المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
البحث في جوجل
تفسير الآيات من "01 - 60 " من سورة الذاريات .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
اتقوا الله ويعلمكم الله :: ديوان الشيخ الاكبر محيي الدين ابن العربى الحاتمى الطائى قدس الله روحه :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم الجزء الرابع من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
صفحة 1 من اصل 1
07042021

تفسير الآيات من "01 - 60 " من سورة الذاريات .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
تفسير الآيات من "01 - 60 " من سورة الذاريات .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
( 51 ) سورة الذاريات مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
أقسم تعالى بأنواع أخرى من الملائكة المسخرات ، والوكلاء على ما يخلقه من التكوينات فقال :[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 1 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ( 1 )
« وَالذَّارِياتِ »نوع من الملائكة المسخرة في الهواء ، العاصفات السائقات ، وقيل هم الملائكة عمار كرة الماء .
ص 183
[سورة الذاريات ( 51 ) : آية 2 ]
فَالْحامِلاتِ وِقْراً ( 2 )
« فَالْحامِلاتِ »المعصرات« وِقْراً »ثقلا ، ومن جملة الحاملات الحوامل من العالم ، كالأرض والسحاب والنساء وجميع الأناثي ، وما تحمله الكتب في حروفها من المعاني .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 3 إلى 4 ]
فَالْجارِياتِ يُسْراً ( 3 ) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً ( 4 )
بالتفصيل والتصوير والترتيب ، وهم من ملائكة الكرسي ، حيث انقسمت الكلمة الواحدة التي هي في العرش واحدة ، فهي رحمة واحدة إليها مآل كل شيء ، انقسمت في الكرسي موضع القدمين إلى رحمة وغضب مشوب برحمة ، فهذا الصنف من الملائكة المقسمات أمرا لا يعرفون أحدية وإن كانت فيهم ، فإن اللّه وكلهم بالتقسيم مع الأنفاس ، فحيل بينهم وبين مشاهدة الوحدات ،
فأية وحدة تجلت لهم قسموها بالحكم ، فلا يشهدون إلا القسمة في كل شيء ، ولا غفلة عندهم ولا نسيان لما علموه ، وقيل هم عمار السماء ذات البروج ، وهو الأطلس .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 5 إلى 7 ]
إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ ( 5 ) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ ( 6 ) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ( 7 )
إن اللّه لما جعل السباحة للنجوم في السماوات حدثت لسيرها طرق ، لكل كوكب طريق ،
وهو قوله تعالى :« وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ »فسميت تلك الطرق أفلاكا ، فالأفلاك تحدث بحدوث سير الكواكب ، وهي سريعة السير في جرم السماء الذي هو مساحتها .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 8 إلى 10 ]
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( 8 ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( 9 ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( 10 )
[ « قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ » الآية - العلم باللّه من جهة الشرع : ]
اعلم أن العلم باللّه من جهة الشرع هو تعريف الحق عباده بما هو عليه ، فإنه أعلم بنفسه من عباده وبه ، فإن العلم به منه أن يعلم أنه جامع بين التنزيه والتشبيه ، وهذا في الأدلة النظرية غير سائغ ، أعني الجمع بين الضدين في المحكوم عليه ، ليس ذلك إلا هنا خاصة ، فلا يحكم عليه خلقه ، والعقل ونظره ، وفكره من خلقه ، فكلامه في موجده بأنه ليس كذا
ص 184
وهو كذا خرص بلا شك ، والخارص قد يصيب وقد يخطئ ، والعلم باللّه من حيث القطع أولى به من حيث الخرص ، فهو يدخل تحت الخرص المذموم.
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 11 إلى 19 ]
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ ( 11 ) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( 12 ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( 13 ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( 14 ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 15 ) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ ( 16 ) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ( 17 ) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( 18 ) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( 19 )
راجع سورة المعارج آية 24 –
واعلم أن الزكاة واجبة ، وحق في المال لا على المكلف ، والعارف يعلم أنه مستخلف فيما بيده من المال ، فيخرج الزكاة إخراج الوصي على مال المحجور عليه للزكاة ، والعامي لا يعلم ذلك ، فأضيف المال إليه ، فقيل له أموالكم ، فيخرجها بحكم الملك .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 20 إلى 21 ]
وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( 20 ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ ( 21 )
[ « وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ » الآية : ]
وقد قال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من عرف نفسه عرف ربه ] فينبغي للإنسان أن ينظر في روحه كيف توجه إلى مدينة جسمه المزخرف ودخله ، ليعاين ما أودع الحق فيه من الحكم والترتيب الأحسن ، لأنه في أحسن تقويم ، فإذا شرعت في هذا النظر فأمعن فيه ، ولا تترك زاوية من الإنسان حتى تدخلها وتعرف ما خزنت ، فإنها خزائن الحق ، فإنك تقف على علم عظيم ، قال تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ )وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه ]
فإن الإنسان من حيث تفصيله مفطور على العلم باللّه ، كسائر ما سوى الجن والإنس من المخلوقات ، فما من شيء في الإنسان ، من شعر وجلد ولحم وعصب ودم وروح ونفس وظفر وناب إلا وهو عالم باللّه تعالى بالفطرة ،
ص 185
بالوحي الذي تجلى له فيه ، والإنسان من حيث مجموعيته وما لجمعيته من الحكم جاهل باللّه ، حتى ينظر ويفكر ويرجع إلى نفسه ، فيعلم أن له صانعا صنعه وخالقا خلقه ، فالإنسان من حيث تفصيله عالم باللّه ، ومن حيث جملته جاهل باللّه ، حتى يتعلم ،
أي يعلم بما في تفصيله ، وكل علم لا يكون حصوله عن كشف بعد فتح الباب يعطيه الجود الإلهي ويبديه ويوضحه فهو شعور لا علم ، لأنه حصل من خلف الباب والباب مغلق ، وليس الباب سواك ،
فأنت بحكم معناك ومغناك ، وذلك هو غلق الباب ، فإنك تشعر أن خلف هذا الجسم والصورة الظاهرة معنى آخر لا تعلمه ، وإن شعرت به ، فالصورة الظاهرة المصراع الواحد ، والنفس المصراع الآخر ، فإذا فتحت الباب تميز المصراع من المصراع ،
وبدا لك ما وراء الباب ، فذلك هو العلم ، فما رأيته إلا بالتفصيل ، لأنك فصلت ما بين المصراعين حتى تميز هذا فيك ، فإن كان الباب عبارة عن حق وخلق ، وهو أنت وربك ، فالتبس عليك الأمر ، فلم يتميز عينك من ربك ،
وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من عرف نفسه عرف ربه ] فالشعور مع غلق الباب ، والعلم مع فتح الباب ، فإذا رأيت العالم متهما لما يزعم أنه به عالم فليس بعالم ، وذلك هو الشعور ، وإن ارتفعت التهمة فيما علم فذلك هو العلم ، ويعلم أنه قد فتح الباب له ، وأن الجود قد أبرز له ما وراء الباب ، وكثير من الناس يتخيل أن الشعور علم ، وليس كذلك ، وإنما حظ الشعور من العلم أن تعلم أن خلف الباب أمرا ما على الجملة لا يعلم ما هو .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 22 ]
وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ( 22 )
[ قسم اللّه جل ثناؤه بالربوبية على ضمان الرزق : ]
الرزق معنوي وحسي ، فالرزق الذي في الأرض ما تقوم به الأجسام ، والذي في السماء ما تقوم به الأرواح ، وكل ذلك رزق ، ليصح الافتقار من كل مخلوق ، وينفرد الحق بالغنى .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 23 ]
فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( 23 )
أقسم اللّه جل ثناؤه بالربوبية على ضمان الرزق ، والضمير يعود على المذكور ، فأقسم سبحانه بنفسه من اسم الرب المضاف إلى السماء والأرض على نفسه ، أن الرزق قضاء وعد به أولياءه في السماء ، ومثّله بالنطق منا الذي لا يرتاب فيه ، ليتميز المؤمن الكامل من غيره ،
ص 186
فقال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) « فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ " ولما كان الرب هو السيد والمالك والمربي والمصلح والثابت ، أثبت الحق افتقار العالم إليه في هذا القسم بهذا الاسم ،
فالكل صنعه وخلقه وفعله ، فالسّماوات والأرض إشارة إلى العالم العلوي والسفلي ، ولما أقسم اللّه بهذا القسم ضجّت الملائكة في السماء ، حيث أقسم لهم اللّه بنفسه لكونهم لم يثقوا بالضمان دون اليمين ،
ولكن لما كان اللّه عليما بنا ، لهذا أقسم لنا ، فإن نشأتنا تعطي ذلك ، فلا بد من إيقاع هذا القسم لنا ، لما تقتضيه مرتبتنا من التهمة وعدم الثقة التي هي أوصاف أسافل نشئنا ، وبضدها أوصاف علية ، فمن يعرفنا يعرف لمن أقسم منا ،
فيستريح ولا ينكر ، فإنه ما خرج عن حقيقته ، فأقسم اللّه لمن غلب حال ظلمته وأسفله ، والدليل على ما قلناه أنه مع هذا القسم لم تصح الطمأنينة ، بل بقي من أجل هذا القسم صاحب عقد على ذلك ، لا صاحب حال ،
فإن حاله يشهد عليه بذلك ، ولهذا نضطرب عند فقد الأسباب ، فصرف حقيقته بهذا الحال ، ولم يؤثر القسم في حاله ، واضطرابه في الرزق يشهد عليه بالتهمة مطلقا ، ولهذا وقع القسم ، ووقع بالسماء والأرض الذي هو وجود العالم بأسره ، من طريق ذاته لا من طريق حاله ووصفه ،
وسيأتي قسمه بحاله ووصفه في قوله تعالى فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ )حتى يكمل شرف العالم كله من كونه مضافا إليه عموما ، وشرف محمد صلّى اللّه عليه وسلّم خصوصا في قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ ) فقد جمع له بين الخصوص والعموم بخلاف غيره من جنسه ، وبهذا القسم نفّس اللّه عن المؤمنين غير الموقنين ،
بقسمه على الرزق وما وعد به من الخير المطلق والمقيد بالشروط لمن وقعت منه ووجدت فيه« إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ »فنفّس اللّه عنهم بذلك وحصل لهم اليقين ،
وما بقي لهم بعد إلا الاضطراب الطبيعي ، فإن الآلام الطبيعية المحسوسة ما في وسع الإنسان رفعها إذا حصلت ، بخلاف الآلام النفسية فإنه في وسعه رفعها ،
فوقع التنفيس بالقسم أن الرزق من اللّه لا بد منه ، وبقي في قلب بعض الموقنين بذلك من الحرج تعيين وقت حصوله ، ما وقع به التعريف ، ولو وقع لم يرفع الاضطراب الطبيعي ، فلما علم الحق أنه لا ينفس في تعيين الأوقات ، لذلك لم يوقع بها التعريف ، وقال بعضهم موبخا لمن اضطرب إيمانه بالرزق مع صدق وعده تبارك وتعالى وقسمه : -
وترضى بصراف وإن كان مشركا *** ضمينا ولا ترضى بربك ضامنا
ص 187
وكأنه تعالى يقول لنا : إنكم لن تنالوا من الرزق مع جمعكم إياه وانكبابكم عليه إلا ما قدرته لكم ، وسواء عليكم تعرضتم لتحصيل ما ضمنته لكم أو أعرضتم عنه ، لا بد لي أن أوصله إليكم ، فإني أطلبكم به كما أطلبكم بآجالكم ، وما ذلك من كرامتكم علي ،
ولا من إهانتكم ، فإني أرزق البر والفاجر ، والمكلف وغير المكلف ، وأميت البر والفاجر والمكلف وغير المكلف ، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ،
كما أنه لن تموت نفس حتى يأتيها أجلها المسمى ، وسواء كان الرزق قليلا أو كثيرا ، وليس رزقك إلا ما تقوم به نشأتك ،
وتدوم به قوتك وحياتك ، وليس رزقك ما جمعت وادخرت ، فقد يكون ذلك لك ولغيرك ، لكن حسابه عليك إذا كنت جامعه وكاسبه ، فلا تكسب إلا ما يقوتك ويقوت من كلفك اللّه السعي عليه لا غير .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 24 إلى 42 ]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( 24 ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( 25 ) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( 26 ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ ( 27 ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ( 28 )
فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( 29 ) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( 30 ) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( 31 ) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ( 32 ) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ ( 33 )
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ( 34 ) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 35 ) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 36 ) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ ( 37 ) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ ( 38 )
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( 39 ) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ( 40 ) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ( 41 ) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ( 42 )
ص 188
ما كل كلّ في كل موضع ترد فيه يعطي الحصر ، فإنه قد تأتي ويراد بها القصر ، مثل قوله في الريح العقيم :« ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ »وقد مرت على الأرض وما جعلتها كالرميم ، مع كونها أتت عليها ، وما جعل الحق الحكم في الأرض إليها ، وقد قال عن هذه الريح( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ )
[ إشارة : الريح العقيم هي التي تزيل عن القلب كل ما سوى اللّه تعالى]
- إشارة - الريح العقيم هي التي تهب لتزيل عن القلب كل ما سوى اللّه تعالى ، وتذهب بالأغيار ، غيرة أن يكون في محل قد اصطفاه الحق غيره ، لأنها ريح الغيرة ، فليس يبقى مع مالكها غيره .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 43 إلى 47 ]
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ( 43 ) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( 44 ) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ ( 45 ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ( 46 ) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ( 47 )
الأيد هي القوة ، قال تعالى : داود ذا الأيد ، أي صاحب القوة ، ما هو جمع يد .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 48 إلى 49 ]
وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
فيكون لأحد الزوجين العلو وهو الذكر ، ولأحد الزوجين السفل وهو الأنثى ، ليظهر بينهما إذا اجتمعا بقاء أعيان ذلك النوع ، وجعل ذلك في كل نوع نوع ، ليعلمنا أن الأمر في وجودنا على هذا النحو ، فقال :« لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ »،
فما خلق اللّه من كل شيء إلا زوجا واحدا ذكرا وأنثى مثلا ، وسماه زوجين ، فإن بإضافة كل واحد منهما إلى الآخر يسمى زوجا ، لأن كل واحد بالنظر إلى نفسه دون أن ينضم إليه هذا الآخر لا يكون زوجا فإذا انضم إليه آخر ،
انطلق على كل واحد منهما اسم الزوج ، فقيل فيهما زوجان ولما كانت
ص 189
الوترية في حق المخلوق محالا قال تعالى :« وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ »اثنين حتى لا تنبغي الأحدية إلا للّه ، فينفرد الحق سبحانه بحقيقة الوترية التي لا تقبل الشفعية ، فإن اللّه تعالى لما جعل العرش محل أحدية الكلمة ، وهو الرحمن لا غيره ،
وخلق الكرسي فانقسمت فيه الكلمة إلى أمرين ليخلق من كل شيء زوجين ، ليكون أحد الزوجين متصفا بالعلو والآخر بالسفل ، الواحد بالفعل والآخر بالانفعال ، فظهرت الشفعية من الكرسي بالفعل ، وكانت في الكلمة الواحدة ، ليعلم أن الموجود الأول أنه وإن كان واحد العين من حيث ذاته ، فإن له حكم نسبة إلى ما ظهر من العالم عنه ، فهو ذات وجودية ونسبة ، أي ذات وأسماء ، فهو أصل شفعية العالم .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 50]
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 50 )
"فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ " هو أمر بالسفر إلى اللّه ، وذم من يتربص عن هذا السفر بقوله قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ . . . )الآية ،
فجعل البركة في الحركة منه وإليه ، واعلم أن الموجب للفرار هو ما فر إليه لا ما فر منه ، إذ لو عرف أنه ما ثمّ ما يفر إليه لسكن الفار وما فر ،
[ الفرار الموسوي والفرار المحمدي ]
فإذا أردت أن تعرف الفرق بين الفرار الموسوي والفرار المحمدي فانظر في ابتداء الغاية ، وهو حرف من ، وفي انتهاء الغاية وهو حرف إلى فالنبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :« فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ »
وقال في تعوذه : [ وأعوذ بك منك ] فهذا أمره ودعاؤه ، وقال عن موسى عليه السلام معرفا إيانا فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ )
ويقال للمحمدي فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ ) فالحكم على المحمدي لانتهاء الغاية ، وعند الموسوي لابتداء الغاية ، وانظر إلى ما أنتجه الفرار لموسى عليه السلام من فرعون ، فوهبه اللّه حكما ، وهي الرسالة ، فجعله من المرسلين إلى من خاف أن يسلط عليه ، وهو فرعون ، فإذا أنتج له هذا الفرار من المخلوق خوفا على نفسه ، فأين أنت من المحمدي الذي أمرك أن تفر إلى اللّه ؟
فقيدك بحرف الغاية في القصد الأول : والحكم يرجع إلى اللّه الذي تفر إليه بلا واسطة ، فالذي ينتج الفرار إليه لا يقدر قدره ، ويكون على بينة من ربه محفوظا في أحواله وأفعاله وأقواله ، فإذا فر الفار إلى اللّه وعيّن من فر إليه وأبهم ما فر منه ، فما ترون تكون جائزته ؟
فإن جائزة موسى منقطعة ، فإن الخلافة هنا تترك والرسالة كذلك ، ينقطع الأمران بالموت والانقلاب إلى الدار
ص 190
الآخرة ، فهذا أعطى حكم ما فر منه لما كان منقطعا ، فإنه انقطع بغرقه أو بموته لو مات ، فكانت النتيجة والهبة مناسبة بما أعطيه من انقطاعهما بالموت ، فإن الإمامة والرسالة تنقطعان بالموت ، والفرار إلى اللّه يعطي ما يبقى ببقاء اللّه ، ولا أعيّن ، فإن التعيين في ذلك إلى اللّه ، وإذا كانت هذه الأمة مع الأنبياء بهذا الحكم وهذه المنزلة ، فما ظنك بمنزلة أمم الأنبياء منا ؟
واللّه ما يعرفون على أي طريق سلكت هذه الأمة في فرارها ، فإن اللّه مجهول الأينية ، والفرار كان إليه ، فلا يدري أحد يفر إليه إذا تلقاه وأخذ بيده إلى أين يسير به ؟
فإن اللّه أسرع إلى من فر إليه في تلقيه من الفار إليه ،
فإنه يقول وهو الصادق تعالى : [ ومن أتاني يسعى أتيته هرولة ] فوصف نفسه بالإقبال على عبده إذا أتاه بأضعاف ما يأتيه به من الحال ، وإتيان الفار إليه أشد من الهرولة ، فيكون إتيان الحق إليه أشد من ذلك ، وأعطى اللّه هذا لهذه الأمة بعناية محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، وقوله تعالى :« إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ »يعود على الاسم اللّه ، فإذا نظرت تعلم ما هو الاسم الذي من أجله كان الإنذار المبين ، من المنذر لك ،
وأن الاسم اللّه - وهو الاسم الجامع - هو الذي وجهه إليك ليأمرك بالفرار إليه ، ولما كان في عرف الطبع الاستناد إلى الكثرة ،
فإذا حققت معرفة الأسماء الإلهية وجدت أسماء الأخذ قليلة وأسماء الرحمة كثيرة في الاسم اللّه ، فلذلك أمرك بالفرار إلى اللّه ، ليحصل للنفس الأمان باستنادها إلى الكثرة ، ثم قال تعالى بعد الأمر بالفرار إلى اللّه :
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 51 ]
وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( 51 )
« وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ » تفتقرون إليه ، بل فروا إلى اللّه في طلب حوائجكم منه التي فطرتم عليها
- تحقيق - من عرف هذا التتميم عرف قوله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ )أنه الفرار من الجهل إلى العلم ، وأن الأمر واحد أحدي ، وأن الذي كان يتوهمه أمرا وجوديا من نسبة الألوهية لهذا الذي اتخذه إلها محال عدمي ، لا ممكن ولا واجب ، فهذا معنى الفرار المأمور به ،
فإليه - من حيث نسبة الألوهية إليه - يكون الفرار ،
فالذي فطر عليه الإنسان والعالم من العلم العلم بوجود اللّه ، والعلم بفقر المحدث إليه ، فإذا كان هذا ، فلا بد لكل من هذه صفته أن يفر إلى اللّه لمشاهدة فقره ، وما يعطيه حكم الفقر من الألم للنفس ، ليغنيه من انقطع إليه ، فربما يزيل عنه ألم الفقر ، بما يعطيه من لذة مزيلة لألم فقر معين ، لا يزيل عنه ألم
ص 191
الفقر الكلي الذي لا يمكن زواله عن الممكن - لأن الفقر له وصف ذاتي - لا في حال عدم ولا في حال وجود ، فلا بد لمن هذه حاله من تخل وفرار عن الأمور الشاغلة له .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : الآيات 52 إلى 55 ]
كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( 52 ) أَ تَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ ( 53 ) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ( 54 ) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( 55 )
[ « وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ » الآية ]
وذكر من نسي إقراره بربوبيته عند أخذ ميثاقه ، قال بعض السامعين سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ )
فقال تعالى آمرا :" وَذَكِّرْ "
يعني بالعلم من غفل عنه ونسيه « فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ »
وهم الذين علموا ما ثمّ بنور الإيمان ، ثم إنهم غفلوا فحيل بينهم وبين ما علموه من ذلك ، فإذا ذكروا تذكروا ، وقام لهم شهود ما قد كانوا علموه ، فنفعتهم الذكرى ، فعملوا بما علموا ، والتفت الحق هنا إلى القابل وما التفت إلى المعرض ، فلم يرتبط الوجود إلا بالمؤمن ، فوعظنا بالحوادث الواقعة على خلاف الأغراض ، مما تنفر عنه طباعنا ،
وذكرنا بأنا معرّضون لحلولها بنا إلا أن يعصم اللّه في بعضها لا في كلها ، فإن منتهى الدوائر وأعظمها الموت ، ولا بد منه بأي وجه كان ، ولا أعني بالموت إلا الانتقال عن هذه الدار ، وذكرنا تعالى بموعظته ذكرى حال ، إذ أصاب من قبلنا بوقوع تلك الدوائر عليهم ، وذكرنا بأمور أخر خبّر عنها في المستقبل عند الانتقال إلى الدار الآخرة ، تقع بالعباد ، مما يسر وقوعها ومما لا يسر ،
ومما يوافق الغرض ويلائم الطبع ، ومما لا يلائم الطبع ولا يوافق الغرض ، ومما يدل على الكمال والنقص ، فذكر بالرغبة في ذلك والرهبة من ذلك ، وشهد اللّه أن الذكرى تنفع المؤمنين ، فانتفاعك بالذكرى شاهد لك بالإيمان ،
وإن لم تنفعك الذكرى فاتهم نفسك في إيمانك ، وإذا رأيت من يدعي الإيمان ويذكر فلا يقع له نفع بما ذكّر به علمت أنه في الحال ليس بعالم بما آمن به ، فليس بمؤمن أصلا ، فإن شهادة اللّه حق وهو صادق ، وقد أعلمنا أن المؤمن ينتفع بالذكرى ،
وشهدنا أن هذا لم ينتفع بالذكرى ، فلا بد أن نزيل عنه الإيمان تصديقا للّه ، ولا معنى للنفع إلا وجود العمل منه بما علم ، وما نرى أحدا يتوقف بالعمل فيما يزعم أنه عالم به ، إلا وفي نفسه احتمال ، ومن قام له في شيء
ص 192
احتمال فليس بعالم به ، ولا بمؤمن بمن أخبره بذلك إيمانا يوجب له العلم .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 56 ]
وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ( 56 )
[ « وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » الآية ]
لما كانت طبيعة الممكن قبلت الوجود ، فظهر في عينه بعد أن لم يكن ، سماه الحق خلقا ، مشتقا من الخليقة ، وهي طبيعة الأمر وحقيقته ، أي مطبوعا على الصورة ، وهي خليقته ، فلما أوجده اللّه على صورته ، وأوجده لعبادته ، كان ما أوجده عليه خلاف ما أوجده له ،
فقال :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »فاشترك الجن مع الإنس فيما وجد له لا فيما وجد عنه ، لأن الإنسان خص بما وجد عليه ، قال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ خلق اللّه آدم على صورته ]
والخلق عطاء من الحق ليعبد ، فهو عطاء عوض ففيه طلب ،
ولذلك قال« لِيَعْبُدُونِ »فخلقهم له لا لهم ، ففي هذه الآية خلقنا له أي لنعبده ، ومعناه لنعلم أنا عبيد له ،
فإنا في حال عدمنا لا نعلم ذلك ، لأنه ما ثم وجود يعلم ، فعلل سبحانه بلام العلة ، فيعبدونه لكونه أنعم عليهم بالإيجاد لكمال مرتبة العلم والوجود ، من حيث من ذكر من الأجناس ، لا لكمال مرتبة الوجود والمعرفة من غير هذا التقييد ،
فإن ذلك يكفي فيه خلق محدث واحد ، وإيجاد العلم المحدث فيه المتعلق باللّه والكون ، ولكن لما كانت الأجناس منحصرة عند اللّه وأوجدها وبقي هذان الجنسان ، أوقع الإخبار عنهما بما ذكر ، وابتدأ بلام العلة وختم بياء الإضافة ،
قال عزّ وجل فيما أوحى به إلى موسى عليه السلام : [ يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي ]
وما يلزم نفوذ حكم العلة في كل معلول ، فإن من الجن والإنس من عبده ومنهم من أشرك به ، وقوله تعالى :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ »وهو ما استتر ، فلا يعلم إلا منه« وَالْإِنْسَ »هو ما ظهر فيعلم بذاته ،« إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »إثبات للسبب الموجب للخلق ، فاللام في ليعبدون لام الحكمة والسبب شرعا ، لأنه حكيم ، وله في كل شيء حكمة ظاهرة لا تعلم إلا من جهة الشرع في التكليف ،
وأما العلة في التكليف من جهة الحق فمظنونة غير معلومة ، لا يعلمها إلا هو ومن أعلمه اللّه بها ، فتكون لام ليعبدون لام العلة عقلا ، فصرح تعالى بالسبب الذي لأجله أوجدنا ،
وهكذا العالم كله ، فإن الجن كل مستتر من ملك وغيره ، وخصصنا والجن بالذكر ، فإن اللّه تعالى لما خلق العالم له تعالى ، أي لعبادته ، قال فيمن علم أنه جعل في نشأته عزة ، وهما الجن والإنس ، ولما جعل فيهما استعدادا يمكن
ص 193
أن يسعى به لنفسه ولغير اللّه ، نبه أنه ما خلقهم إلا لعبادته
فقال :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »فخص الإنس والجن الناري في هذه الآية ، لأنهما ما جبلا على طاعة الأمر دون معصية مثل باقي الخلق ، وإلا فإنه سبحانه قد أوجد العالم ليظهر سلطان الأسماء ، فإن قدرة بلا مقدور ، وجودا بلا عطاء ، ورازقا بلا مرزوق ، ومغيثا بلا مغاث ، ورحيما بلا مرحوم ، حقائق معطلة التأثير ،
وما اعتبر الحق من العالم في هذه الإضافة إلا هذين النوعين ،
فجعل الظهور للإنس من اسمه الظاهر ، وجعل البطون للجان من اسمه الباطن ،
وما عداهما فمسخر لهما ،
ويحتمل أن قوله تعالى :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »يعني ظاهرا وباطنا ، فما جعل لهم في الربوبية قدما ، وما قال اللّه تعالى ذلك في غير هذين الجنسين ، لأنه ما ادعى أحد الألوهية ، ولا اعتقدها في غير اللّه ، ولا تكبر على خلق اللّه إلا هذان الجنسان ، فلذلك خصهما بالذكر دون سائر المخلوقات
وقال :« إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »أي ليتذللوا إليّ ، لما ظهر فيهما من العزة ودعوى الألوهية والإعجاب بنفوسهم ، فمن لطف اللّه بهم أن نبههم على ما أراد بهم في خلقه إياهم ، فمن تنبه كان من الكثير الذي يسجد للّه ، ومن لم يتنبه كان من الكثير الذي حق عليه العذاب ، والشرك - وهو الظلم العظيم - ما ظهر في الوجود إلا من هذا النوع الإنساني ، وما ذكر الجن معه في الخلق للعبادة إلا لكونه أغواه بالشرك ، لا أنه أشرك ، والإنس هو الذي أشرك ، واعلم أن السبب الموجب لتكبر الثقلين دون سائر الموجودات ، أن سائر الموجودات توجه على إيجادهم من الأسماء الإلهية أسماء الجبروت والكبرياء والعظمة والقهر ،
فخرجوا أذلاء تحت هذا القهر الإلهي ، وتعرف إليهم حين أوجدهم بهذه الأسماء ، فلم يتمكن لمن خلق بهذه المثابة أن يرفع رأسه ، ولا أن يجد في نفسه طعما للكبرياء على أحد من خلق اللّه ، فكيف على من خلقه ؟ وقد أشهده أنه في قبضته وتحت قهره ، وشهدوا كشفا نواصيهم ونواصي كل دابة بيده ، والأخذ بالناصية عند العرب إذلال ،
هذا هو المقرر عرفا عندنا ، فمن كان حاله في شهود نظره إلى ربه أخذ النواصي بيده ، ويرى ناصيته من جملة النواصي كيف يتصور منه عز أو كبرياء على خالقه من هذا الكشف ؟ وأما الثقلان فخلقهم بأسماء اللطف والحنان والرأفة والرحمة والتنزل الإلهي ،
فعند ما خرجوا لم يروا عظمة ولا عزا ولا كبرياء ، ورأوا نفوسهم مستندة في وجودها إلى رحمة وعطف وتنزل ، ولم يبد اللّه لهم من جلاله ولا كبريائه ولا عظمته في خروجهم إلى الدنيا شيئا يشغلهم عن نفوسهم ،
ص 194
ألا تراهم في الأخذ الذي عرض لهم من ظهورهم حين قال لهم : ( أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) فأقروا له بالربوبية لأنهم في قبضة الأخذ محصورون ، فلو شهدوا أن نواصيهم بيد اللّه شهادة عين ،
أو إيمان كشهادة عين - كشهادة الأخذ - ما عصوا اللّه طرفة عين ، وكانوا مثل سائر المخلوقات ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، فلما ظهروا عن هذه الأسماء الرحمانية قالوا : يا ربنا لم خلقتنا ؟
قال : لتعبدون ، أي لتكونوا أذلاء بين يدي ، فلم يروا صفة قهر ولا جناب عزة تذلهم ، ولا سيما وقد قال لهم لتذلوا إلي ، فأضاف فعل الإذلال لهم ، فزادوا بذلك كبرا ،
فلو قال لهم : ما خلقتكم إلا لأذلكم ؛ لفرقوا وخافوا ، فإنها كلمة قهر ، فكانوا يبادرون إلى الذلة من نفوسهم خوفا من هذه الكلمة ، كما قال للسماوات والأرض ائتيا طوعا أو كرها ، فلو لم يقل كرها فإنها كلمة قهر حيثما أتت ، فلهذا قلنا ما أوجد كل ما عدا الثقلين ولا خاطبهم إلا بصفة القهر والجبروت ،
ولا نشك أن كل ما خلق من الملائكة وغيرهم من العالم ما خلقهم إلا مسبحين بحمده ،
وما خص بهذه الصفة - أعني صفة العبادة ،
وهي الذلة - غير الثقلين ، فما خلقهم حين خلقهم أذلاء ، وإنما خلقهم ليذلوا ،
وخلق ما سواهم أذلاء في أصل خلقهم ، فما جعل العلة في سوى الثقلين الذلة كما جعلها فينا ،
فلما قال للثقلين عن السبب الذي لأجله أوجدهم وخلقهم ، نظروا إلى الأسماء التي وجدوا عنها ، ولو أنه متوجه عليهم الاسم المذل لأنه خلقهم لعبادته ، فما رأوا اسما إلهيا منها يقتضي أخذهم وعقوبتهم إن عصوا أمره ونهيه ، وتكبروا على أمره ، فلم يطيعوه وعصوه ، فما تكبر أحد من خلق اللّه على أمر اللّه غير الثقلين ، ولا عصى اللّه أحد من خلق اللّه سوى الثقلين ، فعصى آدم ربه وهو أول الناس ، وعصى إبليس ربه ،
فسرت المخالفة من هذين الأصلين في جميع الثقلين ، فجعل الحق العبادة بأيديهم ، وجعلها المقصودة منه بخلقهم ، فمنهم من قام بما قصد له ، فكان طائعا مطيعا لأمر اللّه الوارد عليه بالأعمال والعبادة ، فإنه قال لهم) فَاعْبُدُونِ )
كما أخبر( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي )هذا أمر بعبادة ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )
هذا أمر بعمل ، والعمل ما هو عبادة ، فالعمل صورة والعبادة روحها ، فالعبادة مقبولة عند اللّه على كل حال ، اقترنت بعمل أو لم تقترن ،
والعمل لغير عبادة لا يقبل على كل حال ، من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة . ولما خلق اللّه الثقلين في هذا المقام الذي قصده بخلقهم ، وهو أجلية الحق ، فرغهم لذلك ، حتى لا يقوم لهم حجة بالاشتغال
ص 195
بما به قوامهم ، فخلق الأشياء التي بها قوامهم ، خاصة من أجلهم ، ليتفرغوا لما قصد بهم ، فقامت عليهم حجة اللّه إذا لم يقوموا بما خلقوا له ، وكونهم ما فعل بعضهم ما خلق له لا يلزم منه بالقصد أنه خلق لما تصرف فيه ، ولذلك يسأل ويحاسب ،
- الوجه الثاني - ما خلقنا اللّه لعبادته إلا ليعود ثواب ذلك العمل وفضله إلينا ، ولذلك ما خص بهذا الخطاب إلا الثقلين ، فتدل هذه الآية من هذا الوجه على أن اللّه سبحانه ما أوجدنا إلا لنا ، لا لنفسه ، فإنه هو الغني عن العالمين ، هذا إذا لم يكن الجن عبارة عن باطن الإنسان ، وهو
– الوجه الثالث - في تفسير قوله تعالى :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ »فذكر تعالى ما ظهر ، وهو مسمى الإنس ، وما استتر ، وهو مسمى الجن ، فأعلم أنه أوجدك له لا لك ، فما أنت المقصود لعينك ،
فكأنه يقول :« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ »وهو ما استتر من الإنسان وما بطن منه « وَالْإِنْسَ »
وهو ما يبصر منه لظهوره « إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » ظاهرا وباطنا ، فقد يريد الحق بهذه الآية الإنسان وحده ، من حيث ما له ظاهر وباطن ، فمن حيث ما له ظاهر هو إنس ، من آنست الشيء إذا أبصرته ، والجن باطن الإنسان ، فإنه مستور عنه ،
فكأنه قال : ما خلقت ما ظهر من الإنسان وما بطن إلا ليعبدون ظاهرا وباطنا ، فإن المنافق يعبده ظاهرا لا باطنا ، والمؤمن يعبده ظاهرا وباطنا ، والكافر المعطل لا يعبده لا في الظاهر ولا في الباطن ، وبعض العصاة يعبده باطنا لا ظاهرا ، وما ثمّ قسم خامس ، وما أخرجنا الجن الذين خلقهم من نار من هذه الآية ، وجعلناها في الإنسان وحده من جهة ما ظهر منه وما استتر إلا لقول اللّه لما ذكر السجود أنه ذكر جميع من يسجد له ممن في السماوات ومن في الأرض ، وقال في الناس وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) فما عمهم ،
ودخل الشياطين في قوله مَنْ فِي الْأَرْضِ )، وذلك أن الشيطان ، وهو البعيد من الرحمة ،
يقول للإنسان إذا أمره بالكفر فكفر ( إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ )
فأبان اللّه لنا عن معرفة الشيطان بربه وخوفه منه ، فلذلك كان صرف الجن إلى ما استتر من الإنسان أولى من إطلاقه على الجان ، واللّه أعلم .
وأما قوله تعالى :« إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » أي ليتذللوا لي ، فإن اللّه تعالى لم يقل« وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ »ليأنس بعضهم ببعض ، ولا يتعشق بعضهم ببعض ، ولا يتعرف بعضهم أسرار بعض ، وإنما خلق المكلف من أجله ،
فلا ينظر إلى غيره فقال :« لِيَعْبُدُونِ »أي ليتذللوا لي ، ولا يتذللون لي حتى يعرفوني في الأشياء ، فيذلوا لي ، لا لمن ظهرت فيهم ، من حيث
ص 196
إنه قال عزّ وجل يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ ) فلا يتذللون لي حتى يعرفوا مكانتي وعزتي ، فيتذللون لعزتي ويعرفون منزلتي من منزلتهم ، لذلك قال :« إِلَّا لِيَعْبُدُونِ »ولا يعبدونه حتى يعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، قال ابن عباس« لِيَعْبُدُونِ »معناه ليعرفون ، فما فسر بحقيقة ما تعطيه دلالة اللفظ ، وإنما تفسيره ليذلوا لي ، فالعبد معناه الذليل ،
يقال : أرض معبدة أي مذللة ، ولا يذل له من لا يعرفه ، فلا بد من المعرفة به أولا ، وأنه ذو العزة التي تذل الأعزاء لها ،
فلذلك عدل ابن عباس في تفسير العبادة إلى المعرفة ، هذا هو الظن به ، وما خلق الجن والإنس من بين الخلق إلا لمحبته ، فإنه ما يعبده ويتذلل إليه إلا محب ، وما عدا الإنسان فهو مسبح بحمده ، لأنه ما شهده فيحبه ، فما تجلى لأحد من خلقه في اسمه الجميل إلا للإنسان وفي الإنسان في علمي ، فلهذا ما فني وهام في حبه بكليته إلا في ربه أو فيمن كان مجلى ربه .
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 57 ]
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ( 57 )
فإن الحق يتنزه عن الغذاء والأكل ، فإنه سبحانه لا ينبغي له أن يطعم ، ثم إن اللّه علم من بعضهم أنه يقوم له شبهة في السعي فيما خلق من أجله ، في حق الغير ، لما بلغه أن اللّه يقول : [ جعت فلم تطعمني ]
وقال لما قال له العباد : [ يا رب كيف تطعم وأنت رب العالمين ؟ ]
فقال اللّه له : [ ألم تعلم أنه استطعمك فلان فلم تطعمه ، أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي ]
فأنزل الحق نفسه منزلة الجائع ، فلاحت له هذه الشبهة ، قال : نسعى في حق الغير وننتفع بما نسعى به بحكم التبع ،
فقال اللّه له : ما فهمت عني« ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ »
والرزق معنوي وحسي ، أي محسوس ومعقول ، وهو كل ما بقي به وجود عين المرزوق ، فهو غذاؤه ، والمرزوقون منهم معقول ومنهم محسوس ، ورزق كل مرزوق ما كان به بقاؤه ونعيمه إن كان ممن يتنعم ، وحياته إن كان ممن يوصف بأنه حي ، وليست الأرزاق لمن جمعها ، وإنما الأرزاق لمن تغذى بها .
يتبع
عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء 7 أبريل 2021 - 17:33 عدل 1 مرات
تفسير الآيات من "01 - 60 " من سورة الذاريات .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي :: تعاليق

تفسير الآيات من "01 - 60 " من سورة الذاريات .كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
كتاب رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن الكريم ج 4 من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي جمع وتأليف محمود محمود الغراب
(51) سورة الذاريات مكية
[ سورة الذاريات ( 51 ) : آية 58 ] إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ( 58 )
[ « إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » الآية ]
لا أنتم ، فما بقيت لمن قامت لهم شبهة حجة بتمام الآية ، وأما اعتمادهم على ذلك الخبر
ص 197
فلا يقوم لهم به حجة عند اللّه ، فإنه لما خلق الأشياء من أجلك التي بها قوامك ، أعطاك إياها وأوصلها إليك ليكون بها قوامك ،
ثم أفضل لبعضهم من ذلك ما يزيد على قوامهم ، ليوصله إلى غيره ليكون به قوام ذلك الغير ،
ويحصل لهذا أجر أداء الأمانة التي أمّنه اللّه عليها ، فذلك هو الذي عتبه الحق حيث استطعمه فلان ،
وكان عنده ما يفضل عن قوامه فلم يعطه إياه ، فلم يلزم من هذا الخبر أن يسعى في حق الغير ، وهو المراد في تمام الآية السابقة ، وجاء الحق في هذه الآية بالاسم الرزاق بهذه البنية للمبالغة ، لاختلاف الأرزاق ، وهي مع كثرتها واختلافها منه لا من غيره ،
وإن المرزوقين مختلف قبولهم للأرزاق ، فما يتغذى به حيوان ما قد لا يصلح أن يكون لحيوان آخر ، لأن المراد بتناول الرزق بقاء المرزوق ، فإذا أكل ما فيه حتفه فما تغذى به وما هو رزق له ، وإن كان به قوام غيره ،
فلذلك تسمى ببنية المبالغة في ذلك فقال :« إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ » ولم يزل الحق ينزل من عين ما - يطلب ما به بقاؤه وحياته - إلى عين ،
حتى عم العالم كله بالرزق ، فكان رزاقا ، ونعت هذا الرزاق بذي القوة المتين فقال :« ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ "-
- الوجه الأول - ولو نعت به اللّه لقال : ذا القوة المتين ؛ فنصب ، ولا يتمكن نعت الاسم اللّه من حيث دلالته ، فإنه جامع للنقيضين ، فهو وإن ظهر في اللفظ فليس المقصود إلا اسما خاصا منه ، تطلبه قرينة الحال بحسب حقيقة المذكور بعده الذي لأجله جاء الاسم الإلهي ، فإذا قال طالب الرزق المحتاج :
يا اللّه ارزقني ، واللّه هو المانع أيضا ، فما يطلب بحاله إلا الاسم الرزاق ، فما قال بالمعنى إلا : يا رزاق ارزقني ، فوصف الحق نفسه بأنه ذو القوة ، وهذا فيه إجمال ، فإنه اسم حميري ، أي صاحب القوة ، أي قوة القوة التي فينا ونجدها من نفوسنا ، كما نجد الضعف ، ونعت الرزاق بالقوة لوجود الكفران بالمنعم من المرزوقين ، فهو يرزقهم مع كفرهم به ، ولا يمنع عنهم الرزق والإنعام والإحسان بكفرهم ، مع أن الكفر بالنعم سبب مانع يمنع النعمة ، فلا يرزق الكافر مع وجود الكفر منه لما رزقه إلا من له القوة ، فلهذا نعته بذي القوة المتين ،
فإن المتانة في القوة تضاعفها ، فما اكتفى سبحانه بالقوة حتى وصف نفسه بأنه المتين فيها ،
إذ كانت القوة لها طبقات في التمكن من القوي ، فوصف نفسه بالمتانة ، والمتين هو الذي لا يتزلزل عما يجب له الثبوت فيه لتمكنه وثقله ، والمتانة في المعاني كالكثافة في الأجسام ، فجاء بالاسم المناسب للرزق ، لأن الرزق المحسوس به تتغذى الأجسام
ص 198
وتعبل ، وكلما عبلت زادت أجزاؤها وكثفت ، وأين السمن من الهزال ؟
فما أحسن تعليم اللّه وتأديبه وتبيانه لمن عقل عن اللّه ، ومن المتانة أن الصور لما تبدلت في التجلي واختلفت ، والأسماء الإلهية لما كثرت وتنوعت ، ودل كل اسم على معنى لا يكون لغيره ، وأعطت كل صورة أمرا لم تعطه الصورة الأخرى ،
أخبر أنه من المتانة بحيث أن الأمر على ما قرر وشوهد من التحول والتبدل ، والعين ثابتة في مكانتها لا تقبل التغيير ، فليست المتانة إلا للإله القوي الحق الذي يجد في نفسه الطالب الاستناد إليه ولا يدري ما هو ، ولمتانته لا يقوى الناظر أن ينقله إلى محل اعتقاده ، فمتانته حجابه فلا يعرف
- الوجه الثاني - لما كانت القوة فينا للغذاء ، ونحن نعلم أن اللّه لا يطعم ولا يطلب الرزق من عباده ، بل هو الرزاق ذو القوة المتين ، تحفظ الحق سبحانه فقال :« ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ »فتكون قوتي مما طعمت ، بل لي القوة من غير غذاء ولا طعام .
[ سورة الذاريات ( 51 : (الآيات 59 إلى 60 ]
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ( 59 ) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( 60 )
فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته للّه في كل حال ، فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا ، فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق ، وإنما يخرجه عن لوازم العبودية ، من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه ، ألا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا .
.
عبدالله المسافر يعجبه هذا الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» رسالة إلى عبد العزيز بن باز .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» الرد على الدكتور كمال عيسى .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» خاتمة الترجمة - خاتم الولاية المحمدية الخاصة - عقيدة الشيخ الأكبر .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» ترتيب الخلق في الأرض - علم الحياة - الأشعة الكونية - علم مراتب الخلق الإنساني .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» رؤية الحق - الممكنات - جواهر الأعيان - جميع العلوم باطنة في الإنسان - الاسم الأعظم .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» علم الموازين - كيمياء السعادة - التجلي لا يتكرر ولا بد من اختلاف الأذواق - أرواح الكواكب وأرواح الحروف .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» استخدم أهل الله الإشارة والرمز واللغز - قول الشيخ فيما لا يعلم "لا أعلم" - االعلماء بالله - علم الحرف .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» طرق تحصيل العلم - من هم أهل الكشف؟ - الكشف لا يخطئ - سبب اشتغال الشيخ بالعلم وبثه .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تحصيل الشيخ لمقام العبودية - شفاعة الشيخ يوم القيامة - رحلة الشيخ رضي الله عنه - العلم عند الشيخ الأكبر .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» ذوق الشيخ في المحبة الإلهية - تجسد المعاني في الحب الإلهي - تحصيل الشيخ لمقام الخلة .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» إقامة الحق للشيخ في صور الملائكة - تحصيل الشيخ لمقام القربة - اطلاع الشيخ على شيء من كنز الكعبة .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» مشاهدة الشيخ للملائكة - رجال الغيب - إسراء الشيخ رضي اللّه عنه .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» حضرة الجمع أو حضرة أم الجمع .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» تحصيل الشيخ أنواع الفتوح الثلاثة - سماع الشيخ تسبيح الحجر ونطقه وتسبيح كل شيء -الحضرات التي دخلها الشيخ .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» دخول الشيخ المقامات القدسية - رجوع الشيخ إلى الله تعالى - الموت في عين الحياة الدنيا .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» اجتماع الشيخ بالقطب الغوث - معرفة الشيخ لجميع الأقطاب بأسمائهم - اجتماع الشيخ بالخضرعليه السلام .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» مكانة الشيخ عند علماء زمانه - صحبة الشيخ ومكانته عند الملوك والسلاطين .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» الشيخ صاحب مذهب مستقل - اجتماع الشيخ بعلماء عصره - اجتماع الشيخ بالفلاسفة .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» مولده ونشأته - نسبه - زوجاته - شيوخه - تلامذته .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» مقدمة المؤلف محمود محمود الغراب .كتاب ترجمة حياة الشيخ الأكبر من كلمات محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» فهرس الموضوعات والصفحات .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» علماء أم سفهاء الرد على السندي .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» كبوات الشيخ ابن قيم الجوزية .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» خاتمة وفصل الخطاب .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» شرح وحدة الوجود .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» الحاسدون - الساحرون - الكافرون - الساهون - صفة العارف عند الشيخ الأكبر وعند الجماعة .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» عدم العدم - إذا أغناك فقد أبعدك في غاية القرب وإذا أفقرك فقد قربك في غاية البعد .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» ظهر العالم على صورة الحق - لبس النعلين وخلع النعلين - كل موجود سوى اللّه فهو نسبة لا عين .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة - ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد - هو الظاهر في المظاهر .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» التصوّف - المنزل والموطن والمسكن - الفرق بين المنزل والمنازلة .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» من طلبه شهوة الحب - كن مع اللّه بقيمتك لا بعينك - الحب أملك للنفوس من العقل .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» إن الإنسان يجمع بين المشاهدة والكلام - عن اسم اللّه الأعظم - أيهما أفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» الأولياء غير محفوظين من خواطر الشيطان - أطعمونا لحما طريا - لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» معاشر الأنبياء أوتيتم اللقب وأوتينا ما لم تؤتوا - تركت الكل ورائي وجئت إليه - نحن تركنا الحق يتصرف لنا .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» الجمع ما سلب عنك والفرق ما ينسب إليك - الفرق شهود الأغيار للّه - الفرق بين الولي والنبي عند أبي حامد .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» ما التذ عاقل بمشاهدة قط - أوقفني الحق في موقف كذا - عدم تكرار نفس التجلي .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» حال أويس القرني وحال الحلاج في الإيثار - بسم اللّه منك بمنزلة كن منه - وصية الشبلي .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» لا يبلغ أحد درج الحقيقة حتى يشهد فيه ألف صدّيق بأنه زنديق - إن المحدث إذا قورن بالقديم لم يبق له أثر .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» بم عرفت اللّه ؟ قال بجمعه بين الضدين - سجود القلب - إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» حدثني قلبي عن ربي - ليس بي يتمسحون - تقرب إلي بالذلة والافتقار - لا صباح لى ولا مساء .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» كأنه الآن في أذني - كل فعل لا يكون عن أثر فهو هوى النفس .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» أحبك حبين - أرأيتم لو لم يخلق جنة ولا نارا أليس بأهل أن يعبد .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» العجز عن درك الإدراك إدراك .كتاب شرح كلمات الصوفية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» فهرس الموضوعات والصفحات .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» شرح ما قاله الشيخ الأكبر للجنيد رضي اللّه عنهما مما لم يفهمه ابن تيمية .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» كيف أفتى ابن تيمية مع معارضة النصوص .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» رد قول الإمام ابن تيمية من أن الشيخ الأكبر يقول بالاتحاد .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» قول الإمام ابن تيمية عن الحق والخلق هو نفس كلام الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» رد قول ابن تيمية أن الشيخ الأكبر يقول إن خاتم الأولياء أفضل من محمد صلى اللّه عليه وسلم .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» تحقيق ما أورده ابن تيمية عن ختم الأولياء .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» الرد على فتوى ابن تيمية في الحديث " اللهم زدني فيك تحيرا " .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» رد ما قاله ابن تيمية أن الشيخ الأكبر يجعل وجود المحدث عين وجود القديم .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» من هم الفقهاء الذين وصفهم الشيخ بأنهم فراعنة الأولياء .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» تحقيق قول ابن تيمية لما كانت أحوال هؤلاء شيطانية والرد عليها .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» نص فتوى الشيخ ابن تيمية والرد عليها .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» مقدمة المؤلف .كتاب الرد على ابن تيمية من كلمات الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
» فهرس الموضوعات والصفحات .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» خاتمة الكتاب - التخلق والتحقق .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» الفرق بين المحب والعارف .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» أخبار بعض المحبين الإلهيين - من أخبار ذي النون المصري .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» روح المعاني - تحقيق أدبي لشعر بعضهم في الحب .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» إسناد بعض نعوت المحب إلى حقائقها الإلهية .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» المحبة تقتضي الجمع بين الضدين - نعوت المحبين الإلهيين - المحب مقتول - المحب تالف - المحب سائر إلى محبوبه بأسمائه .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» الذبول - النحول - الاستعطاف والاستلطاف - طلب الرحمة - الدهش - الخرس - الشفقة - الأنفاس .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» البكاء والدمع - الحنين والأنين - الصبر - الكتمان والستر - البوح والإفشاء والإعلان -الهلاك - الموت - الهيبة .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» العلة والمرض - الزمن - الوله - السكر - الحيرة -الهيام - المدله - الشجي - الحزن - البث .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» لوازم الحب - الغرام - الكمد - الذل - الاصطلام - اللوعه - الجوى .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» ألقاب الحب - الهوى - الحب - العشق - الود .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» مراتب الحب - الحب الطبيعي - الحب الروحاني النفسي - لماذا يبتلي اللّه أحبابه؟ .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» السماع والحب - السماع الإلهي .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» حب الحب - أثر الجمال .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» حب الخيال - التجلي الإلهي في حضرة الخيال .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» حب الجمال - جمال الصور جمال مطلق وجمال مقيد عرضي .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» سريان الحب في الوجود - السكر من شراب الحب - سبب الحب .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» نسبة الحب إلى الإنسان - من حقائق المحبة .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» حبه سبحانه للمقاتلين في سبيل اللّه - الاتباع لرسول اللّه فيما شرع .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» حبه سبحانه للصابرين - للشاكرين - للمحسنين .كتاب الحب والمحبة الإلهية من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» الفهرس الموضوعات والصفحات .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» خاتمة .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» من المبشرات التي رآها الشيخ رضي اللّه عنه لغيره .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» من المبشرات التي رآها الشيخ رضي اللّه عنه لغيره .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» رؤية الشيخ الأكبر قدس اللّه سره العزيز لبعض الملائكة في المنام .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» رؤية الشيخ الحق سبحانه وتعالى في المنام .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» شرح الصلاة الإبراهيمية في الواقعة - مبشرة قصة هاروت وماروت .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» إلهيات - موعظة - حسن الرجاء باللّه - تجليات إلهية .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» مبشرات أخرى -الأدب في الطواف - الدنيا أم رقوب - مبشرة بخاتم الأولياء الخاص .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» أخذ العلوم غير الأحكام من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الرؤيا ج 2 .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» أخذ العلوم غير الأحكام من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الرؤيا ج 1 .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» أخذ أحكام من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الرؤيا .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» الرؤيا - الواقعة .كتاب الرؤيا والمبشرات من كلمات الشيخ الأكبر محي الدّين ابن العربي الطائي الحاتمي
» فهرس الموضوع والصفحات .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» معراج ثالث - عروج رابع - عروج خامس - خاتمة الكتاب .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» أهل المراتب خطيب السعداء - خطيب الأشقياء .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» أهل الكراسي خطيب السعداء - خطيب الأشقياء .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» أهل الأسرة خطيب السعداء - خطيب الأشقياء .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» أهل المنابر خطيب السعداء - خطيب الأشقياء .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
» المراتب الأربعة .كتاب الخيال عالم البرزخ والمثال من كلمات الشيخ الاكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي