02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي

كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي المشهور بيازجي أوغلو 855 هـ على متن فصوص الحكم للشيخ الأكبر أبن العربي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية

النفث لغة إرسال النفس، استعيره هنا لإلقاء الحق العلوم الوهبية، والعطايا الإلهية في روع هذا النبي عليه السلام، ومعنى شيث هبة الله بالعبرانية.

ولما كان آدم عليه السلام، تعينا أولية إجمالية، أراد الله سبحانه أن يفصله بحسب النفس الرحماني الذي هو عبارة عن انبساط الوجود، على الأعيان الثابتة من حضرة الوهاب، ولما كان بعد المرتبة الإلهية مرتبة المبادئية .

وهي لا تحصل إلا بنفث النفس الرحماني، في الوجود الأعياني، ليكون ظاهرة كما كان باطنة، وردت الحكمة النفثية ، بعد الحكمة الإلهية ، فروحه من نور اسم الذات، وهو الملك لكونه مالكا بعد أبيه على ملائكة أبوه.

وقلبه من نور اسم الصفة، وهو الاسم البر لكونه برا بوالديه، ونفسه من نور اسمي الفعل، وهما الاسم الجامع والمغني، لكونه جامعة للكمالات الإنسانية التي ورثها من أبيه، وغنيا عن الدنيا، ولما كان تعينه بحسب الفيض الوهبي، شرع الشيخ قدس سره، في تحقيق العطايا .

اعلم أن العطايا الظاهرة على يد العباد ?العلم الكسبي، وعلى غير أيديهم كالعلم الكشفي، من الوجه الخاص على قسمين:

منها ما يكون عطايا ذاتية ، أعني ما كان مبدؤه الذات.

وعطايا أسمائية، أعني ما يكون مبدؤه صفة من الصفات.

وللأولى مراتب أولاها الفيض الأقدس الذي يفيض من ذاته على ذاته، فتحصل منه الأعيان واستعداداتها.

وثانيها: ما يفيض على الطبائع الكلية الخارجة من تلك الأعيان.

وثالثها : ما يفيض منها على أشخاصها الموجودة بحسب مراتبها بخلاف العطايا الأسمائية ، ويتميز بينهما عند أهل الذوق.

أي: من يكون حكم تجلياته نازلا من مقام روحه وقلبه إلى مقام نفسه، فكأنه يجد ذلك حشا، ويدركه ذوقة، وهذا مقام الأفراد، ولا يتجلى الحق بالأسماء الذاتية إلآ لهم، كما أن من العطايا ما يكون عن سؤال لفظي في معين وغير معين.

ومنها ما لا يكون كذلك، والسائلون صنفان ، صنف بعثه على السؤال الاستعمال الطبيعي، فإن الإنسان خلق عجوة، والصنف الآخر يسأل لعلمه، إن العلم الإلهي سبق بأن المطلوب لا ينال إلا بعد سؤال.

فيقول فلعل ما أسأله يكون من هذا القبيل، فسؤاله احتياط لما هو الأمر عليه من الإمكان، وهو لا يعلم ما في علم الله عز وجل.

ولا ما يعطيه استعداده في القبول، لأن الوقوف في كل زمان معين على استعداد الشخص من أغمض المعلومات، إذ هو الوقوف على الاطلاع بما في علم الله تعالى.

أو كتبه كالعقل الأول الذي هو أم الكتاب، أو النفس الكلية التي هي الكتاب المبين، أو النفس المنطبعة التي هي ?تاب المحو والإثبات، فغاية أهل الحضور أن يعلموا استعدادهم في زمان حضورهم، وهم صنفان:

صنف يعلمون من قبولهم استعدادهم، وهم كالمستدلين من الأثر إلى المؤثر.

وصنف يعلمون من استعدادهم ما يقبلونه كالمستدلين من المؤثر إلى الأثر.

وهذا أتم منه لأنه مطلع بعينه الثابتة ، في كتاب مرقوم، يشهده المقربون.

وهذا هو الكامل، الذي يقدر على تكميل غيره من الطالبين، ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال، ولا للإمكان إنما يسأل امتثالا لأمر الله تعالى.

في قوله: "ادعوني أستجب لكم" [غافر : الآية: 60]، فهو العبد المحض التام، لأن همته الامتثال الأوامر سيده، حيث كان نظره على الحق جمعا في مقام وحدته، وتفصيلا في مظاهره دون غيره من المطالب الدنيوية والأخروية.

فإذا اقتضى الحال السؤال يسأل عبودية ، وإذا اقتضى التفويض والسكوت سكت، فقد ابتلي أيوب عليه السلام، وغيره وما سألوه ثم اقتضى حالهم فسألوه فرفعه الله عنهم.

وأما القسم الثاني فهو قولنا: ومنها ما لا يكون عن سؤال لفظي، بل بلسان الحال، والاستعداد، والعبد يشعر بالحال، وهو الباعث على السؤال، ومنه يستدل على استعداده دون الاستعداد، إنما هو شأن الكمل لا السالكين وأرباب الأحوال.

فالاستعداد خفي سؤال، ولما علم هؤلاء أن الله تعالى، منهم حكمة في القضاء السابق على وجودهم، ولا بد أن يصل إليه من الكمال والنقصان استراحوا من الطلب.

واشتغلوا بتطهير المحل عن التعلقات بالخلائق، وقطع العلائق، لتكون مرآة قلوبهم مجلوة بحيث تظهر فيها الحقائق والتجليات، وغابوا عن نفوسهم وأغراضهم، ففنوا في الحق وبقوا به سبحانه وتعالى.

ومن هؤلاء من يعلم أن علم الله تعالى، في جميع أحواله هو ما كان عليه في حال ثبوت عنه قبل وجودها، ويعلم أن الحق لا يعطيه إلا ما أعطاه عينه من العلم به، وهو ما كان عليه في حال ثبوته.

فيعلم علم الله تعالی به من أين حصل، وما ثمة صنف من أهل الله تعالى أعلا كمالا، وأكشف حالا من هذا الصنف لأنهم مطلعون على سير القدر.

وهذه المشاهدة لا تحصل إلا بعد الفناء التام، في الحق والبقاء بعده ببقائه ، وتجليه له بالصفة العلمية ، ليكون من الراسخين في العلم.

وهذا اختصاص من الحق للعبد بحسب العناية السابقة في السفر الثاني من الأسفار الأربعة، وهو السفر في الحق بالحق، وهم على قسمين:

منهم من يعلم سر القدر مجملا.

ومنهم من يعلمه مفصلا، وهو أتم منه وأعلى.

فإنه يعلم ما في علم الله تعالى، في شأن العبد من أحوال عينه الثابتة، إما بإعلام الله تعالى إياه بأن عينه تقتضي هذه الأحوال.

لا ?شفا، وإما بأن يكشف له عن عينه الثابتة وانتقالات الأحوال عليها إلى ما لا يتناهي، فإن كان عينه مظهر الاسم الجامع الإلهي، كعين نبينا صلوات الله عليه وسلامه، كان مطلعا على جميع الأعيان، كإحاطة الاسم الذي هو مظهره بالأسماء كلها.

وإن كان قريبا منه في الإحاطة فهو مطلع على حسبه وإن لم يكن له إحاطة أصلا، لا يطلع إلا على عينه فقط، والذي يكشف له عن عينه الأعلى، فإنه كما يتعلق علم الله تعالى فيعلمه فكذلك يتعلق علم هذا الكامل، فيعلمه بالعناية من الله تعالى.

وهذا نهاية مقامات المكاشفين، في السفر الثاني، كما أن السالك في السفر الثالث يشاهد جميع ما يتولد من العناصر إلى يوم القيامة قبل وجودها، وبهذا لا يستحق القطبية حتى يعلم مراتبهم أيضا، وهذا الاطلاع لا يمكن إلا بالاطلاع على أعيانهم الثابتة.

ومن هنا يقول الله تعالى "وحتى تعلو" [محمد: الآية 31]، أي: من حيث إن العلم تابع للمعلوم من وجه بقول الحق كذا.

وغاية المنزه الذي يتكلم بعقله في هذه المسألة أن يجعل الحدوث المتعلق، بأن يقول العلم أزلي وتعلقه بالأشياء حادث حدوثا زمانية.

لئلا يلزم أن يكون الحادث صفة للواجب، وهو أعلى وجه للمتكلم في هذه المسألة بنظره الفكري، فلولا أثبت العلم زائدة مطلقة على الذات، فجعل التعلق له لا للذات، لكان ممن فاز بالتحقيق إذ المحقق قائل بأنه عين الذات في مرتبته مطلقا، وفي أخرى عينه من وجه وغيره من وجه، وهو عند كونه نسبة من النسب الذاتية.

فتعلق العلم بالمعلوم أزلي وأبدي، فلا يلزم الحدوث غاية ما في الباب، إنه يلزم تقدم المعلوم على تعلق العلم به .

وعلى العلم أيضا تقدمة ذاتيا لأن المعلوم شرط للعلم، ومن حيث إنه مغایر للذات نسبة ذاتية ، تقتضي العالم والمعلوم، وكل منهما لا بد، وأن يكون مقدمة بالذات عليها، فانفصل المتكلم بفكره عن أهل الله تعالی صاحب الكشف والوجدان الأنسي.

ثم نرجع إلى الأعطيات، فنقول إن الأعطيات إما ذاتية أو أسمائية، والذاتية لا تكون إلا عن تجلي إلهي.

أي: عن حضرة الاسم الجامع الذي هو باعتبار اسم الذات فقط، وباعتبار آخر اسم الذات مع جميع الصفات، وأسماء الذات والتجلي من الذات لا يكون أبدا إلا بصورة استعداد المتجلى له.

فإذا المتجلى له ما رأي سوى صورته في مرآة الحق بقدر استعداده الجزئي حال البقاء بعد الفناء، لأن الإنسان إذا كمل تتجلى له الحصة التي له من الوجود المطلق وما هي إلا عينه الثابتة ، فما رأى الحق بل رأى صورة عينه لتقيده.

وإطلاق الحق وتعاليه عن الصور، فأبرز الله تعالی مرآة مثالا لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له الذي رآه كالمرأة في الشاهد، إذا رأيت الصورة فيها لا تراها، وما ثمة مثال أشبه بالرؤية والتجلي الذاتي من هذا المثال.

واجهد في نفسك عندما ترى الصورة فيها أن تری جرم المرآة لا تراه أبدا البتة، حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في صورة المرآة ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة، وهي حاجبة عن رؤية المرآة ، فيعلم أن الذات الإلهية لا يمكن أن ترى، إلا حين التجلي الأسمائي من وراء الحجب الصفاتية .

وقد ذكر في الفتوحات المكية، في معرفة بقاء النفس في البرزخ بين الدنيا والبعث، وقال : إنه حاجر معقول بين متجاورين ليس هو غير أحدهما، وفيه قوة كل منهما كالخط الفاصل بين الظل والشمس، وليس إلا الخيال، كما يدرك الإنسان صورته في المرآة .

وهو كما يرى روح الميت في قبره صورته في جسمه كما يرى الناظر صورته في المرآة فهي منفية ثابتة.

موجودة معدومة معلومة مجهولة، فأظهر الله سبحانه وتعالى المرآة لعبده ضرب مثال ليعلم أنه إذا عجز في درك حقيقة هذه وهي من العالم فهو بخالقها أعجز، وإذا ذقت هذا ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوق، ولا تتعب نفسك في أن ترقى في أعلى من هذه الدرجة .

لأن منتهى أسفار السالكين إلى الله تعالى، هو الذات لا غير، فليس في هذا المقام الذي وصلت إليه، وهو الوجود المحض مقام آخر.

إذ ليس بعد الوجود المحض إلا العدم المحض، فهو مرآتك في رؤيتك نفسك لأن بالوجود تظهر الأعيان الثابتة وكمالاتها، وأنت مرآته لأن بالأعيان تظهر صفات الوجود وأسماؤه، وأحكام أسمائه لأنها مال سلطنتها، وليست مرآته.

التي هي عينك غير عينه في الحقيقة كما يزعم المحجوب، فاختلط الأمر وأشكل عنده.

فمنا من قال : العجز عن درك الإدراك إدراك، ومنا من سكت، وهذا هو أعلى عالم بالله تعالى، وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل صلوات الله عليه وسلامه وعليهم أجمعين.

وما يراه أحد من الرسل والأنبياء والأولياء إلا من مشكاة خاتم الرسل، لأنه سيد الكونين فلا توجد الاستفاضة إلا منه صلوات الله عليه وسلامه.

وأما قول الشيخ فلا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه حين رأوه إلآ من مشكاة خاتم الأولياء، فإن الرسالة والنبوة، أعني نبوة التشريع ورسالته تنقطعان.

والولاية لا تنقطع أبدا إلى قوله ففاز محمد صلى الله عليه وسلم ، بالسيادة في هذا المقام.

ففيه مكر وفتنة، إذ ليس لكلامه عليه برهان، فطري أو شرعي أو عقلي، إذ صرح بأن خاتم الأولياء على الإطلاق هو عيسى عليه السلام.

وصرح داود القيصري بأن خاتم الولاية المقيدة، هو الشيخ، فإن كان المرسلون من كونهم أولياء لا يرون إلا من مشكاة خاتم الأولياء يلزم افتقارهم إليه، واستفادتهم منه بلا دليل قطعي، بل الأدلة القاهرة واردة، والحجج الباهرة ثابتة، بأن تكون الولاية بينه وبين الله سبحانه ، فلا قدم لأحد إلى هذا السبيل.

"" تعقيب واجب على الشيخ الكليبولي رحمه الله :

1- لا يوجد شيء اسمه خاتم الولايه المقيدة قاله القيصري. انما تكلم عن خاتم الولاية الخاصة

و لم يظهر الشيخ الكليبولي من اين اتي بهذا الاسم ونسبه للقيصري .

2- الشيخ الكليبولي لم يميز بن خاتم الولاية العامة لعيسي عليه السلام و خاتم الولاية الخاصة للشيخ الأكبر رضي الله عنه. وهي التي تكلم عنها القيصري رحمه الله.

3- الله سبحانه منذ بدء الخلق ومنذ يوم ألست بربكم عين تعيانات ورتب خدام لله من أرواح أناس معيننين وملائكة معينين لوظائف لازمة لادارة المملكة الإنسانية والكون.

ويمكنك حسب كشفك أو ايمانك اعتبار اننا مفتقرين اليها او غير مفتقرين اليها لا نها ستؤدي وظيفتها على الكمال في جميع الأحوال سواء علمت ام لم تعلم وسواء أمنت ام لو تؤمن سواء اسلمت ام كفرت بها وانكرتها. الحقيقة وفى التحقيق لا فعال الا لله وحده لا شريك له.""

والثاني: أن تكون بينه وبين الخلق، لأن المخلوقات مظاهر الخالق بحسب مراتبها فيتولاها هو بنفسه، لأنه هو القاسم والله المعطي، فالرسل والأنبياء والأولياء

لا يأخذون إلا من مشكاة ولايته ، لأن الاستعداد بالاتفاق لا يصل إلى العالم مطلقا إلا من فيض روحه الأعلى.

فكيف يسع هنا عیسی وغیره، خصوصا أعاظم الرسل كالخليل، والكليم، وروح الله ، وغيرهم من الأنبياء تمنوا وطلبوا من الله تعالى أن يجعلهم من أمته ، فجميع أفراد الإنسان بل جميع العالم أمته.

بعضهم بالدعوة وبعضهم بالإجابة، فلا يليق بالخزانة والمشكاة إلا درجة نبؤته وولايته .

وأما نزول عيسى عليه السلام، فليس بأن يكون خاتم الأولياء ويكون مشكاة، بل ينزل لقتل الدجال، لأنه مظهر الدنيا، وعيسى كان تاركها فسيقتله، ولأن يدخل في دائرة الجمعية المحمدية ليستكمل فيها بها، كما نص عليه الصدر الدين القونوي عليه الرحمة، وما على ما قلنا بمزيد، والله أعلم.

المنح الأسمائية

وأما المنح الأسمائية، اعلم أن منح الله تعالى، خلقها رحمة منه بهم، وهي كلها من الأسماء والمعطي هو الله تعالى، من حيث ما هو خازن لما عنده في خزانته فما يخرجه إلا بقدر معلوم، على يدي اسم خاص بذلك الأمر.

أعني العطايا كلها لا تفيض إلا من الحضرة الإلهية المشتملة على الذات والصفات، وأول ما يفيض عليهم رحمة الوجود والحياة.

ثم ما يتبعهما فأعطي كل شيء ما اقتضى عينه أن يكون مخلوقة كذلك، فلا يقال لم كان هذا فقيرة، وذاك غنيا، وهذا عاصيا وذاك مطيعا كما لا يقال لم كان هذا إنسانة، وذاك كلبا.

وأسماء الله تعالى وإن كانت بحسب السدنة غير متناهية لكن يرجع إلى أصول متناهية، هي أمهات الأسماء ، والحقيقة تعطي أن يكون لكل اسم يظهر إلى ما لا يتناهي حقيقة ، فما في الحضرة الإلهية لاتساعها شيء يتكرر أصلا.

لأن الوجود الذي هو ملزوم ?مالات الشيء حاصل للوجود في كل أين.

كما قال الله تعالى:" بل هم في لبس من خلق جديد" .

وهذا العلم أي : علم الأعطيات كان علم شيث عليه السلام، وروحه هو الممد لكل من الأرواح ما عدا روح خاتم الرسل صلى الله عليه ، وعليهم أجمعين.

فإنه لا يأتيه المدد إلا من الله تعالى، بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح، وإن كان لا يعقل ذلك من نفسه في زمان تر?یب جسده العنصري.

فيعلم من حيث حقيقته ولا يعلم من حيث تر?یبه، وبسبب أن شيث عليه السلام، كان مختصا بعلم الأسماء التي، هي مفاتيح العطایا سمي به ليطابق اسمه مسماه، فبيده مفتاح العطايا إذ هو، مظهر للوهاب.

فإن الله تعالى وهبه لآدم عليه السلام، وما وهبه إلآ منه ، لأن الولد سر أبيه ، فمنه خرج وإليه عاد، فما أتاه غريب لمن عقل عن الله تعالی.

وكل عطاء في الكون على هذا المجري.

فإن أعيانهم الثابتة اقتضت ذلك بحسب قابلياتهم، والحق سبحانه يوجد ما هي قابلة له.

فما في أحد من الله شيء سوى الوجود، ولا في أحد من سوى نفسه شيء.

فإن كل ما يظهر على أحد فهو اقتضاء عينه، والحق تعالى يعطي الوجود بحسبه، وما كل أحد يعرف هذا إلا الآحاد من أهل الله عز وجل، وهم المطلعون على سير القدر، فإذا رأيت من يعرف هذا فاعتمد عليه.

فذلك غير صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى، فأي صاحب ?شف شاهد صورة تلقى إليه ، فتلك الصورة عينه لا غيره.

لأن تلك الصورة هي من صور استعداداته التي لعينه الثابتة تتمثل في عالم الأرواح الذي هو المثال المطلق، أو في الخيال الذي هو المثال المقيد، فتلقى إليه كالصورة الظاهرة منه في مقابلة المرآة، وما يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله تعالی خاصة، واعلم أنه تختم الدائرة في المقام الإنساني والدائرة أوسع الأشكال، لأن لآخريتها كمال الاستيعاب معنى وصورة وصفة وحكمة.

فعلى مرتبة شيث عليه السلام، يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني، وهو حامل أسراره متصف بعلومه آخذ من الله تعالى وأسمائه ، وليس بعده ولد في النوع الإنساني، وهو الخاتم للولاية العامة، ويولد معه أخت، فتخرج قبله ويخرج بعدها، يكون رأسه عند رجليها.

ويكون مولوده بالصين أي: بالعجم، ولغته لغة بلده، ويسري العقم في الرجال والنساء، فيكثر النكاح من غير ولادة، ويدعوهم إلى الله تعالى، فلا يجاب قيل هذا الشخص ولد المهدي.

فإذا قبضه الله تعالى، وقبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم، لا يحلون حلالا، ولا يحرمون حراما .

يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل والشرع، فعليهم تقوم الساعة.

والله أعلم بالصواب.

.

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي

كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي المشهور بيازجي أوغلو 855 هـ على متن فصوص الحكم للشيخ الأكبر أبن العربي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب شرح فصوص الحكم الشيخ محمد بن صالح الكاتب الكليبولي رحمة الله تعالي :: تعاليق