتي في كل مرة بما هو مثال تام للمرئي بل كثيرا ما يأتي بما يناسبه مناسبة بعيدة جدا.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
وإنّما صدّق الرؤيا في أنّ ذلك ) المرئي ( عين ولده ، وما كان عند الله إلَّا الذبح العظيم ) يعني الكبش ( في صورة ولده ) ، ) .
وذلك ليس فداء لإسحاق وصورته في الخارج ، ( ففداء لما وقع في ذهن إبراهيم ما هو فداء في نفس الأمر عند الله).
وذلك أنّ قهرمان منزلته الرفيعة وقربته القريبة لما اقتضى القربان ، وأظهر الله تلك الصورة من غيب قلبه وبطونه إلى مجالي مشاعره وقواه ، تيقّن بفداء ما هو الأعزّ عنده والأحبّ لديه .
( فصوّر الحسّ الذبح ، وصوّر الخيال ابن إبراهيم فلو رأى الكبش في الخيال لعبّره بابنه أو بأمر آخر ) يكون أعزّ عنده منه - كما سبق بيانه - .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( "وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.  ")
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله. فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام. فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.)
(وإنما صدق الرؤيا) ، أي جعلها صادقة (في أن ذلك المرئي عين ولده) فتصدى لذبحه (وما كان) ذلك المرئي (عند الله إلا الذبح العظيم) متمثلا (في صورة ولده ففداه)، أي الحق سبحانه فدى ولده بالذبح العظيم.
وإنما سماه فداء (لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام) من أن المرئي هو ابنه (ما هو)، أي ليس هو (فداء في نفس الأمر عند الله فصور الحس)، أي أدرك الحس (الذبح) بالكسر أي صورته المحسوسة حين ذبحه أو صور الحل.
أي حاسة البصر الذبح في الحس المشترك (وصور الخيال) قبل الذبح في المنام (ابن إبراهيم فلو رأي) إبراهيم (الكبش) بصورته ( في الخيال لعبر) الكبش غالبا (بابنه أو بأمر آخر) يكون مرادا بتلك الصورة .
""أي أن إبراهيم عليه السلام سيعبر الرؤيا بأن الكبش في الرؤيا فداء لابنه الذي كان يتمناه ويطلبه من الله فى دعائه ""
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 13 مارس 2019 - 15:21 من طرف الشريف المحسي

الفقرة التاسعة الجزء الأول  السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟
لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
(ثم قال) تعالى لإبراهيم عليه السلام (إن هذا)، أي الأمر بذبح الابن ونسخ الحرمة في ذلك على حسب ظنه عليه السلام، ثم ظهور الأمر له بخلاف ذلك (لهو البلاء) أي الاختبار من الله تعالی له عليه السلام، لأن الأنبياء أشد الناس بلاء.
كما ورد في الحديث لنبينا .عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه قال : يا رسول الله من أشد الناس بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى العبد على حسب دينه فما يبرح بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» رواه ابن حبان في الصحيح.
(المبين) أي (الظاهر، بحيث لا خفاء فيه أصلا (يعني الاختبار)، أي طلب الخبرة من العبد المختبر (في العلم هل يعلم) ذلك العبد (ما يقتضيه)، أي يطلبه (موطن لرؤيا) المنامية وهو عالم الخيال (من التعبير)، أي التأويل وعدم الحمل على الظاهر (أم لا) يعلم ذلك وسبب هذا الاختبار.
(لأنه)، أي إبراهيم عليه السلام (يعلم أن موطن الخيال)، أي الموطن الذي هو الخيال وهو عالم المنام (يطلب التعبير) والتأويل في الغالب (فغفل) عليه السلام عن ذلك بسبب رؤياه الأمر العظيم وهو ذبح ولده لا ذبح كبش فاهتم بالقيام بما أمره به ربه مسارعا إلى إظهار ذلك ولم يؤوله ولم يصرفه عن ظاهره.
فكان نظير قوله تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم :"ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما" [طه: 114].
وقوله تعالى: "لا تحرك به، لسانك لتعجل به" [القيامة : 16] الآية .
من أنه عليه السلام كان يبادر إلى التبليغ ويسارع إلى مرضاة ربه، فأمره الله تعالی بالتؤدة في ذلك والثاني في تلقي الوحي من الملك، وطلب الزيادة من العلم لا من العمل (فما وفی)، أي أعطى (الموطن) وهو عالم الخيال (حقه) بتعبير ما رأی اهتماما منه بأمر ربه ومسارعة إلى حصول مرضاته كما قال موسى عليه السلام: "وعجلت إليك رب لترضى" [طه: 84].
(وصدق) إبراهيم عليه السلام (الرؤيا) التي رآها (لهذا السبب) حيث لم يعبرها فعوتب على ذلك من الله تعالى (كما فعل تقي بن مخلد) رحمه الله تعالى (الإمام) الجليل (صاحب المسند) في الأحاديث، وقد وقفت على ترجمة مستقلة في جزء الطيف لا يحضرني الآن منها شيء يليق ذكرها هنا (سمع في الخبر)، أي الحديث (الذي ثبت عنده) يضبط رواته عن النبي صلى الله عليه وسلم .
(أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة») والتقدير مثل الذي رآني في اليقظة، ثم حذف حرف التشبيه على وجه المبالغة كقولك: زيد أسد، أي زید مثل الأسد.
(فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) في منام ولا غيره «ومن رآني في النوم فقد رآني إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي، وقال إذا حلم أحدكم فلا نجد أحدا يتلعب الشيطان به في المنام» رواه مسلم.
فصورته صلى الله عليه وسلم محمية محفوظة عن عبث الشيطان بها لكمال استيلاء الحق تعالى عليها وإنكشافه لها وتجليه بها فهيبتها في قلب الشيطان مانعة من ذلك وإن كان لها عدوة مبينة عناية من الله تعالى ومزيد رفعة لشأن النبوة، وإلا فإن الشيطان يتمثل بكل صورة في اليقظة والمنام.
وكذلك جميع الأنبياء لا يتمثل بهم والأولياء والملائكة والآخرة وجميع ما فيها، لأن في ذلك نفعا لمن تمثل به له ليتذكر الآخرة، ويخشى ما فيها ، وهو لا يريد للإنسان خيرا

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم قال) إبراهيم عليه السلام: (أن هذا لهو البلاء المبين أي الاختبار المبين أی الظاهر) وإنما قال إبراهيم عليه السلام هذا القول لعلمه عند ذبح الكبش أن المراد بما في المنام من ذبح ولده هو هذا الكبش .
فكان قول إبراهيم عليه السلام أن هذا لهو البلاء المبين بمنزلة قول يوسف النبي عليه السلام هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعل جعلها ربي حقا .
فكان هذه الآية مقدمة في النظم مؤخرا في الوقوع عن آية الفداء (یعني الاختبار) أي اختبار الحق "سبحانه" لإبراهيم عليه السلام (في العلم) أي في علم الرؤيا.
(هل يعلم) إبراهيم عليه السلام (ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا لأنه) أي الحق (یعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير فغفل) إبراهيم عليه السلام عن طلب موطن الخيال التعبير فإذا غفل،(فما وفي الموطن حقه وصدق الرؤيا لهذا السبب) وهو الغفلة.
وإنما قال : فغفل إبراهيم عليه السلام ولم يقل فلم يعلم لأن إبراهيم عليه السلام يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير في بعض الرؤيا ولم يطلب في بعضها .
واعتمد على أن هذه الرؤيا من قبيل الثاني مع علمه أن عادة رؤيا الأنبياء لا يدخل التعبير فغفل لذلك ولم يعبر (كما غفل تقي بن مخلد الإمام) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (صاحب المسند) كتاب في الحديث من تصنيفاته. " والصحيح أن اسمه بقي ابن مخلد ابن يزيد الأندلسي 201 - 276هـ المحدث الحافظ المفسر الفقيه " .
(سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه قال عليه السلام: من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي )رواه البخاري .
فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي عليه السلام في هذه الرؤيا لبنا (فصدق تقي بن مخلد رؤياه) في نومه عند اليقظة (فاستقاء) في اليقظة (فسقاه لبنا) ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قوله: في البلاء المبين أنه الاختيار الظاهر وقد يكون معناه أنه الاختيار المظهر، فإن المبين هو المظهر وأما بقي بن مخلد فإن كان قد قاء لبنا فعندي أنه ما رأى إلا كشفا بصورة الرؤيا.
فإن بعض الناس يقع له الرؤيا في اليقظة وقد ورد ذلك كثيرا ومن جرب وقائع الخلوة رای من هذا كثيرا ثم إن بقي بن مخلد حصر الأمر في رؤيا النبي عليه السلام، بين أن يكون هو جسده، عليه السلام.
بعينه أو يكون الشيطان قد تمثل على صورته، عليه السلام، وليس الأمر محصورا فإنه قد لا تكون تلك الصورة صورة النبي عليه السلام، الجسمانية المدفونة بیثرب بل صورة أوجدها الله تعالى في خيال الرأي وأوقع في نفسه أنها صورته عليه السلام.
ولا تكون الصورة هي صورة ابلیس خصوصا إذا أمرت تلك الصورة بما يناسب شريعته، عليه السلام.
فإن الشيطان يستحيل منه أن يأمر بالشرع، لأنه مظهر الاسم المضل و مظاهر الاسم المضل لا يتمثل بمظاهر الاسم الهادي


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قال : « ثم قال : " إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " آيه 37 سورة الصافات . أي الاختبار الظاهر ، يعني الاختبار في العلم : هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا ؟
لأنّه يعلم أنّ موطن الرؤيا يطلب التعبير ، ففعل ، فما وفّى الموطن حقّه ، وصدّق الرؤيا لهذا السبب .
كما فعل تقيّ بن مخلَّد ، الإمام صاحب المسند ، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنّه عليه السّلام قال : « من رآني في المنام ، فقد رآني في اليقظة ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل على صورتي » فرآه تقيّ بن مخلَّد وسقاه النبيّ صلَّى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدّق تقيّ بن مخلَّد رؤياه ، فاستقى ، فقاء لبنا ، ولو عبّر رؤياه ، لكان ذلك اللبن علما ، فحرمه الله العلم الكثير على قدر ما شرب .
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن قال : « فشربته حتى خرج الرّيّ من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر . قيل : ما أوّلته يا رسول الله ؟
قال : « العلم » وما تركه لبنا على صورة ما رآه ، لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضي من التعبير"   .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
، ثم قال :  ( إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) . أي الاختبار الظاهر ، يعنى الاختبار في العلم .
""إضفة بالي زادة :  قوله ( المبين أي الاختيار ) لعلمه عند ذبح الكبش ما كان لمراد في ذلك ، فكان قوله - إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ " - مثل قول يوسف - هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ " - فكانت هذه الآية مقدما في الذكر مؤخرا في الوقوع عن آية الفداء اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  (هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير فغفل ، فما وفي الموطن حقه ، وصدق الرؤيا لهذا السبب ) .
لما كان الاختبار سبب العلم وكانت الرؤيا المحتاجة إلى التعبير سببا لعلمه لطف عليه ، وكلما ابتلى أنبياءه وأولياءه كان سببا لظهور كمال وعلم مكنون في أعيانهم .
فلما أراد الله أن يطلعه على علم التعبير أراه الذبح في صورة إسحاق ، وخالف عادته في إراءته الصور في منامه على ما هي عليه من ظواهرها ، فظهر بذلك كمال إيمانهما وإسلامهما لأنفسهما لله ، وعلم إبراهيم بذلك حق موطن الرؤيا من التعبير ، لأنه كان في عينه الثابتة ولم يظفر عليه بعد ، فغفل عن ذلك لأنه كان يعلم باطنا ولا يعلم ظاهرا ، فما وفي الباطن حقه وصدق الرؤيا بسبب الغفلة عما في عينه ، فكان التصديق سببا لظهور كمال وعلم جديد وهو علم التعبير ، وفي ضمنه أن الذبح والتقرب به هو صورة إسلامه الحقيقي بالفناء في الله ، فإنه من جملة علم التعبير ، وكان حاله في التصديق ( كما فعل تقى ابن مخلد ) الإمام ( صاحب المسند ، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه صلى الله عليه وسلم قال « من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة ، فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي » فرآه تقى بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا ، فصدق تقى بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا ، ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ، فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب .
""في الرسالة القشيرية : جاءت امرأة إلى تقيِّ بن مخلد، فقالت: إن ابني قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر علي بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار، ولا نوم ولا قرار!! فقال لها: نعم، أنصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله تعالى.
قال: فأطرق الشيخ وحرك شفتيه.
قال: فلبثنا مدة، فجاءت المرأة ومعها ابنها، وأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالماً، وله حديث يحدثك به. فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم. فكان يخرجنا إلى الصحراء للخدمة، ثم يردنا علينا قيودنا. فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب مع صاحبه الذي كان يحفظنا انفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض، وصف اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت فيه المرأة، ودعا الشيخ، قال: فنهض إلى الذي كان يحفظني وصاح عليّ وقال لي: كسرتً القيد!! قلت: لا، إنه سقط من رجلي قال: فتحير .. وأحضر أصحابه، وأحضروا الحداد، وقيدوني .. فملا مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري!!
فدعوا رهبانهم، فقالوا لي: ألك والدة؟
قلت: نعم فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة. وقد أطلقك الله عز وجل، فلا يمكننا تقييدك.
فزودوني، وأصحبوني بمن أوصلني إلى ناحية المسلمين." أهـ. ""
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في المنام بقدح لبن قال « فشربته حتى خرج الري من أظافيرى ، ثم أعطيت فضلى عمر،  
قيل : ما أولته يا رسول الله ؟
قال : العلم "وما تركه لبنا على صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما يقتضي من التعبير ".
إنما أول اللبن بالعلم ، لأن اللبن غذاء لأبدان الأطفال الناقصين الباقين على الفطرة ، فهو صورة العلم النافع الذي هو غذاء لأرواح الناقصين الصادقين ، كالماء الذي هو سبب الحياة ، والعسل الذي هو صورة العلم الذوقية العرفانية ، والخمر الذي هو صورة الجليات والعشقيات الشهودية.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
(ثم قال) أي إبراهيم، عليه السلام: ((إن هذا لهو البلاء المبين). أي، الاختبار المبين. أي، الظاهر).
يقال: بلوته. أي، اختبرته. (يعنى الاختبار في العلم). أي، اختبر الحق إبراهيم في العلم ليعلم أنه (هل يعلم) أي إبراهيم.
(ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا. لأنه)  أي، لأن الحق.
(يعلم أنموطن الخيال يطلب التعبير. فغفل) أي إبراهيم.
(فما وفي الموطن حقه. وصدق الرؤيا لهذا السبب.)
وإنما اختبره، ليكمله ويطلعه على أن المعاني تظهر بالصور الحسية والمثالية دائما، فلا ينبغي أن تجمد على ظواهرها فقط، بل يجب أن يطلب ما هو المقصود منها، لئلا يكون محجوبا بظواهر الأشياء عن بواطنها، فيفوته علم الباطن والحقيقة، خصوصا علم التعبير الذي به ينتفع السالكون في سلوكهم. وجميع الابتلاءات كذلك، للتكميل ورفع الدرجات.
(كما فصل تقى بن مخلد، الإمام صاحب المسند) وهو كتاب في الحديث.

(سمع في الخبر الذي صح عنده أنه، عليه السلام، قال: (من رآني في المنام، فقد رآني في اليقظة،  فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي). فرآه تقى بن مخلد).
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 13 مارس 2019 - 15:56 من طرف الشريف المحسي

الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» [الصافات: 106]أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟
لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير:فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب)
فإن قلوبهم تحت غواشي أنوار سبحات وجهه فانية، وكيف يقع عليها البلاء وهي تفني في جمال الحق؟! إن كنت تريد بلائهم فإنه تعالی بلاؤهم، وذلك البلاء لا ينقطع عنهم أبدا، ويمنع هذا البلاء جميع البلاء عنهم.""
(قال العزيز) ملك مصر: فإن القائل: "إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات ځضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون " [يوسف: 43].
ثم استشعر سؤالا بأنه قال: تعبرون بالتخفيف، والتعبير الذي تحتاج إليه الرؤيا مصدر المشدد، فأجاب عنه بقوله: (ومعنى التعبير: الجواز) أي: العبور (من صورة ما رآه إلى أمر آخر) لعدم انضباط الخيال فيه حتى يأتي في كل مرة بما هو مثال تام للمرئي بل كثيرا ما يأتي بما يناسبه مناسبة بعيدة جدا.
فمعنى التعبير جعل الصورة المرئية عابرة إلى ما يقع في الحس، وقد حصل هذا العبور في رؤيا الملك (فكانت البقر) العجاف (سنين في المحل) والبقر السمان في (الخصب) كما قال يوسف عليه السلام مع بعد مناسبة البقر مع السنة.
ولذلك جعل معبر و عصره رؤياه من أضغاث الأحلام.
وقالوا:" وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " [يوسف: 44]، فلم يطلع عليه إلا يوسف بنور النبوة.
ثم أشار إلى أن مساعدة الحق إبراهيم عليه السلام في وهمه يجعل الكبش فداء لا تستلزم مساعدته أباه في جعله صادقا في رؤياه، بحيث لا يلبس عليه الخيال صورة الحس بصورة بقرة.
فقال: (فلو صدق) إبراهيم (في الرؤيا) أي: في عين ما رأى أنه ابنه (لذبح ابنه) أي: الوقع الذبح عليه دون الكبش.
ولكنه (إنما صدق) إبراهيم (الرؤيا) على ظن أن خياله لا يلتبس عليه كما هو حاله في الأكثر يقظة ومناما مع بعد المناسبة جدا، فصدق رؤياه (في أن ذلك) المرئي (عين ولده) مع أنها كانت كاذبة في الظاهر غير مساعدة من جانب الحق.
وذلك لأنه (ما كان) المرئي (عند الله إلا الذبح العظيم) ظهر في المنام (في صورة ولده)، لأنه الذي وقع عليه الذبح في عالم الحس والواقع في عالم الحس:
هو الثابت في العلم الأزلي بالنظر إلى نفس الأمر، وإن كان غيره أيضا ثابتا فيه بالنظر إلى أمور أخرى؛ لكنه تعالی اعتبر ذلك أيضا لوقوعه في مظهره الكامل الذي هو إبراهيم عليه السلام. (ففداه)
أي: فجعله الله فداء ولده (لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام ) فجعل الواقع فيه كالواقع في العلم الأزلي بالنظر إلى نفس الأمر.
ومع ذلك (ما هو فداء في نفس الأمر عند الله) بالنظر إلى علمه الناظر إلى ما هو نفس الأمر بالحقيقة؛ لكن العلمان لما صارا معتبرين أظهر لهما صورتين، (فصور الحس الذبح) على وفق العلم الناظر إلى نفس الأمر بالحقيقة.
(وصور الخيال ابن إبراهيم عليهم السلام) على وفق العلم الناظر إلى أمور أخرى فوجب التحالف فيما ظهر من صورهما، (فلو رأى) إبراهيم التي (الكبش في الخيال) نوما أو يقظة (لعبره) الحس (بابنه أو بأمر آخر)؛ لأن هذه المخالفة واقعة في العلم الأزلي، فلا بد من ظهورها هاهنا.
ثم أي: بعد ما اعتبر الحق وهمه من وجه دون وجه (قال: إن هذا هو البلؤا المبين" [الصافات: 106] أي: الاختبار) المبين أي: (الظاهر).
ولما كان المشهود أنه اختبره في أنه هل يذبح ولده أم لا؟
قال: (يعني: الاختبار في العلم) إذا الاختبار بذبح الولد أو النفس، إنما يليق في حق العامة، ولما الأنبياء لا يتأتى منهم مخالفة أمر الحق أصلا لعصمتهم، ولكنهم يختبرون في العلم هل يقتصرون في مطالعة العلم الأزلي إلى ما هو بالنظر إلى مظاهرهم.
وإلى ما هو بالنظر إلى نفس الأمر، وقد وجب هذا النظر حيث كان الكشف في الرؤيا المقتضية للتعبير غالبا من صورة ما رأى في المظهر إلى ما هو بالنظر إلى نفس الأمر.
فاختبر (هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟) لظنه أن ما ظهر في المظهر الكامل لا بد وأن يوافق العلم الأزلي بالنظر إلى نفس الأمر، وقد بينها؛ فإن هذا إن تم فهو في غير الكشف الصوري لا محالة.
بخلاف ما ظهر في الكشف الصوري غالبا؛ (لأنه يعلم أن موطن الخيال)، وهو الكشف الصوري مناما أو يقظة (يطلب التعبير) غالبا (فغفل ) عن هذا الاقتضاء اعتمادا على أن ما يظهره في المظهر الكامل لا بد وأن يوافق العلم الأزلي بحسب نفس الأمر.
وغفل عن أنه قد يكون بحسب التأويل، وقد يكون بحسب الظاهر (فما وفي الموطن حقه)، وإن وضحه الحق تعالى بأنه الذي وفي لوفائه حق معرفة الحقائق.
وهذه معرفة دنيئة بالنسبة إليها؛ فلا يحل نقضها بمطلق الوفاء، (وصدق الرؤيا لهذا السبب) أي: بسبب الغفلة المذكورة مع أن الحق وصفه على الإطلاق بأنه الذي وفي؛ ولكنه صار موفيا لحق كل موطن بعده فبقي قوله تعالى: "وإبراهيم الذي وفى" [النجم: 37] على الإطلاق حقيقة بعدما كان بحارا.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
( ثمّ قال : "هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ " [ 37 / 106 ] أي الاختيار المبين - أي الظاهر ، يعني الاختبار في العلم - ) الذي يتبيّن به الأسرار الخفيّة .
وهو أنّه ( هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير ، أم لا ؟ ) وليس الاختبار في علوّ الهمّة وكمال الإيثار ، ليكون ذبح الابن فيه منجحا .
وملخّص الكلام هاهنا : أنّ للحقّ في إفاضة عوارف اللطائف وتوشيح الكلمة الإبراهيميّة نوعين من الإمداد في جهتين منها : أحدهما ما يتعلَّق بتربية الظاهر منه ، من إعلاء أعلام نبوّته وإظهار أمر رسالته ، وما ينضاف إلى ذلك من علوم الصور - مثاليّة كانت أو عينيّة - وأحكامها .
والآخر ما يتعلَّق بالباطن ، من تكميل مكانة ولايته والارتقاء في مراقي قربته وزلفته ، وما يستتبعه من التبتّل إلى الله بالكليّة ، متحقّقا بالتجرّد والإيثار ، وترك التعرّض والاختيار ، بما يلزمه من المعارف الذوقيّة واللطائف المستلذّة الشوقيّة .
ثمّ إنّ إبراهيم لتسلَّط قهرمان الجهة الثانية في حقيقته وكمال استلذاذه به واستغراقه فيه ، أخذ في رؤيته تلك الرؤيا ما يقتضيه ذلك الموطن الذوقي وعلم الصور وأحكامها ممّا يتعلَّق بالجهة الأولى - والاختبار المبين إشارة إليه .
فهو لسلطان أمر القربة والخلَّة عليه ذهل عن ذلك ، وما كان جاهلا به ( لأنّه يعلم أنّ موطن الخيال يطلب التعبير ، فغفل فما وفّى الموطن حقّه وصدّق الرؤيا لهذا السبب ) .
( كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند) «هو الحافظ بقي بن مخلد ابن يزيد 200هـ. سير أعلام النبلاء ومعجم الأدباء وتذكرة الحفاظ والأعلام للزركلي » - وذلك من سراية حكم ولاية الأنبياء المرسلين في ولاية الأولياء المحمّديين - ( سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنّه عليه السّلام قال : « من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة » ) .
وذلك لختم صورته وتمام إحاطته فيها  ( « فإنّ الشيطان لا يتمثّل على صورتي » ) لكونه محاطا فيها - ولذلك تراه عارض آدم وقابله .
وأسلم على يده وأذعن له ( فرآه تقيّ بن مخلد ، وسقاه النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذه الرؤيا لبنا ، فصدّق تقيّ بن مخلد رؤياه فاستقاء ، فقاء لبنا ولو عبّر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ) لأنّه أوّل ما يظهر بصورة الحياة ويغتذي به الحيوان .
فيصير حيّا كما أنّ العلم أوّل ما يتعيّن به الذات فيظهر به عالما ولأنّه أكرم ثمرة أثمرها شجرة النشأة الجسمانيّة الإنسانيّة ، كما أنّ العلم أكرم ثمرة أثمرها شجرتها الروحانيّة الجسدانيّة .
وأيضا في لفظه تلويح بيّن على تأويله ذلك ، بما فيه من لام « العلم » و « التفصيل » والباء والنون المشعرين بالإبانة والظهور حيثما اجتمعا .
( فحرّمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب ) لما قاء به .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :( ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي»)
قال الشيخ رضي الله عنه : ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟ )
ثم قال الله تعالى(إن هذا)، اي تصوير الكبش بصورة ابنه "لهو البلاء المبين" .
(أي الاختبار الظاهر) يقال : بلوته، أي اختبرته (تعين الاختبار في العلم)، فإن الحق سبحانه أختبر إبراهيم عليه السلام أنه (هل تعلم ما يقتضيه) غالبة (موطن التعبير) من الرؤيا (أم لا) علم و إنما اخنبره
قال الشيخ رضي الله عنه : (لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي» 
(لأنه تعالى بعلم أن موطن الخيال). إذا تمثل فيه معنى (يطلب التعبير) غالبا (فغفل) إبراهيم عليه السلام عما تستحقه مواطن الخيال (فما وفي الموطن حقه وصدق الرؤيا لهذا السبب، كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند) في الحديث .
(سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال من رآني) على ما أنا عليه من الحلية (في النوم) حقيقة (فقد رآني في اليقظة).
أي حكما أي لرؤيتي في النوم حكم رؤيتي في اليقظة فيما سيأتي (فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي) . رواه البخاري وغيره وإنما لم يتمثل الشيطان بصورته عليه السلام، لأنه مظهر لاسم الهادي ومبعوث للهداية والشيطان مظهر للاسم المضل ومخلوق للإضلال.
فلو كان له تمكن من التمثال بصورته عليه الصلاة والسلام لاختل أمر الهداية.
فإن قلت : لا يلزم من عدم تمكن الشيطان من التمثال بصورته عليه السلام أن تكون صورته المثالية عينه عليه السلام لا غيره لجواز أن يتمثل بصورته ملك أو روح أو إنسان أو بمعنى من المعاني كشرعه وسننه و غير ذلك مما فيه نسبة إليه في معنى الهداية وغيرها.
قلت:  يمكن أن تكون سنة الله تعالى جارية بأن لا يتمثل بصورته وحلبته عليه السلام شيء أصلا تعظيما لشأنه ويكون تخصيص الشيطان بالذكر الاهتمام بنفي تمكنه من التمثل بصورته عليه السلام لما لا يخفى وجهه
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 8:40 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 13 مارس 2019 - 16:42 من طرف الشريف المحسي

الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب. ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر». قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فرآه)، أي النبي صلى الله عليه وسلم (تقي بن مخلد) رحمه الله تعالى في المنام .
(وسقاه النبي عليه السلام) في هذه الرؤيا (لبنا فصدق) بالتشديد (تقي بن مخلد رؤیاه)، أي اعتقد أنها صادقة كما وقع لإبراهيم عليه السلام (فاستقاء) أي طلب القيء و تكلفة (فقاء لبنا) وصدر له في اليقظة عين ما رآه في المنام.
ولو ترك الله تعالى لإبراهيم عليه السلام بلا تنبيه ولا معاتبة لذبح ابنه، ونفذ منه في اليقظة عين ما وقع له في منامه .
ولكن الأنبياء عليهم السلام يعتني الله بهم أكثر من غيرهم، والله تعالى ينبههم على ما هو الأكمل لهم والأشرف والأفضل ولا يتركهم في الأمر المفضول.
كما وقع لنبينا في قضية اختياره الفداء في أسرى بدر وكان الأفضل ما اختاره الله تعالى من القتل أو الإسلام.
فأنزل الله تعالى : "وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة" [الأنفال: 67] الآية. والأخرى بعده .
(ولو) أن تقي بن مخلد اعتنى الله تعالی به فنبهه على ما هو الأكمل له حتى (عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ) فكان يعبر اللبن الذي شربه بنيل عمله من مدد حضرة النبوة.
لكن الله تعالى ما أراد له ذلك (فحرمه الله تعالی علما كثيرا) كان يناله بسبب تعبيره رؤياه (على قدر ما شرب) من ذلك اللبن (ألا ترى) يا أيها الإنسان (أن رسول الله ) كما ورد في الأخبار (أي) بالبناء للمفعول، أي أتاه آت (في المنام بقدح لبن قال) صلى الله عليه وسلم (فشربته)، أي ذلك القدح من اللبن (حتى خرج الري) بالكسر ضد العطش (من أظافيري) امتلأت ريا وشبعا من ذلك اللبن.
(ثم أعطيت فضلي)، أي ما فضل مني (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه رواه البخاري . ولم يكن الإعطاء في الواقعة لأبي بكر رضي الله عنه مع أنه أعز عنده من عمر وأفضل منه رضي الله عنهما، لأنه عليه السلام كان يمد أبا بكر بما عنده في اليقظة أبلغ من الإمداد في المنام كما ورد عنه عليه السلام أنه قال: «ما أوحي إلي بشيء إلا صببته في صدر أبي بكر» أورده الزرعي  ما وضع في فضائل الصديق رضي الله عنه وكذلك السيوطي و ابن حجر الهيثمي فى الحاوي للفتاوي.
وكان "أبي بكر" رضي الله عنه يلهمه الله كل ما يوحيه "الله تعالى" إلى النبي ولهذا كان يصدقه أبلغ تصديقا، ودونه في المزية عمر رضي الله عنهما فخصه بالإمداد في عالم المنام بإعطائه ما فضل منه من اللبن الغلبة الظاهرة على عمر رضي الله عنه وهو عالم الدنيا . والناس في عالم الدنيا "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" فناسب أن إمداده بذلك. رواه أبو نعيم فى الحلية و الزهري .رواه البيهقي في الزهد الكبير
(قيل)، أي قال قائل : (ما أولته)، أي بأي شيء عبرت ما رأيت (یا رسول الله قال : العلم)، أي أولت اللبن بالعلم للمناسبة في ذلك فإن اللبن فيه غذاء الأجسام، والعلم غذاء الأرواح، واللبن خارج من بين فرث ودم طاهر من بين نجسین.
كالعلم الإلهي ظاهر من بين تشبيه وتعطيل، والحكم الرباني متبين من بين إفراط وتفریط وتشديد وتقصير وتيسير وتعسير (وما تركه).
أي النبي صلى الله عليه وسلم كما هو (لبنا على صورة ما رآه لعلمه) صلى الله عليه وسلم  (بموطن الرؤيا) وهو عالم الخيال الذي يظهر فيه المعقول في صورة المحسوس والمحسوس في صورة المعقول .
(و) علمه (ما تقتضي)، أي تطلب الرؤيا (من التعبير)، أي التأويل لها (وقد علم) بالبناء للمفعول (أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس) من أهل ذلك الزمان (أنها)، أي تلك الصورة (في المدينة) المنورة طيبة حرسها الله تعالی (مدفونة) في الحجرة الشريفة (وأن صورة روحه) صلى الله عليه وسلم (ولطيفته) الإنسانية (ما شاهدها أحد) في حياته صلى الله عليه وسلم من جسده الشريف ولا بعد وفاته عليه السلام (من أحد) غيره (ولا) شاهدها أيضا أحد (من نفسه) .
كذلك (كل روح) من الأرواح (بهذه المثابة) لا يشاهدها أحد من أحد ولا في نفسه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب. ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر». قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
قال الشيخ رضي الله عنه : ألا ترى أن رسول الله أنتي (على بناء المفعول (في المنام بقدح لبن قال فشربته حتى خرج الري من أظافري ثم أعطيت فضلي عمر قبل ما أولته) أي قال السامعون بأي شيء عبرت هذه الرؤيا (یا رسول الله قال : العلم وما تركه) أي ما رآه (لبنا على صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا و) لعلمه (ما يقتضي من التعبير)، وإنما أول اللبن بالعلم لأن الروح ألطف المخلوقات والعلم ألطف الأغذية الروحانية والصبيان ألطف الأجسام واللبن غذاؤهم وهو ألطف الغذاء الجسمانية (وقد علم أن صورة النبي عليه السلام التي شاهدها الحس) في المنام (إنها في المدينة مدفونة و) علم (أن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من) صورة (أحد ولا من) صورة (نفسه) بل لا بد لشهود روحه من صورة جسده المدفونة في المدينة (كل روح بهذه المثابة) في أنه لا يرى إلا بالتمثل الجسد المثالي.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
قوله: وأن صورة روحه و لطيفته ما شاهده أحد، يعني أن الأرواح غير مرئية بالحس ما دامت أرواحا فإن رأها أحد فإنما يراها متجسدة.
والكاف في قوله: كما يرى الحق في الآخرة، متعلقة بقوله: أبقيناها، والصور التي ذكرها في البيت الأول من المقطوع الشعر، هو اسم جمع لـ "صورة"  مثل تمرة وتمر وهو جمع معروف في العربية.
ويعني أنه يرى في كل عالم بما يناسب حال ذلك العالم.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
كما فعل تقيّ بن مخلَّد ، الإمام صاحب المسند ، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنّه عليه السّلام قال : « من رآني في المنام ، فقد رآني في اليقظة ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل على صورتي » فرآه تقيّ بن مخلَّد وسقاه النبيّ صلَّى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدّق تقيّ بن مخلَّد رؤياه ، فاستقى ، فقاء لبنا ، ولو عبّر رؤياه ، لكان ذلك اللبن علما ، فحرمه الله العلم الكثير على قدر ما شرب .
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن قال : « فشربته حتى خرج الرّيّ من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر . قيل : ما أوّلته يا رسول الله ؟
قال : « العلم » وما تركه لبنا على صورة ما رآه ، لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضي من التعبير"   .
قال العبد : اعلم أنّ الأمور المغيبة عن العبد إذا أراد الله أن يطلع العبد عليها ويشهده ما شاء منها قبل الوقوع ، فإنّه تعالى يمثّل له ذلك في منامه في صورة مناسبة لذلك الأمر في المعنى ، كظهور العلم الفطري في صورة اللبن ، لكون اللبن غذاء لصورته الجسدية من أوّل الفطرة ، كالعلم الذي هو غذاء روح المؤمن من أوّل فطرة الروح .
وكذلك الماء والعسل والخمر صور علم الوحي والإلقاء والحال ، إذا جسد الله لعبده هذه الحقائق على هذه الصور ، فينبغي أن يكون صاحب كشف الصور الذي يجسّد الله ويمثّل له المعاني والأمور الغيبية صورا مثالية وأمثلة جسدية محسوسة من الله على علم آخر من الكشف المعنوي يكشف عن وجه ذلك المعنى المعنيّ له قناع الصور والأمثلة الإلهية ، وهو كشف عال ، وعلم شريف ، يؤتيه الله من شاء من عباده المصطفين المعتنين.
 ليس علم التعبير الذي يأخذونه من كتب التعبير ، وذلك أيضا بالنسبة إلى أوّل معبّر علَّمه الله تأويله كرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويوسف الصدّيق عليه السّلام وابن سيرين ومعبّر قرطبة في هذه الأمّة وغيره ممّن وجد العلم من عند الله ، وأخذه منه من مشايخ الصوفية والمحقّقين منّا .
قال : "وقد علم أنّ صورة النبيّ التي شاهدها الحسّ أنّها في المدينة مدفونة ، وأنّ صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه . كلّ روح بهذه المثابة " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الصورة العنصرية المشهودة في الحسّ مدفونة في المدينة لا تتعلَّق رؤية أحد بها ، والصورة الروحانية النورية التي لروحه صلَّى الله عليه وسلم في مظهريته لله تعالى لا يراها أحد من غير رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا من نفسه أنّه يظهر بتلك الصورة المقدّسة ، لكونها خاصّة بالنبيّ صلى الله عليه وسلم .
وكذلك صورة روح كلّ أحد ، لا يتمثّل بها وفيها إلَّا روحه لا روح أحد غيره .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
فرآه تقى بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا ، فصدق تقى بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا ، ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ، فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب .
""في الرسالة القشيرية : جاءت امرأة إلى تقيِّ بن مخلد، فقالت: إن ابني قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر علي بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار، ولا نوم ولا قرار!! فقال لها: نعم، أنصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله تعالى.
قال: فأطرق الشيخ وحرك شفتيه.
قال: فلبثنا مدة، فجاءت المرأة ومعها ابنها، وأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالماً، وله حديث يحدثك به. فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم. فكان يخرجنا إلى الصحراء للخدمة، ثم يردنا علينا قيودنا. 
فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب مع صاحبه الذي كان يحفظنا انفتح القيد من رجلي ووقع على الأرض، وصف اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت فيه المرأة، ودعا الشيخ، قال: فنهض إلى الذي كان يحفظني وصاح عليّ وقال لي: كسرتً القيد!! 
قلت: لا، إنه سقط من رجلي قال: فتحير .. وأحضر أصحابه، وأحضروا الحداد، وقيدوني .. فملا مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري!!
فدعوا رهبانهم، فقالوا لي: ألك والدة؟
قلت: نعم فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة. وقد أطلقك الله عز وجل، فلا يمكننا تقييدك.
فزودوني، وأصحبوني بمن أوصلني إلى ناحية المسلمين." أهـ. ""
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في المنام بقدح لبن قال « فشربته حتى خرج الري من أظافيرى ، ثم أعطيت فضلى عمر ، قيل : ما أولته يا رسول الله ؟
قال : العلم "وما تركه لبنا على صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما يقتضي من التعبير ".
إنما أول اللبن بالعلم ، لأن اللبن غذاء لأبدان الأطفال الناقصين الباقين على الفطرة ، فهو صورة العلم النافع الذي هو غذاء لأرواح الناقصين الصادقين ، كالماء الذي هو سبب الحياة ، والعسل الذي هو صورة العلم الذوقية العرفانية ، والخمر الذي هو صورة الجليات والعشقيات الشهودية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد علم أن صورة النبي عليه الصلاة والسلام التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة ، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه ، وكل روح بهذه المثابة )


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
فرآه تقى بن مخلد : أي، رأى تقى بن مخلد النبي، صلى الله عليه وسلم. (وسقاه النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذه الرؤيا لبنا. فصدق تقى بن مخلد رؤياه). أ
ي صدق ما رآه في نومه عند اليقظة.
(واستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما، فحرمه الله علما كثيرا
على قدر ما شرب. ألا ترى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أتى في المنام بقدح لبن،
قال: (فشربته حتى خرج الري من أظافيري، ثم أعطيت فضلي عمر قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم). وما تركه لبنا على صورة ما رآه، لعلمه بمواطن الرؤيا (وما يقتضى من التعبير).
وإنما أول اللبن بالعلم، لأنه غذاء الأرواح، كما أن اللبن غذاء الأجسام.
ولما ذكر قوله، عليه السلام: (من رآني في النوم، فقد رآني في اليقظة). أراد أن يحقق أن المرئي ما هو؟ وفي أي عالم هو؟
فقال: (وقد علم أن صورة النبي، صلى الله عليه وسلم، التي شاهدها الحس، إنها) بكسر الهمزة. (في المدينة مدفونة، وعلم أن) بفتح الهمزة.
(صورة روحه ولطيفته، ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه). أي، ما شاهد الصورة الروحانية، من حيث تجردها، أحد من بنى آدم في أحد غيره، ولا في نفسه.
فيكون (من) مستعملا في مقام (في). وفي هذا السياق لطيفة. وهي أن روحه، عليه السلام، أبو الأرواح كلها، و (الولد سر أبيه)،. فلطيفته وحقيقته سارية في جميع الأرواح.
فكما لا يقدر على شهود صورة روحه عليه السلام، أحد، كذلك لا يقدر على شهود تلك الصورة الروحانية في نفسه وفي غيره أحد. لذلك قال: (كل روح بهذه المثابة.)

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 13 مارس 2019 - 16:50 من طرف الشريف المحسي

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العاشرة : الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
قال الشيخ رضي الله عنه : (كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي» فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا.
ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب. )
"" قال الشيخ الأكبر فى الفتوحات الباب السادس والثمانون ومائتان: والوحي على ضروب شتى و يتضمنه هذا المنزل فمنه ما يكون متلقى بالخيال كالمبشرات في عالم الخيال : وهو الوحي في النوم .
فالمتلقى خيال والنازل  كذلك والوحي كذلك ومنه ما يكون خيالا في حس على ذي حس .
ومنه ما يكون معنى يجده الموحى إليه في نفسه من غير تعلق حس ولا خيال بمن نزل به وقد يكون كتابة ويقع كثيرا للأولياء .
وبه كان يوحى لأبي عبد الله قضيب البان ولأبي زكريا البجائي بالمعرة بدير النقرة ولتقى بن مخلد تلميذ أحمد بن حنبل صاحب المسند ولكن كان أضعف الجماعة في ذلك .
فكان لا يجده إلا بعد القيام من النوم مكتوبا في ورقة ومما يتضمن هذا المنزل خلق الأعراض صورا ذوات قائمة متحيزة في رأى العين.
فاعلم أن الإنسان إذا جاء الله به إليه جمعه عليه جمعية لا تفرقة فيها حتى يهبه الله تعالى في ذلك ما يريد أن يهبه مما سبق في علمه ""
ثم أشار إلى أن الرؤيا كثيرا ما تكون على ما يعينه فيها بمساعدة الحق صاحبها، وإن كان غير نبي وولي، فما فعله إبراهيم عليه السلام (كما فعل بقي بن مخلد الإمام صاحب المسند) في الحديث، وذلك أنه (سمع في الخبر الذي ثبت عنده) بحسب اللفظ، وإن لم يبلغ حقيقة معناه أنه عليه السلام  قال: "من رآني في النوم، فقد رآني في اليقظة، لا تلبس فيها من الشيطان، فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي". رواه أحمد في المسند وابن ماجه
وإن كان قد يتمثل بصور أخرى ، ويزعم أنه النبي أو فلان، ويلبس بذلك فيما يأمر وينهي ويخبر فظن أن المرئي على صورته عليه السلام يكون عينها لأمثالها، ويكون ما يرى في ذلك المنام عين الواقع لأمثاله.
فرآه) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (بقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا، فصدق بقي بن مخلد رؤیاه) أنه صلى الله عليه وسلم عين اللبن فساعده الله في هذا الاعتقاد، وإن كان تعبير رؤياه عنده فلو عبره العلم فجعله لبنا في بطنه.
(فاستقاء) اختبارا الصحة الحديث بحسب ما فهم منه (فقاء لبنا، ولو عبر رؤياه) بالعلم الذي هو غذاء الروح كاللبن للجسم.
(لكان ذلك اللبن) المرئي في المنام (علما) له في الواقع بقدر ما شربه، فلما لم يعبره فاته ذلك العلم (فحرمه الله علما كثيرا) كان يحصل له لو عبر رؤياه (على قدر ما شرب ) من اللبن.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم. وما تركه لبنا على  صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير. وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه.  كل روح بهذه المثابة)
ثم أشار إلى أنه كيف فاته هذا التعبير، وقد وقع فيما رآه رسول الله بنفسه.
فقال: "ألا ترى رسول الله و أتي في المنام بقدح لبن قال: فشربته" فارتوي مني كل
عضو (حتى خرج الري من أظفاري) التي هي أطراف أعضائي، (ثم أعطيت فضلي عمر) أي: فضل ما بقي في إنائي (قيل: ما أولته يا رسول الله، قال: العلم)؛ فهو إرتواؤه صلى الله عليه وسلم من العلم، وسريان نوره في كل عضو منه، وقد أعطى من فضل ذلك العلم، وبقيته عمر رضي الله عنه ولذلك قال فيه ابن عباس يوم مات: "اليوم مات تسعة أعشار العلم ".
فالحاصل أنه صلى الله عليه وسلم مع كمال حاله عبره، (وما تركه لبنا على صورة ما رآه، لعلمه بموطن الرؤيا) وإن كانت رؤيا أكمل الخلائق.
(وما يقتضيه من التعبير) أي: ولعلمه بمقتضى الرؤيا من التعبير بحسب الحالة الغالبة عليه.
ثم أشار إلى أن بقي بن مخلد كيف لم يجعل صورته عليه السلام ، وصورة ما يرى في ذلك المنام من عالم المثال.
(وقد علم أن صورة النبي و التي شاهدها الحس إنها) بالكسر ، وهي مع الجملة خبر أن (في المدينة مدفونة) لم تخرج وقت الرؤيا عن القبر، (وأن) بفتح الهمزة (صورة روحه ولطيفته) أي: قبله (ما شاهدها أحد من أحد) غيره (ولا من نفسه) ولا يختص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم لفضل لطافته، بل (كل روح بهذه المثابة)؛ لأنها مجردة في مجردات لا تصير محسوسة، وإذا لم يكن المرائي في المنام جسمه ولا روحه ولا قلبه.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
رؤيا رسول الله صلَّى الله عليه وآله  
(ألا ترى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لما اتي في المنام بقدح لبن قال : « فشربته حتّى خرج الريّ من أظافيري ، ثمّ أعطيت فضلي عمر » . قيل : « ما أوّلته يا رسول الله » ؟
قال : « العلم » ، وما تركه لبنا على صورة ما رآه ، لعلمه بموطن الرؤيا وما يقتضي من التعبير ) . مسلم و الترمذي
واعلم أنّ في تعبيره الرؤيا بهذه العبارة إشارة لطيفة إلى أنّ العلم الذي رؤي العطشان ، هو الذي خرج من أظافير أصابع يدي قدرته ، ووضعه الشعائر المستدعية للإشعار من ظواهر الصور المتكثرة الكونيّة التي تعلم وترقى عند النظر والافتكار .
ففيه تلويح إلى الصور الكتابية من تلك الكونيات بخصوصها أنّها هي منابع ذلك العلم ، وأنّ فضلها قد اختصّ به عمر .
أي له عمر وبقاء بعده هذا لمن له قوّة التدبّر في الإشارات الختميّة .
من رأى رسول الله صلَّى الله عليه وآله في المنام
ثمّ إنّ صورة محمّد عليه السّلام على ما علم من الحديث على خلاف هذا المقتضى في الرؤيا ، لأنّه لا يقبل التعبير ، فلا بدّ من بيانه بما ينبئ عن وجه اختصاصه بين الصور بذلك ، وعن معقوليّة أمره وتمام كيفيّته .
فقوله : ( وقد علم أنّ صورة النبي عليه السّلام - التي شاهدها الحس - أنّها مدفونة في المدينة ، وأنّ صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ، ولا من نفسه - كلّ روح بهذه المثابة.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».
قيل ما أولته يا رسول الله؟ قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه . لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.  وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه. كل روح بهذه المثابة)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا. ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.)
(فرآه تقي بن مخلد)، أي النبي صلى الله عليه وسلم ( وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه) بعدما استيقظ (فاستقاء فقاء لبنا، ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ) تمثل بصورة اللبن فإن اللبن كما أنه يغذي الأبدان ويربها من أول الفطرة إلى آخرها كذلك العلم يغذي الأرواح في جميع أحوالها (فحرمه) إليه ، أي تقي بن مخلد (علما كثيرا على قدر ما شرب) ثم قاء من اللبن فكان الأحرى بحاله أن يعبر اللبن بالعلم ولا يستقيء وإن أورث له ذلك زيادة طمأنينة بصدق ذلك الخبر.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر». قيل ما أولته يا رسول الله؟
قال العلم، وما تركه لبنا على  صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير. وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة،
وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه.  كل روح بهذه المثابة)
(ألا ترى أن رسول الله و أتي في المنام بقدح لبن قال: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر قيل : ما أولته یا رسول الله قال : أولته العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضي من التعبير).
ولما ذهب الكلام إلى ذكر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أراد أن يحقق أن المرئي حينئذ ما هو؟
فقال : (وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس) .
عند حياته صلى الله عليه وسلم : (إنها في المدينة مدفونة).
فقوله : إنها بكسر الهمزة على أن تكون مع اسمها و خبرها خبرا لأن المفتوحة أو بفتحها على أن تكون تكرارا لها تبعد وقع بينها وبين خبرها (و) علم أيضا (أن صورة روحه) ، أي روح النبي صلى الله عليه وسلم .
(ولطيفته) الروحانية (ما شاهدها أحد) بل شاهد أحد الصورة الروحانية مطلقة (من أحد ولا من نفسه) فإنها من المجردات التي لیس من شأنها أن تشاهد بالحس بل إنما يدركها العقل باثارها.
(كل روح) من الأرواح (بهذه المثابة) أي ليس من شأنه أن يشاهد الحسن.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 20 مارس 2019 - 12:41 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الحادي عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي. ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  قال الشيخ رضي الله عنه : (فرآه)، أي النبي صلى الله عليه وسلم (تقي بن مخلد) رحمه الله تعالى في المنام .
(وسقاه النبي عليه السلام) في هذه الرؤيا (لبنا فصدق) بالتشديد (تقي بن مخلد رؤیاه)، أي اعتقد أنها صادقة كما وقع لإبراهيم عليه السلام (فاستقاء) أي طلب القيء و تكلفة (فقاء لبنا) وصدر له في اليقظة عين ما رآه في المنام.
ولو ترك الله تعالى لإبراهيم عليه السلام بلا تنبيه ولا معاتبة لذبح ابنه، ونفذ منه في اليقظة عين ما وقع له في منامه .
ولكن الأنبياء عليهم السلام يعتني الله بهم أكثر من غيرهم، والله تعالى ينبههم على ما هو الأكمل لهم والأشرف والأفضل ولا يتركهم في الأمر المفضول.
كما وقع لنبينا في قضية اختياره الفداء في أسرى بدر وكان الأفضل ما اختاره الله تعالى من القتل أو الإسلام.
فأنزل الله تعالى : "وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة" [الأنفال: 67] الآية.
والأخرى بعده .
(ولو) أن تقي بن مخلد اعتنى الله تعالی به فنبهه على ما هو الأكمل له حتى (عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما ) فكان يعبر اللبن الذي شربه بنيل عمله من مدد حضرة النبوة.
لكن الله تعالى ما أراد له ذلك (فحرمه الله تعالی علما كثيرا) كان يناله بسبب تعبيره رؤياه (على قدر ما شرب) من ذلك اللبن (ألا ترى) يا أيها الإنسان (أن رسول الله ) كما ورد في الأخبار (أي) بالبناء للمفعول، أي أتاه آت (في المنام بقدح لبن قال) صلى الله عليه وسلم (فشربته)، أي ذلك القدح من اللبن (حتى خرج الري) بالكسر ضد العطش (من أظافيري) امتلأت ريا وشبعا من ذلك اللبن.
(ثم أعطيت فضلي)، أي ما فضل مني (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه رواه البخاري . ولم يكن الإعطاء في الواقعة لأبي بكر رضي الله عنه مع أنه أعز عنده من عمر وأفضل منه رضي الله عنهما، لأنه عليه السلام كان يمد أبا بكر بما عنده في اليقظة أبلغ من الإمداد في المنام كما ورد عنه عليه السلام أنه قال: «ما أوحي إلي بشيء إلا صببته في صدر أبي بكر» أورده الزرعي  ما وضع في فضائل الصديق رضي الله عنه وكذلك السيوطي و ابن حجر الهيثمي فى الحاوي للفتاوي.
وكان "أبي بكر" رضي الله عنه يلهمه الله كل ما يوحيه "الله تعالى" إلى النبي ولهذا كان يصدقه أبلغ تصديقا، ودونه في المزية عمر رضي الله عنهما فخصه بالإمداد في عالم المنام بإعطائه ما فضل منه من اللبن الغلبة الظاهرة على عمر رضي الله عنه وهو عالم الدنيا . والناس في عالم الدنيا "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" فناسب أن إمداده بذلك. رواه أبو نعيم فى الحلية و الزهري .رواه البيهقي في الزهد الكبير
(قيل)، أي قال قائل : (ما أولته)، أي بأي شيء عبرت ما رأيت (یا رسول الله قال : العلم)، أي أولت اللبن بالعلم للمناسبة في ذلك فإن اللبن فيه غذاء الأجسام، والعلم غذاء الأرواح، واللبن خارج من بين فرث ودم طاهر من بين نجسین.
كالعلم الإلهي ظاهر من بين تشبيه وتعطيل، والحكم الرباني متبين من بين إفراط وتفریط وتشديد وتقصير وتيسير وتعسير (وما تركه).
أي النبي صلى الله عليه وسلم كما هو (لبنا على صورة ما رآه لعلمه) صلى الله عليه وسلم  (بموطن الرؤيا) وهو عالم الخيال الذي يظهر فيه المعقول في صورة المحسوس والمحسوس في صورة المعقول .
(و) علمه (ما تقتضي)، أي تطلب الرؤيا (من التعبير)، أي التأويل لها (وقد علم) بالبناء للمفعول (أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس) من أهل ذلك الزمان (أنها)، أي تلك الصورة (في المدينة) المنورة طيبة حرسها الله تعالی (مدفونة) في الحجرة الشريفة (وأن صورة روحه) صلى الله عليه وسلم (ولطيفته) الإنسانية (ما شاهدها أحد) في حياته صلى الله عليه وسلم من جسده الشريف ولا بعد وفاته عليه السلام (من أحد) غيره (ولا) شاهدها أيضا أحد (من نفسه) .
كذلك (كل روح) من الأرواح (بهذه المثابة) لا يشاهدها أحد من أحد ولا في نفسه .



شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيتجسد له روح النبي عليه السلام في المنام بصورة جسده كما مات عليه) فيرى الرائي روح النبي عليه السلام بصورة هذا الجسد ولا يمكن للرائي أن يرى روح النبي عليه السلام بصورة غير هذا الجسد الذي (لا يخرم منه شيئا).
أي لا يقطع ولا يغير من أجزاء هذا الجسد شيء (نهر) أي ما پری للرائي في المنام بصورة جسده (محمد عليه السلام المرئي من حیث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة) يعني لا پری محمد عليه السلام في نفس ذلك الجسد المدفون بل يرى في صورة جسدية مثالية تشبه المدفونة بحيث لا يميز الحس بينهما.
(لا يمكن الشيطان أن يتصور بصورة جسده عليه السلام) أي الجد الذي مات عليه لا يقبل التغيير ولا النقص ولا الزيادة وتنكير الشيطان للتحقير .
(عصمة من الله في حق الرائي) وتعظيما لشأن النبي عليه السلام فعلم منه أن جسد محمد عليه السلام الذي مات عليه لا يتمثل الشيطان بما يماثل ذلك الجسد .
وكذلك الجسد في حال الصبابة والشبابة والشيخوخة لا يتمثل الشيطان بما يماثل بصورة الجسد الذي كان محمد عليه السلام عليه في ذلك الزمان بحيث لا امتیاز بينهما فإن تمثل فلا بد من فارق في الحس.
إما بزيادة أو نقص أو عدم مشابهة بعض الأجزاء إلى بعض، فإن كان مشابهة في بعض الأجزاء إذ لا يمكن لأحد أن يتمثل في صورة جسدية محمد عليه السلام من كل الوجوه لعظمة شأن محمد عليه السلام .
ولا يتمثل روح محمد، عليه السلام في صورة جسده في عالم الصبابة أو الشبابة أو الشيخوخة لعدم وسع هذا الجسد بالصورة المحمدية فلا يتمثل الشيطان أملا وإن كان مماثلا في بعض أجزائه لأن جسد محمد عليه السلام مجموع الهيئة الاجتماعية المعينة بالتعيين المحمدية عليه السلام فالتمثل الذي فرق الحس بینهما ليس جسد المحمدية عليه السلام.
فلا يصدق التماثل إلا إذا كان مشابهة لمجموع الهيئة الاجتماعية بحيث لا امتیاز بينهما وليس كذلك فمن رأى محمد عليه السلام بغیر صورة الجسد الذي مات عليه لم ير روح محمد عليه السلام بل يرى أحوال نفسه يتمثل بصورة جسد محمد عليه السلام بندر المناسبة .
(ولهذا) أي ولأجل عدم تمثل الشيطان بصورة جسد محمد عليه السلام عصمة من الله في حق الرائي (من رآه) أي روح محمد عليه السلام (بهذه الصورة بأخذ) الرائي (عنه جميع ما يأمره) به (او ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه) أي لو كان ذلك الرائي مع الرسول عليه السلام (في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون) أي على حسب الذي يصدر (منه).
أي من الرسول عليه السلام (اللفظ الدال عليه) الضمير في عليه يرجع إلى ما (من نص او ظاهر او مجمل أو ما كان) عليه بيان لما بخلاف ما إذا رای بغير هذه الصورة فإنه ما رأی روح محمد عليه السلام حتى يأخذ الأحكام عنه .
وهذا علامة نصبها الله تعالى لعباده للفرق بين الرائي وغير الرائي حتى يتميز لهم الرائي من غير الرائي فمن رأى محمد عليه السلام بهذه الصورة (فإن أعطاه) محمد عليه السلام في حضرة المنام (شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي بدخله التعبير) إن لم يخرج في الحس (فإن خرج) ذلك الشيء (في الحس كما كان في الخيال) أي بصورة ما كان عليه في المنام .
(فتلك الرؤيا لا تعبير لها وبهذا القدر) أي وبسبب قدر وقوع بعض الرؤيا بلا تعبير (وعليه) أي وعلى قدر وقوعه (اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد) ما عبرا فصدقا رؤياهما هو سبب غفلة إبراهيم عليه السلام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
وأما بقي بن مخلد فإن كان قد قاء لبنا فعندي أنه ما رأى إلا كشفا بصورة الرؤيا.
فإن بعض الناس يقع له الرؤيا في اليقظة وقد ورد ذلك كثيرا ومن جرب وقائع الخلوة رای من هذا كثيرا ثم إن بقي بن مخلد حصر الأمر في رؤيا النبي عليه السلام، بين أن يكون هو جسده، عليه السلام.
بعينه أو يكون الشيطان قد تمثل على صورته، عليه السلام، وليس الأمر محصورا فإنه قد لا تكون تلك الصورة صورة النبي عليه السلام، الجسمانية المدفونة بیثرب بل صورة أوجدها الله تعالى في خيال الرأي وأوقع في نفسه أنها صورته عليه السلام.
ولا تكون الصورة هي صورة ابلیس خصوصا إذا أمرت تلك الصورة بما يناسب شريعته، عليه السلام.
فإن الشيطان يستحيل منه أن يأمر بالشرع، لأنه مظهر الاسم المضل و مظاهر الاسم المضل لا يتمثل بمظاهر الاسم الهادي
قوله: وأن صورة روحه و لطيفته ما شاهده أحد، يعني أن الأرواح غير مرئية بالحس ما دامت أرواحا فإن رأها أحد فإنما يراها متجسدة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال رضي الله عنه : " فيتجسّد للرائي روح النبيّ في المنام بصورة جسده » يعني بصورة مثالية شبيهة بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيئا فهو محمّد صلى الله عليه وسلم المرئيّ من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن لشيطان أن يتجسّد بصورة جسده ، عصمة من الله في حق الرائي ، ولهذا من رآه بهذه الصورة ، يأخذ عنه جميع ما أمر به ، ونهاه عنه أو يخبره ، كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدالّ عليه من نصّ أو ظاهر أو مجمل أو ما كان."
يعني رضي الله عنه : لا تأويل لما قاله ، بل يقتصر على مدلول لفظه صلَّى الله عليه وسلَّم لكون المراد ذلك المدلول لا غير ، ولو كان المراد غيره ، لقال لفظا دالَّا على ذلك ، فما في الأمر جهل .
قال رضي الله عنه : " فإن أعطاه شيئا ، فذلك الشيء هو الذي يدخله التأويل ، فإن خرج في الحسّ كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها " .
قال العبد : إذا نزل على روح الرائي من الغيب أمر ، ظهر في الروح عكس ذلك الأمر انعكاسا نفسيّا ، ثم ينعكس عكس ذلك إلى مخيّلته ، فيتشكَّل ويتصوّر في الحسّ المشترك على صورة عكس العكس ، فيشبه الأصل ، فيخرج المنام في الحسّ على صورة ما رآه في المنام ، وهو كشف صوريّ ، فلا تعبير له .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فتجسد له روح النبي عليه الصلاة والسلام في المنام بصورة جسده كما مات عليه ، ولا يخرم منه شيء ، فهو محمد عليه الصلاة والسلام المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة ، لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصمة من الله في حق الرائي ، ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره به أو ينهاه أو يخبره ، كما كان يأخذه عنه في الحياة الدنيا من الأحكام ، على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان ، فإن أعطاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير ، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال ، فتلك الرؤيا لا تعبير لها ، وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وتقى بن مخلد ) .
ولما كان إبراهيم معصوما عصمه الله من ذبح ولده ، وما حفظ تقى بن مخلد بمنعه عن القيء فحرمه العلم .
( ولما كان للرؤيا هذان الوجهان ) أي الإبقاء على حاله والتعبير ( وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب ) أي علمناه الأدب ، فيما فعل بإبراهيم من إراءته الكبش في صورة ابنه وتفديته به ، وفيما قال له في قوله : "قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ".
""إضفة بالي زادة :  اعلم أن علم التعبير علم يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة الظاهرة في حضرة الخيال بآرائه ، وهي معرفة المناسبات التي بين الصور ومعانيها ، ومعرفة مراتب النفوس التي تظهر تلك الصور في خيالاتهم ، ومعرفة الأزمنة والأمكنة وغيرها مما له مدخل في التعبير ، فإنه قد يختلف حكم الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب .
بل بالنسبة إلى شخص واحد في زمانين أو مكانين ، وبكمال هذه المعرفة ونقصانها تتفاوت حال المعبرين في الإصابة والخطأ في التعبير ( فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي ) فإن قلت : لا يلزم من عدم تمكن الشيطان من التمثل بصورته أن تكون صورته المثالية عينه عليه الصلاة والسلام لا غيره ، لجواز أن يتمثل بصورته ملك أو روح لإنسان أو معنى من المعافى كشرعه وسنته ، وغير ذلك مما له نسبة إليه في معنى الهداية وغيرها .
قلت : يمكن أن تكون سنة الله تعالى جارية بأن لا يتمثل بصورته وجبلته شيء أصلا تعظيما لشأنه ، ويكون تخصيص الشيطان بالذكر للاهتمام بنفي تمكنه من التمثل بصورته لما لا يخفى وجهه اهـ جامى . ""
( لما يعطيه مقام النبوة ) من الابتلاء وتعليم التعبير والتنبيه على تصديقه الرؤيا ، وأن ذلك جزاء إحسانه فإن المحسنين محبوبون لقوله تعالى: " إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "  والمحبوب معصوم ومعنى به فلذلك علمه وأدبه ، وقوله ( علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه ، أو هما معا ) جواب لما ، وحق العبارة أن يقول أو في حقهما معا ، فعدل إلى الضمير المرفوع على تأويل هذه الجملة أو المعبر بالحق المشروع هما معا .
""إضفة بالي زادة :  ( لما يعطيه ) الأدب ( مقام النبوة ) فالأدب في مقام النبوة طلب علم كل شيء من الله بلا حكم رأى اه ( بالحق المشروع ) وهو ما ثبت بالشرع أن الحق يتجلى بصور الاعتقادات ، وهو الذي أثبت له الشرع الأحكام المختلفة بحسب ما يناسب حال الرائي ، وهو اعتبار الحق مع الأسماء والصفات ، وفي الحقيقة ما ظهرت بهذه الصور إلا الأسماء والصفات ، وذات الحق منزهة عن هذه الظهورات ، وأما الحق الذي ثبت بالدليل العقلي وهو الحق من حيث غناؤه عن العالمين فحال عند العقل أن يثبت له غير الصفات الكمالية ، فالتعبير بالحق المشروع ( إما ) واقع ( في حال الرائي أو في ) حق ( المكان ) إذ الأمكنة مختلفة بالشرف ، فللمكان مدخل في الرؤية بالشرف والخساسة أو هما أي أو واقع في حقهما معا ، يعنى إذا رأينا الحق في المنام بتلك الصورة نعبر بالشرع ونقول إن الحق يظهر لنا بصور أحوالنا فتلك الصورة لنا لا له إبقاء لحكم الدليلين العقلي والشرعي . ""
والمعنى : أنا إذا رأينا الحق في صورة يمنع الدليل حملها على الظاهر ، عبرناها بالحق المشروع في العرف الشرعي ، لما روى : أن بعض الصالحين في بلاد الغرب
رأى الحق تعالى في المنام في دهليز بيته فلم يلتفت إليه فلطمه في وجهه ، فلما استيقظ قلق قلقا شديدا .
فأخبر الشيخ قدس سره بما رأى وفعل ، فلما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم ، قال له : أين رأيته ؟
قال : في بيت لي اشتريته ،
قال الشيخ : ذلك الموضع مغصوب ، وهو حق للحق المشروع اشتريته ولم تراع حاله ولم تف لحق الشرع فيه فاستدركه .
ففحص الرجل عن ذلك فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ، ولم يعلم الرجل ولم يلتفت إلى أمره ، فلما تحقق رده إلى وقف المسجد واستغفر الله .
فمثل هذا إذا رؤي وجب تأويله ، ولعل الشيخ علمه من شدة قلقه أنه ليس بحال الرائي.
فسأل عن المكان الذي رأى فيه (وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها ، كما يرى الحق في الآخرة سواء ) كما يرى في صورة نورية عقلية أو خيالية كالبدر والشمس ، أو كما يتجلى لأهل المحشر في صورة يعرف ويسجد له ، أو في صورة تنكر ويتعوذ منه سواء بلا فرق في الحكم .
""إضفة بالي زادة :  فتلك الرؤيا بتلك الصورة في الحق يدخل فيها التعبير وكذلك المكان كما قال عليه الصلاة والسلام « رأيت ربى في أحسن صورة شاب » يرده الدليل العقلي ، فصورة الشبابة في حق الرسول ظهور الحق له بهذه الصورة ، عبارة عن ربوبية تامة كاملة ( فإن لم يردها الدليل العقلي ) بأن كان ظاهرا بالصفة الكمالية ( أبقيناها ) إبقاء لحكم الدليلين لاجتماعهما في ظهور الحق بالصفات الكمالية ، كما ترى الحق في الآخرة . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
ثم، بين أن المرئي هو الصورة الجسدانية، فقال: (فيتجسد له) أي، للرائي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (روح النبي، عليه السلام، في المنام بصورة جسده كما مات عليه).
أي، تظهر له روح النبي بصورة جسده الذي هي كالجسم الذي مات عليه.
(لا يخرم المتجسد). أي، لا يقطع ولا يغير منه شيئا. (فهو محمد، صلى الله عليه وسلم، المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة). أي، الصورة المدفونة.
والجسد في اصطلاح الطائفة مخصوص بالصورة المثالية. (لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده، صلى الله عليه وسلم، عصمة من الله في حق الرائي.)
أي، تعظيما لشأن النبي، صلى الله عليه وسلم، وعصمة من الله في حق الرائي أيضا.

(ولهذا من يراه بهذه الصورة، يأخذ منه جميع ما يأمره به أو ينهاه عنه أو يخبره، كما كان يأخذ عنه، صلى الله عليه وسلم، في الحياة الدنيا) بلا تعبير وتغيير.
(من الأحكام على حسب ما يكون منه) أي، يصدر منه.
(اللفظ الدال عليه، من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان). أي، ولكون المرئي عين محمد، صلوات الله عليه، في الحقيقة، يأخذ الرائي ما يحكم به من الأمر والنهى، أو يخبر عنه من الأخبار، كما كان يأخذ منه في الحياة الدنيا بلا تعبير ولا تغيير في معاني تلك الألفاظ الواقعة منه.
(فإن أعطاه) أي، أعطى النبي، عليه السلام، له. (شيئا، فإن ذلك الشئ هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج) أي، ذلك الشيء.
(في الحس، كما كان في الخيال، فتلك الرؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد) أي، اعتمد بهذا القدر وعليه (إبراهيم الخليل وتقى بن مخلد).
أي، ما عبر كل منهما ما أراه الحق في رؤياه.



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء.
فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي. )
ولا يختص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم لفضل لطافته، بل (كل روح بهذه المثابة)؛ لأنها مجردة في مجردات لا تصير محسوسة، وإذا لم يكن المرائي في المنام جسمه ولا روحه ولا قلبه (فتجسد) أي: يتمثل له أي: المرئي (روح النبي ) في المنام (بصورة جسده) صورة تامة المطابقة (كما مات عليه)، لا كما كان عليه حال الشباب أو الطفولية، (لا يخرم) أي: لا ينقص منه أي: من (المرئي) في المنام (شيء) من الصورة التي مات عليها صلى الله عليه وسلم .
(فهو) أي: الظاهر في المنام بأنه النبي (محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة) جسدية أي: مثالية (تشبه الصورة (المدفونة) له صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان المرئي غيره لم يصدق في حقه؛ فقد رآني.
ولا يمكن من حيث جسده لما مر، ولا من حيث قلبه؛ لأنه تابع لروحه فلا يمكن رؤيته بدونه، ولا منه حيث نفسه لفنائها.
ولو لم تشبه المدفونة لم تصدق عليه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يؤمن فيها من تلبيس الشيطان، بخلاف ما إذا كانت مشابها للمدفونة؛ فإنه (لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم ، عصمة من الله في حق الرائي) لئلا يضله الشيطان بصورة الهادي بحيث لا يمكن التميز بينهما.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها.  وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها، وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم الخليل التي وبقي بن مخلد، ولما كان للرؤيا هذان الوجهان، وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب لما يعطيه مقام النبوة علمنا في رؤيتنا الحق تعالی في صورة يدها الدليل العقلي أن تعبر تلك الصورة بالحق المشروع، وأما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا، فإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها، كما ترى الحق في الآخرة سواء).
(وهذا) أي: ولأجل عصمة الله تعالى الرائي من إضلال الشيطان في هذه الرؤيا (يأخذ منه جميع ما يأمره به أو ينهاه) أو غيره مما يخبره إذا ضبطه.
لكن قلما يتأتى ذلك للنائم، (كما كان يأخذ عنه صلى الله عليه وسلم  في الحياة الدنيا من) هذه الأمور (على حسب ما يكون).
أي: يصدر (منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر)، وهما ما اتضحت دلالتهما على المقصود مع قطع احتمال الغير في الأول دون الثاني (أو مجمل)، وهو ما لا تتضح دلالته على أحد الأمرين، (أو ما كان) فلا مدخل للتأويل في صورته، ولا فيما يأخذ عنه إلا فيما يقتضيه اللفظ لو صدر عنه حال الحياة.
فإن أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم (شيئا) مما يدخل تحت الحواس الظاهرة، (فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير)؛ لأن الصور الخيالية كثيرا ما تغاير الصور المحسوسة للأشياء مع أخذ مناسبة بينهما؛ لكن لا يجب تأويله بكل حال، (فإن خرج في الحس كما كان في الخيال) لعدم تلبيس الخيال على الرائي.
(فتلك الرؤيا لا تعبير لها)، وهذا في بعض المواطن، (وبهذا القدر) القليل من الرؤيا الغير مفتقرة إلى التعبير، (وعليه اعتمد إبراهيم الخليل عليه السلام ، وبقي بن مخلد) في رؤياهما من غير نظر إلى حالهما في وقت الرؤيا هل كانا من تلبس عليهما الخيال أم لا؟
ولما كان شرط جوابه في قوله: «علمنا في رؤيتنا»
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 20 مارس 2019 - 12:46 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الحادية عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيتجسّد له روح النبيّ عليه السّلام في المنام بصورة جسده ، كما مات عليه ، لا يخرم منه شيئا ، فهو محمّد عليه السّلام المرئي من حيث روحه ، في صورة جسدية تشبه المدفونة ، لا يمكن لشيطان أن يتصوّر بصورة جسده عليه السّلام ، عصمة من الله في حقّ الرائي ).
فإنّه هو مظهر الهداية التامّة ، والخاتم لإبانة طريق الحق على الخاصّة والعامّة فلو لم يكن الرائي لصورته معصوما وأمكن الشيطان أن يتصوّره بتلك الصورة ما يتمّ له شيء من ذلك .
(ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمر به أو ينهاه أو يخبره ، كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام ، على حسب ما يكون منه اللفظ الدالّ عليه - من نصّ أو ظاهر أو مجمل أو ما كان ) .
فعلم أنّ صورته المرئيّة عليه السّلام خارجة عن مقتضى الرؤيا من التعبير ، ( فإنّ أعطاه شيئا فإنّ ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير ، فإن خرج في الحسّ كما كان في الخيال ) لما في حقيقة الرائي من المقابلة والصفا كما علم ( فتلك رؤيا لا تعبير لها ) ، وهذا إنّما يوجد قليلا ، ( وبهذا القدر عليه اعتمد إبراهيم الخليل وتقي بن مخلد ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء. فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء.  فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة)
(فيتجسد) أي يتمثل (له)، أي للرائي (روح النبي)  في المنام (بصورة جسده) المطهر المكرم حال كون تنك الصورة (كما مات عليها) ، أي مماثلة للصورة التي مات عنها النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخرم) بالخاء المعجمة والراء فمهملة من الخرم وهو القطع.
أي لا يقطع (منه) أي مما مات عليه (شيئا فهو) أي ما رآه في المنام (محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه) الظاهر (في صورة جسدية)، أي كالجسمانيات مثالية فإن الجسد في أصطلاح هذه الطائفة يطلق غالبة على الصورة المثالية (تشبه) الصورة (المدفونة) في البدنية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي. ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.)
(لا يتمكن الشيطان أن يتصور)، أي يتمثل (بصورة جسده) المثالي المماثل لجسمه المطهر ( صلى الله عليه وسلم عصمة من الله) تعالى (في حق الرائي) أن يتلبس الأمر .
(ولهذا من رأه بهذه الصورة) الجسدية المشابهة لصورته المدفونة في المدينة (يأخذ جميع ما يأمره به أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه) عليه السلام (في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون، أي يوجب (منه اللفظ الدال عليه).

أي عني ما يأخذه منه (من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان)، أي أو أي شيء كان من أقسام اللفظ بلا تعبير ولا تأویل (كأن أعطاه)، أي النبي صلى الله عليه وسلم و الرائي (شيئا) في المنام (فإن ذلك الشيء) المعطى (هو الذي يدخله التعبير ) في بعض الصور (كأن خرج) ذلك الشيء (في الحس كما كان في الخيال) بعينه (فتلك الرؤيا لا تعبير لها وبهذا القدر) الذي هو قسم من الرؤيا حرم (وعليه اعتمد إبراهيم الخليل عليه السلام وتقي بن مخلد) مع أن رؤياهما لم تكن من هذا القسم الذي يطلب التعبير.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الخميس 21 مارس 2019 - 19:04 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثانية عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا.
وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.
قال الشيخ رضي الله :  قال الشيخ رضي الله عنه : (فتتجسد)، أي تتصور (له)، أي للرائي (روح النبي عليه السلام في المنام بصورة جسده) الشريف (كما)، أي كالوصف الذي مات عليه (لا يخرم) بالخاء المعجمة، أي لا ينقص منه ذلك الوصف (شيئا فهو)، أي المتجسد بتلك الصورة (محمد) بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم نبینا ورسولنا (عليه السلام المرئي)، أي الذي رآه الرائي في منامه (من حيث روحه) الشريفة متصورة (في صورة جسدية تشبه) تلك الصورة الجسدية التي كانت في ذلك الزمان بعينها (المدفونة) في الحجرة الشريفة .
(لا يمكن الشيطان) من قرناء المؤمنين أو الكافرين أو الفاسقين (أن يتصور بصورة جسده )، لأحد من الناس في نوم أو يقظة أصلا (عصمة)، أي حفظة (من الله تعالى في حق الرائي) أن يقع عليه تلبيس الشيطان في صورة نبيه عليه السلام كما حفظ الله تعالى القرآن عن التحريف والتغيير بقوله تعالى : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [الحجر: 9].
لإنختام النبوة والوحي، فلا نبي يبعث ولا كتاب ينزل إلى قيام الساعة، فختم الله تعالى الأنبياء عليهم السلام بنبينا . وختم الكتب المنزلة أيضا بكتابنا العظيم .
(ولهذا من رآه)، أي النبي عليه السلام (بهذه الصورة) الجسدية المطابقة لصورته التي مات عليها صلى الله عليه وسلم كما ذكر من غير زيادة ولا نقصان.
(يأخذ) ذلك الرائی (عنه ) بطريق الوجوب في الواجب والاستنان في السنة (جميع ما يأمره به عليه السلام) من الأحكام (أو ينهاه عنه) من شرائع الإسلام ولا يكون ذلك مخالفا لشيء
مما اجتمع عليه المسلمون وعلم بالضرورة من دين الأئمة وإلا لكان الخطأ فيه عن الرائي لعدم ضبطه، لأنه عليه السلام لا يناقض شريعته (أو يخبره به) من ماض أو مستقبل (كما)، أي على طبق ما (كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا) لو كان الرائي حيا في زمنه صلى الله عليه وسلم  (من الأحكام) الشرعية ويستنبط المجتهد من ذلك (على حسب ما يكون منه) صلى الله عليه وسلم (اللفظ) من عبارته .
(الدال) ذلك اللفظ (عليه)، أي على ما يكون (من نص) وهو ما سيق الكلام له (أو ظاهر) وهو ما يفهم من العبارة (أو مجمل) وهو ما لا يحتاج إلى البيان (أو ما كان) من وجوه الكلام على ما هو في اصطلاح الأصول
(فإن أعطاه)، أي النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرائی (شيئا) في منامه (فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير)، أي التأويل.
وأما رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فإنها لا يدخلها تعبير أصلا، فإنه هو النبي صلى الله عليه وسلم لا محالة كما ذكر إذ رآه بوصفه الذي مات عليه، وإن رآه على خلاف ما كان عليه ؟ ومات عليه، فهو من حال الرائي يدل على كمال في أمره أو نقصان، وهل المرئي هو النبي صلى الله عليه وسلم أو لا؟
قد اختلف العلماء في ذلك والصحيح أنه هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا يأخذ عنه الرائي لعدم ضبطه حيث لم يره على صورته التي مات عليها (فإن خرج)، أي ما أعطاه إياه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه يعني ظهر (في الحس)، أي في اليقظة .
(كما) أي على الوصف الذي كان ذلك المرئي عليه (في الخيال) أي في النوم (فتلك الرؤيا لا تعبير)، أي لا تأویل (لها وبهذا)، أي بسبب هذا (القدر) من خروج بعض الرؤيا في الحس كما كان في الخيال (وعليه)، أي على هذا القدر من ذلك (اعتمد إبراهيم الخليل عليه السلام) فلم يعبر رؤياه وحملها على ظاهرها (وكذلك) فعل (تقي بن مخلد) رحمه الله تعالى كما ذكر .

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان) أي التعبير وعدم التعبير وعلمنا الله نيما نعل بإبراهيم عليه السلام) بالوحي بنبينا عليه السلام (و) علمنا (ما قال له) من قوله : "أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " وما عبرت (الأدب) أي علمنا الأدب (لما يعطيه) أي الأدب (مقام النبوة) فالأدب في مقام النبوة الطلب علم كل شيء من الله بلا حكم بالرأي فغفل إبراهيم عليه السلام من هذا الأدب بسبب اعتماده على هذا الوجه وأدبه الله تعالی بقوله : "قد صدقت الرؤيا" الصافات: 105.
فأخبر لنا عن أحواله تعليما لنا الأدب مع الله (علمنا) جواب لما (في رؤيتنا الحق تعالى في صورة) مثالية (يردها الدليل العقلي) أي استحال العقل (أن تعبر تلك الصورة) التي بردها الدليل العقلي (بالحق المشروع).
وهو ما يثبت بالشرع أن الحق يظهر بصورة اعتقادات المعتقدين على حسب اعتقاداتهم كما في حديث التحول أن الحق يتجلى يوم القيامة بصورة فينكرونه ثم يتجلى بصورته فيقبلونه.
فى حديث طويل "عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟»، قلنا: لا، قال: «فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ، إلا كما تضارون في رؤيتهما» ثم قال: " ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال: كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟
فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة، ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا…" رواه البخاري ومسلم و أحمد و الدارقطني والحاكم وابو عوانة وغيرهم
فالحق المشروع هو الذي أثبت عليه الشرع الأحكام المختلفة بحسب ما يناسب حال الرائي وهو اعتبار الحق مع الأسماء والصفات .
وفي الحقيقة ما ظهر بهذه الصور إلا الأسماء والصفات وذات الحق منزه عن هذه الظهورات وأما الحق الحق الذي ثبت بالدليل العقلي وهو الحق من حيث استغنائه عن العالمين .
فمنح عند العقل أن يثبت له شيء إلا الصفات الكمالية فالتعبير بالحق المشروع (ما) واقع (في حق حال الرائي أو) واقع في حق (المكان الذي رآه) أي رأى الحق الرائي (فيه) أي في ذلك المكان إذ الأمكنة مختلفة بالشرف فللمكان مدخل في الرؤية بالشرف والخساسة .
(او هما) أي واقع في حقها (معا) يعني إذا رأينا الحق في المنام بتلك الصورة تعبر بالشرع، فنقول إن الحق يظهر لنا بصور أحوالنا فتلك الصورة لنا لا له إبقاء بحكم الدليلين العقلي والشرعي.
فتلك الرؤيا بتلك الصورة في الحق يدخل فيها التعبير وكذلك المكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رأيت ربي في أحسن صورة شاب" يردها الدليل العقلي فصورة الشبابية في حق الرسول عليه السلام ظهور الحق له بهذه الصورة وهي عبارة عن ربوبية بأئنه كاملة وهي الربوبية الجامعة الأسمائية.
(فإن لم يردها الدليل العقلي) أي وإن رأينا الحق بصورة لم يردها الدليل بل كان ظاهرة بالصفة الكمالية كالربوبية و القادرية وغير ذلك من الصفات التي لم يردها الدليل العقلي لم نعبر تلك الرؤيا (أبقيناها على ما رأيناها) إبقاء الحكم الدليلين لاجتماعهما في ظهور الحق بالصفات الكمالية .
شبه رؤية الحق بالصفة التي لم يردها الدليل العقلي في الظهور بحيث لا يخفى على أحد أنه الحق فلا يحتاج إلى التعبير لإيضاحه غاية الإيضاح .
والاحتياج إلى التعبير ينشأ من نوع خفاء في الظهور رؤية الحق في الآخرة بقوله : (كما يرى الحق في الآخرة سواء) بحيث لا يخفى على أحد حتى يحتاج إلى التعبير لظهوره فيها على وجه الكمال.
ولما بين أن الحق ظهورات بجميع الصور بالتعبير أو عدمه أورد نتيجة ذلك بالأبيات تسهيلا للطالبين بقوله : (شعر:
فللواحد الرحمن ….    صفة للواحد حاصل.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
فلذلك قال في البيت الثاني: فإن قلت: هذا الحق قد تك صادقا، أي قد تصدق.
وأما إن قلت: أمرا آخر فهو من باب تعبير الرؤيا وهو قوله: أنت عابر.
ثم قال: وما حكمه في موطن دون موطن، بل حكمه واحد في المواطن كلها وذلك الحكم الواحد هو أنه يظهر بصور مخلوقاته، ومن مخلوقاته الخيال فهو يظهر فيه بما يقتضيه .
وكذلك الحس في الآخرة وغيرها وكذلك بقية العوالم الروحانية والمعنوية، وتلك الظهورات كلها بالحق تظهر للخلق فإذا ظهر العالم الحس أنكرته العقول، فإن ظهر للعقول بمقتضاها أقرت له و به وكذلك في الخيال.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
واضح

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : "ولمّا كان للرؤيا هذان الوجهان ، وعلَّمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب لما يعطيه مقام النبوّة ، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردّها الدليل العقلي أن نعبّر تلك الصورة بالحق المشروع ، إمّا في حق الرائي ، أو المكان الذي رآه فيه ، أو هما معا ، فإن لم يردّها الدليل العقلي ، أبقيناها على ما رأيناها ، كما نرى الحقّ في الآخرة سواء " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق إذا تجلَّى لشخص في صورة يردّها الدليل العقلي ، أوّلناه بالحق المشروع ، كما رأى بعض المسلمين الصالحين في بلاد الغرب الحق في دهليز بيت له ، فلم يلتفت إليه ولطمه في وجهه ، فلمّا استيقظ قلق قلقا شديدا .
فجاء الشيخ رضي الله عنه وأخبره بما رأى وفعل ، فلمّا رأى الشيخ على ذلك الرائي من القلق أمرا عظيما ، فقال له الشيخ : أين رأيته ؟
قال : في بيت لي اشتريته ،
قال الشيخ :ذلك الموضع مغصوب وهو حق للحق المشروع ، اشتريته ولم تجعل مالك منه ولم تف حقّ الشرع ، فاستدركه .
ففحص الرجل عن ذلك ، فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب والرجل لم يعلمه ولم يلتفت إلى أمره ، فلمّا تحقّق ، ردّه إلى وقف المسجد ، واستغفر الله .
فمثل هذا إذا رئي ، دخله التأويل والتفصيل ، وإذا تجلَّى الحق في صورة لا يردّها الدليل العقلي ، فقد تجلَّى لنا ورأيناه بحمد الله ، كما نراه في الآخرة كالبدر وكما يتجلَّى لأهل المحشر في صورة تنكر ويتعوّذ منه ويعرف ويسجد له سواء بلا فرق في الحكم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
( ولما كان للرؤيا هذان الوجهان ) أي الإبقاء على حاله والتعبير ( وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب ) أي علمناه الأدب ، فيما فعل بإبراهيم من إراءته الكبش في صورة ابنه وتفديته به ، وفيما قال له في قوله : "قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ".
""إضفة بالي زادة :  اعلم أن علم التعبير علم يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة الظاهرة في حضرة الخيال بآرائه ، وهي معرفة المناسبات التي بين الصور ومعانيها ، ومعرفة مراتب النفوس التي تظهر تلك الصور في خيالاتهم ، ومعرفة الأزمنة والأمكنة وغيرها مما له مدخل في التعبير ، فإنه قد يختلف حكم الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب .
بل بالنسبة إلى شخص واحد في زمانين أو مكانين ، وبكمال هذه المعرفة ونقصانها تتفاوت حال المعبرين في الإصابة والخطأ في التعبير ( فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي ) فإن قلت : لا يلزم من عدم تمكن الشيطان من التمثل بصورته أن تكون صورته المثالية عينه عليه الصلاة والسلام لا غيره ، لجواز أن يتمثل بصورته ملك أو روح لإنسان أو معنى من المعافى كشرعه وسنته ، وغير ذلك مما له نسبة إليه في معنى الهداية وغيرها .
قلت : يمكن أن تكون سنة الله تعالى جارية بأن لا يتمثل بصورته وجبلته شيء أصلا تعظيما لشأنه ، ويكون تخصيص الشيطان بالذكر للاهتمام بنفي تمكنه من التمثل بصورته لما لا يخفى وجهه اهـ جامى . ""
( لما يعطيه مقام النبوة ) من الابتلاء وتعليم التعبير والتنبيه على تصديقه الرؤيا ، وأن ذلك جزاء إحسانه فإن المحسنين محبوبون لقوله تعالى: " إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "  والمحبوب معصوم ومعنى به فلذلك علمه وأدبه ، وقوله ( علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه ، أو هما معا ) جواب لما ، وحق العبارة أن يقول أو في حقهما معا ، فعدل إلى الضمير المرفوع على تأويل هذه الجملة أو المعبر بالحق المشروع هما معا .
""إضفة بالي زادة :  ( لما يعطيه ) الأدب ( مقام النبوة ) فالأدب في مقام النبوة طلب علم كل شيء من الله بلا حكم رأى اه ( بالحق المشروع ) وهو ما ثبت بالشرع أن الحق يتجلى بصور الاعتقادات ، وهو الذي أثبت له الشرع الأحكام المختلفة بحسب ما يناسب حال الرائي ، وهو اعتبار الحق مع الأسماء والصفات ، وفي الحقيقة ما ظهرت بهذه الصور إلا الأسماء والصفات ، وذات الحق منزهة عن هذه الظهورات ، وأما الحق الذي ثبت بالدليل العقلي وهو الحق من حيث غناؤه عن العالمين فحال عند العقل أن يثبت له غير الصفات الكمالية ، فالتعبير بالحق المشروع ( إما ) واقع ( في حال الرائي أو في ) حق ( المكان ) إذ الأمكنة مختلفة بالشرف ، فللمكان مدخل في الرؤية بالشرف والخساسة أو هما أي أو واقع في حقهما معا ، يعنى إذا رأينا الحق في المنام بتلك الصورة نعبر بالشرع ونقول إن الحق يظهر لنا بصور أحوالنا فتلك الصورة لنا لا له إبقاء لحكم الدليلين العقلي والشرعي . ""
والمعنى : أنا إذا رأينا الحق في صورة يمنع الدليل حملها على الظاهر ، عبرناها بالحق المشروع في العرف الشرعي ، لما روى : أن بعض الصالحين في بلاد الغرب
رأى الحق تعالى في المنام في دهليز بيته فلم يلتفت إليه فلطمه في وجهه ، فلما استيقظ قلق قلقا شديدا .
فأخبر الشيخ قدس سره بما رأى وفعل ، فلما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم ، قال له : أين رأيته ؟
قال : في بيت لي اشتريته ،
قال الشيخ : ذلك الموضع مغصوب ، وهو حق للحق المشروع اشتريته ولم تراع حاله ولم تف لحق الشرع فيه فاستدركه .
ففحص الرجل عن ذلك فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ، ولم يعلم الرجل ولم يلتفت إلى أمره ، فلما تحقق رده إلى وقف المسجد واستغفر الله .
فمثل هذا إذا رؤي وجب تأويله ، ولعل الشيخ علمه من شدة قلقه أنه ليس بحال الرائي.
فسأل عن المكان الذي رأى فيه (وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها ، كما يرى الحق في الآخرة سواء ) كما يرى في صورة نورية عقلية أو خيالية كالبدر والشمس ، أو كما يتجلى لأهل المحشر في صورة يعرف ويسجد له ، أو في صورة تنكر ويتعوذ منه سواء بلا فرق في الحكم .
""إضفة بالي زادة :  فتلك الرؤيا بتلك الصورة في الحق يدخل فيها التعبير وكذلك المكان كما قال عليه الصلاة والسلام « رأيت ربى في أحسن صورة شاب » يرده الدليل العقلي ، فصورة الشبابة في حق الرسول ظهور الحق له بهذه الصورة ، عبارة عن ربوبية تامة كاملة ( فإن لم يردها الدليل العقلي ) بأن كان ظاهرا بالصفة الكمالية ( أبقيناها ) إبقاء لحكم الدليلين لاجتماعهما في ظهور الحق بالصفات الكمالية ، كما ترى الحق في الآخرة . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان) التعبير وعدمه.
(وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من الابتلاء والفداء.
(وما قال له) من قوله: (أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا).
أي، صدقت ما رأيت وما عبرت إلى ما نحن أردناه منها.
(الأدب لما يعطيه مقام النبوة) أي، علمنا الله الأدب فيما فعل بإبراهيم لما يقتضيه مقام النبوة من التأدب بين يدي الله تعالى.
قوله: (علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع، إما في حق حال الرائي، أو المكان الذي رآه فيه، أوهما معا).
جواب (لما). وقوله: (أو هما معا).
أي، نعبرها بالحق المشروع في حق الرائي والمكان الذي رآه فيه معا.
ومعناه: أن الحق إذا تجلى لنا في صورة مثالية أو حسية، يردها الدليل العقلي - أي العقل المعتبر شرعا، لا العقل الفلسفي المشوب بالوهم - وإلا كان الواجب رد كل ما جاء به الشرع مما يوجب التشبيه،سواء كان ذلك كمالا أو نقصا، إلى ما يقتضيه العقل النظري. وليس كذلك.
وجب أن نعبر ونرد تلك الصورة التي يوجب النقصان إلى الصورة الكمالية التي جاء بها الشرع.
وهو المراد بـ (الحق المشروع). أي، الثابت في الشرع.
كما جاء في الحديث: (أن الحق يتجلى يوم القيامة بصورة النقصان، فينكرونه، ثم يتحول  و يتجلى بصورة الكمال والعظمة، فيقبلونه فيسجدونه).
وذلك التعبير والتنزيل إما أن يكون في حق حال الرائي، أي مرتبته ومقامه، أو في حق حال المرئي ورتبته، أو في حقهما معا باعتبار مراعاة مرتبتهما ومقاميهما، أو في حق حال الزمان والمكان الذي رأى الرائي الحق فيه، لأن بعض الأزمنة أفضل من غيره،
كيوم الجمعة وليلة القدر، وكذلك بعض الأمكنة أشرف من البعض، كالأماكن المتبركة والأراضي المقدسة، أو في حق الجميع، كتعبير رؤيا رأيت فيحق شخص.
فالرائي إذا كان سالكا، ينزلها تارة على مقامه ويعبرها بحسب أحواله، وأخرى ينزلها في حق المرئي وأحواله، وقد يجمع بين ما يتعلق بنفسه ونفس المرئي.
(فإن لم يردها الدليل العقلي) بأن كان التجلي في الصورة النورية كصورة الشمس، أو غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك.
(أبقيناها على ما رأيناها، كما نرى الحق الآخرة سواء). أي، كما يتجلى الحق لنا في الآخرة. فإن ذلك التجلي أيضا يكون على صور استعدادات المتجلى له، غير ذلك لا يكون.
واعلم، أن الرد والإنكار إنما يقع في التجليات الإلهية.
لأن الحق تارة يتجلى بالصفات السلبية، فتقبله العقول، لأنها منزهة مسبحة للحق عما فيه شائبة التشبيه والنقصان، وينكره كل من هو غير مجرد، كالوهم والنفس المنطبعة وقواها، لأن من شأنهم إدراك الحق في مقام التشبيه والصور الحسية.
وتارة يتجلى بالصفات الثبوتية، فتقبله القلوب والنفوس المجردة، لأنها مشبهة من حيث تعلقها بالأجسام ومنزهة باعتبار تجردها، وتنكره العقول المجردة لعدم إعطاءشأنها إياها، بل ينكر تلك الصفات أيضا بالأصالة.
وفي هذا التجلي قد يتجلى بصور كمالية، كالسمع والبصر والإدراك وغيرها، وقد يتجلى بصور ناقصة منصور الأكوان، كالمرض والاحتياج والفقر، كما أخبر الحق عن نفسه بقوله: (مرضت، فلم تعدني، واستطعمت، فلم تطعمني).
وقوله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه). وأمثال ذلك.
فيقبله العارفون مظاهر الحق، وينكره المؤمنون المحجوبون لاعتقادهم بأن الحق ما يتنزل عن مقامه الكمالي.
فقبل كل منهم ما يليق بحاله ويناسبه من التجليات الإلهية، وأنكره ما لم يكن تعطيه شأنه. والإنسان الكامل هو الذي يقبل الحق في جميع تجلياته ويعبده فيها.
ولما كانت العقول الضعيفة عاجزة من إدراك التجليات الإلهية في كل موطن ومقام والنفوس الأبية طاغية غير معظمة لشعائر الله، أوجب إسناد الصور الكمالية إليه، ورد ما يوجب النقصان عنه، مع أنه هو المتجلي في كل شيء والمتخلي عن كل شيء.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
(للرؤيا هذان الوجهان) المطابقة التامة لما في الحس تارة، والمغايرة مع اعتبار مناسبة جلية لو خفية أخرى، (وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من الفداء؛ لأنه لما وقع في ذهنه الأدب إذ لم يكذب ظنه بالكلية.
(وما قال له) أي: وعلمنا فيما قال له: قد صدقت الرؤيا ، ولم يقل: لبس عليك خيالك فرأيت الكبش في صورة ابنك.
(الأدب) إذ تأدب مع جلالة قدره معه (لما يعطيه)أي: يقتضيه (مقام النبوة) من رعاية الأدب فنحن أولى برعايته مع الحق إذا رأيناه على خلاف ما يقتضيه الدليل العقلي؛ لما يقتضيه غاية جلالة قدره لمكان ربوبيته مع غاية دناءة   قدرنا فلا نردها بالكلية، فحينئذ (علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي) لعدم كونه منزها ينزهه الدليل العقلي.
إنه يجب علينا (أن نعبر تلك الصورة) المرئية باسم الحق في المنام (بالحق المشروع) لاشتراكهما في الاسم، وكثيرا ما يعبر عن أحد المتشاركين في الاسم إلى الأخر.
وهذا الحق المشروع (إما في حق حال الرائي) يكون عليه لغيره، أو يكون له على غيره (أو المكان الذي رآه) أي: الحق (فيه) على الصورة المنكرة بأن يكون مغصوبا أو موقوفا، (أو هما معا) أي: في حق الرائي والمكان مقا بأن يكون متلفا لمنافع ذلك المكان على مستحقه.
(وإن لم يردها) أي: الصورة المرئية باسم الحق ( الدليل العقلي) لكونها على التنزيه التام (أبقيناها على ما رأيناها) فلانا، ولها بالحق المشروع إذ لم يلبس الخيال في ذلك علينا شيئا.
ثم قال: وهذا الاختلاف في رؤية الحق في المنام، (كما نرى الحق في الآخرة سواء) فإنه قد يرى في الآخرة على التنزيه التام تارة، وعلى الصور المنكرة أخرى، كما ورد في الحديث.
وفي قوله: "سواء" إشارة إلى أن عالم الأخرة، وإن كان محسوسا، وعالم المنام، وإن كان خياليا، فهما في الاختلاف المذكور لصور الأشياء سواء.
ولذلك يختلف صور الإنسان هناك فيحشر بعضهم على صور القردة، وبعضهم على صور الخنازير.

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الخميس 21 مارس 2019 - 19:10 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
تعبير رؤيا الحق تعالى في المنام
( ولمّا كان للرؤيا هذان الوجهان ، وعلَّمنا الله - فيما فعله بإبراهيم وما قال له الأدب - لما يعطيه مقام النبوّة ) .
على جلالة قدرها من الابتلاء والاختبار في الرؤيا أهلها ، وعدم تقريرهم الصورة المرئيّة بحالها ( علمنا في رؤيتنا الحقّ تعالى ) جواب لمّا ( في صورة يردّها الدليل العقلي ) لا الأدلَّة مطلقا.
لأنّ العقل موطن التمييز بين الحق والباطل ، ومحلّ تسطير تصوّر الأشياء بما هي عليه - فإذا كانت الصورة التي رئي الحقّ عليها مما يردّها العقل لا بدّ و ( أن يعبّر تلك الصورة بالحقّ المشروع ) فإنّ « الشرع » هو العرش الذي استقرّ عليه الحقّ بصورته العينيّة وشاكلته المرضيّة ، فما لم يكن عليه لا ينسب إليه تعالى كما في الأسماء ، فإنّها ما لم يطلق الشرع عليه ما لنا أن ننسب إليه .
وتلك الصورة التي ردّها العقل ويجعلها مفتقرة إلى التعبير ( إمّا في حقّ حال الرائي ) بحسب مناسبته لتلك الصورة المردودة عقلا ( أو المكان الذي رآه فيه ) - كما روي أنّ بعض الصالحين في بلاد الغرب رأى الحقّ تعالى في المنام في دهليز بيته ، فلم يلتفت إليه ، فلطمه في وجهه فلمّا استيقظ قلق قلقا شديدا فأخبر الشيخ رحمه الله  بما رأى وفعل ، فلمّا رأى الشيخ ما به من القلق العظيم .
قال له : « أين رأيته » ؟
قال : « في بيت لي قد اشتريته » .
قال الشيخ : « ذلك الموضع مغصوب ، وهو حقّ للحقّ المشروع ، اشتريته ولم تراع حاله ، ولم تف بحقّ الشرع فيه فاستدركه » فتفحّص الرجل عن ذلك .
فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ولم يعلم الرجل ولم يلتفت إلى أمره .
ولعلّ الشيخ من صلاح الرائي وشدّة قلقه علم أنّه ليس من قبل الرائي .(أو هما معا ).
( وإن لم يردّها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما ترى الحقّ في الآخرة سواء) فإنّه كثيرا ما يتجلَّى فيها بصور ينكرها أرباب العقول وذوو العقائد على ما ورد في الحديث.
فلئن قيل : « إنّ الصورة المرئيّة من الخاتم لا تحتاج إلى التعبير ، لأنّ الشيطان لا يتمثّل به فكيف تكون الصور المرئيّة من الحق تعالى مفتقرة إليه والشيطان يتمثّل به » ؟ !
قلنا : إنّ الخاتم للنبوّة هو الغاية في إظهار الصورة المبعوث لتمام أمرها ، فلا يمكن أن يتطرّق إليه من الخفاء شيء أصلا ، ولا يقدر الشيطان الذي هو قهرمان أمر الإخفاء والإلباس أن يحوم حول حماه الأحمى قطعا وإلَّا لا يكون خاتما للنبوّة .
وأمّا الحقّ ، فكما أنّ له صورة الظهور ، فله صورة الخفاء أيضا ، والكلّ منه ، وإليه ، وإلى هذه النكتة المستشعرة منه أشار بقوله نظما :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل)
(ولما كان للرؤيا هذان الوجهان)، أي التعبير و عدمه (وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من إرائته الكبش بصورة إبنه و عدم اطلاعه على المراد منها أو وإعطائه الفدية وتمكنه من ذبحها ليعلم المراد اخرا (وما قال له) من قوله : "يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " لا صدقت فيه (الأدب) يعني دب موطن الرؤيا وهو عدم القطع بظاهرها وتعبيرها بالمراد منه إذا دل دليل على عدم إرادة ظاهرها.
وكله الأمر فيها إلى الحق ليظهر على الرائي أن المراد بها إما ظاهرها بلا تعير أو أمر آخر يعبر به .
وإنما وقع تعليم ذلك الأدب (لما يعطيه مقام النبوة)، أي لأن يقام النبوة مع جلالة
قدرها ورفعة شأنها يعطى ذلك الأدب ويستدعيه فكيف مقام المتابعة التي دونها.
وقوله : (علمنا في رؤيتنا الحق تعالی) جواب لما أي لما كانت الرؤيا تحتمل وجهين التعبير وعدمه وعند ظهور الدليل على عدم إرادة ظاهرها تعین التعبير علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في موطن الرؤيا.
(في صورة بردها الدليل العقلي أن تعبير تلك الصورة بالحق المشروع) أي بالحكم الحق الثابت الذي شرعه الحق سبحانه .
قال الشيخ رضي الله عنه : (العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
(أما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو) ما يعبر في حته صورة الحق بالحق المشروع (هما) أي الرائي والمكان (معا) أو غير ذلك الزمان مثلا.
وكان الظاهر في العبارة أن يقال : أو في حقهما معا، وكأنه عدى إلى الضمير المرفوع بتأويل
الجملة كما ذكرنا.
وذلك كما يروى أن بعض الصالحين رأى الحق في المنام في دهليز بيته فلطمه في وجهه، فعبر بأنك أخللت بالحكم الشرعي في أخذ دهليز بيتك .
ففحص عن ذلك فإذا هو وقف مسجد بيع بغصب (وإن لم يردها)، أي رؤية الحق (الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما ترى الحق في الآخرة) بتحوله في الصور . يشير إلى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم
"" أن أبا هريرة، أخبرهما: أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟
قال: «هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب»
قالوا: لا يا رسول الله.
قال: «فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب» .
قالوا: لا.
قال: " فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة.
فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها.
فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه.
فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم.
فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم.
فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل.
وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم ،.... الحديث "" رواه البخاري ومسلم وغيرهم
(سواء ) من غير فرق.
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 8:48 عدل 2 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة السبت 23 مارس 2019 - 17:43 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر ...   فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر ... وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر ....  إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كان للرؤيا) المنامية (هذان الوجهان) المذكوران أن بعض الأشياء التي ترى في المنام يدخلها التعبير، وبعض الأشياء تخرج في الحس كما كانت في المنام فلا تعبير لها، والأصل في كل رؤيا أن لها تعبيرة.
وأما ما لا تعبير لها فعلامتها خروجها إلى الحس كذلك، فإذا لم تخرج بنفسها في الحس وهو نادر فإن لها تعبيرا ينبغي طلبه والسؤال عنه (وعلمنا الله تعالی) بمحض لطفه وإحسانه بما قصه علينا في القرآن العظيم.
(فيما فعل بإبراهيم عليه السلام) من إراءته في منامه أنه يذبح ولده وتعبيره أنه يذبح الكبش لا ولده (وما قال له) من قوله تعالى: "وناديناه أن يا إبراهيم . قد صدقت الرؤيا" الآية.
(الأدب) مفعول علمنا، أي أن نتأدب في كل ما نرى بأن نعبر ذلك ونؤله ولا نحمله على ظاهره (لما)، أي لأجل ما (يعطيه مقام النبوة التي) في إبراهيم عليه السلام من الرفعة وعلو الشأن ومع ذلك فعل به ما فعل.
وقال له ما قال، فكيف بمن دونه (علمنا) جواب لما كان المطلوب منا (في) وقت (رؤيتنا الحق تعالی) ونحن في يقظة الحياة الدنيا التي هي منام بالنظر إلى ما بعدها من عالم البرزخ والموت بحكم قوله عليه السلام: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا». رواه أبو نعيم فى الحلية والزهري .و "الناس نيام فإذا انتبهوا ندموا، وإذا ندموا لم تنفعهم نادمتهم". أورده السلمي عن سهل ابن عبد الله التستري
ورؤيتنا الحق تعالی أيضا ونحن في نومة الموت، وعالم البرزخ بحكم قوله تعالى عمن قال عنهم: إنهم يقولون يوم القيامة في عالم البعث: "قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا" [يس: 52]، والمرقد: موضع الرقود وهو النوم، وكذلك رؤيتنا الحق تعالی، ونحن في نومة البعث والحشر، ثم في نومة القرار في جنة أو نار، وإن لم تأتي الإشارة إلى أن ذلك نوم أيضا في الأخبار، فإن الكشف حاكم بذلك.
وإليه الإشارة بتصديق النبي عليه السلام للشاعر في قوله : أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد : "إلا كل شيء ما خلا الله باطل" رواه مسلم وابن أبي شيبة في المصنف.
فإنه يشير إلى ما أردناه من أن العوالم كلها منام في منام حتى يظهر الحق تعالى، فيزول النوم بالرؤيا الأخروية التي في دار القرار، والنائم يرى في منامه ما عسى أن يرى.
فكل رؤية فهي رؤيا منام ما عدا الرؤيا الجنانية، فإنها رؤيا يقظة فلا تأويل لها ولا تعبير من وجه، وهي رؤيا منام أيضا من وجه آخر.
ولهذا يحصل فيها الترقي ولا يحتجب عنها صاحبها حتى ينكشف الحق سبحانه أكثر من الانكشاف الأول، فيكون الأول رؤيا والثاني رؤية والرؤيا تحتاج إلى التعبير .
وهكذا إلى ما لا نهاية له كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة» و للوارث المحمدي من هذا نصيب في الدنيا والآخرة .
وأطلق الشيخ قدس الله سره رؤيتنا الحق تعالی ولم يقيدها بموطن الدنيا والآخرة لإرادته أعم من ذلك كما ذكرنا (في صورة) قدرها تعالی فظهر بها بحكم قوله سبحانه : "وخلق كل شيء فقدره تقديرا " [الفرقان: 2]،
وقوله سبحانه : "لله ما في السموات وما في الأرض" [البقرة: 284]، "وله كل شئ" [النمل: 91]، وقوله :" قل انظروا ماذا في السموات والأرض"[يونس: 101].
وقوله : "وهو الله في السموات وفي الأرض " [الأنعام: 3].
(يردها)، أي تلك الصورة أن تكون للحق سبحانه من حيث ذاته سبحانه (الدليل العقلی) كما ذكره المتكلمون من أنه سبحانه منزه عن التصوير وأن تكون له صورة وإلا كان حادثا سبحانه، وهو قديم أزلي (أن تعبر)، أي تؤول تلك الصورة التي رأينا الحق تعالی فيها .
(بالحق المشروع)، أي الذي وردت أوصافه في الشريعة المحمدية على حسب ما وردت من غير زيادة ولا نقصان .
(وأما) المشروع (في حق حال الرائي) كما ورد في حديث: «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن».
فإن هذا العبد المؤمن جاء في حقه أن ما يراه بقلبه هو الحق سبحانه، فهو إله المعتقدات لا الإله المطلق من حيث هو مطلق (أو) في حق (المكان الذي رآه فيه)، كما ورد في الحديث: «إن الله في قبلة أحدكم». روى البخاري : «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال أو يفعل هكذا» .
وجاء في مقام الإحسان قوله عليه السلام «أعبد الله كأنك تراه».أخرجه أحمد والآجري في الغرباء وأبو نعيم في الحلية وابن حبان والبيهقي وأبو داود والطبراني
وهو عام في كل مكان عبادة، وهو الإله المعبود دون المطلق الموجود (أو هما)، أي في حق الرائي وحق المكان (معا) كالمؤمن الذي يرى الحق سبحانه في قلبه وفي قبلته ومكان عبادته.
وهذا كله في صورة يردها الدليل العقلي لعدم مناسبتها للحق سبحانه، كما تعتقده العوام من المؤمنين وجهلة المقلدين والعلماء الرسميين من المحجوبين، فإن صور اعتقاداتهم كلها على اختلافها رؤيا منام في الحياة الدنيا ويجب تعبيرها، فنعبرها ونؤولها بما ورد على الشارع مما يقتضي ذلك بحسب حال الرائي أو المكان أو هما.ولا نحكم بالخطأ في ذلك.
لأن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، والنائم لا يرى محبوبه إلا في صورة يحبها، فكل صورة يراه فيها ويعتقد أنه محبوبه فهو محبوبه تعبیرة وتأویلا ، وإن تنزه محبوبه عن تلك الصورة الخيالية.
(فإن لم يردها)، أي تلك الصورة (الدليل العقلي)، بأن كانت صورة تنزيه وإطلاق لا تقييد وتعيين، فإن التنزيه تصوير أيضا، لأنه ما نزه إلا المعين عنده وكل معين عنده مشبه مقيد، وكذلك الإطلاق تقييد، ولكن الدليل العقلي لا يرد هذا التصوير ويقبله من حيث إنه نفي للصورة، وإن كان يلزم من نفيها من وجه إثباتها من وجه كما ذكرنا (أبقيناها)، أي تلك الصورة (على ما رأيناها)، ولا ننكرها وكل شيء يسبح لله تعالى، يثبتها الله تعالى، لأنها عين تسبیحه فلو زالت لزال تسبيحه (كما نرى الحق) تعالى (في الآخرة) في الصور كذلك.
(سواء) على طبق رؤية الدنيا ، فكل مؤمن بشريعتنا يری ربه في الآخرة على طبق ما رآه في الدنيا منزها كان أو مشبها.
إن كان المشبه مؤولا بالحق المشروع كما ذكرنا، وكل منزه مشبه وكل مشبه منزه إلا الكافر فإنه محجوب بحكم قوله تعالی : "إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " [المطففين : 15]. حكمة إلهية عدة، كما أن رؤية المؤمنين منة منه وفضة، ولا نكفر أحدا من أهل قبلتنا بل نؤول رؤياهم بما هو المشروع لهم من ذلك، والله بكل شيء عليم
(فللواحد الذي) لا شريك له (الرحمن) المستوي على عرش الوجود (في كل موطن) تكون فيه الأرواح (من الصور) بضم الصاد المهملة وسكون الواو وجمع صورة (ما يخفى) على العقول البشرية والحواس الإنسانية (وما هو ظاهر) غیر خاف .
(فإن قلت هذا الحق) سبحانه عن ظاهر ظهر لحسك أو لعقلك (قد) للتحقيق (تك) أصلها تكن والنون محذوفة مع غير جازم في ذلك (صادقا) في قولك حيث لم تعتبر الصورة المحسوسة أو المعقولة واعتبرت المصور الممسك لتلك الصور كلها.
(وإن قلت) عما ظهر لك (أمرا آخر) غير الحق تعالى (أنت عابر)، أي صاحب رؤيا منامية محتاجة إلى التعبير، فأنت صاحب تعبير يقال لك عابر، أي داخل من ظاهر ما رأيت وهي الصورة، إلى باطنها وهو المصور.
(وما حكمه) سبحانه بما ذكر (في موطن) من المواطن فقط (دون موطن) آخر (ولكنه) سبحانه (بالحق) الذي هو صفته من الأزل إلى الأبد (للخلق)، أي المخلوقات (سافر)، أي منكشف فهو تعالی مكشوف لخلقه أنه الحق في جميع المواطن، وكل شيء هالك إلا وجهه [القصص: 88].
(إذا ما تجلی)، أي انكشف (للعيون) الباصرات من العقلاء (ترده)، أي تنكر ظهوره في صورة كل شيء (عقول) لهم (ببرهان)، أي دليل واضح (عليه)، أي على ذلك الرد (تثابر)، أي تواظب.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : فللواحد الرحمن ….    صفة للواحد حاصل.
(في كل موطن من الصور) بيان لما قدم للضرورة . (ما) فاعل الظرف وهو في كل موطن أي الذي .
(يخفي) الحق في هذه الصورة على بعض الناس كظهوره بصور الأكوان فيحتاج إلى التعبير بالحق المشروع.
(وما هو ظاهر) عطف على الجملة الفعلية للضرورة أي الذي يظهر الحق في هذه الصورة كظهوره بالصورة الكمالية التي أثبتها العقل.
فلزم من هذا البيت أن الظاهر بجميع الصورة الكمالية والكونية هو الواحد الرحمن فإذا كان الأمر كذلك (فإن قلت هذا) أي الذي ظهر بالصورة هو (الحق) لانكشاف الحق عليك في جميع الصور .
(قد تك صادقا) بمطابقة خبرك الواقع فما رؤيتك هذه إلا كما ترى في الآخرة على أن قد للتحقق أو معناه قد تك صادقا عند الشرع ولم تك صادقا عند العقل ترد قولك في بعض الصور على أن قد للتقليل.
(وإن قلن امرة آخر) باحتجابك بالصور عن الحق.( أنت عابر) أي مجاوز من الصورة إلى أمر آخر فأنت صادق أيضا على هذا الوجه . (فما حكمه) أي فليس ظهوره بحكم مختصا . (في موطن دون موطن) كما جعل العقل منحصرة لظهوره في الصفة الكمالية . (ولكنه) أي لكن الحق. (بالحق) أي الحق بذاته . (للخلق) أي لأجل إيجاد الخلق.
(سافر) أي سير نزولا من مقام أحديته إلى مقام تفصيله فلا يكون موطن إلا والحق ظاهر فيه بالأحكام اللائقة بهذا الموطن .
(إذا) شرط (ما) زیادت للتأكيد (تجلي) الحق (للعيون) بالصورة الحسية والمثالية (ترده) أي ترد الحق (عقول ببرهان) أي بسببه (عليه) أي على ذلك البرهان (تثابر) تداوم العقول وتواظبه دائما قوله عليه يتعلق بقوله تثابر .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
فلذلك قال في البيت الثاني: فإن قلت: هذا الحق قد تك صادقا، أي قد تصدق.
وأما إن قلت: أمرا آخر فهو من باب تعبير الرؤيا وهو قوله: أنت عابر.
ثم قال: وما حكمه في موطن دون موطن، بل حكمه واحد في المواطن كلها وذلك الحكم الواحد هو أنه يظهر بصور مخلوقاته، ومن مخلوقاته الخيال فهو يظهر فيه بما يقتضيه .
وكذلك الحس في الآخرة وغيرها وكذلك بقية العوالم الروحانية والمعنوية، وتلك الظهورات كلها بالحق تظهر للخلق فإذا ظهر العالم الحس أنكرته العقول.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال - رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كلّ موطن .... من الصور ما يخفى وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحقّ قد تك صادقا   ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن  .... ولكنّه بالحق للخلق سافر
أي عابر من صورة ما رأيت إلى ما يؤول إليه تأويل الصورة ، يعني - رضي الله عنه - : أنّ الحق إذا تجلَّى في موطن ، فليس ذلك الموطن أولى بتجّليه من موطن آخر ، إذ المواطن بالنسبة إلى الحق على السواء ، ولكنّه - تعالى - بحقيقته يسفر عن وجه الحق للخلق ، هذا ظاهر مدلول العبارة .
وثمّ معنى لطيف كأنّه - رضي الله عنه - : إليه يومئ ، وهو أنّ الحق إذا تجلَّى لك أو للخلق ، فإنّما يتجلَّى من العين الثابتة التي للخلق ، فقد سفر في تجلَّيه بحقيقته ووجوده عن وجه الحق ، أي كشف صورة العين الخلقية الكونية ، وهي شأن من شؤونه ، كما مرّ ، فقوله : « سافر للخلق » يعني كاشف لصورة عين المتجلَّى له من الخلق .
قال - رضي الله عنه - :
إذا ما تجلَّى للعيون تردّه ....     عقول ببرهان عليه تثابر
يعني - رضي الله عنه -  إذا كان التجلَّي في صورة محسوسة ، وإذا كان حقّا في هذا الطور ، وعند الله في نفس الأمر ، ولكنّ العقل يتعاظم ذلك بالوهم ، ويستكبر ويبرهن بالتنزيه الوهمي ، على أنّه ليس بحق ، فإنّه يتعالى [ عن ] أن يظهر محسوسا في زعمه للحسّ في مبلغ علمه وإذن جاز في حقّه الجهة ، وحازه الحيّز والوجهة ، وأنّه يتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، هذا غايتهم في برهانهم ، وهو عند التحقيق تنزيه وهمي ، وتحكَّم على الحقيقة بموجب عقله الفكري ، والحقّ نزّه نفسه عن هذا التنزيه.
فإنّه – تبارك  وتعالى - مع أنّه تجلَّى عن التقيّد بالجهة لذاته فإنّه - سبحانه - متجلّ عن كلّ جهة ، غير متخلّ عن وجهة ، وإلَّا انحصر في اللاجهة ، وحدّ بخارج الجهة ، وهو ظاهر بكل أو جهة ، باطن عن كل وجهة ، لعدم انحصار حقيقته في الظهور بالجهة والبطون في اللاجهة ، "فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " ولكنّه غير مدرك للمقيّدين بمقتضى أفكارهم والمتعشقين بأوطانهم العرفية والعادية ، وأغطائهم الضنكة الاعتقادية وأوكارهم ، وهم المقيّدون للمطلق الذات في زعمهم ، والمتحكَّمون عليه بالانحصار والتحديد في مبلغ علمهم بوهمهم ، وتتعالى الذات المطلقة والمطلق الذات عن كل قيد وحصر ، تتعلَّق بكل حدّ وطور في حكم معيّن ، أو أمر موزّن بميزان نظري ، مقنّن بقانون فكري عقلا وحسّا تخمينا أو حدسا " ما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه ِ " ، ولا وفوا النظر حقّه في حقّه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فللواحد الرحمن في كل موطن   .... من الصور ما يخفى وما هو ظاهر )
أي للواحد الذي لا يتكثر بكثرة التعينات ، الرحمن الشامل للكل ، المتجلى لكل شيء بلا نهاية في كل مجلى من الصور ، ما يخفى من الروحانيات وما هو ظاهر من الجسمانيات .
""إضفة بالي زادة :  (فللواحد الرحمن في كل موطنمن الصور ) بيان لما ( يخفى كظهوره بصور الأكوان ) فيحتاج إلى التعبير بالحق المشروع ( وما هو ظاهر ) كظهوره بالصورة الكمالية التي أثبتها العقل ( فإن قلت هذا ) أي الذي ظهر بالصور هو ( الحق قد تك صادقا ) كرؤيتنا في الآخرة ، وقد للتحقيق أو للتقليل ، أي قد تك صادقا عند الشرع ولم تك عند العقل اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا   ..... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر )
قد تك صادقا لأنه هو المتعين بصورته لا شيء غيره ، وإن عبرته بغيره صدقت لأنه لا ينحصر في شيء ، فالمنحصر بالتعين غيره:
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( وما حكمه في موطن دون موطن .....   ولكنه بالحق للخلق سافر )
أي ليس حكمه في موطن أولى به من موطن آخر ، فإن المواطن كلها بالنسبة إلى الحق سواء ، ففي أي موطن تجلى كان حكم تجليه في سائر المواطن كذلك ، ولكنه تعالى بحقيقته يسفر عن وجه الحق للخلق .
""إضفة بالي زادة :   ( وإن قلت أمرا آخرا ) باحتجابك بالصور عن الحق ( أنت عابر ) أي مجاوز من الصورة إلى أمر آخر فأنت صادق أيضا على هذا الوجه ( فما حكمة في موطن دون موطن ) كما جعل العقل منحصر لظهوره في الصفة الكمالية ( للخلق ) أي لإيجاد الخلق ( سافر ) أي يصير نزولا من مقام أحديته إلى مقام تفصيله ، فلا يكون موطن إلا والحق ظاهر فيه بالأحكام اللائقة اهـ  ""
وفيه إيماء إلى أنه يظهر بحقيقته للخلق في صورة الخلق وإلا لم يعرفوه فلم يظهر .
لأنه إنما يبرز في صورة العين الثابتة لكل واحد من الخلائق ، فيعرفونه ويشهدونه بقدر ما تجلى لهم فيهم :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذا ما تجلى للعيون ترده   .....   عقول ببرهان عليه تثابر )
يعنى إذا تجلى في صورة محسوسة ترده العقول بالبرهان العقلي وإن كان حقا في طور عالم الحس وفي نفس الأمر ، لأن العقل ينزهه من أن يكون محسوسا ، فيكون في حيز وجهة ويجله عن ذلك ، وهو كما يتعالى عما ينزهه عنه تعالى يتعالى عن ذلك التنزيه أيضا .
فإنه تشبيه بالأرواح وتقييد للمطلق فيكون محدودا ، والحق أنه متعال عن الجهة واللاجهة ، والتحيز واللاتحيز ، وعن تقييد الحس والعقل والخيال والوهم والفكر ، ولا يحيطون به علما وهو المحيط بالكل ، ولا يحوم حول عرفانه المقيدون ولا المشبهون ولا المنزهون ، لا باطن يحصره ويخفيه ولا ظاهر يظهره ويبديه ، تعالى عما يصفون وعما يقول الظالمون علوا كبيرا .
""إضفة بالي زادة :   وقابل الحق ( في مجلى العقول ) العقول المجردة ، وفي مجلى الخيال القلب والنفوس المجردة ، حصر ظهور الحق كل منهما في مرتبتهما ، وليس ذلك الحصر بصحيح ( والصحيح ) في قبول الحق ( النواظر ) وهي جمع ناظرة ، فتشاهد الناظرة الحق في جميع المراتب الإلهية والكونية ، فيعرفون الحق في كل موطن فيعبدونه ، فهم يستغفرون الحق بجميع كمالاته فلا يحتجبون بصور الأكوان عن الحق ، فقلوبهم يسعون فيفوتهم غير الحق اهـ بالى زاده. ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فللواحد الرحمن في كل موطن من الصور ما يخفى وما هو ظاهر)
لما ذكر أن الحق متجل بصور مقبولة شرعا وعقلا وبصور غير مقبولة فيهما أو فيأحدهما، عقبه بـ (الفاء) التعقيبية، وذكر أن للرحمن صورا بحسب مراتبه ومقاماته، ولها بحسب الظهور والخفاء مراتب: منها ما هو ظاهر في الحسن، ومنها ما هو غير ظاهر فيه، ولكن ظاهر في العالم المثالي بالنسبة إلى من كشفت الأغطية من عينه، ومنها ما هو غير ظاهر فيهما وظاهر عند العقل، كالعلوم والمعارف الإلهية التي يدرك اللبيب الفطن إياها من وراء الستر، لأن لها أيضا صورا عقلية، ومنهاما هو خفى عن العقل وظاهر عند القلب لوجدانه إياه من غير صورة مثالية مطابقة للصور الخارجية، بل بصورة نورية.
(فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا  ..... وإن قلت أمرا آخر أنت عابر)
أي، إن اعتبرت وحدة الظاهر والمظهر، أو الظاهر فقط، وحكمت بأنه الحق، تكون صادقا، لأنه هو الذي ظهر بذلك المظهر.
وإن لم تعتبر وحدة الظاهر مع المظهر، بل تعتبر الامتياز بينهما وحكمت بأن المرئي غير الحق، تكون أيضا صادقا.
وتكون (عابرا) أي، مجاوزا عن الصورة المرئية إلى المعنى الظاهر فيها.
(وما حكمه في موطن دون موطن   ..... ولكنه بالحق للحق سافر)
أي، ليس حكم الحق منحصرا في موطن ومقام لئلا يكون في موطن آخر، بل
حكمه سار في جميع المواطن بحسب سريان ذاته فيها.
غاية ما في الباب أن أحكامه يختلف باختلاف المواطن.
وضمير (لكنه) يرجع إلى (الحكم). أي، لكن حكمه بسبب ظهور الحق في الخلق.
(سافر) أي، ظاهر فيه.
يقال: سفرت المرأة وجهها. إذا كشفت وجهها. فتكون (اللام) بمعنى (في). وإلا تكون للتعدية. تقديره: لكن حكمه بحسب تجلى الحق ظاهر للخلق
(إذا ما تجلى للعيون ترده  ..... عقول ببرهان عليه تثابر)
أي، إذا تجلى الحق في صورة مثالية أو حسية، ترده العقول المحجوبة، بواسطة أنهادائما منزهة للحق ببراهين عقلية تواظب عليها، إذا (المثابرة) المدارسة والمواظبة على الشئ. والعقل، وإن كان ينزه الحق عن التشبيه، يشبه في عين التنزيه بالمجردات وهو لا يشعر.
والحق تعالى منزه عن التشبيه والتنزيه بحسب ذاته، وموصوف بهما في مراتب أسمائه وصفاته.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
وإذا كان للمحق صور مختلفة في المنام والآخرة (فللواحد الرحمن) أي: للحق مع وحدته باعتبار عموم رحمته الموجبة ظهوره في كل مظهر بحسب استعداده (في كل موطن) من مواطن الدنيا، والبرزخ، والآخرة، وغيرهما (من الصور ما يخفی) كالصور الروحانية مظاهر تنزيهه، (وما هو ظاهر) كصور العالم التي هي صور اسمه الظاهر إذا ظهر بها الإنسان.
(فإن قلت) عند رؤيته في بعض هذه الصور خفية أو ظاهرة (هذا المرئي هو (الحق قد تك صادقا) باعتبار ما لها من المناسبة مع الحق، وإن كنت كاذبا باعتبار ما بينهما من المغايرة، وإن كانت الصورة تنزيهية؛ لأنه غير مقيد بذلك.
(وإن قلت) هذا المرئي (أمرا آخر) غير الحق باعتبار المغايرة (أنت عابر) حينئذ
من الحق الظاهر بتلك الصورة التنزيهية إلى ما تحقق به مع أنه معدوم بنفسه.
فأنت مع الحق بكل حال، وإن عبرت عنه.
وإليه الإشارة بقوله: (وما حكمه في موطن دون موطن)، إذ لا يختص بالمظاهر التنزيهية أو التشبيهية؛ (ولكنه) أي كل موطن (بالحق) الظاهر فيه بالصورة التنزيهية أو التشبيهية (للخلق) أي: لتحقيق وجود الخلق (سافر) أي ظاهر، وإن كان الظهور للحق ظاهره أو باطنه فيه.
ولما اختلفت الأنظار في أن الظاهر حق في أنه كل ظاهر لم يختص بالبعض.
قال : (إذا ما تجلى للعيون) في الصور المحسوسة (ترده عقول ببرهان عليه).
أي: على ذلك البرهان، (تثابر) أي: تداوم العقول.
وإن سمعت في الأخبار الصحيحة ظهوره يوم القيامة في الصورة المنكرة، ويقبل ظهوره عند الكل (في مجلى العقول) أي: مظاهر العقول العشرة، أو الصور المعقولة، أو الروحانية لكون الصورة الظاهرة فيها تنزيهية، وتقبل عند الأكبر(في) المجلي (الذي يسمى خيالا).
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة السبت 23 مارس 2019 - 17:53 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني :
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
(فللواحد الرحمن في كل موطن) صوريّا كان أو معنويا، عينيّا أو مثاليّا، خياليّا أو جسمانياًّ  
(من الصور ما يخفى) كالقبائح والقاذورات المردودة للعقول والشرايع ( وما هو ظاهر )
كالمحاسن والمنزّهات، وذلك لأنّ التعيّنات والاعتبارات الفارقة على أيّ وجه كانت لا دخل لها في الحقيقة الحقّة ، فهو المطلق المنزّه عن الكلّ في الكلّ ، فمن أثبت الحقّ للكلّ على أنّه هو المنزّه عنه فيه ، فهو صادق وإلَّا فكاذب .
ولذلك قال : (فإن قلت هذا الحقّ قد تك صادقا ). وذلك إذا كان القائل ممن يرى كثرة الصور ممحوّة في الوحدة الحقيقيّة التي للحق. (وإن قلت: أمر آخر). أي الحقّ أمر آخر أنت عابر).
أي : عابر لتلك الصورة، بمعنى التعبير كما سبق في النثر بيانه أو عابر عن الحقّ ، ففيه إيهام المعنيين ،
والثاني أوفق لسياق النظم.
( وما حكمه في موطن دون موطن )لأنّه المطلق الشامل( ولكنّه بالحقّ للخلق سافر ).
أي ظاهر الخلق بحسب المناسبات لهم ، ومدارج التنزّلات إليهم بالحقّ ، وإن كان ذلك في صورة الباطل ، كما قال شيخ الشيخ المؤلف أبو مدين رضي الله عنه كذلك نظما :
لا تنكر الباطل في طوره   .... فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منه بمقداره ....  حتى توفّي حقّ إثباته
فالحقّ قد يظهر في صورة  .... ينكرها الجاهل في ذاته
ولأنّ ظهور الحقّ للمحجوبين من الخلق ، إنّما يمكن في رقائق المناسبات لهم ، ومدارج التنزلات إليهم ، تراه
( إذا ما تجلَّى للعيون تردّه   ..... عقول ببرهان عليه تثابر )
لأنّ الصور الكونيّة والمواد الهيولانيّة التي بها يظهر الحقّ للعيون قد نزّه العقول بالبراهين القاطعة جناب الحقّ عنها .
( ويقبل في مجلى العقول ) وذلك لأنّ هذا المجلى من شأنه أن يجرّد ما فيه عن الغواشي الغريبة واللواحق الهيولانيّة الخارجة مطلقا ، بل وعمّا يلحقه فيه أيضا من خصوصيّات المجلى ، وذلك الذي هو مقبول الفلاسفة وذوي العقول

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر)
(فللواحد)، أي الحق المتجلي في مقام أحديته بالفيض الأقدس بصور الأعيان الثابتة واستعداداتها (الرحمن) المتجلي عليها بالفيض المقدس لترتب آثارها عليها (في كل موطن) من المواطن (من الصور) جمع صورة (ما يخفي) كالروحانيات (وما هو ظاهر)
قال الشيخ رجمه الله : (فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر . وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر . إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
(فإذا قلت) مشيرا إلى ما رأيته من تلك الصور (هذا). المرئي هو (الحق) تعالی (قد تك صادقا) باعتبار اتحاد الظاهر بالمظهر (وإن قلت) هذا المرئي (أمرا آخر) غير الحق (أنت عابر)، أي متجاوز من جهة الوحدة بين الظاهر والمظهر إلى جهة الكثرة والمغايرة بينهما.
(وما حكمه) الذي هو نجليه الوجودي منحصرة (في موطن دون موطن)، ولكنه سبحانه (بالحق)، أي بتجليه بالوجود الحق (للخلق سافر)، أي كاشف للخلق ومظهر إياهم بكشف حجاب الخفاء عن وجوه أعيانهم الثابتة (إذا ما تجلى للعيون).

الحسية أو الحالية التي من شأنها الاقتصار على التشبيه في صورة حسية أو مثالية (ترده عقول) ناقصة مقتصرة على التنزيه غير مهتدية بنور الكشف والمشاهدة إلى الجمع بين التنزيه والتشبيه وذلك الرد إنما هو (ببرهان) أي بسبب برهان (علیه تثابر) وتواظب تلك العقول ما ينتج تنزيهه تعالى عما يثني عن التشبيه.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 24 مارس 2019 - 16:18 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر ....   يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ويقبل) بالبناء للمفعول أي يصير مقبولا من غير رد (في تجلي)، أي في تجلي بمعنی انكشافه لجميع العقول فلا ترده (العقول) إذا تجلى لها بها في صورة التنزيه والإطلاق.
(وفي) العالم (الذي يسمى خياط) وهو القوة الروحانية المتوجهة على حسب الطبيعة الإنسانية. (والصحيح) هو ما تراه (النواظر)، أي العيون بعد التعبير والتأويل ورفع الصورة الآدمية المسماة بالشيء، و"كل شيء هالك إلا وجهه " [القصص : 88].
وهو ذات الحق تعالى، فالحق سبحانه محسوس بالعيون بعد التحقيق بالصور الفانية وغسلها من البين، لا أنه تعالى معقول كما هو عند أهل الظاهر من العلماء المحجوبين ومقلديهم.
(يقول) العارف الكامل (أبو یزید) طيفور البسطامي قدس الله سره (في هذا المقام) المذكور من هذا المشرب المبرور (لو أن العرش)، أي عرش الرحمن (وما حواه)، أي جمعه فيه من السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما وما حولهما، وليس في هذا الوجود الحادث إلا العرش وما حواه من الدنيا والآخرة وما خرج عنهما.
فإن جميع المخلوقات في جوف العرش (مائة ألف ألف مرة في زاوية)، أي ناحية (من زوايا)، أي نواحي (قلب العارف) بالله تعالى (ما أحس بها)، أي ما أدركها أصلا وذلك، لأن القلب الذي وسع الحق تعالی.
كما ورد في الحديث: «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن»، فكيف يضيق عن جميع ما صدر عنه تعالی.
(وهذا) الوسع المذكور في قول أبي يزيد هو (وسع) قلب (أبي يزيد في عالم الأجسام) حيث ذكر العرش وهو جسم وذكر ما حواه من الأجسام واقتصر على ذلك.
(بل أقول)، أي يقول: الشيخ الأكبر رضي الله عنه مؤلف هذا الكتاب (لو أن ما لا يتناهی وجوده) من جميع المخلوقات من أول ما ابتدأ وجود شيء منها إلى الأبد (يقدر) بالبناء للمفعول، أي يقدر مقدر (انتهاء وجوده)، أي وجود ما لا يتناهی (مع العين)، أي الذات (الموجدة) بصيغة اسم الفاعل (له)، وهي الذات الحق تعالی وكل ذلك (في زاوية)، أي ناحية من زوايا قلب العارف بالله تعالى .
(ما أحس بذلك) كله أو بشيء منه (في علمه) لاشتغال قلبه باستجلاء جميع ذلك والتحقق به واتساع قلبه له .
(فإنه)، أي الشأن (قد ثبت) في الحديث الذي ذكرناه (أن القلب)، أي قلب العبد المؤمن (وسع الحق تعالی) ولم يسعه تعالى شيء غير ذلك القلب (ومع) وجود (ذلك) الوسع المذكور للقلب (ما اتصف) ذلك القلب (بالري)، أي زوال العطش عنه إلى الحق تعالی (فلو امتلأ) من الحق تعالی ولم يبق فيه وسع لطلب الزيادة منه تعالی (ارتوی) منه تعالی وزال تعطشه إليه سبحانه والارتواء ممتنع (وقد قال ذلك)، أي عدم الارتواء منه تعالى
(أبو يزيد) قدس الله سره كما ورد عنه حين أرسل إليه سهل التستري رضي الله عنه يقول له : "ههنا رجل شرب شربة فلم يظمأ بعدها أبدا".
فقال له أبو يزيد قدس الله سره: "ههنا رجل شرب الأكوان جمیعا وهو فارغ فمه يلهث من العطش حيث لم يثبت الري من الحق تعالى.
فيكون قول أبي يزيد رضي الله عنه المذكور هنا في حالة من أحواله، وإلا فإن قوله بعدم الارتواء المذكور عنه يقتضي أن قلبه وسع الحق وجميع ما صدر عنه ويصدر عنه ولم يكتف بذلك ولم يحس به كما قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه هنا.
واعلم أن المراد بهذا الوسع من القلب للحق تعالى هو وسع التجلي بأحد الحضرات الإلهية، لا وسع حلول ونحوه مما يفهمه الأجنبي عن هذه الطريقة.
ولا شك أن الحق تعالى إذا تجلى على القلب أعني قلب العبد المؤمن من هذا النوع الإنساني، انكشف له انكشافة تامة بالنظر إلى كل تجل له تعالى على ما عدا ذلك القلب من قلوب جميع المخلوقات.
وذلك التجلي المذكور عند ذلك القلب قاصر أيضا بالنظر إلى همته العلية في طلب حصول المراتب الكشفية، فلا يقنع قلب المؤمن بتجل أصلا، وهذا معنى عدم الارتواء.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ويقبل) الحق على البناء للمفعول (في مجلي العقول وفي) المجلي (الذي يسمى خيالا) .
وقابل الحق في مجلي العقول العقول المجردة ، وفي مجلي الخيال القلب والنفوس المجردة فحضر ظهور الحق كل منهما في مرتبتهما وليس ذلك الحضور بصحيح.
( والصحيح) في قبول الحق ما تقبله (النواظر) وهي جمع ناظرة فيشاهد أهل الناظرة الحق في جميع المراتب الإلهية والكونية فيعرفون الحق في كل موطن فيعبدونه فهم يسعون للحق بجميع كمالاته .
فلا يحتجبون بصور الأكوان عن الحق فقلوبهم يسعون الحق فيفوتهم غير الحق. (يقول أبو يزيد "البسطامي" في هذا المقام) أي في مقام سعة القلب (لو أن العرش وما حواه) أي مع إحاطته من السموات والأرضين (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به) أي لا يدرك ذلك العارف ما في زاوية قلبه أي لا يشغله عن مشاهدة ربه ولا يضيق وسعة قلبه الحق.
""قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والسبعون ومائة في معرفة مقام المحبة:
المحب لا فكرة له في تدبير الكون وإنما همه وشغله بذكر محبوبه قد أفرط فيه الخيال فلا يعرف المقادير فإن كان محبوبه الله لما وسعه قلبه .
فذلك الخارج عن الوزن فلا يزنه شيء ألا ترى إلى التلفظ بذكره .
وهي لفظة لا إله إلا الله لا تدخل الميزان ولما دخلت بطاقتها من حيث ما هي مكتوبة في الميزان لصاحب السجلات طاشت السجلات وما وزنها شيء .
ولو وضعت أصناف العالم ما وزنتها وهي لفظة من قائل لم يتصف بالمحبة فما ظنك بقول محب فما ظنك بحاله فما ظنك بقلبه الذي هو أوسع من
رحمة الله وسعته إنما كانت من رحمة الله .
فهذا من أعجب ما ظهر في الوجود إن اتساع القلب من رحمة الله وهو أوسع من رحمة الله .
يقول أبو يزيد لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها فكيف حال المحب .
المحب الله تعالى عن الموازنة محبوب الحق عند الحق لأن المحب لا يفارق محبوبه وما عند الله باق فالمحبوب باق وما يبقى ما يوازنه ما يفنى نعت المحب .
بكونه يقول عن نفسه إنه عين محبوبه لاستهلاكه فيه فلا يراه غير إله .
قال قائلهم في ذلك :
أنا من أهوى      ومن أهوى أنا
وهذه حالة أبي يزيد المحب الله أحب بعض عباده فكان سمعه وبصره ولسانه وجميع قواه منصة ومجلى نعت المحب بأنه مصطلم مجهود لا يقول لمحبوبه لم فعلت كذا لم قلت كذا""
(وهذا) أي ما قال أبو يزيد (وسع أبي يزيد في عالم الأجسام) إذ قيد وسعة القلب في الأجسام بقوله : لو أن العرش ولم يعم وسعته عالم الأرواح فكان ذلك وسعة قلب أبي يزيد.
(بل أقول لو أن ما لا يتناهی وجوده) مطلقا من أي عالم كان (قدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له) وهي العقل الأول إذ به يخلق الله تعالى جميع المخلوقات.
(في زاوية من زوايا قلب العارف) (ما أحس) ذلك العارف بالحق.
(بذلك) أي بما كان في قلبه من الأمور الغير المتناهية (في علمه) بالحق أي لا يشغل العارف عن الحق وجود هذه الأشياء في زاوية قلبه وإنما لا يحس العارف بما في قلبه.
(فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك) الوسع (ما انصف) أي لا ينصف القلب (بالري)، وإنما لم ينصف بالري لأنه لو اتصف بالري لأمتلا (ولو امتلأ ارتوى وقد قال ذلك) أي عدم الارتداد .
( ابو یزید) في كلام آخر وهو قوله:
شربت الحب كأسا بعد كأس   ….. فما نفد الشراب ولا رويت

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
الخيال قوله رضي الله عنه عن أبي يزيد قدس الله روحه.
أنه قال: لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
ثم قال: وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام.
بل أقول لو أن ما لا يتناهی بقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به، فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوی.
فأقول في التمثيل هذا أن من عرف نقطة من ماء البحر فقد عرف ماء البحر وعلى تقدير أن يكون ماء البحر غير متناه .
فقد عرف ما لا يتناهي من نفس معرفته بنقطة واحدة ولا شك أن وجود الحق تعالى لا يتناهي موجوداته.
والوجود عند العارف معروف فهو يعرف ما لا يتناهي ويكفي في معرفة صور ما لا يتناهي أن يعرف أنها لا تتناهي .
ويكفي في معرفة ماهية ذلك أن يعرف حقيقة البحر من نقطة واحدة، فقد حصل للعارف معنى ما لا يتناهي ذاتا كالنقطة.
وصفتا كصور الموجودات التي ليس حصرها إلا بمعرفة عدم حصرها وهذا هو كشف ما استتر من هذه المسألة.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
قال - رضي الله عنه - :
ويقبل في مجلى العقول وفي الذي ..... يسمّى خيالا والصحيح النواظر
يعني رضي الله عنه : الرؤية إذا كانت في صورة عقلية غير محسوسة ولا متكيّفة بكيفية تشبه شيئا فيها ، فالفكر والمبرهن بفكره يقبلانها ويقبلان عليها ، ولا ينكرانها ، وكذلك إذا رأى في المنام خيالا ، أي صورة خيالية ، فإنّ العقل يجيزه ويقبله ويأخذه مقصورا على موطن الرؤيا ويعبّره ، والصحيح كشفا شهود العيون النواظر إليه في صورة تجلَّياته ظاهرا .
كما قال : " وُجُوه ٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ . إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ " فالنواظر غير المحجوبة نواظر للحق ، نواظر إلى الحق ، غير حاصرة له فيما ترى وتجلَّى لها .
قال رضي الله عنه : « يقول أبو يزيد البسطاميّ في هذا المقام : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به هذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام ، بل أقول :  لو أنّ ما لا يتناهى وجوده  يقدّر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به في علمه" .
قال العبد : كلّ ما دخل في الوجود أو ما وجد إلى الإنسان - مثلا - فهو متناه محدود محصور ، وكذلك لو قدّر ما لا يتناهى متناهيا ، لكان الظاهر المتعيّن من الحق المطلق بإيجاد هذا المقدّر انتهاؤه من الممكنات بالنسبة إلى ما لم يتعيّن بالإيجاد من غيب الحق اللامتعيّن تعيّنا معيّنا ، وكلّ متعيّن محصور محدود بنفس تعيّنه وتميّزه من المطلق ، وقلب العارف الحقيقي لا يمتلي بتعيّن معيّن ، بل هو في محاذاة الحق المطلق أبدا .
قال رضي الله عنه : « فإنّه قد ثبت أنّ القلب وسع الحقّ ومع ذلك ما اتّصف بالرّيّ ، فلو امتلأ ارتوى  " وقد قال ذلك أبو يزيد " .
يعني رضي الله عنه : يظهر العارف من مطلق قابليته وقلبه لكل تجلّ من تجلَّيات الحق - مجلى يقبل به إلى التجلَّي فيقبله ، ولا ينقص ذلك من مطلق قابليته التي في مقابلة مطلق الغيب الذاتي أصلا ، ولا يمتلئ بذلك فلو امتلأ ارتوى ، والمحقّق المحنّك لا يرتوي ، وقد قال ذلك أبو يزيد البسطاميّ سلام الله عليه ، بل الرجل من يتحسّى بحار السماوات والأرض ولسانه خرج يلهب عطشا.
يعني رضي الله عنه أنّ تجلَّيات الحق الظاهر في السماوات والأرض لا يرتوي لها العارف ، فإنّه لا يحسّ بتجلَّيات الحق المتعيّن في العرش والكرسي اللذين فيهما السماوات السبع والأرضون السبع كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، فانظر ما ذا ترى .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.)  
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ويقبل في مجلى العقول وفي الذي  ..... يسمى خيالا والصحيح النواظر )
أي يقبله العقلاء إذا تجلى في صورة عقلية غير محسوسة ، ولا مكيفة بكيف ولا مقدرة بمقدار يطابقها البرهان العقلي ، وكذلك تقبله الناس إذا تجلى في صورة خيالية في المنام ، ولا يقبلونه في صورة محسوسة ، والصحيح كشف شهود العيون النواظر ، وهي العيون الناظرة بالحق الغير الحاصرة له فيما تجلى لهم ظاهرا.
كقوله تعالى : "وُجُوه يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ " .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( يقول أبو يزيد رضي الله عنه في هذا المقام : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها وهذا وسع أبى يزيد في عالم الأجسام ، بل أقول : لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده من العين الموجدة له ، في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسن بذلك في علمه )
قلب العارف :  هو الذي وسع الحق بفنائه فيه وبقائه به مطلقا بلا تعين ، وكل ما فرض وجوده من الأمور المعينة مع العين الواحدة التي تعينت بالتعين الأول ويتعين بها كل متعين ، فهو متعين منحصر في تعينه غير مطلق ، وكل متعين فهو فان في المطلق الواجب ، وقلب العارف مع الحق المطلق بإطلاقه فيفنى فيه الكل فلا يحس به .
""إضفة بالي زادة :   ( يقول أبو يزيد في هذا المقام ) أي في مقام سعة القلب اهـ بالى زاده.
(وهذا وسع أبى يزيد ) إذ قيد وسعة القلب في الأجسام ولم يعم عالم الأرواح (من العين الموجدة له) هي العقل الأول إذ به يخلق الله جميع المخلوقات اهـ . بالى زاده.
قوله ( ما أحس بذلك في علمه ) وذلك لأن الحق تجلى له باسمه الواسع والعليم المحيط بكل شيء فيسع الممكنات كلها ، وأما كونه لا يحس بها فذلك لاشتغال القلب عنها بخالقها اهـ""
وقوله : هذا وسع أبى يزيد ، ليس بطعن فيه ، بل أراد أن أبا يزيد مع تعينه الكلى نظر إلى عالم الأجسام بالفناء ، فلو نظر بعين الله لقال مثل ذلك .
ولكنه عين عالم الأجسام بالنسبة إلى المحجوبين بالأكوان .
وعلل الشيخ ما قال بقوله ( فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري ، فلو امتلأ ارتوى ، وقد قال ذلك أبو يزيد ) .
إشارة إلى قول أبى يزيد : بل الرجل من يتحسى بحار السماوات والأرض ولسانه خارج يلهث عطشا . قول أبو اليزيد  :
شربت الحب كأسا بعد كأس ....   فما نفد الشراب وما رويت
والمراد أن تجليات الحق في الظاهر والباطن لا يرتوى بها العارف ، لأنه لا يحس بها من حيث التعين ، بل يشاهد الجمال المطلق الغير المتناهي تجلياته .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر . يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وتقبل في مجلي العقول وفي الذي  ..... يسمى خيالا والصحيح النواظر )
أي، يقبل الحق عند أهل الكشف والشهود في مجلي العقول، أي في مقام التنزيه، وفي المجلى المثالي الذي يسمى خيالا، والحسي أيضا، لجمعهم بين مقامي التنزيه والتشبيه.
(والصحيح النواظر) أي، النواظر الصحيحة تشاهد تلك المجالي كلها.
فحذف الخبر لقرينة (النواظر).
أو: والصحيح ما يشاهده النواظر في مجالي الحق، كما قال تعالى في أهل الآخرة: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة). لأن عين اليقين أعلى مرتبة من علم اليقين.
وقوله: (يقبل) مبنى للمفعول لا للفاعل، لأن العقول ما تقبل المجالي الخيالية بالآلهية.
(يقول أبو يزيد في هذا المقام) أي، في هذا المقام القلبي.
لأن كلامه رضي الله عنه كان في عالم المثال.
وهذا العالم لا يدرك إلا بالقلب  وقواه، والخيال محل ظهوره لا أنه يدركه، إذ لو كان مدركا له، لكان يدركه كل واحد لظهور الخيال في كلواحد، بخلاف القلب، فإنه خفى لا يظهر إلا لمن كحلت بصيرته بنور الهداية.
وما يجده كل واحد في خياله من المنامات الصادقة، إنما هو بمقدار صفاء قلبه وظهوره، لا بحسب خياله.
(لو أن العرش وما حواه مأة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف، ماأحس به).
وإنما قيد بـ (قلب العارف) لأن قلب غيره، من أصحاب الأخلاق الحميدة والنفوس المطمئنة، ما يشاهد إلا شيئا قليلا، ولا يكاشف إلا نذرا يسيرا.
وقلب صاحب النفس الأمارة واللوامة أضيق شئ في الوجود، بل لا قلبله حينئذ لاختفائه، وظهور النفس بصفاتها.
(وهذا وسع أبى يزيد في عالم الأجسام) أي، وسع قلبه، لأنه ما يخبر إلا عمايجده في قلبه، لا وسع مرتبة القلب إذا كان في غاية كماله.
لذلك قال: (بلأقول: لو أن ما لا يتناهى وجوده) أي، من عوالم الأرواح والأجسام.
(يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له) وهو الحق المخلوق به السماوات والأرض، أي، الجوهر الأول الذي به وجدت السماوات والأرض.
(في زاوية من زوايا قلب العارف، ما أحس بذلك في علمه).
وذلك لأن الحق تجلى له باسمه (الواسع) و (العليم المحيط بكل شئ)، فيسع الممكن اتكلها. وأما كونه لا يحس بها، فذلك لاشتغال القلب عنها بمبدعها وخالقها، بل لفنائها في الحق وتلاشيها في الوجود المطلق عند نظر قلب هذا العارف.
ولا يتوهم أن عدم الإحساس إنما هو لفناء القلب، فإن التجلي بالوحدة والقهر يوجب ذلك، لا بالواسع العليم.
وأيضا هذه السعة إنما تحصل للقلب بعد أن فني في الحق وبقى به مرة أخرى، فلا يطرأ عليه الفناء حينئذ.
قوله: (فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق، ومع ذلك ما اتصف بالري، فلو امتلأ ارتوى) دليل على ما قال: (وإنما لا يرتوي). لأن الحق لا يتجلى دفعةبجميع أسمائه وصفاته للقلب الكامل، بل يتجلى له في كل آن باسم من الأسماء وصفة من الصفات، وكل من ذلك يعد القلب إلى تجل آخر، فيطلبه القلب باستعداده. وذلك من الحق فلا يرتوي أبدا.
وقوله: (وقد قال ذلك أبو يزيد) إشارة إلى ما كتب يحيى بن معاذ الرازي إلىأبى يزيد: (إني سكرت من كثرة ما شربت من محبته).
فأجاب أبو يزيد:
عجبت لمن يقول ذكرت ربى وهل أنسى، فاذكر ما نسيت شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت
أو إشارة إلى ما مر من قوله: (لو أن العرش وما حواه)... فإنه أيضا يتضمن عدم الارتواء.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.  )
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
وإن سمعت في الأخبار الصحيحة ظهوره يوم القيامة في الصورة المنكرة، ويقبل ظهوره عند الكل (في مجلى العقول) أي: مظاهر العقول العشرة، أو الصور المعقولة، أو الروحانية لكون الصورة الظاهرة فيها تنزيهية، وتقبل عند الأكبر
(في) المجلي (الذي يسمى خيالا).
أي: الصور المتخيلة في المنام أو اليقظة، وتقبل ظهوره عند أهل الكشف في (الصحيح النواظر) أي: في القلب الذي صارت بصيرته صحيحة، فوقع الفرق بين ظهوراته في نظر هؤلاء مع أنه ظاهر في الكل مما قبلوا فيه الظهور، أو ردوه، والنواظر مرفوع على فاعلية الصحيح، وهو مجرور بالعطف على محلى العقول .
""قال عبد الرحمن الجامي: أي شهود النواظر المشار إليها في القرآن، والتي تشاهد الحق سبحانه في المحالي كلها حسية كانت، أو مثالية أو عقلية""
يقول الشيخ رضي الله عنه : - (يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها. وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.)
ثم بين أنه متى يكون صحيح النواظر بقوله: (يقول أبو يزيد في هذا المقام) أي: مقام كون القلب صحيح النواظر (لو أن العرش وما حواه) العرش من الأجسام (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف) قيد بذلك؛ لأن الشيء العظيم في المكان الضيق يكون أظهر في نظر الرائي مما يكون في مكان أوسع (ما أحس به) لغاية سعة تلك الزاوية فضلا عن مجموع القلب اتسع لرؤية الحق في الأشياء، فاقتصر نظره على الظاهر فيها دون المظاهر مع أنه يراه فيها؛ فهي أيضا في قلبه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذا) أي: تقييد ظهور الحق للقلب في عالم الأجسام المقدرة بهذا المقدار، (وسع) قلب أبي يزيد في ظهور الحق (في عالم الأجسام) مع أنه يظهر له في عالم الأرواح والمعاني، ولا نسبة لسعته إلى عالم الأجسام، فليس هذا نهاية سعة قلب العارف ولا قلب أبي يزيد على الإطلاق، بل باعتبار حالة مخصوصة له.
(بل أقول) في بيان غاية سعة قلب العارف (لو أن ما لا يتناهی وجوده) من عالم الأرواح والمعاني (يقدر انتهاء وجوده)؛ لتمكن إحاطة العارف بذلك وحصره إياه؛ فإنه ينافي كونه غير متناه (مع العين الموجدة له)، وهو أن يراه في المظاهر كلها وفي مقر عينه أيضا (في زاوية من زوايا قلب العارف؛ ما أحس بذلك في علمه)، فإن القلب وإن كان متناهيا فما فيه من العلم غير متناه، فكذا فيما يتجلى له من الحق سواء ظهر في المحالي، أو في مقر عينه لغاية سعته؛ (فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق) المتجلي في المحالي، وفي مقر عينه في قوله: «ما وسعني سمائي ولا أرضي؛ ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن». ذكره المناوي في فيض القدير وزين الدين عبد الرحمن البغدادي في جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا و شمس الدين السخاوي في المقاصد الحسنة والعجلوني في كشف الخفاء.
(ومع ذلك) أي: ومع تجلي الحق فيه باعتبار ظهوره في الحالي، وفي مقر عينه (ما اتصف بالري)؛ بل ازداد عطشا إلى تجلياته المتجددة أناء فآناء امتلائه لغاية سعته، (فلو امتلأ) بما تجلى فيه بلا نهاية (ارتوی). إذ لا يتصور عطش الممتلئ بالماء،
(وقد قال ذلك) أي: بعدم ارتواء القلب بما شرب من بحار السماوات والأرض (أبو يزيد) في حالة أخرى أتم مما ذكروا ذلك ما نقله الشيخ المحقق أبو القاسم القشيري في رسالته: كتب يحيى بن معاذ الرازي إلى أبي يزيد: سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته، فكتب إليه أبو يزيد: غيرك شرب بحور السماوات والأرض، وما روي بعد، ولسانه خارج، ويقول: هل من مزيد؟
وأنشدوا:
عجبت لمن يقول ذكرت ربي    …. وهل أنسى فأذكر ما نسيت
شربت الحب كأسا بعد كأس   ….. فما نفد الشراب ولا رویت
.
يتبع 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 24 مارس 2019 - 16:27 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة عشر: الجزء الثاني 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
( ويقبل في مجلى العقول ) وذلك لأنّ هذا المجلى من شأنه أن يجرّد ما فيه عن الغواشي الغريبة واللواحق الهيولانيّة الخارجة مطلقا ، بل وعمّا يلحقه فيه أيضا من خصوصيّات المجلى ، وذلك الذي هو مقبول الفلاسفة وذوي العقول
( وفي الذي ...   يسمّى خيالا )
لما في الصور المختصّة به من التجرّد عن المواد الهيولانيّة والتنزّه عن اللواحق الجسمانيّة ما ليس لغيرها من الصور .
على ما هو مقبول أرباب الخلوات الرسميّة والرياضات العاديّة ، من الأنوار الشعشعانيّة والإشراقات الخالصة عن الشوائب الهيولانيّة .
( والصحيح النواظر ) بالنصب ، عطفا على « خيالا » والنظر حينئذ بمعنى الفكر وبالرفع على أن يكون جملة حاليّة ، والنظر حينئذ بمعنى البصر .
ثمّ إنّ الكلام لما انساق إلى طرف سعة الحقّ ومجال ظهوره في سائر المواطن والمجالي ، وبروزه بكسرة الكلّ خفاء وظهورا ، أخذ في تبيين ذلك قائلا: ( يقول أبو يزيد "البسطامي" في هذا المقام : « لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف  مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ بها » ) أي ما وجد لها حسّا ، وهذا غاية ما أمكن من السعة في مرتبة الأجسام ، لأنّه قد جمع غاية البعدين المتّصل والمنفصل في المظروف وفي الظرف وقد خصّ من بين عموم زواياه زاوية واحدة .
ولذلك قال : ( وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام ) لا مطلقا  .
ولما كان وسع القلب وإحاطة رتبته غير مختصّ بما في الأجسام وغيرها ، من المراتب ومدارج التنزّلات ، بل ولا اختصاص له أصلا بالعوالم والتعيّنات الاستجلائيّة فإنّه المجلى الجامع بين الجلائيّ والاستجلائيّ .
أشار إليه بقوله : ( بل أقول : لو أنّ ما لا يتناهى وجوده ) لأنّ جزئيّات العوالم والتعيّنات الاستجلائيّة إذا أريد أن يعبّر بلفظ صادق عليها ومفهوم يحمل عليها جملة ، فهو ذلك لا غير ، والذي قام البرهان العقلي على انتهائه هو البعد الجسماني القائم بالموجود ، لا وجوده .
فإنّ وجودات الأكوان والحوادث غير متناهية ، ولهذه الدقيقة صرّح بـ « الوجود » .
وإنّما قال : ( يقدّر انتهاء وجوده ) لأنّ التقدير أنّه محاط للقلب .
فعلم أنّ انتهاء القلب أيضا تقديريّ فرضيّ، وإذ قد علم أنّ سعة القلب أكثر حياطة من التعيّنات الاستجلائيّة وأفسح فضاء منها.
ضمّ إلى ذلك: (مع العين الموجدة له ، في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ بذلك في علمه). أي ما ظهر له حسّ وخبر تحت حكمه الشامل وأمره المحيط الكامل - أعني العلم
(فإنّه قد ثبت أنّ القلب وسع الحقّ ) - بما روي : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن » .
( ومع ذلك ما اتّصف بالريّ ) فإنه لو ارتوى قنع به وانقطع عنده الطلب والسعي فعلم أنّه ليس مما يملؤه (فلو امتلأ ارتوى).
ثمّ إنّه لما كان قوله : « وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام » يوهم تعريضا بقصوره ، وغرضه تحقيق ظهور السعة الإلهيّة في كلّ زمان لصاحبه من الأولياء جسمانيّة وإطلاقيّة - فأمّا السعة الجسمانيّة لأبي يزيد فهو الذي نبّه إليه أوّلا ، وأمّا الإطلاقيّة الحقّة فهو الذي سينبّه عليه - أشار إليه دفعا لذلك الوهم بقوله : ( وقد قال ذلك أبو يزيد ) في نظمه:
( شربت الحبّ كأسا بعد كأس .... فما نفد الشراب ولا رويت )
وفي قوله : « كأسا بعد كأس » يشير إلى تينك البيتين .
""أضاف الجامع : أورد القشيري هذا البيت عن الشبلي :
عجبت لمن يقول نسيت إلفي   .... وهل أنسى فأذكر من هويت
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا   .... ولولا ما أؤمل ما حييت
فأحيا بالمنى وأموت شوقا   .... فكم أحيا عليك وكم أموت
جعلت الصمت ستر الحب حتى   .... تكلمت الجفون بما لقيت
شربت الحب كأسا بعد كأس   ....  فما نفد الشراب وما رويت""
فلئن قيل: «لا يدفع بهذا الكلام ما يتوهّم من التشنيع ،لأنّه يدلّ على ضيق أمره في عالم الجسم".
قلنا : السعة الإطلاقيّة هو المعوّل عليها في المعرفة ، وأمّا الجسمانيّة منها فإنّما تتعلَّق بظهور الولاية ، وذلك بحسب احتمال الزمان ، وزمان أبي يزيد ما احتمل وراء ذلك .
ثمّ إنّ تحقيق أمر السعة مطلقا إنّما يتمّ ببيان كمال الجمعيّة والإحاطة بما يقابلها يعني الضيق.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
قال الشيخ رضي الله : (ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها. وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. ) 
(ويقبل)، أي تجليه للعقول (في مجلی العقول)، أي في مجلی ترتضيه العقول وهو مقام التنزيه (و) يقبل للخيال (في) المجلی (الذي يسمى خيالا) فما تقبله العقول برده الخيال وما يقبله الخيال ترده العقول (و) الشهود (الصحيح النواظر)، أي شهود النواظر المشار إليها بقوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"[القيامة : 22 - 23 ] التي تشاهد الحق سبحانه في المجالي كلها حسية كانت، أو مثالية أو عقلية .
(يقول أبو يزيد رضي الله عنه في هذا المقام)، أي مقام هذا الكشف التام والشهود العام (لو أن العرش وما حواه)، أي من السماوات والأرضين وما فيهما (مائة ألف ألف مرة) وقع (في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس)، أي العارف وقلبه (به) لحقارتها "لصغرها" بالنسبة إلى سعة قلبه لأنها متناهية، وسعة القلب غير متناهية لأنه بإطلاقه مقابل لإطلاق الحق الغير المتناهي وليس للمتناهي قدر محسوس بالنسبة إلى غير المتناهي.
(وهذا) الذي ذكرناه من قول أبي يزيد (وسع أبي يزيد)، أي بيان وسعه و تصویر سعة قلبه بل سعة قلب العارف مطلقا بالنظر (في عالم الأجسام) وقياسه إليه تقريبا إلى فهم المحجوبين لا بالقياس إلى الموجودات كلها فإن لها أيضا هذه النسبة إلى سعة قلبه بل قلب كل عارف ولهذا قال رضي الله عنه مترقيا عما قاله أبو يزيد البسطامي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.)
(بل أقول لو أن ما لا يتناهی وجوده) روحانيا كان أو جسمانيا مما وجد ويوجد إلى الأبد.
فإن الموجودات بالفعل في كل زمان متناهية (يقدر)، أي يفرض (انتهاء وجوده) ولو كان مستحيلا وإنما قدر ذلك لأن غير المتناهي لا يحاط (مع العين الموجودة له)، أي التي هي واسطة في اتحاده وهي الحق المخلوق به المشار إليه بقوله تعالى: "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق" [الحجر : 85] وقع (في زاوية من زوايا القلب العارف) سواء كان أبا يزيد أم غيره .
(ما أحس بذلك) حال كونه حاصلا (في علمه) منطويا فيما بين معلوماته ونبه رضي الله عنه بهذا القيد إلى أن المراد بعدم الإحساس به أن لا يكون له قدر محسوس لاتفي العلم .
ثم استدل رضي الله عنه على ما قال بقوله (فإنه قد ثبت ) بما قال تعالى : "لا يسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن".
"أن القلب وسع الحق" وذلك الاستعداده وتجلياته الذاتية والأسمائية الغير المتناهية واحدا بعد واحد (ومع ذلك لا بتصف بالري) .
أي لا يقنع بما يحصل له (فلو امتلأ)، أي القلب بالحق لانتهاء استعداداته وامتلائها بما يرد عليه من صور التجليات (ارتوی) و قنع بما يرد عليه ولكنه لا يمتلىء ولا يرتوي لأن كل تجلي يرد عليه يورث له استعدادا وتعطشة إلى تجل آخر.
وهكذا إلى غير النهاية فأين هو من الامتلاء والارتواء وإذا لم يمثل ولم يرتو فكل ما فرض متناهية لم يكن له قدر محسوس بالنسبة إلى استعداداتها الغير المتنامية. (وقد قال ذلك)، أي ما ذكر من عدم انصاف القلب بالري (أبو يزيد) في قوله : الرجل من بتحسي بحار السموات والأرض ولسانه خارج يلهث عطشا وقوله :
شربت الحب كأسا بعد كأس     ….. فما نفد الشراب وما رويت
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الإثنين 25 مارس 2019 - 16:28 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة عشر: الجزء الأول 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا: يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع  ... تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع .... لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع .... من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه :   قال الشيخ رضي الله عنه : (ولقد نبهنا)، أي أيقظنا من كان غافلا عن ذلك (على هذا المقام) المذكور للعارف بالله تعالى (بقولنا) من النظم.
(یا خالق)، أي مقدر ومصور وموجد والخطاب للحق تعالی أو للإنسان الذي له في نفسه قوة خيالية يقدر بها ما يشاء كما سيذكره (الأشياء) جمع شيء وهو جميع العوالم المحسوسة والمعقولة (في نفسه)، أي بقوة نفسه إذ لا يحل شيء مقدر في نفس من قدره أصلا حيث لم يكن للشيء المقدر في النفس ما للنفس المقدر له من حقيقة الوجود والثبوت.
وإن كان له وجود وثبوت بالمقدر له على حسب ما يليق به مما يناسبه كما هو المعروف (أنت) يا أيها الخالق في نفسه لكل ما يريد (لما)، أي الجميع ما (تخلقه)، أي تقدره في نفسك (جامع)، أي حار ومحيط، ولذلك قال تعالی: والله " بكل شيء محيط" [فصلت : 45]، "وهو على كل شئ قدير" [الروم: 30]، و"على كل شيء وكيل" [الأنعام: 102]، و"على كل شئ حسيبا" [النساء: 86] ونحو ذلك.
(تخلق)، أي تقدر وتوجد (ما لا ينتهي)، أي يفرغ ويكمل (كونه)، أي وجوده على حسب ما تريد (فيك)، أي في نفسك يعني بقوة نفسك بحيث تبقى نفسك متوجهة إلى ما تخلقه بقوتها، ويبقى ذلك المخلوق بها قائمة بتوجيهها عليه موجودة بإيجادها له. (فأنت) حينئذ حيث جمعت ما لا يتناهی من الأشياء (الضيق)، لأنك واحد غیر منقسم ولا متجزئ ونفسك واحدة غير منقسمة ولا متجزئة.
(الواسع) من حيث إنك جمعت ما لا يتناهی من الكثرة المركبة وغير المركبة بالمعنى الذي ذكرناه .
(لو أن ما قد خلق)، أي قدر وأوجد (الله) تعالى من جميع المخلوقات المحسوسة والمعقولة على معنى أن ذلك وجد في قلبي (ما لاح)، أي ظهر (بقلبي فجره)، أي فجر ما لاح، یعنی فجر تلك المخلوقات كلها (الساطع)، أي المشرق يعني لم يتبين له أثر أصلا، لأن قلبي واسع يسع ذلك كله ولا يبين فيه شيء، ثم قال مبرهنة على ذلك (من وسع الحق)، يعني القلب الذي يسع الحق سبحانه على معنی يقبل تجليه فيه هذا التجلي التام إلا كشف الأكمل (فما ضاق)، أي انحصر وعجز (عن) وسع (خلق)، أي مخلوقات الله (فكيف الأمر)، أي الشأن الذي تراه (یا سامع) لهذا الكلام الجامع.
ثم قال في بيان ذلك رضي الله عنه بطريق النثر.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولقد نبهنا على هذا المقام) أي على وسع القلب (بقولنا شعر : با خالق الأشياء) أي موجد الممكنات  (في نفسه) أي ذاته تعالى لأن مجموع العالم إعراض عندهم قائم بذاته تعالى لا كقيام العرض بالجوهر بل كقيام الظل بصاحبه.
فلا يخلو شيء عن الحق بل هو موجود فيه ومعنى وجود الأشياء فيه عبارة عن إحاطة الأشياء بتعلق قدرته .
وبعضهم فسره بقوله أي في علمه وهو لا يناسب بقوله: يا خالق فإنه لا يقال : إن الله خالق الصور العلمية له بل هو موجب لها ولا يناسب أيضا مراد الشيخ إذ مراده بیان وسعة الحق في الموجودات الخارجية كلها لا بیان سعة علمه .
إذ وسعة علمه ظاهرا بحيث لا يخفى على أحد يدل عليه قوله : (أنت لما تخلقه جامع) لوجودك المحيط بكل شيء (نخلق ما لا ينتهي) أي غير المتناهي (كونه) أي وجوده (فيك) ظرف للخلق أو لعدم الانتهاء أو للكون فإذا خلقت فيك الأشياء التي لا يتناهی وجودها . (فأنت الضيق) لأنه لا يسع معك غيرك في قلب العارف (الواسع) لأنه يسع الأمور الغير المتناهية التي خلقت فيك .
(لو أن ما) زائدة للتأكيد (قد خلق الله) في قلبي حذف في قلبي لدلالة قوله: (ما لاح بقلبي) أي ما ظهر بقلبي فحينئذ يتعلق بقلبي إلى ما لاح لا إلى ما خلق (فجره) الضمير يرجع إلى ما أي نوره (الساطع) أي المرتفع فلو كان كأن الشمس في قلبي مع نورها الواضح الأعلى المرتفع الذي لا يخفى نورها لأحد ما لاح بقلبي نورها فإن الحق يضيق قلبي بدخول الغير معه لاختفاء نور الخلق عند ظهور نور الحق (من وسع الحق فما ضاق عن خلق) استفهام على سبيل التعجب (فكيف الأمر) إن من وسع الحق الواسع لجميع الأمور الغير المتناهية أيضيق عن الخلق الذي في الحق أم لا كيف الأمر في ذلك أحببنا (يا سامع) الدعاء .
ولما انجر كلامه إلى خلق شرع في بيان أحواله بقوله:


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قوله في الشعر: يا خالق الأشياء في نفسه، معناه أن الموجودات جوهرها هو وجوده ووجوده هو عين ذاته لأنه هو عين وجوده لا أن وجوده زائد على ماهيته، فحصل من هذا أنه خالق الأشياء في نفسه، ويكون معنی خالق الأشياء أن صفاته يتجدد في عين ذاته.
ولا تلتفت هذه الطائفة إلى قول من يقول إنه يلزم أن يكون ذاته محلا للحوادث، لأن ذلك أي ما كان يكون صعبا لو كان المحدث فيه غيره أما إذا كان عين صفاته فلا ضرر في ذلك.
وقوله في الشعر: تخلق ما لا ينتهي كونه فيك"، فقد تقدم شرحه
وقوله: فأنت الضيق الواسع، معناه: أنت الضيق لانحصار معرفة ذاتك للعارف بها في مثل ما انحصرت فيه معرفة النقطة من البحر في نفسها وكانت كاشفة الحقيقة البحر فكذلك إذا عرفك العارف في حقيقة ذات موجود واحد معرفة ذاتية فقد عرف بها ذاتك التي لا تنحصر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال - رضي الله عنه - : « ولقد نبّهنا على هذا المقام بقولنا :
يا خالق الأشياء في نفسه .... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيك   ..... فأنت الضيّق الواسع
يشير - رضي الله عنه - : إلى الأحديّة الذاتية ، بمعنى أنّه هو الموجود وحده ليس لغيره حقيقة ولا وجود حقيقة ، فليس خلقه للأشياء خارجا عنه ، إذ لا خارج عنه ، لكونه هو هو وحده ، فلا خارج ولا داخل ، فهو جامع بذاته في نفسه لما يخلقه من الصور ،  
لأنّه أحديّة جمع الجميع ، فالكلّ فيك ، ولولاك لما كان له وجود " إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّماواتِ " النورية الأسمائيّة الإلهية والسماوات الروحانية العلوية " وَالأَرْضَ " الخلقية الجسمانية " أَنْ تَزُولا " أي تزول الصورة العلوية السماوية والسفلية الأرضية - على ما ذكرنا - عن الوجود بانقطاع التجلَّي النوري الوجودي .
فإنّ الكلّ - مع قطع النظر عن التجلَّي عنه - يرجع بالطبع إلى عدميّة عينه " وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما من أَحَدٍ من بَعْدِه ِ إِنَّه ُ كانَ حَلِيماً " عند غلوّ صور الأشياء على الوجود الحق الحامل الممسك لها " غَفُوراً " .
أي ساترا بصور الأشياء وجه الوجود الحق المتعيّن فيها ، وإظهاره لها بظهور وجهه فيها لمن لا يرى غير وجه الحق من كل جهة ووجهة يخلق ما لا يتناهى كونه ، أي من صور الأشياء فيك أي في عين الوجود الحق من نفسك ونفسك.
فإنّه أنت الواسع الذي وسعت ما لا يتناهى من الممكنات غير المتناهية والأسماء الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء كذلك بما لا يتناهى له من وجودك الحقّ المفاض على صور الموجودات وماهيّاتها ومع عدم تناهي الكلّ ، فلا خارج عنك فلا محيص ولا مناص ولا محيد ولا مهرب ولا مخرج لها عنك ، لضيق الأشياء التي وسعتها ، فأنت من كونك عينها تسعها من حيث أنت أحديّة جمعها ، وتضيق عن نفسك من حيث هي وأنت هي حين ضاقت عنك ، فضاق بعضها عن بعضها ، فأنت الضيّق بهذا الاعتبار ، وأنت الواسع بالاعتبار الأوّل .
قال رضي الله عنه :
لو أنّ ما قد خلق الله ما .....    لاح بقلبي فجره الساطع
في البيت تقديم وتأخير ، وتقديره : لو أنّ ما قد خلق الله بقلبي - أي لو كان فيه - ما ظهرت لائحة مع سطوع نوره الوجودي الذي وسع المخلوقات .
قال رضي الله عنه :
من وسع الحق فما ضاق عن  ..... خلق فكيف الأمر يا سامع ؟
يعني  رضي الله عنه: لمّا وسع قلبي الحق الذي وسعت رحمته كلّ شيء فأنّى يضيق عن خلق وسعه من وسعه وهو الله ؟ ،
قال الله : ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه :  "ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا "
يا خالق الأشياء في نفسه  ..... أنت لما تخلقه جامع
""إضفة بالي زادة :   ( يا خالق الأشياء في نفسه ) أي في ذاته تعالى ، لأن مجموع العالم أعراض عندهم قائم بذاته لا كقيام العرض بالجوهر بل كقيام الظل بصاحبه ، فلا يخلو شيء عن الحق بل موجود به وفيه ومعنى وجود الأشياء فيه عبارة عن إحاطته الأشياء بقدرته ( أنت لما تخلقه جامع ) بوجودك المحيط بكل شيء ( تخلق ما لا ينتهى ) أي لا يتناهى ( كونه ) أي وجوده ( فيك ) ظرف الخلق أو الكون ( فأنت الضيق ) لأنه لا يسع معك غيرك شيء في قلب العارف ( الواسع ) لأنك تسع الأمور الغير المتناهية التي خلقت فيك اهـ بالى . ""
تخلق ما لا ينتهى كونه .....  فيك فأنت الضيق الواسع )
لما كان كل ما وجد وجد بوجوده كان الكل فيه ، وهو الجامع لما يتناهى من خلقه في ذاته ، فلا وجود لغيره وهو بأحديته موجود في كل واحد جامع للكل ، فهو الضيق في كل واحد الواسع لكل ما وجد وما يوجد إلى ما لا يتناهى بأحديته الجامع لجميع الجميع .
( لو أن ما قد خلق الله ما ......  لاح بقلبي فجره الساطع
""إضفة بالي زادة :   ( لو أن ما قد خلق الله في قلبي ) حذف لدلالة قوله ( ما لاح بقلبي ) أي ما ظهر بقلبي فحينئذ يتعلق بقلبي إلى ما لاح ( فجره ) الضمير يرجع إلى ما : أي نوره ( الساطع ) أي المرتفع ، فلو كانت الشمس في قلبي مع نورها الواضح الذي لا يخفى لأحد ما لاح بقلبي نورها فإن الحق يضيق قلبي بدخول الغير معه لاختفاء نور الحق عند ظهور نور الحق ( من وسع الحق فما ضاق عن خلق ) استفهام على سبيل التعجب ( فكيف الأمر ) أي من وسع الحق الواسع جميع الأمور الغير المتناهية ، أيضيق عن الحق الذي في الحق أم لا ؟ كيف الأمر في ذلك ؟""

(من وسع الحق فما ضاق عن   ..... خلق فكيف الأمر يا سامع )
في البيت الأول تقديم وتأخير ، أي لو أن ما خلق الله بقلبي ما لاح فجره ، أي ما ظهر نوره الساطع ، أي المرتفع الذي وسع المخلوقات كلها بفنائه مع الكل في الله ، والأولى أن يكون الضمير في فجره عائدا إلى ما خلق الله ، أي ما يفنى من وجوده أثر لقيامه من وسع
الحق ، إشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام حكاية عن ربه « ما وسعني أرضى ولا سمائي  ووسعني قلب عبدي المؤمن» : أي ما وسع الحق الذي وسعت رحمته كل شيء لم يضق عن شيء ، وكيف يضيق عن خلق ما وسعه الواسع المطلق ، أي الله تعالى.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
إشارة إلى ما مر من قوله: (لو أن العرش وما حواه)... فإنه أيضا يتضمن عدم الارتواء.
(ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا: يا خالق الأشياء في نفسه)
أي، في علمه الذي هو عين ذاته في مقام أحديته، ثم في ظاهرية وجوده المسماة بالوجود العيني.
(أنت لما تخلقه جامع)
لأن كله في علمك وفي عينك كالأمواج على البحر الزخار.
(تخلق مالا ينتهى كونه) أي، وجوده. (فيك) أي، في علمك وعينك.
(فأنت الضيق) لأنه لا يبقى لأحد وجود عند ظهور وجودك. فـ (الضيق)
بمعنى الضائق. أو (الضيق) باعتبار ظهورك في الموجودات المقيدة. (الواسع) الذي يسع الموجودات كلها بالعلم والذات المحيطة للكل.
أو (الواسع) بظهوره في المظهر القلبي الذي يسع كل شئ لما تجلى له الحق باسمه (الواسع.) ،(لو أن ما قد خلق الله) جميعا في قلبي (ما لاح بقلبي فجره الساطع) أي،
نوره المرتفع.
ومعناه: لو أن ما خلق الله جميعا في قلبي، (ما لاح فجره الساطع.) أي، ما ظهر نوره عند نور قلبي وصفاء باطني.
فـ (ما) في قوله: (ما لاح) للنفي. والأول بمعنى الذي.
و (الباء) في: (بقلبي) بمعنى (في). وضمير(فجره) عائد إلى (ما خلق الله.)
(من وسع الحق فما ضاق عن خل فكيف الأمر يا سامع؟  ).


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد قال ذلك أبو يزيد. ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
ثم قال رضي الله عنه: (ولقد نبهنا على هذا المقام) أي: مقام اتساع القلب لما لا يتناهی من
تجليات الحق في مقر عينه، وفي المظاهر المتناهية (بقولنا: يا خالق الأشياء) أي: مقدرها (في نفسه) أي: علمه (أنت لما تخلقه) في الأبد (جامع) في الأزل (تخلق) أي: بقدر (ما لا يتناهی كونه) من عالم المعاني والأرواح والأجسام (فيك) أي: في علمك مع أنك لا تحل فيك، ولا في صفاتك الحوادث.
(فأنت الضيق) عن حلول الحوادث فيك، (الواسع) لما يتعلق علمك بها، والبيتان ليس من محل الاستشهاد، بل من مقدماته، إذ القلب من مظاهر علمه الأزلي في هذه السعة مع الضيق في نفسه، ومحله البيتان الآتيان، أعني قوله: (لو أن ما قد خلق الله) أي: حصل بقلبي، واستقر فيه؛ (ما لاح) أي: لم يظهر (بقلبي فجره الساطع). أي: نور ذلك الخلق وهو تجلي الحق فيها؛ لعدم إحاطته بالقلب، بحيث لا يكون فيه متسع لتجلي آخر، بل هو في غاية الاتساع بحيث لا يمتلئ أبدا.""فيه تقديم وتأخير ، أي لو أن ما قد خلقه الله بقلبي ما لاح بقلبي فجره من وراء حجابي.
ثم أشار إلى تعليله بقوله: (من وسع الحق) أي: تجليه في مقر عينه مع عدم تناهيه بحيث لا يمكن فرض تناهيه، (فما ضاق عن خلق) أي: عن تجليه في خلق، وإن كان غير متناه إذ يمكن تقدير تناهيه.

(فكيف الأمر) أي أمر القلب في عدم التناهي مع كونه من جملة المخلوقات التي يمكن فرض تناهيها، (يا سامع) يريد أنه لا يتم فهم هذا بالسماع، وإنما يتم بالوجدان والذوق والشهود.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الإثنين 25 مارس 2019 - 16:32 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الخامسة عشر: الجزء الثاني 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
ولذلك قال : ( ولقد نبّهنا على هذا المقام ) أيضا كذلك نظما ( بقولنا ) :
(يا خالق الأشياء في نفسه) لما سبق بيانه أنّ القوابل من فيضه الأقدس. (أنت لما تخلقه جامع).
( تخلق ما لا ينتهي كونه فيه بك) ، لأنّه قد خلق الكلّ فيه . ( فأنت الضيّق ) باعتبار أحديته الذاتيّة التي لا مجال للثنويّة فيها أصلا  وهو الوحدة الحقيقيّة التي هي مبدأ الإحاطة ، فهو المحيط (الواسع) للكلّ.
( لو أنّ ما قد خلق الله ) بقلبي، ( مالاح بقلبي فجره الساطع ) أي ما ظهر عليه ، بل تبطَّن فيه واتّحد به ، لأنّه إنّما يظهر عليه إذا ضاق عنه ، وهو قد وسع الحقّ ، و :
( من وسع الحقّ فما ضاق عن  .... خلق، فكيف الأمر ياسامع ) فإنّه الجامع بين الحقّ والخلق ، فهو الكلّ .
فالعارف يخلق بالهمّة  ولذلك ترى الحقّ فيه قد يخلق الخلق ويحفظه.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
( يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
قال الشيخ رضي الله عنه : ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا: يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع )
(ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا : يا خالق الأشياء)، يعني مقدر أعيانها الثابتة في العلم ومفيض الوجود على تلك الأعيان في العين (في نفسه)، أي في ذاته (أنت لما تخلقه جامع)، أما بحسب مرتبة الجمع فلكون الأعيان الثابتة والخارجية مندرجة مندمجة فيه بالقوة .
وأما بحسب فقال الشيخ رضي الله عنه : (مرتبة الفرق فلانه سرى في الكل وبهذه السراية يجمعها. تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع . لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟)
(تخلق) علم وعينة (ما لا ينتهي كونه)، أي وجوده إلى حد لم يبق شيء (فيك) متعلق بتخلق، أي في ذاتك.
(فأنت الضيق) فإن خلقك إياه عبارة عن ظهورك بصورته وتفيدك بحسه والتقيد ضيق بالنسبة إلى الإطلاق (الواسع) لعدم تقيد ظهورك بشيء دون شيء يسع جميع المقيدات، وأنت الضيق باعتبار أحديتك الذاتية التي لا مجال للتنويه فيها أصلا ، الواسع باعتبار تجليك الأحدي الجمعي في الكل (لو أن ما قد خلق الله ما... لاح بقلبي فجره الساطع) فيه تقديم و تأخير.
أي لو أن ما قد خلق الله بقلبي متلبس به متمكن فيه ما لاح فجره أو خبر أن مقدر بقرينة اللاحق.
أي لو أن ما قد خلق الله بقلبي ما لاح بقلبي فجره، أي فجر ما خلق الله يعني نور وجوده الساطع عن مرتبة خفاء العدم (من وسع الحق) الغير المتناهي (فما ضاق عن ... خلق) متناه (فكيف الأمر)، أي أمر سعة القلب (یا سامع)

ثم ذكر رضي الله عنه مسألة غريبة يفهم منها سعة القلب و عدم ضيقه عن الخلق.
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 8:53 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 27 مارس 2019 - 5:48 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السادسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته. فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (بالوهم) محركة ويسكن القوة الروحانية التي تتقدم العقل في الإدراك فتهجم على كل شيء، ولهذا يغلب عليها الخطأ (يخلق)، أي يقدر ويصور.
(كل إنسان) بنفسه الناطقة المتميزة بالنطق النفساني عن جميع الحيوان (في قوة خياله) الروحانية (ما)، أي شيئا أو الذي (لا وجود له إلا فيها)، أي في تلك القوة الخيالية من جميع
الأشياء التي يريدها (وهذا) المذكور (هو الأمر العام) في كل إنسان سواء كان عارفا أو غير عارف.
(وأما العارف) بالله تعالى فإنه (يخلق)، أي يقدر ويصور في نفسه (بالهمة) لا بالوهم، والهمة هي التي تنبعث من قلبه عن أمر ربه وهي قوة الله تعالى قام بها كل شيء كما قال سبحانه: و"أن القوة لله جميعا" [البقرة: 165] .
(ما)، أي شيئا أو الذي من الأشياء (يكون له وجود) ثابت (من خارج محل الهمة) حاصل ذلك الوجود له من محل الهمة يعني من قوة الله تعالى التي هذا العارف قائم بها وهي منبعثة منه متوجهة على خلق ذلك المخلوق المذكور (ولكن لا تزال الهمة) المذكورة للعارف (تحفظه) من حيث هي قوة الحق تعالى، أي تحفظ عليه وجوده الذي أعطته له (ولا يؤودها)، أي لا يتعبها ولا يشق عليها (حفظه)، أي حفظ ما خلقته وكيف هي القوة القديمة التي أظهرت لها صورة كونية فظهرت بها فسميت همة العارف.
(فمتى طرأ)، أي تجدد (على العارف) المذكور (غفلة عن حفظ ما خلق بهمته)، أي خلق الله تعالى بقوته التي هي قد كونت هذا العارف ، فهو قائم بها على أنها مظهر لها (عدم ذلك المخلوق)، أي لم يبق له وجود إذ لا يمكن أن يفيض عليه الوجود إلا من تلك القوة الإلهية الظاهرة في مظهر الهمة الإنسانية من العارف.
(إلا أن يكون ذلك العارف) المذكور (قد ضبط)، أي عرف وتحقق عنده (جميع الحضرات) الإلهية التي يتجلى له الحق سبحانه بها فيكون مظهرة لها على حسب اختلافها في الأوقات شيئا فشيئا .
(وهو)، أي العارف بالله تعالى (لا يغفل) عن جميع حضرات الحق تعالی (مطلق) بحيث يعود كالجاهل بالله تعالى وهو ممتنع (بل لا بد له)، أي للعارف في كل وقت (من حضرة) إلهية (يشهدها) وإلا لخرج عن كونه عارفة إذ المعرفة تنافي الجهل. ومتى صار الحق تعالی معروفة عند أحد لا يمكن أن تحصل له الغفلة عنه تعالی من جميع الوجوه، وفي جميع الحضرات إذ الكون كله صادر في كل وقت عن معروف هذا العارف.
فكيف يغفل عنه من سائر اعتباراته بعد معرفته له في جميع اعتباراته، وإنما غايته أنه يغفل عنه في بعض الحضرات دون بعض.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (بالوهم) لا بغير ذلك من القوى (يخلق) أي يخترع (كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا نيها) أي إلا في قوة خيالية .
(وهذا) أي الإيجاد في القوة الخيالية (هو الأمر العالم) يعني أن غير العارف يوجد شيئا ولا يكون ذلك الشيء موجودة في الخارج بل في قوة خيالية (والعارف يخلق بهمته) ونوجهه وقصده بقدرة الله وأمره (ما يكون له وجود من خارج محال الهمة) والخلق هنا بمعنی قصد الإظهار من الغيب إلى الحضور ومعطي الوجود على حسب قصدهم هو الله لا غير .
(ولكن لا تزال الهمة يحفظه) أي يحفظ ما خلقه (ولا يؤدها) أي لا يثقل الهمة (حفظه) أي حفظ ما خلقته الهمة (فمتي طرأ على المعارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق) لانعدام الإمداد بالغفلة لزوال الهمة بالغفلة فزال المعلول (إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات) وهي الحضرات الخمس :
عالم المعاني
والأعيان الثابتة
وعالم الأرواح
وعالم الشهادة
وعالم الإنسان الكامل الجامع لجميع العوالم كلها
(وهو) أي العارف (لا بغفل مطلقا بل لا بد من حضرة يشهدها) العارف


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قوله: بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام، يعني أن الذهن يقبل موجودات ذهنية، فبعضها خيالية وبعضها عقلية وبعضها وهمية قبل أن يتناولها العقل أو غيره، ثم أن بعض ما يقبله الذهن قد يكون محالا كاجتماع الضدين الشيء واحد في زمان واحد، وقد يكون متناقضا كاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما.
واعلم أنه قد حصل في العالم خبط عظيم في مداركهم وكان منشاؤه من كون الذهن يقبل المحال والمتناقض ولا سيما عند من يجعل اللزوم ذهنيا من المنطقيين
قوله: والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود في الخارج.
وأقول إن الكلام في هذا الفصل ينبغي أن يكون مشافهة ولفظ الشيخ، رضي الله عنه، فيما أشار إليه هنا واضح.
ولست أقول إن هذا الفصل پستغني عن البيان لكني لا أبينه إلا مشافهة أدبا مع الشيخ، رضي الله عنه


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال رضي الله عنه : « بالوهم يخلق كلّ إنسان في قوّة خياله ما لا وجود له إلَّا فيها ، وهذا هو الأمر العامّ ، والعارف يخلق بالهمّة ما يكون له وجود خارج محلّ الهمّة ، ولكن لا تزال الهمّة تحفظه ، ولا يؤودها حفظه أي حفظ ما خلقه ، فإذا طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق ، عدم ذلك المخلوق إلَّا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا .
بل لا بدّ له من حضرة يشهدها ، فإذا خلق العارف بهمّته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كلّ حضرة ، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا ، فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات » .
يعني من حضرات الوجود علوا وسفلا  -وهو شاهد حضرة ما من الحضرات ، حافظ لما فيها من صور خلقه - انحفظت جميع الصور بحفظ تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها ، لأنّ الغفلة ما تعمّ قطَّ لا في العموم ولا في الخصوص".
قال العبد : خلق العارف بالهمّة هو باستجماعه في فكره ووهمه على إيجاد أمر ، وتعليق الهمّة بذلك وتسليط النفس عليه ، فإنّ الهمّة خلَّاقة ، وحيث كان موجب وجود ذلك الخلق جمعيّة الهمّة على وجوده ، وجمعيّة القلب ، واستجماع قواه ، والحضور ، فيجب استصحاب الموجب ، حتى يبقى مخلوق الهمّة ، بخلاف خلق الله ، فإنّه ليس باستجماع القوى ، ولكن لا بدّ من توجّهات الأسماء ثمّ أيضا ، وليس بالحضور الكلَّي معه من جميع الوجوه ، فإنّه لا يعزب عنه شيء أصلا ، بخلاف من يخلق بالهمّة .
فإنّه مهما غفل عمّا خلق ، بطل موجب ظهور المراد في خلقه ، فبطل المخلوق بالهمّة ببطلان موجبه ، ولكنّ العارف إذا لم يغفل مطلقا بل إن غفل عنه من وجه كان حاضرا به من جهة أخرى ، حفظ بما حضر في حضرة ما غفل عنه من جهة حضرة أخرى ، مثاله اجتمع
عارف بقلبه وعلوّ همّته بكون أو خلق وتكوين كلَّي أو جزوي ، فإنّه - بمداومة تعليق الهمّة وتسليط النفس بجمع الهمّ والوهم .
وجد خارج محلّ الهمّة ذلك الأمر المراد ، ولكن استمرار وجوده يتوقّف على استمرار موجبه وهو الحضور والجمعيّة ، فمهما غفل انخلع الوجود عن تلك الأمور ولا سيّما إذا علَّق همّته بكون ، ثمّ غاب عن موطن الحسّ وحضرة الشهادة بالنوم مثلا .
فلا يبقى موجب ظهور ذلك الأمر ، لعدم تعلَّق همّته بذاك إذ ذاك ، فيعدم ، ولكنّ العارف بعالم الحسّ وعالم الخيال والمثال وارتباط بعض هذه الحضرات بالبعض بالحق لا يغفل عن صورة ما خلق في حضرة الحسّ وهو في عالم المثال أو في الخيال ، يشهدها مخلوقة فيها موجودة فيحفظها ، فينحفظ بتلك الصورة المثالية أو الخيالية صورته الحسّيّة ، فافهم ، إن شاء الله ، ففيه دقّة ، فالطف وتلطَّف .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها وهذا هو الأمر العام ، والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج في محل الهمة ، ولكن لا تزال الهمة تحفظه ولا يئوده حفظه أي حفظ ما خلقه ، فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق ، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات ، وهو لا يغفل مطلقا بل لا بد من حضرة يشهدها ) .
خلق العارف إنما هو باستجماع وهمه وهمته وفكره وجميع قواه ، وفي الجملة بتسليط نفسه على إيجاد أمر في الخارج ، فإن الهمة ممن كان موصوفا بصفات الله خلاقة ولكن لما كان موجبه جمع همة وجب أن تكون الهمة متوجهة نحوه حافظة إياه ، فإن غفلت عنه بتوزع همة أو نوم أو تعلق خاطر بشيء آخر ، زال الموجب فينعدم ذلك الأمر .
بخلاف خلق الله تعالى فإنه يشهد كل شيء ولا يعزب عنه شيء أصلا ، ولا بد في خلقه أيضا من توجهات أسمائه نحو المخلوق ، إلا أنه لا يشغله شأن عن شأن ، بخلاف العارف إلا أن يكون العارف قد توغل بتجرده في الحضرات ، فيغفل عن مخلوقه من وجه ويشهده من وجه .
كمن ضبط الصورة المخلوقة في الحس والخيال والمثال والحضرة الأسمائية الإلهية فيغفل عن الحس والخيال ويحفظه في المثال أو في أعلى منه ، ولا بد من شهوده إياه في حضرة ما.
""إضفة بالي زادة :   أجبنا ( بالوهم ) لا بغيره من القوى ( يخلق ) يخترع ( كل إنسان ) وهذا هو الأمر العام يعنى أن غير العارف يوجد شيئا ولا يكون ذلك الشيء موجودا في خارج قوة خيالية ( والعارف يخلق ) والخلق هنا قصد الإظهار من الغيب إلى الحضور ، ومعطى الوجود على حسب قصدهم هو الله لا غير .
قوله ( عدم ذلك المخلوق ) لانعدام الإمداد بالغفلة لزوال الهمة بالغفلة فزال المعلوم خارج عنك
اهـ بالى"" .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
أي، من وسع الحق مع أسمائه وكمالاته، فما يضيق عن الخلق، لأن الحق
هو الذي يتعين ويظهر في المظاهر الخلقية بحسب تجليات أسمائه وصفاته، فالخلق عين الحق، فمن وسعه وسع الخلق كله.
قال الشيخ رضي الله عنه : (بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها. وهذا هو الأمر العام لكل إنسان. والعارف يخلق بهمته ما يكون له وجود من خارج محل الهمة).
لما كان كلامه رضي الله عنه في العالم المثالي وهو، كما مر في المقدمات، ينقسم إلى مطلق و
مقيد.
والمقيد هو الخيال الإنساني. وهو قد يتأثر من العقول السماوية والنفوس الناطقة المدركة للمعاني الكلية والجزئية، فتظهر فيه صورة مناسبة لتلك المعاني، وقد يتأثر من القوى الوهمية المدركة الجزئية فقط، فتظهر فيه صورة تناسبها.
والثاني، قد يكون بسبب سوء مزاج الدماغ، وقد يكون بحسب توجه النفس بالقوة الوهمية إلى إيجاد صورة من الصور، كمن يتخيل صورة محبوبه الغائب عنه، تخيلا قويا، فيظهر صورته في خياله، فيشاهده.
وهذا أمر عام يقدر على ذلك العارف بالحقائق وغيره من العوام - ذكر الشيخ رضي الله عنه هنا هذا المعنى، ونبهأن العارف يخلق بهمته، أي بتوجهه وقصده بقوته الروحانية، صورا خارجةعن الخيال موجودة في الأعيان الخارجية، كما هو مشهور من البدلاء بأنهم يحضرون به في آن واحد أماكن مختلفة، ويقضون حوائج عباد الله.
فالمراد بـ (العارف) هنا، الكامل المتصرف في الوجود، لا الذي يعرف الحقائق وصورها ولا تصرف له.
وإنما قال: (ما يكون له وجود من خارج محل الهمة) أي، خارج الخيال الذي لنفسه، احترازا عن أصحاب السيمياء والشعبذة، فإنهم يظهرون صورا خارجة من خيالاتهم، لكن ليست خارجة من مقام الخيال، لظهورها في خيالات الحاضرين بتصرفهم فيها.
والعارف المتمكن في التصرف بهمته يخلق ما يخلق في عالم الشهادة قائما بنفسه كباقي الموجودات العينية.
والغيب أيضا كالصور الروحانية التي يخلقها، فيدخل بها في عالم الأرواح.
ولا ينبغي أن تتأبى وتشمأز نفسك من إسناده الخلق إلى المخلوق، فإن الحق سبحانه هو الذي يخلقها فيذلك المظهر لا غيره، إلا أن الخلق يظهر حينئذ من مقامه التفصيلي كما يظهر من مقامه الجمعي.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
ثم بين علامة سعة القلب، وهي أنه يفعل أفعال الحق الذي تجلى فيه فعل المرآة في تنویر الجدار عند استنارتها من الشمس، فقدم لذلك ما يقرب فهمه، فقال (بالوهم) أي: بالقوة التي بها التحليل والتركيب بين الصورة الخيالية، والمعاني الوهمية باعتبار استعمال الوهم إياها (يخلق كل إنسان)، وإن لم يقدر على خلق شيء في الخارج (في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها) أي: في قوة خياله كجبل من ياقوت، وبحر من زئبق، (وهذا) الخلق في القوة الخيالية (هو الأمر العام) لا يختص بالعارف.
(والعارف) المتسع قلبه لتجليات الحق (يخلق بالهمة) أي: توجيه القصد عن نورانية ما تجلى فيه (ما يكون له وجود من خارج محل الهمة) أي: وراء الوجود الذهني في حضرة خاصة أو حضرات.
وهو وإن كان خارجا من محل الهمة، فإمكانه محوج إلى العلة في البقاء، ولا علة له سوى الهمة؛ فينبغي ألا يكون له بقاء لعدم من يحفظه.
(ولكن لا تزال الهمة تحفظه)، فإنها لما صلحت للإيجاد خارج محلها؛ صلحت للحفظ فيه، (ولا يئودها حفظه) وإن كان في مكان بعيد من صاحب الهمة، وتفرقت صوره في حضرات شتى، ورفع ذلك لما يوهم من هذا الكلام أن الهمة يمكنها حفظ أي شيء.
أراد صاحبها من غير مشقة دفع ذلك بقوله: (أي حفظ ما خلقته)؛ لأنها علته وليست علة لإيجاد غيره، فالظاهر أنها لا تكون علة لحفظه أيضا، فإن حفظته فعن مشقة عظيمة، وإذا كانت همته علة الحفظ ولا علة سواها في الظاهر.
(فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق) لعدم علة بقائه، (إلا أن يكون العارف) الذي خلقه بهمته (قد ضبط) عند خلقه (جميع الحضرات) من عالم المعاني والأرواح، والمثال، والأجسام بالتصرف فيها.
(وهو) أي: وذلك العارف لكونه في مقام البقاء (لا يغفل عن جميع تلك الحضرات (مطلقا) بحيث لا تبقى له همة حافظة لصورة ما خلقه في حضرة أو حضرات؛ (بل لا بد له من حضرة يشهدها) ضرورة أنه لا يغفل عن المحسوسات والمعقولات جميعا.

لأن ما يحجبه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق، وشهود تلك الحضرة منه مستلزم لشهود ما فيها من صورة خلقه، فلا يئوده حفظ تلك الصورة في تلك الحضرة وبواسطتها في سائر الحضرات.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 27 مارس 2019 - 5:53 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السادسة عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
فإنّه ( بالوهم يخلق كلّ إنسان في قوّة خياله ما لا وجود له إلَّا فيها ، وهذا هو الأمر العامّ ) الذي لأهل التفرقة ممن لم يكن لهم أن يستجمعوا قوى القلب وينفّذوا فيها أحكامه ، حتّى يظهر سلطانه .
( والعارف ) من أهل الجمعيّة القلبيّة التي قد تبدّلت تفرقة وهمه بجمعيّة الهمّة  ( يخلق بالهمّة ما يكون له وجود من خارج محل الهمّة ) .
وذلك عند ظهور سلطانه واستجماع جنوده وقواه تحت قهرمانه ، النافذ أمره في سائر العوالم والحضرات ( ولكن لا تزال الهمّة تحفظه ولا يؤدها حفظه أي حفظ ما خلقته ) لكمال سعته .
( فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق ) عند غلبة أحكام حضرة من الحضرات أو العوالم ، على وقته وانجذابه نحوها ، ( عدم ذلك المخلوق ) ضرورة أنّ مدده الوجودي إنّما هو من همّته وتوجّهه .
( إلَّا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات ) المرتبطة بعضها بالبعض ، ارتباط الأرواح بالأجساد والأجسام والحضرات هي المواطن الكليّة ، فلا بدّ وأن يكون لكل من الموجودات وجود في كل منها بحسبها ، كما في مرتبة الأرواح والأجساد بعينها (وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بدّ له من حضرة يشهدها.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام. والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه.  ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته. فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف )
فقال : (بالوهم بخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها وهذا هو الأمر العام)، أي الشامل كل إنسان والعار في الكامل المتصرف في الوجود مع اشتراكه مع الكل في ذلك فله خصوص مرتبة في الخلق وهو أنه (بخلق بهمته)، أي بتوجهه وتسليط نفسه بجميع قواه على فعل حين تحققه بالاسم الخالق.
(ما يكون له وجود من خارج محل الهمة) يعني النفس والخيال احترز بذلك عن خلق أصحاب السيمياء والشعوذة فإنهم يظهرون صورة لكن في خيالات الحاضرين وهي محل الهمة منهم خلاف العارف المتصرف فإنه يخلق بهمته ما يخلق من الصور قائما بنفسه كسائر الموجودات العينية.
(ولكن لا تزال الهمة) أي همة العارف (تحفظه ولا يؤودها) أي لا يثقلها (حفظه)، أي حفظ ما خلقته (فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق بهمته) فلا يشاهده ولا يحضر معه (عدم ذلك المخلوق) لانعدام علة بقائه وهي حضور العارف معه (إلا أن يكون العارف) لسعة قلبه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.)
(قد ضبط جميع الحضرات) الخمس الكلية التي هي حضرة المعاني وحضرة الأرواح وحضرة المثال المطلق وحضرة المثال المقيد وحضرة الحس والشهادة (وهو لا يغفل مطلقا)، أي والحال أنه ليس من شأنه أن يغفل غفلة مستوعبة لجميع الحضرات.

(بل لا بد له من حضرة يشهدها الخاصة له في كل حضرة وصارت الصور تحفظ بعضها بعض بسرابة جمعية همته من كل صورة إلى سائرها.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الثلاثاء 2 أبريل 2019 - 17:23 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السابعة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا. فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته) المذكورة على حسب ما قلناه (ما خلق) من كل ما پرید (وله)، أي للعارف المذكور ضبط (هذه الإحاطة) لجميع الحضرات الإلهية شيئا فشيئا (ظهر ذلك الخلق)، أي المخلوق (بصورته).
أي بصورة ذلك العارف (في كل حضرة) من تلك الحضرات على معنى أنه تظهر عنه مخلوقات كثيرة على عدد ما شهد من الحضرات الإلهية المضبوطة له، إذ ليس في وسعه أن يشهد جميع الحضرات في دفعة واحدة.
بل معنى إحاطته : ضبطه لذلك وعدم وقوفه عند حضرة دون حضرة، لأنه مكون حادث، والحادث قاصر عن الوسع الإلهي.
وإن كان له وسع بالنسبة إلى من هو دونه من الجاهلين الغافلين عن الحضرات مطلقا .
(وصارت الصور) المخلوقة الصادرة كل صورة منها عن حضرة إلهية (تحفظ بعضها بعضا) بحيث إن الصادرة عن الحضرة القوية في الظهور بهمة العارف تحفظ الوجود على الصادرة عن الحضرة الضعيفة في الظهور بالهمة المذكورة.
(فإذا غفل العارف) المذكور (عن حضرة ما) من تلك الحضرات بحيث وقف عند ما عداها من الحضرات(أو عن حضرات) أكثر من واحدة.
(وهو شاهد حضرة ما من الحضرات) واقف عندها دون ما عداها (حافظ لما فيها) مما توجه بها عليه (من صورة خلقه)، أي مخلوقه .
(انحفظت جميع) تلك (الصور)، أي انحفظ الوجود عليها (بحفظ تلك الصورة الواحدة في الحضرة) الإلهية (التي) شهدها (وما غفل عنها) فتكون تلك الحضرة قائمة مقام تلك الحضرات في حفظ آثارها كلها ، وذلك بسبب أن كل حضرة من الحضرات الإلهية جامعة لجميع الحضرات.
(لأن الغفلة) عن جميع الحضرات الإلهية (لم تعم)، أي ما عمت أحدا (قط لا في العموم)، أي عموم المؤمنين، فإنهم يشهدون آثار الحضرات، فلا يغفلون عن جميع الآثار بل عن بعضها دون بعض .
وإن كانوا غافلين عن شهود المؤثر، فيشهدون أثرة ما من حيث هو أثر على كل حال (ولا في الخصوص) لما تقدم من أنه لا بد للعارف من حضرة يشهدها بعد ضبطه لجميع الحضرات في مقام المعرفة بالله تعالی .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق) (و) الحال أن (له هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة) لأن هذا العارف يخلق ذلك الخلق من مقام الجمع فيكون موجودة على صورته في كل حضرة بقدر نصيبه .
(وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا) لأنه إذا كان الخلق بصورته موجودة في كل حضرة فقد تحفظ الهمة الصورة التي لا يغفل العارف عن حضرتها وتحفظ باقي الصور بالصور المحفوظة بالهمة لوجوب التطابق بين الصورة .
وهو معنى قوله: (فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات حافظ لما فيها من صور خلقه انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل) العارف (عنها لأن الغفلة ما تعم قط) جميع الحضرات (لا في العموم ولا في الخصوص) أي لا في حق العامة ولا في حق الخاصة حتى انعدم تلك الصورة في جميع الحضرات.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قلت : أما أنه سائغ في مقام المعرفة فلأن العارف يظن أنه الحق فيصف نفسه بما يصف به الحق نفسه وهو غلط منه، فإن العارف ما فني كل رسمه ولا شك أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
قوله: وإن كان العبد ربا كان الرب المتوهم في عيشة ضنك وأما العبد مع فرض كونه رباه لا يكون في عيشة ضنك.
و قوله ومن كونه ربا يرى الخلق كله يطالبه.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فإذا خلق العارف بهمّته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كلّ حضرة ، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا ، فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات » . يعني من حضرات الوجود علوا وسفلا " -وهو شاهد حضرة ما من الحضرات ، حافظ لما فيها من صور خلقه - انحفظت جميع الصور بحفظ تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها ، لأنّ الغفلة ما تعمّ قطَّ لا في العموم ولا في الخصوص".
قال العبد : خلق العارف بالهمّة هو باستجماعه في فكره ووهمه على إيجاد أمر ، وتعليق الهمّة بذلك وتسليط النفس عليه ، فإنّ الهمّة خلَّاقة ، وحيث كان موجب وجود ذلك الخلق جمعيّة الهمّة على وجوده ، وجمعيّة القلب ، واستجماع قواه ، والحضور ، فيجب استصحاب الموجب ، حتى يبقى مخلوق الهمّة ، بخلاف خلق الله .
فإنّه ليس باستجماع القوى ، ولكن لا بدّ من توجّهات الأسماء ثمّ أيضا ، وليس بالحضور الكلَّي معه من جميع الوجوه ، فإنّه لا يعزب عنه شيء أصلا ، بخلاف من يخلق بالهمّة ، فإنّه مهما غفل عمّا خلق ، بطل موجب ظهور المراد في خلقه .
فبطل المخلوق بالهمّة ببطلان موجبه ، ولكنّ العارف إذا لم يغفل مطلقا بل إن غفل عنه من وجه كان حاضرا به من جهة أخرى ، حفظ - بما حضر في حضرة - ما غفل عنه من جهة حضرة أخرى .
مثاله اجتمع عارف بقلبه وعلوّ همّته بكون أو خلق وتكوين كلَّي أو جزوي ، فإنّه - بمداومة تعليق الهمّة وتسليط النفس بجمع الهمّ والوهم - وجد خارج محلّ الهمّة ذلك الأمر المراد ، ولكن استمرار وجوده يتوقّف على استمرار موجبه وهو الحضور والجمعيّة ، فمهما غفل انخلع الوجود عن تلك الأمور ولا سيّما إذا علَّق همّته بكون.
ثمّ غاب عن موطن الحسّ وحضرة الشهادة بالنوم مثلا ، فلا يبقى موجب ظهور ذلك الأمر ، لعدم تعلَّق همّته بذاك إذ ذاك ، فيعدم ، ولكنّ العارف بعالم الحسّ وعالم الخيال والمثال وارتباط بعض هذه الحضرات بالبعض بالحق لا يغفل عن صورة ما خلق في حضرة الحسّ وهو في عالم المثال أو في الخيال ، يشهدها مخلوقة فيها موجودة فيحفظها ، فينحفظ بتلك الصورة المثالية أو الخيالية صورته الحسّيّة ، فافهم ، إن شاء الله ، ففيه دقّة ، فالطف وتلطَّف .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة، ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة وصارت الصورة تحفظ بعضها بعضا ، فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات حافظ لما فيها من صورة خلقه انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها ، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص ) .
قد علمت أن الصورة الحسية الخارجية آخر مراتب الوجود ، والصورة
التي قبلها صورها فهي كالروح لها فإذا كان للعارف الإحاطة بالحضرات كلها يكفيه حضورها في واحدة من تلك الحضرات .
فإن تلك الصور حافظة بعضها بعضا أي العالية تحفظ ما تحتها ، فإذا شهدها في حضرة واحدة منها انحفظت الجميع ، لأن الغفلة ما تعم قط بحيث يغفل عن كل شيء لا يحضر صاحبها شيئا ما ولو نفسه لا في عموم الناس ولا في خصوصهم ففي أي حضرة حضر العارف حفظ صورة فيها فانحفظت الخارجية بها .
أو لأن غفلة العارف لا تعم في العموم ، أي في عموم الصور لشهوده واحدة منها ، ولا في الخصوص لحفظه كل واحدة منها بواسطة حفظ البعض.
""إضفة بالي زادة :    ( بصورة في كل حضرة ) لأن هذا العارف يخلق ذلك الخلق من مقام الجمع ، فيكون موجودا على صورته في كل حضرة بقدر نصيبه وصارت الصور تحفظ بعضها بعضا ، لأنه إذا كان الخلق بصورته موجودا في كل حضرة فقد تحفظ الهمة الصورة التي لا يغفل العارف عن حضرتها ، وتحفظ باقي الصور بالصورة المحفوظة بالهمة لوجوب التطابق بين الصور ، وهو معنى قوله : فإذا غفل العارف إلخ .

الهمة إذا تعلقت بما ليس بحاصل في الوقت فإنها تطلب النفوذ إلى مشاهدة من تعلقت به وتحصيله ، وإذا رأى صاحب الهمة مطلوبه في نفسه زالت همته وانكسرت عن طلب النفوذ ، وهو قوله :قد يرحل المرء لمطلوبه والسبب المطلوب في الراحلفإذا انكشف لك أن مطلوبك ليس غير عينك وعينك ما فارقك ، فما يبقى لهمتك متعلق . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
ذكر الشيخ رضي الله عنه : هنا هذا المعنى، ونبهأن العارف يخلق بهمته، أي بتوجهه وقصده بقوته الروحانية، صورا خارجةعن الخيال موجودة في الأعيان الخارجية، كما هو مشهور من البدلاء بأنهم يحضرون به في آن واحد أماكن مختلفة، ويقضون حوائج عباد الله.
فالمراد بـ (العارف) هنا، الكامل المتصرف في الوجود، لا الذي يعرف الحقائق وصورها ولا تصرف له.
وإنما قال: (ما يكون له وجود من خارج محل الهمة) أي، خارج الخيال الذي لنفسه، احترازا عن أصحاب السيمياء والشعبذة، فإنهم يظهرون صورا خارجة من خيالاتهم، لكن ليست خارجة من مقام الخيال، لظهورها في خيالات الحاضرين بتصرفهم فيها.
والعارف المتمكن في التصرف بهمته يخلق ما يخلق في عالم الشهادة قائما بنفسه كباقي الموجودات العينية.
والغيب أيضا كالصور الروحانية التي يخلقها، فيدخل بها في عالم الأرواح.
ولا ينبغي أن تتأبى وتشمأز نفسك من إسناده الخلق إلى المخلوق، فإن الحق سبحانه هو الذي يخلقها فيذلك المظهر لا غيره، إلا أن الخلق يظهر حينئذ من مقامه التفصيلي كما يظهر من مقامه الجمعي.
ومن هنا يعلم سر قوله: (فتبارك الله أحسن الخالقين.) ، (ولكن لا تزال الهمة تحفظه) أي ذلك المخلوق. (ولا يؤدها) أي، لا يغفل الهمة حفظه. أي حفظ ما خلقته.
(فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق). لانعدام المعلول بانعدام علته.
(إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات، وهو لايغفل مطلقا، بل لا بد له من حضرة يشهدها. فإذا خلق العارف بهمته ما خلق، ولهبه الإحاطة، ظهر ذلك الخلق بصورته) أي، ظهر ذلك المخلوق على صورته (في كل حضرة، وصارت الصور تحفظ بعضها بعضا. فإذا غفل العارف عن حضرة ما، أو عن حضرات - وهو شاهد حضرة ما، من الحضرات حافظ لما فيها من صورة خلقه انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها.)
المراد بالحضرات إما الحضرات الخمس الكلية، وهي عالم المعاني والأعيان الثابتة، وعالم الأرواح، وعالم المثال، وعالم الشهادة، وعالم الإنسان الكامل الجامع بين العوالم.
وإما الحضرات العلوية السماوية والسفلية الأرضية وغيرها من العناصر.
وإنما يتحفظ (تلك الصورة)، إذا لم يكن العارف المتحقق بجميع المقامات والمتصف بكل الأسماء والحضرات غافلا عن تلك الصورة في حضرة مامنها، لأن ما يحصل في الوجود الخارجي لا بد وأن تكون له صورة أولا في الحضرة العلمية، ثم العقلية القلمية، ثم اللوحية، ثم السماوية والعنصرية وما يتركب منها.
فإذا كانت همته حافظة لتلك الصورة في حضرة من تلك الحضرات العلوية، تنحفظ تلك الصورة في الحضرات السفلية، لأنها روح الصور السفلية.
وإذا كانت حافظة إياها في الحضرات السفلية، ينحفظ في غيرها أيضا، لكون وجود المعلول مستلزما لوجود علته ووجود الصورة دليلا لوجود المعنى، وإن كانتهمته غافلة عنها، للزوم تطابق الصور بين الحضرات الإلهية.
ويؤيد ذلك أحوال أصحاب الكرامات إذا أخبروا عن حدوث أمر ما، أو زواله.
فإنهم يشاهدون ذلك أولا في الحضرات السماوية، ثم يوجد ما يشاهدون في الحضرات السفلية.
نعم، لو يغفل الكامل عن تلك الصورة في جميع الحضرات باشتغاله إلى غيرها، ينعدم حينئذ، وأما الغفلة عن جميع الحضرات فلا يمكن لأحد، سواء كان كاملا أو غير كامل. (لأن الغفلة ما تعم قط، لا في العموم ولا في الخصوص).
أي، لا في عموم الخلائق ولا في خصوصهم، لأنهم لا بد أن يكونوا مشتغلين بأمر من الأمور التي هي مظاهر الأسماء الإلهية.
غايته أن العارف يعرف أن الأمور كلها مجالي ومظاهر للحق، وغيره لا يعرف ذلك.
فلا يمكن أن تعم الغفلة بحيث لا يكون الإنسان مشتغلا بحضرة من حضرات الحق، لا في عموم الحضرات، يعنى في جميعها، ولا في خصوصها، أي في حضرة خاصة.
فهذا بالنسبة إلى الكامل. وإما غيره، فقد يغفل عن حضرة خاصة وإن كان لا يغفل عن جميعها.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
وإليه الإشارة بقوله: (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق) سواء كان مما يتعارف له تأثير في الغير أم لا (وله هذه الإحاطة) بالحضرات حال خلقه، (ظهر ذلك الخلق بصورته) أي: صورة ذلك العارف في الإحاطة بالحضرات، والتأثير في الغير (في كل حضرة)، إذ لا معنى لكونه على صورة ذلك العارف بالإحاطة بالحضرات إلا ظهوره فيها، (وصارت الصور تحفظ بعضها بعضا) لما فيها من أثر جمعية ذلك العارف عند جمعه الهمة بالتأثير.
فكانت هذه الصورة استنارت بنور فاعلها، فتفعل فعله كما تفعل صورة الشمس الظاهرة في المرآة من التأثير في الماء، وصورة الماء في الجدار، و صورة الجدار فيما يحاذيها من مرآة أخرى، وهلم جرا.
فلا تعارض تلك النورانية ظلمة الغفلة عن بعض الحضرات، (فإذا غفل العارف عن حضرة ما) أعلى أو أدنى مما لم يغفل عنها (أو حضرات، وهو شاهد حضرة من تلك الحضرات حافظ) همته (لما فيها من صورة خلقه)، قيد بذلك ليشير إلى أن مشاهدة الحضرة غير كافية في حفظ الصورة، كما يتوهم من كلامه السابق (انحفظت جميع الصور بحفظه) .
أي: العارف (تلك الصورة الواحدة) التي يحفظها (في الحضرة التي ما غفل عنها)؛ لأن الأثر النورانية التي بها شهود الحضرة لا الظلمة التي بها الغفلة؛ فلا يؤوده حفظها في جميع الحضرات باعتبار تلك الحضرة، وإنما يئوده حفظها لو غفل عن الكل؛ لكنه غير واقع.
(لأن الغفلة لا تعم ) قط جميع الحضرات (لا في العموم ولا في الخصوص) .
""أي خصوصهم فإن غاب العارف من حضرة فلا بد أن يحضر مع حضرة أخرى، فلا يغفل عن جميع الحضرات""
أي: عموم الناس وخصوصهم، وأما أرباب الفناء؛ فإنهم وإن عمت الغفلة في شأنهم، فليسوا من أهل الهمة الذين لهم الخلق.
.

يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الثلاثاء 2 أبريل 2019 - 17:28 من طرف الشريف المحسي

الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة السابعة عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فإذا خلق العارف بهمّته ما خلق وله هذه الإحاطة، ظهر ذلك الخلق بصورته في كلّ حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا، فإذا غفل العارف عن حضرة ما، أو حضرات - وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه - انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأنّ الغفلة) عن الحضرات كلَّها ( ما تعمّ قطَّ لا في العموم ) بالنسبة إلى سائر الأشخاص ( ولا في الخصوص ) من الأولياء والكمّل .
فإذا انحفظت الصورة في حضرة من الحضرات العالية لا بدّ وأن تكون محفوظة في العوالم السافلة، لارتباط العوالم بالحضرات بكلَّياتها وجزئيّاتها .و الفرق بين خلق الحقّ وخلق العبد.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
قال الشيخ رضي الله عنه : فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.)
فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة) بالحضرات (ظهر ذلك الخلق بصورته) الخاصة له في كل حضرة وصارت الصور تحفظ بعضها بعض بسرابة جمعية همته من كل صورة إلى سائرها (فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات حافظ لما فيها) أي في تلك الحضرة.
(من صور خلقه) التي في تلك الحضرات (انحفظت جميع الصور) في جميع الحضرات (بحفظ تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها).
وعدم غفلته عنها لما لا بد له من حضرة يشهدها (لأن الغفلة ما تعم) الحضرات كلها (قط) بأن لا يحضر أحد مع واحدة منها (لا في العموم)، أي عموم الخلائق (ولا في الخصوص)، أي خصومهم فإن غاب أتعارف من حضرة فلا بد أن يحضر مع حضرة أخرى فلا يغفل عن جميع الحضرات و إن لم يعمل عن جميع الحشرات ولهذا ينعدم مخلوق العارف بالإعراض عنه مطلقا.
ومثال ذلك ما إذا خنق العارف بجمعية المهمة خارج محل الهمة كالحس مثلا صورة محسوسة ، وحفظها بدوام شهودها والحضور معنا حسا فمتى طرأ عليه غفلة بالنوم مثلا وغاب عن الحس علمت هذه الصورة المحسوسة عن مرتبة الحس وتم تبق، لأن شرط بقائها إنما هو حضور العارف معها حسا.
وقد زال ذلك الشرط إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات فكان عارفا بحضرة الحس و حضرة المثال و الخيال و ارتباط بعضها ببعض وسرت جمعية همته من بعضها إلى بعض .
فإنه حينئذ وإن غفل عن حضرة الحس وعن شهود صور مخلوق و موجود بها لكنه يشهده في حضرة الخيال، أو المثال مخلوقا موجودا فيحفظه فتنحتفظ بصورته الخيالية صورته الحسية .
ومن فروع ذلك الأصل ما ذكره الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات: أن الأبدال أنهم إذا فارقوا موضعا ويريدون أن يخلفوا بدلا منهم في ذلك الموضع الأمر يرونه فيه مصلحة وقربة تركوا شخصا على صورة رجل منهم ولا يشك أحد ممن أدرك رؤية الشخص أنه عين ذلك الرجل وليس هو، بل هو شخص روحاني بتركه بدله بالقصد علم منه ومنها أيضا ما هو مشهود عن بعض هذه الطائفة.
أنه حضر في آن في أماكن مختلفة أو دخل بيت مغلقة الأبواب مسدودة الكون أي خرج عنه إلى أمثال من الخوارق
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 3 أبريل 2019 - 15:27 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق. ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه :   (وقد أوضحت هنا)، أي في هذا المحل (سرا) من أسرار الله تعالى في مقام المعرفة الإلهية (لم يزل أهل الله) تعالى العارفين به (يغارون على مثل هذا) السر (أن يظهر) عند غيرهم (لما فيه)، أي في إظهار ذلك (من رد دعواهم) في أنفسهم القائمة بالحق (أنهم الحق فإن الحق سبحانه لا يغفل أصلا)، كما قال تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال : "لا يضل ربي ولا ينسى" [طه: 52].  وقال سبحانه: "لا تأخذه سنة ولا نوم " [البقرة : 255].
(والعبد) المخلوق وإن كان في أعلى درجات المقربين (لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء) لقصوره وعجزه عن كمال الحق وقدرته، فإن العارف مخلوق بالقوة الإلهية وهي ظاهرة فيه، لأنها قيومة وإن سميت عنده باسم الهمة كما قدمناه.
(فمن حيث إن) منه (الحفظ)، أي حفظ الوجود (لما خلق) بهمته التي هي في حقيقة الأمر نفس القوة الإلهية القيومة عليه (له أن يقول) من هذا الوجه (أنا الحق) .
إذ هذا القول إذا صدر منه إنما يصدر أولا عن تلك القوة الإلهية التي هو قائم بها صدورا حقيقيا ثم يصدر بطريق المجاز عن العارف نفسه صدورا ثانيا هو محل الالتباس وفتنة أهل الظاهر من عامة المؤمنين.
(ولكن ما حفظه)، أي العارف (لها)، أي تلك الصورة التي صدرت عن قوة الله تعالى هو قائم بها المسماة بهمته هو .
(حفظ الحق) تعالی بعينه لتلك الصورة بل بينهما فرق (وقد بينا)، أي كشفنا و أوضحنا (الفرق) هنا بين حفظ الله تعالی لتلك الصورة وحفظ ذلك العارف لها، وذلك ما تقدم من وجود الغفلة في العارف إذا شهد حضرة ما بعد ضبطه جميع الحضرات حيث صارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
وتميز حفظ الله تعالى عن حفظ ذلك العارف، فإن حفظ العارف لمحة من لمحات حفظ الحق تعالی.
وحفظ الحق تعالى هو الباقي الدائم على حسب ما يريد سبحانه ، فإذا لاحظ العارف تلك اللمحة فصدق بها في قوله :" أنا الحق" لا يلزم أن يكون حفظه لتلك الصورة هو حفظ الحق تعالى لها في جميع اللمحات . حتى يصح له قوله : "أنا الحق دائما" .  
وقد بينه بقوله : (ومن حيث ما غفل)، أي غفلته يعني العارف (عن صورة ما) من تلك الصور (و) عن (حضرتها)، أي حضرة تلك الصورة (فقد تمیز) حينئذ (العبد) بالغفلة (من الحق تعالی) الذي لا يغفل أبدا .
(ولا بد أن يتميز) العبد من الحق تعالی أيضا (مع بقاء الحفظ لجميع) تلك (الصور) الصادرة عن العارف (بحفظ) العارف (صورة واحدة منها)، أي من تلك الصور (في) شهود (الحضرة) الإلهية (التي ما غفل عنها فهذا حفظ) من العارف لتلك الصور (بالتضمن)، أي حاصل في الضمن حفظه لتلك الصورة الواحدة منها .
(وحفظ الحق) تعالی (ما خلق) بهمة ذلك العارف من جميع الصور (ليس كذلك)، أي ليس هو بالتضمن (بل حفظه سبحانه لكل صورة) حفظ حاصل منه تعالى (على التعيين) كل صورة بالاستقلال.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله تعالى بغارون على مثل هذا أن يظهروا) وإنما يغارون من أن يظهروا بالخفية بما أوضحه من السر (لما) ثبت (فيه) أي في إظهار هذا السر . (من رد دعواهم أنهم الحق) من حيث إيجادهم شيئا وإنما رد دعواهم بهذا السر (فإن الحق لا يغفل) عن شيء أصلا (والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول أنا الحق) كما قال المنصور رحمه الله ولم يزل من هذا القول لعدم ظهور هذا الفرق له بغلبة نور الحق له .
(ولكن ما حفظه) أي ليس حفظ العبد (لها حفظ الحق) لما خلق (وقد بينا الفرق بين حفظ الحق وحفظ العبد فهم يغارون بهذا الفرق من أن يظهروا بدعوى الربوبية (ومن حيث أنه ما غفل) أي ومن حيث غفلة العبد فما مصدرية (عن صورة ما وحضرتها) .
وعن الحضرة التي ثبت الصورة فيها (فقد تميز العبد من الحق) من هذا الوجه، وهو الغفلة في العبد وعدم الغفلة في الحق (ولا بد أن يتميز) العبد من الحق (مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظ صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل)، العبد (عنها) أي عن الحضرة التي كانت الصورة فيها.  (فهذا) الحفظ (حفظ بالتضمن وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين )


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
واضح
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال رضي الله عنه : « وقد أوضحت هنا سرّا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر ، لما فيه من ردّ دعواهم أنّهم الحق ، فإنّ الحق لا يغفل والعبد لا بدّ له أن يغفل عن شيء دون شيء ، فمن حيث الحفظ لما خلق ، له أن يقول : « أنا الحق » ولكن ما حفظه لها حفظ الحقّ  .
قال العبد : إنّما يغارون على ظهور مثل هذا السرّ على أن يطَّلع عليه الدخيل المدّعي فيعلم الفرق بين الخلقين والحفظين فيردّ عليهم .
قال رضي الله عنه : « فقد بيّنّا الفرق ، ومن حيث ما غفل عن صورة أو حضرتها فقد تميّز العبد من الحق ، ولا بدّ أن يتميّز - مع بقاء الحفظ لجميع الصور - بحفظه صورة ما واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها ، فهذا حفظ بالتضمّن ، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك ، بل حفظه لكلّ صورة على التعيين"
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الإنسان الكامل هو الجامع لجميع الحضرات ، فإذا غاب عن الحسّ ودخل عالم المثال ، فإنّ حضوره يستصحب معه صورة ما غاب عنه في الحسّ بعد خلقه بهمّته ، فيحضر بمثال صورة ما غفل عنه ، فيبقى ذلك المخلوق في الحسّ موجودا ، وهذا ليس إلَّا للجامع الكامل ، وله درجة القرآنية الجمعية الأحدية ، والأبرار والمتّقون بالتقوى العرفي يجعل الله لهم فرقانا ،والمقرّبون لهم القرآن الجامع ، وفرقانهم أرفع فرقان وتقواهم أعظم تقوى.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة، ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة وصارت الصورة تحفظ بعضها بعضا ، فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات حافظ لما فيها من صورة خلقه انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها ، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص).
قد علمت أن الصورة الحسية الخارجية آخر مراتب الوجود ، والصورة
التي قبلها صورها فهي كالروح لها فإذا كان للعارف الإحاطة بالحضرات كلها يكفيه حضورها في واحدة من تلك الحضرات .
فإن تلك الصور حافظة بعضها بعضا أي العالية تحفظ ما تحتها ، فإذا شهدها في حضرة واحدة منها انحفظت الجميع ، لأن الغفلة ما تعم قط بحيث يغفل عن كل شيء لا يحضر صاحبها شيئا ما ولو نفسه لا في عموم الناس ولا في خصوصهم ففي أي حضرة حضر العارف حفظ صورة فيها فانحفظت الخارجية بها .
أو لأن غفلة العارف لا تعم في العموم ، أي في عموم الصور لشهوده واحدة منها ، ولا في الخصوص لحفظه كل واحدة منها بواسطة حفظ البعض.
""إضفة بالي زادة :    ( بصورة في كل حضرة ) لأن هذا العارف يخلق ذلك الخلق من مقام الجمع ، فيكون موجودا على صورته في كل حضرة بقدر نصيبه وصارت الصور تحفظ بعضها بعضا ، لأنه إذا كان الخلق بصورته موجودا في كل حضرة فقد تحفظ الهمة الصورة التي لا يغفل العارف عن حضرتها ، وتحفظ باقي الصور بالصورة المحفوظة بالهمة لوجوب التطابق بين الصور ، وهو معنى قوله : فإذا غفل العارف إلخ .
الهمة إذا تعلقت بما ليس بحاصل في الوقت فإنها تطلب النفوذ إلى مشاهدة من تعلقت به وتحصيله ، وإذا رأى صاحب الهمة مطلوبه في نفسه زالت همته وانكسرت عن طلب النفوذ ، وهو قوله :قد يرحل المرء لمطلوبه والسبب المطلوب في الراحلفإذا انكشف لك أن مطلوبك ليس غير عينك وعينك ما فارقك ، فما يبقى لهمتك متعلق . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها ، فهذا حفظ بالتضمن ، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين
أي الإنسان الكامل الجامع للحضرات كلها إذا غاب عن مخلوقه في حضرة الحس شهده في حضرة المثال أو في أعلى منها ، فمثل الحضرة التي حفظه فيها مثل الكتاب الجامع لكل ما وقع وما يقع ، فلا بد وأن يكون ذلك الإنسان قرآنا جامعا للحضرات كلها وله مرتبة في القرآنية ، أي الجمعية الأحدية ، وإلا لم يعرف ذلك ولم يمكنه.
""إضفة بالي زادة : ( فهو ) أي الكتاب المذكور الجامع وهذه الحضرة ( مثل ) ذلك ( الكتاب ولا يعرف ) ذوقا وحالا وتحققا ( ما قلناه إلا من كان قرآنا ) جامعا جميع الحضرات بارتفاع حجب أنيته بالفناء في الله ، فمن كان قرآنا ( في نفسه ) يصل هذه المسألة ذوقا وحالا ، وأما من لم يصل إلى مقام الجمع فهو يصل إلى مجهوله علما بسماع هذه المسألة منه ، ثم يطلب الذوق والشهود بالفناء في الله ، وإنما لا يعرفه إلا هذا الشخص ( فإن المتقى باللَّه يجعل له فرقانا ) نورا في قلبه يميز بين العبد والحق ، ويصل إلى مقام القرآنية .اهـ  بالى زاده. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه  : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر) وهو إيجاد العبد بهمته أمرا ما، وحفظه إياه عند عدم الغفلة عنه. وإنما يغارون عليهمن أن يظهر.
(لما فيه) أي، في ذلك السر من رد دعواهم أنهم الحق.
(من دعواهم أنهم الحق) أي، دعواهم أنهم متحققون بالحق، فانون فيه بفناء جهة عبوديتهم في الجهة الربوبية.
(فإن الحق لا يغفل، والعبد لا بد له أن يغفل عن شئ دون شئ، فمن حيث الحفظ لما خلق)
أي، فمن حيث إيجاده وحفظه لما أوجده. (له أن يقول: أنا الحق). إذا الخالق والحافظ هو الحق. ولما كان العبد لا يزال متميزا من الرب، بين الفرق بقوله: (ولكن ما حفظه لها حفظ الحق المبين). أي، ليس حفظ العبد لتلك الصورة كحفظ الحق لها.
(وقد بينا الفرق) أي، بين حفظ الحق وحفظ العبد. وهو أن العبد لا بد له من الغفلة عن بعض الحضرات، وحفظه لتلك الصورة فيها بالتضمن والتبعية. بخلاف الحق، فإن له الحضور دائما مع جميع الحضرات، إذ (لا يشغله شأن عن شأن.)
(ومن حيث ما غفل عن صورة ما) (ما) مصدرية.
أي، ومن حيث غفلته (عن صورة ما. وحضرتها).
أي، عن تلك الصورة الثابتة في حضرة من الحضرات وحضرتها.
(فقد تميز العبد من الحق، ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور لحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن).
إذ حفظه لها حينئذ إنما هو بسبب حفظه صورة واحدة من تلك الصور التي في الحضرات وفي ضمن حفظها.
(وحفظ الحق ما خلق) أي، الذي خلق. (ليس كذلك، بل حفظه لكل صورة على التعيين). إذ لا يغفل عن شئ من الأشياء أصلا.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق. ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.  ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا) أي في مسألة حفظ العارف صورة ما خلقه عند غفلته عن بعض الحضرات (سرا) وهو أن العارف وإن بلغ ما بلغ في ضبط الحضرات، واتساع القلب الأنواع التجليات المؤثرة فيما سواه، يجوز أن يغفل عن بعضها ابتداء، أو دواما مع ما له من الفعل بالهمة في الحفظ (ولم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه) أي: في إظهاره (لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق) أي: صور كاملة للحق عند خلقهم بالهمة لا يتميزون عنه إلا بالوجوب الذاتي الذي له، والافتقار إليه الذي لهم؛ (فإن الحق لم يغفل) أي: لا تجوز له الغفلة أصلا عن حضرة ما، (والعبد) وإن بلغ ما بلغ (لابد له) من جواز (أن يغفل عن شيء دون شيء)؛ فلا يكون صورة للحق تامة المطابقة معه.
وإن كان أكمل ما يمكن في حق البشر فهو ذو جهتين (فمن حيث الحفظ لما خلق) ولو باعتبار حفظه في بعض الحضرات (له أن يقول: أنا الحق) أي: صورة الحق والمظهر الكامل له، (ولكن) مع كمال مظهريته (ما حفظه) أي: حفظ ذلك العارف (لها) أي: لتلك الصورة مثل (حفظ الحق) لما خلقه بل بينهما فرق، (وقد بينا الفرق) فيما تقدم بأن حفظ الحق بذاته، وحفظ العبد بالهمة وأيضا بينهما فرق آخر.
التعيين، وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب؛ فهي يتيمة الوقت وفریدثه فإياك أن تغفل عنها.
(من حيث ما غفل) أي: من حيث جواز الغفلة على العبد ووقوعها مع عدم ذلك على الحق (عن صورة ما) من صور ما خلق (وحضرتها) أيضا مع كونها كلية بعد أن تقع للكامل الغفلة عن مثلها .
(فقد تميز العبد من الحق) بما ذكرنا من الفروق (ولا بد أن يتميز) العبد من الحق بوجه آخر من حيث هو حافظ، وإن كان له أن يقول من ذلك الوجه: أنا الحق، بالمعنی المذكور؛ فهو متميز عن الحق أيضا (مع بقاء الحفظ لجميع الصور) لا من حيث هو حافظ الجميعها إذ يضعف التميز بينهما حينئذ؛ بل حفظه لجميعها (بحفظه صورة واحدة منها) أي: من الصور التي خلق في الحضرات كلها حيث كان مستحضرا لها.

فلما غفل عن بعضها فحفظ جميعها (بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها، وهذا) أي: (حفظ) العبد جميعها بحفظه واحدة منها حفظ الجميع (بالتضمن وحفظ الحق ما خلق) في أي: حضرة كان، وسواء كان في حضرة أو حضرات (ليس كذلك) أي: ليس بالتضمن (بل حفظه لكل صورة) في جميع الحضرات بقصد حفظها على التعيين، وهذه المسألة التي ذكرنا في حفظ العبد صور ما خلق، وما فيه من الفروق بين الرب والعبد.
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأربعاء 3 أبريل 2019 - 15:36 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثامنة عشر : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد أوضحت هنا سرّا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر ) فإنّه الكاشف عن الجهة الامتيازيّة الفارقة بين الحقّ والعبد في مرتبة الفعل والخلق .
وذلك ( لما فيه من ردّ دعواهم أنهم الحقّ فإنّ الحق ) لتقدّسه عن التلبّس بأحكام المراتب والمجالي ( لا يغفل ، والعبد ) لجمعيّته واحتيازه للكلّ.
( لا بدّ له أن يغفل عن شيء دون شيء ، فمن حيث الحفظ لما خلق ، له أن يقول : « أنا الحقّ » ) . وقوله حقّ بحسب الذات والعين ، فإنّ التميّز بحسب الأحكام والآثار .
وإليه أشار قوله : ( ولكن ما حفظه لها حفظ الحقّ ، وقد بيّنا الفرق ) بين الحفظين ، ( ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها ) أي العين الواحدة من الغفلة عن الصورة المخلوقة وحضرتها ( فقد تميّز العبد من الحقّ ) .
هذا على تقدير عدم بقاء الحفظ ، ( ولا بدّ أن يتميّز مع بقاء الحفظ لجميع الصور ) أيضا ( بحفظه ) أي حفظ العبد .
(صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها فهذا حفظ بالتضمّن ، وحفظ الحقّ ما خلق ليس كذلك ،بل حفظه لكلّ صورة على التعيين).
فعلم أنّ ملاك الأمر في التفرقة والتمييز بحسب الأحكام والآثار لا غير كما قيل : « العين واحدة ، والحكم مختلف » وذلك أيضا بمجرّد الاعتبار ، فإنّ مخلوقي العبد والحقّ محفوظان ، إلَّا أنّ الأوّل بالتضمّن والثاني بالتعيين ، وذلك تفصيل يعتبره العقل .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.  ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء. فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق. ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.)
(وقد أوضحت هنا سر) و هو عروض الغفلة للعارف عن بعض الدورات (لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا) السر.
(أن يظهر لما فيه)، أي في خلفوز ذلك السر (من رد دعواهم أنهم الحق فإن الحق سبحانه (لا يغفل) عن حضرة ما أبدا (والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء) في وقت دون وقت (فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول: أنا الحق)، لأن خلق ما خلق وحفظه له إنما هو من حيث كونه حقا لا من حيث كونه عبدا.
(ولكن ما حفظه لها)، أي ليس حفظ العبد صورة ما خنته مماثلا من كل الوجوه (حفظ الحق) سبحانه (وقد بينا الفرق) بين الحنين (من حيث ما غفل العبد)، أي من حيث غفلته (عن صورة ما وحضرتها وعدم حفظه لما خلق).
(فقد تميز العبد من الحق) تميزة ظاهرة من وجهين:
أحدهما : عروض الغفلة له.
وثانيهما : عدم انحفاظ مخلوقه هذا على تقدير عدم بناء الحفظ.
وأما على تقدير بناء الحفظ فهو وإن أشار إلى تميز العبد عن الحق ببيان الفرق بين الحفظين لكنه أعاده مرة أخرى لزيادة تفصيل.
فقال : (ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور لحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها فهذا هو حفظه) لما خلق (بالتضمن).
أي حفظ صورة ما خلق في حضرته إنما وقع في ضمن ما حفظ صورة أخرى في حضرة أخرى (وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الجمعة 5 أبريل 2019 - 6:48 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الجمعة 5 أبريل 2019 - 6:44 من طرف الشريف المحسي

الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه :  وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه :   (وهذه) المسألة التي هي بيان هذا السر الذي لم يزل أهل الله تعالى يغارون عليه أن يظهر ومسألة خلق العارف بهمته (مسألة أخبرت)، أي أخبرني مخبر من الغيب أو الشهادة (أنه)، أي الشأن (ما سطرها) أي كتبها (أحد) من أهل طريقتنا (في كتاب) أصلا (لا أنا) فيما لي من الكتب قبل هذا الكتاب (ولا غيري إلا في هذا الكتاب) الذي هو فصوص الحكم .
(فهي)، أي هذه المسألة (يتيمة الوقت) حيث ظهرت فيه بلا مثيل لها (وفريدته)، أي الوقت حيث انفردت فيه دون غيره من الأوقات (فإياك) يا أيها العارف (أن تغفل عنها)، أي عن هذه المسألة التي نبهتك عليها .
(فإن تلك الحضرة) الإلهية (التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة التي هي) محفوظة بتلك الحضرة (مثلها) من حيث كونها حافظة بطريق التضمن لجميع تلك الصور كما تقدم بيانه (مثل الكتاب) العزيز (الذي قال الله) تعالى (فيه)، أي في وصفه (ما فرطنا)، أي ما نقصنا وما تركنا (في الكتاب) وهو القرآن العظيم (من شیء) إذ كل شيء فيه من الأزل إلى الأبد.
الأشياء المعلومة له تعالى الموجودة به سبحانه وما سيوجد (فهو)، أي الكتاب (الجامع للواقع)، أي الموجود من جميع الأشياء (وغير الواقع) أيضا من سائر المعلومات الممكنة والممتنعة (ولا يعرف ما قلناه) هنا من الكلام (إلا من كان قرآنا) منزلا من حضرة الحق تعالى (في نفسه)، أي عند نفسه من حيث شهوده الذوقي مما لا يعرفه إلا العارفون.
(فإن المتقي الله)، أي المحترز به تعالی منه بأن احترز من الكفر به بالإيمان به وهي تقوى العوام، ومن معصيته بطاعته وهي تقوى الخواص، ومما سواه بشهوده فيما سواه وهي تقوى العارفين، وهم خواص الخواص.
(يجعل له)، أي للمتقي ما يجمع بين المراتب الثلاث وهي:
التقوى الكاملة (فرقانا) كما قال تعالى : " يا أیها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا" [الأنفال: 29].
والفرقان هو الفارق بين الحق والباطل، ينزله الله تعالى في قلوب الأنبياء عليهم السلام وحيا على قلوب العارفين به من الأولياء والورثة رضي الله عنهم إلهاما ما قال تعالى: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ، ليكون للعالمين نذيرا" [الفرقان: 1].وهو الروح الأمري.
قال تعالى : " يلقى الروح من أمره ، على من يشاء من عباده " [غافر: 15] الآية. وهو تفصيل كل شيء، والقرآن مجمله، فمن كان قرآنا في نفسه التي إذا عرفها عرف ربه كما ورد في الأثر، كان فرقانا في صورته الظاهرية والباطنية .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذه) أي وهذه المسألة التي أخبرتك (مسالة أخبرت) في عالم المثل "المثال" كما أخبرتك في عالم الحس .
(أنه) أي الشأن (ما سطرها احد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب فهي) أي هذه المسألة (يتيمة الوقت وفريدته فإياك أن تغفل عنها) وإنما أوصى أن لا تغفل عن هذه المسألة (فإن تلك الحضرة التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة مثلها) أي مثل تلك الحضرة (مثل الكتاب الذي قال الله تعالى فيه) أي في حقه "ما فرطنا فى الكتاب من شيء" . وقال الله تعالى فيه: "ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب" [الأنعام: 59]  .
فإذا شاهدت تلك الحضرة التي تبقي لك الحضور فيها مع الصورة فقد شاهدت جميع ما في باقي الحضرات من الصور فإنها كتاب جامع لجميع ما في الحضرات (فهو) أي الكتاب الذي قال الله تعالى فيه:" ما فرطنا في الكتاب" [الأنعام: 38].
(الجامع للواقع) أي ما كان في الخارج (وغير الواقع) في الخارج وهذه الحضرة مثل ذلك الكتاب في الجامعية فلا تغفل عنها (ولا يعرف) ذوقا وحالا وتحققا (ما قلناه إلا من كان قرآنا) أي جامعا (في نفسه) جميع الحضرات بارتفاع حجب أنية بالفناء في الله . فمن كان قرآنا في نفسه يصل إلى هذه المسألة ذوقا وحالا .
وأما من لم يصل إلى مقام الجمع فهو بصل إلى مجهوله علما بسماع هذه المسألة منه ثم يطلب الذوق والشهود بالفناء في الله وإنما لا يعرفه إلا هذا الشخص (فإن المتقي الله) أي فإن من يتقي الله بأن لا يشرك معه شيئا في أفعاله وصفاته وذاته بإسناده جميعها إليه تعالى لا إلى غيره .
(يجعل) الله تعالى له (فرقانا) أي نورا في قلبه يعرف به ويميز بين العبد والحق ويصل به إلى مقام القرآنية فيعرف ما قلناه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
واضحة.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
وهذه مسألة أخبرت أنّه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلَّا في هذا الكتاب ، فهي يتيمة الوقت و فريدته ، فإيّاك أن تغفل عنها ، فإنّ تلك الحضرة - التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة – مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه : " ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْءٍ " ، فهو الجامع للواقع وغير الواقع ، ولا يعرف ما قلناه إلَّا من كان قرآنا في نفسه ".
، وهذه مسألة أخبرت أنّه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلَّا في هذا الكتاب ، فهي يتيمة الوقت و فريدته ، فإيّاك أن تغفل عنها ، فإنّ تلك الحضرة - التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة – مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه : " ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْءٍ " ، فهو الجامع للواقع وغير الواقع ، ولا يعرف ما قلناه إلَّا من كان قرآنا في نفسه ".
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الإنسان الكامل هو الجامع لجميع الحضرات ، فإذا غاب عن الحسّ ودخل عالم المثال ، فإنّ حضوره يستصحب معه صورة ما غاب عنه في الحسّ بعد خلقه بهمّته ، فيحضر بمثال صورة ما غفل عنه ، فيبقى ذلك المخلوق في الحسّ موجودا ، وهذا ليس إلَّا للجامع الكامل ، وله درجة القرآنية الجمعية الأحدية ، والأبرار والمتّقون بالتقوى العرفي يجعل الله لهم فرقانا ،والمقرّبون لهم القرآن الجامع ، وفرقانهم أرفع فرقان وتقواهم أعظم تقوى
قال رضي الله عنه : "فإنّ المتّقي الله يجعل له فرقانا ، وهو مثل ما ذكرنا في هذه المسألة فيما يتميّز به العبد من الربّ ، وهذا الفرقان أرفع فرقان " .
قال رضي الله عنه :« فوقتا يكون العبد ربّا بلا شكّ » .يعني : الربوبية العرضية - من كونه ربّ المال والملك والملك - عرضت للعبد منه ، فحالت بينه وبين تحقّقه بالعبدانية المحضة التي ما شابها ربوبية ، ولا شأنها تصرّف وألوهية .
قال رضي الله عنه : « ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك »
يشير - رضي الله عنه - : إلى أنّ العبد إذا شاب عبوديته ربوبيّته ، فعبوديته وعبدانيته بالإفك ، ما هي خالصة ، لأنّ العبدانية لو كانت خالصة لله ما شابها ربوبية ، كما يكون العبد في وقت لا يتّصف فيه بالربوبية ، ولم يضف إلى نفسه فعلا ولا أثرا ، وأمسك عن التصرّفات النفسية إلَّا ما أمر به الشرع ، فافهم .
ثم اعلم : أنّ الوقت الذي يكون العبد الكامل فيه ربّا هو وقت خلافته عن الله ، فإذا نصّ على خلافته فهو الجامع إذن بين العبودية العظمى والربوبيّة الكبرى ، عبد لله ربّ للعالمين بالخلافة ، فإنّ الخليفة على صورة مستخلفه ، وربّه يخلقه ربّا للعالمين ، وصورته التي خلقه - أي الخليفة - عليها هي الربوبية ، فافهم .
والوقت الذي يكون العبد عبدا بلا إفك هو زمان استخلافه لله بعد أنّ الله كان مستخلفا له ، وكان خليفة الله ، فصار مستخلفا لمستخلفه تحقّقا بالعبودية العامّة والمعرفة التامّة .
كقوله صلَّى الله عليه وسلم في هذا المقام : «اللَّهمّ أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل» فخلَّف الله على أهله ، وهو صاحبه في سفره إليه ومنه وفيه ، فافهم ، فهو الجامع بين الخلافة والاستخلاف ، وهو مقام الخلَّة العظمى ، الذي أشار إليه الخليل ، إنّما كنت خليلا من قراء وراء ، وهو ظاهر الخلافة المحمدية اذهبوا إلى محمّد ، فإنّه الخليل والحبيب ، فإنّ الخليفة إذا شغل بخلافته لله ، أحبّه الله .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر أمره - وهو على الطرفاء:
"إنّي أبرأ إلى الله أن أتّخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا ، إنّ الله اتّخذني البارحة خليلا كما اتّخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت مفاتيح خزائن السماوات والأرض".

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه : وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيرى إلا في هذا الكتاب ، فهي يتيمة الوقت ) وفريدته ظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإياك أن تغفل عنها ، فإن الحضرة التي تبقى لك الحضور فيها مع الصورة مثلها مثل الكتاب ، قال الله فيه: " ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْءٍ ".فهو الجامع للواقع وغير الواقع فلا يعرف ما قلناه إلا من كان قرآنا في نفسه ) .
أي الإنسان الكامل الجامع للحضرات كلها إذا غاب عن مخلوقه في حضرة الحس شهده في حضرة المثال أو في أعلى منها ، فمثل الحضرة التي حفظه فيها مثل الكتاب الجامع لكل ما وقع وما يقع ، فلا بد وأن يكون ذلك الإنسان قرآنا جامعا للحضرات كلها وله مرتبة في القرآنية ، أي الجمعية الأحدية ، وإلا لم يعرف ذلك ولم يمكنه
""إضفة بالي زادة : ( فهو ) أي الكتاب المذكور الجامع وهذه الحضرة ( مثل ) ذلك ( الكتاب ولا يعرف ) ذوقا وحالا وتحققا ( ما قلناه إلا من كان قرآنا ) جامعا جميع الحضرات بارتفاع حجب أنيته بالفناء في الله ، فمن كان قرآنا ( في نفسه ) يصل هذه المسألة ذوقا وحالا ، وأما من لم يصل إلى مقام الجمع فهو يصل إلى مجهوله علما بسماع هذه المسألة منه ، ثم يطلب الذوق والشهود بالفناء في الله ، وإنما لا يعرفه إلا هذا الشخص ( فإن المتقى باللَّه يجعل له فرقانا ) نورا في قلبه يميز بين العبد والحق ، ويصل إلى مقام القرآنية .اهـ  بالى زاده. ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن المتقى باللَّه يجعل له فرقانا) أي المتقى بالتقوى العرفي يجعل له فرقانا : أي فارقا بين الحق والباطل ونصرا عزيزا على حسب تقواه ، فيتميز به الحق من الخلق في الصفات والأفعال ، وهذا الفرقان هو الفرق بعد الجمع ، وهو درجة المقربين الكمل الذين تقواهم أعظم تقوى وفرقانهم أرفع فرقان .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فهذه مسألة أخبرت) أي، أخبروني في الكشف. (أنه ما سطرها أحد في كتاب، لا أنا ولا غيري، إلا في هذا الكتاب، فهي يتيمة الوقت و فريدته. فإياك أن تغفل عنها). أي، عن هذه المسألة وحقيقتها.
قوله: (فإن تلك الحضرة التي تبقى لك الحضور فيها مع الصورة مثلها) أي، مثل تلك الحضرة.
(مثل الكتاب الذي قال الله تعالى فيه: (ما فرطنا في الكتاب منشئ).) .
تعليل الوصية، وتشبيه تلك الحضرة بالكتاب الجامع الإلهي الذي قالتعالى فيه: (لا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين).
وهو اللوح المحفوظ. فإن العارف إذا أعطى حق حضرة من الحضرات وتوجه بسره إلى معرفة أسرارها،يلوح منهما أسرار باقي الحضرات، فيكون تلك الحضرة بالنسبة إليه كالكتاب الجامع لكل شئ.
(فهو الجامع للواقع وغير الواقع).  وذلك الكتاب هو الجامع لكل ما وقع ويقع إلى الأبد.
(ولا يعرف ما قلناه إلا من كان قرآنا في نفسه). أي، كتابا جامعا للحقائق كلها في نفسه.
فإنه إذا عرف جمعيته وقرأ من كتاب حقيقته التي هي نسخة العالم الكبير جميع كلمات الله التي هي حقائق العالم مفصلا، عرف جمعية كل من الحضرات، وما أشرنا إليه من أن تلك الحضرة كالكتاب المبين بالنسبة إليه.
(فإن المتقى الله يجعل له فرقانا). أي، فإن الذي يتقى الله، يجعل الله له فرقانا.
وهذا تعليل مشتمل على التعليم. وهو أن من يتق الله ولم يثبت غيرا و لميشرك في ذاته وصفاته وأفعاله، يجعل الله له فرقانا، أي، نورا في باطنه فارقا بين الحق والباطل، ويعلم الحق ومراتبه وأحكامه في مواطنه ومقاماته.
وهو إشارة إلى قوله تعالى: (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ذنوبكم). وقوله: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب.)
وللتقوى مراتب : فإن تقوى العوام، الإتقاء عن النواهي. وتقوى الخواص، الإتقاء عن إسناد الكمالات إلى أنفسهم والأفعال والصفات إليها.
وتقوى الأخص من الكمل، الإتقاء عن إثبات وجود الغير مع الحق فعلا وصفة وذاتا.
وهذه مراتب التقوى لله. وهو قبل الوصول إلى مقام الجمع.
وأما مراتب التقوى بالله وفي الله، فهو إنما يكون عند البقاء بعد الفناء.
ولكل مرتبة من مراتب التقوى فرقان يلزمها. فأعظم الفرقانات ما يكون في مقام الفرق بعد الجمع.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه : وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب فهي يتيمة الدهر وفريدته.  فإياك أن تغفل عنها )
(مسألة أخبرت أنه ما يسطرها أحد في كتاب)، وإن اطلع بعضهم عليها، (لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب؛ فهي يتيمة) الفرق (والوقت وفريدته، فإياك أن تغفل عنها) إذ ها يطلع على الفرق بين العبد والرب مع الجمع بينهما في الحضرة التي ما غفل عنها، فصار كأنه لم يغفل عن حضرة ما .
""علل الشيخ الوصية بعدم الغفلة عن هذه المسألة بقوله: «فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها  ..""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا»  ).
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه وتتسع الآمال منه بلا شك ويعجزعما طالبوه بذاته لذا برى بعض العارفين به تبكي فگن عبد رب لا تكن رب عبده فتذهب بالتعليقي في النار والسبك
(فإن تلك الحضرة التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة) الحافظة لصور سائر الحضرات (مثلها مثل الكتاب) أي: القرآن (الذي قال الله فيه: "ما فرطنا في الكتاب من شيء إلى ربهم يحشرون" [الأنعام: 38]) مع أن بعض العلوم وجزئيتها ليس فيه بالتصريح، (فهو) أي: الكتاب هو (الجامع للواقع) أي: المصرح به صريحا (وغير الواقع) أي: غير المصرح به ضما، فكذا هذه الحضرة جامعة لما وقع فيها من الصورة بالتعيين، ولما لم يقع فيها بالتضمن، (ولا يعرف) بالذوق والمشاهدة؛ بل بالعلم في بعض الأحوال
(ما قلناه ) من الفرق بين الحق والعبد من حيث حفظه للصور كلها بحفظه صورة واحدة منها في حضرة ما غفل عنها (إلا من كان قرآنا) أي: مظهرا جامعا يرى كلا من الحق والخلق في الأخر مع أنه يتقي من رؤية حلول أحدهما في الأخر واتحاده به، (فإن المتقي الله) من رؤية الحلول والاتحاد عند اجتماعهما.
(يجعل له فرقانا) أي: يعطيه التفرقة بين الحق والخلق عند اجتماعهما، فيحصل في الفرق مع الجمع.
.

يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الجمعة 5 أبريل 2019 - 6:51 من طرف الشريف المحسي

الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة التاسعة عشر: الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
( وهذه مسألة ) هي الفارقة في مرتبة الفعل ، الجامعة فيها لعلوّ حكمها ونفاسة مقصدها ( أخبرت أنّه ما سطرها أحد في كتاب - لا أنا ، ولا غيري - إلَّا في هذا الكتاب ) لعدم بلوغ الزمان إلى ما يقتضي إبراز الحقائق  .
وإظهار أسرارها بما هي عليه ، فإنّه من خصائص الوقت الختمي ، ولطائف مولَّداته ، التي لم يكن يلد الزمان ما يتولَّد منه ذلك ( فهي يتيمة الوقت فريدته ) .
ثمّ لا مرية أنّه إذا كان مبدأ التمايز والتفرقة ، ومنشأ التفصيل والمغايرة ليس إلَّا مجرّد الآثار والأحكام الاعتباري ، فتكون العين الواحدة مما لا يمكن أن يتفرّق ويفصل في نفسها ، فسائر الحضرات إنّما هو العين الواحدة التي تتكلَّم وتخاطب ، وإليه أشار مخاطبا : ( فإيّاك أن تغفل عنها ، فإنّ تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة ، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه :" ما فَرَّطْنا في الْكِتابِ من شَيْءٍ "[6/ 38].
وذلك من حيث أنّها هي الجامعة بين كمال تفصيل الصور، وتمام تبيين المعاني، كالكتاب، ( فهو الجامع للواقع ) مما يمكن أن يكون له في النشأة الخارجة عن المشاعر صورة ظهرت ، أو لم تظهر ( وغير الواقع ) مما لا يمكن له ذلك ، كالمعاني العقليّة والمثل الخياليّة التي يمتنع لها البروز عن مواطنها ذلك ، ويستحيل أن يظهر في هذه النشأة الخارجية .
( ولا يعرف ما قلناه ) من أنّ الكلّ إنّما هو من العين الواحدة المسماة بالعبد - وإن اختلفت النسب والعبارات بحسب الاعتبارات .
( إلَّا من كان قرآنا في نفسه ) جامعا بين تمام التفرقة وكمال الجمع ، شاهدا في عين العبد ، الكاشفة عن تمام البعد كنه القرب من الحقّ بعينه ( فإنّ المتّقى ) الذي جعل عينه وقاية للحقّ في الذم ، والحقّ وقاية لعينه في الحمد  ( الله يجعل له فرقانا) حتّى يتمكَّن من التفرقة بين الذمّ والنقص ، والتفرقة والبعد ، وبين الحمد والكمال ، والجمعيّة والقرب.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء»[الأنعام: 38].  فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» )  
قال الشيخ رضي الله عنه : وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين وهذه مسألة أخبرت) من جانب الحق تعالى (أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في في هذا الكتاب فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» فهو الجامع للواقع وغير ا قرآنا في نفسه فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا»)
هذا الكتاب فهي يتيمة الوقت وفریدنه فإياك أن نغفل عنها) وعلل رضي الله عنه الوصية بعدم الغفلة عن هذه المسألة.
بقوله : (فإن تلك الحضرة التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة)، أي صورة ما خلقه (مثلها)، أي حالها وشأنها (مثل الكتاب الذي قال الله) تعالى (فيه)، أي في شأنه (وما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام: 38].
وإذا لم يفرط فيه من شيء (فهو الجامع للواقع) في الماضي والحان (وغير الواقع في الماضي والحال الذي يقع إلى الأبد في الاستقبال فكذلك تكون تلك الحضرة جامعة للصور الواقعة فيها و للصور الغير الواقعة فيها الواقعة في سائر الحضرات فإنها كالأثر من الحضرات التي تخصها فنعلم بها كما يعرف الأثر بالمؤثر.
أو نقول الحشرات كلها صور للحقائق الإلهية مرتبة بعد مرتبة، وكل واحدة منها متحدة مع سائرها من حيث تلك الحقائق.
فمعرفة كل واحدة منها على ما هي عليه تستتبع معرفة الباقية، فالحضرة الخاصة التي يحضر معها العارف مثلها مثل الكتابة الذي لم يفرط فيه من شيء .
(ولا يعرف) معرفة ذوق و وجدان (ما قلناه) من عدم التفريط في الكتاب من شيء ومماثلة الحضرة الخاصة التي يحضر معها العارف لذلك الكتاب (إلا من كان قرآنا في نفسه) جامعا للحضرات كلها تحقيقا و اجدا أحكامها في ذاته وإنما يعرف من كان قرآن في نفسه ما قلناه .
(فإن المتقي الله) يعني المتحقق بحقيقة الاتقاء الحائز بالتحقق بها مرتبة الجمعية القرآنية، فإن حقيقة الاتقاء هی: اتخاذ العبد الحق سبحانه وقاية لذاته وصفاته وأفعاله بإتصافها إليه سبحانه وانقطاع نسبتها من العبد .
وليست الجمعية القرآنية إلا ذلك (يجعل) الله (له فرقانا)، أي نورا في باطنه فارقة بين الحقائق التي من جملتها ما قلناه فلا جرم يعرفه . (وهو)، أي الفرقان الذي يجعله الله تنتقي

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة السبت 6 أبريل 2019 - 1:03 من طرف الشريف المحسي

الفقرة العشرون الجزء الأول السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العشرون : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان. ...   فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك .... فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك ... فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك ....  ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك ... ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي .... فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو)، أي الفرقان الذي يجعل للمتقي (مثل)، أي نظير (ما ذكرناه في هذه المسألة) المتقدم بيانها (فيما يتميز به العبد من الرب) ففي المسألة المتقدمة يتميز العبد بالغفلة والرب بعدمها، والعبد بالحفظ الضمني والرب بالحفظ الاستقلالي.
وهنا يتميز العبد بالتفصيل في الفرقان والرب بالإجمال في القرآن والإجمال وراء التفصيل.
قال الله تعالى: "والله من ورائهم محيط . بل هو قرآن مجیك . في لوح محفوظ ) [البروج: 20 - 22].
(وهذا الفرقان) الذي يجعله الله تعالى هدى للمتقين بالمراتب الثلاث (أرفع فرقان) بالنسبة إلى الفرقان الذي يجعله له الله تعالی الصاحب المرتبتين الأوليين، لأن هذا الفرقان في مرتبة حق الیقین فوق فرقان عين اليقين وفرقان علم اليقين.
(فوقتا)، أي في وقت (يكون العبد)، أي عبد الله تعالى القائم به سبحانه عند نفسه كشفة وشهودة لا عبد الهوى القائم بالأسباب المعاشية والمعادية (ربا) من حيث فناؤه كله في بصيرته وظهور ربه له في ذوقه وشهوده (بلا شك) عنده في ذلك أصلا إذ الشك بقاء الأنانية ببقاء الرسوم الكونية ، فإذا زالت الرسوم بتجلى الحى القيوم زالت الأنانية فزالت مقتضياتها من النسبة الإدراكية فزال الشك.
لأنه من جملة ذلك (ووقتا)، أي في وقت آخر غير الوقت الأول على حسب ما يعطيه التجلي الدائم من صاحب الملك القائم (يكون العبد)، أي عبد الله المذكور (عبد) على ما هو عليه من مقتضى تجلي الاستتار بعد التجلي الأول تجلي الكشف.
(بلا إفك)، أي كذب وافتراء فإن كل تجلي يعطي مقتضاه على حسب مراد المتجلي الحق تعالى، فإذا تجلى على آثاره بذاته كشف لها عن فنائها الأصلي وبقائه الأزلي الأبدي من غير شك ولا شبهة أصلا.
وإذا تجلى على آثاره بصفاته وأسمائه كشف لها عن وجودها به وثبوتها بقوميته من غير شك ولا شبهة أصلا أيضا، فالتجلي الأول يفنى والثاني يبقى؛ ولهذا كان مقتضى الأول أن الرب ظاهر والعبد باطن في علم ربه الظاهر.
ومقتضى الثاني أن العبد ظاهر والرب باطن في علم عبده الظاهر، وفي قوله : يكون العبد ربة، إشارة إلى اعتبار جانب العبد لا عدم اعتباره بالكلية، وإلا فلا رب حيث لا عبد وبالعكس، لأنهما اسمان إضافيان لا يتحقق أحدهما بدون اعتبار الآخر.
(فإن كان)، أي ذلك العبد المستتر عنه ربه بظهوره (عبدا)، أي قائمة بربه في نفسه على معنى أن نفسه عنده شهادة وربه عنده غيب (كان) في تلك الحالة ذلك العبد (بالحق)، أي بربه الذي هو الحق عنده في غيبه (واسعا) مستقر البال في عيش أرغد يفعل ما يقدر عليه بحسب العادة ولا يمنعه مانع.
(وإن كان)، أي ذلك العبد الذي استترت عنه نفسه بظهور ربه له (ربا)، أي فانية في نفسه بظهور تجلي ربه له على معنى أن ربه عنده شهادة ونفسه عنده غيب (كان) في تلك الحالة ذلك العبد (في عيشه)، أي بقائه في الدنيا (ضنك)، أي ضيق لا يستقر له بال ولا يسكن له حال.
فمن وجه (كونه)، أي ذلك العبد المذكور (عبد) ظاهرة (بری) ذلك العبد (عين نفسه)، أي ذاته فيفرح بها.
(وتتسع الآمال)، أي المقاصد والأماني والأغراض النفسانية منه وحصول كل ما يريد (بلا شك) عنده في ذلك (ومن جهة كونه)، أي ذلك العبد (ربا) ظاهرة كما ذكرنا بعد محق ظلمة وجوده في نور شهوده (يرى الخالق)، أي المخلوق (كله يطالبه) بمقاصده وأغراضه (من حضرة الملك) بالضم، أي الشهادة (والملك) بالفتح، أي الملكوت يعني الغيب .
فإن أهل عالم الملك وأهل عالم الملكوت لهم مرادات وأماني يدعون بها ربهم على كل حال، فيرى ذلك جميع هذه المخلوقات بمقاصدها متوجها إليه .
(ويعجز)، أي ذلك العبد المذكور حينئذ (عما)، أي عن إعطاء ما (طالبوه بذاته)، أي بسبب ذاته، لأنه عبد عاجز، وإن فني وظهر منه رب قادر بعد فنائه .
فإن اعتبار كونه عبدا لا يزول من حضرة علم ربه كما قال موسى عليه السلام فيما حكاه الله عنه "لا يضل ربي ولا ينسى" [طه: 25].
يعني أن الرب المتجلي بالعبد إذا ظهر عند العبد وبطن ذلك العبد فلم يبق له وجود أصلا عنده.
فإن ربه لا يضل عنه ولا ينسى تجليه به، فالعبد عاجز على كل حال (لذا)، أي لأجل ما ذكرنا من عجز العبد مطلقا (تر) يا أيها الإنسان (بعض العارفين به)، أي بالله تعالى ينحصر في نفسه ويضيق عليه حاله حتى (تبكي) من غير سبب يقتضي ذلك في عالم الدنيا غير ما ذكر من رؤية عجزه في نفسه الفانية المختفية في تجلي نور ربه الباقي عن جميع ما تطالبه به العوالم إذا كشف له عنها كذلك.
(فكن) يا أيها العارف (عبد رب)، أي عبدة ظاهرة وربك باطن عنك مستتر بك في الفرق الثاني لا عبدة فقط من غير إضافة إلى رب، فإنها حالة أهل الغفلة المحجوبين في الفرق الأول (لا تكن) يا أيها العارف (رب عبده) الذي هو نفسه بحیث یكون ربك ظاهرا عندك وأنت باطن في غيبه ولم يقل لا تكن ربا هكذا بالإطلاق من غير إضافة إلى عبده.
لأن ذلك غير ممكن لما ذكرنا من أن الرب والعبد اسمان إضافيان، ولأن ذلك زندقة وكفرا بما يتوهم إمكانها ببعض رعاء الناس الأجانب عن هذه الطريقة، وقد وجدنا منهم كثيرا (فتنهب) حينئذ يا أيها العارف (بالتعليق). أي بالاشتعال والتوقد (في النار)، أي نار القهر الإلهي (والسبك) معطوف على التعليق، أي الانسباك يعني الإفراغ في قوالب الشر.
ثم فص الحكمة الإسحاقية


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : وهذا إرشاد وتعليم للطريق الموصل إلى معرفة هذه المسألة (وهو) أي الذي يجعل الله تعالى له فرقانا (مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب) أي يخلق بهمته شيئا ما ويحفظ بالهمة ويفرق بينه وبين ربه بعين ما ذكرناه وأما فتح هذه المسألة وظهوره في الحس فمختص بالشيخ رضي الله تعالی عنه وإليه أشار بقوله : فهي يتيمة الوقت وفريدته .
(وهذا الفرقان) أي الفرق الذي بيناه بين العبد والحق في هذه المسألة (ارفع فرقانا) وأعظمه لا يكون فوقه فرقانا لأنه به ظهر الفرق بين العبد والرب على أي وجه وفي أي مرتبة كان.
بخلاف الفرق المذكور بين الناس فإنه ليس بمثابته في رفع الاشتباه فقد أورد نتيجة ما ذكره بقوله : فوقتا يكون العبد ربا بلا شك بظهور تجلي الربوبية له واختفاء عبوديته وهو قوله والعارف يخلق بهمته
(ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك) عن عبوديته عند ظهور عجزه وقصوره بزوال صفة الربوبية (فإن كان عبدا كان بالحق واسعا) لأنه قال ما وسعني أرضي ولا سمائي إلا قلب عبدي المؤمن.
(وإن كان ربا كان في عيشة ضنك) أي ضيق ومشقة لعجزه عند المطالبة بالأشياء عن إتيانه.(فمن كونه عبدا يرى عین نفسه) عاجزة وقاصرة عن إتيان الأمور.
(وتتسع الآمال) أي تتسع آماله (منه) إلى موجده (بلا شك (ومن كونه ربا يرى الخلق كله يطالبه من حضرة الملك) بضم الميم وسكون اللام عالم الشهادة .
(والملك) بفتح الميم وسكون اللام عالم الملكوت (ويعجز عما طالبوه) أي لا يقدر إعطاء ما طالبوه منه (بذاته) بل يراجع في ذلك إلى ربه ربا.
(لذا) أي لأجل عجز العيد عما طالبوه منه (ترى بعض العارفين به) أي بهذا المعنى (يبكي) فإذن كان سلامتك في العبودية وافتك في الربوبية (فكن عبد ربه) أي فتظهر بالعبودية فتسلم عن عقوبات النار (لا تكن رب عبده) أي لا تظهر بمقام الربوبية التي ليست حقك وإلا (فتذهب بالتعليق في النار والسبك) أي تدخل في نار جهنم وتسبك فيها لتخليصك عن هذه الصفة .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قوله في الشعر: فوقتا يكون العبد ربا بلا شك. يعني أن حالة التجلي لا يسع العبد أن يقول عن نفسه إلا أنه رب وهذا في التجلي الناقص وإلا فمن يستحق أن يسمى عبدا حقيقة لا يجوز أن يسمى ربا حقيقة ولا العكس.
قوله: في البيت الثاني معناه: أنه يكون حقيقة حقية فيوصف بما يوصف به الحق، وفي هذا أيضا كلام لأنه إذا كان العبد عبدا كيف يكون الحق" مع كونه عبدا وهذا سائغ في مقام المعرفة وليس بسائغ في مقام التحقيق.
أما أنه سائغ في مقام المعرفة فلأن العارف يظن أنه الحق فيصف نفسه بما يصف به الحق نفسه وهو غلط منه، فإن العارف ما فني كل رسمه ولا شك أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
قوله: وإن كان العبد ربا كان الرب المتوهم في عيشة ضنك وأما العبد مع فرض كونه رباه لا يكون في عيشة ضنك.
و قوله في البيت الثالث: ومن كونه ربا يرى الخلق كله يطالبه.
قلت: يعني أنه يظن أن فاقة العالم كلهم إليه واحتياجهم إليه، وهو غلط منه أيضا لكن الشيخ أخبر بما يقع لمن هذه حاله.
وقوله في البيت الرابع والخامس: ويعجز. هو مما يدل على صدق ما قلناه إنه غالط ولو كان نظره صحيحا لما عجز إلا إن كان الحق تعالى يعجزه.
قوله: فكن عبد رب، دليل لما قلناه، فإنه، رضي الله عنه، أمره أن لا يغتر بالتجلي الذي به ظن أنه الحق، فإنه إن فعل ذلك وخالف، صار رب عبده وهو لا يصح له ويقوم به الحجاب الذي هو حطب العذاب.
واعلم أن الاضطراب حصل في هذا الخطاب من جهة تسمية الشخص الواحد بأنه عبد يصير ربا وذلك عندنا باطل وأما أنه ليس في الوجود إلا الواحد تعالى.
فذلك هو الواقع في نفس الأمر، فإن اعتبرت الصفات لم يكن المعطي من جهة ما هو معط، هو المانع ولا العكس .
وكذلك كل الأسماء المتقابلة وهذا ممتنع في أسماء الله تعالی.
فكيف إذا فرضنا تقابلا هو بين العبودية والربوبية، فمحال أن يجتمع لشخص واحد هذان الوصفان، فإن هذا الجمع متعذر بين الأسماء الإلهية كما ذكرنا فكيف بين الأسماء الإلهية والأسماء الكونية.
والشيخ، رضي الله عنه، هنا تكلم بألسنة أهل الأحوال وهي لا تثبت في مقام التحقيق.
وعند الاجتماع بالأخ كریم الدین متعه الله بمعرفته نشرح له ذلك إن شاء الله تعالى.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
وهو مثل ما ذكرنا في هذه المسألة فيما يتميّز به العبد من الربّ ، وهذا الفرقان أرفع فرقان".
قال رضي الله عنه :« فوقتا يكون العبد ربّا بلا شكّ » .يعني : الربوبية العرضية - من كونه ربّ المال والملك والملك - عرضت للعبد منه ، فحالت بينه وبين تحقّقه بالعبدانية المحضة التي ما شابها ربوبية ، ولا شأنها تصرّف وألوهية .
قال رضي الله عنه : « ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك »
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ العبد إذا شاب عبوديته ربوبيّته ، فعبوديته وعبدانيته بالإفك ، ما هي خالصة ، لأنّ العبدانية لو كانت خالصة لله ما شابها ربوبية ، كما يكون العبد في وقت لا يتّصف فيه بالربوبية ، ولم يضف إلى نفسه فعلا ولا أثرا ، وأمسك عن التصرّفات النفسية إلَّا ما أمر به الشرع ، فافهم .
ثم اعلم : أنّ الوقت الذي يكون العبد الكامل فيه ربّا هو وقت خلافته عن الله ، فإذا نصّ على خلافته فهو الجامع إذن بين العبودية العظمى والربوبيّة الكبرى ، عبد لله ربّ للعالمين بالخلافة ، فإنّ الخليفة على صورة مستخلفه ، وربّه يخلقه ربّا للعالمين ،
وصورته التي خلقه - أي الخليفة - عليها هي الربوبية ، فافهم .
والوقت الذي يكون العبد عبدا بلا إفك هو زمان استخلافه لله بعد أنّ الله كان مستخلفا له ، وكان خليفة الله ، فصار مستخلفا لمستخلفه تحقّقا بالعبودية العامّة والمعرفة التامّة .
كقوله صلَّى الله عليه وسلم في هذا المقام :"اللَّهمّ أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل" فخلَّف الله على أهله ، وهو صاحبه في سفره إليه ومنه وفيه ، فافهم ، فهو الجامع بين الخلافة والاستخلاف ، وهو مقام الخلَّة العظمى ، الذي أشار إليه الخليل ، إنّما كنت خليلا من قراء وراء ، وهو ظاهر الخلافة المحمدية اذهبوا إلى محمّد ، فإنّه الخليل والحبيب ، فإنّ الخليفة إذا شغل بخلافته لله ، أحبّه الله .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر أمره - وهو على الطرفاء:
إنّي أبرأ إلى الله أن أتّخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا ، إنّ الله اتّخذني البارحة خليلا كما اتّخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت مفاتيح خزائن السماوات والأرض » .
قال رضي الله عنه :
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا  ..... وإن كان ربّا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه   .... وتتّسع الآمال منه بلا شكّ
قال العبد : إذا تحقّق الإنسان الكامل بالاستخلاف وتثبّت في مركزية فلك العبودية العظمى ، كان بلا شكّ واسعا بالحق ، ووسعه الحق بكل شيء ، فإنّه في وكالة الحق وكفالته بربوبيته ، وهو ربّ بالحقيقة ، فتتّسع آمال العبد في الله حقيقة ، فإنّ للآمال والآملين في فيحاء فضاء ربوبيته - تعالى - مجالا جليلا ، وظلَّا ظليلا ، وإن كان ربّا وظهر بربوبية عرضيّة ، لزمه القيام بربوبية من ظهر بعبوديته ، وحينئذ لم يقم بذلك حقّ القيام ، فإنّ الخليفة وإن كان فيه جميع ما يطلبه الرعايا ، ولكن ذلك غير ذاتي له ، بل مجعول فيه وله ، فقيامه بربوبيّة العالم بجعل الله وإن كان قبول ذلك باستعداد غير مجعول.
ولكنّ الفرق بين الربوبية الذاتية والربوبية العرضية بيّن وإن كان الكلّ حقا للكلّ في الحقيقة ، ولكن لكل من الكلّ مستند أصيل في الكلّ هو له ذاتي كالنقائص والمذامّ والانفعال والتأثّر والفقر والعبودية ، فإنّها ذاتية للعبد والكون ، وللموجود الحق من حيث تعيّنه في العبد لا بالذات ، وللكون من حيث اتّصافه بالوجود ، فافهم .
قال رضي الله عنه :
ومن كونه ربّا يرى الخلق كلَّه ..... يطالبه من حضرة الملك والملك
يعني - رضي الله عنه - : إذا ظهر بربوبية الخلافة ، توجّه الملك والملكوت والجبروت بمطالبة حقوقها منه ، إذ لا بدّ للخليفة أن يقوم بجميع ما للرعايا ، ولا شكّ أنّه يعجز عن ذلك ، لكون ربوبيته غير ذاتية .
قال رضي الله عنه :
ويعجز عمّا طالبوه بذاته    .... لذا كان بعض العارفين به يبكي
وفي أكثر النسخ « لذا تر بعض العارفين » لعلمه بعدم قيامه بربوبية العالم - وفيه حذف الياء من « ترى » فكان يبكي حين طولب بما لم يحضره بالفعل في بعض الأوقات .
قال - رضي الله عنه - :
فكن عبد ربّ لا تكن ربّ عبده  ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن المتقى باللَّه يجعل له فرقانا ، وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب ، وهذا الفرقان أرفع فرقان ) .
أي المتقى بالتقوى العرفي يجعل له فرقانا : أي فارقا بين الحق والباطل ونصرا عزيزا على حسب تقواه ، فيتميز به الحق من الخلق في الصفات والأفعال ، وهذا الفرقان هو الفرق بعد الجمع ، وهو درجة المقربين الكمل الذين تقواهم أعظم تقوى وفرقانهم أرفع فرقان .
( فوقتا يكون العبد ربا بلا شك   .... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك )
هذا البيت له معنيان محمولان على الفرقانين :
أحدهما : أن المراد بالربوبية ، الربوبية العرضية من كونه رب المال ورب الملك ، وهي التي عرضت للعبد فحالت بينه وبين تحققه بالعبودية المحضة التي ما شابها ربوبية ولا شأنها تصرف وألوهية ، فكانت عبودية بالإفك ليست بخالصة فليس في هذا الوقت بمتق ، والوقت الذي خلصت فيه عبوديته ولم يتصف بربوبية أصلا ولم يضف إلى نفسه فعلا ولا تأثيرا ، وأمسك عن التصرفات النفسية وقام بالأوامر الشرعية قضاء لحق الربوبية ووفاء لحق العبودية ، كان متقيا يجعل الله له فرقانا .
والمعنى الثاني : أن العبد الجامع بين العبودية العظمى والربوبية الكبرى في وقت خلافته عن الله عند استخلافه تعالى له ، كان عبدا لله ربا للعالمين ، فإن الخليفة على صورة المستخلف فوقتا يكون ربا للعالمين باستخلاف الحق له ، ووقتا يكون عبدا بلا إفك باستخلافه لله وتفويض أمره إليه بعد استخلاف الحق إياه تحققا بالعبودية العامة والمعرفة التامة ، لقوله عليه الصلاة والسلام في هذا المقام « اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل » فخلف الله على أهله وهو صاحبه في السفر ، فصار كل منهما مستخلفا للآخر ومستخلفا وهو مقام الخلة العظمى المذكورة قبل: .

""إضفة بالي زادة :  ( فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ) بظهور تجلى الربوبية له واختفاء عبوديته ، وهو قوله : والعارف يخلق بهمته ( ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك ) عن عبوديته عند ظهور عجزه وقصوره بزوال الصفة الربوبية اهـ . بالى زاده . ""
( فإن كان عبدا كان بالحق واسعا .....   وإن كان ربا كان في عيشة ضنك )
فإن كان عبدا بالتفويض المذكور ، واستخلافه الحق مع كماله باستخلاف الحق إياه ، ثبت على مستقره ومركزية فلك العبودية العظمى ، وكان واسعا بالحق على الحقيقة ، لأنه في كفالته ووكالته بالربوبية الحقيقية الذاتية التي له يعبده ، فوسعه الحق بكل ما احتاج إليه فكان كل منهما في مقامه أصيلا .
وإن كان ربا لزمه القيام بربوبية كل من ظهر بعبوديته ، وحينئذ لم يمكنه القيام بذلك حق القيام إلا بالحق ، فإن الخليفة وإن كان فيه جميع ما نطلبه الرعايا ، لكنه يجعل المستخلف فربوبته للعالم عرضية . وإن كان قبول ذلك باستعداد غير مجعول.
""إضفة بالي زادة :  ( فإن كان عبدا كان باللَّه واسعا ) لأنه قال ما وسعني أرضى ولا سمائي ( وإن كان ربا كان في عيشة ضنك ) ""
لكن الوجود الغنى والفعل والتأثير والإفاضة للحق ذاتية ، والعدم والانفعال والتأثر والافتقار والقبول للعبد ذاتية ، فيعجز بالذات وإن كان قادرا بالعرض ، فصح كونه في ضيق وضنك :
قال الشيخ رضي الله عنه :
( فمن كونه عبدا يرى عين نفسه .....  وتتسع الآمال منه بلا شك)
(ومن كونه ربا يرى الخلق كله .......   يطالبه من حضرة الملك والملك )
(ويعجز عما طالبوه بذاته      ....... لذا تر بعض العارفين به يبكى )
الأبيات الثلاثة ، تعليل لما في البيت الثاني وتقرير وترجيح ، بل تحقيق الثاني معنى البيت الأول والمعنى : فمن جهة كونه عبدا يرى عين نفسه بصفة العدم والافتقار والعبودية الذاتية ، وتتسع آماله في الله حقيقة ، فإن للآملين في ظل ربوبيته وفضاء ألوهيته مجالا واسعا ، فإن كل ما يسأل عين العبد بلسان استعداد القبول مبذول له من وجوه في وقته ، كما قال:  " وآتاكُمْ من كُلِّ ما سَأَلْتُمُوه " .
ومن جهة كونه ربا توجه إليه الملك والملكوت والجبروت بأسرهم يطالبونه بحقوقهم وهو يعجز عما طالبوه بذاته ، فلذا تراهم يبكون في بعض الأوقات مع كمالهم لمطالبة الكل إياه ، بما لا يحضره بالفعل بل بما ليس له بالحقيقة وحذف الياء من ترى تخفيفا ، وفي بعض النسخ : لذا كان بعض العارفين .
""إضفة بالي زادة :   ( فمن كان عبدا يرى عين نفسه ) عاجزة وقاصرة عن إتيان الأمور وتتسع الآمال منه إلى موجده بلا شك ومن كونه ربا يرى الحق كله  يطالبه من حضرة الملك )بالضم الشهادة ( والملك ) بالفتح عالم الملكوت ( ويعجز عما طالبوه بذاته ) بل يرجع في ذلك إلى ربه بخلاف ربوبية الحق فإنه بذاته قادر على ذلك ، فظهر الفرق من حيث كونه ربا ( لذا ) أي لأجل عجز العبد عما طالبوه منه ( به ) أي بهذا المعنى ( يبكى ) اهـ بالى . ""
( فكن عبد رب لا تكن رب عبده    ..... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
أي التعذيب والإحراق بنار العشق والمطالبة والسبك ، لإفناء بقية الأنية المستلزمة للفقر ، فإن بقية الأنانية حجاب للغني الذاتي ، والباء في بالتعليق مثلها في قوله : "تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ " أي فتذهب ملتبسا بالتعليق .
""إضفة بالي زادة :  فاذا كانت سلامتك في العبودية و آفتك في الربوبية (فكن عبد رب لا تكن رب عبده فتذهب بالتعليق في النار و السبك) أي ضيق ومشقة لعجزه عند المطالبة بالأشياء عن إتيانها أهـ . بالى زاده. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
(وهو مثل ما ذكرنا في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان). أي، ذلك الفرقان الحاصل من التقوى بالله وفي الله، هو مثل الفرقان الذي ذكرناه في هذه المسألة من تميز العبد من الرب.
وهذا الفرقان أرفع فرقان، لأن الحق هو الذي ظهر بصورة العبد، وأظهر فيه صفة الخالقية، فاشتبه على الخلق بأنه عبد أو حق. شعر
(فوقتا يكون العبد ربا بلا شك لأنه يظهر بالصفات الإلهية والربوبية، وإن كانت عرضية بالنسبة إليه. ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك) لأنه يظهر بصفة العجز والقصور.
والعبودية ذاتية للعبد بخلاف الربوبية، فإنها عرضية له.
وإنما قال: (ووقتا)لأنه كل ساعة في شأن: تارة في شؤون الكون، وتارة في شؤون الحق.
واعلم، أن لكل إنسان نصيبا من الربوبية.
وأما الربوبية التامة هيللإنسان الكامل، لأنه الخليفة، وكذلك له العبودية التامة. فلو تحمل هذه الأبيات على الكامل تكون صحيحا، وعلى غيره أيضا كذلك. فافهم.
(فإن كان عبدا، كان بالحق واسعا)
أي، فان ظهر العبد بصفة العبودية، كان واسعا بالحق قادرا على الأشياء بحوله و قوته، ولا يطالبه أحد بالصفات الكمالية التي للحق.
(وإن كان ربا كان في عيشة ضنك)
أي، في تعب وضيق، لأنه يطالب بالأشياء حينئذ فيعجز عن الإتيان بها
(فمن كونه عبدا يرى عين نفسه  ..... وتتسع الآمال منه بلا شك)
أي، يرى عين نفسه العاجزة وتتسع آماله إلى موجده.
(ومن كونه ربا يرى الخلق كله   ..... يطالبه من حضرة الملك والملك)
أي، من حضرة عالم الملك، بضم الميم، والملك، بفتح الميم وسكون اللام، وهو عالم الملكوت.
وإنما يطالبه أهل الملك والملكوت، لأنه خليفة عليهم، يجب عليه إيصال حقوق رعاياه وإعطاء ما يطلبون منه بحسب استعداداتهم.
(ويعجز عما طالبوه بذاته    ...... لذا ترى بعض العارفين به يبكى) حذفت (التاء) للشعر، أو للتخفيف. وفي بعض النسخ: (لذا كان بعض العارفين به يبكى.)
(فكن عبد رب لا تكن رب عبده فتذهب بالتعليق في النار والسبك)
أي، لا تظهر إلا بمقام العبودية، فإنه أشرف المقامات وأسلمها من الآفات.
قال رضي الله عنه : (لا تدعني إلا بيا عبدها. فإنه أشرف أسمائي).
ولا تظهر بمقام الربوبية، فإن الرب غيور، فيجعلك من أهل الويل والثبور، كما قال:
(العظمة إزاري والكبرياء ردائي. فمن نازعني فيهما، أدخلته النار.)
قوله: (فيذهب بالتعليق) أي، ملتبسا بالتعليق في النار. فـ (الباء) باء الملابسة، أو باء السببية.
أي، فتذهب بسبب تعلقك بالربوبية في النار، وتسبك فيها .
والله أعلم.

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة السبت 6 أبريل 2019 - 1:10 من طرف الشريف المحسي

الفقرة العشرون الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة العشرون: الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك ...   فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك .... فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك ....  ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي ...  فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو) أي: فرقان المتقي الذي كان قرآنا جاما، يرى كلا منهما في الأخر (مثل ما ذكرنا في هذه المسألة) أي: مسألة حفظ العبد صور ما خلق بحفظه صورة واحدة منها من الفروق بين العبد والرب، سيما باعتبار الحضرة التي ما غفل عنها (فيما يتميز به العبد من الرب وهذا الفرقان) الواقع بين العبد والرب باعتبار الحضرة التي ما غفل عنها .
(أرفع فرقان) بينهما من جملة ما ذكرنا من الفروق، إذ باعتبار هذه الحضرة التي ما غفل عنها له أن يقول: «أنا الحق» مع أن حفظه للصور باعتبار ما ليس كحفظ الحق لها .

""نقل المصنف احمد المهائمي فى كتابة مشرع الخصوص إلى معاني النصوص توجيهه لهذا نقلا عن كتاب النصوص في تحقيق الطور المخصوص للإمام صدر الدين القونوي بقوله: ثم قال في تفسير الحق، في تأويل قول الحلاج: "أنا الحق" إنا بينا بالبرهان النير، أن الموجود هو الحق سبحانه، وأن كل ما سواه فهو باطل، فهذا رجل فني ما سوى الحق في نظره، وفنيت أيضا نفسه عن نظره، ولم يبق في نظره وجود غير الله، فقال في ذلك الوقت أنا الحق، كأن الحق سبحانه أجرى هذه الكلمة على لسانه حال فنائه بالكلية من نفسه، و استغراقه في نور جلال الله تعالى.

ثم نقل عن الغزالي في سبب غلبة جريان اسم الحق على لسان الصوفية: إنهم في مقام المكاشفة، ومن كان في مقام المكاشفة رأي الله حقا وغيره باطلا، وأما المتكلمون فهم من مقام الاستدلال بغير الله على وجود الله، فلا جرم كان الغالب على ألسنتهم اسم الباري تعالی.""


(فوقتا يكون العبد) باعتبار هذه الحضرة التي ما غفل عنها، سيما إذا لم يغفل عن حضرة أصلا (بنا) أي: صورة حق على الكمال (بلا شك) إذ يحفظ الصور في جميع الحضرات كما يحفظها الحق، (ووقتا يكون العبد) باعتبار هذه الحضرة التي ما غفل عنها (عبدا بلا إفك) باعتبار أن حفظه ليس كحفظ الحق؛ بل إما بالتضمن، أو بخلافه عن الحق.

وقوله: (بلا إفك) إشارة إلى أنه لا يكذب أبدا في دعوى العبودية، فإن كان من صار مظهرا جامعا للحق يخلق بالهمة، ويحفظ الصور بالتعيين، أو التضمين (عبدا) أي: مدعيا للعبودية محترزا عن دعوى الربوبية، أي عن دعوى کونه مظهرا کاملا له (كان بالحق واسقا) يتصرف في الحضرات كلها بلا غيرة من الله عليه.

(وإن كان ربا) أي: مدعيا لكونه صورة كاملة للرب، (كان في عيشة ضنك) الظهور الغيرة الإلهية عليه في دعوى الكمال لنفسه، فلذا قال في بيان تعليله: (فمن كونه عبدا) أي: مدعيا للعبودية (يرى عين نفسه)، ولا يجعلها مظهرا جامعا کالروح، (وتتسع الآمال منه بلا شك)؛ لأنه لما نزل كل من الروح والنفس والقلب منزلته، فيحصل له كل مطلوب كان يتمناه بخلاف مدعي الكمال لنفسه.

كما قال: ومن كونه ربا، أي: مدعيا لكونه صورة كاملة للرب، يتصرف في الحضرات كلها يرى الخلق كله يطالبه أن يفيض عليهم كمالاتهم من حضرة الملك عالم الشهادة، والملك عالم الغيب، (ويعجز) هذا المدعي للربوبية.

أي: لكونه صورة كاملة للرب متصرفة كتصرفه في العالم
(عما طالبوه)؛ لأن الغيرة الإلهية تمنعه عن التصرف عند دعوى الكمال لنفسه وهو عاجز عنها (بذاته)؛ لافتقاره إلى الحق في إفاضة ذلك (لذا تري) حذف الياء للضرورة (بعض العارفين به) أي: بعجزهم عما ذكرته هذه الدعوى (تبكي) لما يرون من الغيرة الإلهية عليهم.
وإذا كان كذلك (فكن عبد رب) أي: كن عندما تخلق من الصورة همتك وتحفظها عبد رب بخلقها، (لا تكن رب عبده ) أي: رب تلك الصور بربوبية الله تعالى.

(فتذهب بالتعليق) أي: بتعليق هذه الدعوى لنفسك، ما ليس لها بالأصالة ولا بالتجلي الجمعي (في النار) أي: نار الفراق بقطع التجلي بالغيرة الإلهية (والسبك) أي: القيود الظلمانية التي للنفس في الدعاوى الكاذبة؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ولما كانت الحكمة الحقية بجعل الكل حقا توجب ظهور الكل في الكل لكون الكل مظاهر الحق.
وذلك بحسب الذات الذي علوه ذاتي مستجمع لعلو سائر الأسماء؛ أورد الحكمة العلية عقيبها؛ فقال:

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
( وهو مثل ما ذكرنا في هذه المسألة ) ، الكاشفة في مرتبة الفعل والخلق عمّا ينسب إليه  (فيما يتميّز به العبد من الربّ).
(وهذا الفرقان أرفع فرقان ) ، فإنّه فرقان في أنزل المراتب ، يعني الفعل والخلق ، وهي العين المنبئة عن كمال الجمع ، وعلم من طي ما اقتبسها من مشكاة النبوّة في عبارته الكاشفة عن مصباح الولاية : إنّ القرآنيّة هي مقتضى حقيقة العبد ، وله في نفسه ، والفرقانيّة إنّما يجعل له الله ، فلذلك أخذ في النظم مفصحا عن ذلك : "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ".
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
(فوقتا يكون العبد ربّا بلا شكّ) عندما يجعل الله له فرقانا
(ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك ) عندما يصل إلى قرآنيّته التي له في نفسه.
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
(فإن كان عبدا) قابلا على الإطلاق جامعا (كان بالحقّ واسعا ) لأنّه طرف الإطلاق والسعة يقابلها يعني الضيق
( وإن كان ربّا ) مقيّدا به ومفرقا فيه بخصوصه ( كان في عيشة ضنك ) لأنّ القيد مطلقا طرف الضيق والتفرقة .
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
( فمن كونه عبدا ) جامعا ( يرى ) الكلّ لجمعيّته الإطلاقيّة ( عين نفسه ويتّسع الآمال منه بلا شك ).
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
( ومن كونه ربّا ) مفرقا ( يرى الخلق كلَّه يطالبه ) لغلبة سلطان التفرقة في مشهده ذلك ( من حضرة الملك ) وهو الذي يستحقّه لأصل استعداده ويملكه ( والملك ) وهو الذي يستحقّه عند الظهور بأعماله وراثة لها .
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
( ويعجز عمّا طالبوه بذاته )لأنّ القدرة إنّما هو للجمعيّة والإطلاق ( لذا تر بعض العارفين به يبكي ) بحذف الياء من "ترى " تخفيفا ، وفي بعض النسخ « كذا كان » .
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك
( فكن عبد ربّ لا تكن ربّ عبده ، فتذهب بالتعليق في النار ) المفرّقة ( والسبك ) بها لإفناء غشّ القاذورات المستتبعة للإنيّة الفارقة ، وخلاص ذهب حقيقته العبديّة عنها .
و"الباء" فيه على طريقة قوله تعالى: "تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ " أي : فتذهب متلبّسا بالتعليق .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب. وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب.  وهذا الفرقان أرفع فرقان.)
(وهو)، أي الفرقان الذي يجعله الله تنتقي (مثل ما ذكرناه في هذه المسألة)، أي واحد من جزئياته ما ذكرناه (فيما يتميز)، أي في معنى يتميز (به العبد من الرب وهذا الفرقان أرفع فرقان)، لأن الفرقان إما بين الحقائق الإلهية والكونية أو بين الحقائق الإلهية فقط بأن تميز بعضها عن بعض، أو بين الحقائق الكونية.
كذلك فلا شك أن الفرق الأن أرفع
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك . فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك . ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك . ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي . فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك)
(فوقتا)، أي في مقام الفناء في الله (يكون العبد) الكامل (ربا بلا شك) لانقهار جهة عبوديته في ربوبيته.
(ووقتا)، أي في مقام البقاء بعد الفناء (يكون العبد) الكامل أيضا (عبدا) محضا (بلا إفك) محضا من غير شائبة مربوبية فيه (فإن كان) ذلك العبد (عبدا) كاملا قائما بربه (كان بالحق)، أي بسبب ظهور الحق فيه وفنائه في الحق تعالى.
(واسعا) في عيشة من غير ضيق فيها، فإنه لا يطالب بشيء حتى يقع في ضيق بالعجز عن الإتيان به .
(وإن كان ربما كان في عيشة ضنك)، أي ضيقة لأنه يطالب حينني بالأشياء ويعجز عن الإتيان بها، فيقع في ضنك وضيق (فمن كونه عبدا بری)، أي يبصر
عين نفسه من غير أن يرى الخلق معه علاقة مطالبة (وتتسع الآمال منه بلا شك)، أي تقع أمال الأملين، أي أصحابها في سعة من كونه عبدا لا بعطالبه الأملون بشيء.
بل يطالبون الحق سبحانه فيظهرون بمأمولاتهم فيقعون في سعة من حصولها بخلاف ما إذا كان ربا فإنهم طالبوه بأشياء لم يظفروا بها فوقعوا في ضيق (ومن كونه ربا يرى الخلق كله يطالب من حضرة الملك) بضم الميم (والملك) بفتحها وهو القوة.
والمراد به المنعوت بقرينة المثلث، وقوته من حضرة الملك والملك بيان للخلق كله (ويعجز عما طالبوه بذاته)، أي يكون ذلك العجز مسببة عن ذاته، فإن العجز والضعف من لوازم ذات الممكن (لذا تر) مخفف تری لاستقامة الوزن (بعض العارفين به)، أي بالحق وبهذا الحكم (يبكي) لعدم تمكنه من الإتيان بما يطالب به. (فكن عبد رب لا تكن رب عبد)، أي عبد الرب (فنذهب) عن مقام العبودية إلى مقام الربوبية أو تزول أو تضمحل حال كونك ملتبسا (بالتعليق في النار)، أي نار الحرمان من إنجاح آمال الآملين.

(والسبك)، أي ملتبسا بالسبك، أي الإذابة فيها ولهذه الأبيات احتمالات أخر غير ذلك وليس المراد بما ذكرنا انحصار المراد فيه وبالله التوفيق .
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 7 أبريل 2019 - 13:00 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الحادي العشرون السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الحادي والعشرون:
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
قال : (اعلم أن حضرة الخيال هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء وغير شيء .
فلها على الكل حكم التصوير، وهي كلها صدق وتنقسم قسمين:
قسم مطابق لما )
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
لما كان أخص أحكام الصفقات السلبية سلب الكثرة عن وحدة الحق سبحانه .
كانت الموجودات الصادرة عن الحق من حيثية الصفات السلبية التنزيهية أقربها نسبة إلى الوحدة وأبعدها من مرتبة الظهور، وهي الأرواح.
بخلاف الصفات الثبوتية : فإنه يجب أن تكون الموجودات الصادرة عن الحق من حيثها أقرب نسبة إلى الظهور وأتم تحققا به.
وقد سبق أن أول حامل وظاهر بأحكام الصفات الثبوتية الخليل عليه السلام، فلزم أن يظهر في ولده - الذي هو نتيجته .
حكم عالم المثال، الذي إذا اعتبر مطابقته للواقع، يسمى «حقا».
فلذلك وصفت تلك الحكمة بـ «الحقية»، واختصت الحكمة الحقية بالكلمة الإسحاقية، وقرن فضها بالقصر الإبراهيمي.
(اعلم أن حضرة الخيال)، يعني المرتبة الجامعية للصور المرتسمة في القوة المتخيلة المتصلة بنشأة الإنسان وأي متخيل كان - ويسمى «مثالا مقيدا » أيضا، كما يسمى عالم المثال «خيالا مطلقا»؛ ونسبتها إلى حضرة المثال .
نسبة الجداول إلى النهر العظيم الذي منه تفرعت - (هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء) موجود في الخارج (و) لكل (غير شيء) موجود فيه، يعني الموجودات والمعلومات كلها.
(فلها)، أي لحضرة الخيال، (على الكل)، أي على كل واحد من الموجود والمعدوم، (حكم التصویر) وقدرة عرضهما على النفس في صور المحسوسات، نوما بالنسبة إلى عموم الناس ويقظة بالنسبة إلى بعضهم، سواء كان مع الغيبة عن الإحساس أم لا.
(وهي)، أي حضرة الخيال والصور المرتسمة فيه، (كلها صدق)، مطابقة للواقع، بشرط أن يكون انطباعها في الخيال من الجهة العلوية أو القلب النوراني، لا من الجهة السفلية.
فإن المعنى الكلي العلمي ينزل من أم الكتاب إلى عالم اللوح المحفوظ - وهو بمثابة القلب للعالم - ومنه إلى عالم المثال، فيتجسد فيه ؛ ثم إلى عالم الحس.
فيتحقق في الشاهد: وهو المرتبة الرابعة من الوجود النازل من العالم
قال : ( صورته الصورة من خارج، وهو المعبر عنه بـ «الكشف» . وقسم غير مطابق، وفيه يقع التعبير ).
العلوي إلى العالم السفلي ومن الباطن إلى الظاهر ومن العلم إلى الكون. والخيال من الإنسان هو عالم المثال المقيد، كما أن عالم المثال هو الخيال المطلق، أي خيال العالم، فللخيال الإنساني وجه إلى عالم المثال - لأنه منه، فهو متصل به  ووجه إلى النفس والبدن.
وكلما انطبع فيه نقش من هذه الجهة السفلية، وتمثلت فيه صورة، كان ذلك محاكاة لهيئة نفسانية أو هيئة مزاجية، أو لبخار يرتفع إلى مصعد الدماغ، كما للمحرورين وأصحاب الماليخوليا ولا حقيقة له ؛ ويسمى «أضغاث أحلام».
وكلما انطبعت فيه صورة من الجهة العلوية، أي من عالم المثال أو من القلب النوراني الإنساني، فيتجسد فيه، كان حقا، سواء كان في النوم أو في اليقظة .
(وتنقسم) الصور المرتسمة في حضرة الخيال (قسمين: قسم مطابق لما صورته) حضرة الخيال، (الصورة) الكائنة (من خارج)، أي من خارج ما في حضرة الخيال.
يعني يكون الصورة الخارجية مطابقة لما صورته القوة المتخيلة.
(وهو)، أي القسم المطابق هو، (المعبر عنه به "الكشف المجرد") عن تصرفات القوة الخيالية.
(وقسم) آخر (غير مطابق) لما صورته الصورة من خارج، لأن القوة المصورة تصرفت فيه وألبسته صورة مناسبة له، وإن لم تكن مطابقة. وهذا القسم يسميه بعضهم با «الكشف المخيل».
(وفيه)، أي في القسم الغير المطابق، (يقع التعبير)، وهو الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.
وللصدق والإصابة أسباب بعضها راجع إلى النفس، وبعضها إلى البدن، وبعضها إليهما جميعا :
أما الأسباب الراجعة إلى النفس كالتوجه التام إلى الحق سبحانه والاعتقاد بالصدق وميل النفس إلى العالم الروحاني العقلي وطهارتها عن النقائص وإعراضها عن الشواغل البدنية واتصافها بالمحامد لأن هذه المعاني توجب تنورها وتقويها.
وبقدر ما قویت النفس وتنورت، تقدر على خرق العالم الحسي ورفع الظلمة الموجبة لعدم الشهود.
وأيضا تقوي المناسبة بينها وبين الأرواح المجردة لاتصافها بصفاتها. فيفيض عليها المعاني الموجبة للانجذاب إليها من تلك الأرواح، فيحصل الشهود التام.
ثم إذا انقطع حكم ذلك الفيض، ترجع إلى الشهادة متصف بالعلم، منتقشة بتلك الصور بسبب انطباعها في الخيال .

قال الشيخ : (والناس هنا على قسمين: عالم ومتعلم . والعالم يصدق في الرؤيا، والمتعلم )
والأسباب الراجعة إلى البدن صحته واعتدال مزاجه الشخصي ومزاجه الدماغي.
والأسباب الراجعة إليهما الإتيان بالطاعات والعبادات البدنية والخيرات واستعمال القوى وآلاتها بموجب الأوامر الإلهية .
وحفظ الاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط فيه ودوام الوضوء وترك الاشتغال بغير الحق دائما.
بالاشتغال بالذكر وغيره خصوصا من أول الليل إلى وقت النوم.
وأسباب الخطأ ما يخالف ذلك من سوء مزاج الدماغ و اشتغال النفس باللذات الدنيوية واستعمال القوى المتخيلة في التخيلات الفاسدة والانهماك في الشهوات والحرص على المخالفات، فإن كل ذلك ما يوجب الظلمة وازدياد الحجب.
فإذا أعرضت النفس من الظاهر إلى الباطن بالنوم، يتجسد لها هذه المعاني، فتشغلها عن عالمها الحقيقي ، فيقع مناماته أضغاث أحلام لا يؤبه بها، أو يرى ما تخيلته المتخيله
(والناس هنا)، أي في معرفة القسم الثاني من المنامات، (على قسمين) :
أحدهما (عالم) بموطن الرؤيا، يعلم ما أراد الله سبحانه بالصور المرئية ، كنبينا صلى الله عليه وسلم حيث أتي في المنام بقدح لبن.
قال: «فشربته حتى خرج الري من أظفاري، ثم أعطيت فضلی عمر".
قيل: «ما أولته يا رسول الله ؟ »
قال : «العلم».
وما تركه لبنا على صورة ما رأي لعلمه بموطن الرؤيا وما يقتضيه من التعبير
وهذا العلم لا يحصل إلا بانكشاف رقائق الأسماء الإلهية والمناسبات التي بين الأسماء المتعلقة بالباطن وبين الأسماء التي تحت حيطة الظاهر، لأن الحق سبحانه إنما پهب المعاني صورة بحكم المناسبة الواقعة بينها، لا جزافا .
كما يظن المحجوبون أن الخيال يخلق تلك الصور جزافا، فلا يعتبرون ويسمونها «أضغاث أحلام - يل المصور هو الحق من وراء حجابية الخيال، ولا يصدر منه ما يخالف الحكمة.
فمن عرف المناسبات التي بين الصور ومعانيها وعرف مراتب النفوس التي يظهر الصور في حضرة خيالاتهم بحسبها يعلم علم التعبير كما ينبغي.
ولذلك تختلف أحكام الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب، وهذا الانكشاف لا يحصل إلا بالتجلي الإلهي من حضرة الاسم الجامع بين الظاهر والباطن.

قال الشيخ : يصدق الرؤيا حتى يعلمه الحق ما أراد بتلك الصورة التي جلی له.
(و)  ثانيهما (متعلم) غير عالم بما أراد الله سبحانه بتلك الصور، لكنه مستأهل مستعد للترقي إلى مرتبة العلم.
(والعالم يصدق في الرؤيا)، أي يوفي حقها - من قولهم، "صدق في القتال"، إذا وفي حقه وفعل على ما يجب.
وعليه قوله تعالی : "رجال صدقوا ما عاهدوا الله "[ الأحزاب :23 ]، أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم ..
(والمتعلم يصدق الرؤيا)، أي يأخذ الصور المرئية صادقة مطابقة لما في نفس الأمر مما يجب عليه، ويجتهد في تحققها، (حتى يعلمه الحق) أنه (ما أراد) وأي أمر شاء (بتلك الصورة المرئية التي جلی) الحق سبحانه وكشفها (له) في المنام .
كالخليل صلوات الله عليه حيث رأى في المنام أنه يذبح ابنه ، وكان كبش ظهر في صورة ابنه .
فصدق الرؤيا ولم يعبرها، لأن الأنبياء والكتل أكثر ما يشاهدون الأمور في عالم المثال المطلق. وكل ما يرى فيه لا بد أن يكون حقا مطابقة للواقع.
فظن عليه السلام أنه شاهد فيه، فلم يعبرها.
فصدق منامه حتى علمه الله سبحانه أن المراد بصورة ابنه هو الكبش.
اعلم أن عالم المثال المقيد .
وهو عالم الخيال - إذا شوهدت فيه صورة ، وتجد له المعنى أو الروح في صورة مثالية أو خيالية ، ثم إذا رجع إلى الحس وشاهد حقية ذلك على الوجه المشهود.
فقد جعله الله حقا، أي أظهر حقية ما رأي في الوجود العيني حتة، فإن الخيال لا حقة له ولا ثبات.
كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام : "هذا تأويل ژینی من قبل قد جعلها ربي حقا " [يوسف : 100].
وكان هذا حال إبراهيم عليه الصلاة والسلام في مبدئه . فكان لا يرى رؤيا إلا وجد مصداقها في الحس ورأي حقيتها عينا. فكان عليه السلام لا أول رؤياه.  وهو نوع من الكشف الصوري.
وسر ذلك أن الوارد إذا نزل من الخارج على القلب، ثم انعكس من القلب إلى الدماغ، فصورته القوة المصورة في المتخيلة و جسدته، خرج على صورة الواقع، لأن عكس العكس مطابق للصورة الأصلية.
فيشاهد صاحب الكشف المذكور شاهد الوارد مطابقة للصورة الأصلية على ما رآه في عالم الخيال.
وكان مشاهد إبراهيم عليه السلام على هذا، وقد تعود بذلك.
ثم لما نقله الله سبحانه إلى مقام من وسع قلبه الحق، وصار محل الاستواء الإلهي، فلا ينطبع في قلبه غالبا أمر من خارج ؛ بل من قلبه يكون المنبع، والانطباع الأول في الدماغ.
فانبعث الوارد - یعني القربان - من قلبه إلى القوة المتخيلة .
فصورت له المصورة ذلك القربان - وهو الكبش - على صورة إسحاق عليه السلام لمناسبة واقعة بينهما، وهي إسلامه لوجه الله وانقياده لأحكامه.
وأيضا كان الكبش صورة السر الذي أوجب عليه القربان ، وهو استسلامه لله وفناؤه فيه ؛ و«الولد سر أبيه».
وحيث كان الانطباع واحدا، لم يظهر بصورة الأصل.
فاحتاج إلى التأويل المعرب عن الأمر المراد بذلك التصوير على نحو انبعاثه من القلب .
فلما استيقظ عليه السلام، لم يفسر رؤياه بمقتضى الموطن.
بل جرى على سيرته الأولى على ما اعتاده .
وكان مشهد إسحاق عليه السلام أيضا من هذا القبيل.
فلما قال له: " يا بني إني أري  في المنام أني أذبحك" [الصافات: 102].
أي لله قربانا ، قال : " يا أبت أبي أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" [الصافات: 102].
.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 7 أبريل 2019 - 13:12 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثانية والعشرون السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثانية والعشرون:
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص السادس فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
(1) يبحث الجزء الأكبر من هذا الفص في الأحلام و منزلتها من المذهب الفلسفي العام الذي وضعه ابن عربي، و لذا وجب مقارنة ما ورد عن الأحلام هنا بما ذكره عنها في الفص التاسع لأن كلًا من الفصين يكمل الآخر.
و موضوع الأحلام متعدد النواحي، متصل بمسائل كثيرة أثارها المؤلف في الفصوص و الفتوحات و في غيرهما من مؤلفاته فهو متصل بنظريته في الوجود و مراتبه التي يسميها بالحضرات الخمس، و متصل بنظريته في النفس الإنسانية و قواها و مظاهر حياتها، و متصل كذلك بالوحي و الإلهام و مظاهر النبوءة عامة.
و لهذا كان لهذا البحث قيمته و خطره.
و قد ذكرت الأحلام هنا مقترنة باسم «إسحاق» لأن ابن العربي يعتقد أن «إسحاق» هو الابن الذي رأى إبراهيم في منامه أنه يذبحه ثم فداه اللَّه بالذبح العظيم و ابن العربي واحد من عدد قليل جداً من المسلمين الذين يرون هذا الرأي، و يشاركه فيه أبو العلاء المعري في قوله في سقط الزند:
فلو صح التناسخ كنت عيسى  .... و كان أبوك إسحاق الذبيحا
أما جمهور المفسرين فيرون أن الابن المذكور في القصة هو إسماعيل لا إسحاق و يستشهدون على هذا بقول النبي صلى اللَّه عليه و سلم «أنا ابن الذبيحين» يريد أباه عبد اللَّه الذي وقعت عليه القرعة من بين اخوته عند ما أراد أبوه عبد المطلب أن يفي بنذر كان نذره في قصة مشهورة.
و الأب الثاني الذي أشار إليه الحديث هو إسماعيل الذي يعتبره العرب أباً لهم جميعاً.
و يتفق رأي ابن العربي و المعري مع الرأي السائد عند العبرانيين: (راجع سفر التكوين الفصل 22). أما القرآن فلا يبين اسماً خاصاً: راجع س 37، الآيات 101 - 111.

(2) «فداء نبي ذبح ذبح لقربان» الأبيات.
(2) ترد الأبيات الأربعة الأولى منها في الفتوحات (ج 1 ص 749) في معرض الكلام عن زكاة الغنم. و هي تشرح بوجه عام مراتب الموجودات المختلفة و قيمة كل منها إذا قدم قرباناً إلى اللَّه. و في الأبيات الختامية مقارنة بين صفتي الإنسان:
صفة العبودية و صفة الربوبية. و لذلك يجب مقارنتها بما يذكره المؤلف في موضوع التصرُّف في الفص الثالث عشر. «أ لم تدر أن الأمر فيه مرتب وفاء لأرباح و نقص لخسران؟»
يصح أن نفهم «فيه» بمعنى في الفداء أو بمعنى في اللَّه. و على الأول يكون معنى البيت: أ لم تعلم أن الامر في القرابين أنها مرتبة بحسب قيمتها لاختلافها في الدرجة، فمنها العظيم الذي يتقرّب به صاحبه إلى اللَّه و ينال رضى اللَّه به، و منها الحقير الذي يبوء صاحبه بالخسران.
و يصحّ أن يكون معنى الترتيب هنا الموازاة التامة بين القربان و الجزاء المعطى عليه، أو بينه و بين الغاية المقصودة منه: أي أن أمر القرابين مرتّب بحيث إن أعظمها هو ما عظم الباعث عليه و الغاية منه، و أحقرها هو ما حقر الباعث عليه و الغاية منه، و في وفاء النوع الأول أرباح و في نقص النوع الثاني خسران.
و أعظم القرابين كلها هي النفس و أعظم تضحية هي التضحية بها.
فالفداء المذكور في الأبيات إنما هو رمز للفناء الصوفي في اللَّه، و كبش الفداء هو النفس، و ذبح الكبش صورة فناء النفس.
و قد اختار الكبش رمزاً للنفس و لم يختر غيره من الحيوانات لأن الغنم أولى الحيوانات كلها بالذبح لأنها خلقت له دون غيره، و لذلك قال في بيت سابق إن البُدْن و لو أنها أعلى قيمة من الغنم- أي من ناحية ثمنها- أقل منها قيمة في القرابين لأنها ليست للذبح وحده بل تستعمل في الركوب و جرّ الأثقال مثلًا. فالشاة الوادعة الأليفة التي تستسلم للذبح هي صورة النفس الصوفية الوادعة التي تستسلم للفناء. أما «الأرباح» المذكورة في القربان فيقابلها «البقاء» (الذي هو ضد الفناء).
و البقاء في عرف أصحاب وحدة الوجود هو الحال التي يتحقق فيها الصوفي من اتحاده الذاتي بالحق. هذا إذا حصل «الوفاء» أي إذا تم الفناء على وجهه الأكمل، فإن فناء الصوفي عن نفسه ليس أمراً سلبياً محضاً، و ليس أمراً عدمياً، بل يعقبه «بقاء» أي بقاء بالحق.
و كل فناء غير هذا ناقص لا يؤدي الغرض المقصود منه و لهذا كانت عاقبته الخسران المبين.
أما أخذ «فيه» بمعنى «في الحق» أو «في اللَّه» ففيه شي ء من التعسف لأن اللَّه لم يُذْكر في الأبيات السابقة فيعاد عليه الضمير، و لكنه مع ذلك فهم يستقيم مع ما يلي من الأبيات. و إذا أخذنا به أصبح معنى البيت: أن أمر الخلق- أو أمر الوجود كله مرتّب في الحق على درجات. فمن وفَّى بالميثاق الذي أخذه اللَّه عليه (و هو الميثاق المشار إليه في قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى: قرآن س 7 آية 179) و هو ميثاق الربوبية- بأن حقق في نفسه كل معاني العبودية- فقد ربح. و من قصر في الوفاء بذلك العهد فقد خسر.
و لهذا يذكر المؤلف بعد ذلك مباشرة أنواع المخلوقات و درجاتها في العبودية و ما يقابل هذه الدرجات من درجات القرب من اللَّه. فأرقى المخلوقات عبودية أدناها في سلّم التطور، و أرقى المخلوقات في سلم التطور أبعدها من العبودية الكاملة و أبعدها من اللَّه. و لن يرقى الإنسان إلى درجة العبودية الكاملة- في نظر ابن العربي- حتى يحقق حيوانيته، بل جماديته، أي حتى ينمحي فيه كل أثر للعقل و للصفات التابعة له المميزة للإنسان عن غيره من أنواع الحيوان الأخرى، ثم يفنى عن صفاته الحيوانية و النباتية.
يقول إن أكمل صفات العبودية في الإنسان صفة الجمادية (الفتوحات ج 1 ص 893).

(3) «بذا قال سهل و المحقق مثلنا فإنا و إياهم بمنزل إحسان»
(3) الإشارة هنا إلى سهل بن عبد اللَّه التستري الصوفي الكبير المتوفى سنة 283.
و يذهب ابن عربي إلى أن التستري كان يرى أن الإنسان قد امتاز عن سائر الحيوانات بل عن سائر المخلوقات بالعقل، و أنه لذلك قد اختلف عنهم جميعاً بأنه لا يعرف اللَّه معرفة فطرية كما يعرفونه، و إنما يعرف الإنسان اللَّه بطريق النظر العقلي، و هي معرفة مكتسبة غير فطرية و غير موصلة لليقين. أما معرفة سائر الخلق ففطرية (راجع الفتوحات ج 3 ص 53، ج 1 ص 893).
أما منزل «الإحسان» فمقام من مقامات الصوفية، و هو مقام الكشف و الشهود. سمّي بذلك لما ورد في الحديث من أن النبي صلى اللَّه عليه و سلم سُئل عن الإحسان ما هو؟ فقال: «الإحسان أن تعبد اللَّه كأنك تراه» و من قوله تعالى: «ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا». فمقام الإحسان وراء مقامي التقوى و الإيمان و أعلى منهما. و لكن أصحاب وحدة الوجود لا يقصدون هنا مجرد الحضور بالقلب في العبادة و الإقبال بجميع الهمة على اللَّه حتى لكأن العابد يراه متمثلًا في محرابه، بل يريدون المقام الذي تنكشف فيه وحدة الحق و الخلق و يشاهد فيه الصوفي الحقيقة المطلقة شاملة لكل شي ء لا فرق فيها بين مشاهِد و مشاهَد. هذا هو المقام الذي صاح فيه الحلاج بقوله أنا الحق!

(4) «و لا تلتفت قولًا ... في نص قرآن».
(4) أي و لا تلتفت إلى قول أصحاب النظر من المتكلمين الذين لا يعرفون الحق إلا بالبرهان و لا يشاهدونه مشاهدة أصحاب الأذواق.
«و لا تبذر السمراء في أرض عميان» مثال يُضرب لمن يضع الشي ء في غير
موضعه: أي و لا تبذر الحنطة السمراء في أرض من لا يستطيع رؤيتها، و هم المحجوبون عن العلم الذوقي. فهؤلاء صمٌ مع أنهم يسمعون، و بكمٌ مع أنهم يتكلمون، و عميٌ مع أنهم يبصرون: صم عن الحق، و بكم لأنهم لا يتكلمون بما هو حق، و عمي لأنهم لا يشاهدون الحق. و قد أخبرنا عنهم اللَّه تعالى في نص قرآني هو «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ».

(5) الرؤيا (الأحلام).
(5) من الصعب الوصول إلى فكرة واضحة عن الأحلام و منزلتها من المذهب الفلسفي العام الذي وضعه ابن عربي في طبيعة الوجود لأن كلامه فيها مزيج من الفلسفة و علم النفس و التصوف، و كثيراً ما يتردد الإنسان في اعتبار نظريته في الأحلام نظرية في طبيعة الوجود، أو نظرية في علم النفس، أو جزءاً من نظريته العامة في الكشف الصوفي.
و لا شك أن الناحية السيكولوجية أظهر من غيرها فيما ذكره في هذا الفص عن الأحلام، و لكن بعض النواحي الميتافيزيقية يجب شرحها ليستطيع القارئ فهم النظرية في جملتها.
يقسم ابن العربي الوجود إلى خمس مراتب يسميها الحضرات الخمس و يعتبر الأحلام- أو بعبارة أدق بعض الأحلام و هي الرؤيا الصادقة- من مظاهر حضرة من هذه الحضرات هي حضرة الخيال أو حضرة المثال. و عالم المثال عنده عالم حقيقي توجد فيه صور الأشياء على وجه بين اللطافة و الكثافة: أي بين الروحانية المحضة و المادية الصرفة. و هذا هو الذي يسميه عالم المثال المطلق أو عالم المثال المنفصل. و لكنه يتحدث كذلك عن عالم المثال المقيد أو المتصل و يقصد به عالم الخيال الإنساني.
و يجب ألا نخلط بين عالم المثال المطلق و بين عالم المثل عند أفلاطون على الرغم من ورود كلمة المثال في التعبيرين، فإن عالم المثال المطلق لا يحتوي معاني مجردة،
بل يحتوي صوراً مقدارية محسوسة تشبه المعاني المجردة (التي هي أشبه بالمثل الأفلاطونية) في العالم المعقول، كما تشبه الموجودات الخارجية في العالم المحسوس.
و ليس عالم المثال المقيد- أو عالم الخيال- سوى المرآة التي تنعكس عليها صور عالم المثال المطلق في العقل الإنساني: فالمخيلة هي القوة التي تصل الإنسان بعالم المثال، و ليست القوة التي تخلق ما لا وجود له أو تستحضر في الذهن صورة الموجود المحسوس. نعم قد تفعل المخيلة ذلك أحياناً فتخلق صوراً ليس لها ما يقابلها من الحقائق في عالم من العوالم الخمسة التي أشرنا إليها: لأنها في حركة دائمة و نشاط مستمر في النوم و اليقظة. فإذا أثرت فيها الحواس أو قوى أخرى اضطربت وظيفتها الحقيقية فخلقت صوراً على غير مثال. أما إذا تحررت تماماً من أثر الحواس و القوى النفسية الأخرى و بلغ نشاطها كماله- و لا يكون ذلك إلا في النوم- فإن صور العالم المثالي تنطبع عليها كما تنطبع صور الشي ء المرئي على المرآة و تحصل الرؤيا الصادقة.
و ليس بغريب أن يعدّ ابن عربي المخيلة التي وصفناها بهذا الوصف قوة من قوى القلب، فإنه يقول إن قلب النائم يصبح- و قد اتصل بالعالم العلوي هذا الاتصال- أشبه شي ء بمجرى غير مضطرب من الماء الصافي ينعكس عليه جميع ما هنالك من صور الحقائق النورانية.
أما هذه الصور فليست إلا أشباحاً و ظلالًا أو رموزاً لتلك الحقائق التي وراءها. و لذلك يرى وجوب تأويل الأحلام و تعبير الرؤيا.
لم يرَ إبراهيم إذن في منامه إلا رمزاً- رأى كبش القربان يتمثل في مخيلته بصورة ابنه، و لم يرَ ابنه مطلقاً، و لكن خيل إليه أنه رآه كانت رؤياه صادقة بمعنى أنها كانت رمزاً لحقيقة من الحقائق، و لكن كان يعوزها التأويل. غير أن إبراهيم لم يؤول ما رأى و همَّ بذبح ابنه ففداه اللَّه بالكبش.
فالذي كان له وجود في العالم المثالي، و الذي وجد بالفعل في العالم المحسوس، هو الكبش المقدّم للقربان، و قد ظهرت صورته في مخيلة إبراهيم فاستبدلتها بصورة
ابنه. و لهذا قال: «ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام، ما هو فداء في نفس الأمر عند اللَّه».
و هناك طائفة من الأحلام تنكشف فيها حقائق الأشياء للقلب مباشرة من غير وساطة القوة المتخيلة، و مثل هذه الأحلام لا رمزية فيها، فهي في غنى عن التأويل.

(6) «علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبِّر ... ».
(6) لما فرغ من الكلام في تأويل الصور في الأحلام شرع يتحدث عن تأويل صور الحق في الموجودات، فقال كل تقييد للحق في صورة من الصور يرده الدليل العقلي، و ذلك لما بيناه من أن العقل لا يثبت للحق إلا التنزيه المطلق أي التحرر التام من كل تقييد و تحديد في أي صورة من الصور مهما كان نوعها. هذا هو رأي الفلاسفة و قد ذكرنا رده عليهم. و لكن بعض الناس لا يذهب إلى ذلك الحد من التنزيه، بل يقبلون أن يروا اللَّه في بعض الصور و يردونه في صور أخرى، و هؤلاء هم المؤمنون الذين يؤمنون بما جاء في القرآن مُشعِراً بالتشبيه، إلا أنهم يؤولون الصور التي توجب النقصان بالصور الكمالية التي جاء بها الشرع. و هذا معنى قوله بالحق المشروع أي الثابت في الشرع. و قد ورد في الحديث أن الحق يتجلى يوم القيامة في بعض الصور فيقبل ثم يتجلى في بعض الصور الأخرى فينكر.
و ليست هذه الصور سوى صور معتقداتنا فيه. فكل منا يقبله يوم القيامة في صورة معتقدة و ينكره في صورة معتقد غيره.
هذا هو «الحق المشروع»: أي اللَّه كما وصفه الشرع: لا اللَّه كما هو عليه في ذاته. أي هذا هو الحق الذي يتجلى لنا في هذا العالم في صور الأحلام و الذي ندركه في صور الموجودات، و هو الذي يتجلى لنا يوم القيامة (و ليوم القيامة معنى خاص عند ابن عربي) في صور معتقداتنا. فالمؤمن يرى من الواجب عليه أن يسلم بتجلي الحق في الصور. فإذا ما تجلى له في صورة لا تليق بالجناب الإلهي
- كما يحدث ذلك في الأحلام مثلًا- رد هذه الصورة أو أوَّلها إلى غيرها أكمل منها، و نسب النقص إما إلى نفسه (و هو المراد بالرائي) أو إلى المكان و الزمان اللذين رأى الصورة فيهما، أو إلى الاثنين معاً. و أغلب ما يكون النقص في الصورة من الرائي نفسه لأن الصورة من عمله كما أن الاعتقاد من عمله. أ ليست الصور التي يتجلى فيها الحق لكل منا هي الأسماء و الصفات الإلهية الظاهر أثرها فينا، المكيفة بأحوالنا العقلية و الروحية؟ فإذا جاءت هذه الصور موافقة للعقل مقبولة عنده فلا تأويل، كما أن صور الحق التي يتجلى فيها يوم القيامة لا تؤول و لا تنكر إذا أتت مطابقة لصور المعتقدات.

(7) «فللواحد الرحمن في كل موطن» الأبيات.
(7) بعد أن ذكر أن للحق صوراً يقبلها العقل و صوراً أخرى يردها و ينكرها، شرع يقول إن للحق صوراً لا نهاية لعددها و لا نهاية للمواطن التي تظهر فيها.
و بعض هذه الصور خفي و بعضها جلي. فإن قلت إن هذه الصورة أو تلك هي الحق فقد قلت صدقاً لأنها مجلى من مجاليه و مظهراً من مظاهره. و إن قلت إنها شي ء آخر غير الحق أوَّلتها كما تؤول الصورة المرئية في الأحلام: و هذا معنى قوله «أنت عابر» و ليس قولك أن الصورة المرئية غير الحق إنكاراً لها، بل هو إثبات لها من حيث هي رمز يدل على مرموز إليه و المرموز إليه هو الحق. و من هنا نستطيع أن نقول مع المؤلف.
إنما الكون خيال و هو حق في الحقيقة فمن حيث هو خيال وجب تأويل الصور التي تظهر فيه وردها إلى حقيقتها.
فهو خيال و هو حق في آن واحد. و ليس ظهور الحق في صورة من الصور بأولى من ظهوره في صورة أخرى لأن الحكم في المواطن التي تظهر فيها الصور واحد في الجميع: إذ أنه ظهور للحق في صور الخلق. و هذا معنى قوله «و لكنه (أي الحكم) بالحق للخلق سافر».
غير أن العقول التي لا يؤيدها الكشف و لا ينعم أصحابها بنعمة الذوق تنكر
بعض صور الحق إذا تجلت لها في نومها أو في يقظتها. و بعضها يقبل هذه الصور إذا التمس لها دليلًا من الشرع: فيقبلون الصور المجردة البحتة و يقبلون الصور المتخيلة. و هو قوله: «فيقبل في مجرى العقول و في الذي يسمى خيالًا .... »
و لكن أهل الكشف الذين يشير إليهم باسم «النواظر» و يشاهدون الحق في كل شي ء و يقبلونه في كل صورة هم وحدهم الذين يدركون الأمر على حقيقته.
فأهل الكشف أصحاب الذوق يرون اللَّه في كل شي ء و يعبدونه في كل مجلى و تتسع قلوبهم لكل صورة من صوره. أ لا يقول الحديث القدسي: «ما وسعني أرضي و لا سمائي و لكن وسعني قلب عبدي المؤمن»؟ هذه هي سعة قلب المؤمن في مذهب وحدة الوجود: لا يسع إلا الحق لأنه يشاهد الحق في كل صورة ترد عليه، و لا يشاهد هذه الصور أبداً من حيث هي صور أو من حيث هي خلق، و لا يحسّ لها من هذه الناحية وجوداً. و لهذا قال في الأبيات التالية:
لو أن ما قد خلق اللَّه ما لاح بقلبي فجره الساطع
أي لو أن جميع ما خلق اللَّه كان موجوداً بقلبي ما شعرت بنوره الساطع و هو وجوده لأنني لا أشعر إلا بوجود الحق. و في البيت تقديم و تأخير تقديره ما ذكرت.

( 8 ) «و العارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة».
( 8 ) من وظيفة القوة المتخيلة الخلق و الابتكار، فهي تخلق من الأشياء ما لا وجود له إلا فيها، و هذا أمر عام يدركه كل إنسان من نفسه. و لكن ابن عربي يتكلم عن قوة أخرى لا وجود لها إلا في «العارف» يسميها «الهمة» تستطيع أن تخلق أموراً وجودية خارجة عن محلها: أي أن العارف يستطيع أن يخلق أشياء- لا في خياله و لا في خيال غيره كما يفعل السحرة و المشعوذون- بل في العالم الخارجي.
و لكننا قد ذكرنا مراراً أن «عملية الخلق» لا مكان لها و لا معنى في مذهب يقول بوحدة الوجود، و بيَّنَّا في مناسبات كثيرة أن ابن عربي لا يفهم من خلق اللَّه للأشياء أكثر من أنه يمنح الوجود الخارجي للأعيان التي لها وجود بالعمل في العالم المعقول- أو بعبارة أخرى- إن الدور الذي يقوم به الخالق في الخلق هو أن يجعل ما هو موجود بالقوة موجوداً بالفعل و لكن في ذاته. أما الخلق بمعنى الإيجاد من العدم فأمر غير معقول و غير ممكن في نظره.
يقول:
يا خالق الأشياء في نفسه   .... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه   ..... فيك فأنت الضيق الواسع
إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لخلق اللَّه الأشياء، فما معنى نسبة قوة خالقه إلى العارف أو إلى أي إنسان؟
إن أداة الخلق عند العارف هي «الهمة» و هي قوة غريبة لا نعرف بالضبط ماهيتها يُسَلطها العارف على أي شيء يريد أن يحدث به أثراً فيحدث ذلك الأثر، أو أي شيء يريد وجوده فيحدث ذلك الوجود.
و يقول في فتوحاته (ج 1 ص 77) إنها معروفة عند المتكلمين باسم «الإخلاص»، و عند الصوفية باسم «الحضور»، و عند العارفين باسم «الهمة» و لكنه يفضّل أن يسميها «بالعناية الإلهية».
و لكن هذه لقوة لا يمكن أن يفهمها أو يدرك عملها إلا الذين منحوها و جربوها مهما كانت الأسماء التي نسميها بها. و هؤلاء الذين منّ اللَّه عليهم بها قليلون.
و يبدو لي أننا نستطيع أن نفهم قوة الخلق عند الصوفي على وجهين:
الوجه الأول: أن الصوفي في الحال الخاصة التي يسمونها حال «الفناء» يستطيع أن يخلق، أو يحدث أي أثر في العالم الخارجي يريد إحداثه، بمعنى أن اللَّه يخلق على يديه ذلك الأثر المطلوب.
فالفعل فعل الحق، و لكن بوساطة العارف الذي فني عن صفاته البشرية و بقي بصفاته الإلهية و تحقق بها.
و ليس للعارف- على هذه النظرية- سوى الوساطة في إظهار قوة الخلق عند اللَّه.
و لهذا التفسير نظير في رأي الأشاعرة في خلق العبد لأفعاله، و هو قريب أيضاً من رأى ملبرانش في صدور الأفعال الإنسانية و غيرها، و من النظرية الفلسفية التي تُعرف في العصر الحديث باسم نظرية الظروف أو المناسبات  Occasionalism : و معناها أن كل فعل إنما هو في الحقيقة للَّه، و لكنه يظهر على نحو ما يظهر إذا تحققت ظروف خاصة- إنسانية أو غير إنسانية- حتى لكأنما يخيل إلينا أن الظروف هي التي أوجدته، و في الحقيقة لم يوجده سوى اللَّه.
و قد يقال: و لِمَ خُص «العارف» بهذا في نظرية ابن العربي و هو ميسور لكل إنسان، بل لكل موجود، إذ يُجري الحق على أيدي الموجودات ما يشاء و يفعل ما يريد بوساطتها؟
و الجواب على هذا أن الخلق الانساني يحتاج إلى جمعية الهمة: أي التوجه التام بقوى الإنسان الروحية في أعلى مظاهرها و أصفى حالاتها، إلى خلق ما يريد خلقه أو تغيير ما يراد تغييره. و لا يتسنى ذلك إلا للعارف أو الإنسان الكامل كما يُسمى أحياناً.
و لعل هذا هو المعنى الذي أشار إليه ابن عربي في قوله في الفص الخامس عشر: «و هذه مسألة لا يمكن أن تعرف إلا ذوقاً كأبي يزيد حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمن ينفخ فنفخ».
و قوله في الفص السادس عشر:
«و إنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية و قد عاينا ذلك في هذا الطريق».
و الوجه الثاني في فهم خلْق العارف هو الذي يشرحه المؤلف في عرض كلامه عن الحضرات الخمس.
و هنا يفسر أيضاً كيف يحفظ العارف ما خلق من الأشياء.
كل ما هو موجود إنما يوجد في حضرة أو أكثر من حضرة من الحضرات الخمس التي هي حضرة الغيب المطلق- أو حضرة الذات- و حضرة العقول، و حضرة الأرواح، و حضرة المثال، و حضرة الحس.
و قد سمَّى شراح الفصوص هذه الحضرات أو هذه العوالم بأسماء مختلفة، و لكن لا أثر لهذا الاختلاف في فهمنا للنظرية العامة التي وصفها ابن العربي (راجع مثلا شرح القيصري ص 148، و شرح القاشاني ص 166، و قارن ما ذكره الجرجاني في التعريفات ص 61).
و تشبه هذه الحضرات من بعض الوجوه الفيوضات الأفلوطينية، و هي مرتّبة ترتيباً تنازلياً بحيث إن كل حضرة من الحضرات ينعكس عليها ما في الحضرة التي فوقها و ينعكس ما فيها هي في الحضرة التي دونها.
و قد يكون للأشياء وجود في حضرة من الحضرات العليا و لا يكون لها وجود في الحضرات الدنيا، و قد يكون للشي ء وجود في جميع الحضرات.
فإذا قلنا إن العارف يخلق بهمته شيئاً من الأشياء، كان معنى هذا أنه يُظْهِر في حضرة الحس شيئاً له وجود بالفعل في حضرة أخرى أعلى منها- لا أنه يخرج إلى الوجود شيئاً لم يكن موجوداً من قبل.
فهو بتركيزه همته في صورة شي ء من الأشياء في حضرة من الحضرات يستطيع أن يخرجها إلى حيز الوجود الخارجي في صورة محسوسة، و بحفظه لصورة شيء في حضرة من الحضرات العلوية يحفظ صورته في الحضرات السفلية.
والعكس صحيح أيضاً: أي أنه إذا حفظ بقوة همته صورة شيء في حضرة من الحضرات السفلية، يحفظ صورة ذلك الشيء في حضرة علوية، فإن بقاء المعلول يقتضي بقاء علته.
و لهذا قال: «فإذا غفل العارف عن حضرة ما- أو عن حضرات- و هو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها».
و يفسر ابن العربي قوة الخلق عند اللَّه على هذا النحو أيضاً- إلا أن الفرق بين خلْق اللَّه و خلْق الإنسان هو أن الإنسان لا بدّ أن يغفل عن واحدة أو أكثر من واحدة من الحضرات الخمس، في حين أن اللَّه لا يغفل عن مشاهدة صور ما يخلق من الأشياء في أية حضرة من الحضرات.
هكذا تصور ابن العربي مسألة الخلق الصادر عن اللَّه أو عن أي إنسان منحه اللَّه قوة الخلق، و هو لا يرى تناقضاً في افتراض وجود صور مختلفة للشيء الواحد في عوالم مختلفة، و لا في وجود الشيء الواحد في مكانين مختلفين، و لا في وجود شيخه في مكان ما و وجود روح ذلك الشيخ ماثلة أمامه تحدثه.
بل هو يفسر بنظريته هذه كثيراً من المعجزات و خوارق العادات.
و أما قوله: «فإن تلك الحضرة التي يبقى لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب ... إلخ.
فمعناه أن حضور العارف في حضرة من الحضرات يتحقق بتركيز جميع قواه الروحية في صورة ما من صور تلك الحضرة: فإذا تم له ذلك الحضور أصبحت له هذه الحضرة بمثابة المرآة التي يرى فيها جميع ما في الحضرات الأخرى، أو كالكتاب الذي قال اللَّه فيه: «ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ»، لأنه يرى في هذا الكتاب جميع ما في الوجود من واقع و غير واقع أي ما هو موجود بالفعل و ما هو موجود بالقوة.

(9) «و لا يعرف ما قلناه إلا من كان قرآناً في نفسه».
(9) أي و لا يفهم هذه المسألة إلا «الإنسان الكامل» الذي هو الكون الجامع لحقائق الوجود كلها في نفسه و الذي تتمثل فيه جميع الصفات و الأسماء الإلهية. فهو كالقرآن يحوي كل شيء.
وهنا نجد المؤلف يستعمل كلمتي القرآن و الفرقان- كما استعملهما في الفص الثالث- بمعنى الجمع و الفرق.
والمراد بالجمع الحال التي لا تتميز فيها بين العبد و الرب- و هي حال الفناء الصوفي، و المراد بالفرق الحال التي يقع فيها هذا التمييز.
و أما قوله: «فإن المتقي اللَّه يجعل له فرقاناً» فإشارة إلى الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً» (س 8 آية 27)، و لكنه يفسر التقوى و الفرقان بطريقته الخاصة.
وقد أشرنا إليها فيما سبق و لا بأس من أن نزيد المسألة شرحاً هنا.
يأخذ «المتقي» على أنها مشتقة من الوقاية لا من التقوى:
و من يتقي اللَّه بهذا المعنى ليس هو من يخاف اللَّه، بل هو الذي يتخذ اللَّه وقاية له: أي يعتبر الذات الإلهية وقاية و حماية لصورته الانسانية، و بذلك يفرِّق (من الفرقان) بين الناحيتين اللتين فيه و هما ناحية اللاهوت و ناحية الناسوت. هذا هو مقام الفرقان.
أما مقام «القرآن» فليس فيه هذا التمييز أو هذه التفرقة.
غير أن «الفرقان» قد يحصل قبل دخول الصوفي في حال الفناء (و هي حال القرآن) و قد يحصل بعد خروجه منها.
أما إذا فرّق بين لاهوته و ناسوته قبل الفناء فهو جاهل بوحدته الذاتية مع الحق: أي جاهل بالوحدة التي لا انفصام لها بين اللاهوت و الناسوت.
و أما إذا فرَّق بعد الفناء فلعلمه بأن الحق و الخلق (اللاهوت و الناسوت) و لو أن بينهما اتحاداً ذاتياً- كما دلت عليه حال الفناء.
إلا أن الخلق متميز من الحق امتياز الصورة من الجوهر الذي هي صورة له.
و هذا ما دلّ عليه حال «البقاء». هذا «فرقان» أيضاً و لكنه «فرقان» بعد «قرآن» أو هو كما يقول الصوفية «بقاء بعد فناء» أو «صحو بعد محو».
قال ابن الفارض في تائيته:
و في الصحو بعد المحو لم أكُ  ..... غيرها و ذاتي بذاتي إذ تحلت تجلت

(10) «فوقتاً يكون العبد رباً بلا شك» الأبيات.
(10) نشرح هذه الأبيات جهتي الحق و الخلق في الإنسان و هما الجهتان اللتان يعبر عنهما أحياناً باسم اللاهوت و الناسوت و أحياناً باسم الربوبية و العبودية.
و قد سبق أن ذكرنا أنهما جهتان اعتباريتان لحقيقة واحدة و أن لا ثنوية في مذهب ابن عربي. 
فبأحد الاعتبارين نستطيع أن نقول إن الإنسان عبد لربه، و بالاعتبار الآخر نستطيع أن نقول إنه هو الرب. 
فهو عبد في مقام الفرق أو الفرقان، و ربّ في مقام الجمع أو القرآن كما قدمنا.
و في المقام الأول لا يتحقق العبد من اتحاده الذاتي بربه: 
فهو لا يزال يفرّق بين عبوديته و ربوبية الرب، مع أن اللاهوت جزء من حقيقته كالناسوت تماماً و إن كان لا يعرف ذلك.
و هذا هو المقام الذي يدفع بصاحبه إلى طلب مقام أعلى و هو معنى قوله: فمن كونه عبداً يرى عين نفسه و تتسع الآمال منه بلا شك و هي الآمال في الوصول إلى مقام الوحدة.
أما إذا حصل في المقام الثاني فإنه يحِسُّ بربوبيته و يشعر أن الكون كله طوع أمره. هذا هو المقام الذي صاح فيه الحلاج بقوله أنا الحق!
ينمحي في هذا المقام الفرق بين العبد و الرب و يشعر صاحبه أن كل ما في الوجود يطالبه بحاجاته.
فإذا غفل لحظة واحدة عن هذا المقام «و رأى عينه» كما يقول- أي لاحظ جانب عبوديته، أدرك عجزه المطلق عن أن يجيب مطالب الوجود و أدرك افتقاره المطلق إلى اللَّه.
و هذا معنى قوله:
و يعجز عما طالبوه بذاته   .... لذا ترَ بعض العارفين به يبكي
و لما كان المقام الثاني هو مقام الفناء التام و محو جميع آثار العبودية، و هذا مستحيل في هذا العالم، لأن العارف مهما بلغ من درجات الفناء لا يتحرر تماماً من نفسه، نصح ابن عربي الصوفية ألا يدعوا مقام الربوبية و أن يبقوا على عبوديتهم في قوله:
فكن عبد رب لا تكن رب عبده  .... فتذهب بالتعليق في النار و السبك
أي فتفنى بواسطة تعلقك بالربوبية في نارها المحرقة التي لا تبقي على شيء من عبوديتك.
و لأصحاب وحدة الوجود عبارات كثيرة في هذا المعنى منها أن الحق غيور و أن الرب غيور- أي لا يحب أن يرى غيره، فإذا ظهر بطلت الغيرية.
و منها كلامهم في سبحات وجه اللَّه التي تحرق كل من نظر إليها و هكذا.
.


عدل سابقا من قبل الشريف المحسي في الأربعاء 1 مايو 2019 - 10:12 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الأحد 7 أبريل 2019 - 13:24 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الثالثة والعشرون السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الثالثة والعشرون:
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:
06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
فداء  نبي ذبح  لقربان ...   وأين ثؤاج الكبش من نوس إنسان
وعظمه  الله العظيم  عناية ... بنا  أو به لا أدر من أي ميزان
_______________________________

1 ۔ المناسبة (*)
المناسبة في هذه الحكمة هي أنه عالم الخيال عالم حقيقي وهو حق كله وإنما يقع الخطأ في تأويل وتعبير الرؤيا التي هي جزء من عالم الخيال ، ولما كان الجمهور من العلماء يذهب إلى أن الذبيح هو إسحاق عليه السلام لذلك سميت الحكمة حقية لأنها جاءت في حق إسحاق عليه السلام.
أما مذهب الشيخ في هذا الموضوع فهو مخالف لما عليه الجمهور ويثبت أن إسماعيل عليه السلام هو الذبيح .
فيقول في كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار ، في سفر الهداية ، وهو سفر إبراهيم الخليل عليه السلام ، ما هذا نصه : لما بشر في إجابة دعائه في قوله:« رب هب لي من الصالحين » ابتلى فيما بشر به لأنه سأل من الله سواه ، والله غيور ،فابتلاه بذبحه وهو أشد عليه من ابتلائه بنفسه.
وذلك أنه ليس له في نفسه منازع سوى نفسه.
فبادنی خاطر يردها ، فيقل جهاده ، وابتلاؤه بذبح ابنه ليس كذلك.
لكثرة المنازعين فيه ، فيكون جهاده أقوى ، ولما ابتلى بذبح ما سأله من ربه ، وتحقق نسبة الابتلاء وصار بحكم الواقعة، فكأنه قد ذبح وإن كان حيا.
بشر پاسحاق عليه السلام من غير سؤال.
فجمع له ( أي لإبراهيم عليه السلام) بين الفداء وبين البدل مع بقاء المبدل منه، فجمع له بين الكسب والوهب ، فالذبح مكسوب من جهة السؤال وموهوب من جهة الفداء .
فإن فداءه لم يكن مسؤولا ، وإسحاق موهوب، ولما كان إسماعيل قد جمع له بين الكسب والوهب في العطاء ، فكان مكسوبا موهوبا لأبيه ، فكانت حقيقة كاملة.
لذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم في صلبه ، بل لكون، محمد صلى الله عليه وسلم في صلبه صح الكمال والتمام الإسماعيل ، فكانت في شريعتنا ضحايانا فداء لنا من النار.
ص 91

ولا شك أن البدن أعظم قيمة ... وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته ... شخيص كبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب ... وفاء لإرباح ونقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد وبعده ... نبات على قدر يكون وأوزان
وذو الحس بعد النبت والكل عارف ... بخلاف كشفا وإيضاح برهان
وأما المسمى آدما فمقيد ... بعقل وفكر أو قلادة إيمان
___________________________________

2 - أربعة الأبيات الأولى موجودة في الفتوحات ج 1 ص 596
3  - شرف الجماد
قال تعالى : "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله"، الآية ، وصف الحق الجبل بالخشية ، وعين وصفه بالخشية عين وصفه بالعلم بما أنزل عليه .
قال تعالى : "إنما يخشى الله من عباده العلماء" ،فهذه الآية تشير إلى شرف الجماد على الإنسان ، أترى خشوعه وتصدعه لجهله ما أنزل عليه ؟
لا والله إلا بقوة علمه بذلك وقدره ، ألا تراه عز وجل يقول في هذه الآية « وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون » .
فإنهم إذا تفكروا في ذلك علموا شرف غيرهم عليهم ، فإن شهادة الله بمقدار المشهود له بالتعظيم كالواقع منه ، لأنه قول حق .
قال تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية الله" ، فإن الحجارة عبيد محققون ، ما خرجوا عن أصولهم في نشأتهم ، فالحجر يهرب من مزاحمة الربوبية في العلو فيهبط من خشية الله ، ومن خشي فقد علم من يخشى .
ووصفها الله تعالى بالقساوة ، وذلك لقوتها في مقام العبودية فلا تتزلزل عن ذاتها ، لأنها لا تحب مفارقة موطنها لما لها فيه من العلم والحياة اللتين هما أشرف الصفات.
وهذه الآية تدل على أن الله أخذ بأكثر أبصار جنس الإنس والجان عن إدراك النفوس المديرة الناطقة التي تسمى جمادا ونباتا وحيوانا ، وكشف لبعض الناس عن ذلك ، فإن الخشبية المنعوت بها الأحجار هي التي أدتها إلى الهبوط ، وهو التواضع من الرفعة التي أعطاها الله .
ف ج 1  / 529 ، 710 -  ج 2 / 228 ، 552

ص 92

بذا قال سهل والمحقق مثلنا ... لأنا وإياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته ... يقول بقولي في خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا يخالف قولنا ... ولا تبذر السمراء في أرض عميان
هم الصم والبكم الذين أتى بهم ... لأسماعنا المعصوم في نص قرآن
اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك» والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها.
وكان كبش ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.
فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.
ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل.
وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه:
«أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير.
ولذلك قال العزيز «إن كنتم للرؤيا تعبرون».
ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.
فكانت البقر سنين في المحل والخصب.
فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه، وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه
_______________________________________

4 -  لا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية
قال سهل بن عبد الله التستري ، لا أعلى في الإنسان من الصفة الجمادية ، فلا أعلى منها في الإنسان ثم بعدها النباتية ثم بعدها الحيوانية ، وهي أعظم تصريف في الجهات من النبات .
ف ح 1 / 710

5 ، 6  - المنام وحضرة الخيال
النوم جامع أمر ليس يجمعه   ..... غير المنام ففكر فيه واعتبر
أن الخيال له حكم وسلطنة   ..... على الوجودين من معنى ومن صور
وليس يدرك في غير المنام ولا   ..... تبدو له صور في حضرة السور
يختص بالصاد لا بالسين حضرته   ..... فهو المحيط بما في الغيب من صور
من لا يكيف يأبى النوم يحصره   ..... بالكيف والكم للتحديد بالعبر

ص 93

لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله.
فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام.
فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.
ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟
لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي» فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا.
ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر».  قيل ما أولته يا رسول الله؟
_______________________________

فالنوم حالة تنقل العبد من مشاهدة عالم الحس إلى البرزخ ، فإذا نام الإنسان نظر بالبصر بالوجه الذي له إلى عالم الخيال ، وهو أكمل العالم فلا أكمل منه ، هو أصل مصدر العالم ، له الوجود الحقيقي والتحكم في الأمور كلها .
يجسد المعاني ويرد ما ليس قائما بنفسه قائما بنفسه ، وما لا صورة له يجعل له صورة ، ويرد المحال ممكنا ، ويتصرف في الأمور كيف يشاء ، فالخيال له قدرة على المحال .
واعلم أن مبدأ الوحي الرؤيا الصادقة ، وما هي أضغاث أحلام، وهي لا تكون إلا في حال النوم .
والرؤيا ثلاث :
منها بشری .
ورؤيا مما يحدث المرء به نفسه في اليقظة فيرتقم في خياله .
والرؤيا الثالثة من الشيطان ، فمن اعتبر الرؤيا يرى امرا هائلا ، وتبين له مالا يدركه من غير هذا الوجه .
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح في أصحابه سألهم :
هل رأى أحد منكم رؤيا ؟
لأنها نبوة ، فكان يحب أن يشهدها في أمته ، وكل رؤيا صادقة ولا تخطيء، فاذا أخطأت الرؤيا فالرؤيا ما أخطأت .
ولكن العابر الذي يعبرها هو المخطىء، حيث لم يعرف ما المراد بتلك الصورة ، ألا تراه مع ما قال لأبي بكر حين عبر رؤيا الشخص المذكور ، أصبت بعضا وأخطأت بعضا ،

ص  94

قال العلم، وما تركه لبنا على  صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.
وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه.
كل روح بهذه المثابة فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء.
فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها.
وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالعابر للرؤيا هو الذي له جزء من أجزاء النبوة ، حيث علم ما أريد بتلك الصورة ، فقد يكون الرائي هو الذي يراها لنفسه وقد يراها له غيره.
والعابر هو صاحب علم تعبير الرؤيا ، فلا يعلم مرتبة الخيال إلا الله ، ثم أهله من نبي أو ولي مختص، غير هذين فلا يعرف قدر.
هذه المرتبة ، والعلم بها أول مقامات النبوة ،ولهذا كان رسول الله لا إذا أصبح وجلس مجلسه بين أصحابه يقول لهم "هل فيكم من رأى رؤيا ؟".
وذلك ليرى ما أحدث الله البارحة في العالم ، أو ما يحدثه في المستقبل وقد أوحي به إلى هذا الرائي في منامه ، إما صریح وحي وما وهي في صورة يعلمها الرائي ولا بعلم ما أريد بها، فيعبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع لما أراد الله بها.
في ج 1/ 307  - ج 2 / 183 ، 375 ، 367 ، 380  - ج 3 / 38 ، 507.

7 -  رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام (*)
المبشرات إن جاءت إلى العبد من الله في رؤياه على يد رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن كان حكما تعبد نفسه به . ولابد، بشرط أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الصورة الجسدية التي كان عليها في الدنيا كما نقل إليه من الوجه الذي صح عنه .
حتى إنه إنه رأى رسول الله لا يراه مكسور الثنية العليا ، فإن لم يره بهذا الأثر فما هو ذاك ، وإن

ص 95

وبقي بن مخلد. ولما كان للرؤيا هذان الوجهان.
وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا.
وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحقق أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه شیخا أو شابا مغايرا للصورة التي كان عليها في الدنيا ومات عليها .
ورآه في حسن أزيد مما وصف له ، أو قبح صورة ، أو يرى الرائي إساءة أدب في نفسه معه ، فذلك كله الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما هو رسول الله .
فيكون ما رآه هذا الرائي عين الشرع ما في البقعة التي يراه فيها عند ولاة أمور الناس ، وإما أن يرجع ما يراه إلى حال الرائي ، أو إلى المجموع .
غير ذلك فلا يكون فيكون تغير صورته صلى الله عليه وسلم  مع عين إعلامه وخطابه إياه بما هو الأمر عليه في حقه أو حق ولاة العصر بالموضع الذي يراه فيه.
فإن جاءه بحكم في هذه الصورة فلا يأخذ به إن اقتضى ذلك نسخ حكم ثابت بالخبر المنقول الصحيح المعمول به ، وكل ما أتى به من العلوم والأسرار مما عدا التحليل والتحريم فلا تحجير عليه فيما يأخذه منها .
الا في العقائد ولا في غيرها ، وذلك بخلاف حكمه لو رآه صلى الله عليه وسلم  على صورته فيلزمه الأخذ به ولا يلزم غير ذلك ، فمن رآه صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه في اليقظة ما لم تتغير عليه الصورة ، فإن الشيطان لا يتمثل على صورته أصلا .
فهو "صلى الله عليه وسلم " معصوم الصورة حيا وميتا ، فمن رآه فقد رآه في أي صورة رآه .
هذا يخالف ما جاء في هذه الفقرة من قوله : « لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصمة من الله في حق الرائي »،ف ج 4 / 27.

ص 96

إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
_____________________________

8 - رؤية الحق تعالى في صورة
ما أوسع حضرة الخيال ، فيها يظهر وجود المحال ، بل لا يظهر فيها على التحقيق إلا وجود المحال .
فإن الواجب الوجود وهو الله تعالى لا يقبل الصور وقد ظهر بالصور في هذه الحضرة ، فقد قبل المحال الوجود الوجود في هذه الحضرة .
فما قبل شيء من المحدثات صور الحق سوى الخيال ، فما أوجد الله أعظم من الخيال منزلة ولا أعم حكما ، يسري حكمه في جميع الموجودات والمعدومات ، من محال وغيره .
فليس للقدرة الإلهية فيما أوجدته أعظم وجودا من الخيال ، فيه ظهرت القدرة الإلهية والاقتدار الإلهي ، وهو حضرة المجلى الإلهي في القيامة وفي الاعتقادات .
فالخيال من جملة ما خلق الله ، وهو رحم يصور الله فيه ما يشاء ، فظهر لنا سبحانه فيه بأسمائه وصفاته صورة ، فإن المواطن تحكم بنفسها على كل ما ظهر فيها .
فمن مر على موطن انصبغ به ، والدليل الواضح في ذلك رؤيتك الله تعالى في النوم وهو موطن الخيال ، فلا ترى الحق فيه إلا صورة جسدية .
كانت تلك الصورة ما كانت ، فهذا حكم الوطن حكم عليك في الحق أنك لا تراه إلا كذا ، والحكم على الله أبدا بحسب الصورة التي يتجلى فيها .
فما يصح لتلك الصورة من الصفة التي تقبلها فإن الحق يوصف بها ويصف بها نفسه.
وهذا في العموم إذا رأى الحق أحد في المنام في صورة أي صورة كانت حصل عليه ما تستلزمه تلك الصورة التي رآه فيها من الصفات.
وهذا ما لا ينكره أحد في النوم ، واعلم أن للحق سبحانه في القلوب تجليين :
التجلي الأول في الكثائف وهو تجليه في الصور التي تدركها الأبصار والخيال ، مثل رؤية الحق في النوم ، ويعرف أنه الحق ولا يشك الرائي .
وكذلك في الكشف ، ويقول له عابر الرؤيا حقا رأيت ، وهو في الخيال المتصل ، فيظهر تجلي الحق في الصور التي ينكر فيها أو يرى في النوم ، فيرى الحق في صورة الخلق بسبب

ص 97

يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه.
فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.
وقد قال ذلك أبو يزيد. ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حضرة الخيال ، فإن صاحب الرؤيا إذا رأى ربه تعالی كفاحا في منامه في أي صورة يراه ، فيقول رأيت ربي في صورة كذا وكذا .
ويصدق مع قوله « ليس كمثله شيء » فنفى عنه المماثلة في قبول التجلي في الصور كلها التي لا نهاية لها لنفسه ، فإن كل ما سواه تعالی ممن له التجلي في الصور لا يتجلى لشيء منها لنفسه .
وإنما يتجلى فيها بمشيئة خالقه وتكوينه ، وفي نسبة الصور لله يقال في أي صورة شاء ظهر من غير جعل جاعل .
والتجلي الآخر في حال التخيل في عبادتك ، فإنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى ، وقد صح عنه أنه قال لجبريل عليه السلام « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه » ، فهذا تنزيل خيالي ، فأدخل سبحانه نفسه في التخيل من أجل كاف التشبيه ، فإن الإحسان عيان وفي منزلة كأنه عیان.
الفتوحات:  ج 1 / 383 ، 384  ج 2 / 124 ، 312 ، 472  ج 3 / 507 ، 508 ، 538 ج 4 / 19 ، 108 ، 200 .

9 -  وذلك أن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا ، فكان أبو يزيد في هذا القول تحت حكم الاسم الواسع ، فما فاض عنه شيء ، وذلك أنه تحقق .
بقوله « وسعني قلب عبدي » فلما وسع الحق قلبه ، وسع قلبه كل شيء ، إذ لا يكون شيء إلا عن الحق ، فلا تكون صورة شيء إلا في قلبه ، يعني في قلب ذلك العبد الذي وسع الحق .

ص 98

لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟
بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

10 - الخيال هو الواسع الضيق
شرح الأبيات - قوله « يا خالق الأشياء » يعني به الخيال
لما كان الخيال يصور من يستحيل عليه بالدليل العقلي الصورة والتصور ، لهذا كان واسعا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اعبد الله كأنك تراه » « والله في قبلة المصلي » أي تخيله في قبلتك وأنت تواجهه لتراقبه وتستحي منه وتلزم الأدب معه.
وأما ما في الخيال من الضيق فإنه ليس في وسع الخيال أن يقبل أمرا من الأمور الحسية والمعنوية والنسب والإضافة وجلال الله وذاته إلا بالصورة .
ولو رام أن يدرك شيئا من غير صورة لم تعط حقيقته ذلك ، فمن هنا هو ضيق في غاية الضيق ، فإنه لا يجرد المعاني عن المواد أصلا .
ولهذا كان الحس أقرب شيء إليه ، فإنه من الحس أخذ الصور ، وفي الصور الحسية يجلي المعاني ، فهذا من ضيقه .
فالخيال أوسع المعلومات ومع هذه السعة العظيمة التي يحكم بها على كل شيء عجز أن يقبل المعاني مجردة عن المواد كما هي في ذاتها .
فيرى العلم في صورة لبن أو عسل ، ويرى الإسلام في صورة قبة وعمد ، ويرى القرآن في صورة سمن وعسل ، ويرى الدين في صورة قيد ، ویری الحق في صورة إنسان وفي صورة نور ، فهو الواسع الضيق.
أما قوله في البيت الأخير فهو عود إلى قول أبي يزيد ، فكيف الأمر يا سامع ؟!
الفتوحات : ج 1 / 36.

11 - ما لا قدرة للانسان ولا قوة له عليه أن يكون منه في الحس هنا في الدار الدنيا ، فإنه يقوى على إيجاده خيالا في نفسه . ف ج 4 /  282

ص 99

لا تزال الهمة تحفظه. ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.
فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه
_______________________________

12 - الفعل بالهمة والتحول في الصور
يشترك الإنسان الحيوان مع الكامل في الأدوات الصناعية التي بها يتوصل إلى مصنوع ما مما يفعل بالأيدي ، ويزيد الكامل عليه بالفعل بالهمة ، فأدواته همته ، وهي له بمنزلة الإرادة الإلهية إذا توجهت على إيجاد شيء .
فمن المحال أن لا يكون ذلك الشيء المراد ، وليس الفعل بالهمة محسوسة في الدنيا لكل أحد، وهو لغير الولي كصاحب الهمة والغرانية بإفريقية .
ولكن ما تكون بسرعة تكوين الشيء في الدار الآخرة ، وهذا في الدنيا نادر شاذ كقضيب البان وغيره ، وهو في الدار الآخرة للجميع ، ففي قوة الإنسان ما ليس في قوة عالم الغيب .
فإن في قوة الإنسان من حيث روحه التمثل في غير صورته في عالم الشهادة ، فيظهر الإنسان في أي صورة شاء من صور بني آدم أمثاله .
وفي صور الحيوانات والنبات والحجر ، فإن الإنسان في هذا الطريق يعطى من القوة ما يظهر به في هذه النشأة كما يظهر في النشأة الآخرة التي يظهر فيها على أي صورة شاء .
ولكن لا يصل كل واحد إلى معرفة هذا الأصل ، فقد أعلمنا الحق أن هذه النشأة تعطي القبول لأي صورة كانت ، فإذا علم الإنسان بالكشف الإلهي أنه على أصل وحقيقة تقبل الصور ، فيتعمل في تحصيل أمر يتوصل به إلى معرفة الأمر .
فإذا فتح له فيه ظهر في عالم الشهادة في أي صورة من عالم الشهادة شاء ، وظهر في عالم الغيب والملكوت في أي صورة من صوره شاء.
غير أن الفرق بيننا وبين عالم الغيب أن الإنسان إذا تروحن وظهر للروحانيين في عالم الغيب يعرفون أنه جسم تروحن ، والناس في عالم الشهادة إذا أبصروا روحا تجسد لا يعلمون أنه روح تجسد ابتداء حتى يعرفوا بذلك .

ص 100

تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.
وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء.
فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق. ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق. ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة
_______________________________

واعلم أن النفس الناطقة التي هي روح الإنسان المسماة زيدا لا يستحيل عليها أن تدبر صورتين جسميتين فصاعدا إلى آلاف الصور الجسية ، وكل صورة هي زید عینها ، ليست غير زيد .
ولو اختلفت الصورة أو تشابهت لكان المرئي المشهود عين زبد، كما تقول في جسم زيد الواحد مع اختلاف أعضائه في الصورة من رأس وجبين وحاجب وعين ووجنة وخد وأنف وفم وعنق ويد ورجل وغير ذلك من جميع أعضائه.
أي شيء شاهدت منه تقول فيه رأيت زيدا ، وتصدق ، كذلك تلك الصور إذا رفعت ويدبرها روح واحد.
إلا أن الخلل وقع هنا عند الرؤية لعدم اتصال الصور اتصال الأعضاء في الجسم الواحد ، فلو شاهد الاتصال الذي بين الصور ، لقال في كل صورة شهدها هذا زيد ، كما يفعل المكاشف إذا شاهد نفسه في كل طبقة من طباق الأفلاك، لأن له في كل فلك صورة ، تدبر تلك الصور روح واحدة ، وهي روح زید مثلا .
فالروح الواحد يدبر أجساما متعددة إذا كان له الاقتدار على ذلك ، ويكون ذلك في الدنيا للولي بخرق العادة ، وفي الآخرة نشأة الإنسان تعطي ذلك ، وكان قضيب البان ممن له هذه القوة ولذي النون المصري كما يدبر الروح الواحد سائر أعضاء البدن من بد ورجل وسمع و بصر وغير ذلك .
وكما تؤاخذ النفس بأفعال الجوارح على ما يقع منها ، كذلك الأجساد الكثيرة التي يدبرها روح واحد ، أي شيء وقع منها يسأل عنه ذلك الروح الواحد، وإن كان عين ما يقع من هذا الجسم من الفعل متل ما يقع من الجسم الآخر .
فيكون ما يلزمه من المؤاخذة على فعل أحد الجسمين يلزمه على فعل الآخر وإن كان مثله ، وإنما سمي الأبدال أبدلا لكونهم إذا فارقوا

ص 101


منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.
وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب:
فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» فهو الجامع للواقع وغير الواقع
________________________

موضعا ويريدون أن يخلقوا بدلا منهم في ذلك الموضع الأمر يرونه مصلحة وقربة . يتركون به شخصا على صورته .
لا يشك أحد ممن أدرك رؤية ذلك الشخص أنه عين ذلك الرجل وليس هو ، بل هو شخص روحاني بتركه بدله بالقصد على علم منه.
فكل من له هذه القوة فهو البدل ، فمن كان تتنوع عليه المقامات والأحوال ويظهر في كل صورة من صور العالم ، له التروحن إذا شاء والتحول في الصور .
وإذا كان البشر بهذه النشأة الترابية العنصرية له قوة التحول في الصور في عين الرائي وهو على صورته ، فهذا التحول في الأرواح أقربه.
واعلم أن أصل هذا الأمر الذي ذكرته ، إنما هو من العلم الإلهي في التجلي الإلهي ، فمن هناك ظهر هذا الأمر في عالم الغيب والشهادة ، إذ كان العالم بجملته والإنسان بنسخته والملك بقوته على صورة مقام التجلي في الصور المختلفة.
ولا يعرف حقيقة تلك الصور التي يقع التحول فيها على الحقيقة إلا من له مقام التحول في أي صورة شاء وإن لم يظهر بها.
وليس ذلك المقام إلا للعبد المحض الخالص، فإنه لا يعطيه مقام العبودية أن يتشبه بشيء من صفات سیده جملة واحدة.
حتى إنه يبلغ من قوته في التحقق بالعبودية أنه يفنی وینسی ويستهلك عن معرفة القوة التي هو عليها من التحول في الصور ، بحيث أن لا يعرف ذلك من نفسه.
تسليما لمقام سيده إذ وصف نفسه بذلك ، ولولا هذا الأصل الإلهي وأن الحق له هذا وهو في نفسه عليه ، ما صح أن تكون هذه الحقيقة في العالم.
إذ يستحيل أن يكون العالم في أمر لا يستند إلى حقيقة إلهية في صورته التي يكون عليها في ذلك الأمر .
الفتوحات : ج 1/ 182 ، 259 ، 621  - ج 2 / 7 ، 14 ، 333 ، 495 - ج 3 / 42 ، 43 ، 44 ، 298 .

ص 102


البيت الأول : « فوقتا يكون العبد ربا بلا شك » أي يكون سيدا قال يوسف عليه السلام لصاحبه في السجن " اذكرني عند ربك" .
البيت الثاني : الشطر الأول يشير إلى قول الحق في الحديث القدسي « ووسعني قلب عبدي المؤمن » .
ويشير الشطر الثاني إلى مسؤولية الخلافة من قوله تعالى : « وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا »
البيت الثالث : الشطر الأول يشير إلى تحقق العبد بمقام العبودية وهو قوله تعالى :" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .
والشطر الثاني يشير إلى الحديث القدسي « عبدي كن لي كما أريد أكن لك كما تريد » وإلى قوله تعالى : « لهم ما يشاؤون عند ربهم » .
البيت الرابع : يشير إلى مسؤولية مقام الخلافة .
البيت الخامس : يؤكده ما روي عن سليمان عليه السلام أنه طلب من الحق أن يوكل إليه أرزاق خلقه فأجابه إلى طلبه ، فخرجت له دابة صغيرة من البحر فالتهمت جميع ما كان أعده على شاطىء البحر من مائدة لدواب البر والطير ، ثم قالت له ، أكمل لي رزقي .
البيت السادس : « فكن عبد رب » أي كن عبدا محضا للرب الحق، « لا تكن رب عبده » أي سيدا لعبده والضمير في عبده يعود على كلمة « الرب » الأولى وهو الإله الحق.

ص 103
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشريف المحسي

مُساهمة الخميس 11 أبريل 2019 - 20:59 من طرف الشريف المحسي

الفقرة الرابعة والعشرون السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر فى الله

الفقرة الرابعة والعشرون:
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 6: لفص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
من الاسم الحكيم والشكل الكل وحرف الخاء ومولة الهنعة من برج الجوزاء
المحيط لا يكون محيطا إلا إذا تشكل بكل شكل وظهر بكل صورة وتقيد بكل قيد، مع تترهه عن كل ذلك.
فالاسم المحيط يستلزم ظهور الاسم الحكيم لأن الحكيم هو الذي يضع كل شيء في قيده اللائق ويركب كل صورة في شكلها المناسب.
فظهر الاسم الحكيم في المرتبة السادسة متوجها على إيجاد مرتبة الشكل الكلى. وحيث أن الحكماء قيدوا كلیات الوجود في عشر مقولات فقد ذكر الشيخ هذه المقولات الكونية وما يشاكلها في الحضرة الإلهية فقال في فصل الشكل الكل وهو الفصل 16 من الباب 198 ما خلاصته:
الاسم الحكيم توجه على إيجاد الشكل الكل وحرف الخاء ومنزلة الهنعة وهي الشكل المقيد وبه سمي ما تقيد به الدابة في رجلها شكالا والمتشكل هر المقيد بالشكل الذي ظهر به.
يقول الله " كل يعمل على شاكلته " [الإسراء، 84]. والعالم كله عمل الله فعمله على شاكلته فما في العالم شيء لا يكون في الله تعالى.
والعالم محصور في عشر لكمال صورته إذ كان موجودا على صورة موجده: فجوهر العالم لذات الموجد. وعرض العالم لصفاته. وزمانه لأزله. ومكانه لاستوائه. وكمه لأسمائه. وكيفه لرضاه وغضبه، ووضعه لكلامه. وإضافته لربوبيته، وأن يفعل لإيجاده وأن ينفعل لإجابته من سأله. فعمل العالم على شاكلته . انتهى.
فظهور العالم على صورة الحق هو الذي جعل حكمة هذا الفص حكمة حقية.
وموضوع هذا الفص هو عالم الخيال والمثال البرزخي بين الأرواح العالية وجسم العرش.
وأنسب الأنبياء المرتبة الشكل وحكمته الحقية هو إسحاق عليه السلام ، فأهم ميزة للشكل هي التغير أي تحدد الصور في الخلق المتجدد في كل آن.
واسم إسحاق مناسب لتغير الشكل حي سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالماحق.
والمحق سحق لشكل واستبدال شكل آخر به...
ومدار هذا الفص حول تغير الأشكال كما ظهر الذبيح على شكل كبش في رؤيا إبراهيم و كما جعل رؤيا يوسف حقا بتحقيق تأويله رؤياه في الواقع.
قال تعالى :" هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " (يوسف، 100).
فهي حقية فخمص الشيخ فقرة لتشكل المعاني صورا في عالم المثال والرؤيا...
ثم ذكر تشكل روح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام وعدم استطاعة الشيطان التشكل بها.
ثم تشكل تجليات الحق تعالى في الصور ...
ثم تكلم عن تشكل الأشياء في الخيال وتشكل همة العارف في صورة خارجية..
وختم بأبيات حول التشكل بالعبودية والربوبية ختمها بقوله: (فتذهب بالتعليق في النار والسبك) فالذهاب تغيير للشكل: وأعظم العناصر حكما في تغيير الأشكال هي النار الساحقة
وقد احتوى هذا الفص على 27 بيتا شعريا، فهو أكثر الأبواب شعرا لأن أقرب أنواع الكلام إلى مرتبة الشكل هو الشعر لتشكله في أوزان وبحور و لعلاقته بالخيال وأشكاله العجيبة.
وفي أواخر الفص، كعادته في كل باب، مهد لفص العرش الإسماعيلي المحيط الموالي بذكره لوسع قلب أبي يزيد للعرش وما حواه وبذكره لرفعة العلو في قوله: "وهذا الفرقان أرفع فرقان" وبذكره وسع الملك في قوله: (فان كان عبدا كان بالحق واسعا..... يطالبه من حضرة الملك والملك) والملك من معاني العرش.

سؤال : صرح الشيخ في كتابه (الإسفار) أن إسماعيل عليه هو الذبيح ،ولذلك أشار له في الباب 14 من الفتوحات باسم المنحور .
بينما أشار لاسم إسحاق بالماحق. فكيف نجد العكس في الفصوص حيث لا يتكلم عن الذبيح إلا في فص إسحاق؟
الجواب والله أعلم : لم يقل الشيخ في فص إسحاق إن الذبيح هو إسحاق.
وكلما ذكر الذبيح استعمل كلمة (ولده) لأن المهم هنا ليس تعيين اسم الذبيح وإنما بيان أسرار الرؤيا وعالم المثال.
وكلامه عن الذبيح إسماعيل وإن لم يصرح باسمه هنا في فص إسحاق مناسب المقام الرؤيا التي تطلب التعبير كما قاله الشيخ في هذا النص (ومعن التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر).
واختلاط شكلي إسماعيل وإسحاق في خيال من أرادوا تعيين الذبيح منهما مثل مشكلا أو إشكالية مناسبة لمرتبة هذا الفص الإسحاقي أي مرتبة الشكل الكلي حيث تتشكل نفس الحقيقة بأشكال وصور مختلفة.
والكلام عن صورة الذبيح إسماعيل في فص إسحاق يضاهي وجود صورة العرش من فص إسماعيل في مرتبة الشكل الكلي من فص إسحاق.
ومن الاتفاق أن الجواز الجائز بين الفصين مناسب لاسم برج مزلتيهما الفلكيتين وهو الجوزاء أو التوأمان.
ومن حيث حقيقة التوحيد والجمع الذاتي الإبراهيمي يمكن القول بأن إرادة الذبح جرت في الظاهر أولا على إسماعيل عليه السلام .
ثم سرت ثانيا لأخيه إسحاق عليه السلام لاشتراكهما في الإرث الإبراهيمي من التسليم والانقياد والصبر والرضا.
فلتحققهما بجمعهما الواحد في سر أبيهما كان كل واحد منهما يرى نفسه ويجدها عين الآخر كوحدة الاسمين الحمدين لهما أي الحكيم والمحيط.
في الاسم الظاهر الممد لأبيهما.
و لسرهما الواحد اجتمعا في البشارة الإلهية في قوله تعالى عن أبيهما في الآية 101 من سورة الصافات: "فبشرناه بغلام حليم " أي إسماعيل عليه السلام.
ثم في الآية 112 من نفس السورة: "فبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " .


سورة الفص الإسحاقي
06: سورة فص إسحاق عليه السلام:
في قوافي الأبيات الأولى من هذا الفص: "إنسان - میزان - رحمان - أوزان - إحسان" .
كلمات تلوح إلى الآية: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" أي: "خلق الله آدم على صورة الرحمن" الحديث .
فسورة هذا النص هي: سورة "التين".
والحاكم على هذا النص هو كما ذكرناه الاسم: "الحكيم" المتوجه على إيجاد الشكل الكلي، من آخر آية في "التين" و"أليس الله بأحكم الحاكمين" .
وإلى هذه الحكمة يشير الشيخ، كما يشير إلى تلك الصورة الرحمانية، في الوصل "20" من الفتوحات الباب 369 : "وهو الوصل المتعلق بسورة التين" .
فيقول: "ولم تظهر هذه الطريقة الوضعية التي تطلبها الحكمة في نوع من الأنواع إلا في النوع الإنساني خاصة لخلقه على الصورة..."
ولهذا الفص مرتبة الشكل الكل.
وأحسن شكل هو شكل الإنسان المخلوق في أحسن تقويم.
ولهذا نجد الشيخ في هذا الفص يتكلم عن أكمل صورة وهي صورة محمد صاحب البلد الأمين الذي لا يتمثل الشيطان بصورته، كما يتكلم عن القوة المصورة الخلاقة للعارف
لتحققه بداية تلك الآية "لقد خلقنا " (التين، 4) من سر تحققه بصورته الرحمانية. وقد خصص الشيخ لمنزل سورة التين" الفتوحات الباب "289 فـ " وتوسع فيه حول حكمة النواميس الوضعية والشرعية وفيه الكثير من مشتقات كلمة "حكم" لعلاقة السورة بالاسم "الحكيم".
وذكر فيه أبا يزيد البسطامي كما ذكره في هذا القص، وتوسع فيه حول الشكل المستدير لاستدارة جبل "طور سينين" وحول أشكال الخيالات والصورة التي تظهر من نور زيتونة "والتين والزيتون " سورة التين: 1  .
وفي الآية السابعة من سورة التين وردت كلمة "الدين" التي من معانيها الانقياد من القيد.
ويتشكل الدين في الرؤيا على صورة قيد وكلام الشيخ في هذا الفص على العلم الذي يتشكل لبنا إشارة إلى علوم الفطرة والإلهام.
وهو نفس ما ذكره في الفتوحات الباب "289" -أي باب سورة التين وعنوانه: "منزل العلم الأمي الذي ما تقدمه علم...".
ولارتباط كلمة إسحاق بالحكمة الحقية وسورة التين بحد الشيخ في ديوانه يقرن علم الحق بالتين فيقول: "من روح سورة التين".
أرى في التين علم الحق حقا    ….. وعلمي أنه الحق المبين
وعلم المصطفی الأمی منه     ….. به قد جاء في النبأ اليقين
وقد أيدت بالتحقيق فيه         …… وقد أعطت معالمه الشؤون

علاقة سورة هذا الفص بسابقه:
هي كعلاقة الشكل الكلي بالجسم الكلي، فلكل جسم شكل.
ولكل أمة ملة ردین تتشكل فيه عقيدا وهو الدين المذكور في سورتي الفصين أي التين والبينة فمدار هما حول الدين عند المؤمنين وأهل الكتاب والمشركين.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
» السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
» السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى