اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي

اذهب الى الأسفل

26122019

مُساهمة 

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي Empty 16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي




16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي

كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص الشيخ عبد الغني النابلسي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي

الفص السليماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
وهذا فص الحكمة السليمانية ، ذكره بعد حكمة عيسى عليه السلام ، لأن مقام سليمان عليه السلام حاصل من إجابة الدعاء بعين ما طلب حيث قالَ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ص : 35 ] ،
وعيسى عليه السلام حاصل من إجابة دعاء امرأة عمران بطريق النذر ، كما قال تعالى :" إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 35 ) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ( 36 ) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً [ آل عمران : 35 - 37 ] .
وكانت امرأة عمران طلبت غلاما يكون خالصا لبيت المقدس ، فأجابها اللّه تعالى أوّلا بالأنثى وهي مريم ، وثانيا بالذكر وهو عيسى ابن مريم عليهما السلام وهو عين الإجابة بما طلبت ، ومما يدل على أنها كانت متحققة في الإجابة إلى عين ما طلبت وهو حصول الغلام الذكر من مريم قولها :" وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها".
فقد علمت بالذرية وهو عيسى عليه السلام في حال صغر أمه مريم عليها السلام ، وأخبر تعالى أنه تقبلها ، أي مريم عليها السلام قبولا حسنا ، وأنبتها وهو خروج عيسى عليه السلام منها نباتا حسنا ، كما قال تعالى :وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً( 17 ) [ نوح : 17 ] .
(فص حكمة رحمانية) منسوبة إلى الرحمن (في كلمة سليمانية ).
إنما اختصت حكمة سليمان عليه السلام بكونها رحمانية ، لأنها من استواء الرحمن على عرش الوجود واستيلاؤه عليه ، فهي لمحة من رحمة الإيجاد ، وقد رحم اللّه تعالى الوجود الذي استولى عليه سليمان عليه السلام ، وقهره بالموافقة ونفوذ الكلمة ، فهي نعمة عليه وعلى أهل زمانه كلهم ، ولهذا ذكرها من باب التحدث بالنعمة .
 "وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ" [ النمل : 16 ] .
وفي قضية عرش بلقيس :" فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " [ النمل : 40 ] .
قال اللّه تعالى :
* * *
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( "إِنَّه ُيعني الكتاب مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ أي مضمونه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " [ النمل : 30 ] .
فأخذ بعض النّاس في تقديم اسم سليمان على اسم اللّه ولم يكن كذلك .
وتكلّموا في ذلك بما لا ينبغي ممّا لا يليق بمعرفة سليمان بربّه .
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه :إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ[ النمل : 29]
أي مكرّم عليها وإنّما حملهم على ذلك ربّما تمزيق كسرى كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؛ وما مزّقه حتّى قرأه كلّه وعرف مضمونه .
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفّق لما وفّقت له فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السّلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره . )
 
(إنه يعني الكتاب) الذي أرسله سليمان عليه السلام إلى بلقيس مع الهدهد من سليمان ، لأنه هو الذي قصدها به ودعاها بدعوة الحق إلى الدخول تحت طاعته التي هي طاعة اللّه تعالى (وإنه) ، أي (مضمونه) يعني ما تضمنه ذلك الكتاب من الدين الحق ودعوة الهدى(   "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 31 ] . فأخذ بعض الناس)
من علماء الظاهر في بيان حكمة تقديم اسم سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولم يكن الأمر في نفسه كذلك ، أي على ما ذكروا من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى ، وإنما يكون كذلك لو قال :
باسم سليمان واللّه الرحمن الرحيم ، وحاشاه عليه السلام من تقديم اسمه على اسم اللّه تعالى مع علمه باللّه ومعرفته به المعرفة التامة وعصمته في الأدب معه تعالى ، ولكنه أتى أوّلا باسم اللّه الظاهر والآخر بالقيومية عليه وعلى كل شيء وله سبحانه في هذه الحضرة أسماء منها اسم سليمان وأتى ثانيا باسم اللّه الباطن ، والأوّل عن إدراكه وإدراك كل شيء.
وله سبحانه في هذه الحضرة أيضا أسماء منها : اسم الرحمن الرحيم .
وستأتي الإشارة إليه من المصنف قدس اللّه سره ، وقد قال تعالى :"هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ" [ الحديد : 3 ] ، فلا أوّل ولا آخر ولا ظاهر ولا باطن إلا هو لا إله إلا هو إليه المصير .
وهذا كله من حيث إنه تعالى قيوم على كل شيء "وكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" [ القصص : 88 ]
لا من حيث إنه تعالى عين الأشياء الهالكة ، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار .
)وتكلموا ) ، أي بعض الناس من علماء الظاهر (في ذلك) الذي ذهبوا إليه من تقديم اسم سليمان على اسم اللّه تعالى (بما لا ينبغي) أن يقال مما ، أي من الأمر الذي (لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه) تعالى فإنه عارف به المعرفة الكشفية الذوقية لا المعرفة العقلية المستفادة من الدليل والبرهان كما هو عند أهل الظاهر من
 
المتمسكين بالعقول في أحكام الشريعة في العقول وكيف يليق بمقام سليمان عليه السلام ما قالوه من الكلام وبلقيس تقول فيه ، أي في ذلك الكتاب لما ألقاه الهدهد عليها وكانت كافرة من قوم كافرين يعبدون الشمس من دون اللّه : (" يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" أي مكرم عليها) [ النمل  : 29 ]
وذلك لما رأته مشتملا عليه من الجزالة في اللفظ مع كمال الإفادة في المطلوب ، وذكر الأمر والنهي وبيان المرسل بذكر اسمه واسم اللّه تعالى ، وبيان التوحيد بأن الأمور كلها به تعالى ، وبيان الشريعة بذكر الإسلام لسليمان عليه السلام في كل ما جاء به ، ولهذا لما أسلمت بلقيس قالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] .
فقد انقادت للّه تعالى الذي به قام كل شيء ، من باب شريعة سليمان عليه السلام لا بالاستقلال منها وترك الشريعة التي كان عليها سليمان عليه السلام ، وهذا كمال الحذق منها والاستعداد لقبول الحق والتوفيق الإلهي لها ، ولهذا لما امتحنها سليمان عليه السلام فقالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 41 - 42 ] ،
وأتت بهذه العبارة الجامعة للحقائق والحاوية على أنواع الرقائق .
(وإنما حملهم) ، أي علماء الظاهر (على ذلك) القول الذي قالوه ربما ، أي يحتمل أن يكون تمزيق ، أي تقطيع (كسرى) أنو شروان ملك الفرس (كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) لما أرسله إليه يدعوه إلى الإسلام وما مزقه ، أي كسرى حتى قرأه كله وعرف مضمونه .
أي ما اشتمل عليه من الأمر بترك الدين الباطل واتباع الإسلام فكذلك كانت تفعل بلقيس بكتاب سليمان عليه السلام ، فما كانت تمزقه حتى تقرأه من أوّله إلى آخره وتعرف مضمونه لو لم توفق ، أي يوفقها اللّه تعالى لما وفقت له .


أي وفقها اللّه تعالى له من كرامة ذلك الكتاب عليها فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق ، أي عدم الاحتفال بحرمة صاحبه ، أي صاحب ذلك الكتاب تقديم اسمه ، أي سليمان عليه السلام على اسم اللّه تعالى ولا تأخيره ، أي سليمان عليه السلام عنه ، أي عن اسم اللّه تعالى .
لأن الكتاب كله يمزق بعد تمام قراءته ومعرفة مضمونة ، فيقع التمزيق على اسم سليمان عليه السلام واسم اللّه تعالى .
وليس وقوع التمزيق أولا على اسم سليمان عليه السلام بأمر محقق حتى يكون وقاية لتمزيق اسم اللّه تعالى كما زعموا .
بل كان الأمر بالعكس ينبغي تقديم اسم اللّه تعالى حتى إذا رأوه في أوّل الكتاب يحترمون تمزيق الكتاب ، لأن الكفار من المجوس وعباد الشمس والنار والأصنام قائلون بوجود اللّه ، ولم ينكر وجوده تعالى إلا الدهرية ومن تابعهم .
ولأن تقديم اسم المخلوق الذي مثلهم يحرك فيهم سلسلة
 
العناد لما انجبلت عليه النفوس البشرية من عدم الانقياد لمثلها ؛ ولهذا قالوا :أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ[ القمر : 24 ] ،وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً[ المؤمنون : 24 ]
فأبوا عن الانقياد للجنس وطلبوا غير الجنس ، فكان تقديم اسم المخلوق باعثا على تمزيق الكتاب أكثر من باعث تقديم اسم اللّه تعالى .
فإنهم ربما كانوا يرعون لذكر اسم اللّه تعالى في الابتداء قبل ذكر اسم المخلوق ، بل ربما كان تقديم اسم المخلوق داعيا إلى أشد التكذيب منهم بتعليل أن هذا الداعي لهم إلى اللّه تعالى قدم اسمه على الاسم المدعو إليهم ، فيفهم الجاهل من ذلك عدم الاحترام منه ، فيدعو ذلك إلى التمزيق والإهانة ، فلا وجه لما قالوه فيما زعموا من التقديم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن .
فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب .  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه .
والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )
 
(فأتى سليمان) عليه السلام في كتابه المذكور (بالرحمتين) الإلهيتين :
الأولى (رحمة الامتنان) منه تعالى على خلقه وبها أعطى الاستعدادات لقبول ما يفيض من الإمداد على الكل وهو قوله سبحانه وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وهذا الوسع منة من الحق تعالى وفضل من غير سبب سابق ، بل هو سبب للفيض اللاحق
(و)الثانية (رحمة الوجوب) ، أي الإيجاب منه تعالى على نفسه لا بإيجاب أحد عليه وهو قوله تعالى :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ" [ الأعراف : 156 ] ، وقوله :"كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [ الأنعام : 54 ] ،
 أي أوجبها اللتين هما رحمة (الرحمن) ورحمة (الرحيم فامتن) ، أي أنعم وتفضل سبحانه على كل شيء فأوجده مستعدا لكل ما هو مستعد له (بالرحمن) المستوي على العرش وهي رحمة العامة وأوجب ، أي أحق وألزم عدلا منه سبحانه (بالرحيم) وهي رحمة الخاصة من قوله تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى[ طه : 50 ].
 والهداية أيضا إعطاء للمستعد لها خلقه
 
ولكن أفردها ليميز أهلها عن أهل الضلالة كما قال :يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ النحل : 93 ] ومن لم يستعد للهداية ولو أفاضها عليه فإنه لا يقبلها كما قال سبحانه :وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[ فصلت : 17 ] .
(وهذا الوجوب) في الرحمة هو (من) جملة (الامتنان) أيضا على الكل والرحمة واحدة لا تنقسم ، لأنه هو الذي أوجبها على نفسه فإيجابه لها على نفسه عين الامتنان منه (فدخل) الاسم (الرحيم في) الاسم (الرحمن) ورحمة الوجوب في رحمة الامتنان ورحمة الخصوص في رحمة العموم (دخول تضمن) كدخول العام في الخاص والأمر الكلي في الجزئي ، لأن الخاص هو المقصود وكذلك الجزئي وهو الكلي ، والعام جزء الخاص ، وكذلك الكلي كأنه جزء للجزئي ، والمرحومون بالرحمة الخاصة رحمة الوجوب هم المعتبرون وهم المقصودون وهم الجامعون كما قال تعالى :قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ[ الأعراف : 32 ] ، وإنما لم تكن خالصة في الدنيا لأنها ليست بدار جزاء ، والآخرة هي دار الجزاء فكانت لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا من باب رحمة الامتنان فتشاركوا فيها مع الكافرين ، وفي الآخرة تكون للمؤمنين خاصة من دون الكافرين من باب رحمة الوجوب التي يخص اللّه تعالى من بها من يشاء .
وقال تعالى في حق الكافرين ُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ[ هود : 16] ،
وأخبر تعالى أنه تقطع لهم ثياب من نار ، وأن شجرة الزقوم تنبت في أصل الجحيم فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ( 67 ) [ الصافات : 66 - 67 ] ، فليس لهم إلا ما أعطت حقائقهم مما استعدوا له من العقاب . ولهذا قال تعالى :وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[ البقرة : 57 ] .
(فإنه) ، أي اللّه تعالى (كتب على نفسه) ، أي ذاته وهي الوجود المطلق (الرحمة سبحانه) وهي إفاضة الوجود على الأعيان الثابتة في الأصل بطريق المنة فظهرت موجودة على حسب ما كانت ثابتة فيه من الأعيان العدمية (ليكون ذلك) ، أي كناية الرحمة منسوبا (للعبد) المكلف وغيره (بما ذكره الحق) تعالى في القرآن من الأعمال بيان لما ذكره التي يأتي بها هذا العبد كما قال بعضهم : من فضله عليك أن خلق ونسب إليك « حكمة ابن عطاء الله السكندري » .
حقا على اللّه تعالى كما قال :وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[ الروم : 47 ] ، أي على أنفسهم وشياطينهم بالطاعة والموافقة ، وعلى  أعدائهم بالحفظ والغلبة (أوجبه) .
 
أي ذلك الحق له ، أي لعبد اللّه تعالى (على نفسه يستحق) ، أي ذلك العبد (بها) ، أي بسبب تلك الأعمال (هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب) وهي رحمة الاختصاص التي قال تعالى :يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 105 ] .
(ومن كان من العبيد بهذه المثابة) ، أي الحالة المذكورة فإنه ، أي ذلك العبد (يعلم من هو العامل منه) ومن غيره أيضا للأعمال الاختيارية الصادرة عنه في الخير فضلا وفي الشر عدلا.
(والعمل) الذي كلف اللّه تعالى به الإنسان (منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان) المكلف اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والقلب والبطن والفرج .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد أخبر الحقّ أنّه تعالى هويّة كلّ عضو منها ، فلم يكن العامل غير الحقّ ، والصّورة للعبد ، والهويّة مندرجة فيه ، أي في اسمه لا غير .
لأنّه تعالى عين ما ظهر وسمّي خلقا وبه كان الاسم الظّاهر والآخر للعبد ؛ وبكونه لم يكن ثمّ كان . ويتوقّف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأوّل .
فإذا رأيت الخلق رأيت الأوّل والآخر والظّاهر والباطن . )
 
(وقد أخبر الحق) تعالى كما ورد في الحديث القدسي وغيره (أنه تعالى هوية) ، أي ذات (كل عضو منها )، أي من تلك الأعضاء بقوله : « كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها » .
والبعض وارد بالتصريح ، والبعض مفهوم بالكناية والتلويح في أخبار مختلفة ، ويعم الكل قوله تعالى :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ( 49 ) [ القمر : 49 ] .
في قراءة رفع على أنها خبر إنّ ، ولا يلزم مما يفهم الجاهل من أنه تعالى خلق نفسه ، لأنه إذا كان تعالى يتحوّل في الصور كما ورد في حديث مسلم الصحيح في يوم القيامة ، فالتحول في الصور التي هي مظاهر تجلياته ، لا في نفس المتجلي بها .
 
ولكن يصح إضافة التحول إلى المتجلي ، لأنه لازم من تحول مظاهر تجلياته في رؤية الرائي لا في نفس الأمر ، وكذلك القول فيما ذكرنا وما للعميان والبحث عن حقائق الألوان ، فإن الآلة التي بها تدرك الألوان هي البصر خاصة ، وذلك مفقود من العميان ، فترك البحث والجدال أولى بهم إن كان عندهم إذعان وليس للمعاندة دواء إلا الضرب والطعان .
(فلم يكن العامل) حينئذ (غير الحق) سبحانه والصورة التي ظهر بها الحق تعالى في وقت العمل بالقيومية عليها للعبد والهوية ، أي الذات الإلهية مندرجة فيه أي اسمه يعني اسم العبد لا غير ، أي لا في ذاته لأنه تعالى عين ما ظهر بالوجود في صورة العبد وذاته واسمه بصفة القيومية عليه وسمي خلقا ، أي مخلوقا ومن هنا قال سليمان عليه السلام في كتابه إلى بلقيس إنه من سليمان وإنه بسم اللّه الرحمن الرحيم كما مر .
(وبه) ، أي بما ظهر وسمي خلقا كان ، أي ظهر (الاسم الظاهر و)الاسم الآخر للّه تعالى للعبد ، أي ظهورا عند العبد ، فلو لا ظهور العبد ما ظهر عنده اسم اللّه تعالى الظاهر ولا اسمه الآخر وبكونه ، أي العبد لم يكن ظاهرا ثم كان ، أي ظهر .
 
(ويتوقف ظهوره) ، أي العبد عليه ، أي على الحق تعالى وصدور العمل ، أي عمل العبد منه ، أي من الحق تعالى خلقا وإيجادا كان ، أي تبين عند العبد أيضا (الاسم الباطن) والاسم الأوّل للّه تعالى فإذا رأيت يا أيها السالك الخلق ، أي المخلوق من الناس وغيره فقد رأيت الأوّل الحق ظاهرا عندك بإظهار أثره ورأيت الآخر الحق أيضا ظاهرا عندك بوجوده المطلق الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الظاهر الحق ظاهرا عندك بوجوده المطلق أيضا الذي فني فيه قيد أثره ورأيت الباطن الحق ظاهرا عندك أيضا بإظهار أثره ، فتظهر عندك بك وبكل شيء حضرات الحق تعالى الأربعة ، وتتميز بالأثر الواحد الصادر عنها بالاعتبارات الأربعة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة .
فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه  اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان .
ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور .
ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم . )
 
(وهذه معرفة) بالحق تعالى كشفية ذوقية (لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) ومنها كان كتابه المذكور بل هي ، أي هذه المعرفة (من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، كما دعا اللّه تعالى بذلك فحصل له في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ] .
يعني بالذي لا ينبغي لأحد من بعده الظهور به أي بهذا الملك العرفاني والمقام الرباني الرحماني في عالم الشهادة أي عالم الحس والعقل فقد أوتي محمد نبينا صلى اللّه عليه وسلّم أي آتاه اللّه تعالى ما أوتيه سليمان عليه السلام من الملك ولكنه صلى اللّه عليه وسلم ما ظهر به في عالم الشهادة كما ظهر سليمان عليه السلام فمكنه ، أي مكن محمدا صلى اللّه عليه وسلّم اللّه تعالى تمكين قهر واستيلاء من العفريت وهو العاتي المتمرد من الجن الذي جاءه عليه السلام بالليل ليفتك به صلى اللّه عليه وسلّم .


أي يضره ويؤذيه فهم ، أي شرع واهتم بأخذه ، أي مسكه والقبض عليه وربطه بسارية ، أي عمود أو عضادة من سواري المسجد الحرام المدني حتى يصبح ، أي يدخل في الصباح فيلعب به ولدان المدينة فذكر .
أي تذكر صلى اللّه عليه وسلّم بدعوة أخيه سليمان عليه السلام ، في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفرده ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، أي حقيرا ذليلا فلم يقدر على ما أراد بالنبي عليه السلام كما أخبر بذلك صلى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح «. رواه البخاري والنسائي
 
(فلم يظهر) ، أي النبي (عليه السلام مما أقدر) ، أي أقدره اللّه تعالى (عليه) من ذلك الملك (وظهر بذلك) الملك سليمان عليه السلام ثم قوله ، أي سليمان عليه السلام ربهَبْ لِيمُلْكاًفلم يعم في جميع العوالم وإن قال :لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفليس فيه إفادة العموم فعلمنا أنه ، أي سليمان عليه السلام يريد ملكا ما يعني ، أي ملك كان لكنه لا ينبغي لأحد من الناس .
فهو نظير السؤال في القدر من العزير عليه السلام ، وسؤال إبراهيم عليه السلام في طمأنينة قلبه باليقين ، فكأنه طلب أن اللّه تعالى يملكه في الخلق ملكا بطريق الظهور الإلهي في حقيقته السليمانية بتجلي القيومية من حضرة اسمه تعالى المالك ، ولو على شيء واحد ليعرف ويتحقق بصفة الملك الإلهي لكل شيء ذوقا ، زيادة على مجرد النسبة الاستخلافية الحاصلة لبني آدم بمقتضى الأحكام الشرعية من قوله تعالى :"وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"[ الحديد : 7 ] .
(ورأيناه) ، أي سليمان عليه السلام (قد شورك) ، أي شاركه غيره في كل جزء ، أي فرد من أجزاء (الملك الذي أعطاه اللّه) تعالى ، أي لسليمان عليه السلام كما وقع لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في قصة العفريت ، وفي واقعة جن نصيبين التي أشار إليها الحق تعالى بقوله :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ[ الجن : 1 ] ، إلى آخره .


ووقع للأولياء المحمديين كثير من ذلك كأبي البيان الدمشقي وغيره .
(فعلمنا) من ذلك (أنه) ، أي سليمان عليه السلام (ما اختص) دون غيره (إلا بالمجموع) المتفرق في غيره من ذلك ، أي الملك وبحديث العفريت المذكور قريبا علمنا منه أنه ، أي سليمان عليه السلام ما اختص دون غيره إلا بالظهور فقط ، وغيره لم يظهر بذلك مع مشاركته له فيه وقد يختص ، أي سليمان عليه السلام بالمجموع للأجزاء كلها والظهور بذلك معا ولو لم يقل أي نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت المذكور فأمكنني اللّه تعالى منه لقلنا إنه صلى اللّه عليه وسلم لما هم بأخذه والقبض عليه (ذكّره اللّه) تعالى (دعوة سليمان) عليه السلامرَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيليعلم ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يقدره اللّه تعالى على أخذه ، أي العفريت (فردّه) ،


 أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، لأن ذلك أمر مختص بسليمان عليه السلام فلما قال ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فأمكنني اللّه) تعالى منه ، أي من العفريت (علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه) كما وهب سليمان عليه السلام إلا أن سليمان اختص بالظهور به دون غيره .
(ثم إن اللّه) تعالى (ذكره) ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فتذكر دعوة سليمان) عليه السلام وهي الظهور بذلك (فتأدب) أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم معه أي مع سليمان عليه السلام لأنه صلى اللّه عليه وسلم أكثر الناس أدبا وكمالا كما قال عليه السلام : «أدبني ربي فأحسن تأديبي»   فعلمنا من هذا الأمر المذكور أن الملك (الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان) عليه السلام كما دعا هو بذلك (الظهور بذلك) الملك (في العموم) ، أي عموم أجزاء الملك .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وليس غرضنا من هذه المسألة إلّا الكلام والتّنبيه على الرّحمتين اللّتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللّذين تفسيرهما بلسان العرب الرّحمن الرّحيم.
فقيّد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] حتّى الأسماء الإلهيّة ، أعني حقائق النّسب .
فأمتنّ عليها بنا . فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهيّة والنّسب الرّبانيّة .
ثمّ أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنّه هويّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلّا لنفسه . فما خرجت الرّحمة عنه . فعلى من امتنّ وما ثمّ إلّا هو ؟
إلّا أنّه لا بدّ من حكم لسان التّفضيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم ؛ حتّى يقال إنّ هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين . )
 
(وليس غرضنا من) ذكر (هذه المسألة) في هذا المحل (إلا الكلام والتنبيه) للأفهام (على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان) عليه السلام في كتابه إلى بلقيس (في الاسمين اللذين) تكلم بهما كيفية الكتاب بلسانه وهو لسان بني إسرائيل العبرانية .
وقد أنزل اللّه تعالى على نبينا العربي صلى اللّه عليه وسلم (تفسيرهما بلسان العرب) كباقي الكتاب بلفظ (الرحمن الرحيم) فقال تعالى :إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 30 ) [ النمل : 30 ] ، فقيّد ، أي الحق تعالى رحمة الوجوب وهي رحمة الرحيم كما قال :وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً[ الأحزاب : 43 ] ، وقال :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[ الأعراف : 156 ] الآية . وقال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 54 ] .


« فمن عرف نفسه فقد عرف ربه » فكان هو الرحمة المكتوبة على النفس الإلهية بسبب الإيمان ؛ ولهذا قيل : « وسعني قلب عبدي المؤمن » ، لأنه مكتوب عليه فيسعه كما أن الحروف المكتوبة في القرطاس تسع مقدارها مما هي قائمة به من القرطاس وأطلق سبحانه رحمة الامتنان وهي رحمة الرحمن في قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فلم يقيدها بشيء دون شيء حتى أنها وسعت (الأسماء الإلهية) التي نحن قائمون بها أعني بالأسماء الإلهية (حقائق النسب) جمع نسبة الإلهية الوجودية كالخالق والبارىء والمصوّر والمحيي والمميت إلى غير ذلك .
(فامتن) سبحانه برحمة الرحمن التي استوى بها على العرش وجميع ما حواه
 
العرش (عليها) ، أي على أسمائه الإلهية (بنا) معشر الكائنات جميعها لتكون نحن مظاهر آثارها ومطارح شعاعاتها وأنوارها ومواضع حكمها وأسرارها فنحن معشر الكائنات (نتيجة رحمة الامتنان) التي هي أول ما تعلقت بالأسماء الإلهية ، أي بالحق تعالى في مرتبة ألوهيته ، فأظهرتنا آثارا لها لا من حيث هو سبحانه فإنه غني عن العالمين ، أي ما يعلم به من حيث نحن ولا يعلم سبحانه في نفس الأمر إلا بأسمائه ، ولا تعلم أسماؤه إلا بآثارها ، فالآثار هي العالمون عند الصفاتيين ، والأسماء هي العالمون عند الذاتيين (والنسب) جمع نسبة تفسير الأسماء (الربانية ) ، أي المنسوبة إلى الرب تعالى .
 
(ثم أوجبها) ، أي الرحمة التي امتن بها سبحانه (على نفسه) فكتبها كما قال :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 12 ] وذلك (بظهورنا) معشر الكائنات لنا فعلمنا أنفسنا وأعلمنا هو سبحانه أنه تعالى هويتنا فمن عرف منا نفسه عرف ربه ، ومن جهل نفسه جهل ربه ، وما منا من جهل نفسه من كل وجه بل من وجه دون وجه ، فيعرف ربه من ذلك الوجه الذي عرف به نفسه ، ويجهل ربه من الوجه الذي جهل به نفسه ، وهكذا كل شيء .
 
(لنعلم أنه) تعالى (ما أوجبها) ، أي الرحمة ، يعني كتبها (على نفسه إلا لنفسه) ، أي ليعلم نفسه بنفسه في مرتبة ألوهيته وربوبيته كما هو عالم بنفسه في ذاته وهويته (فما خرجت الرحمة) ، أي رحمته سبحانه التي امتن بها أوّلا وأوجبها ثانيا عنه سبحانه فإنه ليس هناك أمران موجودان ، وإنما الأمر واحد يتضمن راحما ورحمة في الأزل ومرحوما فيما لا يزال ، والمرحوم في الراحم نفس الراحم ، وأما المرحوم في نفسه فهو غير الراحم ، فإذا رحمه بالرحمة أوجده بها له ، كالمراتب إذا قامت بمن هي له تعددت وغايرته ولم يتغير هو بها وإن تغيرت هي به فعلى من امتن سبحانه وما ثم ، أي هناك في الوجود ( إلا هو ).
 
وأما المراتب الإمكانية فهي مراتبه به ثبتت في علمه أزلا من غير وجود لها ، وبه وجدت في أنفسها لا فيه سبحانه فيما لا يزال إلى الأبد ، فإن كان امتنانه عليها بالوجود في حال ثبوتها كان امتنانه على نفسه ، لأنه بوجوده أوجدها فقد امتن عليها بإيجادها بل على وجوده بإظهارها لا لها ، فمرجع المنة إليه ، وإن كان إيجاده للرحمة عليها في حال وجودها به كان ذلك عليه لا عليها ، لأن الموجود دونها ، ولكنه موجود وجودا ملتبسا بها كقولهم دخلت عليه بثياب السفر ، وذلك قوله تعالى :وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ[ الأنعام : 9 ] ، فأخبر تعالى أن لبس ما يلبسون إنما هو عليهم لا في نفس الأمر ، وأنهم هم الذين يلبسون والأمر مكشوف في نفسه ،
 
وإذا ظهر الشيء للجاهل على خلاف ما هو عليه ، كان خلاف ما هو عليه من جهة قصور الجاهل ، والشيء في نفسه على ما هو عليه لم يتغير .
قال تعالى :وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ[ الأنعام : 110 ] ، أي بواطنهم وظواهرهم فلا يرون بقلوبهم وأبصارهم إلا ما قلبهم إلى رؤيته فأراهم سبحانه ما أراد لا ما هو في نفس الأمر ، وذلك عين الإضلال منه تعالى لمن أراد أن يضله . 
ثم قال تعالى :كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، أي يصدقوا بالحق تعالى على ما هو عليه إيمانا بالغيب من غير تفكر بعقولهم أول مرة ، وإنما خاضوا فيه بالأفكار وتدبروه بالعقول ، فاستحسنوا أن يكون سبحانه كذا وكذا في خيالهم ، فأثبتوه في اعتقادهم على حد ما وصلوا إليه لا على ما هو عليه في نفس الأمر ، وذلك قوله :وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ[ الأنعام : 110 ] .


وهم جميع أهل النظر ، فعلوا كذلك إلا من حفظ اللّه تعالى منهم فخاض في النظر للرد على المخالفين لا للاعتقاد وقليل ما هم إلا أنه .
أي الشأن لا بد من حكم لسان التفضيل ، أو إثبات الفضائل بين المراتب التي هو ظاهر بها سبحانه لما ظهر ، أي لأجل الأمر الذي ظهر شرعا وعقلا من تفاضل بيان لذلك الأمر الخلق ، أي المخلوقات في العلوم الإلهية حتى يقال إن هذا أعلم من هذا ، أي أكثر علما منه .
وقال تعالى :يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[ المجادلة : 11 ] .
(مع أحدية العين) ، أي الذات القائمة على كل نفس بما كسبت التي ما تعددت في هذا وهذا وهذا إلا بسبب أسمائها التي ظهرت آثارها .
 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 ديسمبر 2019 - 12:28 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 26 ديسمبر 2019 - 21:46 من طرف عبدالله المسافربالله

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثاني .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي

كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص الشيخ عبد الغني النابلسي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي

الفص السليماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعناه معنى نقص تعلّق الإرادة عن تعلّق العلم ، فهذه مفاضلة في الصّفات الإلهيّة ؛ وكمال تعلّق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلّق القدرة .
وكذلك السّمع الإلهيّ والبصر وجميع الأسماء الإلهيّة على درجات في تفاضل بعضها على بعض .  كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحديّة العين .
وكما أن كلّ اسم إلهيّ إذا قدّمته سمّيته بجميع الأسماء ونعتّه بها ، كذلك فيما ظهر من الخلق فيه أهليّة كلّ ما فوضل به ، فكلّ جزء من العالم مجموع العالم ، أي هو قابل لحقائق متفرّقات العالم كلّه ؛ فلا يقدح قولنا إنّ زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هويّة الحقّ عين زيد وعمرو ،ويكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد ، كما تفاضلت الأسماء الإلهيّة وليست غير الحقّ.)
 
(ومعناه) ، أي معنى قول هذا أعلم من هذا يعني نظر ذلك يرجع في نفس الأمر إلى (معنى نقص تعلق الإرادة) الإلهية (عن تعلق العلم) الإلهي فإنه تعالى يتعلق علمه بالواجب والمستحيل والممكن ولا تتعلق إرادته إلا بالممكن فقط (فهذه مفاضلة) حاصلة (في الصفات الإلهية) وكذلك كما تتعلق الإرادة بجميع الممكنات إلى ما لا نهاية له وفضلها لاقتضائها التقدم في الرتبة وزيادتها على تعلق القدرة الإلهية بما يريد وجوده تعالى من الممكنات ، والإرادة تتعلق بما يريد وجوده وما يريد عدم وجوده .
وكذلك السمع الإلهي والبصر الإلهي كالقدرة الإلهية لا يتعلقان إلا بما يريد اللّه تعالى وجوده لا بما يريد عدم وجوده من المستحيلات بالغير مما يمكن أن يكون عليه الممكن من زيادة أو نقصان أراد الحق تعالى وجود أحدهما وعدم الآخر ونحو ذلك (وجميع الأسماء الإلهية على درجات) متفاوتة (في تفاضل بعضها على بعض) من جهة تعلقاتها .


(كذلك) ، أي مثل هذا التفاضل (في الأسماء تفاضل ما ظهر في الخلق) ، أي في المخلوقات (من أن يقال هذا) الإنسان (اعلم من هذا) الإنسان (مع أحدية العين) المسماة بتلك الأسماء الإلهية كلها والظاهرة بالقيومية في جميع الصور الإنسانية وغيرها (وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته) بالفضيلة لعموم التعلق سميته بجميع الأسماء الإلهية لدخولها تحت حيطته ونعته ، أي ذلك الاسم بها ، أي بجميع الأسماء كما قال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء : 110] .
(كذلك) القول (فيما ظهر من الخلق ) ، أي المخلوقات فيه ، أي في ذلك الظاهر أهلية ، أي فضيلة كل ما فوضل ذلك الظاهر به فكل جزء من أجزاء العالم بفتح اللام فيه مجموع العالم كله أي هو قابل لحقائق متفرقات العالم كله أن تظهر من ذلك الجزء وأن يتجلى القيوم على جميع العالم على ذلك الجزء بما تجلى به على جميع العالم فلا يقدح في هذا التساوي بين أجزاء العالم قولنا مع ذلك إن زيدا دون عمرو ، أي أقل منه في فضيلة العلم أن تكون هوية الحق تعالى القائمة بصفة القيومية على كل نفس بما كسبت كما قال سبحانه :أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ[ الرعد : 33 ] عين زيد وعين عمرو ومع أنهما عينهما (تكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد كما تفاضلت الأسماء الإلهية) بعموم التعلق وخصوصه (وليست) كلها (غير الحق
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو تعالى من حيث هو عالم أعمّ في التّعلّق  من حيث ما هو مريد وقادر ، وهو هو ليس غيره . فلا تعلمه يا وليّي هنا وتجهله هنا وتثبته هنا وتنفيه هنا.
إلّا أن أثبّته بالوجه الّذي أثبت نفسه ، ونفيته عن كذا بالوجه الّذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنّفي والإثبات في حقّه .  حين قال :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " فنفى "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[ الشورى : 11 ] فأثبت بصفة تعمّ كلّ سامع بصير من حيوان .
وما ثمّ إلّا حيوان إلّا أنّه بطن في الدّنيا عن إدراك بعض النّاس ، وظهر في الآخرة لكلّ النّاس ، فإنّها الدّار الحيوان ، وكذلك الدّنيا إلّا أنّ حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه بما يدركونه من حقائق العالم .
فمن عمّ إدراكه كان الحقّ فيه أظهر في الحكم ممّن ليس له ذلك العموم .
فلا تحجب بالتّفاضل وتقول لا يصحّ كلام من يقول إنّ الخلق هويّة الحقّ بعدما أريتك التّفاضل في الأسماء الإلهيّة الّتي لا تشكّ أنت أنّها هي الحقّ ومدلولها المسمّى بها وليس إلّا اللّه تعالى.)
 
فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق ) بالواجبات والممكنات والمستحيلات (من حيث ما هو مريد) تتعلق إرادته بالممكنات فقط ومن حيث ما هو قادر تتعلق قدرته بما يريد وجوده من الممكنات دون ما يريد عدمه منها كما مر .
(و) مع ذلك (هو هو) سبحانه وتعالى (ليس) معه غيره في الوجود المطلق أصلا والكل مراتب ظهوراته وتقادير تجلياته فلا تعلمه هنا ، أي في هذا الظهور يا وليي ، أي صديقي وتجهله هنا ، أي في هذا الظهور الآخر وتثبته ، أي تقر به تعالى هنا ، أي في هذا الظهور الفلاني وتنفيه هنا ، أي في ظهور آخر غيره إلا أن أثبته سبحانه في هذا الظهور الخاص بالوجه الذي أثبت سبحانه نفسه به ونفيته عن كذا أي ظهور آخر بالوجه الذي نفى فيه نفسه تعالى كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه سبحانه .
حين قال الشيخ رضي الله عنه :  لَيْسَ كَمِثْلِهِ سبحانه شيء وهو أنكر النكرات وقد وقع في سياق النفي فيعم المعقول والمحسوس والموهوم فنفى سبحانه المشابهة بينه وبين كل شيء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى  : 11] .
فأثبت تعالى المشابهة له بصفة هي السمع والبصر تعم تلك الصفة (كل سامع بصير من حيوان) ، أي جسم نوراني أو ناري أو ترابي حساس متحرك بإرادته (وما ثم) ، أي
 
هناك في الوجود من محسوس ومعقول وموهوم (إلا حيوان إلا أنه) ، أي هذا الأمر بطن ، أي اختفى في الدنيا عن إدراك بعض الناس وهم المحجوبون دون العارفين وظهر في الآخرة لكل الناس فإنها ، أي الآخرة الدار الحيوان كما قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ[ العنكبوت : 64 ] .
(وكذلك) الحكم (في الدنيا) هي الحيوان أيضا بجميع ما فيها إلا أن حياتها ، أي الدنيا (مستورة عن بعض العباد) من أهل الغفلات واللهو (ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد اللّه) تعالى المحجوبين والعارفين بما يدركونه من حقائق العالم . فمن عم إدراكه فرأى في الدنيا كل شيء حيوان ينطق بتسبيح اللّه تعالى كما قال سبحانه :الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ[ فصلت : 21 ] ، وقال :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] .


كان الحق تعالى أظهر في الحكم الإلهي لا في الذات ممن ليس له ذلك العموم في رؤية كل شيء حيوان فلا تحجب يا أيها السالك بالتفاضل الواقع في العالم بين الأشخاص الإنسانية وغيرها وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق .
أي المخلوقات كلها عين هوية الحق تعالى بصفة القيومية عليها من حيث الوجود الظاهر بكل مرتبة كونية وصورة إمكانية صدرت عنه بطريق الحكم الإلهي والأمر الرباني المعبر عنه بكن فيكون بعدما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها ، أي تلك الأسماء هي الحق تعالى لأن الاسم عين المسمى من حيث المراد به وهي مدلولها ، أي ما دلت عليه المسمى ذلك المدلول بها ، أي بتلك الأسماء وليس في نفس الأمر ذلك المدلول مع الأسماء إلا اللّه تعالى ، فإنه هو الأسماء والمسمى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة .  فلا بدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم .
هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه .
ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف . فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم . )
 
(ثم إنه) ، أي الشأن (كيف يقدم سليمان) عليه السلام (اسمه في) كتابه إلى بلقيس (على اسم اللّه) تعالى (كما زعموا) ، أي علماء الرسوم الظاهرة والعقول القاصرة الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة والحال هو ، أي سليمان عليه السلام من جملة من أوجدته الرحمة العامة ، لأنه شيء والرحمة وسعت كل شيء ، وكتبت له الرحمة الخاصة ، لأنه من الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
(فلا بد أن يتقدم) ذكر اسمه على اسم اللّه (الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم) إلى الراحم والأثر إلى المؤثر ، (هذا) الأمر (عكس الحقائق) ، لأنها تعطي تقديم الأصل على الفرع وهنا (تقديم من يستحق التأخير) وهو ذكر الصورة السليمانية التي هي مظهر عند الحس والعقل للحضرة الإلهية الرحمانية الرحيمية (وتأخير من يستحق التقديم ) وهو ذكر الهوية الذاتية الموصوفة بالرحمة العامة والخاصة في الحضرة الاسمائية في الموضع ، أي المقام الذي يستحقه ، أي كل من يستحق التأخير ويستحق التقديم ، فإن خطاب سليمان عليه السلام لبلقيس الكافرة الجاهلة باللّه تعالى يقتضي تقديم صورته المظهرية التي بها يحضر الحق تعالى عند الغافل المحجوب عن شهود الغيب ، فإنه لا يعرف ذلك إلا بالآلة كالمعنى الذي لا يفهمه الجاهل الغبي بالإشارة ، فيقال له بنطق العبارة ثم يذكر له المقصود بعد ذلك ، فيتحقق الفرق بالجمع والجمع بالفرق ، فموضع الخطاب معها يقتضي عكس الحقائق المذكورة ، ولهذا لما أسلمت قدمت ما قدمه سليمان وأخرت ما أخره سليمان على طبق كتابه إليها فقالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] .
وذكرت رب العالمين موضع الرحمن المتجلي على عرش الوجود ، والرحيم المتجلي على عرش الإيمان ، إشارة إلى تحققها بالاسمين واطلاعها على الاسم الرب الذي ينزل إلى سماء الدنيا كما ورد « ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا » .رواه أبو داود
 
(ومن حكمة بلقيس) ، أي فطنتها وذكائها وقابليتها للكمال (وعلو) ، أي ارتفاع (علمها) الذي كانت فيه قبل إسلامها بإلهام الحق تعالى لها وإجرائه على قلبها ولسانها من باب نطق الاستعداد لا أثر القوّة الكمالية الإنسانية (كونها) ، أي بلقيس (لم تذكر) لقومها (من ألقى إليها الكتاب) وهو الهدهد الذي كان رسول سليمان عليه السلام إليها فقالَتْ: " يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" ( 29 ) [ النمل : 29 ] .
وما عملت ، أي بلقيس ذلك ، أي تركت ذكر الهدهد الذي جاء إليها بالكتاب إلا لتعلم أصحابها ، أي قومها أن لها اتصالا .
أي معرفة واطلاعا إلى أمور خفية لا يعلمون طريقها ولا كيفية الوصول إليها .
وهذا الأمر من جملة التدبير الإلهي والتوفيق الرباني لها في سياسة الملك وبقاء السلطنة لها على قومها .
لأنه ، أي الشأن إذا جهل طريق الإخبار عن الأمور الواصل ذلك الإخبار للملك خاف أهل الدولة من العساكر والأجناد على أنفسهم في تصرفاتهم واستيلائهم على ما هو تحت أيديهم من الولايات مخافة أن ينكشف أمرهم من حيث لا يعرفون كيف انكشافه فلا يتصرفون إلا في أمر صحيح بحيث إذا وصل ذلك إلى سلطانهم عنهم وانكشف عنده يأمنون غائلة ذلك التصرف ولا يتأتى عليهم ضرر منه فلو تعين لهم .
أي لأهل الدولة على يدي من يوصل الأخبار عنهم وعن أحوالهم إلى ملكهم لصانعوه .
أي صنعوا إليه المعروف وأهدوا إليه الهدايا وأعظموا .
أي أكثروا له الرشا بالضم جمع رشوة وهو البرطيل « هي الإكرامية غير المستحقة » على سكوته وعدم إخباره عنهم .
حتى يفعلوا في تصرفاتهم ما يريدون من الأفعال ولا يصل خبر ذلك إلى ملكهم .
فكان قولها ، أي بلقيس ألقى بالبناء للمجهول إليّ ، أي ألقى إليّ ملق ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها لرعاياها وأرباب ولايتها أورثت ، أي تلك السياسة الحذر.
أي الخوف منها ، أي من بلقيس في أهل مملكتها من الرعية والأجناد وخواص مدبّريها من الوزراء وبهذا الأمر استحقت ، أي بلقيس التقديم عليهم بالملك والسلطنة مع أنها امرأة وهم رجال ، فاقتضت الحكمة الإلهية ملكها عليهم ودخولهم تحت حيطتها ونفوذ أمرها فيهم إن شاؤوا وإن أبوا وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 247 ] .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه .
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك . أي ليس له هذه السّرعة .
 فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد . فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال . )
 
(وأما فضل) ، أي فضيلة الشخص (العالم) ، أي المتصف بالعلم والإدراك (من الصنف) ، أي النوع (الإنساني) ، أي المنسوب إلى الإنسان وهو الآدمي كوزير سليمان عليه السلام آصف بن برخيا الذي جاء بعرش بلقيس في طرفة عين من سبأ إلى بيت المقدس بدعوة دعا اللّه تعالى بها في ذلك على الشخص العالم ، أي المتصف بالعلم والإدراك من نوع الجن كالعفريت الذي قال لسليمان عليه السلام :أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ[ النمل : 39 ] .
 
وكان سليمان عليه السلام يجلس للحكومة إلى العصر (بأسرار) متعلق بالعالم الأوّل أو الثاني بطريق التنازع (التعريف) في عالم الشهادة (وخواص الأشياء) فالعفريت لا يعلم من القوة الإلهية التي قام بها كل شيء وقدر بها كل شيء إلا مقدار ما تعين منها في صورته وظهر بهويته ، فلهذا قال على مقتضى علمه وإدراكه وآصف بن برخيا رضي اللّه عنه علمها كلها فلم يتعين منها عنده في صورته ولا ظهر بهويته شيء بل أسلم لها إطلاقها ونظرها بها لا به وهي أمر واحد كلمح بالبصر ففعل بها ما فعل وقال ما قال .
 
(فمعلوم) ، أي الفضل والمزية في ذلك (بالقدر الزماني) فانظر كم بين قول العفريت وقول آصف من التفاوت في بطء الزمان وسرعته (فإن رجوع الطرف) لحظ العين (إلى الناظر به) ، أي بالطرف من الناس في قول آصف رضي اللّه عنه قبل أن يرتد إليك طرفك (أسرع من قيام القائم) ، أي الذي يريد القيام من مجلسه الذي هو جالس فيه (لأن حركة البصر في الإدراك) ، أي الرؤية يعني وصوله (إلى ما يدركه)
 
من المبصرات (أسرع من حركة الجسم فيما) ، أي في الموضع الذي (يتحرك) ذلك الجسم منه ، (فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر) إلى الشيء المبصر هو عين الزمان الذي يتعلق بمبصره اسم مفعول ، أي مبصر ذلك البصر مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإن زمان فتح البصر هو عين زمان تعلقه ، أي البصر بفلك الكواكب الثابتة وهو الفلك الثامن مع هذه المسافة الطويلة من الأفلاك السبعة الشفافة والبعد بينها ومقدار مسافة العناصر وكذلك زمان رجوع طرفه ، أي الناظر إليه بعد الإدراك عين زمان عدم إدراكه ، أي الناظر لذلك الشيء وإن بعدت المسافة والقيام من مقام الإنسان ، أي موضع إقامته وهو مجلسه ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة التي للمبصر في توجه الطرف ورجوعه .
(فكان آصف بن برخيا ) وزير سليمان عليه السلام (أتم) وأكمل (في العمل من الجن فكان عين قول آصف بن برخيا) المذكور رضي اللّه عنه وهو دعاؤه اللّه تعالى بحضور عرش بلقيس (عين الفعل) الإلهي المكون لعرش بلقيس في بيت المقدس بعد إعدامه من سبأ في الزمن الواحد .
فرأى في ذلك الزمان الواحد بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده ، أي في مجلسه ذلك لئلا يتخيل بالبناء للمجهول له لذكر الاستقرار أنه ، أي سليمان عليه السلام (أدركه) ، أي العرش (وهو) ، أي العرش (في مكانه) ببلاد سبأ من أقصى اليمن (من غير انتقال) لذلك العرش .
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يكن عندنا باتّحاد الزّمان انتقال ، وإنّما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر بذلك إلّا من عرفه ، وهو قوله تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راؤون له .
وإذا كان هذا كما ذكرناه ، فكان زمان عدمه - أعني عدم العرش - من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس . ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنّه في كلّ نفس لا يكون ثمّ يكون .
ولا تقل « ثمّ » تقتضي المهلة ، فليس ذلك بصحيح ، وإنّما « ثمّ » تقتضي تقدّم الرّتبة العلّيّة عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشّاعر : كهزّ الرّديني ثمّ اضطرب
وزمان الهزّ عين زمان اضطراب المهزوز بلا شكّ . وقد جاء بثمّ ولا مهلة .
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس : زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . )
 
(ولم يكن عندنا) معشر المحققين من أهل اللّه تعالى (باتحاد الزمان) ، أي بسبب كونه واحدا (انتقال) للعرش من مكان إلى مكان كما يجد ذلك أهل الغفلة والحجاب في كل شيء يتحوّل من مكانه (وإنما كان) ذلك الانتقال في العرش (إعدام) له من سبأ (وإيجاد له) في بيت المقدس كما كان في سبأ كذلك ينعدم ويوجد كل لمحة من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه من المحققين الإلهيين دون الجاهلين المحجوبين .
(وهو) ، أي هذا الحكم مقتضى قوله تعالى :بَلْ هُمْ، أي الناس الجاحدون للإعادةفِي لَبْسٍ، أي التباس عليهممِنْ خَلْقٍ، أي إيجاد لكل شيءجَدِيدٍ[ ق : 15 ] غير الإيجاد الأوّل .
وقال تعالى :وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ( 50 ) [ القمر : 50 ] ، وهو باطن الخلق والخلق ظاهر الأمر . وقال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الإعراف : 54 ] ،
وقال :خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ[ الأنعام : 73 ] ، وهو الأمر الذي قال فيه :وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[ الروم : 25 ] ، وقال :ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ[ الطلاق : 5 ] إلى غير ذلك من شواهد الحال في هذه المسألة ولا يمضي عليهم ، أي على الذين هم في الالتباس وقت لا يرون فيه ، أي في ذلك الوقت ما ، أي الذي هم راؤون له من جميع المخلوقات المحسوسة والمعقولة .
 
(وإذا كان هذا) الأمر (كما ذكرناه) في الالتباس من الخلق الجديد (فكان زمان عدمه أعني) زمان (عدم العرش) ، أي عرش بلقيس (من مكانه) في سبأ عين زمان وجوده ، أي العرش (عند سليمان عليه السلام) في بيت المقدس من جملة تجديد الخلق ، أي المخلوقات دائما مع الأنفاس فكل نفس يذهب بخلق ويأتي بخلق آخر جديد مثل الأوّل بل لا مثل لكل خلق ، لأن التجليات لا تتكرر فالآثار لا تتكرر ولا علم لأحد من الناس بهذا القدر أصلا إلا من كشف اللّه تعالى عن بصيرته فأراه ربه ما لا يراه غيره ببصره ولا بقلبه بل الإنسان المحجوب لا يشعر به ، أي بهذا التجديد في الخلق من نفسه أنه في كل نفس بفتح الفاء لا يكون ، أي لا يوجد ثم يكون ، أي يوجد فكيف يشعر بذلك من غيره ولا تقل يا أيها الإنسان كلمة .
(ثم تقتضي المهلة) ، أي التراخي بين المتعاطفين بها مع الترتيب بينهما (فليس ذلك) ، أي اقتضاؤها المهلة في جميع مواضعها (صحيح وإنما) كلمة ثم تقتضي تقدم (الرتب العلية) التي بين المتعاطفين بها (عند العرب) ، أي في لغتهم من غير
 
اقتضاء مهلة لذلك (في مواضع مخصوصة) من الكلام كقول الشاعر من شعراء العرب .
(كهز الرديني) وهو الرمح (تحت العجاج) ، أي الغبار في الحرب (جرى) ، أي الهز (في الأنابيب) ، أي أنابيب الرمح جمع أنبوبة وهي العقدة منه ثم اضطرب ، أي ذلك الرديني ومعلوم أن زمان الهز هو (عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك) ، عند أحد في ذلك وقد جاء هذا القائل في كلامه بثم ولم يأت بالفاء المقتضية للفور ولا مهلة في الكلام هنا ، فليست ثم للمهلة دائما بل تخرج عن ذلك في مواضع مخصوصة من كلام العرب هنا ما ذكر كذلك تجديد الخلق ، أي المخلوقات مع الأنفاس من حيث ابتداء اللّه تعالى المخلوقات إلى الأبد فيكون زمان العدم ، أي عدم المخلوق هو عين زمان وجود المثل ، أي المخلوق الآخر الذي هو مثل ذلك المخلوق الأول (كتجديد الأعراض) جمع عرض بالتحريك وهو ما لا قيام له بنفسه (في دليل الأشاعرة) من علماء الكلام لأنهم يقولون بامتناع بقاء العرض زمانين ،
بل قال بعضهم : القول بامتناع بقاء العرض أصلا أحسن من القول بامتناع بقائه زمانين ، لأنه يلزم من انتفاء البقاء زمانين ثبوت البقاء زمانا واحدا ، فيلزم من ذلك أن يوجد العرض في زمان ويبقى في زمان ويعدم في زمان ، وهم نفوا زمانين فأين ثلاثة أزمنة . وقالوا : لو بقي العرض لكان القاء عرضا فلزم قيام العرض بالعرض وهو محال لأن العرض يقوم بالجرم لا بعرض مثله وسبق الكلام معهم في بقاء الأجسام .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإنّ مسألة حصول عرش بلقيس من أشكل المسائل إلّا من عرف ما ذكرناه آنفا في قصّته .
فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلّا حصول التّجديد في مجلس سليمان عليه السّلام .
فما قطع العرش مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه .
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها .
وسبب ذلك كون سليمان هبة اللّه تعالى لداود عليهما السّلام من قوله تعالى : وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ[ ص : 30 ] . والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الجزاء الوفاق أو الاستحقاق .  فهو النّعمة السّابغة والحجّة البالغة والضّربة الدّامغة . )
 
(فإن مسألة حصول عرش بلقيس) من سبأ في بيت المقدس قبل ارتداد الطرف (من أشكل المسائل) في الدين (إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا) ، أي قريبا في قصّته العرش من أنه إعدام من مكان وإيجاد في مكان لا بطريق الانتقال ، لأنه من الخلق الجديد الواقع في كل شيء في مكان واحد أو في أماكن (فلم يكن لآصف) بن برخيا الذي جاءه بالعرش بدعوته من الفضل ، أي الفضيلة في ذلك الأمر إلا حصول التجديد للعرش في مجلس سليمان عليه السلام بمثل التجديد الذي كان له وهو في سبأ .
 
(فما قطع العرش) بانتقاله (مسافة) أصلا ، (ولا زويت) ، أي طويت (له أرض) حتى حصل بسرعة (ولا خرقها) ، أي الأرض كما هو عند المحجوبين من علماء الرسوم (لمن فهم ما ذكرناه) من تجديد الخلق (وكان ذلك) الحصول للعرش بسرعة (على يدي بعض أصحاب سليمان) عليه السلام وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام وابن خالته ، ولم يكن ذلك على يدي سليمان عليه السلام ليكون ذلك (أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين) عنده من بلقيس بيان للحاضرين (وأصحابها) الذين جاؤوا معها .


(وسبب ذلك) ، أي حصول هذا الأمر الخارق للعادة على يدي بعض أصحاب سليمان عليه السلام زيادة في تعظيمه في نفوس أعدائه (كون سليمان عليه السلام موهبة) ، أي عطية اللّه تعالى لداود أبيه عليهما السلام أخذا من قوله تعالى "وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ ص : 30 ] ، (والهبة إعطاء الواهب بطريق الإنعام) على المعطى له (لا بطريق الجزاء) على العمل الوفاق ، أي الموافق لمقدار العمل أو بطريق الاستحقاق إذ لا يستحق أحد على اللّه تعالى شيئا فهو ، أي سليمان عليه السلام النعمة على أبيه داود عليه السلام السابغة ، أي الواسعة كما يقال : درع سابغ وثوب سابغ ، أي واسع على لابسه يستر بدنه كله والحجة ، أي الدليل والبرهان على أعداء الحق البالغة ، أي القوية المتينة والضربة في الكفر والباطل وأهله الدامغة ، أي الواصلة إلى الدماغ بحيث لا برء منها هذا من حيث حاله عليه السلام وهمته وشأنه في نفسه .

.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 ديسمبر 2019 - 12:28 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 26 ديسمبر 2019 - 21:53 من طرف عبدالله المسافربالله

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الثالث .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي

كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص الشيخ عبد الغني النابلسي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي

الفص السليماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثالث
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا علمه فقوله تعالى :فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ مع نقيض الحكم وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً[ الأنبياء : 79 ] . فكان علم داود علما مؤتى آتاه اللّه ، وعلم سليمان علم اللّه في المسألة إذ كان هو الحاكم بلا واسطة . فكان سليمان ترجمان حقّ في مقعد صدق . كما أنّ المجتهد المصيب لحكم اللّه الّذي يحكم به اللّه في المسألة أو تولّاها بنفسه أو بما يوحى به لرسوله له أجران ، والمخطيء لهذا الحكم له أجر مع كونه علما وحكما . )

(وأما علمه) ، أي سليمان عليه السلام فقوله ، أي اللّه (تعالى "فَفَهَّمْناها")، أي الحكومة في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم أي الزرع الذي أكلته غنم الغير ("سُلَيْمانَ") عليه السلام ، فحكم أن صاحب الزرع يأكل من لبن الغنم حتى ينبت زرعه كما كان ، ثم يرد الغنم على أهله (مع نقيض الحكم) من أبيه داود عليه السلام وهو حكمه بالغنم ملكا لصاحب الزرع وَكُلًّا، أي كل واحد منهما آتاه اللّه تعالى حُكْماً، وهو سليمان عليه السلام وَعِلْماً وهو داود عليه السلام بقوله سبحانه :وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً[ الأنبياء : 79 ] .

فكان علم داود عليه السلام الذي آتاه اللّه تعالى له علما يؤتى ، أي يؤتيه اللّه تعالى لمن شاء وهو العلم الحادث وعلم سليمان عليه السلام هو علم اللّه تعالى القديم في هذه المسألة ، وهو العلم اللدني الذي قال اللّه تعالى في الخضر عليه السلام آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا[ الكهف : 65 ] وهو الوجود الذي قام به وكشف عنه وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً[ الكهف : 65 ] .

أي علما من عندنا ، وهو علم اللّه تعالى القائم بذلك الوجود المطلق عين الوجود المطلق ، فالخضر لموسى عليه السلام كسليمان لداود عليه السلام ، فالخضر على علم علمه اللّه تعالى لا يعلمه موسى عليه السلام ، وموسى عليه السلام على علم لا يعلمه الخضر عليه السلام كما ورد ذلك عن الخضر في الخبر الصحيح .

ومع ذلك فما علم الخضر وعلم موسى عليهما السلام في علم اللّه تعالى إلا كما أخذ العصفور بفمه من ماء البحر كما قال الخضر ذلك لموسى عليه السلام كما ورد به الحديث الصحيح .

 لأن علم الخضر عليه السلام في كل مسألة عين علم اللّه تعالى بها ، وعلمه تعالى بمسألة عين علمه لكل مسألة إلى ما لا نهاية له ، ولكن لما قوبل بعلم موسى عليه السلام الذي آتاه اللّه تعالى له على حسب استعداده واستعداد المكلفين به ، انقسم ذلك ، فانتسب إلى المطلق بما أخذ العصفور من ماء البحر . وكذلك علم سليمان مع داود عليهما السلام .

 ولما كان سليمان هبة لداود عليهما السلام لم يعترض عليه داود كما اعترض موسى على الخضر عليهما السلام ؛ ولهذا قال له :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً[ الكهف : 67 ] ، وتقدير الكلام ، لأن علمك من علمه ، نزل لك على حسب استعدادك واستعداد قومك ، وعلمي عين علمه صعدت إليه أنا بالفناء عني وعن كل ما سواه لا هو نزل إليّ ، وصرح له بذلك فقال : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ، وهو علم اللّه تعالى ، وهما الملكان : أحدهما النازل والآخر الصاعد كما ورد في الحديث . فالنازل يقول موسى أعلم من الخضر ، والصاعد يقول الخضر أعلم من موسى إذ ، أي لأنه كان ، أي سليمان عليه السلام هو الحاكم الحق بلا واسطة نفس منه واللّه يحكم لا معقب لحكمه . وكان سليمان عليه السلام ترجمان حق لحكم الحق تعالى بلسانه فيما حكم بهفِي مَقْعَدِ صِدْقٍ[ القمر : 55 ] ،
وهو حضرة الثبوت العلمي مكشوفا عنه بالوجود الحقيقي .


(كما أن المجتهد) في شريعتنا في مسألة من المسائل (المصيب لحكم اللّه) تعالى (الذي يحكم به اللّه) سبحانه في تلك المسألة لو تولاها ، أي تلك المسألة فحكم بها اللّه تعالى بنفسه من غير واسطة أحد وبما يوحى به من الشريعة لرسول من رسله عليهم السلام كان له ، أي لذلك المجتهد على حكمه المذكور في تلك المسألة أجران : أجر على اجتهاده وأجر على إصابته الحق والمخطىء في اجتهاده لهذا الحكم المعين الذي يحكم به اللّه لو حكم بلا واسطة ويحكم به رسوله بالوحي عنه له أجر واحد على اجتهاده فقط كما ورد في الحديث : « من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد » مع كونه ،

 أي مما حكم به المجتهد في الصواب والخطأ علما وحكما فهو في الصواب حكم وفي الخطأ علم ، وإن لم يشعر بذلك لاستعماله العقل والفكر في اجتهاده ، فهو على غير بصيرة ، وإن أعطاه اللّه تعالى الأجر فليسوا من ورثة الأنبياء إلا من حيث كونهم حاملين لعلوم العقل من الكتاب والسنة ، لا من حيث علومهم التي استنبطوها ، وإن أقرهم عليها الشارع ، لأن علوم الأنبياء عليهم السلام ليست اجتهادية ظنية كعلوم المجتهدين ولا تحتمل الخطأ أصلا ، وإنما ورثتهم من كل وجه أهل الباطن المحققون . قال تعالى :قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[ يوسف  : 108] الآية .

وإن كانت هذه العلوم الباطنية اللدنية حاصلة للمجتهدين أيضا مع علوم اجتهادهم ، فإنهم ورثة الأنبياء من تلك الحيثية لا من حيث علوم الاجتهاد ، وهذا مرادنا بالمجتهد من حيث ما هو مجتهد لا من حيث ما هو عارف صاحب كشف وبصيرة إن كان كذلك .
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان - عليه السّلام - في الحكم ، ورتبة داود - عليه السّلام - . فما أفضلها من أمّة .
ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندهاقالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي .
ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح .
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج .
فلمّا رأته حسبته لجّة أي ماء وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها[ النمل : 44 ] .
حتّى لا يصيب الماء ثوبها . فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل وهذا غاية الإنصاف . فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل: 42 ] . )
فقالت عند ذلك :" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ أي إسلام سليمان لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" [ النمل : 44 ] . )

(فأعطيت )، أي أعطى اللّه تعالى علماء (هذه الأمة المحمدية) الحاملون لعلوم النقل منهم وهم المجتهدون (رتبة سليمان عليه السلام في الحكم) إن أصابوا ورتبة داود عليه السلام في العلم إن أخطأوا يعني ثواب ذلك وهو الأجران : على الصواب والأجر على الخطأ (فما أفضلها من أمة) حيث أدركت ثواب النبيين في ذلك .

ولما رأت بلقيس عرشها مستقرا عند سليمان عليه السلام مع علمها ، أي بلقيس ببعد المسافة بين بلادها وبيت المقدس وعلمها استحالة انتقاله ، أي العرش في تلك المدة القليلة التي فارقت عرشها فيها وهو في بلادها عندها ، أي النسبة إليها .

وقد علم بحالها ذلك سليمان عليه السلام لما قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هو "[ النمل: 41 - 42 ]

، أي هذا العرش "هُوَ"، أي عرشها وصدقت في قولها ذلك بما ، أي بسبب الذي ذكرناه من تجديد الخلق ، أي المخلوقات بالأمثال في كل لمحة ومع ذلك التجديد هو ، أي الخلق بحاله في عين الغافل المحجوب الذي لا شعور عنده بالتجديد المذكور ، فلم يلزم أن يكون غير الخلق الأول عند المكلفين بالأمر الشرعي حتى يقتضي كذب الأمر بتكليف ما لا يمكن بقاؤه ، أو غير ما كلف ولهذا قال :
(وصدق الأمر) الشرعي المتوجه على المكلفين مع تجديدهم في كل لمحة

 
(كما أنك) يا أيها المكلف في عالم كونك مخلوقا (في زمان التجديد) لك في عالم الأمر الإلهي الذي أنت وكل شيء قائم به عين ما أنت في الزمن الماضي فعالم رؤية المخلوقات كلها على ما هي عليه متصوّرة بالصورة المختلفة في الحس والعقل هو عالم الخلق وهو الذي فيه المخلوقات موصوفون بالصفات ، وفيه الأشياء موجودة ، وفيه التكليف بالأمر والنهي ، وهو عالم الشهادة وعالم الملك .

قال تعالى :" تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 1 )" [ الملك : 1 ] ، وعالم رؤية المخلوقات كلها ظاهرة من العدم راجعة إلى العدم كلمح بالبصر من غير استقرار شيء أصلا في الحس ، والعقل هو عالم الأمر الذي قال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الأعراف : 54 ] ، وهو عالم الغيب وعالم الملكوت الذي قال تعالى :وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ( 75 ) [ الأنعام : 75]

، وقال تعالى :الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ يس : 83 ] ، وليس المخلوقات في هذا العالم موصوفين بالصفات أصلا إلا باعتبار العالم الأوّل ، وإنّما الأوصاف فيه كلها راجعة إلى الحق تعالى ، وفيه يكون الحق سمع العبد وبصره ولا يتصوّر تكليف ولا مكلف أصلا ، لأن الأشياء كلها فيه هالكة كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[ القصص : 88 ] وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ( 27 ) [ الرحمن : 26  27 ] .

ولا يبقى فيه العارف أكثر من لمح بالبصر في شهوده ، ويقع الغلط للسالك في هذا العالم كثيرا ، ويظن أنه ساقط التكليف في وقت شهوده طرفا من ذلك ، فيكفر بالجحود للقواطع الشرعية المتوجهة عليه وهو لا يشعر فتنطمس بصيرته عن الترقي ويحسبون أنهم مهتدون .


(ثم إنه) ، أي الشأن (من كمال علم سليمان) عليه السلام (التنبيه) ، أي الإيقاظ والتفهيم لبلقيس الذي ذكره ، أي تذكره في الصرح الممرد من قوارير أي زجاج صاف فقيل لها ، أي بلقيس ادْخُلِي الصَّرْحَ، وهو القصر وكل بناء عال وكان ، أي ذلك الصرح صرحا أملس ، أي ناعما صافيا (لا أمت) ، أي لا ارتفاع .

قال تعالى :لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً( 107 ) [ طه : 107 ] ، أي لا انخفاض ولا ارتفاع فيه ، أي في ذلك الصرح من زجاج أبيض ، وهو نظير عرشها اتخذه سليمان عليه السلام يشبه السرير على وجه الأرض " فَلَمَّا رَأَتْهُ " أبيض صافيا يتلألأ من بريقه ولمعانه في شعاع الشمس "حَسِبَتْهُ لُجَّةً"، أي ماء يترقرق .

(فكشفت) ، أي بلقيس ("عَنْ ساقَيْها" حتى لا يصيب) ذلك (الماء ثوبها فنبهها) ، أي سليمان عليه السلام (بذلك) ، أي بأمرها بدخول الصرح على أن عرشها الذي رأته مستقرا عنده من هذا القبيل ، أي ليس هو بعرشها في عالم الأمر

الإلهي ، وهو عرشها في عالم الخلق الرحماني ، وهي في توهم في كل ما هي متحققة به كما توهمت الزجاج ماء ، وأثر ذلك التوهم في نفسها حتى كشفت عن ساقيها لتخوض في ذلك الماء الذي رأته ، وهو زجاج على خلاف ما ترى ، فنبهها بذلك على الأمر العظيم .

(وهذا)  من سليمان عليه السلام (غاية الإنصاف فإنه) ، أي سليمان عليه السلام (أعلمها بذلك) الأمر (إصابتها) ، أي كونها مصيبة في قولها ، أي بلقيس عن عرشها كَأَنَّهُ هُوَ فعلمت أنها في توهم من أمرها وشأنها كله فقالت عند ذلك رَبِّ، أي يا رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي في جميع ما كنت أعتقده من أمر الدين ، حيث رأت نفسها متوهمة في كل ما تعتقده في محسوساتها الدنيوية ، فكيف بمعقولاتها الدينية وَأَسْلَمْتُ، أي دخلت في دين الإسلام مَعَ سُلَيْمانَ عليه السلام أي إسلام سليمان عليه السلام: لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] ، أي مالكهم والعالم بهم على ما هم عليه في أنفسهم من غير توهم في علمه تعالى .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما انقادت لسليمان وإنّما انقادت للّه ربّ العالمين ، وسليمان من العالمين .  فما تقيّدت في انقيادها كما لا تتقيّد الرّسل في اعتقادها في اللّه .
بخلاف فرعون فإنّه قال : رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 48 )
وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجة ، لكن لا يقوى قوّته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد للّه . 
وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال :" آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ " [ يونس : 90 ] »
فخصّص ، وإنّما خصص لما رأى السّحرة قالوا في إيمانهم باللّه :رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 48 ) [ الشعراء : 48 ] . )



(فما انقادت) ، أي بلقيس بإسلامها (لسليمان) عليه السلام (وإنما انقادت) بإسلامها (لرب العالمين وسليمان ) عليه السلام من جملة العالمين الذين أسلمت بلقيس لربهم فما تقيدت ، أي بلقيس في انقيادها للّه تعالى بقيد أصلا كما لا تتقيد الرسل عليهم السلام في اعتقادها ، أي طائفة الرسل في اللّه تعالى بقيد أصلا من كمال الإيمان بخلاف فرعون حين أسلم وآمن لما أدركه الغرق فإنه
قال الشيخ رضي الله عنه :  آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ[ يونس : 90 ] ، وخصص إيمانه من تخصيص السحرة ، وتقدير ذلك آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل" رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 ) [ الأعراف : 122 ] .
فإنه مرجع كلامه ، (وإن كان) ، أي فرعون ( يلحق بهذا الانقياد) ، أي الإسلام (البلقيسي) ، 
أي الذي فعلته بلقيس من وجه وهو ذكر ربوبيته لموسى وهارون عليهما السلام في تقدير كلامه ، فكان نظير ذكر معية سليمان عليه السلام وربوبيته للعالمين في إيمان بلقيس .

(ولكن لا يقوى) ، أي انقياد فرعون (قوته) ، أي قوّة انقياد بلقيس لصريح المعية فيه وظهور الإطلاق في ربوبيته للعالمين وإن لزم ذلك في انقياد فرعون بتقدير ذكر موسى وهارون عليهما السلام انقيادهما مطلق من القيود ، وهو ربوبية العالمين ، وذلك هو الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأسلم له فرعون في قوله :وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ يونس : 90 ]
وهم السحرة الذين آمنوا برب العالمين " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 )"  
وقد كان قال لهم :" آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " [ الأعراف : 123 ] ،

فبقي في نفسه ما آمنوا به ، فلما آمنوا أتى هو بذلك في كلامه فكانت ، أي بلقيس أفقه ، أي أكثر فقها ، أي فهما في الدين من فرعون في الانقياد للّه تعالى لمعرفتها كيف تؤمن لما آمنت ، وذلك لسلامتها مما وقع فيه فرعون من المهلكة في وقت الإيمان .


(وكان فرعون) داخلا (تحت حكم الوقت) الذي كان فيه (حيث قال) حين أدركه الغرق آمنت ، أي صدقت بالذي آمنت ، أي صدقت به بنو إسرائيل ، أي أولاد يعقوب وهم قوم موسى عليه السلام ، لما رآهم نجوا من الغرق بإيمانهم ، فطمع في النجاة فآمن مثل إيمانهم كي ينجو هو كنجاتهم ، فكان إيمانه إيمان طمع محقق لا إيمان يأس من الحياة ، ولهذا قبل منه وعوتب على تأخيره فخصّص ، أي فرعون إيمانه بإيمان بني إسرائيل وإنما خصص بذلك إيمانه لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم باللّه تعالى آمنا برب العالمين " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( 122 ) . "

وفي موضع آخر من القرآن قالوا :"آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى"[ طه : 70 ] ، وإن كان الواو لا تقتضي ترتيبها فإنهم لما قالوا ذلك بلغتهم ترجمة اللّه تعالى لنا بالعربية فقدم في الترجمة ذكر موسى وتارة ذكر هارون ويحتمل أن بعضهم قدم ذكر موسى وبعضهم قدم ذكر هارون فقصه اللّه تعالى .

والظاهر أن تقديم ذكر هارون مراعاة لفواصل الآيات والأصل تقديم ذكر موسى وقول بعضهم ، لأن فرعون هو الذي ربى موسى فلو قدموا ذكره في إيمانهم لتوهم فرعون أنهم أمنوا به يرده ذكر هارون بعده ويبقى التوهم في تلك الآية التي قدم فيها ذكر موسى ، وقد وجد في كلام فرعون ما يرده وهو قوله :" آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " ولم يقل بي فصرح بتحققه بإيمانهم باللّه تعالى .
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت :مَعَ سُلَيْمانَفتبعته .
فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك . كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده . ويستحيل مفارقتنا إيّاه .
فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [ الحديد : 4 ] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا .
فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى .
وكذلك علمت بلقيس من سليمان فقالت :لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [ النمل : 44 ] وما خصّصت عالما من عالم . )


(فكان إسلام بلقيس) هو (إسلام سليمان) عليه السلام (إذ) ، أي لأنها (قالت) ، أي بلقيس (مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فتبعته) ، أي بلقيس تبعت سليمان عليه السلام (فما يمر بشيء من العقائد) الإيمانية إلا مرت ، أي بلقيس به ، أي بذلك الشيء معتقدة ذلك بقلبها وهذا معنى معيتها في الإسلام لسليمان عليه السلام كما نحن معشر المخلوقات كلها إن علمت وإن جهلت فإن علمت انتفعت بعلمها وكانت على بصيرة من أمرها وعلى هدى من اللّه تعالى ، وإن جهلت تضررت بجهلها وكانت على عمى وضلالة .


قال تعالى :" فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها" [ يونس : 108 ] على الصراط ، أي الطريق المستقيم من غير اعوجاج ولا ميل عن الحق أصلا أي الرب سبحانه عليه لكون نواصينا ، أي رؤوسنا موضع العقل والتدبير والإرادة والقصد للأمور كلها في يده تعالى يتصرف فينا كيف يشاء كما قال سبحانه :" ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" [ هود : 56 ] .

والدابة كل ما دب من العدم إلى الوجود كما مر في فص هود عليه السلام ويستحيل عقلا وشرعا مفارقتنا معشر المخلوقات إياه تعالى ، أي انفصالنا عنه كما يستحيل اتصالنا به .

 
(فنحن) كلنا (معه) ، أي مع الحق تعالى أينما كان ، أي في أي حضرة من حضرات أسمائه سبحانه نزل فيها وتجلى بها ولكن بالتضمين ، أي من حيث اقتضاء الآية المذكورة لذلك وهو بطريق التبعية لأنا آثار أسمائه فمعيتنا له أثرية لا مؤثرية كمعيته تعالى لنا فنحن به معه لا بنا معه وهو به معنا لا بنا معنا ، لأنه الغني عنا ونحن المفتقرون إليه تعالى ، فلولاه لما كنا معه وهو سبحانه معنا بالتصريح ، إذ لو لم يكن معنا لما كنا ، فكونه معنا عين وجودنا به ، وكوننا معه عين ظهوره بنا

 
(فإنه) تعالى (قال) مصرحا بمعيته لنا (وهو معكم أينما كنتم) ، أي في أي حالة كنتم فيها وصورة تصورتم بها (ونحن معه) سبحانه بكونه تعالى (آخذا بنواصينا) ، أي قيوما علينا يتصرف بنا كيف شاء ، فمعيتنا له عين معيته لنا ، فهو قيوم علينا لا قيام لنا إلا به فهو معنا من هذا الوجه ونحن معه كذلك ، ولكنه من طرفه بالإرادة ومن طرفنا بالاضطرار فهو تعالى حينئذ مع نفسه سبحانه حيث ما مشى بنا ، أي تصرف فينا ظاهرا وباطنا بإظهارنا لنا ورؤيتنا بنا من صراطه المستقيم وهو عطاؤه الفضل ومنه العدل . وحكمه الفضل وظهور فرعه بما يقتضيه الأصل .

 
(فما أحد من العالم) في الحس والعقل (إلا على صراط مستقيم) بحكم التبعية لمالك النواصي وقاهر الأعداء في الصياصي وهو ، أي الصراط المستقيم صراط الرب تعالى الذي يمشي به فينا ، أي يتصرف فيه بنا فيظهر بأوصافه وأسمائه ويبطن بذاته وهويته وهما قدم التجلي وقدم الاستتار ولذا ، 
أي لكون الأمر كذلك علمت بلقيس من سليمان عليه السلام ، أي صارت عالمة منه لإسلامها بحكم التبعية له ، كما أنّا مع الحق تعالى بحكم التبعية له ، وهو سبحانه على صراط مستقيم في جميع شؤونه ، فنحن كذلك على صراط مستقيم في جميع شؤوننا ، ولا يضر إلا الجهل بما الأمر عليه في نفسه ، ومنه ظهرت المعاصي والمخالفات .
 

فقالت أي بلقيس :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمان َلِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فأطلقت إسلامها للّه في جميع حضراته سبحانه لإطلاق الربوبية في جميع العوالم وما خصصت عالما من عالم وهذا كله استفادته من حكم التبعية لسليمان عليه السلام في الإسلام من غير استقلال لها في ذلك ، لأنها لو استقلت دخلت تحت حكم عقلها وحسها ، فيلزم من ذلك التخصيص ، ويكون عقدها مخصوصا بصورة التجلي فتفتضح يوم التحوّل في الصور يوم القيامة ، فمعيتها لسليمان عليه السلام أنتجت لها حكم الإطلاق كما نقول ذلك في المقلدين في عقائدهم لما جاءت به الرسل ، ووردت به الكتب من غير تأويل ولا تشبيه إذا أسلموا لها كإيمان السلف الصالحين ، ومن هنا قيل : من لا شيخ له فشيخه الشيطان ، وورد في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من هذه الأمة. رواه البخاري ومسلم

أن مع كل واحد منهم سبعين ألفا ، أي يؤمنون كإيمانهم ويسلمون معهم للّه رب العالمين ، وأصلها معية الأنبياء والمرسلين .

قال اللّه تعالى :وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ( 69 ) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً( 70 ) [ النساء : 69 - 70 ] ، والمراد الطاعة فيما ورد في الكتاب والسنة مع الإسلام له على حسب ما هو عليه ، كما نقل عن الإمام الشافعي رضي اللّه عنه أنه كان يقول : آمنت باللّه وبما جاء عن اللّه على مراد اللّه وآمنت برسول اللّه وبما جاء به رسول اللّه على مراد رسول اللّه .

 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا التّسخير الّذي اختصّ به سليمان وفضّل به على غيره وجعله اللّه له من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره . فقالفَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ[ ص : 36 ] .
فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ اللّه يقول في حقّنا كلّنا من غير تخصيص :وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [ الجاثية : 13]
. وقد ذكر تسخير الرّياح والنّجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر اللّه . فما اختصّ سليمان - إن عقلت - إلّا بالأمر من غير جمعيّة ولا همّة ، بل بمجرّد الأمر .
وإنّما قلنا ذلك لأنا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهمم النّفوس إذا أقيمت في مقام الجمعيّة .
وقد عاينّا ذلك في هذا الطّريق . فكان من سليمان مجرّد التّلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعيّة . )


(وأما التسخير) ، أي تسخير العوالم واستخدامها (الذي اختص به سليمان) عليه السلام (وفضل به غيره) ، أي صار بسببه أفضل من غيره وجعله ، أي ذلك التسخير اللّه تعالى له ، أي لسليمان عليه السلام من جملة الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه ، أي ذلك التسخير عن أمره ، أي عن أمر سليمان عليه السلام فقال اللّه تعالى عنه فسخرنا له الريح تجري كيف شاء بأمره ، أي بأمر سليمان عليه السلام فما هو ، أي اختصاص سليمان عليه السلام بالتسخير من كونه ، أي ذلك التسخير تسخيرا ، فإن اللّه تعالى يقول في حقنا معشر بني آدم كلنا من غير تخصيص بإنسان منا دون إنسانوَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً[ الجاثية : 13 ] ، أي أمر الكل بالانقياد إليكم واستخدمهم في
حساب أعطاني مع كل واحد منهم سبعين ألفا فقلت : يا رب أمتي لا تسع هذا فقال : أكملهم لك من الأعراب   .
حوائجكم ومصالحكم الدينية والدنيوية منه ، أي تسخيرا كائنا منه لا منكم ، أي عن أمره تعالى لا عن أمركم .
(وقد ذكر) تعالى أيضا (تسخير الرياح) لنا (والنجوم وغير ذلك ولكن لا من أمرنا) نحن (بل عن أمر اللّه تعالى) .
قال تعالى :" وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ " [ الأعراف : 54 ] ،
وقال تعالى " وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ( 33 ) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ " [إبراهيم : 32 - 34 ] ،
وقال تعالى :" وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( 14 ) " [ النحل: 14 ] ،
وقال :" أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " [ النحل : 79 ] .
وقال تعالى :أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ[ الحج : 65 ] ،
وقال تعالى :" وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ " [ البقرة : 164 ] ،
 

(فما اختص سليمان) عليه السلام (إن عقلت) يا أيها السالك (إلا بالأمر) أن يكون ذلك التسخير عن أمره وهو في مقام الفرق النفساني الموجب للقيام باللّه في جميع الأحوال من غير احتياج إي جمعية روحانية ولا همة أمرية إلهية بل بمجرد الأمر النفساني نظير تسخير الأعضاء الإنسانية السالمة من الزمانة لكل إنسان فيحركها عن أمر نفسه في كل ما يريد وما افترق إلا بعدم الحساب فإنه تعالى قال :وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ( 13 ) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً( 14 ) [ الإسراء : 13 - 14 ] ، فإن الحساب على كل إنسان في كل أمر نفساني إلا سليمان عليه السلام فقد قال تعالى في حقه :هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ( 39 ) [ ص : 39 ] ، فهو الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده .
 

(وإنما قلنا ذلك) ، أي من غير جمعية ولا همة (لأنا) معشر المحققين (نعرف أن أجرام العالم) ، أي المخلوقات تنفعل ، أي تتأثر لهمم جمع همة النفوس الفاضلة الكاملة إذا أقيمت ، أي تلك النفوس بأن أقامها الحق تعالى في مقام الجمعية به تعالى على وجه الاحتضار لأمره القديم القيوم على كل شيء وقد عاينا نحن ذلك الانفعال في هذا الطريق المستقيم طريق السعداء العارفين فكان من جهة سليمان عليه السلام مجرد تلفظه بلسانه بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة قلبية ولا جمعية روحانية .

 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم - أيّدنا اللّه وإيّاك بروح منه - أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أيّ عبد كان فإنّه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السّلام طلبه من ربّه تعالى .
فيقتضي ذوق الطّريق أن يكون قد عجّل له ما ادّخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة .
فقال اللّه له :هذا عَطاؤُنا ولم يقل لك ولا لغيرك فَامْنُنْ أيّ أعطي أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ[ ص : 39 ] . )


(واعلم) يا أيها السالك (أيدنا) ، أي قوّانا وسددنا (اللّه) تعالى وإياك بروح منه طاهرة من لوث الطبيعة ، منفوخة على التحقق بالحقيقة والتمسك بالشريعة (أن مثل هذا العطاء) السليماني والملك الظاهر الرباني إذا حصل للعبد من مولاه تعالى (أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك) العطاء من ملك آخرته شيئا ولا يحسب بالبناء للمفعول ، أي لا يحسبه اللّه تعالى عليه ، أي على ذلك العبد من جزائه في الآخرة على عمله الصالح في الدنيا (مع كون سليمان عليه السلام طلبه) ، أي الملك من ربه تعالى في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ]
فيقتضي ذوق ، هذا الطريق إلى اللّه تعالى وهو مذهب المحققين من العارفين أن يكون قد عجل ، أي عجل اللّه تعالى في الدنيا له ، أي لسليمان عليه السلام ما ادخره ، أي ادخره اللّه تعالى لغيره في الآخرة من الجزاء كما قال :أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا[ الأحقاف : 20 ] ،
ويحاسب ، أي يحاسبه اللّه تعالى به .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين 30 ديسمبر 2019 - 12:29 عدل 1 مرات

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 26 ديسمبر 2019 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الجزء الرابع .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي

كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص الشيخ عبد الغني النابلسي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي

الفص السليماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الرابع
أي بسبب ما ناله من الملك في الدنيا إذا أراده ، أي الملك في الآخرة فقال اللّه تعالى له ، أي لسليمان عليه السلامهذا عَطاؤُناولم يقل له عطاؤنا لك ولا عطاؤنا لغيرك إذ لو قال عطاؤنا لك لكان جوابا لسؤاله فيكون عجل له جزاءه وحوسب به من ملك الآخرة فهو عطاء لكل من أعطاه سليمان عليه السلام فامنن أي أعط منه من شئت ، فيكون ذلك عطاؤنا من شئت أو أمسك ممن شئت فيكون ذلك عين الممسك منا والمنع .

قال تعالى :" ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " [ فاطر : 2 ] بغير حساب عليك منا في الآخرة ، لأنك مظهرنا ، ففعلك فعلنا في العطاء والمنع ، فلا حساب عليك منا .


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلمنا من ذوق الطّريق أنّ سؤاله ذلك كان عن أمر ربّه . والطّلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطّالب له الأجر التّامّ على طلبه . والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك ، فإنّ العبد قد وفّى ما أوجب اللّه عليه من امتثال أمره فيما سأل ربّه فيه ؛ فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربّه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه اللّه كما قال لنبيّه محمّد صلى اللّه عليه وسلم :" وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" [ طه : 114 ] .
فامتثل أمر ربّه فكان يطلب الزّيادة من العلم حتّى كان إذا سيق له لبن يتأوّله بالعلم كما تأوّل رؤياه لمّا رأى في النّوم أنّه أتي إليه بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطّاب .
قالوا فما أوّلته قال العلم . وكذلك لمّا أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللّبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب اللّه بك أمّتك .
فاللّبن متى ظهر فهو صورة العلم ، فهو العلم تمثّل في صورة اللّبن كجبرئيل تمثّل في صورة بشر سويّ لمريم ).

 
(فعلمنا من ذوق الطريق) ، أي مذهب المحققين من أهل اللّه (أن سؤاله) ، أي طلب سليمان عليه السلام (ذلك) الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده (كان عن أمر ربه) له بذلك السؤال بطريق الوحي والطلب إذا وقع من العبد عن الأمر الإلهي له بذلك كان الطالب له الأجر ، أي الثواب التام من اللّه تعالى في الآخرة على طلبه حيث فعل فرضا مأمورا به فأثيب به كفرض الصلاة والبارىء تعالى إن شاء قضى حاجته ، أي الطالب فيما ، أي في الأمر الذي طلب منه وهو الإعطاء وإن شاء أمسك تعالى عن قضاء حاجته لحكمة يعلمها سبحانه .

 
(فإن العبد) الطالب (قد وفى) ، أي فعل (ما أوجب اللّه) تعالى (عليه من امتثال أمره) ، أي الرب تعالى فيما ، أي في الأمر الذي سأل ربه فيه ، أي طلبه من ربه تعالى فلو سأل ، أي العبد ذلك الأمر المطلوب له من تلقاء نفسه عن غير أمر ربه تعالى له ، أي لذلك العبد بذلك المطلوب لحاسبه أي الرب تعالى به أي بذلك المطلوب في الآخرة وأنقص عليه حظه فيها وهذا الحكم سار من اللّه تعالى في جميع ما يسأل بالبناء للمفعول فيه اللّه تعالى ، أي يطلبه العبد منه في الدنيا من ملك وغيره وكما قال ، أي اللّه تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام وَقُلْ رَبِّ، أي يا ربزِدْنِي عِلْماً[ الأنبياء : 114 ] .

 لك فقد أمر بالدعاء كما أمر سليمان عليه السلام بذلك فامتثل ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم أمر ربه تعالى فكان عليه السلام يطلب من ربه تعالى الزيادة من العلم باللّه في جميع أحواله عليه السلام حتى كان صلى اللّه عليه وسلم إذا سيق له لبن ، أي حليب في اليقظة ، أي أهدي له ذلك يتأوّله ، أي ذلك اللبن علما باللّه تعالى فيشربه ويستزيد من شربه على أنه علم باللّه تعالى ناله كما تأوّل عليه السلام رؤياه لما رأى في النوم أنه أتي بالبناء للمفعول أي أتاه آت من الناس بقدح لبن فشربه صلى اللّه عليه وسلم وأعطى فضله ، أي ما بقي منه ( عمر بن الخطاب) رضي اللّه عنه (قالوا) ، أي الصحابة رضي اللّه عنهم (فما أوّلته) ، أي اللبن يا رسول اللّه قال أوّلته العلم باللّه تعالى وكذلك ،


أي مثل ما ذكر لما أسري ، أي أسرى اللّه تعالى به صلى اللّه عليه وسلم أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب صلى اللّه عليه وسلم اللبن ولم يشرب الخمر ، لأنه لو شرب الخمر لسكرت أمته في حب اللّه تعالى وغلب عليهم حكم خمر الجنة فقال له الملك عليه السلام في شربه اللبن أصبت الفطرة « رواه البخاري » ، أي فطرة الإسلام . 
قال تعالى :فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[ الروم : 30 ] أصاب اللّه تعالى بك أمتك ، أي متعهم بعلومك وأفاض عليهم من بحور أسرارك.
 

(فاللبن متى ظهر) في اليقظة أو المنام (فهو صورة العلم) ، باللّه تجسد في حضرة الخيال المطلق أو المقيد فهو ، أي ذلك اللبن العلم ، باللّه تعالى تمثل في صورة اللبن في خيال الرائي كجبريل عليه السلام تمثل في صورة بشر ، أي إنسان سوي ، أي معتدل الخلقة حسن الهيئة لمريم عليها السلام لما اعتزلت قومها فاتخذت من دونهم حجابا وتمثله أيضا عليه السلام لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي « رواه البخاري » وفي صورة الأعرابي " رواه مسلم  " حتى قال عليه السلام ردوا عليّ الرجل « رواه مسلم » فسماه رجلا بحكم الصورة كما يسمى اللبن بحكم الصورة .

 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولمّا قال عليه السّلام : « النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلا بدّ من تأويله
إنّما الكون خيال  .... وهو حقّ في الحقيقة
والّذي يفهم هذا  .... حاز أسرار الطّريقة
فكان صلى اللّه عليه وسلم إذا قدّم له لبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال :
"اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه " . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه .
وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به .
فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] .
وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى .
ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا . )


(ولما قال ) ، أي النبي عليه السلام (الناس نيام) ، أي نائمون بنوم الغفلة والغرور (فإذا ماتوا) الموت الطبيعي أو الاختياري عن حياتهم الدنيا انتبهوا من نومهم ذلك نبه صلى اللّه عليه وسلم أمته على أنه ، أي الشأن كل ما يراه الإنسان يقظة في حياته الدنيا من محسوس ومعقول إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فهو خيال فلا بد من تأويله أي إرجاعه إلى حقيقته التي خيلت للرائي تلك الصورة ومن ذلك اللبن الذي كان يشربه صلى اللّه عليه وسلم في اليقظة بتأويل العمل كما مر .


(إنما الكون) أي الكون المخلوقات كلها من المعقولات والمحسوسات (خيال) في الحس والعقل تظهر للرائي في اليقظة والمنام فيسميها بالأسماء المختلفة ويحكم عليها بالأحكام المتنوعة وهو ، أي الكون المذكور ، كله حق ظهر بصورة الخلق في الحقيقة ، أي حقيقة الأمر ، وفي الشريعة المبنية على الظاهر هو خلق قائم بحق .

(و) الإنسان (الذي يفهم هذا) الأمر المذكور ويعرفه ويكشف عنه بذوقه ويتحقق به في نفسه وغيره حاز ، أي جمع وملك أسرار ، أي أصول الطريقة ،
 

أي طريقة العارفين المحققين كما قال تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"  [الإسراء : 53 ] .
أي الذي رأوه في الآفاق وفي أنفسهم وهو الظاهر بصورة كل شيء ، لأنها فعله كما يحاكي الإنسان غيره فيفعل فعلا هو صورة من حاكاه في عين الرائي ولم يتغير هو في نفسه ، لأن الفاعل لا يتغير بفعل .
وقال تعالى في مقابلة ذلك :* ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً( 51 )[ الكهف : 51 ]،

أي أشهدتهم الأغيار في الحس والعقل منهم ومن غيرهم وما أشهدتهم أنها فعل الحق تعالى وخلقه فهي مظاهره ، كما أن الأفعال مظاهر الفاعل ، وإن تخيلوا ذلك بألسنتهم وهم غافلون عنه ، فإنه لا يصل إلى أذواقهم لحجابهم بالمعاصي والمخالفات المتلبسة عليهم بالطاعات في الاعتقاد والأعمال وهم يقلدون بعضهم بعضا فضلوا وأضلوا .

(فكان) ، أي النبي (صلى اللّه عليه وسلم إذا قدم) ، أي قدم أحد (له اللبن) في اليقظة في الدنيا (قال اللهم) ، أي يا اللّه بارك لنا معشر المؤمنين فيه ، أي في ذلك اللبن وزدنا منه ، أي أكثره عندنا لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يراه ، أي ذلك اللبن في اليقظة صورة العلم باللّه وقد أمر ، أي أمره اللّه تعالى بطلب الزيادة من العلم بقوله : سبحانه له :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماًوإذا قدّم إليه صلى اللّه عليه وسلم شيء آخر غير اللبن قال اللهم ،

أي يا اللّه بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ولا يقول عليه السلام وزدنا منه ، فلا يطلب الزيادة إلا من اللبن خاصة لما ذكر فمن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من أنواع العطايا في الدنيا بسؤال ، أي طلب منه لذلك عن أمر إلهي له بأن يسأل كسليمان عليه السلام في ملكه ونبينا صلى اللّه عليه وسلم في علمه باللّه فإن اللّه تعالى لا يحاسبه ، أي ذلك العبد به ، أي بما أعطاه في الدار الآخرة البتة ومن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من ذلك في الدنيا بسؤال ، أي طلب عن غير أمر إلهي له بذلك بل من تلقاء نفسه .

(فالأمر) ، أي الشأن (فيه) ، أي في ذلك العبد موكول إلى اللّه تعالى إن شاء اللّه تعالى حاسبه في يوم القيامة به ، أي بسبب ذلك الشيء الذي أعطاه إياه في الدنيا وإن شاء ، أي اللّه تعالى لم يحاسبه أصلا وأرجو من اللّه تعالى في شأن العلم باللّه خاصة أنه تعالى لا يحاسبه ، أي العبد به ، أي بسبب حصوله له في الآخرة وما ورد في بعض الأحاديث من قوله عليه السلام : « لن تزول قدما امرئ يوم القيامة حتى يسئل عن ثلاث وذكر منها علمه ماذا عمل به » . رواه الدارمي وابن شيبة وغيرهما.

فلعله غير العلم باللّه من علم الشريعة والأحكام ؛ ولهذا قال : ماذا عمل به والعلم باللّه لا عمل فيه بالنفس بل لا عمل أصلا بل هو شكر كما قال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] .
وقال النبي عليه السلام « أفلا أكون عبدا شكورا ». رواه البخاري
والشكر رؤية العلم الحقيقي لا النعمة ، فصاحب العلم باللّه ناظر إلى اللّه لا إلى نعمته فهو الشاكر ، والعمل الصالح من أكبر النعم على العبد .

(فإن أمره) ، أي اللّه تعالى (لنبيه صلى اللّه عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم) باللّه (عين أمره) تعالى بذلك (لأمته) ، إلا فيما اختص به صلى اللّه عليه وسلم ولا بد من بيان الخصوصية ، ولا بيان هنا فلا خصوصية ، والأصل عدمها كما ذكروا 
فإن اللّه تعالى يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ يا معشر المؤمنين فِي رَسُولِ اللَّهِ إليكم محمد صلى اللّه عليه وسلم أُسْوَةٌ، أي قدوة ومتابعة حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] ، 
أي يحسن منكم فعلها والإتيان بها على كل حال وأي أسوة ، أي قدوة ومتابعة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعظم من هذا التأسي ، أي الاقتداء والاتباع في طلب زيادة العلم باللّه لمن عقل ، أي فهم جميع ما يفهمه عن اللّه تعالى من العارفين المحققين ، فإنهم أحق من غيرهم في ذلك .


(ولو نبهنا) في هذا الكتاب (على المقام السليماني) ، أي المنسوب إلى سليمان عليه السلام على تمامه ، أي ذلك المقام بتفاصيله لرأيت من ذلك أمرا يهولك ، أي يفزعك ويخيفك الاطلاع عليه كما قال اللّه تعالى في حق أصحاب الكهف :لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً[ الكهف : 18 ] .

(فإن أكثر علماء هذه الطريقة) الإلهية من العارفين (جهلوا حالة سليمان ) عليه السلام ، أي مقامه على التمام (ومكانته) ، أي مرتبته في العلم باللّه والتحقق به (وليس الأمر) ، أي أمر سليمان عليه السلام يعني شأنه ورتبته (كما زعموا) ، أي أكثر علماء هذه الطريقة لقصورهم عن معرفة كمال مقامه الشريف النبوي فلا يعرف حقه.


تم الفص السليماني  
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» 16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» 11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي
» 22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي
» 12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي
» 18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .شرح النابلسي كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر الحاتمي الطائي.

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى