المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم :: القرآن الكريم و علومه :: موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحنفي
صفحة 1 من اصل 1
08112023
الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
موسوعة القرآن العظيم ج 2 د. عبد المنعم الحفني
1130 - ( سورة آل عمران )
* الآية :لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ( 28 ) ( آل عمران ) :قيل : إن دعوى النسخ على قوله عزّ وجلّ :إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً. وقيل : إنها نسخت بآية السيف ، فلا تقاة من مشركين بل قتال معهم . وقيل : إن المراد من الآية جواز اتقاء العدو إذا أكره المؤمن على الكفر ، بالقول الذي لا يعتقده ، وهذا الحكم باق غير منسوخ ، فالتّقيّة باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية للّه ، فتكلم به مخافة الناس ، إلا أن قلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضرّه . وقيل : التّقيّة لم تنسخ ، وهي جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة .
* والآية :قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً( آل عمران 41 ) : قيل : إن الحديث : « لا صمتّ يوما إلى الليل » قد نسخ هذه الآية ، ونسخ إباحة الصمت ، ولا تنسخ السنّة القرآن ، ثم إن الآية خبر ، والخبر لا يقبل النسخ ، وما تقرره الآية إنما هو ما قضى اللّه به على نبيّه زكريا : أنه سيرزقه بيحيى رغم أن امرأته عاقر ، فكيف يكون هذا منسوخا ؟ .
* والآية :كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ( آل عمران 86 ) : قيل : نسختها الآية بعدها :إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا( آل عمران 89 ) ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا ، والآية على ذلك محكمة .
* والآية :وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا( آل عمران 97 ) : قيل : تدل الآية على وجوب الحج على جميع الناس ، الغنى والفقير ، والقادر والعاجز ، ثم نسخ ذلك في حق عديم الاستطاعة ببقية الآية : « من استطاع إليه سبيلا » وهذا غير صحيح ، لأن تقدير الآية : وللّه على من استطاع من الناس الحج - أن يحج ، وإذن فلا نسخ .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( 102 ) :
قيل : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول اللّه ، من يقوى على هذا ؟ وشقّ عليهم ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ :فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ( التغابن 16 ) فنسخت هذه الآية ، وليس في آل عمران من المنسوخ شئ إلا هذه الآية . والصحيح أن آية سورة التغابن بيان لآية سورة آل عمران ولم تنسخها ، والمعنى : فاتقوا اللّه حقّ تقاته ما استطعتم . وإذن فالآيتان يمكن الجمع بين معنييهما ، وما كان من الممكن الجمع بين معانيه فليس فيه نسخ ، لأن النسخ لا يكون إلا عندما لا يمكن الجمع بين الناسخ والمنسوخ .
* والآية :لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ( 128 ) :
قيل : إن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم في أحد لمّا كسرت رباعيته وشجّ في رأسه فجعل يسلت الدم ، قال : « كيف يفلح قوم شجّوا رأس نبيّهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى اللّه ؟ » . والرباعية :
السن التي بين الثنية والناب . فهمّ أن يدعو عليهم ، فأنزل اللّه الآية ، فلمّا نزلت الآية علم أنهم سيسلمون من بعد ، وقد أسلموا ، ومنهم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل. ولمّا أطمع في ذلك قال : «اللهمّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
وقيل : إن هذه الآية ناسخة للقنوت الذي كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يلعن فيه بعض أعدائه بعد الركوع في الركعة الأخيرة من الصبح . وليس هذا موضع نسخ ، وإنما نبّه اللّه تعالى نبيّه على أن الأمر ليس إليه ، وأنه لا يعلم من الغيب شيئا إلا ما أعلمه به اللّه ، فلا نسخ .
* والآية :وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ( آل عمران 159 ) : قيل : نسختها آية السيف ، وهذا غير صحيح ، لأن الآية عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مع المؤمنين بعد أحد ، ولا قتال مع المؤمنين ، والكلام مع هؤلاء بالقول الحسن . والآية في وصف أخلاق النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ولا ينافيها ما تأمر به آية السيف من القتال ، فإنما شرّع القتال لإحقاق الحق وإعلاء الفضائل والقيم ومكارم الأخلاق .
* والآية :وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ( 186 ) : قيل : إن آية القتال نسخت هذه الآية ، والأظهر أنها ليست بمنسوخة ، فإن الجدال بالأحسن ، والمدارة أبدا ، مندوب إليهما ، وكان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم مع الأمر بالقتال يوادع اليهود ويداريهم ويصفح عن المنافقين . ثم إن الصبر المطلوب في الآية والذي يقال إنه نسخ هو صبر على سماع الأذى ، فهل ذلك خطأ ؟ أليس القتال محتاجا دائما للصبر ؟
* * *
1131 - ( سورة النساء )
* الآية :وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ( النساء 2 ) ، قيل : إن النهى فيها عن أكل أموال اليتامى بضمها إلى أموالهم قد نسخ ، وأن ناسخه قوله تعالى :وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ( البقرة 220 ) . وقيل إن الآية :وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْنزلت عندما نزلت آيتان أخريان هما قوله :وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ( الأنعام 152 ) ، وقوله :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً( 10 ) ( النساء ) ، فهل نسخت هاتان الآيتان أيضا بآية البقرة ؟ وقيل : الآية لا يجوز فيها ناسخ ولا منسوخ ، لأنها خبر ووعيد ونهى عن الظلم والتعدي ، فمحال نسخ ذلك . وجميع هذه الآيات لا يراد بها عزل طعام اليتيم وشرابه عن طعامهم وشرابهم ، وإنما التأكيد على أن المخالطة بقصد الإصلاح ليست محرمة عليهم ، وأن فيها توسعة من حرج ، وفيها ترخيص وتيسير عليهم ، فهل تبدو شبهة تعارض بين هذه الآيات الأربع مع أنها كلها تلتقى عند وجوب رعاية اليتيم وحفظ أمواله ؟* والآية :وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا( 3 ) ( النساء ) :
قيل : إنها نسخت ما كان الناس يفعلونه في الجاهلية وفي صدر الإسلام ، حيث كان لهم ما يشاءون من الحرائر ، فنسخ اللّه ذلك بالقرآن والسنّة والعمل ، فلم يعد يحلّ لأحد فوق أربع من النساء ؛ والسؤال الذي استوجب نزول الآية كان عن اليتامى وليس عن عدد النساء ، فالآية لم ترفع حكما شرعيا سابقا ، وما دام الإسلام لم يشرّع حكما قبل هذا الحكم ، فلا يعتبر ذلك نسخا .
* والآية :وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ( النساء 6 ) :
قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ( النساء 29 ) ؛ وقيل : نسختها الآية :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً( 10 ) ( النساء ) ؛ وقيل : « فليأكل بالمعروف » منسوخة بقوله :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً . . .، فكيف ينسخ الظلم المعروف ؟ وأين من الأكل بالمعروف ، الأكل ظلما ؟ والآية لذلك محكمة لا تعارضها آية أخرى ، وحكمها لم يرفع .
* والآية :لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً( 7 ) : قيل : إنها منسوخة بالآيات الثلاث بعدها 11 و 12 و 176 من السورة ، والصحيح أن هذه الآيات تفصّل الإجمال الذي قررته الآية الأولى ولا تنسخها .
* والآية :وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً( 8 ) ( النساء ) : قيل : نسختها آيتا الميراث والوصية ، والصحيح أنها محكمة وليست بمنسوخة ، وتعطى أولى القربى واليتامى والمساكين الحاضرين لقسمة التركة شيئا منها ، وهذا الحكم باق على وجه الندب ، ولا تعارض ولا نسخ .
* والآية :وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً( 9 ) : قيل : الخطاب في الآية لأولياء اليتامى ، وتأمر بإجراء الوصية على ما رسم الموصون دون تعديل ولو كان فيها جنف أو إثم ؛ وقيل : الآية لذلك ينسخها قوله :فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ( البقرة 182 ) ، وهذا التأويل متكلّف فإن الخوف من عدم تنفيذ الوصية كما هي لا يماثل الخوف على الأولاد الضعاف يخلفهم المورث وراءه .
* والآية :إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً( 10 ) ( النساء ) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ( البقرة 220 ) ، والحقيقة أنها لم تنسخها ، فآية سورة البقرة تتحدث عن معاملة اليتامى المعاملة الواجبة ، وآية سورة النساء تتوعد من يأكل أموالهم ظلما ، ولا تعارض بين الآيتين .
* والآية :وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ( 15 ) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما: قيل : نسختها آية الزنا :الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ( النور ) ، والصحيح أنه لا نسخ ولا تعارض ، لأنوَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْعن السحاق بين الإناث ، وكذلك الآية :وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُماعن اللواط بين الذكور ، وكلّ من السحاق واللواط ليس بزنى ، وحكم السحاق مختلف عن حكم اللواط ، والاثنان يختلف حكمهما عن حكم الزنى .
* والآية :وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ( النساء 22 ): قيل : نسختها بقية الآية :إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا.
* والآية :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ( النساء 23 ): قيل : نسختها بقية الآية :إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا.
* والآية :فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً( النساء 24 ) : قالوا : نسختها الآية الأولى من سورة الطلاق ، أو آية ميراث الزوجين ، أو نسختها السنّة ، أو نسختها تلك الآيات والسنة جميعا . وفسّروا الاستمتاع بأنه زواج المتعة ، وهو أن يقول لها : أتزوجك يوما أو ما أشبه ذلك ، على أن لا عدّة لها ، ولا ميراث بينهما ، ولا طلاق ، ولا شاهد يشهد على ذلك ، وهذا هو الزنا بعينه . وأهل العلم على أن الاستمتاع في الآية هو الوطء في النكاح الصحيح ، فيؤتيها مهرها إذا دخل بها ، كقوله :وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً( النساء 4 ) ، والأجور والصدقات كلاهما هو المهور ، والآية لم تنسخ وهي محكمة ، ولا علاقة لها بنكاح المتعة ، وإنما هي تتكلم عن الدخول بالزوجة .
* والآية :وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ( النساء 24 ) : قيل : المشار إليه فيها هو المحرّمات من النساء ، قالوا : الآية منسوخة بالحديث : « لا يجمع بين المرأة وعمّتها ، ولا بين المرأة وخالتها » ، والقرآن لا تنسخه السنة ، لأنها ليست في الثبوت متواترة اللفظ والمعنى مثله ، إلا أن الحديث تخصيص لعموم الآية وليس نسخا لها .
* والآية :وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ( النساء 25 ) : قيل : نسختها الآية نفسها بقوله تعالى :ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ( النساء 25 ) ، وهذا ليس نسخا ، لأنه شرط لنكاح الإماء المؤمنات .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ( النساء 29 ) : قيل : نسختها بقية الآية :إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ( النساء 29 ) ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا .
* والآية :وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ( النساء 33 ) : قيل : لما نزلت :وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَنسختهاوَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ. وقيل : إن الآية الناسخة لقوله :وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْقوله تعالى :وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ( الأنفال ) . وقيل الآية :وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْمحكمة وليست بمنسوخة ، وإنما أمر اللّه تعالى أن يوصى لهم ؛ والجمع ممكن بين الآيتين ومن ثم فلا ناسخ ولا منسوخ .
* والآية :فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً( 63 ) : قيل : نسختها آية السيف ، مع أن الكلام عن المنافقين ولا يجب قتالهم لأنهم مسلمون بحسب الظاهر ، وإنما يجب أن يوعظوا ويذكّروا بعذاب اللّه ، فإن أصروا على أفعالهم وجب الإعراض عنهم وترك الانتقام منهم إلى اللّه تعالى ، فالأمر بقتال المشركين بآية السيف لا علاقة له بوعظ المنافقين ثم الإعراض عنهم في حالة إصرارهم .
* والآية :وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً( 64 ) ( النساء ) : قيل : نسخها قوله تعالى :اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ( التوبة 80 ) ، وهذا غير صحيح ، لأن معنى آية التوبة أنهم لا يغفر لهم لنفاقهم ، وأما معنى آية النساء أن استغفارهم واستغفار الرسول صلى اللّه عليه وسلم لهم يرفع عنهم الإصر ، فلا وجه للنسخ .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً( 71 ) ( النساء ) :
قيل : نسخها قوله تعالى :وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ( التوبة 122 ) ، وهذا غير جائز، لأن الآية الأولى عن النفير العام ، والآية الثانية عن النفير لطلب العلم لا للقتال.
وقيل إن الآية :فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً( 71 ) ( النساء ) منسوخة بقوله تعالى :انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا( التوبة 41 ) ، وبقوله :إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ( التوبة 39 ) ؛ وقيل : إن الآية :وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً( التوبة 122 ) ، تنسخ الآية الأخرى :إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ( التوبة 39 ) ، والصحيح أن الآيات جميعها محكمة ، فالأولى : المقصود بها أن ينفروا في شكل سرايا الواحدة تلو الأخرى ، أو في شكل جيش عام ؛ والثانية : أن ينفروا خفافا وثقالا من جهة الإعداد العسكري بالعتاد والمؤن والسلاح والأنفار وغير ذلك ؛ فإما يكونون في شكل وحدات خفيفة ، أو وحدات مزوّدة بمعدات ثقيلة ؛ والآية الثالثة : يتوعد اللّه تعالى من لا يخرج للقتال بالعذاب سواء في الدنيا أو في الآخرة ؛ والآية الرابعة : تسقط الخروج للقتال عن الكافة وتجعله لمن تحتاجه المعركة من أعداد للمقاتلين ، وكفاءاتهم ونوعية القتال الذي سيدخلونه .
* والآية :فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ( النساء 81 ) : قيل : الآية نسختها آية السيف ، إلا أنها محكمة وتتحدث عن المنافقين وكيدهم ، فلا ينسخها الأمر بالقتال ، لأنهم لا يقاتلون وإنما يوعظون ويعرض عنهم ويترك أمرهم للّه تعالى .
* والآية :فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ( النساء 84 ) :
قيل : نسختها آية السيف ، والذي قال ذلك فهم الآية أن لا تكلف أن تقاتل أحدا ، وليس المعنى كذلك ، وإنما المعنى : لا تكلف في الجهاد إلا فعل نفسك .
* والآية :وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً( 93 ) : قيل : نسختها الآية :وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ( النساء 116 ) ، والصحيح أنها محكمة ولم تنسخ ، لأن القتل العمد موضع تخصيص ، والمغفرة موضع عموم ، والعام لا ينسخ الخاص ، ثم إن آية القتل العمد الجزاء فيها لمن لم يتب وأصرّ على الذنب حتى وافى ربّه على الكفر بشؤم المعاصي ، والجمع بين الآيتين ممكن فلا نسخ ولا تعارض ، فيحمل مطلق آية النساء على مقيد آية الفرقان ، فيكون المعنى : فجزاؤه كذا إلا من تاب .
* والآية :إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ( 90 )سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً( 91 ) ( النساء ) : قيل : نسخت الآيتان بقوله تعالى :فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْإلى قوله :فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 5 ) ( التوبة ) وهي المشهورة بآية السيف . والصحيح أن الآيتين نزلتا في بنى خزيمة وبنى مدلج ، وهؤلاء عاقدوا حلفاء المسلمين من خزاعة ، فنهى عن قتلهم . ونزلت آية السيف بعد ذلك بعد إسلام الذين ذكرناهم ، فلا مجال للقول بنسخها .
ونزلت آية السيف أيضا في قوم مخصوصين ، ولم تنبذ كل المعاهدات ، والآيتان محكمتان إذن .
* والآية :وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا( النساء 101 ) : المراد بها المنع من قصر الصلاة إلا في الخوف ، وقيل :
هي منسوخة بالسنّة ، لأن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم قصر في غير الخوف ، وفعله إذن ناسخ للآية . والآية ليس فيها منع للقصر في الأمن ، وإنما فيها إباحة القصر في الخوف فقط . والقصر سواء في الخوف أو في الأمن أجازه النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وقال فيه : « صدقة تصدّق اللّه بها عليكم فاقبلوها » ، ولم يقل قد نسخ ذلك ، وإنما نسبه إلى الرخصة ، فصحّ قول من قال : قصر صلاة السفر بالسنّة ، وقصر صلاة الخوف بالقرآن .
* والآية :إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً( 145 ) : قيل :
نسختها الآية بعدها :إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ( النساء 146 ) ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا .
* * *
1132 - ( سورة المائدة )
* الآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ . . .( المائدة 2 ) : قيل : نسختها الآية :وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ؛ وقيل : لم ينسخ من ذلك شئ إلا القلائد التي كانت في الجاهلية يتقلدونها من لحاء الشجر . وقيل : النسخ بالنظر إلى أنه قد أحلّ قتال أهل الشرك في الأشهر الحرم وغيرها من شهور السنة ، ولو قلد المشرك عنقه أو ذراعيه لحاء جميع أشجار الحرم لم يمنع ذلك من قتله إذا لم يكن قد عقد ذمة من المسلمين أو أمانا . غير أنه قد ورد عن عائشة أن سورة المائدة لم ينسخ منها شئ وهي آخر سورة نزلت ، ويبطل القول أن الآية فيها منسوخ ، أو أن سورة المائدة كلها فيها منسوخ .* والآية :وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ( المائدة 5 ) : قيل : نسختها آية السيف :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( التوبة 5 ) ، والهدى ما أهدى إلى بيت اللّه من ناقة أو بقرة أو شاة ، والقلائد كل ما علق على أسنمة الهدايا وأعناقها ، وهي سنّة البقر والغنم ، والصحيح أن الآية لم تنسخ لأن الذي يهدى ويقلّد مسلم ، فلما ذا يحسب ضمن المشركين ؟ وإن كان المقصود الكفار القاصدين البيت الحرام على جهة التعبّد والقربة فإنه لم يعد لمشرك أن يدخل المسجد الحرام ، بقوله تعالى :فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا( التوبة 28 ) ، والصحيح أن الآية محكمة ولم تنسخ ، وهي في المسلمين ، وقد نهى اللّه عن إضافة من يقصد بيته الحرام من المسلمين ، والنهى عام في الشهر الحرام وفي غيره ، وخصّ الشهر الحرام بالذّكر تعظيما وتفضيلا .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ( المائدة 6 ) : قالوا : إنها توجب الوضوء عند كل صلاة ، ثم نسخ بالسنّة عام الفتح فلم يعد الوضوء واجبا وإنما إذا أحدث ، وهذا غير صحيح ، لأن الآية توجب الوضوء على الذين ليسوا على وضوء وليس على من هم على وضوء . وقيل : الوضوء فرض بعد حدث ، وهو ندب لمن كان على طهر ، ولذلك كان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة قبل فتح مكة ، ثم صلى يومئذ الصلوات كلها بوضوء واحد ، ليعلّم أمته أن ما كان يفعله من تجديد الطهر لكل صلاة ، إنما كان منه أخذا بالأفضل ، لا على أنه كان فرضا واجبا .
* والآية :فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ( المائدة 13 ) : قيل : نسختها آية السيف التي تقول :وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ( النساء 91 ) ، أو الآية :وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ( الأنفال 58 ) ، والصحيح أنها لم تنسخ ، ولا تعارض بين الآيتين ، ولكل آية معناها ومجالها . وهذه الآية تدعو إلى العفو عن اليهود من بنى النضير الذين همّوا أن يقتلوا النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حينما جاءهم يستعينهم في دية العامريين ، فأطلعه اللّه على ما بيّتوا النية عليه ، وبيّن أن هذه هي طريقتهم في الغدر والخيانة في أولهم وآخرهم ، ولا تزال تطّلع منهم على الخيانة والغدر ونقض العهد . والعفو والصفح هو عين الظفر كقول القائل : ما عاملت من عصى اللّه فيك بمثل أن تطيع اللّه فيه ، لعل ذلك يؤلف قلوبهم ويهديهم إلى الإسلام . وهل كان يمكن حينئذ فعل شئ أكثر من ذلك ، وخاصة أنه لم يؤمر وقتها بقتالهم ؟ فلا موجب إذن للنسخ ، فإن اختلفت الأمور من بعد واستوجبت معاملة مختلقة معهم فليس هذا بنسخ للآية ، لأنها متوافقة مع ظرفها ، وكل آية في مجالها وسياقها صحيحة ومحكمة ، وللرسول صلى اللّه عليه وسلم أن يعفو عنهم في غدرة فعلوها طالما أنهم لم ينصبوا حربا ، ولم يمتنعوا عن أداء الجزية .
* والآية :إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً . . .( المائدة 33 ) : قيل : إنها نزلت في العرنيين في السنة السادسة للهجرة ، وكانوا قد قتلوا رعاة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم واستاقوا النّعم ، ولما أمسك بهم المسلمون وشرعوا في الاقتصاص منهم ، نزلت الآية :إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 34 ) ( المائدة ) فنسخت فعل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم فيهم ؛ والصحيح أنها لم تنسخ هذا الفعل ، لأن الآية الأولى حكم في محاربين مؤمنين خرجوا على الإسلام ، والمعول عليه أن من يؤمن بعد القدرة عليه لا يقتل ، إلا أن المحارب المؤمن لا يسقط الحدّ عنه بعد القدرة عليه ، لأنه متّهم بالكذب في توبته والتصنّع فيها إذا نالته يد القانون ، وعلى ذلك فالآية الثانية لم تنسخ الأولى . ثم إن الآية الناسخة استثناء ، والاستثناء لا يعتبر ناسخا .
* والآية :فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ( المائدة 42 ) : قيل : نسختها :فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ( المائدة 48 ) أي نسخ التخيير في الآية الأولى ، وليس ذلك صحيحا ؛ لأن السياق يعنى أن يحكم بينهم بحكم شريعتهم وليس بشريعة الإسلام - والكلام عن أهل الكتاب ، وبحسب آية التخيير فالحاكم مخيّر بين أن يحكم بينهم وبين أن يعرض عنهم ، فإن كان الأمر بين مسلم وذمّى فيحكم بالنسبة للمسلم ، وإن كان بين ذميّين فلا يحكم بينهما إلا إذا قبلا ذلك ، وفي كل الأحوال فإن حكم فهو بما أنزل اللّه ، وإن أعرض لم يخالف أمر اللّه ، وعلى ذلك فالآيتان تكملان بعضهما البعض .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ( المائدة 106 ) : قيل : نسخت :أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْبقوله :وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ( الطلاق 2 ) . والصحيح أنه لا نسخ ، لأن الآية الأولى خاصة بما إذا نزل الموت بأحد المسافرين وأراد أن يوصى ، فإن الوصية تثبت بشهادة اثنين عدلين من المسلمين أو غيرهم توسعة على المسافرين ، فأما في الظروف العادية ، فالآية الثانية هي القاعدة .
* * *
1133 - ( سورة الأنعام )
* الآية :قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ( 66 ) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أنها لم تنسخها ، وأنها محكمة ، لأنها تخبر أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم ليس حفيظا عليهم ، والأخبار لا يجوز أن تنسخ .* والآية :وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( 68 ) : قيل : نسختها آية السيف ، والمراد بالخوض التكذيب ، والإعراض هو المقصود بالنسخ بآية السيف ، يعنى بدلا من الإعراض يكون القتل . غير أن الإعراض غايته أن يجبرهم على أن يخوضوا في حديث غيره ، والسرّ في ذلك أنهم كانوا يكرهون قيام النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عنهم ، فقال لهم : إذا خاضوا في آيات اللّه ، فقم عنهم ، ليتقوا الخوض فيها ويتركوا ذلك . ودعوى النسخ إذن باطلة لأنه لا موجب لها .
* والآية :وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ( 69 ) ( الأنعام ) : قيل : نسخ هذا بقوله :وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ( النساء 140 ) ، والصحيح أن الآية محكمة وليست منسوخة ، ولا تعارض بين الآيتين ، فالآية خبر ، والمعنى : ما عليكم من شئ من آثامهم ، إنما يلزمكم تذكيرهم .
* والآية :وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ( 106 ) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ( 107 ) : قيل : نسختها آية القتال ، والآية محكمة ، وهي خبر ولا ينسخ الخبر ، وتقرّر أن اللّه لو شاء لهم ألّا يشركوا ما أشركوا ، وأن رسوله ليس حفيظا عليهم ولا وكيلا عنهم .
* والآية :وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ( الأنعام 108 ) : قيل : الآية نسختها آية السيف ، والذي يسبّ اللّه يستحق العقاب ، إلا أن الآية محكمة ولم تنسخ ، ولا مسوّغ لسب آلهتهم ما دام هذا سيقابل بمثله فيسبّوا اللّه ونبيّه .
والنهى عن سب آلهتهم قائم حتى لو قتلناهم . وعدم سبّ آلهتهم هو من باب ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها ، ومثله قوله صلى اللّه عليه وسلم : « ملعون من سبّ والديه » ، قالوا : وكيف يسبّ الرجل والديه ؟ قال : « يسبّ أبا الرجل ، فيسبّ أباه ، ويسبّ أمه فيسبّ أمه » . وحيث لا تعارض بين النهى عن سبّ آلهتهم ، والأمر بقتلهم في آية السيف ، فلا مقتضى للنسخ .
* والآية :وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ( الأنعام 141 ) : قيل : نسختها آية الزكاة في قوله :خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً( التوبة 103 ) ، وقوله :وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ( البقرة 110 ) ، والصحيح أنه لا نسخ ، لأن الآية تعنى أن للفقراء حقا في المال سوى الزكاة ، أمر اللّه به ندبا ، فإذا حصد المزارع زرعه ، فحضره المساكين ، فليطرح عليهم من السنبل ، وإذا جذّ فليلق عليهم من الشماريخ ، وإذا درس فليطرح لهم منه ، فأما لو عرف كيله فليخرج منه زكاته .
* والآية :قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 145 ) ( الأنعام ) : ومنشأ دعوى النسخ في الآية أنها حصرت المحرّم أكله من الحيوان فيما ذكرته ، وقالوا : نسختها الآية :حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ( المائدة 3 ) ، فأضيف بعض ما حرّم بهذه الآية إلى ما حرّم بآية الأنعام ، وسموا ذلك نسخا لها أو لأسلوب الحصر فيها . والصواب أن الآية محكمة وليست منسوخة ، وآية المائدة داخلة فيها ولا تتعارض معها ، فالمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنطيحة من الميتة . ومن الفسق ما أهلّ به لغير اللّه ، وما ذبح على النصب . وأما الدم ولحم الخنزير فقد ذكرتها المائدة ، وقيّد الدم بأن يكون مسفوحا ، وهو شرط لا بدّ منه للتحريم . وأما الذين قالوا إنها منسوخة بالسنّة ، فالسنة لا تنسخ القرآن ولكنها تبيّنه .
وأسلوب الآية يسمح بإضافة محرمات جديدة إلى ما حرمته في قوله :قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً . . ..
* * *
1134 - ( سورة الأعراف )
* الآية :خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ( 199 ) : قيل : الآية أولها منسوخ ، وآخرها منسوخ ، ووسطها محكم ؛ فأولها :خُذِ الْعَفْوَنسخته آية الزكاة ، وآخرها :وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَنسخته آية السيف ، وأما وسطها فهو محكم . ومع أن الآية نزلت لسؤالهم عن النفقة :وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ( البقرة 219 ) فإنها في أخلاق الناس ، ومعنىخُذِ الْعَفْوَأي السهل من أخلاق الناس ، فلا تغلظ عليهم ، ولا تعنف بهم ، فتكون الآية غير متعارضة مع آية الزكاة ، ولا موجب للنسخ . وأما قوله :وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ، فهي تأديب منه تعالى لخلقه ، باحتمال من يظلمونهم ويعتدون عليهم ، وليس الجهل هنا هو جهل الواجب تجاه اللّه ، أو الجهل الذي نقيضه من يظلمونهم ويعتدون عليهم ، وليس الجهل هنا هو جهل الواجب تجاه اللّه ، أو الجهل الذي نقيضه العلم ، وإنما هو السفه والعدوان ، ودعوى النسخ فيها إذن ظاهرة البطلان ، والآية على ذلك محكمة دون فرق بين أولها ووسطها وآخرها . * * *
1135 - ( سورة الأنفال )
* الآية :قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ( الأنفال 1 ) : قيل : لمّا نزلت آية الأنفال قسم الرسول صلى اللّه عليه وسلم الغنائم يوم بدر من غير أن يخمّسها ، ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس :وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ . . .( الأنفال 41 ) ، فنسخت الأولى ، والصحيح أنها لم تنسخها بل هي آية محكمة ، وآية الأنفال أصلها عن جماع الغنائم ، وآية الخمس مخصوص بها من نزلت فيهم وجرت به السنّة ، والغنائم في الآيتين لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وليست مقسومة بين الغانمين ، ومن بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإن الغنائم للدولة . والآية الأولى أجملت الجواب عن سؤالهم عن الأنفال ، والآية الثانية فصّلت هذا الإجمال فقررت أن الغنيمة توزع أخماسا .* والآية :ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ( الأنفال 67 ) : قيل :
نسختها الآية :حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً( محمد 4 ) ، والصحيح أنها لم تنسخها ، لأن الآية الأولى كانت عن بدر ، وكانت لبدر ظروفها ، والمسلمون قلة ، فلما كثروا واشتد سلطانهم نزلت الآية الأخرى .
* والآية :وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ( الأنفال 16 ) : قيل :
هي منسوخة بقوله تعالى :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ( الأنفال 65 ) ، والصحيح أن الآية الأولى فيها عموم ، قد خصّص بما في الآيتين ، فلم يعد كل من يولى الكفار دبره في القتال مستحقا للوعيد الذي في الآية ، وإنما قصر هذا الوعيد على من فرّ أمام عدو يزيد على مثليه بمقتضى ثانية الآيتين ، وهذا تخصيص وليس نسخا .
* والآية :قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ( 38 ) : قالوا : هي منسوخة بقوله تعالى :وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 39 ) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ( 40 ) ( الأنفال ) ، فقد فسّروا الانتهاء بالمهادنة أو ما يشبهها مع البقاء على الكفر ، ورأوا في الآية إقرارا للكفّار على كفرهم إذا لم يعادوا المسلمين ولم يقاتلوهم ، ثم وجدوا الآية التي تليها صريحة في الأمر بمقاتلتهم إلى أن يسلموا كي لا تكون هناك فتنة ، ويكون الدين للّه ، وهذا في فهمهم معارض لما قررته الآية الأولى من مهادنة الكفار على كفرهم ، فهو إذن ناسخ له . غير أن من قالوا بذلك لم يلتفتوا إلى الوعيد إلى جانب الوعد في الآية الأولى :وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ، وإلى أن المراد بقوله :إِنْ يَنْتَهُوا أنه الرجوع عن القتال والكفر معا ، لا عن القتال وحده ، لأنه لا غفران لكافر مصرّ على الكفر ، وإنما يغفر له إذا أسلم . وفي الآية الثانية الناسخة نفس الشيء ، فالمغفرة مرتبطة بأن ينتهوا ، وعلى ذلك لا تعارض ولا نسخ ، لأن الآية المدّعى بأنها ناسخة تقول ما قالته الآية المدّعى بأنها منسوخة .
* والآية :وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها( الأنفال 61 ) : قيل : إن الآية :فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ( محمد 35 ) تنسخها ، وذلك ليس صحيحا ، فالآيتان محكمتان ونزلتا في وقتين مختلفي الحال ، وآيةوَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِمخصوصة في قوم بأعيانهم ، والأخرى عامة فلا يجوز مهادنة الكفّار إلا عند الضرورة إذا عجزنا عن مقاومتهم لضعف المسلمين ، وقيل : آية السلم نسختها الآية :قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ( التوبة 29 ) ، والآية :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( التوبة 5 ) غير أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه ، فأما بخلاف ذلك فلا يجوز ، والآيتان حكمهما غير ناف لحكم آية السلم ، وآية السلم في يهود بني قريظة وهم أهل كتاب ، وآية القتال في المشركين ، والأولون تقبل منهم الجزية وليس كذلك المشركون ، فليس في إحدى الآيتين نفى حكم الأخرى ، بل كل واحدة محكمة فيما أنزلت فيه .
* والآية :إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ( 65 ) : قيل : نسختها الآية :الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ( 66 ) ( الأنفال ) ، ووجه النسخ أن الآية الأولى أفادت وجوب ثبات الواحد للعشرة ، وأما الثانية فأفادت وجوب ثبات الواحد للاثنين ، وهما حكمان متعارضان ، فتكون الثانية ناسخة للأولى ، وقيل : لا تعارض بين الآيتين ولا نسخ ، لأن الثانية لم ترفع الحكم الأول ولكنها خفّفته ، وهو إذن تخفيف وليس نسخا .
* والآية :وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا( الأنفال 72 ) : قيل : نسختها الآية :وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ( الأحزاب 6 ) ، لأن ولايتهم لبعضهم البعض كانت تجعلهم يرثون بعضهم البعض ، فلما نزلت « أولوا الأرحام » صار الميراث لذوي الأرحام من المؤمنين ، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « ألحقوا الفرائض بأهلها » . والصحيح أن الولاية لا يدخل فيها التوريث ، وأن الآية خاصة بالنصرة والمعونة ، ولذا جاء بعدها مباشرة :وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ( الأنفال 72 ) ، وإذن فليس هناك نسخ ، والآية محكمة .
* * *
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 16:41 عدل 1 مرات
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني :: تعاليق
الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1130 إلى 1151 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
1136 - ( سورة التوبة )
* الآية :فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ( 2 ) ( التوبة ) : قيل : الآية منسوخة ، ونسختها :وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ( التوبة 3 ) ، ولا نسخ هناك ولا تعارض ، فالآية الأولى فيها مدة العهد أربعة أشهر ثم الحرب ، وانقضاء العهد انسلاخ الأربعة الأشهر الحرم .
* والآية :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 5 ) : قيل : هذه آية السيف ، قيل نسختها الآية :فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً( محمد 4 ) ، وقيل بل هي ناسخة لهذه الآية الأخيرة ، ولا يجوز في الأسارى من المشركين إلا القتل . والصحيح أن الآيتين محكمتان ، لأن المنّ والقتل والفداء جميعها لم تزل فيهم من أول حرب حاربهم فيها الرسول صلى اللّه عليه وسلم وهو يوم بدر . ثم إن قوله :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ( التوبة 5 ) أمر بالقتال ، وقوله :وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ( التوبة 5 ) أمر بالأسر ، فإذا وقع الأسير في يد من بيده الأمر ، فهو مخيّر ، إن شاء منّ عليه ، وإن شاء فأداه ، وإن شاء قتله صبرا ، أىّ ذلك رأى فيه مصلحة للمسلمين فعل .
* والآية :وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ( 6 ) : قيل : هذه الآية نسختها آية القتال التي تقول :فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( التوبة 5 ) ، فليس صحيحا أن حكم هذه الآية باق مدة الأربعة الأشهر التي ضربت أجلا للمشركين ، فقد جاء رجل من المشركين إلى علىّ بن أبي طالب وقال له : إن أراد رجل منا أن يأتي محمدا بعد انقضاء الأربعة الأشهر فيسمع كلام اللّه ، أو يأتيه بحاجة ، قتل ؟ فقال علىّ : لا ! لأن اللّه تبارك وتعالى يقول :وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ، فهذا هو الصحيح ، والآية محكمة .
* والآية :إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ( 7 ) : قيل : نسختها آية السيف ، والصحيح أنه لا تعارض بين الآيتين ، حيث أن الآية الأولى ليس فيها أن الذين عاهدوا عند المسجد الحرام نكثوا وظاهروا المشركين ، لأن معناها أن هؤلاء ما أقاموا على الوفاء بعهدهم للمسلمين ، فسيقيم المسلمون على الوفاء بعهدهم لهم ، فلا نكث هناك ، وعلى ذلك فلا نسخ .
* والآية :وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً( التوبة 36 ) : قيل : الآية أمر بالقتال ، و « كافة » معناها « جميعا » ، وقالوا : كان الغرض بهذه الآية قد توجّه على الأعيان أن يقاتلوا ، ثم نسخ ذلك ، وجعل القتال فرض كفاية . وهذا المعنى غريب ، لأنه لم يعرف أبدا في سيرة النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أنه ألزم الأمة كلها النّفر ، وإنما معنى الآية الحضّ على القتال ، والتحزّب ضد العدو ، وجمع الكلمة ، وقيّد ذلك بقوله :كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً، فبحسب قتالهم واجتماعهم ضد المسلمين يكون فرض اجتماع المسلمين لهم .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ( التوبة 38 ) : قيل : نسختها الآية :وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً( التوبة 122 ) ، ولا نسخ هناك ، لأن الآية الأولى توبيخ على ترك الجهاد وعتاب على التقاعد عن المبادرة إلى الخروج ، والآية الثانية تنظم هذا الخروج ولا تجعله على الأعيان وإنما فرض كفاية .
* والآية :إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً( التوبة 39 ) : قيل : نسختها الآية :وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً( التوبة 122 ) ، وهذا غير صحيح، فالآية الأولى تتحدث عن عقاب من لا ينفر ، والآية الثانية تنظّم النفر فلا تجعله على الأعيان وإنما فرض كفاية.
* والآية :انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا( التوبة 41 ) : قيل : نسختها الآية :لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ( التوبة 91 ) ، وهي تسقط التكليف عن العجزة وغير القادرين ، وكما ترى أن ذلك استثناء لا ينسخ الآية ؛ وقيل الآية نسختها الآية الأخرى :فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ( التوبة 122 ) ، والآيتان محكمتان ، ولكلّ مجاله ، والآية الأولى تتحدث عن نوع النفر ، والآيتان الثانية والثالثة تستثنى من النفر المعذورين ومن لا يسعهم النفر ممن يضطرون للبقاء ، ونفرهم في هذه الحالة محلى في نفس المكان ، للدفاع عن المؤخرة ، وضمان الإمداد والتموين للجيش المتقدّم ، ولتنظيم أمور الدولة داخليا.
* والآية :إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ( 45 ) : قيل : نسختها الآية :إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ( النور 63 ) ، وهذا غير صحيح ، لأنه في الآية الأولى كان الاستئذان بغير عذر في ذلك الوقت ، من علامات النفاق ؛ وفي الآية الثانية ، أمر اللّه تعالى المؤمنين بالاستئذان لأنه لا يكمل إيمان من آمن إلا بأن يكون من الرسول سامعا غير معنّت ، فيريد الرسول إكمال أمر ما ، ويريد المؤمن إفساده بأن يستأذن في أمر يستوجب أن يتواجد الجميع ، فالآيتان تكملان بعضهما البعض ، فواحدة تأمر بالاستئذان بعذر ، والثانية تجرّم الاستئذان بغير عذر .
* والآية :اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ( 80 ) ( التوبة ) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ( 84 ) ، وذلك أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم قال : « لو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر له - لزدت عليها » ، وأنه صلّى على عبد اللّه بن أبىّ بن سلول - وهو الذي نزلت فيه هذه الآيات ، إلى أن نزلت الآية :وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ، فالذي نسخ هو أن يستغفر لهم أكثر من سبعين مرة . غير أن الآية لا تخبرنا أنه قد غفر له ، لأنه مات على الكفر وهو من الفاسقين ، فهل تخبرنا هذه الآية أنه لن يغفر لهم وإن استغفر الرسول لهم ، وتقول مع ذلك إن هذا الخبر منسوخ، وأن ناسخه هو الآية التي تقرر نفس المعنى :سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ( المنافقون 6 )؟
* والآية :ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا( التوبة 120 ) :
قيل : نسختها الآية :وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً( التوبة 122 ) ، باعتبار أن الآية الأولى كان فيها الاستنفار عاما لمّا كان المسلمون قلة ، فكان التجنيد واجب وعام ، فلما كثر المسلمون لم تعد هناك حاجة لتجنيد الجميع ، وصار النفير بحسب الاستدعاء ، وإذن فلا نسخ ، ولكل آية مجالها ومقصدها .
* * *
1137 - ( سورة يونس )
* الآية :وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ( 109 ) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أنها لم تنسخ ، لأن الآية بعيدة في معناها عن القتال ، فقد كانوا في شك من دين الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فطمأنه ، ودعا الناس إلى أن تؤمن به ، وحضّه أن يتبع ما يوحي إليه ويصبر إلى أن يحكم اللّه بينه وبين المشركين ، فلا مجال للتعارض مع آية القتال ، ومن ثم لا مجال للنسخ . * * *
1138 - ( سورة يوسف )
* الآية :تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ( 101 ) : قيل : إنها منسوخة بقوله صلى اللّه عليه وسلم :« لا يتمنين أحدكم الموت لضرّ نزل به » ، والسنّة لا تنسخ القرآن ، وينهى الحديث عن تمنى الموت بسبب الضرّ ، وإنما تمنّى يوسف أن يلحقه ربّه بالصالحين عندما يتوفّاه ، وذلك حين يحين أجله ، وعندئذ يكون موته على الإيمان وليس على الكفر ، ومع ذلك فقد تمنّى عمر بن الخطاب الموت لمّا طعن في السن فقال : « اللهم كبرت سنى ، ودقّ عظمى ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيّع » ، والكبر في السن ليس ضرا وإنما هو شئ طبيعي يأتي حتما في سن معينة ، وفي حديث عمر نتبين حبّ لقاء اللّه ، وفي مثل ذلك كان الحديث : « من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاءه ، ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه » ، وفي الآية إذن ، والأحاديث سواء عن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أو عن عمر لا تعارض ولا نسخ ولكنها جميعا تكمل بعضها البعض ، ولكل معناه ومناسبته ومجاله .
* * *
1139 - ( سورة الرعد )
* الآية :وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ( الرعد 6 ) :زعموا أنها منسوخة بقوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ( النساء 48 و 116 ) ؛ وقالوا : إن ظلم الناس كما يفهم من سياق الآية هو الشرك ، ومع ذلك لا تتعارض الآيتان ، فالآية الأولى تفيد أنه تعالى يغفر للمشرك إن رجع عن شركه وأناب إلى اللّه ، وأما المصرّ فإنه شديد العقاب له على كفره ، والآية خبر ، ومثلها في ذلك مثل الآية الثانية التي تفيد نفس المعنى ، فكيف يقال إن إحداهما منسوخة والأخرى ناسخة وكلاهما خبر ؟
ثم إن سورة الرعد كان ترتيبها في التنزيل العاشرة في السور المدنية ، والنساء ترتيبها السادسة ، ولا ينسخ المتقدم المتأخر .
* * *
1140 - ( سورة الحجر )
* الآية :ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ( 3 ) : قالوا : إنها منسوخة بآية السيف ، والصحيح أنه لا نسخ هناك ، لأن الآية وعيد وتهديد وذلك لا ينافي قتال الكافرين ، فلا وجه للنسخ .* والآية :فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ( 85 ) : قيل : هذه الآية في كفار مكة ، وتحضّ النبىّ صلى اللّه عليه وسلم على أن يصفح ويتجاوز عنهم ، ويعفو عفوا حسنا ، مثل قوله :وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا( 10 ) ( المزمل ) ، ثم نسختها آية السيف التي تقول :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( التوبة ) ، أو الآية :فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ( النساء 91 ) ، والصحيح أن الآيتين محكمتان ولا نسخ هناك ، فلقد أمره بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم ، والصفح هو الإعراض ، وهذا في أهل النفاق ، وأما آية السيف ففي المشركين الذين بدءوا المسلمين بالقتال وعادوهم .
* والآية :لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ( 88 ) : قيل : نسختها آية السيف ، وهذا ليس صحيحا ، لأن المعنى : لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا ، ولا تحسدهم بما أنعم عليهم وحرمت منه ، بينما آية السيف خاصة بالقتال ، فلا وجه للنسخ ، وسياق الآية لا يسمح بأن تكون الآية منسوخة .
* والآية :فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ( 94 ) : قيل : نسختها آية القتال ، وموضوع الآية لا يتصل بسبب بالقتال ، وفيها الأمر للرسول صلى اللّه عليه وسلم بالإعراض عنهم وعن استهزائهم ، وتتوعدهم الآية بالسؤال والحساب ، ولا يعقل أن ينسخ هذا السؤال والحساب المنتظر أمر بالقتال ، ومن ثم فلا نسخ هناك .
* * *
1141 - ( سورة النحل )
* الآية :وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً( النحل 67 ) :قيل : السّكر هو الخمر ، وعلى ذلك فالآية منسوخة بآيات تحريم الخمر ، والصحيح أن الآية محكمة ، لأن السّكر هو العصير الحلو الحلال ، سمى سكرا لأنه قد يصير مسكرا إذا بقي ، فإذا بلغ الإسكار حرّم ، غير أنه في حالته العادية كما في الآية :سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناًيعنى العصير ولا يعنى الخمر .
* والآية :مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ( النحل 106 ) : قيل : إنها منسوخة ببقيتها :إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا .
* والآية :ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ( النحل 125 ) : قيل : نسختها آية القتال التي تقول :وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا( البقرة 190 ) ، والصحيح أن الآية محكمة ، ولكل من الآيتين مجاله ، والمسلمون يوعظون بالحكمة والتي هي أحسن إلى يوم القيامة ، ومجال الآية العصاة من الموحدين ، وآية القتال مجالها المعتدون من المشركين . والمجادلة لا تنافى القتال ، ولا أثر يقرر أن الآية منسوخة .
* والآية :وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ( 126 ) :
قيل : نسختها آية السيف ، والصحيح أن الآية محكمة ، وتعنى ألا يتجاوز عباد اللّه فيما وجب لهم قبل غيرهم في حقّ من مال أو نفس ، فمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظالم منه ، وعلى هذا يكون المعنى : ولئن صبرتم عن المثلة - لا عن القتال - وعلى ذلك فالآية غير منسوخة ، كقوله تعالى :وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا( البقرة 190 ) .
* والآية :وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ( 127 ) ( النحل ) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أنها محكمة وتنهى عن المثلة وتأمر بالصبر على قتلى أحد أو القتلى عموما في أية حرب مشروعة ، وأن يتحمل المسلم مكر أعدائه ، وكل ذلك من محامد الأخلاق ، فلا تعارض ولا نسخ ، والآية محكمة .
* * *
1142 - ( سورة الإسراء )
* الآية :وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً( 24 ) : قيل : الآية في الشفقة بالوالدين والحنان عليهما ، وهما الوالدان المؤمنان ، وأما المشركان فقد نهى القرآن عن الاستغفار لمن مات من أولى القربى ، كقوله :ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ( التوبة ) .والصحيح أن الآية محكمة ، لأنها دعاء بالرحمة الدنيوية للأبوين المشركين ما داما حيين .
ومن البديهي أنه ليس كل الآباء مشركين ، بينما الآية الثانية تحظر الاستغفار للآباء المشركين فحسب ، ولذلك تعتبر الآية الثانية مخصّصة للآية الأولى لا ناسخة لها .
* والآية :وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ( الإسراء 34 ) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ( البقرة 220 ) ، ولا نسخ هناك ، لأن الآيتين لا تتعارضان ، ولكنهما تلتقيان عند الحرص على حفظ مال اليتيم وحمايته أن يؤكل ظلما .
* والآية :وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا( 110 ) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ( 205 ) ( الأعراف ) ، ولا تعارض بينهما ، فالآية الأولى تنهى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين عن الجهر وعن المخافتة بالقراءة والتشهد والدعاء في الصلاة ، وتأمر بالتوسط بينهما حتى يسمعه آخرون فيتعلموا منه ، ولا يسمعه المشركون فيؤذوه وأصحابه ؛ والآية الثانية تأمر بأن يذكر اللّه في نفسه عند الاستماع إلى القرآن وهو يتلى ، ذكرا فيه خشوع للّه وتواضع ، وفيه خوف من عقابه ، ودعاء لا جهر به ولا إعلان ، وفي الآيتين يلاحظ عدم الجهر ، وفي الأولى عدم المخافتة ، فأي تعارض بين الآيتين يسوّغ النسخ ؟ !
* * *
1143 - ( سورة مريم )
* والآية :وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ( 39 ) ( مريم ) : قيل : الآية إنذار للمشركين بعذاب الآخرة وقد فرغ من الحساب ، ولذا قال ابن الجوزي : زعم بعض المغفلين من ناقلي التفسير أن الإنذار منسوخ بآية السيف ، وهذا تلاعب من هؤلاء بالقرآن .وقال : ومن أين يقع التنافي بين إنذارهم بالقيامة وقتالهم في الدنيا ؟ ووعيد اللّه - كخبره - لا يتخلّف ، فلا يقبل النسخ .
* والآية :فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا( 59 ) : قيل : نسختها الآية بعدها :إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً( مريم 60 ) وهذا استثناء ولا يعتبر نسخا .
* والآية :وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا( 71 ) : قيل : نسختها الآية بعدها :ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ؟ ؟ وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا( 72 ) ، قيل هي استثناء ولا تعتبر نسخا ، وقال ابن الجوزي : هذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب اللّه بالجهل ، وهل بين الآيتين تناف ؟ فالأولى تثبت أن الكل يردونها ، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى .
ثم هما خبران ، والأخبار لا تنسخ . وقيل : نسختها الآية :إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ( 101 ) ( الأنبياء ) ، وهذا ضعيف وليس موضع نسخ ، لأنه من يبعد عنها فلن تمسّه النار . وفي الخبر : « تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جز يا مؤمن فقد تورك لهبى » .
* * *
1144 - ( سورة طه )
* الآية :ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى( 2 ) : قيل : إنها قيام الليل ، وكان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم وطائفة من المؤمنين يأتونه ، كقوله تعالى :إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ( المزمل 20 ) ، فلما نزلت الآية :ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى( 2 ) قيل : إنها نسخت قيام الليل ، والصحيح أنها لم تنسخه ، وإنما خفّفته لكي لا يشتطّوا في العبادة ، ولا ينهكوا أنفسهم فيها ، فالإسلام دين الوسطية والحنيفية .* والآية :فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ( طه 130 ) : قيل : نسختها آية القتال ؛ وقيل : ليست منسوخة ، لأن الكفار لم تستأصلهم آية القتال ، فلا يجدى معهم إلا الصبر .
* * *
1145 - ( سورة الأنبياء )
* الآية :إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ( 98 ) : قيل : إنها منسوخة بقوله بعدها :إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ( 101 ) ، وقيل :هذا استثناء وهو لا يصلح نسخا ، والآية محكمة .
* * *
1146 - ( سورة الحج )
* الآية :لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ( 28 ) : قيل : إنها منسوخة بالآية :وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ( الحج 36 ) ، وأن ذبح الضحية نسخ كل ذبح قبل الإسلام ، ومن ذلك العقيقة ، ولا دليل على ذلك ، والآيتان تتحدثان عن الأكل والإطعام من الهدى ، والضحية لم تنسخ الهدى كزعمهم أنها قد نسخت العقيقة . والهدى شرع بهاتين الآيتين ، وكنّى فيهما عن الذبح والنحر بذكر اسم اللّه وقوله « وجبت جنوبها » ، ولا تعارض البتة بين ذبح الضحية وذبح الهدى ، ومن ثم لا نسخ هناك .* والآية :أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا( الحج 39 ) : قيل : إنها تنسخ كل ما في القرآن من إعراض وترك وصفح عن المعتدين ، وهذا غير صحيح لأن كل آية لها مجالها ومعناها ضمن النسق الواردة فيه .
* والآية :وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ ( 68 ) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ( 69 ) : قيل : تنسخها آية السيف التي تقول :فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( التوبة 5 ) ، والصحيح أن لكل آية نسقها ومعناها ولا تتعارضان البتة .
* والآية :وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ( الحج 78 ) : قيل : إن الآية :فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ( التغابن 16 ) نسختها بجعل الجهاد بحسب الاستطاعة ، ولا حاجة لتقدير النسخ لأن المراد بالآيتين واحد وهو بذل الوسع في الجهاد أو في التقوى .
* * *
1147 - ( سورة المؤمنون )
* الآية :ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ( المؤمنون 96 ) : قيل : نسختها آية القتال ، والصحيح أن الآية محكمة ولا تعارض بينها وبين آية القتال ، فالقتال له أسبابه ، وهذه الآية في غير أسباب القتال ، وتأمر بموادعة المشركين والمكذّبين ، وإلا فالقتال إذا كانوا البادئين وأصرّوا عليه وظلموا المسلمين ، كما تأمر بدفعهم بالتي هي أحسن بمداراتهم ، والمداراة محمودة ما لم تضر بالدين وتؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل . والإحسان إلى من يسيء إلينا ترياق نافع في مخالطة الناس ، فيستجلب الخاطر ، ويعود بالعداوة صداقة ، والبغض محبة . * * *
1148 - ( سورة النور )
* الآية :الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ( 3 ) :روى أنها منسوخة ، ونسختها الآية التي بعدها :وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ( النور 32 ) ، فأدخلت الزانية في أيامى المسلمين وهم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء . وأهل الفتيا على القول بأن من زنى بامرأة ، فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها ، والصحيح أن آية الزاني والزانية : النكاح فيها يعنى الوطء ، والمعنى هو أنه لا يكون زنى إلا بزانية ، ووطء الزانية لا يقع إلا من زان أو مشرك ، وليس المعنى أن الزاني لا ينكح قط إلا زانية ، وإنما المعنى أن الزانية لا ينكحها من ينكحها إلا وهو راض أنها زنت ، ولا يرضى بذلك إلا إذا كان هو أيضا يزنى . فالآية محكمة ، وآية الأيامى تعنى أن من الممكن أن يتزوج الزاني من غير زانية ، وكذلك الزانية قد تتزوج من غير زان إذا رأى كل منهما ذلك ، فهذا متصوّر . وغير صحيح أن من يتزوج بزانية ، أو من تتزوج بزان وهي غير زانية ، أو وهو غير زان ، يفرّق بينهما ، فلا يصحّ أن يوقف نكاح من يحدّ من الرجال على نكاح من يحدّ من النساء ! فبأي أثر يكون ذلك على المجتمع الإسلامي ، وعلى أي أصل من الشريعة ؟ ! والزنا أصلا لا يفسخ النكاح ، فإذا زنت المرأة فلزوجها أن يطلقها ، ولو أمسكها أثم ، ولا يجوز النكاح من زان أو زانية إلا لو أظهر التوبة فعلا .
وقيل إن آية :الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ( 3 ) نسختها الآية :وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ( 32 ) ، لأنها جعلت الزانية من أيامى المسلمين ويحل نكاحها ، والأيّم هي التي لا زوج لها ، وحال الزانية غير المتزوجة كحال هذه المرأة - هكذا قالوا - والصحيح أن الآية لم تنسخ ، وأن المراد بالنكاح فيها هو الزواج ، ولا معنى للآية بأي تأويل إلا هذا التأويل الصحيح : أن زواج الأعفّاء من المسلمين بالزوانى ، والزناة بالعفيفات ، محرّم في الإسلام ، والآية محكمة لم تنسخ ، والتحريم ما زال باقيا . ولا يمكن أن يرغب الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا والتقحّب ، في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته ، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله ، أو في مشركة لا قيم عندها ، لأن من لا تؤمن باللّه أو تشرك به ، ترى بالضرورة أنها في حلّ أن تفعل ما تشاء ومن ذلك الزنا . والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك ، لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها ، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين . وأما أن ينكح مؤمن زانية ويرغب فيها وينخرط بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزناة ، فهذا محرم عليه محظور ، لما فيه من التشبّه بالفسّاق ، وأن يكون موضع اتهام ، وأن يقال فيه السوء ، وأن يجيء جلوسه مع الخطّائين . والزانية لا يمكن أن تكون من الأيامى ، لأن معنى الأيّم أنها امرأة لم يقدّر لها الزواج لسبب ، ومن ذلك أنها جادة في حياتها وعفيفة ، وحضّت الآية على الزواج من الأيامى بسبب هذه العفة ، ونبّهت إلى أنهن أصون للمؤمن على شرفه وبيته وأولاده .
* والآية :قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ( 31 ) : قيل : نسختها بقية الآية :إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، غير أنه استثناء ، والاستثناء لا يعتبر نسخا .
* والآية :وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً . . .( 4 ) : قيل : نسختها الآية بعدها :إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 5 ) ، وهذه الآية الأخيرة استثناء ولا تعتبر نسخا . وقيل :
نسختها الآية :وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ( 6 ) ( النور ) إلى آخر آيات اللعان . والآية ( 4 ) تبين حكم كل قاذف لمحصنة من غير الأزواج ، بينما آيات اللعان تبين حكم الأزواج حين يقذفون أزواجهم ، وبرغم أن هذه الآيات عامة ، إلا أن العموم في الآية ( 6 ) نسبى ، فبالرغم من شمولها لكل زوج يقذف زوجته ، خاصة إذا قورنت بالآية الأولى ، فإنها مخصّصة للأزواج ، وتخصيصها عام ولا يعتبر نسخا .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها( 27 ) : قيل : نسختها الآية :لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ . . .( 29 ) ، وليس هذا بنسخ ، لأن الآية الثانية مخصّصة للآية الأولى . والاستئذان شرط في الأولى لأن في الدار أهلا ، وأما الثانية فليس فيها أحد وهي غير مسكونة ، فمن يستأذن ؟
* والآية :قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ( 54 ) : قيل : النسخ وقع على قوله تعالى :فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ، فقال ابن الجوزي : زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف ، وليس هذا صحيحا ، فالأمر بقتالهم لا ينافي أن يكون عليه ما حمّل ، وعليهم ما حمّلوا . ومتى لم يقع التنافي بين الناسخ والمنسوخ لم يكن نسخ .
* والآية :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ . . .( 58 ) قيل : إنها منسوخة ، فقد كان نزولها والبيوت على حال ثم زالت هذه الحال ، فصارت للبيوت أبواب ونوافذ وأستار ، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان ، والآية لذلك ليست بمنسوخة وإن كان الناس لا يعملون بها . وكان الناس من بعد يقولون عن هذه الآية : إننا أمرنا فيها بما أمرنا ، ولا يعمل الآن بها أحد . والحق أن الآية أدب عظيم يلزم الخدم والصغار ، بالبعد عن مواطن كشف العورات حماية للأعراض . وقيل : إن الآية نسخها قوله تعالى :لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ . . .( 61 ) ، والصواب أنه لا وجه لادعاء النسخ بأي من الآيتين على هذه الآية ، لأنه لا تعارض بينها وبين أي منهما .
* والآية :لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ( 61 ) : قيل : هي منسوخة بما بعدها :وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ( 61 ) فلم يعد الأعمى ولا الأعرج مخصوصا بالآية ، بل هي عامة بقوله :وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ، وذلك أن العرب كانوا في القديم ليس على أبوابهم أغلاق وإنما ستور مرخاة ، فكان من يشاء يدخل البيت ليس فيه أحد ، ليأكل لأنه جائع ، ثم صارت الأغلاق على البيوت ، فلم يعد يحلّ لأحد أن يفتحها ، ومن ثم فالقول :لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ *أصبح بلا معنى ، والصحيح أن له معنى ، فالأعمى والأعرج لا حرج عليهما في أي أمر يتعلق بالرؤية أو الطريق وهو مقصود الآية عموما . وقيل : الآية ناسخة لآية أخرى هي قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ( النساء 29 ) ، وفيها نهى اللّه الناس أن تأكل أموال الناس ، والطعام أفضل الأموال ، فيكون أنه لا يحل لأحد أن يأكل عند أحد ، وآية رفع الحرج نسخت هذا النهى ، ومن ثم كفّ الناس عن أن يأكلوا عند أحد ، فأنزل اللّه « آية الحرج » لرفع الحرج عن الناس ، وهذا غير صحيح ، لأن آية أكل الأموال خاصة بالمديونيات ، و « آية رفع الحرج » عن الأعمى والأعرج خاصة ، بأي خطأ يمكن أن يأتيه الأعمى أو الأعرج نتيجة عجزه .
والآية إذن محكمة لا ناسخة ولا منسوخة ، فالطعام أحلّه الناس من بيوتهم لمن يعهدون لهم بحراستها وهم في تجارة بالخارج أو في غزو . وأما الأعمى والأعرج فقد أحلّهما اللّه من التكليف المشترط فيه البصر للأعمى ، والمشترط فيه المشي للأعرج ، فيما يتعذر من الأفعال التي تستلزم البصر أو صحة الأقدام ، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه كالصوم وشروط الصلاة وأركانها ، والجهاد ، ونحو ذلك .
والآية :أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ( 61 ) : قيل : إنها منسوخة بقوله تعالى :لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ( الأحزاب 53 ) ، وقوله :فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها( النور 28 ) ، والصحيح أنها محكمة لأن هذه الآية خاصة بالأكل عند هؤلاء ، بينما الآية الأخرى من سورة الأحزاب خاصة بالاستئذان عند الدخول إلى بيت النبىّ صلى اللّه عليه وسلم حتى لو كنت مدعوا ، والآية :فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداًخاصة بالنهى عن دخول البيوت التي ليس فيها أحد طالما لم يؤذن بذلك . وقيل إن الحديث : « لا يحتلبن أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتكسر خزانته ، فينقل طعامه » ؟ ينسخ الآية ، ففضلا عن أن الحديث ضعيف ، والقرآن لا ينسخ بالسنّة ، فإن الحديث ينهى عن شئ غير ما تأذن به الآية ، لأنه ينهى عن أخذ مال الغير بدون إذنه ، والآية تبيح الأكل من بيوت الآباء ومن ذكر معهم ، ولا مجال للتعارض من حيث اختلف الموضوع ، ويبطل النسخ . وقيل : الآية ينسخها قوله تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ( النساء 29 ) ، وسورة النساء في ترتيب النزول السادسة بينما سورة النور السادسة عشرة ، ولا يصح أن تنسخ آية سابقة آية لاحقة . وهل يعتبر الأكل من بيوت أنفسهم أو آبائهم وأمهاتهم إلى آخر المذكورين - أكلا لأموال غيرهم بالباطل ؟ .
* * *
1149 - ( سورة الفرقان )
* الآية :وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً( 63 ) : قيل : نسختها آية السيف ، والصحيح أن الآية محكمة ، وفيها أدب المسلمين إلى يوم القيامة ، فالمسلمون مأمورون بالصفح والهجر الجميل ، وكان النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يقف على أندية الكفّار ويحييهم ويدانيهم ولا يداهنهم . وفي مثل ذلك قال إبراهيم لأبيه آزر ، لما أصرّ على الكفر وأعلن خصامه لابنه أبد الدهر إن استمر على الدعوة لربّ العالمين :قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي( مريم 47 ) ، فلم يعارضه إبراهيم بسوء الردّ . والسلام هنا ليس دعوة للكافر بأن يرزقه اللّه السلام النفسي والسلامة البدنية ، وإنما هو المسالمة - أي لا شئ بيننا إذن إلا الخير ، وكلّ منا في طريقه ، فالسلام هو المتاركة لا التحية ، وضمان الأمان له من ناحيته رغم كل شئ ، وإذن يجوز تحية الكافر وأن يبدأ بها المسلم ، كقوله تعالى :لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ( 8 ) ( الممتحنة ) ، وفي آية السيف غير ذلك ، وتحضّ على قتال من يبدأ المسلمين بالقتال ، والذين يحاربونهم في دينهم ، ويخرجونهم من ديارهم ، وأما في غير ذلك فالبرّ والقسط ، واللّه تعالى يقول :قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ( الممتحنة ) ، ثم إن حسن المحاورة في الخطاب لا ينافي القتال ، فلا وجه للنسخ .* والآية :وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ . . .( 68 ) : قيل : هي منسوخة بقوله تعالى بعدها :إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ . . .( 70 ) ، وهي استثناء ولا تعتبر نسخا . وقيل :
قوله تعالى:وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَنسخها قوله :وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً( النساء 93 ) ، والآيتان خبر، والخبر لا ناسخ فيه ولا منسوخ.
* والآية :إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ . . .( 70 ) : قيل : إن الآية :إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ( النساء 31 ) نسخت قوله تعالى :فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، حيث أن سورة النساء نزلت بعد سورة الفرقان بستة أشهر . والصحيح أنه لا نسخ ، لأن آية سورة الفرقان تتحدث عن التوبة والعمل الصالح وجزائهما ، وآية سورة النساء تتحدث عن اجتناب الكبائر وجزائه .
* * *
1150 - ( سورة الشعراء )
* الآية :وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ( 224 ) : قيل : نسختها الآية بعدها :إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ( 227 ) ، والصحيح أن الآية الأولى محكمة ، وأن الآية الثانية استثناء وهو لا يعتبر نسخا . * * *
1151 - ( سورة القصص )
* الآية :وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ( 54 ) : قيل : هي آية مهادنة ، وهي من صدر الإسلام ، ونسختها آية السيف وإن بقي حكمها فيما دون الكفر . والصحيح أنها لم تنسخ ، وأنها قاعدة سلوك عامة ، مع المسلمين ومع أهل الكفر على السواء ، وآية السيف تكون في حالة القتال الدفاعي عن النفس ، وفيما دون ذلك فالطيب أفضل ، ومثلها قوله صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ :« واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن » أخرجه الترمذي ، ومن الخلق الحسن دفع المكروه والأذى ، والصبر على الجفا بالإعراض عنه ، ولين الحديث .
* والآية :وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ( 55 ) : قيل نسختها آية الأمر بالقتال ، والصحيح أن آية القتال لها مجالها وهذه الآية خبرية لها مجال آخر تماما ، وهي خاصة باللغو ، كقوله تعالى :وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً( 63 ) ( الفرقان 63 ) ، وكقوله تعالى :لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ( 6 ) ( الكافرون ) .
* * *
عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1126 إلى 1129 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب العاشر النّسخ في القرآن من 1152 إلى 1189 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1343 إلى 1374 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1375 إلى 1395 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
» الباب الثالث عشر القرآن والعلم أولا العلم في القرآن من 1396 إلى 1418 موسوعة القرآن العظيم الجزء الثاني د. عبد المنعم الحفني
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 2 مارس 2024 - 1:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» فإن الكلام الحق ذلك فاعتمد عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 23:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» وما تجليت إلا لي فأدركني عيني وأسمعت سمعي كل وسواس من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة التلقينات الأربعة من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 0:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» عقيدة الشيخ الأكبر محي الدين محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» رسالة حرف الكلمات وصرف الصلوات من مخطوط نادر من رسائل الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي
الأحد 25 فبراير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرعد وابراهيم والحجر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة الفاتحة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المصنف لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المحقق لكتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الرحمن والواقعة والملك كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النبأ والنازعات والبروج كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:38 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة العصر والهمزة والفيل كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:37 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس موضوعات كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» وهب نسيم القرب من جانب الحمى فأهدى لنا من نشر عنبره عرفا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 25 فبراير 2024 - 3:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلم نخل عن مجلى يكون له بنا ولم يخل سر يرتقى نحوه منا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 23 فبراير 2024 - 23:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما في الوجود شيء سدى فيهمل بل كله اعتبار إن كنت تعقل من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 21 فبراير 2024 - 1:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن كنت عبدا مذنبا كان الإله محسنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن المهيمن وصى الجار بالجار والكل جار لرب الناس والدار من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 20 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ويقول العقل فيه كما قاله مدبر الزمنا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 18 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الدخان والجاثية والفتح كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 18 فبراير 2024 - 2:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» فهرس المواضع كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» فعاينت آحادا ولم أر كثرة وقد قلت فيما قلته الحق والصدقا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 20:15 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل يتضمّن نبذا من الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الزمر وغافر وفصلت كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 16 فبراير 2024 - 19:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» عشريات الحروف من الألف الى الياء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأحزاب ويس وفاطر كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 21:10 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الفرقان والشعراء والقصص كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:44 من طرف عبدالله المسافربالله
» خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 20:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» حاز مجدا سنيا من غدا لله برا تقيا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:29 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل في بيان سرّ الحيرة الأخيرة ودرجاتها وأسبابها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 2:05 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة مريم وطه والانبياء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأربعاء 14 فبراير 2024 - 1:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة يونس وهود ويوسف كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 18:41 من طرف عبدالله المسافربالله
» قال الشيخ من روح سور من القرآن الكريم من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 17:47 من طرف عبدالله المسافربالله
» مراتب الغضب مراتب الضلال كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» صورة النعمة وروحها وسرّها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الإثنين 12 فبراير 2024 - 16:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ومما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة الأنعام وبراءة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من علوم سورة النساء كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الإثنين 12 فبراير 2024 - 0:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» في الإمام الذي يرث الغوث من روح تبارك الملك من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الأحد 11 فبراير 2024 - 19:43 من طرف عبدالله المسافربالله
» بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 18:50 من طرف عبدالله المسافربالله
» فاتحة القسم الثالث من أقسام أمّ الكتاب كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأحد 11 فبراير 2024 - 12:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة آل عمران كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الأحد 11 فبراير 2024 - 0:42 من طرف عبدالله المسافربالله
» وصل العبادة الذاتيّة والصفاتيّة كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» حروف أوائل السور يبينها تباينها إن أخفاها تماثلها لتبديها مساكنها من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
السبت 10 فبراير 2024 - 21:20 من طرف عبدالله المسافربالله
» مما تنتجه الخلوة المباركة من سورة البقرة كتاب الجوهر المصون والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والمعلوم
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» نبدأ بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 16:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» علمت أن الله يحجب عبده عن ذاته لتحقق الإنساء من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 9:26 من طرف عبدالله المسافربالله
» كل فعل انسان لا يقصد به وجه الله يعد من الأجراء لا من العباد كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 1:04 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشرقت شمس المعاني بقلوب العارفينا من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 0:52 من طرف عبدالله المسافربالله
» المزاج يغلب قوّة الغذاء كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 7:11 من طرف عبدالله المسافربالله
» ذكر الفواتح الكلّيّات المختصّة بالكتاب الكبير والكتاب الصغير كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» تفصيل لمجمل قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الخميس 8 فبراير 2024 - 4:09 من طرف عبدالله المسافربالله
» فلله قوم في الفراديس مذ أبت قلوبهم أن تسكن الجو والسما من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الخميس 8 فبراير 2024 - 0:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» التمهيد الموعود به ومنهج البحث المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن الشيخ صدر الدين القونوي
الأربعاء 7 فبراير 2024 - 2:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» مقدمة المؤلف كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن العارف بالله الشيخ صدر الدين القونوي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 23:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 19:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب الأوبة والهمة والظنون والمراد والمريد من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 2:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» في باب البحر المسجور من ديوان الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» الفهرس لكتاب ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» قصائد ودوبيتات وموشّحات ومواليات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 6 فبراير 2024 - 1:02 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية الحروف بالمعشرات ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 4 فبراير 2024 - 22:17 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ألف والياء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 23:31 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهاء والواو ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 21:57 من طرف عبدالله المسافربالله
» كتاب أخبار الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
السبت 3 فبراير 2024 - 17:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف النون ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 3 فبراير 2024 - 1:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الميم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 18:48 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف اللام ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 1 فبراير 2024 - 1:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الكاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 30 يناير 2024 - 17:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الغين المعجمة والفاء والقاف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 29 يناير 2024 - 1:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الظاء المعجمة والعين ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 28 يناير 2024 - 2:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الشين والصاد والضاد والطاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
السبت 27 يناير 2024 - 3:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الزاي والسين المعجمة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الجمعة 26 يناير 2024 - 14:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» ديوان الحلاج لابي المغيث الحسين بن منصور الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:25 من طرف عبدالله المسافربالله
» لئن أمسيت في ثوبي عديم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:16 من طرف عبدالله المسافربالله
» سبحان من أظهر ناسوته من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:08 من طرف عبدالله المسافربالله
» ما يفعل العبد والأقدار جارية من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 22:03 من طرف عبدالله المسافربالله
» العشق في أزل الآزال من قدم من ديوان الحلاج
الخميس 25 يناير 2024 - 21:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الذال المعجمة والراء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الخميس 25 يناير 2024 - 20:33 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الخاء والدال ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:22 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الحاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأربعاء 24 يناير 2024 - 16:59 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الثاء والجيم ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 23:49 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف التاء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 18:35 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الباء ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 0:58 من طرف عبدالله المسافربالله
» تمهيد كتاب المهدي وقرب الظهور وإقترب الوعد الحق
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:18 من طرف عبدالله المسافربالله
» أنتم ملكتم فؤادي فهمت في كل وادي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 23:01 من طرف عبدالله المسافربالله
» والله لو حلف العشاق أنهم موتى من الحب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:51 من طرف عبدالله المسافربالله
» سكرت من المعنى الذي هو طيب من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:45 من طرف عبدالله المسافربالله
» مكانك من قلبي هو القلب كله من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:30 من طرف عبدالله المسافربالله
» كم دمعة فيك لي ما كنت أُجريها من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» يا نَسيمَ الريح قولي لِلرَشا من ديوان الحلاج
الإثنين 22 يناير 2024 - 22:12 من طرف عبدالله المسافربالله
» قافية حرف الهمزة ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الإثنين 22 يناير 2024 - 14:24 من طرف عبدالله المسافربالله
» ترجمة المصنّف ومقدمة المؤلف ديوان الحقائق ومجموع الرقائق الشيخ عبد الغني النابلسي
الأحد 21 يناير 2024 - 15:19 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي النون والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:36 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي القاف واللام والعين شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
السبت 20 يناير 2024 - 21:27 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي السين والضاد والعين والفاء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:39 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الجيم والدال والراء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الجمعة 19 يناير 2024 - 16:28 من طرف عبدالله المسافربالله
» أشعار نسبت إلى الحلّاج قوافي الألف والباء والهمزة شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:40 من طرف عبدالله المسافربالله
» القوافي في ديوان الحلّاج الهاء والواو والياء شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي
الخميس 18 يناير 2024 - 20:28 من طرف عبدالله المسافربالله