اتقوا الله ويعلمكم الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الله لا يعرفه غيره وما هنا غير فلا تغفلوا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله

» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله

»  قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله

» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله

»  في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله

» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله

» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله

» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله

» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله

» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله

» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله

» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله

» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله

»  التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله

» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله

» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله

» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله

» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله

» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله

» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله

» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله

» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله

» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله

» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله

» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله

» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله

» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالسبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله

» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله

» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Emptyالخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله

المواضيع الأكثر نشاطاً
منارة الإسلام (الأزهر الشريف)
أخبار دار الإفتاء المصرية
فتاوي متنوعة من دار الإفتاء المصرية
السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي
السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
السـفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
مكتب رسالة الأزهر
السـفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي




البحث في جوجل

الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

اذهب الى الأسفل

09112023

مُساهمة 

الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني Empty الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني




الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

موسوعة القرآن العظيم ج 2  د. عبد المنعم الحفني

الباب الحادي عشر أسماء ومفاهيم ومصطلحات من القرآن 

1190 - ( الآل والأهل )

في القرآن من الآل : آل فرعون ، وآل موسى ، وآل هارون ، وآل إبراهيم ، وآل يعقوب ، وآل لوط ، وآل داود ، وآل ياسين . وآل فرعون هم قومه وأتباعه وأهل ملّته ، وآل كل نبىّ هم من كانوا على ديانته في عصره وسائر الأعصار ، وكذلك آل الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، سواء كانوا من أنسبائه أو لم يكونوا ، ومن لم يكن على دينه وملّته فليس من آله ولا من أهله وإن كانوا له أقرباء ، ولأجل هذا قيل : إن أبا لهب ، وأبا جهل ، كلاهما ليس من آله صلى اللّه عليه وسلم ولا من أهله ، وإن كان بينهما وبينه قرابة ، ولهذا قال تعالى في ابن نوح :إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ( هود 46 ) ، يعنى أنه ليس من خاصتك ، لأنه مخاصم لدينك . وفي الحديث عن عمرو بن العاص : أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : جهارا : « ألا إن آل فلان ليسوا لي بأولياء » ، أخرجه مسلم ، ولم يذكر اسم هؤلاء كي لا تكون فتنة . وقال : « إنما وليّى اللّه وصالح المؤمنين » . والآل : هم الأتباع ، ولذلك نفى أن يكونوا أولياءه ، والولىّ : هو النصير ؛ والأهل : هم خاصة الرجل القريبين ، أي زوجته وأولاده ؛ وأهل الأمر : هم المعنيون به ؛ وأهل المذهب : من يدين به ؛ والشيعة على الرأي بأن آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : هم ابنته فاطمة ، والحسن ، والحسين فقط ، وأما المسلمون فليسوا من آله ، ولا يذكرون من أهله : ابنته زينب ، وابنتها أمامة ، وزوجاته جميعا أمهات المؤمنين ؛ وأهل السنّة على القول : بأن « آل محمد » هم المسلمون جميعهم ، و « أهله » هم أزواجه ، وفي الحديث عندما سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : كيف نصلى عليك ؟ قال : « قولوا اللّهم صلّ على محمد ، وعلى أزواجه ، وذرّيته ، كما صليت على آل إبراهيم ؛ وبارك على محمد ، وعلى أزواجه وذرّيته ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد » .
أخرجه مسلم ، وفي ذلك تأكيد على أن « الآل » : هم الأقارب - وإن بعدوا - والأتباع ، بينما الأهل : هم الزوجة والأولاد والأقارب الأقربين . و « الآل » أصلها « أهل » ، ثم أبدلت الهاء ألفا تعظيما للعدد ، فإذا صغّرت الأهل صارت أهيلا .

   * * *

1191 - ( الاجتهاد )

الاجتهاد من الفقه في الدين ، كقوله تعالى :لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ( التوبة 122 ) ، والمجتهد : في اللغة الذي يجدّ ويبالغ في طلب الشيء ، وفي اصطلاح الفقهاء : هو الذي يعرف أصول الشريعة بكاملها ، وما تنطوى عليه من أحكام ، ويملك القدرة التامة على استنباط هذه الأحكام وردّها إلى أصولها ، وهي : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والعقل ، ويميّز بين آيات الأحكام وغيرها ، وبين الصحيح والضعيف في الأحاديث ، وبين ما أجمع عليه وما اختلف فيه ، وبين القواعد المقررة بحكم العقل والعقلاء ، ومعنى المفردات ومصادرها . وعلى ذلك فالمجتهد كاشف للشريعة ، بينما المقلّد جاهل بالمصادر وأدلتها من الأساس ، وما تنطوى عليه من أحكام ، ويعجز عن التفصيل والاستنباط .
ولا يجوز الاجتهاد في مقابل نصّ قطعي الثبوت والدلالة ، ولا يكون الاجتهاد إلا في مورد لا إجماع ولا نصّ فيه من كتاب أو سنّة ، ولا يكون بالرأي أو القياس والاستحسان الظنيين ، فأحكام اللّه لا تناط بالظنون ، وإذا لم يكن هناك نصّ وكان لا بدّ من الاجتهاد ، اعتمد المكلّف في ثبوت الحكم على مبادئ العقل الصحيحة ، ومنها : الأهمّ مقدّم على المهم عند التزاحم ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، واختيار أهون الشرّين إذا لم يكن من أحدهما مناص ، والضرورات تبيح المحظورات ، والضرورة تقدّر بقدرها ، وقبح العقاب بلا بيان ، ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة ، والعلم بوجود التكليف يستدعى العلم بطاعته وامتثاله ، وأصل المشروط عدم شرطه ، والإذن بالشئ إذن بلوازمه ، والأصل براءة كل إنسان حتى تثبت إدانته ، وإذا وجدت العلة وجد معلولها ، إلى آخر ما هنالك من مبادئ يقطع العقل بصحتها ويستكشف بها الحكم الشرعي .

وهذا النوع من الاجتهاد مطلوب ، فالإسلام يقدّس العقل وينعى على أهل التقليد ، ويطالب كل إنسان أن يحتكم إليه ليتيقن به أنه تعالى موجود ، وأن له مطلق القدرة والعلم ، وأن النبوة ضرورة ، والأولى إذن أن يعتمد عليه - أي العقل - لإثبات أحكام دينه وشريعته . والاجتهاد في النصّ يكون باعتبار فهمه بشرط أن يكون النصّ ظني الدلالة ، كقوله تعالى :وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ( البقرة 228 ) ، فالدلالة هنا على القرء ظنية ، لأن القرء ينطبق على الحيضة والطهر ، والاجتهاد واجب في ذلك وإن خالف المجتهد رأى السلف ، غير أن أهل الفقه أقفلوا باب الاجتهاد منذ القرن الرابع الهجري ، ولم يسمحوا برأي إلا رأى الأئمة ، وقالوا في أي رأى يخالف آراءهم أنه إما مؤول أو منسوخ ، وبعض المجتهدين قد يصلح للاجتهاد مطلقا ولديه الكفاءة لاستنباط جميع الأحكام ، ويسمونه « المجتهد المطلق » ، وبعضهم لا يصلح إلا للاستنباط في بعض الفروع دون بعض ، وهذا هو « المجتهد المجتزئ » .
وللّه تعالى في كل ما وقع من أحداث أحكام معينة نصب الدليل عليها بالخصوص أو بالعموم ، والمجتهد الذي يعلم ذلك ويطبّقه ويستهديه هو « المجتهد المصيب » ، وله أجران : أجر على جهده ، وأجر 
على الإصابة في رأيه تفضّلا من اللّه ، ومن أخطأه الفهم فلا وزر عليه ، وله أجر على جهده ، وفي الحديث : « حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة » ، والحديث : « إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر » ، ومن أقوال عمر : « أقول في الكلالة برأيي ، فإن كان صوابا فمن اللّه ، وإن كان خطأ فمن الشيطان » .
ويلزم المجتهد من علوم الاجتهاد : العلم بالعربية ألفاظا ومعان ، والعلم بالمنطق كي يعرف شروط الدليل وكيفية تركيب البرهان والقياس من المقدمات الصحيحة ، والعلم بآيات الأحكام ورواياتها ، وأحوال الرواة من الجرح والتعديل ، وموارد الإجماع .
ولا بد له مع كل ذلك من ذوق معتدل سليم ، وذهن حاذق ، وعقل ناقد ، وملكة قوية تمكّنه من إقامة الدليل على الحكم والدفاع عنه بالبرهان والمنطق ، وأن يكون من الحافظين لدينهم ، الصائنين لأنفسهم، المخالفين لأهوائهم ، فإن كان المجتهد كذلك فهو المفتى حقا وصدقا.

   * * *

1192 - ( الأجل )

الأجل : غاية الوقت . ويأتي الأجل في القرآن إحدى وثلاثين مرة . والأمم آجال ، يعنى دولا ، فهي إلى صعود وهبوط ، والتاريخ دورات كقوله تعالى :وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ( الأعراف 34 ) ؛ والأجل المسمى : أي المحدد :وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ( العنكبوت 53 ) ، ويقال له أيضا الأجل المعدود ، أي أحصاه اللّه تعالى إحصاءوَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ( هود 104 ) ، وقوله :لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ( الرعد 38 ) أي وقت معلوم ، وفي الحديث : « من أحب أن يمدّ اللّه في عمره وأجله ، ويبسط له في رزقه ، فليتق اللّه ، وليصل رحمه » ، وفي القرآن :هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ( الأنعام 20 ) ، قيل : الأجل الأول : أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته ، والأجل الثاني : وهو المسمّى عنده ، من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ .
وبالرضا عن العبد يزيد أجله في الدنيا ، كما في حالة نوح ، وبالسخط عليه ينقص أجله فيها ، كما في حالة غلام سورة الكهف الذي قتله الخضر الذي كان يرهق أبويه طغيانا وكفرا .
والأجل افتراضى وأمر واقع ، والأجل الافتراضى أن اللّه يخلق العبد بإمكانات يطول بها عمره ، وأجل الأمر الواقع : أن يورد نفسه موارد الهلكة ، أو يقاتل عدوا لا قبل له به ، فيعرّض نفسه للموت ، مع أن إمكانات بدنه تؤهّله لعمر أطول من ذلك .

   * * *

1193 - ( الإجهاض )

إجهاض الحامل نفسها يوجب عليها غرّة ، أي دية ، ولا ترث من الدية شيئا ، وتكون للورثة ، وعليها كفّارة تساوى عتق رقبة ، وكذا لو كان الجاني المسقط للجنين أباه أو غيره ، فحكمه حكم الأم .
   * * *

1194 - ( أحقاف قوم عاد )

الأحقاف ديار قوم عاد كقوله تعالى :وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ( الأحقاف 21 ) . والأحقاف في اللغة جمع حقف وهو الكلّ العظيم من الرمل ولم يبلغ أن يكون جبلا ، والجمع حقاف ، وجمع الجمع أحقاف ، وهي في الآية : جبال بعمان تشرف على البحر ، بأرض يقال لها الشّحر أو الشّحر ، ويطلقون عليها اسم شحر عمان ، وموقعها بين عمان وحضر موت ، وقيل اسمها مهرة ، وتنسب إليها الإبل المهرية ، وكانوا أهل بداوة ، وفيهم شدّة ، ويسكنون الخيام ذات العمد ، ويرتحلون كثيرا في الربيع طلبا للكلأ ، ثم يعودون من بعد إلى مساكنهم في الوادي ، وكانوا من قبيلة إرم ، ووصفهم القرآن فقال :أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ( 6 ) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ( 7 ) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ( 8 ) ( الفجر ) ، وهذه هي :عاداً الْأُولى( النجم 50 ) أو « عاد الأحقاف » ، أو « عاد إرم » ، وهم « قوم هود » ، وعذّبوا بالريح الصرصر ، بخلاف « عاد الأخرى » ، أو « عاد ثمود » ، وكانوا بوادي القرى في الحجر ، بين الحجاز وتبوك ، وهم قوم صالح ، وعذّبوا بالصاعقة .
وأرض الأحقاف جبلية رملية قاحلة ، إلا من ماء متسرّب في أرض الوادي ، وآبارهم من أردأ الآبار ، واعتمادهم على المطر ، ولذا قيل فيهم لما رأوا السحاب :فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا( الأحقاف 24 ) ، ولم يكن كما توقعوا :بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ( 24 ) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ( 25 ) ( الأحقاف ) ، وذلك هو جزاء المفترين إذن .
والدرس المستفاد يوجزه قوله تعالى :وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ . . .( 26 ) ( الأحقاف ) ، تعليل لما حاق بهم من سوء المآل ، وقوله :كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ( 25 ) ( الأحقاف ) إحالة من أهل الأحقاف إلى أهل مكة لعلهم يتّعظون . وما يرد من التاريخ والجغرافيا في القرآن ليس لذاتهما ، وإنما للعبرة ، ولتسلية المؤمنين لعلهم يصبرون ولا يستعجلون على مرّ العصور نهايات المجرمين البائسة ، فلعلنا نصبر أيضا على حيف أمثال إسرائيل وأمريكا في فلسطين والعراق وأفغانستان ، وأمثال روسيا في الشيشان ، وما جرى في الأحقاف بمثابة البلاغ للقوم الفاسقين ، وحسبنا اللّه .

   * * *    

1195 - ( الإخلاص )

الإخلاص : هو إخلاص العبادة ، ومنه الخالص ، ومخلصون ( بكسر اللام ) ، كقوله تعالى :وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ( الأعراف 29 ) ، ومخلصون ( بفتح اللام ) كقوله :إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ( الحجر 40 ) . وحقيقة الإخلاص : تصفية العقل عن ملاحظة المخلوقين ، وفي الحديث : « يا أيها الناس ، أخلصوا أعمالكم للّه تعالى ، فإن اللّه تعالى لا يقبل إلا ما خلص له » أخرجه الدارقطني . والإخلاص للّه : هو ألا يريد صاحبه عليه عوضا في الدارين ، وهو سرّ بين العبد وبين اللّه ، وفي الحديث القدسي : « سرّ من سرّى استودعته قلب من أحببته من عبادي » .
   * * *

1196 - ( إرم ذات العماد قبيلة من عاد )

يأتي الاسم « إرم » مرة واحدة في القرآن في قوله تعالى :أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ( 6 ) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ( 7 ) ( الفجر ) . وقوله :أَ لَمْ تَرَ *استفهام تقريرى ، والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، والمقصود به العرب جميعا ، ومن بعد ذلك المسلمون كلهم ؛ والرؤية المشار إليها ليست بصرية وإنما ذهنية ، بمعنى : ألم يبلغك ويصل إلى علمك وفهمك حكاية قوم عاد أهل إرم ؟ ويتكرر عن عاد في القرآن 24 مرة ، وكثيرا ما يقرن اسم عاد باسم ثمود . وعاد أمة أو قبيلة دارسة كانت في الغابرينعاداً الْأُولى( النجم 50 ) ، إلا أن مساكنهم كانت ما تزال ترى آثارها :وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ( العنكبوت 38 ) ، وهم قوم هود ، وكانت جريمتهم كقوله تعالى :فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ( فصلت 15 ) ، وقوله :كَفَرُوا رَبَّهُمْ( هود 60 ) ، وقوله :وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ( هود 59 ) ، فكانت عاقبتهم كقوله تعالى :إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ( الذاريات 41 ) ، وكقوله تعالى في وصف الريحصَرْصَرٍ عاتِيَةٍ( الحاقة 6 ) .
وإرم : قيل هو اسم أبيهم ، أو قبيلتهم ، أو أمّهم ، وقرئت « عاد إرم » مفتوحتين ، وقرئت بسكون الراء « إرم » كقراءتنا « بورقكم » ، وقرئت « عاد إرم ذات العماد » بإضافة إرم إلى ذات العماد ، وقرئ « أرم » بفتح الهمزة ، والسبب في هذه القراءات المتنوعة جهل العرب بالاسم ومحاولتهم استكناه معناه ، فبحسب ما يظنون المعنى كانت محاولتهم تطويع قراءة الاسم . وعند بعضهم : أن عادا كان أحد أبناء إرم بن سام بن نوح ، كما يقول العرب عن بني هاشم أنهم هاشميون .
وقيل : إنه ربما إرم بمعنى رميم أي القديمة ، ولذلك فاسمها « عاد الأولى » ، وأما المتأخرون من عاد فهؤلاء « عاد الأخيرة » . وربما كانت عاد قبيلتين بحسب مكان مساكنهم ، والأولى هي « عاد إرم » ، والثانية هي « عاد 
ثمود » ، ولذلك قرن بينهما تسع مرات .
« وعاد إرم » هي القبيلة الأم ، و « عاد ثمود » هي البطن .

وكانت « عاد إرم » بالأحقاف بين عمان وحضر موت ، وهؤلاء قوم هود ، كقوله تعالى :وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ( الأحقاف 21 ) ، وكان هلاكهم بالريح الصرصر ، بينما « عاد ثمود » هم قوم صالح ، وكانوا بوادي القرى في الحجر بين الحجاز وتبوك ، وأهلكهم بالصاعقة . والقبيلتان ظلت آثار مساكنهم بادية للعرب حتى زمن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم .
وعاد الأولى وصفت بأنها ذات العماد ، أي ذات الطول ، فوصفهم بضخامة البنية حتى قال فيهم هود :وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً( الأعراف 69 ) ، وكانت مساكنهم لذلك « ذات عماد » ، أي كانت خياما عظيمة تحملها أعمدة شداد ، كناية عن أنهم كانوا قوما رحلا ، ينتجعون الغيوث ، ويطلبون الكلأ ، ويحملون خيامهم معهم بأعمدتها الطويلة ، أو أنهم لطولهم كانت أبنيتهم من الحجر ، ولها أعمدة طويلة ترفعها وتحكم قيامها .
والعماد في اللغة هي الأبنية الرفيعة . أو أن الطول كان في سيوفهم لطولهم ، كناية عن شدّتهم وقوتهم ، حتى تفاخروا بذلك فقالوا :وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً( فصلت 15 ) . وقال بعضهم « إرم ذات العماد » هي كالمدن الكبرى ، أمثال دمشق والإسكندرية ، وكانت لعجائبها مثار دهشة عند العرب ، فجاء وصفها :الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ( الفجر 8 ) .

فهذه إذن « إرم ذات العماد » ضرب بها المثل في العتو ، فكانت نهايتها ما نعرف من دمار ، وإنّ ربّك لبالمرصاد ، فلا يغرنّك من أمريكا وبريطانيا وروسيا وإسرائيل ما هي فيه من قوة ونعم ، واللّه يمهل ولا يهمل ، وإنه ليستدرجهم من حيث لا يعلمون ، ألا بعدا للطغاة الظالمين ، وحسبنا اللّه .
   * * *

1197 - ( الاستخلاف )

في اللغة من خلف ، نقول إن أبا بكر استخلف عمر بن الخطاب بعده ، أي أوصى به خليفة بعده ، وفي القرآن :وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ( النور 55 ) ، أي يجعلهم خلائف ، ويمكّنهم ويمدّهم بالأسباب والقوة ، ويثبّت حكوماتهم ، وشروط ذلك أن يعبدوه ويعملوا صالحا ، وذلك قانونه في الوجود ، سواء بالنسبة للأفراد أو الجماعات ، ومن ذلك أنه استخلف داود ، كقوله :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ( ص 26 ) ، ومبررات خلافته أن يقيم حكومته على الحق . وكذلك الشأن مع يوسف ، قال :مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ( يوسف 56 ) ، ومكّن للمؤمنين على أقوامهم لمّا كفر هؤلاء وطغوا في الأرض مفسدين ، فأذهب ريحهم ، وأنجى منهم المؤمنين ، وآتاهم الملك ، وزوّدهم بأسباب القوة .
وشرط لاستخلافه تعالى لأية جماعة شروطا كما في قوله :الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ( الحج 41 ) ، وقوله :وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا( السجدة 24 ) . والاستخلاف إذن كمصطلح سياسي مقصور على من يجعله اللّه على أمر الناس فيحسن إليهم ، وأما لغير ذلك من الحكام فهي الولاية وليست الاستخلاف . والولاية من الناس وليست من اللّه ، وقد تتم بالاستيلاء على السلطة من قبل الوالي الغاصب ، والاستخلاف من اللّه أو من الناس لبعضهم البعض ، استخلافا شرعيا صحيحا .
وفي ظل الخلافة الصحيحة يجرى العمل في الدولة بوحي من القرآن والسنّة الصحيحة ، وفي خلافة السيطرة والقوة يكون القانون هو إرادة الحاكم المستبد ، والطاغية المتحكّم ؛ والاستبداد هو التفرّد بالحكم ، ونبذ الشورى ؛ والطغيان هو التجاوز إلى ما لا يجوز ، وقد يضطر الشعب إلى الثورة على الطغيان وإسقاط حكومة الجور ، وعندئذ قد تقوم حكومة الخلافة الناقصة ، ويتولى الحكم فيها أهل الصلاح الذين ينتخبون من بينهم رئيسا عليهم تجمع عليه الأمة ، ويعمل لصالح الشعب ، ويرفع الغبن عن الطبقات المضطهدة والكادحة ، ويعالج السلبيات الفاحشة كسوء توزيع الثروة ، وشيوع الأمية ، وتفشى الأمراض ، وذيوع الخرافة ، وسوء فهم الدين ، ويرفع عن الناس المظالم ، ويحارب الفساد ، وسوء الإدارة ، والبيروقراطية ، ويطرد الاستعمار ، ويؤمّن الاستقلال ، ويعلن مجانية التعليم حتى الجامعة وما بعدها ، ومجانية العلاج ، ويضمن المسكن الطيب للمواطنين ، ورغيف الخبز للجميع ، فتلك حكومة خلافة ناقصة ، لأنها لم تأت بالطريق الشرعي العادي وأتت عن طريق العنف والانقلاب والثورة ، ولأنها حكومة ناقصة الشرعية ، فإن الحاكم المسلم المستنير عليه أن يسعى ليستكمل النقص فيها ويحوّلها إلى حكومة خلافة صحيحة ، ويطلق لذلك على حكومة الخلافة الناقصة : حكومة شرعية دعت إليها ضرورة تصحيح الأوضاع السائدة وتقويم المعوج .
وتستمد الثورة على الخلافة الفاسدة أو الجائرة مشروعيتها من الحديث : « من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » ؛ والتغيير باليد : بالمقاومة الإيجابية ؛ والتغيير باللسان : بالدعوة إلى الإصلاح ، وبيان بطلان استخلاف الطاغية ، وفضح أوجه الفساد في الحكم الاستبدادى ، وتنوير الناس فيما ينبغي أن يكون عليه الحكم الصحيح ؛ والتغيير بالقلب : بالمقاومة السلبية ، وإعلان عدم التعاون مع الحكومة الفاسدة ، وإظهار الرفض لها .
ولا يؤثّم الشعب المسلم الذي يثور على الأوضاع الظالمة ، ولا يعتبر خارجا على النظام ، أو إرهابيا ، لأنه ما 
من سبيل لخلع الوالي الجائر إلا باليد ، أو باللسان ، أو بالقلب ، وأضعف الثلاثة التغيير بالقلب - وهو « عدم التعاون » مع « حكومة الجور » ، و « عدم التعاون » بمثابة العزل للطاغية والإسقاط لحكومته .
والمستخلفون : إذا استقاموا على أمر اللّه ، واجتنبوا السيئات ، ولم يستحوذوا على السلطة ، ولم ينفردوا بها ، ولم يمالئوا المستعمرين ، وسمحوا بتداول السلطة ، والنقد ، وحرية التعبير ، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، وسمحوا لمن يقوم بذلك من الشعب أن يقوم به ، كانوا كقوله تعالى في أمثالهم :الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ( الحج 41 ) ، وهذا هو المعنى الحقيقي للاستخلاف في الأرض ، فإقامة العدل ، والعمل بالصلاح ، يترتبان على استعمار البشر للأرض بعد إنشائهم منها :هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها( هود 61 ) ، والاستعمار : هو التمكين والتسلّط بقصد الإعمار وليس التخريب ، والإعمار : قوامه زيادة في الصلاح بقصد زيادة الانتفاع ، وكل ذلك في حدود أوامر اللّه ونواهيه.
و « الخليفة في الأرض » : هو النائب عن اللّه في أرضه ، لأنه لم يعرف مالك للأرض إلا اللّه ، ومن يملكها لبعض الوقت ويرحل عنها ليس بمالك ، المالك هو المالك الدائم ، وهو اللّه ، والنيابة عنه فيها لا بد لذلك أن تكون في حدود ما سخّر اللّه منها للبشر ، وما سلّطهم عليه ، وما خوّلهم استغلاله ، فهو إذن ليس استخلافا مطلقا يفعلون بمقتضاه كيف شاءوا بلا قيد ولا شرط ، وإنما هو ليعبدوه ، ويوقّروه ، ويتّقوه ، ويهتدوا بهديه كما جاء في الآيات السابقة ، وأن لا يعبدوا الشيطان ، وأن يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر إلخ .
وبديهي أنه إذا انتقض من هذه الواجبات أو الشروط بطلت الخلافة أو النيابة أو الوكالة عن اللّه ، وبطل أي عمل من هذا الخليفة أو النائب الذي يخرج عن حدود شرع اللّه ، سواء كان هذا العمل حكما من الأحكام ، أو قرارا من الإدارة ، أو له مدخلات في السياسة ، أو الاقتصاد ، أو الثقافة ، أو التربية والتعليم ، أو له متعلقات بمسائل الشرع والدين .

   * * *

1198 - ( الاستدراج والإملاء )

في تعريف الاستدراج ، الحديث : « إذا رأيتم اللّه يعطى العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك منه استدراج » رواه أحمد والطبراني والبيهقي . وفي القرآن في الاستدراج :سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ( 44 ) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ( 45 ) ( القلم ) ، وهو الأخذ على غفلة ، وإسباغ النّعم مع نسيان الشكر ، وكم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم مفتون بالثناء عليه ، وكم مغرور بالستر عليه ، فكلما جدّد معصية جدّدت له نعمه ، كقوله تعالى :اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ( 15 ) ( البقرة ) واستهزاؤه بهم هو استدراجهم بمزيد النعم .
والاستدراج : ترك المعالجة ، وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرّج ، ومنه الدرجة وهي المنزلة بعد المنزلة ، واستدرجه يعنى استخرج ما عنده قليلا ، ويقال استدرجه ودرّجه أيضا .
والإملاء مثل الاستدراج يكون على مهل ، يقال أملى له أطال له ، والملاوة المدة ، والملوان الليل والنهار .

   * * *

1199 - ( استفتاح الرسل واستفتاح الجبّارين )

الاستفتاح : هو الاستنصار أو الدعاء بالنّصرة : يقول تعالى :وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ( إبراهيم 15 ) ، وفي الرواية : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ، أي يستنصر بهم ، والرسل كانوا يستفتحون ، وكذلك الجبارون والأمم الفاسدة ، كهذا الاستفتاح :اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ( الأنفال 32 ) ، ومثل هذا الاستفتاح :رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ( الأعراف 89 ) ، ومثل قوله :رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( 47 ) ( الأعراف ) إلخ .
   * * *

1200 - ( الإسراف )

الإسراف : هو التبذير ، وقد نهى اللّه تعالى عنه فقال :وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا( الأعراف 31 ) ، فما جاوز الحدّ والاعتدال فهو سرف وإسراف ، ومن كان معه جنية فأنفقه في سبيل اللّه كان مسرفا ، ومن أنفق عشرة قروش في معصية اللّه كان مسرفا ، وقيل : لا خير في السرف ، ولا سرف في الخير ، وهذا ضعيف ، لأن ثابت بن قيس لمّا جذّ نخله وقسم ثمره على الناس ، ولم يترك لأهله شيئا ، نزلت الآية :وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ( الأنعام 141 ) ، أي لا تعطوا أموالكم كلها فتقعدوا فقراء . والأكل والشرب واللّبس حلال ما لم يكن سرفا أو مخيلة .
واللّه قد أمر بالقصد في كل شئ ، فقال في النفقة :إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا( الفرقان 67 ) ، وقال لوليّ الدم :فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ( الإسراء 33 ) ، وقال في المتطيّرين :طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ( يس 19 ) .
ولأن الإسراف رذيلة ، فإن من يكون مسرفا يضطر إلى مداراة إسرافه ، فيكذب ويسرف في الكذب ، كقوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ( غافر 28 ) ، ومثله الشكّاك ، فأمره جميعه إلى الشك في كل شئ ، حتى ليسرف في 
الشك :كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ( غافر 34 ) ، والارتياب : هو الشك ، وهو من الأمراض النفسية المقيتة - إن لم يكن أشدها جميعا ، ويصيب من يأتيه بالبارنويا ، وهي مرض الشك ، وكان فرعون موسى مثلا قرآنيا لهذا النمط المسرف من أنماط الشخصية المريضة :وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ( 83 ) ( يونس 83 ) ، وعلوّه ترفّع عن عباد اللّه ، وكان مسرفا في ترفّعه واستكباره واستعلائه .
والمسلمون مأمورون أن لا يسرفوا ، والإيمان يمنع من الاستكبار ، ويحول بين المسلم وأن يسرف ، والإسراف رذيلة كما أن الاستكبار رذيلة ، والذي يوغل في الإثم ويرتكب المعاصي حتى السرف ، ثم يتوب ويستغفر ويعمل صالحا ، ولا ينبغي أن ييأس من إسرافه السابق ، بقوله تعالى :قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( الزمر 53 ) ، وليس في القرآن أوسع ولا أرجى من هذه الآية ، وفيها كل الأمل لمن أسرف على نفسه ، فلا يأس مع رحمة اللّه ، والقنوط في الآية معناه اليأس ، إلا أن اليأس أشد درجة من القنوط ، فاليأس قطع الأمل بالكلية ، بينما في القنوط يصاب المرء بالإحباط وينتابه القلق ، ويعذّبه ضميره ، ولكنه ما يزال يرجو عفو اللّه ، ولذا كان قوله تعالى للمسرفين :لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ( الزمر 53 ) فالأمل في اللّه أكبر من كل رذيلة !

   * * *

1201 - ( الأسماء والأسمائية في القرآن والفلسفة )

الأسماء منّة اللّه على آدم وبنيه ، والأسماء هي الأحجار التي كان بها الصرح الفكري للحضارات والمدنيات ، وتتركب الأسماء من الحروف الأبجدية ، وتكتمل منّته تعالى على الإنسان بأن يعلّمه القراءة والكتابة ، قال :اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ( 1 ) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ( 2 ) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ( 3 ) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ( 4 ) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ( 5 ) ( العلق ) ، فلمّا خلقه تعالى من علقة مهينة ، أكرمه حتى صار عاقلا ، فعلّمه أن يقرأ وأن يكتب ما لم يكن قد علم ، فذلك هو آدم بذرة الخلق ، يتكرر دوما في كل ابن وبنت له ، كصورة منه ، فلو لا فطرة اللّه في آدم ، أورثها چينات بنيه ، لما كان كل ما نعرفه من العلوم والفنون والآداب والصنائع ، حفظها اللّه تعالى في الكتب فلا تندرس المعارف ، ويتكرر في القرآن اسم الكتاب بهذه الصفة 230 مرة ، وهو ما لم يأت في أية ديانة ، وكان من إعلاء القرآن للقراءة والكتابة أنه أطلق عليه اسم « القرآن » و « الكتاب » . وأطلق على اليهود والنصارى « أهل الكتاب » .
وتتكون كل اللغات من الأسماء والأفعال والحروف ، والأسماء هي الأصول ، والأفعال والحروف أوصاف وأحوال لها ، ولولا أن علّم آدم الأسماء لكان أعجز 
من الملائكة في الإخبار عنها عندما أمره اللّه بذلك . وأهمية الاسم أن له مسمى ، وما ليس له مسمى فهو اسم باطل :إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ( النجم 23 ) ، والاسم الحقيقي هو ماك ان له مسمى حقيقي ، واسمه تعالى : «اللّه» حقيقي ، بدليل أن ليس له شبيه له اسمه ، كقوله تعالى :فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا( مريم 65 ).
وهذه الأسماء التي نوّه القرآن بها لتعليم آدم ونقله من الحيوانية إلى الإنسانية ، ومن الجهالة إلى العلم ، هي التي جعلت الفلاسفة من رهبان النصارى يتساءلون حولها في العصور الوسطى ، لمّا ازدهر بينهم تعلّم اللغة العربية وترجمة معاني القرآن ، فقالوا بفلسفة سمّوها الأسمائية أو الاسميةnominalism، من الأسماءnominae، وقالوا في تعريفها : هي إشارات المعاني في العقل ، وليست سوى أصوات تخرج مع النّفسflatus vocis، فإذا جرّدت المعاني من إشاراتها لم يتبق منها في العقل شئ ، وإذن فالأفكار هي الأسماء ، والاستدلال هو الاستخدام الصحيح للأسماء في مواضعها ، وليس هو الانتقال من معان إلى معان أخرى ، وعلى ذلك فالأسمائية في القرآن كأنها « وضعية منطقيةlogical positivism» أو « واقعيةrealism» ، والفرق بين وضعية القرآن وبين « الوضعية المحدثة » أن الأخيرة تنفى وجود اللّه باعتبار أن اسم اللّه لا يقابل شيئا موجودا في الواقع ، وهو قصور ذهني واضح عند الوضعيين المحدثين من أمثال بلومبرج ، وفايجل ، وزكى نجيب محمود ، وآير ، ورايل ، وكارناب ، فاللّه قد ثبت وجوده بالخبرة ، وبالتجربة ، وبالواقع ، أو بالدليل والمنطق والبرهان .
ولقد أفلست الأسمائية لمّا انحرف بها الأسمائيون إلى القول بأنه « لا وجود إلا للأسماء » ، سواء في العقل أو خارجه ، وهو النقيض الكامل لما جاء به القرآن ، فكل اسم تعلّمه آدم له مسمّى ، أطلعه عليه اللّه تعالى ، وأشهده على عين مسمى الاسم ، فليس اسم إلا وله المسمّى ، وهذه هي الوضعية المنطقية التجريبية الإسلامية ، كقولك زيد قائم ، فالاسم هو المسمى ، أي يراد به المسمى ، ومع ذلك فقد يراد بالاسم التسمية ، كقولك أسد ثلاثة أحرف ، فلم نرد بأسد المسمى ؛ وأما قوله تعالى :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ( 31 ) ( البقرة 31 ) فإنّ « كلها » للإحاطة والعموم وليس للتعديد والخصوص ،
ونفهم من الآية : أن اللغة تعلمها الإنسان فطرة من اللّه ، وهو معنى قولنا إن اللغات توقيف من اللّه ، وأن الإنسان أول ما يتعلم عن الأشياء أسماءها ، وأن هذه الأسماء لا تكون أسماء لها إلا إذا كانت توصيفا لمنافع الأشياء ، وأنه في تعلّم الأسماء ، فإن ما ييسره أن تصنّف الأسماء بحسب أجناس الأشياء ، وباعتبار منافعها .

ونفهم من قوله تعالى :ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِأن تعلّم الأشياء لا يصلح له إلا إذا كانت نماذجها موجودة ويكون التعلم عليها . وقوله تعالى :أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِهو أمر بالإنباء ليس على جهة التكليف وإنما على جهة التقرير والتوقيف .
ولمّا كان آدم قد تعلم الأسماء ، واللغات أسماء ، فإنه يكون أول من تعلم اللغات ، وذلك من فضل آدم على الملائكة ، فقدّمه اللّه تعالى عليهم لهذا الفضل ، وأسجدهم له ، وجعلهم تلاميذه ، وأمرهم أن يتعلموا منه ، وجلّله بالعظمة بأن جعله مسجودا له لمّا خصّه بعلم الأسماءnomology.

   * * *

1202 - ( الأسوة الحسنة )

الأسوة من مصطلحات علم التربية ، وهو القدوة الذي يقتدى به في الخصال والفعال والأقوال ؛ ومعنى يتأسّى به : يتعزّى به في جميع أحواله . والأسوة في القرآن هم كل الأنبياء ، وخصّ منهم إبراهيم ونبيّنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فقال تعالى في إبراهيم :قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ( الممتحنة 4 ) ، ومن سيرته أنه كان يتبرّأ من الكفّار ، والخطاب لجماعة المسلمين ، فأمروا أن يقتدوا به ، « والذين معه » هم أصحابه من المؤمنين ، فكان على أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم أن يتأسّوا بإبراهيم ، ويبرءوا من المشركين مثله .
ونفيد من الآية أن شرع من قبلنا هو شرع لنا كذلك فيما أخبر اللّه تعالى :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ( الممتحنة 6 ) ، فكرر ذلك مرتين تأكيدا وتنبيها ، وهو من منهج القرآن : أن يكرر المواعظ والأوامر المهمة . وقال في نبيّنا صلى اللّه عليه وسلم :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً( الأحزاب 21 ) ، والآية عتاب للمتخلفين عن الجهاد يوم الخندق وعند أي استنفار ، وإن كان الخطاب للمؤمنين .
وكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم أسوة في كل أحواله ، فلقد شجّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، وقتل عمّه حمزة ، وعانى الجوع وشظف العيش ، فكان مع ذلك الصابر المحتسب ، والشاكر الراضي .
وفي الحديث عن أنس عن أبي طلحة ، قال : شكونا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الجوع ، ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر ، فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حجرين . ولمّا شجّ دعا لقومه ولم يدع عليهم ، وقال : « اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » .
وكما ترى فالأسوة به صلى اللّه عليه وسلم ، وبإبراهيم عليه السلام ، وبالأنبياء والصحابة ، على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا .

   * * *    
عبدالله المسافربالله
عبدالله المسافربالله
مـديــر منتدى الشريف المحـسي
مـديــر منتدى الشريف المحـسي

عدد الرسائل : 6813
الموقع : https://almossafer1.blogspot.com/
تاريخ التسجيل : 29/09/2007

https://almossafer1.blogspot.com/

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 9 نوفمبر 2023 - 12:59 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

1203 - ( أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم )

الصاحب : الملازم والمعاشر ، والجمع صحب ، وأصحاب ، وصحاب ، وصحابة ، وصحابة ؛ والصحابة : أصحاب النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، والواحد منهم صحابىّ ، وصاحب ، كقوله تعالى :إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا( التوبة 40 ) ، وصاحبه صلى اللّه عليه وسلم بنصّ القرآن هو أبو بكر الصدّيق ، وفي الآية جعل الصاحب أولا لإيمانه واعتقاده ، واللّه معهما في الصّحبة بالنصر والرعاية والحفظ والكلاءة ، وخصّ أبو بكر بقوله « لا تحزن » ، فبقى بها مهتديا ، موحدا ، جازما ، قائما بالأمر ، لم يتطرق إليه اختلال .
وصحابته صلى اللّه عليه وسلم من المهاجرين والأنصار على اختلاف طبقاتهم وأصنافهم : هم كل مسلم رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو صحبه على خلاف ، قال البعض : إن الصحابي هو كل من أقام مع الرسول صلى اللّه عليه وسلم سنة أو سنتين ، وغزا معه غزوة أو غزوتين . والأصح أن الصحابة من المهاجرين والأنصار : هم الذين صلّوا إلى القبلتين ، أو بايعوا بيعة الرضوان وهي بيعة الحديبية ، وكانوا ضمن أهل بدر ، وأفضلهم الخلفاء الأربعة ، ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ، ثم البدريون ، ثم أصحاب أحد ، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية .
   * * *

 1204 - أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ

وَأَصْحابُ الْيَمِينِ هم إحدى الفئات الثلاث التي ينقسم إليها الناس يوم القيامة :وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً ( 7 ) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ( 8 ) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ( 9 ) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ( 10 ) ( الواقعة ) ؛ وقوله :وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ( 27 ) ( الواقعة ) : هم الذين يؤخذ بهم يوم القيامة جهة اليمين إلى الجنة ، ويقابلهم أصحاب المشأمة أو أصحاب الشمال : وهم الذين يؤخذ بهم جهة الشمال إلى النار . وأصحاب الميمنة أو اليمين : هم من أوتى كتابه بيمينه ، وهم أهل الحسنات ، الميامين على أنفسهم ، أصحاب التقدم . 
والتكرار في قوله : « ما أصحاب الميمنة » و « ما أصحاب اليمين » للتفخيم والتعجيب ، كقوله تعالى :الْحَاقَّةُ ( 1 ) مَا الْحَاقَّةُ( 2 ) ، والْقارِعَةُ ( 1 ) مَا الْقارِعَةُ( 2 ) ، والمقصود تكثير ما لأصحاب اليمين من الثواب ، وعدهم ربّهم الجنة فيها السدر المخضود ، والطلح المنضود ، من الفواكه ذات الألوان والطعوم ، لا تنقطع طول الوقت ، وليست ممنوعة على أحد ، وفيها الظل الممدود ، فلا حرّ ولا حرور ، والماء المسكوب البارد ، والمجالس المرفوعة ، ويطوف عليهم أبكار عرب أتراب ، أنشأهن إنشاء لهم ، وكلهن لطيفات جميلات من سن واحد ، لم يمسهن من قبل إنس ولا جان ( الواقعة 28 / 37 ) جزاء وفاقا لأصحاب اليمين :فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ( الواقعة 91 ) ، والخطاب للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، أو لقارئ القرآن حينما يصل إلى آيات أصحاب اليمين ، يطلب له السلام والسلامة كما وعد به هؤلاء ومن تبعهم ، فهم سالمون ويعيشون في سلام ، ولقد سلموا من عذابات الحشرجة عند الموت وفي القبر ، وعند العرض ، وبعد الحساب ، فعسى أن يكون غيرهم من المسلمين مثلهم .
   * * *

1205 - ( الاصطفاء في القرآن والتوراة والإنجيل )

الاصطفاء : هو الاختيار ، والمصطفى هو المختار ، من أسماء النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ؛ وفي النصرانية يقولون هو لقب بولس الرسول ، وقالوا اسمه عبد اللّه ؛ والصفوة من كل شئ هي خالصه وخياره . والاصطفاء في اليهودية من عند اللّه ، وبلا سبب يبرره ويفهمه الناس ، والنصارى اعتنقوا نظرية اليهود في الاصطفاء ، وعندهم أن اللّه يختار من عباده من يستصفيه لنفسه من جنس البشر ، ولا معقب على اختياره ، وعند اليهود قد يرى اللّه أنه أساء الاختيار ، ويأسف على أنه أصفى أحدهم ، وسمّوا ذلك « البداء » ، ويعنى أنه تعالى « بدا له » ، أي تراءى له ثم رجع فيه .
وفي الإسلام بخلاف ذلك تماما ، فالاصطفاء يأتي بكثرة في القرآن واستخدمه 13 مرة ، وفي الآية :إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ( 33 ) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ( آل عمران ) ، أي اختارهم على سائر أهل الأرض ، وهو اختيار مبرّر وليس بلا سبب ، وفي حالة إبراهيم مثلا يأتي فيه :وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا( البقرة 130 ) ، أي اخترناه للرسالة ، فلما اخترناه أصفيناه ، أي فجعلناه صافيا من الأدناس ، فكان ذلك مبررا لاختياره :إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ( البقرة 131 ) ،
فيكون المعنى : اصطفيناه لمّا قال له ربّه أسلم ، فقال أسلمت لربّ العالمين ، ومعنى أسلم أخلص دينك للّه بالتوحيد ، فكان إبراهيم من المصطفين ، باختياره الإسلام لنفسه دينا . وآدم اصطفاه ، فخلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له الملائكة ، وعلّمه الأسماء ، وأسكنه الجنة وأهبطه منها ، وحكمة ذلك كله كانت أبلغ الحكم ، وكان بها خلق العالم والناس ، فكان التاريخ ، وكانت الحضارات ، وعرف الإنسان العلوم والفنون والآداب ، والمعارف واللغات ، والصنائع ، فكان مبرر اصطفاء آدم أن كان وذريته أهلا لكل ذلك .
ونوحا اصطفاه وجعله أول رسله لمّا عبد الناس الأوثان وأشركوا ، وظل يدعوهم ليلا ونهارا ، وسرّا وجهارا ، فلم يزدادوا إلا فرارا ، فدعا عليهم ، فأغرقهم اللّه ، ولم ينج منهم إلا من تبعه على دينه . وكان مبرر اصطفاء نوح أنه صاحب حكمة ، ترى أن لا يذر على الأرض من الظالمين ديّارا ، أي واحدا ، لأن الضالين سيضلّون غيرهم لو استمروا في البقاء ، ولن ينسلوا إلا فجّارا وظلمة مثلهم . وأما آل إبراهيم فكان منهم : إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، والأسباط إلخ ، فثبتت لهم الوراثة الروحية ، فاصطفاهم كذريّة للمصطفين ، يحملون بعدهم 
الرسالة والنبوة . ومنهم مريم بنت عمران ، قال فيها :يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ( آل عمران 42 ) ، ومبرر اصطفائها : أنها كانت صدّيقة ، وشهد لها بالصدّيقية ( المائدة 75 ) ،وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ( 12 ) ( التحريم ) .
واصطفى كذلك طالوت على قومه ، وبيّن لهم مبررات اصطفائه ، وهي بسطته في العلم ، والعلم ملاك الإنسان ، وبسطته في الجسم ، وهو معينه على شدائد تزعّمهم ، والقيادة لهم في السلم والحرب ؛ ومن فقه ذلك عند المسلمين كانت نظريتهم في الإمامة ، أن كل رئيس أو أمير ، أو إمام ، ليس له أن يتبوأ مكانته من قومه إلا إذا كان مستحقا لها بأمرين ؛ هما :
العلم والقوة 
، والعلم يشمل سائر المعارف والدين ، والقوة بدنية ، ونفسية وعقلية ، ولاحظ للنسب مع العلم والقوة ، ومع الفضائل النفسية والعقلية ، واللياقة البدنية ، وعند المسلمين تتقدم هذه الصفات على النسب ، وقد أخبر تعالى أن اختيار طالوت كان لعلمه وقوته ، وإن كان غيره أشرف انتسابا ، وأكثر مالا ، وأحظى اجتماعا . وقال تعالى في المصطفين تبريرا لاصطفائه لهم ، إنهم أولو أيد وأبصار ( ص 45 ) ، وأولو الأيدي : يعنى أولى القوة ، وأولو الأبصار أي أصحاب علم وعقل وبصبرة في الحق ، ومن أجل ذلك اختارهم ، وقال فيهم :وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ( ص 47 ) أي المختارين المجتبين الأخيار ، فلأنهم أخيار كانوا مختارين ، ومنهم كما قال :وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ( ص 48 ) . والاختيار ، والاصطفاء ، والاجتباء بمعنى واحد ، يقول تعالى :هُوَ اجْتَباكُمْ( الحج 78 ) أي اختاركم واصطفاكم ، غير أن الاختيار من الخيرة ، وفيه أن يتوافر الخير في المختار ، بينما الاصطفاء هو اختيار من يصافيك وترى فيه الإخلاص والود ؛ والاجتباء : هو أن تختار الأصلح ترى فيه أنه تجتمع له أحسن وأفضل الخصال لما تختاره له ؛ وأي هذه المصطلحات يأتي في القرآن فهو لما يناسبه ؛ وأما في اليهودية والنصرانية ، فالطاعة للّه لم تكن قبل الاصطفاء بل كانت بعده ، فلما اصطفاهم أطاعوا ، على عكس الإسلام ، فإن المسلمين كانوا أولا من أهل الطريقة ، وفيهم الخير والفضيلة ، فاختارهم اللّه وفي الحديث أن خير الناس في الإسلام كانوا أيضا خير الناس في الجاهلية . . وأما اليهود فيقولون مثلا أنهم « شعب اللّه المختار » : اختارهم واصطفاهم وعاهدهم أن يعطيهم من بعد إبراهيم جميع أرض كنعان ملكا مؤبّدا ( تكوين 17 / 7 - 8 ) ، فمهما فعلوا من آثام فالعهد معهم قائم لا ينفصم ، بينما المسلمون يذهبون إلى أنه لا عهد مع اللّه إلا للمتقين ، وفي القرآن :يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ( البقرة 40 ) ، فما هو عهده لهم ؟
والجواب من القرآن ومن جماع التوراة :
1 - أن يرهبوا اللّه تعالى
 2 - ويؤمنوا بما أنزل 
مصدّقا لما معهم .
 3 - ولا يكونوا أول كافر به .
 4 - ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا - يعنى أن يتقوا اللّه فيما أنزل عليهم من التوراة ، ولا يحرّفوها لفوائد يحصّلونها ومطامع يجتنوها
 5 - ولا يلبسوا الحق بالباطل ، ويكتموا الحق وهم يعلمون
 6 - وأن يقيموا الصلاة التي تركوها .
 7 - ويؤتوا الزكاة التي أهملوها .
 8 - ويركعوا مع الراكعين ، فلا يستكبرون .
 9 - ولا ينسوا أنفسهم وهم يأمرون الناس بالبر .
 10 - وأن يستعينوا على طلب الآخرة بالصبر والصلاة ، والصبر هو الصيام والكفّ عن المعاصي .
فلم يرقب اليهود في الناس إلّا ولا ذمة ، ونقضوا العهد والميثاق ، واشتروا بهما ثمنا قليلا ، وادّعوا أنهم لن تمسهم النار إلا قليلا ، وقالوا على اللّه ما لا يعلمون ، وسفكوا الدماء ، وقتلوا النبيين ، وسمعوا وعصوا ، فهل هؤلاء مصطفون ؟ وهل يمكن أن يقع عليهم اختيار واصطفاء ؟ وتفسير اليهود للاصطفاء لذلك مغلوط ، فالمصطفون متّقون أولا ، ومتقون آخرا ، ثم يكون اصطفاؤهم بناء على ما يظهرون من الإخلاص ، وبقدر ما لهم من الصلاح .

وأما النصارى فصاحبهم بولس ، الذي وصفوه بأنه المصطفى ، يقول عن نفسه « حدث لي انجذاب » ( أعمال الرسل 22 / 17 ) ، وكان فريسيا ابن فريسى ( أعمال الرسل 23 / 6 ) ، يعنى كان من المنافقين ، وقالوا فيه « مفسد ومثير فتنة وإمام لشيعة الناصريين » ( الفصل 24 / 5 ) ، وكان عنصريا شديد العنصرية ، فكانت دعوته لليهود أولا ، فلما فشل دعا الأمم ( رومية 1 / 16 ) ، وهو الذي نشر الفرية أن المسيح ابن اللّه ( رومية 5 / 10 ) ، وسنّ التشريع بتحريم طلاق النساء ، ( رومية 7 / 2 ) ، واستن عدم الزواج ( كورنتس 29 ) ، ودعا أن تكون المرأة للبيت ( تيموتاوس 5 / 14 ) ، وأن تخضع النساء لرجالهن كما للربّ ( إفسس 5 / 22 ) ، وأطلق على نفسه رسول الأمم ( رومية 11 / 13 ) ، وقال لا أخوّة مع الكفرة بالمسيح ، ولا تتخذوا إخوانا من الكفرة ( كورنتس 6 / 14 ) ، وأمر باعتزال كل منكر لألوهية المسيح ، ووصف المنكرين بالنجاسة ( كورنتس 6 / 77 ) ،
وحذّر من الفلسفة إذا كانت على غير مقتضى المسيح ، يعنى أرادها فلسفة دعائية ( كولسى 2 / 8 ) ، وقال عن النصارى أنهم أبناء الموعد ، وفرّق بين أبناء الأمّة هاجر وأبناء الحرّة سارة ، وأبناء الأمة هم غير النصارى ، وأبناء الحرة هم النصارى ، ونادى اطردوا الأمة وابنها فإن ابن الأمة لا يرث مع ابن الحرة ! والطرد كأمر للنصارى يعنى طردهم من البلاد ، ولا ميراث لهم في السماء ، مع أن النصارى - وهم ليسوا يهودا - هم أبناء أمّة بالوراثة الجسدية ، إلا أنه قال إن المسيح حرّرهم ( غلاطيه 4 / 25 - 31 ) ! ! - فهل هذا كلام مصطفين ؟ وإنما الاصطفاء عند النصارى - ومن قبلهم اليهود - أن الاختيار لهم غير مبرر ، فهذه إرادة اللّه ومشيئته ، حتى لو كان اختياره عن غير حق .

وتلك إذن نظرية الاصطفاء عند هؤلاء وأولئك وعند المسلمين من بعدهم ، واللّه تعالى لا يمكن أن يختار إلا المتّقين والصالحين والأخيار ، وذلك من معاني الإسلام . واللافت للانتباه أن إبراهيم لمّا أراد أن يجعل النبوة في ذريته ، دعا ربّه بها لهم ، فقال تعالى في جواب دعائه :لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ( البقرة 124 ) ، واليهود والنصارى لا عهد لهم مع اللّه لأنهم ظلموا ، ولا يصلح الظالمون للاصطفاء أو الاختيار أو الاجتباء ، لأنه مقصور عقلا وعرفا وشرعا على أهل العدل والإحسان والفضل .
   * * *

1206 - ( الأعراب والعرب )

العرب هم الجنس العربي الذي لغته وقوميته العربية ، ومنهم العرب العاربة : وهم العرب الخلّص ، ويقابلهم العرب المستعربة أو المتعرّبة وهؤلاء لم يكونوا عربا في الأصل ، ثم سكنوا بلاد العرب ، وتكلموا العربية ، ويقال تعرّبوا : أي تشبّهوا بالعرب . والعرب عموما ينسبون إلى يعرب بن قحطان ، أو أنهم سمّوا عربا لأنهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم ، ونشئوا في عربة من تهامة فنسبوا إليها ، وكثيرا ما ينسب الناس إلى الأماكن مثلما ينسبون إلى الجدود .
وكانت قريش تسكن عربة وهي مكة ، وانتشر سائر العرب في الجزيرة العربية . وأما الأعراب : فهؤلاء هم العرب الرحّل ، وثقافتهم أقل ، ويعيشون في بداوة وجهالة . والموجود بالقرآن مصطلحان : « عربى ، وأعراب » ، ويتكرر الأول إحدى عشرة مرة ، ويوصف به اللسان :لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ( النحل 103 ) ، وينعت به القرآن :إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا( يوسف 2 ) ، وينسب إليه الحكم :أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا( الرعد 37 ) .
والنسبة به للثقافة والحضارة وليس للانتماء السلالى أو الوراثى الجيني . وكذلك مصطلح « الأعراب » ، فإنه يتكرر عشر مرات ، ويدل على فئات من العرب أقل حضارة وثقافة ، وهؤلاء عانى منهم المسلمون بسبب ضحالة معارفهم وانحطاط ثقافتهم الدينية والأخلاقية والاجتماعية ، والإشارة بالمصطلح « الأعراب » تحديدا إلى فئة من كان يسكن من البدو حول المدينة في زمن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فرغم أنهم اعتنقوا الإسلام ، إلا أنهم لم يعرفوه حق المعرفة ، ولم يمارسوه كما ينبغي ، وكان من الواضح أن اعتناقهم له كان طلبا للسلامة ، وطمعا فيما يمكن أن يعود به الإسلام عليهم من المكاسب ، كالمنعة والصدقة والفيء ، وجاء في وصفهم في القرآن :الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ( التوبة 97 ) ، فكانوا الأشد كفرا ونفاقا من المنافقين ، والأشد جهلا في أمور الدين ، وكان أذاهم الأكثر ، لأنهم كانوا الأقسى قلبا ، والأجفى قولا ، والأغلظ طبعا ، والأبعد عن سماع التنزيل ، 
ونبّهت الآية إلى نقص علمهم ، وتدنّى إيمانهم عن المرتبة الكاملة ، وسوء فهمهم ، وقلة درايتهم ووعيهم ، فكلما نادى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم بالجهاد تعلّلوا وتخلّفوا ، وما كانوا يكلّفون أنفسهم أن يعتذروا ،
فانطبقت عليهم أحكام ثلاثة : فأولا : لم يعد لهم حقّ في الغنيمة والفيء ، لأنهم لم يجاهدوا كالمسلمين ؛
وثانيا : لم يعد جائزا أن تسمع لهم شهادة ، لأن اللّه قد وصفهم بالكفر والنفاق ، وقال في أيمانهم :يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ( التوبة 96 ) ، فوصفهم بالفسق ولبئس الصفة .

وثالثا : لم يعد مناسبا أن يؤم أي أعرابي المسلمين في الصلاة ، لأنهم لا يعلمون حدود اللّه وجهلوا الدين . واستتبع كل ذلك أن غالبتهم ضنّوا أن ينفقوا في سبيل اللّه ، وتمنوا البوار للمسلمين ، وترقبوا فيهم الاندحار ، كقوله تعالى :وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ( التوبة 98 ) ، فجمعوا إلى الجهل بالدين ، الجهل بالإنفاق والحكمة فيه ، وسوء الدخيلة وفساد الطوية وخبث النية . وما كانوا جميعا بهذا السوء ، فلكل قاعدة استثناء ، والناس فيهم الصالح والطالح ، والخيّر والشرير ، ولا بد أن يكون من الأعراب من هو على الإيمان ، كقوله تعالى :وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ( التوبة 99 ) ، فكان من الأولين منهم ، قبائل : مرينة ، وجهينة ، وأسلم ، وغفّار ، وأشجع ، والدّيل ، وبنى أسد بن خزيمة ، وكان من الثانين : بنو مقرّن من مزينة ، فكان المؤمنون قلة والأكثرية منافقين ، وفيهم نزل القرآن :وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ( التوبة 101 ) ، والمنافقون هم الذين سمّاهم مخلّفين :سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ( الفتح 11 ) ، وما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولا أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ، ولكن التخلّف دأبهم ، ففي الخندق لم يحضروا وتعلّلوا حتى قلّدهم غيرهم :وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ( الأحزاب 20 ) ، يعنى تمنّوا لو فعلوا مثلما فعل الأعراب ونأوا بأنفسهم عن الجهاد حذر القتل وتربصا للدوائر .
وفي تبوك اعتذروا الاعتذارات الواهية المبتذلة فقالوا : شغلتنا تجارتنا وخفنا على أهالينا ، وزادوا بأن طلبوا أن يسامحهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم ويدعو لهم بالمغفرة ، ولم يجر بخاطرهم أن المغفرة لا تكون إلا لمن كان ظاهره كباطنه ، وهؤلاء كان اعتقادهم بخلاف ظاهرهم ، ففضحهم اللّه بقوله :يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ( الفتح 11 ) ، فكأن نفاقهم كان « النفاق المحض » . ولقد تخلّفوا في الحديبية ، وفي حنين ، فكان تخلّفهم نكوصا ، وينبئ عن خوف وشح بالنفس والمال ، فإذا كان ذلك حالهم وعدوهم هو ما هو عليه من ضعف باد ، فكيف مع عدو أقوى 
يلقونه في قابل الأيام :قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ( الفتح 16 ) ، وفي الآية إشارة إلى من يكون على أمة الإسلام أن تدفع عن نفسها أذاهم من الأمم المعادية ، أمثال : الفرس ، والرومان ، والإنجليز ، والروس ، والفرنسيين ، والأسبان ، والأمريكان ، وغيرهم ، فأما والأمر كذلك مع هؤلاء المتقاعسين ، وأي متقاعسين من بعد ، فالأولى أن لا يكون الاعتماد عليهم ، وأن يسقطوا من الحساب عند كل لقاء مع أعداء اللّه :فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ( التوبة 83 ) .
وفي الحديث أن المسلمين لا يستعينون في قتالهم بكافر ، فهذه حربهم وليست حرب غيرهم ، والذي يقاتل مجاهدا إنما قتاله من أجل بيضة الإسلام ، وكي تعلو كلمة اللّه ، والقتال يستلزمه الإيمان ، وما كان الأعراب على شئ من الإيمان :قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ( الحجرات 14 ) ، فلما نطقوا بالشهادتين أسلموا ولكنهم لم يؤمنوا ، فالإيمان يتطلب أكثر من الشهادتين :إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( 15 ) ( الحجرات ) ولم يكن إسلام الأعراب إلا قولا بلا عمل ، فلمّا استنفرهم للقتال والإنفاق جهارا في سبيل اللّه ، تخلّفوا ، وزادوا على ذلك بادّعاء الإيمان ، فصحّحت الآية دعواهم ، وجعلوا يمنّون على الرسول صلى اللّه عليه وسلم وعلى المسلمين ، فجادلهم بالحسنى :يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ( الحجرات 17 ) ، فلمّا حلفوا أنهم صادقون في إيمانهم قال تعالى :قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( الحجرات 16 ) .

وتلخيصا لما سبق فإن المصطلحين « عربى » ، « وأعراب » من مصطلحات الحضارة والثقافة ، ومصطلح « الأعراب » كما وصف به المنافقون من البدو ، ما يزال من الممكن أن يوصف به أصحاب الثقافة الضحلة والتبعية الغربية من المستشرقين العرب من تلاميذ المبشّرين ، ومن دعاة العولمة والأخذ بالأسلوب الأمريكى في الحكم والأخلاق والاقتصاد والسياسة والاجتماع والأدب ، فهؤلاء رعاع المثقفين ، وبهم جفاء في الطبع ، وشك مريب ، والحذل والحقد يملأ قلوبهم على كل ما هو مسلم ، ودوافعهم في السلوك فردية ولا يؤمنون بالقومية العربية ، وهم الذين يدلّسون علينا إمكان ولاء مزدوجى الجنسية ، وخصخصة الأملاك العامة ، وإلغاء مجانية التعليم ، وقصر التعليم العالي على الأغنياء ، وتشجيع التعليم الأجنبي ، وإلغاء الطبقة الوسطى ، ودعم الأغنياء واقتصاد المترفين ، وتحديد عدد وقدرات الجيوش الوطنية ، إلى آخر ما ينبئ عن سوء الطوية وخبث النية وجفاء الطبع مما كان للأعراب قديما .
   * * *

1207 - ( الأعراف وأصحاب الأعراف )

الأعراف : جمع عرف ، وهو كل عال مرتفع ، فبظهوره يعرف من المنخفض . واللّه تعالى أعلم بما يعنى بالأعراف ، والمصطلح إسلامي محض ، ولذا حار المستشرقون في ترجمته ، ومن هذه الترجمات أن الأعرافHeightأي المرتفعات ، وهي ترجمة مضحكة ، ومنها ترجمة دانتى أنهاPurgatory، أي المطهر ، فتجاوزت الترجمة المعنى . وفي اللغة يقال عرف الفرس ، وعرف الديك ، فالأعراف سور له عرف كعرف الديك ، أي له شرفة .
وفي الآية :وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ( الأعراف 46 ) ، فالأعراف هم الذين يعرفون أصحاب النار من أصحاب الجنة ، ويفرزون كلا بسيماهم ؛ وقيل : الأعراف حجاب بين أصحاب النار وأصحاب الجنةفَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ( الحديد 13 ) ، فالسور هو الحجاب ويتوسط بينهما ، وحرّاس السور هم « أصحاب الأعراف » .
وقيل : أصحاب الأعراف هم من استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم يدخلوا الجنة ولا النار . وقيل : هم فضلاء المؤمنين والشهداء من الصالحين والعلماء ، عرفوا مكانتهم ، ووقفوا يطالعون حال غيرهم ، فيتعوّذون ممن يلقى في النار ، ويسرّون لمن يدخل الجنة . وقيل : هم عدول القيامة ، يشهدون على الناس من أصحاب الجنة وأصحاب النار بأعمالهم . وقيل : هم ملائكة مكانهم هذا السور ليميّزوا من يدخل الجنة ومن يدخل النار .
فإن قيل : ولكن الآية تقول إنهم « رجال » ولا يجوز تسمية الملائكة بالرجال ؟ قيل : ولكن اللّه تعالى سمّى الجن بالرجال :وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً( الجن 6 ) ، فلما ذا لا تسمى الملائكة بالرجال ؟ وقيل : الأعراف جبل أحد يمثل في الجنة والنار ، ويحبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم . وفي الحديث : « إن أحدا على ركن من أركان الجنة » ، قيل الركن المقصود به الأعراف ، يتعرّفون على أصحاب الجنة وأصحاب النار ، ويميزونهم بسيماهم . والأصح الاقتصار على القول في مسائل الغيب بنصوص الآيات دون زيادة ولا نقصان .
« وسورة الأعراف » سميت كذلك باعتبارها السورة الوحيدة التي تتضمن تعريفا بالأعراف وتذكر هذا المصطلح ، وهي مكية إلا من ثماني آيات ، من الآية 163 إلى غاية الآية 170 فإنها مدنية ، وآياتها 206 نزلت بعد ص ، وهي التاسعة والثلاثون في النزول ، والسابعة في المصحف ( انظر عرفات ) .

كذلك باعتبارها السورة الوحيدة التي تتضمن تعريفا بالأعراف وتذكر هذا المصطلح ، وهي مكية إلا من ثماني آيات ، من الآية 163 إلى غاية الآية 170 فإنها مدنية ، وآياتها 206 نزلت بعد ص ، وهي التاسعة والثلاثين في النزول ، والسابعة في المصحف ( انظر عرفات ) .
   * * *

1208 - ( الإعصار والريح والزوبعة )

الإعصار في اللغة هو الريح الشديد التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود ، كقوله تعالى :فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ( البقرة 266 ) ، وسرعة الريح تولد الطاقة ، والطاقة تولّد النار ، فهذا نوع من الإعصار ؛ والثاني : أن الإعصار هو الزوبعة ، وأم الزوبعة ريح تثير الغبار وترتفع إلى السماء كأنها عمود ؛ والثالثة : أن الإعصار ريح تثير سحابا ذا رعد وبرق ، ويقال لها إعصار : لأنها تلتف كالثوب إذا عصر ، أو أنها إعصار لأنها تعصر السحاب :وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً( النبأ 14 ) ، والسحاب معصرات : لأنها حوامل فهي كالمعصر - أي البنت التي بلغت عصر شبابها بإدراك المحيض . أو أن السحاب معصرات لأنها تتعصّر بالرياح .
وقيل الإعصار : ريح عاصف وسموم شديدة . والسموم هي الريح الحارة نهارا والباردة ليلا . وقيل : الريح السموم بالنهار ، بينما الريح الحرور بالليل - أي التي تكون ليلا حارة . والريح أنواع ، فالطيبة كقوله :بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ( يونس 22 ) ، وهي أيضا الريح الرخاء ، ونقيض ذلك الريح العاصف ( يونس 22 ) : وهي الشديدة العصف ، يقال عصفت الريح وأعصفت ، فهي عاصف ، ومعصف ومعصفة ، أي شديدة . وفي قوله :فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً( الإسراء 69 ) ، والقاصف هي التي تقصف الأشياء أي تكسرها ، ومن ذلك قصف الرعد ، والقصيف هو هشيم الشجر . والريح الصرر ( الحاقة 6 ) لها صوت عات من شدة ما تحرق ، « والصرّ » ( آل عمران 117 ) هو صوت لهب النار .
والريح العقيم ( الذاريات 41 ) : قيل لها ذلك لأنها لا تلقّح سحابا ولا شجرا ، ولا بركة فيها ولا منفعة .

وفي الحديث : « نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدّبور » ، وريح الصبا هي التي مهبّها من الشرق ، وريح الدّبور هي التي مهبّها من الجنوب - وهي ريح عقيم .
   * * *

1209 - ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر )

يتكرر « الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر » في خمس سور ، هي : آل عمران ، والأعراف ، والتوبة ، والحج ، ولقمان ، كقوله تعالىوَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( آل عمران 104 ) ، وقوله :كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ( آل عمران 110 ) ، وقوله :وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ( آل عمران 114 ) .
والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم أهل الصلاح ، والفضل من الأمة ، فطالما هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فأمتهم خير الأمم ، فإذا تركوا المعروف ، وتواطئوا على المنكر ، زال عنهم اسم المدح ، ولحقهم اسم الذمّ ، فهلكت الأمة .

والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في الأمم جميعها قديمها وحديثها ، وفي الحديث « من أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر فهو خليفة اللّه في أرضه ، وخليفة رسوله ، وخليفة كتابه » ولمّا سئل صلى اللّه عليه وسلم : من خير الناس ؟ قال :الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ( التوبة 67 ) ، ثم قال :وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ( التوبة 71 ) ، فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو الفرق بين المؤمنين والمنافقين ، وأخصّ أوصاف المؤمن لذلك هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ولكنهما لا يليقان بكل أحد ، وإنما يقوم بهما المصلحون ، وأهل الفكر ، ودعاة الأمة وعلماؤها .
والفرق بين الحاكم الجيد والحاكم السيئ هو قدرة كلّ على القيام بهما كقوله تعالى :الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ( الحج 41 ) ، ومع ذلك فإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من شأن كل الناس ، وواجب على كل من يقدر عليهما ، والاستطاعة هي شرط القيام بهما ، وبحسب من لا يستطيع ذلك أن يكون قلبه مع محبة المعروف وكراهية المنكر ، وتدل الآية :وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ( لقمان 17 ) على جواز الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع خوف الأذى ، وربما السجن ، أو القتل . وفي الحديث : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » .
والأمر بالمعروف باليد ، يعنى بالقوة ، على أهل السلطة وحدها ، وباللسان على الدعاة والعلماء وأهل الفكر ورجال الصحافة والإعلام وأساتذة الجامعات ، وبالقلب على عوام الناس ، ولذلك قال أهل الحكمة : كل بلدة يكون فيها أربعة ، فأهلها معصومون من البلاء : حكومة عادلة : لا تظلم ، وتنشر العلم ، وتوفر الخدمات الصحية ، ولا يصدر مجلسها التشريعي قوانين لمصلحة الأغنياء ، ولا تسمح بالفساد ، وتساوى بين الناس في الحقوق والواجبات بحسب قدرة كلّ ؛ وأهل علم وطنيون غيورون ؛ وصحافة شعبية قومية ؛ ومصلحون : يستنهضون الأمة ويحرضونها على الصلاح والإصلاح .

   * * *    

1210 - ( الأنصار : المصطلح ومضمونه )

جمع ناصر ، كأصحاب وصاحب ، أو جمع نصير ، كأشراف وشريف ، واللام فيه للعهد أي أنصار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، والمراد بالأنصار الأوس والخزرج ، وكانوا قبل ذلك يعرفون ببنى قيلة ، بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة ، وهي الأم التي تجمع القبيلتين ، فسمّاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « الأنصار » ، وكان ذلك ليلة العقبة لمّا توافقوا مع النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عند عقبة منى في الموسم ، فصار ذلك علما عليهم ، وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم ، وخصّوا بهذه المنقبة لإيوائهم للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم ومن معه ، والقيام بأمرهم ، ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم ، وإيثارهم على أنفسهم في كثير من الأمور ، فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم ، والعداوة تجر البغضاء .
وما اختصوا به أوجب لهم الحسد ، والحسد يجرّ البغضاء كذلك ، فاستوجب أن ينبّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى ذلك وقال حديثه المشهور عن أنس : « آية الإيمان حبّ الأنصار ، وآية النفاق بغض الأنصار » ، وحديثه عن البراء بن عازب : من أحبّ الأنصار فبحبي أحبّهم ، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم » ، وحديثه عن أبي سعيد : « لا يبغض الأنصار رجل مؤمن باللّه واليوم الآخر » ، وحديثه عند أحمد : « حبّ الأنصار إيمان ، وبغضهم نفاق » ، فحذّر من بغضهم ، ورغّب في حبّهم ، حتى جعل ذلك آية للإيمان والنفاق ، لما لهم من عظيم الفضل ، وكريم العقل .
وكانت بين الأنصار مع بعضهم البعض حروب ، لم تكن من جهة الإسلام ، ولكنها كانت لأمور طارئة اقتضت المخالفة ، فلم يكن ذلك بغضا من نوع البغض الذي قال به الرسول صلى اللّه عليه وسلم الذي يستوجب النفاق ، وحالهم في حال الخلافات التي كانت بينهم حال المجتهدين في اختلافاتهم في الأحكام ، فللمصيب منهم أجران ، وللمخطئ أجر واحد .
وفي المصطلح القرآني فإن الأنصار تستدعى المهاجرين في قوله تعالى :وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ( التوبة 100 ) ، ثم في قوله تعالى :لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ( التوبة 117 ) فنبّهت تلك الآيات إلى أن من المهاجرين ، ومن الأنصار ، سابقين وتابعين ، وكلاهما محسن قد رضى اللّه عنهم ورضوا عنه ، وهؤلاء السابقون من الأنصار هم أصحاب بيعة الرضوان عام الحديبية ، وهم الذين صلّوا إلى القبلتين مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . والمهاجرون هو المصطلح المقابل للأنصار . وأهل السنّة على تبجيل هؤلاء وهؤلاء ، على عكس الشيعة الدائبين على سبّهم ، والمستمرين على بغضهم .
والأنصار : اسم إسلامي خالص ، قيل 
لأنس بن مالك : أرأيت قول الناس لكم : « الأنصار » ، اسم سمّاكم اللّه به ، أم كنتم تدعون به في الجاهلية ؟ قال : بل اسم سمّانا اللّه به في القرآن .
وكانت توبة اللّه تعالى على المهاجرين والأنصار لمّا تشككوا في غزوة تبوك ، فقد كانت السنة مجدبة ، والحرّ شديدا حتى زاغت قلوب البعض الذين تشككوا ، وارتابوا للذي نالهم من المشقة والشدّة ، فهذه توبة اللّه عليهم من هذه الريبة وذلك الشك ، فلما تاب عليهم رزقهم الإنابة إلى ربّهم .
وتوبته على نبيّه صلى اللّه عليه وسلم في إذنه للمنافقين في التخلّف عن الجهاد ، وأما المتشككون فالشك في الضمير والنية ولكنه ظهر في حالتهم بأن همّوا بالانصراف ، وتوبته عليهم أن تدارك قلوبهم فلم تزغ ، فكذلك سنّة اللّه تعالى مع أصفيائه : إذا أشرفوا على العطب ، وقاربوا من التلف ، واستمكن اليأس من قلوبهم من النصر ، ووطّنوا أنفسهم على مذاقة البأس ، أمطر عليهم سحائب الجود ، فتشرق الشمس بعد مغيب ، ويرتوى الزرع بعد يبس ، وتدبّ الحياة فيما كاد يموت ، ويردّ الأنس بعد أن كان قد انمحى ، وتصير أحوالهم كما قال شاعرهم :
كنا كمن ألبس أكفانه * وقرّب النعش من اللحد
فجال ماء الرّوح في وحشة * وردّه الوصل إلى الورد
تبارك اللّه سبحانه : وفي المصطلح القرآني « أنصار اللّه » :قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ( آل عمران 52 ، والصف 14 ) ، وفي الآية أن عيسى لما استشعر الكفر قال :مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ( آل عمران 53 ) ، و « الأنصار إلى اللّه » هم الذين يناصرونه في الطريق إلى اللّه ، أو مع اللّه ، أي في الدعوة إلى اللّه ، ومن ذلك قول نبينا صلى اللّه عليه وسلم : « من رجل يؤويني حتّى أبلّغ كلام ربّى » .
و « الحواريون » مصطلح قرآني آخر يعنى أيضا الأنصار ، ويختص به عيسى ، وهم تلاميذه ، من حار بمعنى مراجعة الكلام ومجاوبته ، وكان الحواريون أنصارا للمسيح ، ولكل نبىّ حواريون أي أنصار يؤمنون به ، ويدعون بدعوته ، وهم لذلك أنصار اللّه ، يساعدون النبىّ على التجرّد لحقّه ، والخلوص في قصده .

وشاع مصطلح الأنصار فاستخدمه أتباع المهدى في السودان ، وفي مصر أنصار السنّة المحمدية ، وفي أوروبا اقترح المسلمون على تيتو مصطلح الأنصارPartisans، والمسلمون كشعب كانوا ضمن شعوب يوغوسلافيا ، وهم سكان البوسنة والهرسك وكوسوفا ، وهذا بعض فضل القرآن والسنّة على الناس .
   * * *

1211 - ( الأنعام وبهيمة الأنعام )

في قوله :أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ( المائدة 1 ) ، البهيمة : اسم لكل ذي أربع ، سميت بذلك لإبهامها من جهة نقص نطقها وفهمها ، وعدم تمييزها وتعقلها ، ومن ذلك قولنا باب مبهم أي مغلق ، ودليل بهيم . والأنعام : هي الإبل والبقر والغنم ، سميت بذلك لأنها نعم ، وصفها اللّه تعالى فقال :وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ( 5 ) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ( 6 ) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ( النحل ) ، وقال :وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً( الأنعام 142 ) ، والحمولة : هي التي تطيق أن يحمل عليها ، كالإبل والحمير والبغال ؛ والفرش ما يؤكل لحمه ويحلب كالغنم . وبالقرآن سورة كاملة باسم « الأنعام » هي السورة السادسة في ترتيب المصحف .
والأنعام المقصودة :ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 143 ) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ( الأنعام 144 ) ، واثنان أي الذكر والأنثى ، فما انضاف إلى هذه من سائر الحيوان فيقال له أنعام بمجموعه معها ، ويخرج عن ذلك المفترس كالأسد ، وكل ذي ناب .
وبهيمة الأنعام : هي الراعي من ذوات الأربع ، وذوات الحوافر ليست منها ، لأنها وإن كانت راعية ، وغير مفترسة ، إلا أنه أفردها فقال :وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً( النحل 8 ) .
وقيل بهيمة الأنعام ما لم يكن صيدا ، لأن الصيد يسمى وحشا لا بهيمة .

   * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عبدالله المسافربالله

مُساهمة الخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:16 من طرف عبدالله المسافربالله

الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1190 إلى 1220 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

1212 - ( الأوّابون )

الأوّاب : هو التوّاب ، كلما ذكر ذنبه استغفر . وفي القرآن الأوّابون ثلاثة من الأنبياء :
داود ، وسليمان ، وأيوب ، فقال تعالى في داود :إِنَّهُ أَوَّابٌ( ص 17 ) ، وقال :يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ( سبأ 10 ) ،وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ( ص 19 ) ؛ وقال في سليماننِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ( ص 30 ) ؛ وقال في أيوب :إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ( ص 44 ) .
والأوّاب : من آب يئوب ، يقال له كذلك : إذا رجع ، وكان داود كلما تذكر ذنبا استغفر ، ونبينا صلى اللّه عليه وسلم كان يفعل أكثر من ذلك ، قال : « إني لأستغفر اللّه في اليوم والليلة مائة مرة » أخرجه مسلم . وداود سبّحت الجبال معه والطير ، يعنى رجّعت تسبيحه ، وكان يرنّمه وينشده ويعزفه على المزمار ، فتطرب الطير وتزدحم عليه .
وكان سليمان يدرك ذنبه مباشرة ويستغفر ويعاقب نفسه ، وامتدحه اللّه فقال « نعم العبد » ، ونعم لا تقال إلا للمبالغة في المدح ، ولم يوصف بها نبىّ إلا اثنان : سليمان وأيوب ، فأما سليمان فكان سريع الأوبة ، ولذلك قال فيه اللّه تعالى :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ( ص 40 ) والزلفى القربة ، وحسن المآب هو حسن المرجع ؛ وأما أيوب فكان صابرا وذهب مثلا في الصبر والاستغفار .
والأوّابون : هم المتّقون تزلف لهم الجنة ، كقوله تعالى :هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ( ق 32 ) وهو 
الرجّاع إلى اللّه والمسبّح . وقيل : الأوّاب الحفيظ : هو الذي لا يجلس مجلسا حتى يستغفر ، وإذا قام من مجلسه قال : « سبحانك اللّهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك » .
والأوّاب وعد الغفران ، كقوله :كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً( الإسراء 25 ) ، فكلما يذنب يتوب ، ثم يذنب ويتوب ، وهو لذلك أوّاب حفيظ ، يعنى في باله دائما ما أذنبه ، وهو دائما يستغفر عنه .
وفي الصحيح : « صلاة الأوّابين حين ترمض الفصال » ، وهي صلاة الضحى ، فمن يصليها كان من الأوّابين ؛ والفصال جمع فصيل ولد الناقة ؛ وترمض تبرك في الرمضاء ، أي الرمل يشتد حرّه فتحرق أخفاف الفصائل . وفي الحديث : « من حافظ على أربع ركعات من أول النهار كان أوّابا حفيظا » .

   * * * 

1213 - ( الأوّاه والأوّاهة )

الأوّاه : هو الكثير التأوّه من الذنوب ، يقول آه آه ، أو أوه أوه ؛ والوحيد من الأنبياء الذي وصف بأنه أوّاه هو إبراهيم في قوله تعالى :إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ( التوبة 114 ) ، وقوله :إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ( هود 75 ) ، فكان أوّاها لأنه كان شفيقا ، وكان إذا ذكرت النار يكثر التأوّه ، والمتأوّه : هو الباكي النادم المتضرّع الخاشع ، وآهاته : هي أن يقول آه ، ينطقها بحرقة . وعن أنس : أن امرأة تكلمت عند النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وكانت تتأوّه وتقول : آه آه ، فنهاها عمر ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « دعوها فإنها أوّاهة » ، قالوا : وما الأوّاهة ؟
قال : « الخاشعة » . والأوّاهة : هي المظلومة ، والتأوّه توجّع ، يقول الشاعر :
فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها * ومن بعد أرض بيننا وسماء
وربما تقلب الواو ألفا فيقال آه ، وربما تشدّد الواو وتكسر وتسكّن الهاء فيقال أوّه ، أو تشدّد وتفتح الواو فيقال أوّه ، وربما تحذف الهاء مع التشديد فيقال : أوّ من كذا ، أو تمدّ الألف فيقال آوه ، أو تضاف تاء فيقال أوّتاه . وكان إبراهيم من شدّة تأوّهه إذا قام يصلى يسمع وجيب قلبه .

   * * *

1214 - ( الإيلاء )

آلى يؤلى إيلاء ، وتألّى تألّياء ، وائتلى ائتلاء ، أي حلف ، ومنه قوله تعالى :لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 226 ) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( البقرة ) .
والإيلاء : كان في الجاهلية يستغرق السنة والسنتين ، وربما أكثر من ذلك ، يقصدون من ذلك إيذاء المرأة ، فوقّت لهم القرآن أربعة أشهر ، فمن آلى بأقل من ذلك فليس إيلاء حكمي . وقد آلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ، وسبب إيلائه : نساؤه ، فقد سألنه من النفقة ما ليس عنده ، وقيل : لأن زينب ردّت هديته ، فغضب وآلى منهن ، والصحيح أنهن 
اجتمعن وطالبن منه النفقة ، ولذلك آلى منهن ، ولو كان الأمر أمر زينب وحدها لآلى منها وحدها .
ويلزم الإيلاء كل من يلزمه الطلاق ، فالذي يؤلى يشترط فيه أن يكون بالغا ومتزوجا وغير سكران ، ولا يصح الإيلاء إلا باليمين باللّه ، لقوله صلى اللّه عليه وسلم : « من كان حالفا فليحلف باللّه أو ليصمت » أخرجه البخاري ، وكل يمين منعت جماعا فهي إيلاء ، أي أنه يحلف ألا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر ، فإن حلف على أربعة أشهر فما دونها لا يكون موليا وكانت يمينا محضا ، ولو وطئ في هذه المدة لم يكن عليه شئ كسائر الأيمان ، واللّه قد جعل التربّص في الإيلاء أربعة أشهر فصاعدا ، كما جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، والعدة ثلاثة قروء ، فيجب بعد المدة سقوط الإيلاء ، ولا يسقط إلا بالفىء وهو الجماع في داخل المدة ، أو الطلاق بعد انقضاء الأربعة أشهر ، ولا يشترط الغضب للإيلاء . وفائدة الأربعة أشهر أنها لتأديب المرأة بالهجر ، وقيل الأربعة أشهر هي التي لا تستطيع ذات الزوج أن تصبر عنها أكثر منها ، وقد سأل عمر النساء .
كم مقدار ما تصبر المرأة عن زوجها فقلن : شهرين ، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر ، وينفد صبرها في أربعة أشهر . والفيء في الآية هو الجماع ، وإذا فاء فلا كفارة عليه ، للحديث الذي يقول : « من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها ، فإنّ تركها كفارة » ، وإذا كفّر عن يمينه سقط إيلاؤه .
   * * *

1215 - ( البخل والشّحّ )

البخل منهىّ عنه ، يقول تعالى :وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ( آل عمران 180 ) ، ويقول :وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى( الليل 8 ) ، ويقول :فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ( 76 ) ( التوبة ) ، ويقول :تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ( محمد 38 ) ، ويقول :الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ( الحديد 24 ) ؛ وكذلك الشّحّ ، يقول تعالى :وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ( النساء 128 ) ، ويقول :وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( الحشر 9 ) ، ويقول :أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ( الأحزاب 19 ) .
والبخل والبخل في اللغة : أن يمنع الإنسان الحق الواجب عليه ، فأما من منع ما لا يجب عليه فليس ببخيل ، لأنه لا يذمّ بذلك .
وفي الرواية أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قال للأنصار : 
« من سيدكم » ؟ قالوا : الجدّ بن قيس - على بخل فيه . فقال : « وأىّ داء أدوى ( أقبح ) من البخل » ؟ قالوا وكيف ذاك يا رسول اللّه ؟ قال : « إن قوما نزلوا بساحل البحر فكرهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم ، فقالوا : ليبعد الرجال منا عن النساء حتى يعتذر الرجال إلى الأضياف ببعد النساء ، وتعتذر النساء ببعد الرجال ، ففعلوا وطال ذلك بهم ، فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء » ! !
والبخل بخلاف الشّحّ . وقيل : البخل : هو الامتناع من إخراج ما هو عندك ؛ بينما الشّحّ : هو الحرص على تحصيل ما ليس عندك .
وقيل : الشّحّ : هو البخل مع الحرص ؛ والبخل : منع الواجب ، والشح : منع المستحب . وفي الحديث : « ولا يجتمع شحّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدا » . وقيل : الشح أشدّ في الذمّ من البخل . وفي الحديث لمّا سئل صلى اللّه عليه وسلم : أيكون المسلم بخيلا ؟ قال : « لا » !

   * * *

1216 - ( البدعة والمبتدعة )

البدعة : ما أحدث على غير مثال سابق ، كقوله تعالى :وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها( 27 ) ( الحديد ) ، وقوله :ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ( الأحقاف 9 ) . والمبتدعة أصحاب البدع .
ومن يأثم بصاحب بدعة فعليه إعادة الصلاة ، فإن لم يظهر المبتدع بدعته فلا إعادة على المؤثم به ؛ وإن خاف المصلّى على نفسه من أهل بدعة صلى خلفهم ثم أعاد الصلاة . ولا يترك المسلم صلاة الجمعة والعيدين ولو صلى خلف إمام مبتدع أو فاسق .
وفي الصلاة على الميت فإن أحق الناس بالصلاة عليه من أوصاه بها ، فإن كان من المبتدعة لم يقبل المصلون وصية الميت ويقدّم عليه غيره . ولا يصلّى على مبتدع . ومن البدع المكروهة في الجنائز رفع الصوت ، ومسّ جسد الميت بالأيدي ، وتكره المجام فيها البخور ، واتباع النساء إذا كن نائحات ، ولا يزوّج أهل البدع . وطلاق البدعة : هو أن يطلق الرجل امرأته وهي في حيض أو طهر أصابها فيه . والتوبة من البدعة بالاعتراف بها ، والرجوع عنها ، واحتقار ضد ما كان يعتقد منها .

   * * *

1217 - ( البرّ والبرّ والأبرار )

البرّ من أسماء اللّه الحسنى ، وهو الذي يفعل البرّ ، ويحسن بالخير ، ولا يصدر منه القبيح . وهو تعالى البرّ ، يمنّ على السائلين بحسن العطاء ، وعلى العابدين بجميل الجزاء ، ولا يقطع الإحسان بسبب العصيان . ويأتي اسمه تعالى « البرّ » مرة واحدة في القرآن :إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ( الطور 28 ) ، قرأتها عائشة فدعت ربّها : اللّهم منّ علينا وقنا عذاب السموم ، إنك أنت البرّ الرحيم » ، لأنه الذي يحسن إلينا في الدنيا والآخرة ، ويؤتينا من لدنه الرحمة الواسعة . وحظّ العبد من اسمه تعالى « البرّ » أن تكون أعماله برّا ، ليعرف ربّه « البرّ » . وسبيل البار إلى اللّه « البرّ » هو البرّ . والبرّ يأتي ثماني مرات في القرآن ، وهو في التعريف ما يصنع البار بارا ، ويقابله الإثم ، كقوله تعالى :وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ( المائدة 2 ) ، ويقرن بالتقوى ، كقوله :وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى( المجادلة 9 ) فالبرّ في الأفعال كما هو في الأقوال ، ومن وجوهه في الأفعال قوله تعالى :لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ( آل عمران 92 ) ، وقوله :الْبِرَّ مَنِ اتَّقى( البقرة 189 ) ، فالإنفاق برّ . وكذلك التقوى برّ . 
وجماع الأمر في البرّ في الآية :الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ( 177 ) ( البقرة ) ، فهذه عشرة أبواب للبرّ . 
ومن الخبر : البرّ هو العمل الصالح ، وفي الحديث : « عليكم بالصدق فإنه يهدى إلى البرّ ، وإن البرّ يهدى إلى الجنة » .
وأبواب البرّ العشرة من حيّى بها وعاش لها وسلك بمقتضاها فهو من الأبرار ، سمّاهمعِبادُ اللَّهِ( الإنسان 6 ) ، ووصفهم فقال :يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ( 7 ) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً( 8 ) ( الإنسان ) وحالهم في البرّ قوله تعالى :إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً( الإنسان 10 ) ، ودعاؤهم فيه قوله :رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ( 193 ) ( آل عمران ) ، فلأنهم الأبرار كانوا المختصين بحقائق التوحيد ، والقائمين صلى اللّه عليه وسلم بشرائط التفريد ، والواقفين معه بخصائص التجريد ، فوصلوا إلى الثواب المقيم :نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ( 198 ) ( آل عمران ) ، وبقوا في الوصلة والنعيم ، كقوله تعالى :إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ( 13 ) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ( 14 ) ( الانفطار ) ، والفجّار نقيض الأبرار ، وما عند اللّه مما ادّخره للأبرار هو خير مما أملوه باختيارهم ، ومقامهم مع اللّه البرّ الرحيم هو مقام النعيم الدائم ، لهم فيه النضرة تعرف في وجوههم ، وهي من سمتهم والعلامة الدالة عليهم ، وهم اليوم في روح العرفان ، وراحة الطاعة والإحسان ، ونعمة الرضا ، وأنس القربة ، وبسط الوصلة ، وغدا سيكونون في الجنة ، ولهم ما وعدوا به من فنون الزلفة والقربة .
والأبرار واحدهم البرّ والبار ؛ والبرّ من امتثل أمره تعالى ؛ وتجمع البار على بررة ، نقول فلان يبرّ خالقه ويتبرره أي يطيعه ، والأم برة بولدها ، وعن ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « سمّاهم اللّه تعالى بررة ، لأنهم برّوا الآباء والأبناء » ، فكما أن للوالد حق على ولده :وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ( مريم 14 ) ،وَبَرًّا بِوالِدَتِي( مريم 32 ) ، فكذلك للولد حقّ على والده .
ومن المأثورات : البرّ لا يؤذى الذرّ - وهم الأولاد . وفي الحديث : « الأبرار الذين لا يؤذون أحدا » . ومن مأثورات الدعاء : « اللهم أنت البرّ الرحيم في برّك لمن زاد في شكرك .

وأنت البرّ بالمبارّ ، والرحيم بالأنوار . وأنت البرّ بما أوليت من الرضوان ، والرحيم بما أسديت من الغفران . وأنت البر بما وفّقت في المعاملات ، وأنت الرحيم بما حققت من المواصلات » .
   * * *

1218 - ( البشارة والنذارة )

يقول تعالى :وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ( البقرة 25 ) ، والتبشير هو الإخبار بما يظهر أثره على البشرة - أي ظاهر الجلد ، لأنه يتغير بما يرد على السامع من أخبار ، أو ما يبصر من مشاهد ، أو ما يطرأ على ذهنه من أفكار . والغالب أن البشارة تكون في السرور ، يقيده أو لا يقيده الخير المبشّر به ، فإذا كانت في الغمّ والشرّ تأتى مقيدة تنصّ على الشرّ المبشّر به ، كقوله تعالى :فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ( آل عمران 21 ) .
ومن البشارة البشرى : وهي ما يبلّغ به المبشّر ، كقوله :وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ( البقرة 97 ) . والبشير نقيض النذير ، كقوله :أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً( البقرة 119 ) ، وفي الجمع :فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ( البقرة 213 ) ، وفي المؤنث :الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ( الروم 46 ) تبشّر بالخبر لأنها تحمل المطر تنبت به الزروع ، ومنها الاستبشار ، كقوله :ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ( عبس 39 ) أي متفائلة ؛ والاستبشار هو التفاؤل ، كقوله :فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ( التوبة 111 ) .
وتتكرر مادة البشارة في القرآن 85 مرة ، ونقيضها النذارة ، وتأتى 123 مرة ، وفي سورة المرسلات تصنّف الملائكة أصنافا ، منها « الملقيات ذكرا » تختص بالتبليغعُذْراً أَوْ نُذْراً( المرسلات 6 ) ، يعنى إعذارا من اللّه أو إنذارا إلى خلقه ، ويعذر بالذكر إلى الناس من عذابه ، أو ينذر والمؤمنون ، أو أن العذر لهم ، والنذر لغيرهم . والعذر يكون للأولياء ، والنذر يكون للأعداء ، وهما بالتثقيل على جمع عاذر وناذر . والقرآن يحفل بالبشارة والنذارة ، كقوله :لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا( مريم 97 ) ، واللّدّ هم الصمّ عن الحق ، وقوله :إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ( فاطر 18 ) يقصد بهم الذين يقبلون الإنذار ولا يرفضونه ، وهؤلاء هم من يخشون العقاب ، كقوله :إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ( يس 11 ) . ومن المنذرين :أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها( الشورى 7 ) أي مكة ، وكل الدنيا من حولها ، باعتبارها تتوسط المعمورة بين القارات ، والَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً 
( الكهف 4 ) أي النصارى ، ولِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ( يس 70 ) .
والأنبياء هم حملة البشارة والنذارة ، كقوله تعالى :قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ( 11 ) ( إبراهيم ) ، وإلا ما كان البشر يستمعون إليهم ولا يقتدون بهم . وأولى الناس بالنذارة أقارب الأنبياء ( نوح 1 ) ، يبدءون بهم لأنهم أهلهم وخاصتهم . وموضوع النذارة : أن « لا إله إلا اللّه فاتقوه » ( النحل 2 ) ، ونذارات الأنبياء بلاغات من اللّه ( إبراهيم 52 ) ، والقاعدة أن لكل أمة نذير ( فاطر 24 ) ، وكلما جاء النذير الأمم زادوا نفورا ( فاطر 42 ) ، وكان نبيّنا محمد صلى اللّه عليه وسلم البشير والنذير للناس كافة ( سبأ 28 ) ، وذكره اللّه تعالى فقال :هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى( النجم 56 ) ، أي نذير بالحق الذي أنذر به الأنبياء قبله ، أو نذير بما أنذرت به الكتب الأولى . والنّذر في قول العرب بمعنى الإنذار ، كالنّكر بمعنى الإنكار .
وفي قوله :حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ( القمر 5 ) يقصد بالحكمة الدرس المستفاد من التاريخ ، عبّر عنه بالأنباء التي فيها مزدجر ، يعنى تزجرهم عن المراء والضلال . وفي تاريخ الأمم كما يروى القرآن حكمة وأي حكمة ، للمصدّقين ، وأما المنكرون فما تغنى النذر معهم مع إصرارهم على الإنكار والتكذيب . وقوله :فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ( القمر 21 ) سؤال فيه إقرار وتنبيه وتحذير ويجيء كالمثل .

   * * *

1219 - ( التوكّل والمتوكلون )

التوكّل : في اللغة إظهار العجز والاعتماد على الغير ؛ تقول تواكل فلان : إذا ضيّع أمره متّكلا على غيره . والتوكل يكون على اللّه كقوله تعالى :وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ( هود 88 ) أي عليه الاعتماد :إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ( يوسف 67 ) أي أحكامه وقضاؤه موثوق بهما ويعتمد عليهما . والتوكل من شأن المتوكلين ولا يأتيه إلا المؤمنون :وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( آل عمران 122 ) ، ولا يصح إلا مع الصبر :الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ( العنكبوت 59 ) ؛ وهو دليل الإيمان :وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( المائدة 23 ) ، ودليل الإسلام :فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ( يونس 84 ) ، واللّه وكيل على كل شئ :وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ( الأنعام 12 ) ، وهو الوكيل حقا :وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا( النساء 81 ) ، ووَنِعْمَ الْوَكِيلُ( آل عمران 173 ) . والتوكل : هو الرضا بما قسمه اللّه ، وقطع الطمع من المخلوقين ، وليس ترك الأسباب والركون إلى مسبب الأسباب ، فاللّه يدعو إلى العمل والاكتساب ، وفي الحديث : « إن اللّه يحب العبد المحترف » أخرجه أحمد .
والسعي لا بد منه وهو من الأسباب ، 
غير أن المتوكل لا يلتفت بكل قلبه إلى الأسباب ، وينشغل بها عن مسبب الأسباب ، فعندئذ يزول وينسلخ عنه اسم المتوكل . والأسباب لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا ، بل السبب والمسبب فعل اللّه ، والكل منه وبمشيئته تعالى . ولم يخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من التوكل بإخفائه الخروج من مكة واستئجاره الدليل ، واستكتامه الأمر ، واستتاره في الغار ، فليس من ضرورة التوكل قطع الأسباب ، ولو أن إنسانا جاع فلم يسأل حتى مات دخل النار .
والمتوكلون على حالين : الأول : حال المتمكّن في التوكّل فلا يلتفت إلى شئ من تلك الأسباب بقلبه ؛ والثاني : حال غير المتمكّن ، وهو الذي يقع له الالتفات إلى تلك الأسباب أحيانا .
   * * *

1220 - ( التيمم )

التيمم مما خصّت به أمة الإسلام ، توسعة عليها ، وفي الحديث : فضّلنا على الناس بثلاث : جعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعلت تربتها لنا طهورا . . . » الحديث . والتيمم في اللغة : هو القصد ، تقول تيممت الشيء : قصدته ؛ وتيممت الصعيد : تعمدته ؛ وتيممته برمحي وسهمى : قصدته . وقوله تعالى :فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً( النساء 43 ) أي اقصدوا ، ثم كثر استعمالهم لهذا المصطلح القرآني البحت حتى أجيز التيمم : يعنى مسح الوجه واليدين بالتراب ، وهذا هو التيمم الشرعي .
وآية التيمم هي الآية :وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً( النساء 43 ) ، نزلت في عائشة لما أضاعت قلادتها وكانت لأختها أسماء بنت أبي بكر ، فبعث النبىّ صلى اللّه عليه وسلم رجالا يبحثون عنها ، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ، ولم يجدوا ماء ، فصلّوا وهم على غير وضوء ، وأنزل اللّه آية التيمم .
وقيل الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف أصابته جنابة وهو جريح فرخّص له أن يتيمم ، ثم صارت الآية عامة في جميع الناس .
وقيل : إن المكان الذي كان فيه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقت أن نزلت آية التيمم يقال له الصلصل ، وقيل إن عائشة فقدت قلادتها أو عقدها في ليلة الأبواء وهي قرية بين المدينة والجحفة .
وقد روى أن أصحاب النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أصابتهم جراحة نفشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة ، فشكوا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، مع عدم وجود الماء ، فنزلت الآية . وقيل : إن الجراحة كانت بسبب غزوتهم المريسيع التي قفلوا منها ، وكانت الغزوة في شعبان في السنة السادسة من الهجرة . وقيل إن آية المائدة هي آية التيمم ، والصحيح أنها آية الوضوء وفيها عن 
التيمم أيضا ، تقول :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( المائدة 6 ) ، ولا يذكر التيمم إلا في هاتين الآيتين ، والنساء أسبق في النزول من المائدة ، إذ أن ترتيب النساء في النزول السادسة ، بينما المائدة السادسة والعشرون ، وعلى ذلك فإن حكاية عقد عائشة ترتبط بسورة النساء وليس بسورة المائدة ، وربما الحكاية لا أصل لها ولكنه توالى التشريع ، فبعد الوضوء بالماء كان التيمم بلا ماء .
والتيمم أصلا بالتراب أو بالرمل ، وقد تيمم الرسول صلى اللّه عليه وسلم بأن مسح يديه على الجدار .
والصعيد الطيب هو التراب الطاهر ، والمسح على الوجه واليدين هو جرّ اليدين على الممسوح ، وإذا وضع المتيمم يديه على التراب ينفضهما ثم يمسح بهما ، ويبلغ في اليدين إلى أنصاف الذراعين ، وقيل إن ضرب التراب باليدين إنما هما ضربتان ، ضربة للوجه ، وضربة لليدين ، وقيل بضربة واحدة .
   * * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1121 إلى 1245 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الحادي عشر مصطلحات من القرآن من 1146 إلى 1278 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب السابع عشر العبادات الحادي عشر الذكر والتسبيح والدعاء من 1961 إلى 2001 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1419 إلى 1435 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم ثانيا علم النفس في القرآن من 1436 إلى 1461 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى